الأحد، 24 يناير 2016

الاستنارة لا تتم ما لم يتم التعاون بين طرفين








بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستنارة لا تتم ما لم يتم التعاون بين طرفين

الاستنارة لا تتم ما لم يتم التعاون بين طرفين

الطرف الاول هو نفس مُريد الاستنارة ،،ـ

والطرف الثاني هو النفس العليا للمريد ،،ـ

المطلوب من المريد ان ينوي الاستنارة أولا ،،ـ

وان يعقد العزم على طلبها ثانيا،،ـ

وثالثا أن يثبت على النيّة فيقوم بخطوات عملية نحوها قدر استطاعته ،،،ـ

امّا النفس العليا فستتجاوب مع نيته وعزمه واقدامه بالفعل

فتقوم بملئ حياته بمواقف واشارات تدله بها على المنعطفات والطرق الجانبية

فعندما تخرج من بيتك لسبب نفسي داخلي يلح عليك بشدة ولا تعرف كنهه ويدفعك للبحث في امور معقدة وخفية تقبع ما وراء مستوى ادراكك الحسي بل وخلف مستوى ادراكك العقلي ايضا

عندما يحدث ذلك معك فتخرج من بيتك طلبا لذلك المجهول فانك ستخرج هائما على وجهك تبحث عنه في كل مكان ،، ستبحث عن الاشارات الواضحة والخفية ،، ستحاول ان تسلك كل الطرق الممكنة

وستطئ باقدامك حينها طرقا لم تطئها اقدام من حولك من الاهل والاصحاب والخلان قاصدا مكانا او هدفا لا تعرفه

وحينها فإنك ما لم تتلقى مساعدة من وعي أكبر من وعيك ويعرف الهدف النهائي ويعرف كيف يرشدك للطريق الاقرب لهذا الهدف الذي تبحث عنه فإنك غالبا ما لن تصل له ،،ـ

وستبقى تدور وتدور وتدور في حلقات وحلقات وحلقات تجد معها نفسك تعود دائما من حيث بدأت

وما لم يكن هناك من يهديك للطريق الصحيح فغالبا ما لن تزيدك سرعة المسير حينها سوى بعدا عن الهدف المنشود

فلو سلكت طريقا خاطئا وحثثت المسير به بسرعة الضوء فانك ستبتعد عن هدفك الذي تبحث عنه وتتجه نحوه ايضا بنفس سرعة الضوء

وعليه فيجب ان يكون هناك مُرشد للطريق والحقيقة،، والا فبالتاكيد لن يصل للهدف الحقيقي المنشود الا تائِه لا يقصده هو بل يقصد هدف غيره

فلذلك فإن عملية التنور عملية طويلة وبطيئة ،، لانها عملية تقوم على التّفكر والملاحظة والمراقبة اكثر منها على المشي والركض والطيران

فالتفكّر الدائم بالهدف الذي تبحث عنه له علاقة بثبات نيتك على التنور وباصرارك عليها

وعملية الملاحظة والمراقبة الدائمة لها علاقة بإيمانك بوجود نفسك العليا،، وبوجود الهادي الذي يريد أن يرشدك للطريق

وهذا الهادي ان كان مقتدرا كما هو فعلا فليس بالضرورة ان ياتيك بشخصه ليهديك ،، فظهوره بشخصه قد يلهيك عن الهدف الحقيقي ،،ـ

بل انه قد يضلك ايضا ،،ـ

فقد يصيبك بالغرور المانع لك من التقدم للامام ،،ـ

فانت قد وصلت بالفعل (هذا ما سيصوره عقلك لك)ـ

ولذلك فإن الهادي للمريد سيعتمد معه طريق الاشارات والعلامات ،،،ـ

ويبقى على المريد السالك المراقبة والملاحظة لما يدور من حوله

ولذلك فإن تنوع الوان الحياة التي تعيشها سيجعل من تنوع الاشارات عملية ممكنة ومثمرة

وهنا لا ادعو للانغماس في الصداقات والعلاقات العابرة بحثا عن الاشارات ولتسهيلها ،، فهذه غالبا ستكون عملية ملهية ومضللة

ولا ادعو أيضا للانعزال عن الناس

فالتنوع الذي اقصده وتأتيك الاشارات المتنوعة من خلاله ،،ـ

قد يكون مع كتاب جديد تقرئه ،،ـ

او مع رحلة بريّة او بحرية تقوم بها،،ـ

أو بمراقبة ما يقوله الناس من حولك خلالها

او حتى بمراقبة الحمام وهو يطير من فوقك بحركاته البهلوانية الجميلة

وربما يكون بمشاهدة فلم او برنامج ديني او ثقافي او اجتماعي

المهم أن تعيش حالة اليقضة والمراقبة

فمع الايام ستكتشف ان كل الاشارات كنت دائما تراها من أمامك طوال الوقت،،ـ

بل حتى ان نفس الهدف الذي كنت تبحث عنه كنت تراه أيضا من امامك

لكنك لم تكن تعرف انها اشارات وإجابات

ولم تكن تعرف انه هو الهدف الذي كنت تبحث عنه

فكل الاشارات موجودة امامنا طوال الوقت

لكننا لم نكن ندرك ذلك لاننا لم نكن ندرك او لاننا لم نكن نعرف كيف نرتبها واحدة بعد الاخرى لنعرف من منها الاولى والثانية والثالثة ووووو

لقد كنا نراها قبل ان نقرر سلوك طريق التنور مجرد صور واحداث وكلمات عشوائية لا معنى لها على الاطلاق وتجري لنا ومن حولنا

في البداية، اي عند بداية مسيرك ستلاحظ ان الاشارات ستتكرر من امامك ، ستتكرر مرات ومرات عديدة من امامك حتى تفهمها أخيرا وتدرك ان بها تكمن الإجابة عن السؤال الذي كنت تبحث عن اجابته

حين تحصل على الاجابة عن السؤال الأول ستنتقل للسؤال التالي

وستبقى تتفكر به

وستبدء حينها الاشارات التي تجيب عنه تاتيك تباعا وتحدث من امامك مرة بعد أخرى بدون ان تنتبه لها سريعا

لكنك اخيرا ستنتبه لها وان بها الاجابة على سؤالك

وحينها ستنتقل للسؤال التالي لكنك هذه المرة ستتوقع ان تحصل على الاجابة بنفس الطريقة

وستأتيك الاشارة او الاجابة من جديد كما توقعت

لكنك هذه المرة ستدرك الاشارة وتلاحظها اسرع من السابق لأن ملاحظتك ومراقبتك أصبحت اقوى

وحينها ستبدء خطواتك تتسارع وستصبح لك علاقة طيبة ومميزة بالغيب

فستؤمن حينها بوجود من يسمعك حين تتفكر وتتسائل

وستوقن أنه يتلهف منك المبادرة بالسؤال ليبادر لك هو بالجواب

عندما تعيش حياتك كمريد للتنور بهذا الاسلوب ،،، فانك ستتصل حينها بنفسك العليا

وستعيش حياتك حينها كما لو انك تعيش داخل نفسك العليا

ستعيشها كما لو انك مصباح تعيش داخل زجاجة داخل مشكاة

وأن نفسك العليا المربية لك والقريبة منك هي كل عالمك الذي تراه من حولك وعلى قدر مد بصرك

فنفسك العليا المربية المباشرة لك والقريبة منك هي بمثابة الزجاجة التي أنت داخلها

فهي من تصور لك عالمك الذي هو على قدر مد بصرك بكل صوره واحداثه

لها مطلق الحرية في ان تدسّ لك فيه من الاشارات الجانبية ما تشاء منها لتجذبك اليها 

 أو لتجيبك بها على اسئلتك الحائرة المتتابعة ،، او لتدلك بواسطتها على الطريق 

ستكلمّك نفسك العليا دائما على قدر عقلك ،، لكنها تتمنى وتود وستعمل على أن ترفع وعيك وادراكك وفكرك للأعلى

لكنها لن ترغب أن تجبرك على شيء من ذلك

فهي تحبك حب مطلق

ومن منطلق هذا الحب المطلق هي تريد أن تضمن حريّة إرادتك ومشيئتك للأخير

وستعطيك ضمن المقادير المقدرة والخطة المتفق عليها في عالم الأمر لهذا الدور الذي تعيشه 

ستعطيك ما تشائه أنت مهما كانت صورة مشيئتك

ونفسك العليا الاعلى تلك المشكاة التي تحوي الزجاجة هي كل العالم بكله وكليله الذي يحوي الجميع وكانهم يعيشون بعالم واحد على اختلاف مستوياتهم وابعادهم وكثافتهم

إنها مجموعة من العقول الجزئية المتراكبة فوق بعضها البعض

وكل عقل منها يعيش داخل عقل آخر ،، والعقل الكلّي الجامع يحوي ويتوسط الجميع

إنها مجموعة من الأنوار العقلانية المتراكبة فوق بعضها البعض

وكل نور منها يعيش داخل نور آخر

إنها نور على نور ،، في النور

أنها عقول متراكبة مع بعضها البعض ويحتفظ كل عقل منها بمزاياه وادراكه الشخصي ويعيش وعيه ومسيرته بشكل منفصل

تماما كما أن أطياف نور الشمس تتراكب فوق ومع بعضها البعض ولكنها رغم هذا التراكب والتطابق مع بقية الأطياف الضوئية 

فإن كل طيف منها يحتفظ بمزاياه الشخصية على طول الخط لتكوّن لنا أخيرا النور الأبيض الشفاف الجامع لكل الأنوار

وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأبرار
.
..
...
....
.....
 .

هناك تعليق واحد:

  1. احسنتم مولانا
    اخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي

    ردحذف