بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبب ارجاع افعال العبد الصالح اثناء رحلته مع موسى عليهما السلام الى ثلاثة
ضمائر مختلفه
سبب ارجاع افعال العبد
الصالح اثناء رحلته مع موسى عليهما السلام الى ثلاثة ضمائر مختلفه وذلك حين قال:
( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ
غَصْباً) (الكهف:79)
فنسب الفعل هنا لنفسه
بينما مع الغلام قال : ( وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ
فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً) ( فَأَرَدْنَا أَنْ
يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً)
(الكهف:80-81)
نسب الفعل هنا الى مثنى او اثنين وهما هو نفسه ومجموعة فاعلة هو أيضا من ضمنها
اما عن اقامة الجدار فقال : ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ
يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا
صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا
كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ
تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف:82)
فنسب الفعل الى رب موسى حيث قال له : فاراد ربك !!
فالارادات الثلاثة هي إذن
1- إرادة العبد
2- إرادة المجموعة الفاعلة
3- إرادة رب موسى
ويبدو هنا أن كل إرادة منها مرتبطة بصنف معين من الناس ، مساكين، مؤمنين، صالحين،
وإن كانت المعاني أو النتائج بينها متداخلة نوعا ما
ولكنها كلها تدل على إرادة وعمل المريدين والفاعلين الثلاثة لرعاية وحماية
المساكين والمؤمنين والصالحين على مر الأيام والسنين
والواضح أن الإرادات الثلاثة تعمل ضمن خطة واحدة ولا تعارض بينها
ونبدء هنا بارادة العبد الصالح:
فالعبد الصالح ضمن حدود قدرته كان مخيّر بين أن يخرق السفينة ليحمي هؤلاء المساكين
ويحمي صاحب السفينة من الأسر والسبي، أو بين أن يقتل نفس ذلك الملك الذي كان يهدد
هؤلاء المساكين لتنتهي حينها قصة تهديد هؤلاء المساكين وغيرهم أيضا
ولكنه اختار أن يبقى ضمن صلاحياته الممنوحة له ضمن المجموعة الفاعلة، فهو ربما لا
يعلم ان كان في صلب هذا الملك يوجد ذرية قوم صالحين وبقتله إيّاه سيعطل أو يقطع
سلسلة الأحداث المكتوبة من قبل، كما حصل بقرار قتل الطفل الذي كان سيرهق والديه
بالمستقبل طغيانا وكفرا
فحدود قراره وإرادته الذتيه إذن محصورة بحماية المساكين بغض النظر اكان هؤلاء
المساكين مؤمنين او غير مؤمنين، صالحين او غير صالحين وبطريقة لا يتداخل بإرادته
في مجرى الاحداث المقررة فيغير أي جزء مكتوب له الحدوث والتحقق في المستقبل في قصة
الخلق
أما إرادة المجموعة الفاعلة فهي أيضا تتحرك ضمن الصلاحيات المعطاة لها من ربهم،
فمن الآية الكريمة يتبين لنا أن المجموعة الفاعلة لها نوع متقدم من استقراء
المستقبل ومعرفة دور كل شخص أو كل فرد سينزل على خشبة أحداث قصة الخلق،
وهم يرعون فيها جميع المساكين والمؤمنين غير ان الخضر عليه السلام له صلاحية آنية
في قرارات رعاية فئة المساكين، سواء كانوا من المؤمنين او من غير المؤمنين
المهم أن المجموعة الفاعلة قد يبدو لها أن تغير بأحداث القصة بما يتوافق مع
الموازين والأقدار الإلهية المقدرة من قبل خلق الخلق حين كتب القلم جميع أحداث
القصة،
مثل أن يكون أبوي هذا الطفل قد آمنوا حديثا بعد أن كانوا كفّارا، فطفل يرهقهما
طغيانا وكفرا قد يتناسب تماما مع كونهما كافرين،
ولكن ربما لكونهما قد أنابا مؤخرا لربهما فآمنا وتركا الكفر والعناد، قد بدا
للمجموعة الفاعلة حينها وضمن صلاحياتها التي أعطاها رب العالمين لها، أن تبدل ما
كان مكتوبا لهما ((للأبوين)) حين كتب القلم أحداث القصة الكاملة
فالمجموعة الفاعلة ترعى المؤمنين بشكل خاص رعاية خاصة
وأمّا مجموعة الصالحين فهؤلاء أعظم درجة من المؤمنين وأيضا أعظم من درجة
المساكين،
وهؤلاء يدخلون ضمن دائرة الرعاية الربوبية لله رب العالمين،
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى
الصَّالِحِينَ
وبسبب هذه الرعاية الخاصة كان يتمنى الأنبياء ويدعون ربهم دائما أن يدخلهم أو أن
ييسر لهم الإلتحاق بهذه المجموعة، فمن سيدخل منهم ضمنها فسوف تتنزل أوامر رعايته
ورعاية جميع أموره وذريته وتوجيهها الوجهة الصحيحة مباشرة من رب العالمين،
فرب العالمين سيصبح حينها هو وليّه وهو من سيتولى جميع أموره بنفسه، وهو طبعا
سيسخّر لتحقيق هذا الهدف كل المجموعة الفاعلة عليهم السلام، ومن ضمنهم الخضر عليه
السلام، بل وأيضا سيسخّر كل من يعمل على تنفيذ الخطة الإلهية في الأرض
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ
الْكِتَابَ وَهُـــــوَ يَــــتَــــوَلَّــــى الـــصَّــــالِــــحِــــيــــنَ
وهذه مجموعة من الآيات الكريمة والتي تتكلم عن الصالحين وكيفيتهم، ويوجد غيرها لم
أوردها تجنبا للتطويل
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا
عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ
اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ
فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ
اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا
وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ
الصَّالِحِينَ
وأخيرا نقول كيف لمن سيورثهم الله رب العالمين الأرض أخيرا أن لا يتولى هو بنفسه
جميع أمورهم في حياتهم وبعد مماتهم
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ
الْكِتَابَ وَهُـــــوَ يَــــتَــــوَلَّــــى الـــصَّــــالِــــحِــــيــــنَ
هذا وأسأل الله لي ولكم ولجميع الإخوة والأخوات الكرام أن يدخلنا في عباده
الصالحين وأن يتولى امورنا جميعها وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم آمين رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين
.
..
...
....
.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق