الثلاثاء، 19 يناير 2016

كشف المؤامرة الربانية -2




  
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كشف المؤامرة الربانية -2
.


واحدة من أكبر العقبات التي قد تقف في وجه كل من يريد أن يصدق انه توجد مؤامرة ربانية أو فتنة ربانية هي فهم علاقة ابليس بربه وبالملائكة ومسالة عدم امتثاله للامر بالسجود ومعنى قوله تعالى في موضعين من الكتاب الكريم

وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
وقوله تعالى
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

فالتصور او التفسير العام هو ان رب العالمين قد عاقبه وانزل عليه اللعنة وأنه لعنه بمعنى أنه عاقبه

طبعا لو انتبهنا ان اللعنة هي فقط ليوم الدين سنسأل ماذا سيحصل بعد يوم الدين؟

هل ستُرفع عنه؟

ان جاوبنا بكلا فلا دليل على ذلك

وان جاوبنا بنعم فابليس حينها قد تمتع بحياته طوال سيطرته في الدنيا حتى يوم الدين وسيتمتع بعد هذا اليوم ايضا لأن اللعنة ارتفعت عنه

واعتقد ان الجواب هنا ،،، لا هو هذا ولا هو ذاك

ولنفهم المسألة بشكل صحيح يجب أن ننظر للمسألة وللأحداث الواردة بالقرآن الكريم لما جرى في اجتماع الملاء الأعلى بشكل شامل ودقيق وسنبحثه على شكل أسألة وأجوبة

وأول سؤال سنبتدء به سلسلة الأسئلة هو:

1- أين كان ذلك الإجتماع؟
الجواب: في الأعلى

2- أعلى أين؟
سيتضح الجواب لهذا السؤال من خلال الاسئلة والاجوبة اللاحقة

3- من كان في الإجتماع؟
الجواب: الملاء الأعلى

4- من هم أولائك الملأ الأعلى؟

رب العالمين

والملائكة

والروح

ومجموعة الكافرين (إبليس من ضمنهم)

ومجموعة المخلصين

ونحن على مستوى الأنفس المطمئنة ((وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ))

وأخيرا الخليفة الذي سيأمر رب العالمين الجميع بالسجود له

5- ما هو المعلوم لجميع أفراد ومجموعات الملأ الأعلى وإبليس من ضمنهم؟

الجواب : سيتم ابتداء التّنزّل بأحداث وتفاصيل حضارة جديدة وقصة جديد

6- هل تفاصيل قصة هذه الحضارة الجديدة كانت واضحة لجميع أفراد ومجموعات الملأ الأعلى حين اجتمعوا ذلك الإجتماع؟

الجواب: القدر المتيقن بعلمهم به هو أنه سيكون بها اولاد وتجارة وفتن وغرائز متعددة ومعلومة سوف يتركب بني آدم منها ، ويوجد في هذه الحضارة موت وحياة وقتل وسفك دماء وحروب وصعاب كثيرة ومشاكل وفتن
وانه توجد بها مفاصل زمنية رئيسية مرتبة ومحددة ومتتابعة كحبات الخرز، مثل يوم الوقت المعلوم ويوم الدين ويوم يبعثون

ويوجد بها صراط مستقيم وان الحرب ستدور ضده من قبل مجموعة محددة ومعلومة ولها قائد محدد ومعلوم أيضا

كل هذه المعلومات والاحداث وغيرها الكثير الكثير كانت معلومة لجميع من كانوا بذلك الإجتماع للملأ الأعلى

نعودالآن لقوله تعالى :

وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
وقوله تعالى
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

ونحاول أن نفهم ما المقصود منها في ذلك الإجتماع والموقف ومنه سنعرف ما هو السبب الذي كانوا مجتمعين حينها من أجله

واعتقد ان فهمنا للمقصود من كلمة عَلَيْكَ وللمقصود من كلمة فبـــــــــــــــــــعزتك وخصوصا مع دخول فاء السببية عليها سيفتح لنا مصاريع الفهم للمعاني المخفية خلفها

وأفضل طريقة لاستكشاف معانى هذه الكلمات حسب فهمي ومنهجي للقرآئة هو بتتبع موارد هذه الكلمات في القرآن الكريم لنكتشف معناها من نفس القرآن الكريم

فهو يفسّر بعضه البعض كما ورد في الحديث ،، تماما كما أن روايات أهل البيت عليهم السلام تفسرها أيضا ،، فمنهج الكتاب والعترة الحبل المدود بين السماء والأرض هو المنهج الذي اتبعه للفهم ،،

لكنني اليوم سأستعمل فهم الكتاب من الكتاب لكي لا يكون الاستدلال مذهبي.

عند متابعة لفظ " عَلَيْكَ " في الكتاب سنجد أنه غالبا ما جاء لتبيان وظيفة المخاطب به،

فإمّا أن يكون المخاطب بــ ((عَلَيْكَ)) متلقّي للفعل، بمعنى أنّ وظيفته هي أن يستقبل فعل ما هو وظيفة لغيره،

أو أن يكون غيره متلقى لما هو وظيفة المخاطب بــ ((عَلَيْكَ))

مثال ذلك هو قوله تعالى:
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا

فالمخاطب بــ لفظ ((عَلَيْكَ)) لا دور له بإلقاء القول الثقيل ، وليست وظيفته الإلقاء، وإنما دوره أو ضيفته هي تلقي ذلك القول الثقيل فقط

فالإلقاء هي وظيفة غيره، ووظيفته  هي التلقي

ومثل قوله تعالى:

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا

فإتمام النعمة هي وظيفة غيره ،،،،  ووظيفة المخاطب بــ ((عَلَيْكَ)) هي تلقي تلك النعمة

ومثل قوله تعالى:

تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فبــــــــــأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ

فالتلاوة هي وظيفة غيره ،،،،  ووظيفة المخاطب بــ ((عَلَيْكَ)) هي تلقي تلك التلاوة

ومثل قوله تعالى
:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا

فالتنزيل هنا هو وظيفة غيره ،،،،  ووظيفة المخاطب بــ (عليك)) هنا هي تلقي التنزيل

ولكي لا أطيل المقال هنا أقول أنني قد وجدت أن هذا المعنى قد تكرر 32 مرة من أصل 52 مرة

وجائت بموارد أخرى بمعنى آخر ،، وهو أن وظيفة المخاطب بـ((عَلَيْكَ)) هي المبادرة بالفعل المأمور به

مثال ذلك قوله تعالى:

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ

وقوله تعالى:

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

وقوله تعالى:

وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ

وقوله تعالى:

فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ

فوظيفة المخاطب بلفظ ((عَلَيْكَ)) في جميع هذه الموارد هي البلاغ فقط ، والباقي هو على المجموعة التي كلفته وارسلته وهي نفسها المجموعة المتكلمة بالقرآن الكريم

كما وأنها جائت لتبيان حدود الوظيفة المُكلف بها وما هو خارجها أيضا

كما في قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ

فليس من واجبات وظيفتك أن تهديهم ،، فالهداية هي من وعلى الله

وفي قوله تعالى:

وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ

فوظيفتك المكلف بها هي البلاغ ،، وأمّا حسابهم فهذه وظيفتنا نحن ((المجموعة المتكلمة بالقرآن))

أمّا في قوله تعالى:

وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سنجد بها معنى أن وظيفتك هي التبيان بغرض الهدى والرحمة ،، فإذا آمنوا بما بينت لهم حصلوا على الهدى والرحمة

وهكذا في قوله تعالى:
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ

فوظيفتك هي التبليغ أو البلاغ فقط

وفي قوله تعالى:
وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى

سنجد فيها أن ليس من وظيفتك التزكية، فتزكية النفس وظيفة المُـبَلَّغ

وسنجد أنّ مورد عَلَيْكَ جاء في أغلبه ليخاطِب الرسول صلى الله عليه وآله أو الأنبياء سلام الله عليهم عموما ولبيان ما له وما عليه، أي جاء ليبين له حدود وظيفته ومهامه الملقاة على عاتقه

غير مرة واحدة جاء بصيغة:

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا

وهو في خطاب نبي الله ابراهيم على نبينا وآله وعليه وآله أفضل الصلوات مع أبيه،،

وربما في متابعة لفظ ((سَلَامٌ)) ومعناه الذي جاء في تفسير سورة القدر سنجد أن معناه ان وظيفته هي تلقي السلام الألهي

ومرة أخرى جاء بالكسر عَلَيْكِ في خطابه لمريم عليها السلام

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا

بعد ملاحظة الموارد السابقة نعود للسؤال المطروح وهو:

ما معنى ((وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ))
وما معنى ((وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي))

في قوله تعالى:
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

وفي قوله تعالى
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

أقول أنه بالنظر لجميع ما سبق من أسألة وأجوبة ولجميع الموارد السابقة لكلمة ((عَلَيْكَ)) لا بد أن يكون المعنى أن وظيفتك يا إبليس هي اللعن حتى يوم الدين ،، خصوصا عندما نعرف المقصود بكلمة فبـــــــــــــــــــعزتك وخصوصا مع دخول المركب اللفظي ((فبــــــــــ)) عليها

قَالَ فبــــــــــعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

فالمعنى الدارج والذي يحلو للمفسرين الأخذ به هو ان إبليس أقسم بعزة رب العالمين انه سيغوينا أجمعين

لكنني عندما تتبعت الموارد التي جاء بها المركب ((فبــــــــــ)) في كلمة فبــــــــــعِزَّتِكَ وجدت أنّ المعنى انحصر بكل الموارد إما بالسؤال أو باشتراط تحقق الفعل بالصفة التي ارتبط بها المركب ((فبــــــــــ)) كما سيتبين لنا من جميع الموارد التالية:

وما اصابكم يوم التقى الجمعان فبــــــــــاذن الله وليعلم المؤمنين

فبــــــــــالإذن تمت الإصابة

فبــــــــــظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا
فبــــــــــالظلم تم التحريم

اولئك الذين هدى الله فبــــــــــهداهم اقتده قل لا اسالكم عليه اجرا ان هو الا ذكرى للعالمين

فبــــــــــالإقتداء بهدى الله وحده لا شريك له لما تمت الهداية

اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم فبــــــــــاي حديث بعده يؤمنون

وهنا جائت بمعنى السؤال

قل بفضل الله وبرحمته فبــــــــــذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون

فبــــــــــفضل الله ورحمته تمت الهداية وشفاء ما في الصدور

وما اصابكم من مصيبة فبــــــــــما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير

وهنا المعنى فبــــــــــما كسبته ايدينا أصابتنا المصائب

تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق فبــــــــــاي حديث بعد الله واياته يؤمنون
وهنا لا يوجد قسم بل سؤال

فبــــــــــاي الاء ربك تتمارى ((تكررت في سورة الرحمن 31 مرة))
وهنا أيضا لا يوجد قسم

ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها فبــــــــــاذن الله وليخزي الفاسقين

فبــــــــــالإذن الإلهي تحقق القطع والترك

فبــــــــــاي حديث بعده يؤمنون
لا يوجد قسم هنا بل سؤال

وأخيرا نأتي للآية محل البحث

قال فبــــــــــعزتك لاغوينهم اجمعين

فلو أردنا أن نستمرعلى نفس المنوال السابق سيكون المعنى حينها:

إمّا أنّ الإغواء لا يتم إلا بتحقق العزة للغاوي

أو سيكون المعنى حينها هو السؤال من الغاوي، أو لمن يريد أن يتحقق بصفة الغواية: إن أعطيتني أو أعززتني بعزتك سأستطيع حينها أن أغوي، فأعطني وأعزّني بعزتك لأستطيع حينها فقط أن أغويهم أجمعين،

بهذا المعنى فقط سيتم معنى ما جاء قبلها وبعدها من الآيات ،، فهو طلب الامهال الى يوم يبعثون لكنه لم يحصل عليه بل على يوم الوقت المعلوم ،، وحين حصل على النظرة الى يوم الوقت المعلوم طلب ان يكون محمي أو محصّن بالعزّة حتى ذلك الموعد ،، بمعنى أنه طلب ما سيستطيع به فقط ان يكمل مهمته حتى ذلك الموعد ،، وهذا ايضا حصل عليه

وتلخيص جميع ما سبق هو أنّ الملأ الأعلى كانوا مجتمعين في ذلك الإجتماع في الأعلى من أجل تقسيم الوضائف والمهام بينهم في هذه الحضارة الجديدة والقصة الجديدة

إبليس وهو من مجموعة الكافرين وكبيرهم كان مضطلع على سيناريوا هذه الحضارة الجديدة وكان يتمنى أن يأخذ هو دور الخليفة بها
إعترض وقال أنا أريد هذا الدور ،،فارضاه رب العالمين بأن أعطاه دور آخر يعادله بالقوة ويعاكسه بالاتجاه فقبِل ذلك وتعهد باتمام مهمته على أكمل وجه وأتمه

وكلمة الكافرين هنا لليس المقصود بها تبيان معنى سلبي للموصوفين بها ،،
بل هو تبيان للمعنى الوظيفي لهذه المجموعة

فوظيفة هذه المجموعة من الملأ الأعلى هي التغطية والاخفاء للحقائق في أي قصة أو حضارة جديدة،

وهذا هو معنى الحقيقي لكلمة الكافر في اللغة ،، وهو الذي يُغطّي ويُخفي

الشيطان هو امتداد أو هو رسول إبليس في الأرض ويعمل على متابعة وإدارة وتنفيذ خطط إبليس وقيادة رجله وخيله في الأرض


  وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمّد وآله الطّيبين الطّاهرين
.
..
...
....

.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق