بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل
محمد
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
لماذا تعبد الله؟
أول ما يتبادر للذهن حين
يفكر بهذا السؤال هو قول إمام المتقين ووصي رسول رب العالمين سلام الله عليه:
إلهي ما عبدتك خوفا ولا
طمعا ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك
وعندما تبادر هذا السؤال
على نفسي عرضت نفسي على قوله هذا سلام الله عليه لأعرف حينها كيف ولماذا أعبد الله
فسألت نفسي: هل أعبده حبا
له ومعرفة به؟
فسمعتها تهمس ساخرة: أين
الثرى من الثريا، وأين حالك من حال المحب الواله بمحبوبه أيها المغرور
سألتها: ولماذا السخرية؟
فقالت: هل تسهر الليل
تناجيه؟
فقلت: لا
فسألتني: وهل يترآئى لك في
منامك وصحوك؟
فقلت: بل انني بشغلي ومالي
وعيالي منشغل عنه ومن الفاكهين
فقالت لي نفسي : أين أنت
إذن من عبادة المحبين يا مسكين، فلست بالتأكيد منهم في شيئ، بل لست حتى من
الذاكرين أو المشتاقين أو الراغبين، فابحث لك عن صفة أخرى لعبادتك، فلا أنت من
المحبين ولا من العارفين
هنا قلت لنفسي: ياحسرتى
على نفسي، لا بد أنني إذن من الخائفين
فبادرتني قائلة : كيف هي
حال عينيك وقلبك من الخوف يا مسكين؟
فقلت خجلا منها: عيني عن
البكاء جامدة وإلى ما يسرها طامحة، أمّا قلبي فقاسيا ومع الوسواس متقلبا وبالرين
والطبع متلبسا
هنا لم أنتظر جوابها، فلقد
أدركت حينها أنني لست من الخائفين، فو أسفاه من خجلتي وافتضاحي، ووا لهفاه من سوء
عملي واجتراحي
فلا بد أنني إذن من
الطامعين !!!!
صاحت نفسي: يا مسكين هل
تعبد الله عبادة التجّــار؟
هكذا سمعتها تناديني،
فقلت مجيبا لها: لا بد أن أكون
منهم، فلم يبقى سواهم لآنتمي لهم، فما دمت لست من العارفين المحبين ولا من
الخائفين الوجلين فلا بد أن أكون من المتاجرين الطامعين بما عند الله
فقالت: أجبني يا مسكين
بماذا اشتريت نعيم الآخرة؟
هل اشتريت آخرتك بدنياك؟
هل طلقت الدنيا وملذّاتها
من أجل الآخرة ومتعها؟
وهل تركت المتع الزائلة من
أجل المتع الباقية؟
فأجبتها : كلا لم أفعل
شيئا من ذلك، فما زلت أتمتع بلذيذ االطعام وهنيئ الشراب وفاخر الملبس والمسكن
ووووو
فقالت : يا مسكين أي تجارة
هذه التي تتاجرها، فالتجارة أخذ وعطاء وربح وخسارة
فأين عطائك وأنت متشبث
بهذه الدنيا ومتعها الزائلة
أتراك تريد أن تتاجر؟ أم
تراك تريد أن تـُـرابي يا مسكين؟
أتريد مقابل تمتعك بمتع
هذه الدنيا أن تحوز أيضا وتتمتع بمتع الآخرة الباقية؟
فأي تجارة هي هذه التجارة
التي تتاجرها؟
وأي بيع وشراء هو هذا؟
فلست حتى بطامع أو بتاجر،
وما أراك إلا كذاب أو بأحسن الأحوال مرابي تريد بعد أخذ القليل من هذه الدنيا أن
تأخذ الكثير الكثير الكثير من متع الآخرة، فدع عنك هذا النفاق والكذب
حينها توقفت عن التفكير
قليلا ثم قلت في نفسي مشككا:
يبدوا أنها على حق، فأنا
لست سوى مرابي جشع كذاب يطلب بعد القليل البالي الكثير الدائم
ولكنني لم أقنع بهذه
النتيجة التي أقنعتني نفسي الأمّارة بالسوء بها، فأعدت النظر من جديد في سبب
عبادتي
فوجدت:
أنني أعبد الله من حيث
أنني أحب محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فمن أين لي أن أعرف الله
لولاهم؟ ومن أين لي أن أعبد الله لولاهم؟ نعم أنا أعبد الله لأنني أحبهم صلواته
وسلامه عليهم أجمعين وأعتقد بهم وهم دعوني لعبادته
نعم قد تكون عيني عن
البكاء من خوفه جامدة ولكنه المحبتهم هاملة
فلا يكاد يذكر مصابهم
أمامي حتى تنهمر دموعي حزنا على مصابهم وبسبب ما جرى عليهم
نعم ربما قد أكون غافلا عن
ذكر الله، ولكنني أذكرهم في صلاتي وصيامي وصدقتي وزكاتي وخمسي وشهادتي، كما أن
لساني يردد دائما وأبدا الحمد لله الذي جعلني من محبيهم صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين ولم يجعلني من أتباع أعدائهم من أهل البدع والضلالة
نعم قد أكون لا أخاف الله
لانني لا أعرفه حق المعرفة وأعرف إسمه فقط، ولكنني أخاف على رضاهم وأطلب ودهم في
ليلي ونهاري وصحوتي ونومي
نعم قد أكون ممن يطلبون
اليوم متع وملذات الدنيا جميعها، ولكنها قبال محبتهم وولايتهم لا تساوي عفطة عنز
أين منها تلك السكاكين
التي تحز النحور؟
وأين منها تلك المتفجرات
التي تحرق الجلود؟
و أين منها تلك السموم
التي تقطع الكبود؟
هنا صاحت نفسي
بشراك يا من تعبد الله من
حيث حبك لمحمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
بشراك يا من تحب محمد وآل
محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
فإن لك أجر الخائف، وأجر
الطامع، وأجر المحب
فكم من محب ليس بمحبوب،
ولكنك أيه المحبّ محبوب من الله في الأرض وفي السماء لحبك إيّاهم
فالله يحب من يحب حسينا
والله يرضى لرضى فاطمة
والله يحب من يحب عليا
والله يحب جميع من يحب ويتبع
محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين
وأنتم أيها المحبون
المتبعون موضع رحمة ومحبة الله لمحبتكم واتباعكم لهم صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين
فبشراكم بشراكم، لقد فزتم
ورب الكعبة بمحبتكم اياهم فوزا عظيما
فما عبد الله بمثل العقل
وما عبد الله بمثل الطاعة
وماعبد الله بمثل الإسلام
وما عبد الله بمثل محبة
محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
كل من يعبدالله يعبده على
إحدى صورتين لا ثالث لهما
صورة العابد
و
صورة العبد
والإسهل منهما هو أن تعبده
على صورة العبد، فنتائج هذه العبادة أسرع من نتائج صورة العبادة الأخرى
وهي أسهل لأن أحكامها
بسيطة وسهلة وواحدة في كلالمواقف التي يمكن أن تمر بها في حياتك، وبفضلها لن تعيش
تعقيد أحكام عبادة العابد، فأنت دائما وأبدا وفي جميع المواقف مجرد عبد لا يملك
لنفسه ضرا ولا نفعا
فحين تتعامل مع أولادك
فأنت حينها أيها العبد مؤتمن عليهم
وحين تتعامل مع زوجتك فأنت
أيها العبد كذلك مؤتمن عليها
وحين تتعامل مع ما يقع تحت
يديك من الأموال فأنت أيها العبد مجرد عبد مؤتمنعليها
فمع الناس أنت مجرد عبد
ومع الأعداء أنت مجرد عبد
ومع الهواء أنت مجرد عبد
ومع الماء أنت مجرد عبد
ومع البيئة من حولك أنت
كذلك مجرد عبد
أنت حينها لا تشغل نفسك
بالتفكيربالعواقب، فأنت مجرد عبد، والعبد يفعل تمام ما يأمره سيده ومولاه
وحين تقع بالمتاعب وأنت
تنفذ أوامر سيدك ومولاك فأنت لا تحاول أن تخرج نفسك منها
لماذا؟
لأنك تعلم أن لك سيد يتابع
أمورك ويهتم لأمرك، فإن تركك بالسجن أو تحت العقاب فأنت تعلم أنه غضبان عليك لسؤ
خدمتك له، أو لسؤ ظنك به، ولكنك تعلم أيها العبد في قرارة نفسك أنه وحده من سيمد
لك يد العون أخيرا ليخلصك من مصيبتك
أيها العبد: في مجالس أبي
عبد الله انت لا تجلس مع الناس، فمكانك ليس بالجلوس بينهم، فالعبيد لا يجلسون مع
الضيوف بل يخدمونهم، أنت تتحرك بين الضيوف وتعلم أن عين سيدك تراقبك، تراقبك أين
ما ذهبت
إنه يراقبك، إنه يتابعك،
إنه ينظرإليك،
لا تتعجب يا ـــــ عبد
ــــــــ الله، نعم إن سيدك يراقبك وينظر إليك أكثر من ذاك الخطيب الذي يجلس فوق
المنبر
فهو يراقبك حين تواسي
ضيوفه بالصلوات، وحين تسقيهم الماء، وحين تريحهم بتلبية مطالبهم
أما حين يوجه لك أحد ضيوفه
كلمة لآذعة أو جارحة فتتجاوز عنها لأنه ضيف مولاك فتأكد أن مولاك كان يراقبك
حينها، وسيكرمك في ما بعد، وسيرضى عنك لأكرامك وتجاوزك عن أخطاء ضيوفه
أيها العابد هل سمعتك
سيئة؟
هل كنت بالفسق في ما مضى
مشهورا ولا يحترمك الناس بسبب تاريخك القديم الذي انحفر بأذهانهم، وتريد أن تبدل
كل ذلك بسرعة ولا تعرف كيف السبيل؟
حاول لذلك أن تكون من
عندِك سنة واحدة فقط عبد لله وسترى كيف أن الله سيمحي جميع تاريخك الأسود من أذهان
الناس،
فأنت إن صدقت توبتك ونيتك
وعملك، فسوف تكون محسوبا عند الناس من عبيد الله العلي العظيم، وهو لا يرضى أن
ينظر الناس لعبيده بعين الإزدراء والنقص
سوف ينسيهم جميع ما
يعرفونه عنك، وسيبدل سيئاتك حسنات، فهو من يملك مفاتح كل شيئ حتى مفاتح أذهان
وذكريات الناس
العبد يقول يا مولاي أناْ
عبدك
والعابد يقول أناااااااا
أعبدك
في البدأ ستكون عبد لله من
طرفك أنت، فأنت الذي تريد أن تتقرب منه ذراعا، ولكن إن صدقت النية بالعمل وأخلصت
بعبوديتك له فلا تدري ما قد يحصل، فقد يقربك منه عشرة أذرع فيشتريك حينها المولى
والمولى لا يبيع عبيده
مهما فعلوا
والمحظوظ من بين العبّاد
هو فقط من سيشتريه المولى، ويختم على صفحة وجوده بختم العبودية
إنّ العابد يعتمد على
مجهوده ليصل، وقد لا يصل ولو سجد كل عمره بين الركن والمقام، بل وحتى لو سجد في
حضرته سجدات كل سجدة منها بخمسة آلآف سنة، بل وقد توصله عبادته تلك لأن يطرد
بسببها من رحمته تبارك وتعالى
أمّا العبد فهو غير ملتفت
أساسا للوصول، ولا يهمه الوصول بقدر ما يهمه أن يكون مجرد عبد، عبد لسيده ومولاه
وصلى
الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار
.
..
…
….
…..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق