بسم
الله الرحمن الرحيم
اللهم
صلي على محمد وآل محمد
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
كشف
المؤامرة الربانية -3
جنود
العقل والجهل
عن
أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبدالله عليه
السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبوعبدالله عليه السلام:
اعرفوا
العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا،
قال
سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا،
فقال
أبوعبدالله عليه السلام:
إن
الله عزوجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له:
أدبر فأدبر،
ثم
قال له: أقبل فأقبل،
فقال
الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي،
قال:
ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا
فقال
له: أدبر فأدبر،
ثم
قال له: أقبل فلم يقبل
فقال
له: استكبرت فلعنه،
ثم
جعل للعقل خمسة وسبعين جندا
فلما
رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة
فقال
الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به
فأعطني
من الجند مثل ما أعطيته
فقال:
نعم
فإن
عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي
قال:
قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا
فكان
مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند:
الخير
وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل
والايمان
وضده الكفر،
والتصديق
وضده الجحود،
والرجاء
وضده القنوط،
والعدل
وضده الجور،
والرضا
وضده السخط،
والشكر
وضده الكفران،
والطمع
وضده اليأس،
والتوكل
وضده الحرص،
والرأفة
وضدها القسوة،
والرحمة
وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، .................. بقية الجنود
فلا
تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن
الله قلبه للايمان،
وأما
سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل
وينقي من جنود الجهل
فعند
ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء،
وإنما
يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته
ومرضاته........ إنتهى
هذه
الرواية الشريفة الصادرة من نبع الحكمة المحمدية تصف لنا أول ظهور للروحانية
وتصف
لنا أول لبنة من لبنات الخلق
وأوّل
خلقين روحانيين خلقهما خلقهما متضادين بشكل كامل،،
لقد
خلق الأضداد أوّل ما خلق، فبدون الأضداد لا يمكن ظهور المعاني ،أي معاني لا يمكن
ظهورها أبدا
لنفترض
أن الله خلق فقط الجنة وجعلنا فيها ، وحينها فإننا لن نستمتع بها ولن نعرف قيمتها
ما لم ندخل جهنم ونختبر جميع مشاعرها ونصبح خبراء أيضا بتلك المشاعر وحينها فإننا
سنخرج منها لندخل الجنة سنعرف تمام قيمتها ومعناها
جنود
الجهل هي التي تجعل الحياة ممكنة على هذه الأرض (جهنم) بالصورة التي نعرفها
ونستمتع بها كل يوم
أخرج
جنود الجهل من المعادلة ستصبح الحياة بالنسبة لنا على هذه الأرض مملة لا طعم لها
أبدا
هنا
أتكلم من مستواى الوجودي الحقيقي في السماء كنفس مطمئنة موجودة أصلا مع روحها ربها
، وبجنة عباد الرحمن
وبجنة
عباد الرحمن سيتبدل معنى جنود العقل هناك، فهناك ستعيش حقائقها التي تخلقت بظاهرها
هنا فعندما تكون في الجنة فلا معنى للصدق وللامانة وللكرم وللشجاعة ولغيرها من
جنود العقل كما نفهمها الآن ، فهناك ستشاهد وستعيش حقيقتها وحينها فأنت كما تعيش
في جنة الاستقرار النفسي الكامل حين تتخلق بظاهر تلك المفاهيم، فأنت حينها في جنة
النعيم حتى ولو لم تأكل ولم تشرب طوال حياتك،،
فكما
ستعيش جنة الاستقرار النفسي هنا بالظاهر من تلك المفاهيم العقلية فإنك ستعيش أيضا
جنة النعيم الحسي حينما ترى وتتحد بحقائقها
فإذا
أخرجت جنود الجهل من المعادلة فلن يبقى سوى جنود العقل وهذه التي قلنا انك ستعيش
حين ستتخلق بها حالة الاستقرار النفسي الكامل وستشعر بنفسك وكأنك في الجنة وهذا هو
ما تشعرب به النفس المطمئنة على الدوام ،، لانها بسعادة دائمة وبنعيم مقيم لأن لا
وجود للنزاع الداخلي بها ابدا ،، فهي تعيش حالة الاستقرار النفسي الدائم لأنعدام
وجود النقائض بها أو معها
فلا
وجود لمشاعر ورغبات الظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية
والحياة والحركة في نفسك،، وهذه هي صفات وخواص وأفعال النفس الحسيّة الحيوانية
الواردة في رواية أمير المؤمنين عن النفس واجزائها حيث جاء بها:
فقال:
يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال:
قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك
بدو
ايجادها عند الولادة الجسمانية
فعلها
الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية
مقرها
القلب
سبب
فراقها اختلاف المتولدات،
فاذا
فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة
فتعدم
صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.
فهذه
النفس الأمّارة بالسوء المنطوية بكيان كل إنسان تجري منه مجرى الدم في العروق
وتحتاج لمحفّز خارجي وداخلي قوي لجنود الجهل المزروعة بها لكي تستطيع أن تعبّر عن
نفسها تمام التعبير،، وبدون وجود هذا المحفّز لجنود الجهل الكامنة بها ستبقى تلك
الجنود خامدة نائمة ،، فبنشاطها فقط ستكون الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة
واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية ممكنة التحقق
وفقط
بوجود جنود الجهل وفاعليتها في كيان الانسان سينخلق النزاع وعدم الاستقرار وتصبح
جهنم واقع محسوس ومعاش
وهنا
تحديدا جاء دور الشر وزير الجهل المذكور في الرواية والذي قَبِل ابليس أن يؤدي
دوره في هذه القصة ، قصة أبينا آدم الذي نحن ذريته
فلا
بد من وجود هذا المحفّز لهذه الاخلاق الكامنة في كلّ واحد منّا ،، فبظهورها فقط
ستظهر الأنا كما نعرفها وبانعدامها ستتحول لصورة اخرى ،،
ولو
لم يبرز إبليس من افراد الملأ الأعلى للقيام بهذا الدور في تحفيز جنود الجهل
المنطوية في النفس الحسية الحيوانية لبرز غيره حينها
ولو
لم يبرز بذلك المجلس غيره وبارادته للقيام بهذا الدور لقام رب العالمين بتكليف من
يشاء من الملائكة او الروح للقيام بهذا الدور ،،،،
ولن
يرفض أيّ ملك القيام بهذا الدور فهم يفعلون ما يُؤمرون
والنفس
البشرية كما انها تحتاج لمحفز خارجي يحفزها للتجند بجنود العقل ويتمثل بالانبياء
والرسل والاولياء
فإنها
ينطوي بها أيضا نفس أخرى هي مسؤولة عن التحفيز والإثارة الداخلية لجنود العقل
المنطوية بها وهي النفس اللوامة وهذا هو وزير العقل ، الخير، المذكور بنفس الرواية
السابقة ،،
وأغلب
الظن أنه المعلم الداخلي المعروف عالميا بالكونداليني والذي هو أيضا موجود داخل كل
إنسان وينشط عند من نرى أنهم اختاروا بإرادتهم أن يجعلوا جنود العقل أنشط من جنود
الجهل
فكل
إنسان يوجد به داعي للجهل وهو وزيره ،، ويوجد به داعي للعقل وهو وزيره
داعي
العقل مع كل إنسان يدعو لله فهو داعي الله
يَا
قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن
ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
فهذا
الداعي موجود مع كل انسان في أيّ زمان
تماما
كما أن داعي إبليس موجود مع كل إنسان وفي أي زمان ،، ومن لا يجب وزير العقل داعي
الله المنطوي في كيانه من الطبيعي انه سيكون قد أجاب إبليس او الشر وزير الجهل
المنطوي كذلك في وجود كل إنسان
عندما
أقول أن إبليس هو وجنوده مكلفون بهذه المهمة فهذا لا يعني اننا يجب أن نتبعه
وجنوده
فتماما
كما أن الدين واتباع داعي الله وجنوده هو عرض لا فرض
فكذلك
اتباع داعي الجهل هو عرض لا فرض
إبليس
دوره هو العرض فقط ،، لا تريد أن تتبعه يكفي أن تقول له شكرا ليس هذه المرة ولا
المرة القادمة ولا التي بعدها ولا التي بعدها ،، هو يعرض علينا فقط جنوده ولا
يجبرنا على اتباعها
تماما
كما أن الأنبياء عرضوا الدين على الناس ولم يجبروا احدا على التدين،،
فَإِنْ
أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا
الْبَلَاغُ
العرض
أو الدعوة ،،، هذه وضيفة جميع الأنبياء
العرض
أو الدعوة ،،، وهذه هي أيضا وضيفة إبليس ورجله
وَمَا
كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا
أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ
فالإنسان
مخيّر باتباع أي منهما ،،، لــــــــــــكن:
وَنَفْسٍ
وَمَا سَوَّاهَا () فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا () قَدْ أَفْلَحَ مَن
زَكَّاهَا () وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا
وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمّد وآله
الطّيبين الطّاهرين
.
..
...
....
.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق