الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

أخترت لكم من كتاب اليوجا المصرى (الجزء الثانى)/





بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أخترت لكم من كتاب اليوجا المصرى (الجزء الثانى) تأليف دكتور مواتا آشبى

جزء بسيط يتكلم به عن القوى الكونية الأولى المعبّرة عن المشيئة الإلهية وكيف أنها مثاني ،،  وأعتقد أنها هي نفسها المقصودة بالسبع المثاني

والسبع المثاني مجموعها أربعة عشر

والقرآن العظيم الذي يجمعهم والمنطوي بهم هو خامس عشرهم

والغيب المطلق الذي لا يوصف لا بموجب ولا بسالب ولا بمحايد هو ربهم الذي خلقهم ويؤوبون جميعهم إليه

بداية الاقتباس:

قبل الخلق لم يكن هناك أى شكل من أشكال الانقسام, فلم يكن هناك مذكر ولا مؤنث مع بدأ أول خطوة فى الخلق ظهرت الأقطاب, فأصبح الخلق هو المؤنث) المستقبل( والخالق هو المذكر )المانح( وكانت تلك بداية ظهور مبدأ الثنائية (Duality) فى الكون.

و لكن من وجهة نظر العلوم الروحانية, الاله واحد ويظل واحد, حتى بعد تجليه من خلال منظومة الثنائيات )التى يعبر عنها ال "نترو") لأن الاله هو المنبع الذى تنبثق منه كل
الأقطاب والثنائيات.

لذلك فان مفهوم "با – نتر " )الكيان الالهى الأسمى ( يتجاوز كل ما يستطيع عقل الانسان أن يصل اليه,و الطريقة الوحيدة لاستيعابه هى عن طريق الرموز.

بالنسبة لعامة الشعب, كان "با – نتر" يتجلى من خلال ثالوث "آمون – رع – بتاح", أو من خلال أوزير, أو حورس, أو حتحور, الخ. وعبر عنه الفنان المصرى القديم من خلال عدة رموز منها قرص الشمس, أو رمز الراية التى تشير الى ال "نترو", وغيرها.

تلك الرموز تعبر عن مغزى روحى عميق جدا وتحوى بين طياتها تعاليم باطنية تتعلق بأصل الانسان وطبيعة الوجود, ولا يجب ان تؤخذ بمعنى حرفى.

كل جانب أو رمز من رموز الألوهية يحمل جزءا من المعرفة الروحانية أشبه بجزء من لعبة ال Puzzle ,و بتجميع أجزاء الصورة وتأملها بعين البصيرة يمكن للانسان أن يطلع على ما خفى من أسرار الكون, وعلى طبيعة الوعى.

ان دراسة كل "نتر" )كيان الهى( على حدة, تكشف لنا جانبا من جوانب المعرفة الالهية و العلاقة بين مختلف ال "نترو" تشكل ما يعرف بالجمع الالهى "باؤت – نترو", وهو مجموعة من الكيانات الالهية التى تعمل معا داخل منظومة واحدة, كتاسوع هليوبوليس, و ثامون الأشمونيين, وثالوث منف وثالوث طيبة.

يكشف لنا الجمع الالهى "باؤت – نترو" أن الكيان الالهى الأسمى محتجب, ولكنه فى نفس الوقت يتجلى فى هيئة ثالوث "آمون – رع – بتاح", كما يتجلى أيضا فى هيئة كل ال "نترو" (الكيانات الالهية) الأخرى كأوزير وحورس وحتحور وايزيس,الخ.

لذلك نجد النصوص المصرية القديمة تصف آمون بأنه واحد, وتعود فتصف بتاح بأنه واحد, ثم تصف رع بنفس الصفة. وفى الحقيقة لا يوجد تعارض بين هذه النصوص, لأن ال "نترو" جميعا برغم تعددها, الا انها تعبر عن الوحدانية لأنها تجليات الكيان الأسمى /الواحد / المحتجب / الذى لا تدركه الأبصار.

علينا أن ننظر لمفهوم الاله بنظرة أشمل وأعمق من نظرة الدوجما الدينية.

فالاله واحد / محتجب / ليس له شكل / وليس بمذكر ولا مؤنث..... ولذلك فلا يمكن معرفته الا من خلال تجلياته, والتى بدأت بظهور ال "نترو" (الكيانات الالهية) التى تنقسم الى مذكر ومؤنث لتعبر عن ما احتجب من صفات الخالق.

