بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحقيقة نقطة في بحر الكذب // 11
العين حين تكلّمت
كاحون: حسنا كيف سنلج في هذه النار؟
الزوجة: أنت ستدخل فيه من يمينه لشماله لتستقر في وسط فص عقله الشمال ومنه
ستفكّر وتحرك نصفه اليمين
وقرينك طالب سيدخل فيه من يمينه لشماله ليستقر بفصّ عقله اليمين ومنه سيفكر
ويحرك نصفه الشمال
حينها توجه
كاحون وطالب نحو النار ليدخلاها ووقفا على جانبيه
وبحركة
متناغمة ولجا به من جنبيه
وبمجرد أن
اكتمل ولوجهما سوية به اتّقدت نيران النار جميعها وتغيرت الوانها وتحددت درجاتها
درجة بعد درجة
أسفلها نار
حمراء
فوقها نار
برتقالية
ويعلوهما نار
صفراء
ويعلوهم نار
خضراء
وفوقهم نار
زرقاء
وفوقها نار
أكثر زرقة
وفوقهم جميعا
نار بنفسجية
لحظات من
الصمت مرّت على كاحون وطالب بعد أن ولِجا في هذا الجسد النوراني الملتهب
كان توقعهما حينها
أن كل واحد منهما كان سينظر من جهة أو من أحد عيني هذا الجسد الناري لكن شيئا من
ذلك لم يحصل ، وبدلا عنه وجدا نفسيهما في مكان مظلم لم يرى فيه كاحون الا طالب
وطالب لم يرى الا كاحون
لم يستمر هذا
الوضع طويلا ، فمن فوق رأسيهما برزت نقطة نور واستمرت بعد ذلك تدريجيا بالازدياد
حجما وبالاستطالة من جانبيها وبالتدور من جانبيها الاخرين ثم بدأت الألوان الجميلة
تبرز شيئا فشيا منها لتحدد معالمها وترسمها
وما هي الا
لحظات قليلة حتى استقر شكل تلك النقطة التي بدأت تتعاظم وتتشكل وتتلون على شكل عين
نورانية جميلة جدا وملونة بكل ما يمكن لهما أن يتصوراه وما لا يتصوراه من الألوان
الجميلة ، وبقيت تلك العين بعد ذلك للحظات تنظر لهما وهي معلقة في الفضاء المظلم
من فوقهما بنظرات كلها حب وعطف وحنان
وأخيرا بدأت
بالكلام معهما قائلة:
هل عرفتماني؟
بمجرد أن سمع طالب الصوت قال: أنت مثال زوجة أبي الاسم المكنون وبنت أبي الظاهر وزوجي التي
تحويني
كاحون بدوره
قال: نعم صوتك هو صوت روحي التي تحويني والتي كلما رجعت من كرة منتهية رجعت إليك
وعشت معك في سعادة غامرة
العين: إذن
عرفتما صوتي بسرعة
طالب: وكيف لي
أن لا أعرف صوتك وأنت زوجي ونصفي الآخر، لكن أين نحن الآن؟ ولماذا تظهرين لنا بهذه
الصورة
العين: كعادتك
تريد أن تعرف كل شيء بسرعة وعلى استعجال
طالب: إذن أعتذر
منك على الاستعجال
العين: لا
تعتذر فستحتاج الكثير منه بعد قليل
لم تترك العين
الفرصة لهما لكي يتحدث أي منهما واستمرت بالكلام قائلة:
قلت لكما أنني
سآخذكما برحلة باطنية تتعرفان بها على نفسيكما وأعرف أنها لم تبدء كما توقعتماها
وهذا شيء طبيعي ، فكيف لكما أن تحيطا علما بما لم ولن تحيطا به خُبرا
طالب: إن كنا
لن نحيط بها علما أو فهما ، فما هي الفائدة إذن من دخولنا معك بهذه الرحلة في هذا
العالم الباطني؟
العين:
ستفهمانها بالرموز ، سأجعلكما تعيشان في عالم كله رموز وعليكما أن تعرفا في
البداية معنى هذه الرموز التي ستريانها من حولكما والتي ستتعاملان مع حقائقها من
خلالها
طالب: لم أفهم
قولك هذا عن الرموز، فوضحيه لنا لو سمحتي
العين: هذه
أمرها سهل جدا، فبالرغم من انكما تتحدثان الأن مع صورة العين التي أمامكما لكنكما
لا تشعران بالغرابة من ذلك أبدا ، وذلك حصل فقط عندما عرفتما أن العين هي رمز لي ،
فبدأتما من حينها وبدون أن تشعرا بأيّ غرابة تتعاملان وتتحدثان معي من خلال حديثكما
مع هذه العين
فأنتما قد فهمتما
طبيعة رمز العين وحقيقة رمز العين ولأي شيء يرمز
ومن حينها
اكتسب الرمز وصورته أهميتهما بالنسبة لكما لأن العين اصبحت رمز واشارة لي أنا
طالب: بالنسبة
لي فأعتقد أنني قد فهمت واستوعبت من هذا المثال تمام ما سألتك عنه، ماذا عنك يا
كاحون؟
كاحون هزّ
رأسه بالايجاب موافقا
حينها سأل
طالب من جديد: لكن لماذا كل شيء مظلم هنا الا نحن؟
العين: كما
قلت لك أن رحلتكم الباطنية هذه هي رحلة بالرموز وقبل أن يظهر أي رمز من أمامك يجب
أن تفهم حقيقته قبل ذلك ، لكي تفهم معناه كل ما وأين ما ومتى ما ظهر لك هذا الرمز
وفي أيّ مرحلة من مراحل هذه الرحلة
فأنت منذ الآن
وحتى نهاية هذه الرحلة ستراني كلما رأيت هذه العين وفي أي مقطع زمكاني منها ،،
وهكذا سيكون حالك مع بقية الرموز وحقائقها التي ستتعرف عليهم واحد بعد الآخر
مرت لحظات
قليلة صمت بها الجميع ، وبدا بها وكأنّ طالب وكاحون قد فهما جميع ما سبق وينتظران
ما سيأتي بعد ذلك
لم يطل
إنتظارهما كثيرا ، فلقد توجه بؤبوء العين باتجاه كاحون الذي كان يقف على يمينها
وقالت له بصوت آمر: إدبر يا كاحون
كاحون بدوره
ومن فوره أدار وجهه واعطاها ظهره وبدء يحثّ الخطى في وسط الظلام مبتعدا عنهما وبقى
يمشي مبتعدا عنهما ولم يتوقف إلا حين سمع صوت العين تقول له توقف فتوقف من فوره
طالب كان ينظر
لكاحون وهو يبتعد شيئا فشيئا عنهما حتى اقترب نوره أخيرا من أن يختفي عن بصره ، و
عصف عقله خلالها ألف ألف سؤال وسؤال عن ما الذي سيحصل الآن ولماذا أمرت كاحون
ابنها وزوجها المفضّل والمدلّل بالابتعاد عنهما وماذا ستفعل به هو حين تنفرد به
بعد ابتعاد كاحون عنهما و و و و
ويبدو أن
العين التي كانت تسمع جميع ما كان يدور في عقل طالب من الأفكار والشك والريبة من
أمرها لكاحون بالابتعاد عنهما أحبت أن تسمع جميع ما في نفسه وتخبُرَ جميع ما في
قلبه فأطالت إدبار كاحون أكثر وأكثر قبل أن تأمره بالتوقف أخيرا ليتوقف وهو مدبرا
بوجهه عنهما
لحظات من
الصمت مرّت سريعة على كاحون بينما مرّت نفس تلك اللحظات وكانها سنوات طويلة على
طالب الذي بدأت مشاعر الغيرة والحسد والشكوك والافكار المظلمة وجميع أنواع المخاوف
من جميع ما هو قادم تلفه وتأكله وتعصف به وتقطع روحه قطعة قطعة
صوت العين قطع
لحظات الصمت بينهم حين ارتفع قائلا: أقْبِل الأن يا كاحون
كاحون بدوره
وبنفس الحركة والسرعة والثبات أدار وجهه وبدء طريق عودته إليهما
نفس الشكوك
والافكار السوداوية بدأت تتلاعب بطالب حين كان كاحون يحث الخطى راجعا نحوهما:
يبدو أنها
غيرت رأيها وتريد كالعادة أن تبقي حبيب قلبها بجانبها بينما ستبعدني أنا الشيطان
وابن إبليس عنها لأقابل مصيري المحتوم وأعيش بعيدا عنها وعن عينيه الجميلتين
الناعستين المدللتين والمرفهتين أسوء ما خططته لي
أخيرا وصل
كاحون ووقف نفس موقفه السابق أمامها عن يمينها
العين: أحسنت
يا كاحون وجزاءا لك سأجعلك وزيرا على 72 جنديا يعينونك في رحلتك الباطنية هذه
بعدها ادارت العين
بؤبؤها نحو طالب وقالت: طالب !!!! أدْبِر أنت الآن
طالب في نفسه:
لقد تأكدت جميع شكوكي الآن ،، إنّها فعلا تريد أن تبقيه بجانبها وتبعدني أنا
الشيطان وابن إبليس عنها، لأنّها تحبه أكثر مني ، ولأنّها تريد أن تقربه منها وأن
تبعدني عنهما وخوفا عليه منّي أعطته من الجمود ما سيستطيع أن يتغلب عليّ بها
إنّها، إنّها،
إنّها، إنّها، إنّها، إنّها، إنّها، وبدأت الأفكار المظلمة تعصف وتتلاعب بعواطف
واحاسيس طالب
لم يقطع تلك
الأفكار من رأسه وخياله الا صوت العين وهي تقول له متسائلة:
أدبر يا طالب
ما لك تقف في مكانك؟
مع نظرات كلها
شك وريبة نظرها مرة للعين وأخرى لكاحون أدار طالب ظهره لهما وبدء يبتعد عنهما بخطوات
خائفة ومترددة وكانه كان يمشي بها لحتفه والأفكار والشكوك والاسئلة تعصف بكيانه
ماذا سيحصل
لي؟ ماذا ستفعل بي؟ لماذا أرجعته وأبعدتني؟ ماذا سينتظرني هناك بعيدا عنهما؟ ماذا
تقول له الآن؟ هل يتآمران عليّ أنا ابن ابليس؟ ما هي خطتهما إذن؟
ماذا؟ ماذا؟
ماذا؟
هل؟ هل؟ هل؟
ما؟ ما؟ ما؟
ومع كل خطوة
كان طالب يخطوها مُدبِـرا كانت الماذات والهلّات والماءات تتوالى مسرعة على فكره
وعقله وروحه ، ولم يقطع سيلها وتواليها على فكره الا صوت العين وهي تقول له: طالب!!!!
توقف الآن
ماذا؟ الآن؟
ماذا تريد مني
أن أفعل الأن؟
ما الذي
سيحصل؟
ما الذي سينتظرني
وسط هذا الظلام؟
صوت العين قطع
سيل أفكاره فأوقف سيل الأسئلة المشككة المتتابعة في عقله: أن أقْبِل علينا الآن يا
طالب
طالب في نفسه
وهو لا يزال يعطيهما ظهره: يبدو أنهما قد انتهيا من ترتيب المؤامرة عليّ واتفقا
على كل تفاصيلها خلال مسيري مبتعدا عنهما
العين تناديه
مرة أخرى: أقْبِل علينا يا طالب
طالب جمد في
مكانه مترددا عن الاجابة لندائها وقد أغمض جفنيه يفكّر كيف يكيد كيده ليردّ كيدهم
فتح جفنه ليرى
نفسه واقف في مكانه والعين فوقه وكاحون يقف بجانبه
العين: تكلم
يا طالب،، ماذا تريد أن تقول؟
طالب: هذا
الكاحون خلق مثلي ولا
فرق ، ولقد كرّمتيه وقويتيه بجنود لا قبل لي وحدي على مقارعته ومقارعتهم جميعا وأنا
ضده ولا قوة لي بهم فأعطيني من الجند مثل ما أعطيتيه
فقالت العين: نعم سأعطيك ما طلبت فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي
قال: قد رضيت
فجعلته العين حينها وزيرا على رأس اثنين وسبعين جندا وجعلتهم جميعا أكفّاء رأسا
برأس لكاحون وللجنود التي أيدته بهم
طالب: لقد قبلت شرطك وأعطيت عهدي قبل أن أعرف رحمتك التي ستخرجينني منها إن
عصيت أمرك وخالفت عهدي
العين: بسبب ترددك وشكّك بي وبعدلي بينكما فإنني جعلت طريقك لبلوغ غايتك
وكمالك طريقا طويلا أطلته أنت بيدك واختيارك حين شككت بي وبعدلي
طالب: وماذا عليّ أن أفعل؟
العين: لا شيء غير الذي طلبته بنفسك لنفسك،، أن تكون ندا حقيقيا له، وأن
تستعين فقط بجنودك الذين أيدتك بهم لتقارع كاحون وجنوده بهم بقيادتك لهم وإمرتك
عليهم
كاحون: وما هو موضوع الصراع بيننا والذي سيتحدد الفائز منّا حين يستولي عليه
العين: أمّ موضع الصراع فانظر أمامك وستراه
من وسط الظلام برزت صورة آدمي يقف بلا حراك لا هو ذكر ولا هو أنثى
واسترسلت حينها العين بكلامهم قائلة: أما فوزك أنت وجنودك بالاستيلاء عليه
ونجاحكم في أيّ كرة من صبغه بألوانكم وصفاتكم فسيعني خسارتكما أنت وكاحون وجنوده سواء
بسواء
طالب: يا ويلتي إذن،، فهذه المعركة وبهذه الطريقة لم أكن اتوقعها أبدا وأنا
الخاسر الوحيد بها
يتبع إن شاء الله
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق