السبت، 23 يناير 2016

كلّ إنسان ميسرٌ لما هو مخلوق من أجله








بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلّ إنسان ميسرٌ لما هو مخلوق من أجله

فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الأئمة سلام الله عليهم انهم قالوا هذا المعنى بأكثر من صيغة لفظية مثل هذه :ـ
كلٌ ميسرٌ لما خُلق له
وورد مثله كذلك في القرآن الكريم
قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ () مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ () مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ () ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ () ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ
وهذا معناه ان كل انسان له هدف معين في تلك الحياة أو في تلك الكرة التي سيكرها في أي زمان من الأزمنة
فكل انسان عنده رسالة معينة يجب أن يؤديها أو كل انسان عنده درس معين ومحدد وجديد يجب أن يمر به في كل كرّة جديدة سيكرها من كرات حياته
ولكي ينجح بهذه التجربة يجب أن تتوفر له جميع الأدوات او المستلزمات الضروربة لكي يخوض بها هذه التجربة
يجب أن تتيسر له جميع تلك الادوات والوسائل والمستلزمات اللازمة له لخوض هذه التجربة التي خُلق من أجلها في هذه الكرّة
يعني في كامل المقاطع الزمنية في هذه الكرة التي ستكرها يجب أن تتوفر لك فيها القدرة الكاملة على فعل ما أنت مبعوث لفعله بها متى ما احتجت لفعله بها
بل وأكثر من ذلك يجب أن ---- لا ----- تتوفر لك بها أية أدوات أو أية وسائل أو أية ظروف قد تسمح لك بأن تسلك غير الطريق الذي تم اختياره لك من البدء وأُرسلت بهذه الحياة لتسلكه هو بالذات لا غيره
وسيتضح لنا بعد قليل أن طريقة الحياة هذه كما اصفها هنا هي ليست جبر بكاملها وليست هي اختيار بالكامل أيضا
يعني هي أمر بين أمرين
الحياة أمر بين أمرين
فلا تفاصيل ظروفها التي سنمر بها هي من اختيارنا وتصميمنا
ولا نحن مجبرون على أن نفعل بها أشياء معينة
فنفس ظروف الحياة هي ليست من تصميمنا واختيارنا
لكن ما سنفعله بها حين نمر بها هو من اختيارنا بالكامل
فأفعالنا في الحياة هي من اختيارنا لكن نفس مسار حياتنا هو ليس من اختيارنا أو تصميمنا
نفس هذه المسارات التي نحن مجبرون على سلوكها يجب ان تتوفر لنا بها
كل الوسائل والادوات التي ستعيننا خلال سلوكها
وغيرها من التي ستجبرنا على سلوكها
يعني لو كنت في حياتك هذه يجب أن تكون بها متسوّل تتسول ما بايدي الناس فيجب ان تتوفر بك ولك كل الوسائل التي ستجعلك تسلك طريق التسول قانعا
ابتداءا من انواع الطبائع والأخلاق التي سيتم غرزها بك مرورا بمظهرك الخارجي وللون بشرتك وهيئة شعرك ومكان مولدك وطبيعة والديك ومهنتهما وحالتهما الصحية والعقلية
وكذلك درجة ذكائك وقوة حافظتك ونظافتك وحيلتك وكرامتك
يعني جميع نسب جنود العقل والجهل المغروزة بكيانك والمنشّطة بك يجب أن تكون مناسبة بحيث انك لن تجد أي حرج نفسي في أن تتسوّل ما في أيدي الناس،،ـ
بل انك ربما ستجد الراحة والسعادة حين تفعل ذلك،، لأنك ستستعمل حينها كل الجنود العقلية والطبائع النفسية المفعّلة بك والمناسبة تماما لهذا العمل ،، وحينها فإنك غالبا ما لن تشعر بالصراع النفسي الداخلي حين ستتسول وستشعر بالراحة النفسية والسلام الداخلي ،،ـ
وبنفس الوقت فإنك مهما حاولت أن تبتعد عن التسول فستجد أن جميع الأبواب ستنغلق بوجهك بمجرد ان تقترب منها ،، بل وستنغلق بوجهك حتى قبل أن تقترب منها
فـــ كلٌ ميسرٌ لما خُلق له
ونفس الأمر يجري فيما لو كان يجب أن تكون فيها مؤلف او مخترع أو فيلسوف أو رجل أعمال مرموق،، فيجب ان تتوفر كذلك بك ولك كل الوسائل التي ستجعلك تسلك الطريق المرسوم لك
ابتداءا من انواع الطبائع والأخلاق التي سيتم غرزها بك مرورا بمظهر بدنك الخارجي ومكان مولدك وطبيعة والديك ومهنتهما وحالتهما الصحية والعقلية ، ومرورا بدرجة ذكائك وقوة حافظتك ونظافتك و و و و ،،
يعني جميع نسب جنود العقل والجهل المغروزة بكيانك والمنشّطة بك يجب أن تكون مناسبة لنجاحك في ما تم خلقك من أجله
وبنفس الوقت فإن كل الأبواب التي ستعينك على سلوك الطريق الذي تم خلقك من أجل أن تسلكه ستنفتح من أمامك ،، أمّا تلك الأبواب التي قد تبتعد بك ان سلكت بها فإنها ستنغلق من أمامك
هذا الأمر ليس به ظلم او جور
تذكّر ان ظروف حياتك الحالية هي جزاء لك على أعمالك في حياتك السابقة
فالابواب التي تنغلق من أمامك في هذه الحياة هي لحرمانك من نعمة فيها او لحمايتك من نقمة عارضة
والابواب التي ستنفتح من أمامك هي لإدخالك في نقمة مقصودة أو لإدخالك في نعمة مقصودة
فلا توجد أية صدفة أو أية عبثية في أحداث هذه الحياة على الإطلاق ،،ـ
سواء اكانت تلك الأحداث احداث كبيرة او أحداث صغيرة او دقيقة ،،ـ
فكل شيء فيها يتم ترتيبه وتنسيقه وتنفيذه قصديّاً
وهذا لا يعني أن تستسلم ولا تتحرك لكي تنفذ ما ببالك ولتصل لمقاصدك ((الا ان كان هذا سيسعدك طبعا))ـ
بل على العكس تماما
ما اريد ان اقوله هنا هو انك يجب عليك أن تتبع شغفك كاملا،، وهذه نحن على أتم الاستعداد لان نفعلها وبدون أن ينصحنا أحد بها أو أن يجبرنا عليها
المشكلة تكمن حين يعترض طريقك من ينصحك او يجبرك على أن تسلك طريق غير الذي أنت متأكد أن سلوكك به سيشعرك بالراحة والسعادة
فلو اخذت بكلامه فستسلك طريقا لن تشعر بالسعادة به،، وربما ستقضي فترة من حياتك به قبل أن تقرر أن تعود من جديد للطريق الذي أنت متأكد انه سيشعرك بالسعادة، أو ستكمل حياتك تعيسا لم تحقق ما ترغب به، أو ما خُلقت من أجله
وسيتم بعثك في كرتك القادمة لكي تسلك بها نفس هذا الطريق الذي رسموه لك في هذه الكرة لكنك سلكت غيره
ربما ستقول وأين هي هذه الابواب التي ستقفل وستفتح من امامك قصديا لكي يتيسر لك ما خُلِقت من أجله؟
سأقول لك أن نفس هذا الشخص الذي أقفل الباب المفتوح لك من امامك وفتح لك غيره هو من ضمن التقديرات ،، فأحيانا قد يرتكب الانسان في حياته من الاعمال ما توجب له الخذلان وعدم التوفيق لبلوغ المقاصد
نعود مرة أخرى لموضوعنا كلٌ ميسرٌ لما خُلق له ،،
ونقول أن كل انسان عنده رسالة او مهمة معينة عليه أن يؤديها في حياته التي يعيشها ويختبرها ،،ـ
وعليه أن يرى ما عنده من الإمكانيات وقوتها وأن يرى رغبته الداخلية في أي شيء ولأي شيء تدفعه ، ثم عليه أن يسعى لتحقيقها
حينها فقط سيرى أن تلك الابواب التي ستعينه مفتوحة من أمامه ، وأن تلك الابواب التي كانت ستعيقه مغلقة من أمامه،
فلو حددت نقاط قوتك وحددت ما تجد بنفسك القوة والقدرة على تحقيقه وسعيت فقط خلف ما ترغب فعلا بتحقيقه فلن تحتاج لفتح وغلق ابواب ولن تحتاج لمفاتيح تفتح تلك الابواب
بل ستكتشف أن الحكمة الحقيقية هي في ان لا تتعب نفسك كثيرا بفتح الابواب المغلقة، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
وان تدخل دائما وبدون تردد من خلال الابواب المفتوحة من أمامك،، فهي مفتوحة من امامك لسبب ما ، ولأنها تؤدي لأقصر الطرق المرسومة لك وللهدف الذي تسعى أنت للوصول إليه
عليك فقط ان تتبع شغفك وما تشعر انك تريد من كل كيانك ان تحققه وانك قادر عليه،، وتأكد ان الابواب ستكون مفتوحة من أمامك طوال الطريق
فتأكد أن الذي خلقك لهدف معين قادر على أن يوفر لك جميع الأسباب والمسببات وبالترتيب الأمثل الذي سيوصلك به للطريق الأقصر والأمثل لما أنت مخلوق من أجل تحقيقه
أن تتبع شغفك يعني أن تكون متوكلا على الذي خلقك وزرع بك ذلك الشغف نحو تحقيق تلك الأهداف لا أن تكون مثل آدم عليه السلام
آدم خلقه ربه واسكنه جنة وقال له ان لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى لكنه لم يقتنع بذلك ولم يقبل أن يختار له رب العالمين وقرر بدل ذلك أن يختار هو لنفسه ،،ـ
فاختار لنفسه ،، لكنه بقي طوال حياته بعد ذلك يبكي على ما اختاره لنفسه وعلى عدم رضاه لما اختاره ربه له
فلا تقضي حياتك محاولا فتح الابواب المغلقة
أدخل من الابواب المفتوحة وسترى ان حياتك ستجري بشكل أسرع، وستصبح حياتك حياة متجددة
فبدل أن تقضي عشرة سنوات أمام باب واحد تحاول فتحه وربما لن تستطيع فتحه أبدا،، أدخل من عشرة أبواب مفتوحة من امامك بالفعل وستجد نفسك متقدم بثلاث او اربع ابواب تتبع ذلك الباب الاول الذي لم تستطع فتحه حتى الان
فأنت مُيسّر لما أنت مخلوق من أجله،، فلا تعسّر على نفسك وتعطّل حياتك باصرارك على فتح الابواب المقفلة
فقمة التوكل على الله هي أن لا تريد ولا أن لا تريد
يعني أن تكون راضي بما يجري عليك تمام الرضى ،،ـ
سواء كنت فقيرا ام غنيا، أو كنت مريضا ام معافا
وكذلك أن تكون راضيا حين تكون الابواب من أمامك مغلقة
بنفس القدر الذي تكون به راضيا حين تكون الابواب من أمامك مفتوحة
فــ كلٌ ميسرٌ لما خُلق له
والذي خلقك وقدرك ويسرك لما خلقك من أجله ،، سيفتح لك ابواب ويغلق من امامك ابواب اخرى،، لا بقصد التعسير عليك بل للتيسير لك للوصول بك لما خلقك ويسرك له،، فثِق بالله وتوكل عليه أحسن التوكل
وتأكد انك قادر على الدوام على أن تفعل ما ستحتاج لفعله متى ما احتجت لفعله ،، وليس قبل ذلك بساعة ولا بعده بساعة.ـ
فالحياة قدر ثم قضاء وليس قضاء ثم قدر
عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (إن الله إذا أراد شيئاً قدّره, فإذا قدّره قضاه, فإذا قضاه أمضاه).....إنتهى

و عن أبي عبدالله عليه السلام قال :ـ
قال أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر :ـ
لا يــــــــجــــد أحـــــــدكــــم طــــعــــم الايــــمـــان
حتى يعلم أن ما أصابه لــــــــم يكـــن لـــيــخــطــئـه
ومـــا أخــــطـــأه لـــم يـــكـــن لـــيـــصـيـبـه .. إنـــتــهــى
.
.
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الابرار
.
..
...
....
.....

هناك تعليق واحد:

  1. احسنتم مولانا الغالي
    اخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي

    ردحذف