ان آمون, ورع, وبتاح, وأوزير, وحورس, وخبرى – رع, وايزيس, وحتحور, و موت, ونوت, وغيرهم, ما هم الا تجليات الألوهية التى لا يدركها البصر ولا العقل الا من خلال تلك التجليات العديدة.

بتأمل مختلف ال "نترو " (الكيانات الالهية) والصفات والوظيفة التى تلعبها فى منظومة الخلق وكيف تعبر هذه الصفات والمبادئ عن أحد الجوانب الخفية للكيان الأسمى (المطلق / اللامحدود) يمكننا أن نصل لمعرفة الاله وأن نكتشف طبيعة الروح.

جاء فى أحد النصوص المصرية القديمة على لسان ايزيس وهى تعلم ابنها حورس من أسرار الخلق أن الأجساد فقط هى التى تنقسم الى مذكر ومؤنث, أما الروح فليس لها جنس كما جاء فى متون الأهرام أن الجسد للأرض, والروح للسماء.

و من هنا كانت مهمة اليوجا هى الارتقاء بالانسان من الوعى المادى الذى لا يرى سوى الجسد الى الوعى الأسمى الذى يدرك وجود الروح ويرى فيها الذات الحقيقية أو الجوهر.

ان علاقة "با – نتر" (الكيان الالهى الأسمى) بثنائية المذكر والمؤنث هى علاقة احتواء, لذلك فان كل "نتر" على حدة – سواء مذكر أو مؤنث – يمكن أن يكون رمزا للكيان الأسمى, و يمكن أن يتحدث بلسان الكيان الأسمى.

على سبيل المثال نقرأ فى أحد النصوص المصرية على لسان ايزيس المحتجبة :-

 *** أنا كل ما كان... وكل ما هو كائن.... وكل ما سوف يكون.... ولن يستطيع أى مخلوق أن يكشف حجابى ***

كما نقرأ أيضا نصا على لسان حتحور تقول فيه انها هى الكيان الالهى الأسمى / الواحد.

و مثل تلك النصوص لن نستطيع استيعابها الا اذا فهمنا أن كل "نتر" (كيان الهى) يعتبر أحد تجليات الكيان الأسمى (المحتجب), أى أنه يعبر عن أحد الجوانب الخفية لذلك الكيان المحتجب.

و كذلك كل الأسماء التى وردت فى كل أديان العالم (المسيح, كريشنا, بوذا, الخ) هى جميعا رموز لشئ واحد هو المحتجب الذى يختفى وراء كل الأسماء والأشكال.

فالاله واحد ومحتجب, ولكن يتجلى فى كل الأشياء. كل الأسماء وكل الأشياء تعبر عنه.

لا يوجد أى تعارض بين مختلف التجليات الالهية.

يمكن لكل انسان أن يختار أى صورة من صور التجليات الالهية ويقدسها باعتبارها هى الاله الواحد, لأن كل صورة من صور تجليات الاله تعبر عنه الاله الواحد المحتجب هو الحقيقة المطلقة الكامنة وراء كل مظاهر التجلى والتعدد.

لذلك فلا يجب على الانسان أن يقف عند تقديس الصورة, وانما عليه أن ينتقل من المظهر الخارجى الى الجوهر الكامن وراءه.

حين تستوعب ذلك وتلمسه بنفسك فى كل شئ حولك, عندها سيصبح بمقدورك أن تلمسه داخلك , فتعى أن الواحد / المحتجب يسكن داخل قلبك وهو جوهرك الحقيقى, وليس ذلك الجسد المادى الفانى.

آمون (المحتجب) على هيئة كبش, وزوجته على هيئة كوبرا

اعتاد الفن الهندى على تصوير التجليات الالهية على هيئة أزواج, مذكر ومؤنث.

حيث يتم تصوير "شيفا" و"كريشنا" عادة مع زوجاتهم "بارفاتى" و"رادها" ترمز هذه الصور للقدرة الالهية التى تتجلى فى الخلق.

و نفس الفكرة نجدها فى الفن المصرى القديم الذى اعتاد أيضا تصوير التجليات الالهية على هيئة أزواج, وفى هذا المشهد نرى "آمون" على هيئة كبش, فى حين تظهر زوجته على هيئة كوبرا يطلق عليها "ايريت".

يمكن لكل انسان أن يختار ال "نتر "(الكيان الالهى) الذى يناسبه حسب درجة نضجه الروحى و حسب الكارما الخاصة به.

هناك العديد من الأديان وطرق اليوجا, لأن البشر يختلفون فى صفاتهم وطريقة تفكيرهم و كذلك الكارما الخاصة بهم.

و من ناحية أخرى, اذا نظرنا الى العالم المادى سنجد أن كل صورة مادية هى أحد تجليات الاله أى أن كل مخلوق - مهما كان وضيعا - هو مقدس والهى ويستحق التبجيل.

و الهدف من كل الأديان وطرق اليوجا المتعددة هو الوصول الى حالة من الرضا الدائم و النظرة المستنيرة للكون التى ترى الاله فى كل شئ حولها.

رموز آمون :-

ان استخدام رموز تصويرية للنترو (المؤنث منهم والمذكر) يعتبر عاملا مساعدا على تطور وعى سالك الطريق (طالب المعرفة الروحاني) وفى نفس الوقت يشكل خطرا يمكن أن ينزلق اليه الطالب.__

فالعقل أداة مدهشة لتحقيق المهام الشبه مستحيلة كمهمة الارتقاء بالوعى.
عندما يثير شئ ما اعجاب العقل وافتتانه, تجد العقل يتشبث به , ومن هنا تنشأ علاقة عاطفية بين الانسان وبين ذلك الشئ ويحدث تعلق ,وهو من أخطر العقبات التى تواجه الانسان على طريق التطور الروحى.

عند استخدام الرموز الدينية التصويرية, يظهر الخطر حين يركز العقل على الصورة بدلا من الجوهر أو المعنى الذى ترمز له تلك الصورة أو ال "نتر" (الكيان الالهى) و بدلا من تقديس تلك الصفات وتنميتها داخل وعيه, قد يقع الانسان فى الفخ ويتوهم أن تلك الصفات تخص تمثال أو صورة أو كيان ما ورائى منفصل عنه, أو تخص شخص ما عاش فى زمن بعيد انقضى وانتهى.

قد ينسى بعض طلاب المعرفة الروحانية أن حورس والمسيح وبوذا ما هم الا رموز لصفات وامكانيات توجد داخل كل انسان,  وليسوا حالات استثنائية.

فى قديم الأزل كان الحكماء يختارون صورا بعيدة عن المعنى الذى ترمز له, لكى لا يتعلق بها عقل المريد, ويستطيع أن يركز على المعنى بدلا من الصورة.

على سبيل المثال, اختار الحكماء الصقر ليكون رمزا لحورس, رب النور , وليعبر عن صفات عديدة كالسماء والرؤية الثاقبة أو الشاملة (البصيرة)  والسرعة.

عندما تنظر الى الصقر, عليك أن تتذكر هذه الصفات وتبحث عنها بداخلك.

عليك أن تبحث عن البصيرة والرؤية الثاقبة التى تفرق بين ما هو حقيقى وما هو زائف,  وسرعة البديهة والحرية, الخ.

للرموز التصويرية أهمية سيكولوجية لا يمكن تجاهلها, فبدون وجود الصورة لا يمكن للعقل أن يوجد أو أن يعمل أو أن يتفاعل مع المخلوقات.

فعقل الانسان يفهم الأشياء بأن يكون لها صورة أولا, ثم يربط بين هذه الصورة وبين الفكرة الت ىتعبر عنها.

على سبيل المثال, عندما تفكر فى شئ مثل "مقعد", فأول ما يخطر ببالك هو صورة ثلاثية الأبعاد لمقعد , وليس حروف كلمة "م – ق – ع – د".

ان وجود الصورة سابق على وجود حروف الكتابة وعلى اللغة المنطوقة التى نستخدمها للتعبير عن أفكارنا.

لذلك تستطيع الكتابة الهيروغليفية وغيرها من أنواع الكتابة التصويرية أن تعبر عن معانى عديدة مركبة, لا تستطيع الكلمات المنطوقة أن تعبر عنها.

بعد انتهاءك من قراءة هذا الكتاب, سيصبح بامكانك استخلاص المعنى الذى يعبر عنه الرمز بمجرد النظر اليه.............إنتهى النقل



وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطهرين

.
..
...
....
.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق