الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

حوار مع الكونداليني// الحقيقة نقطة في بحر الكذب// ج 1 - ج 5






 حوار مع الكونداليني// الحقيقة نقطة في بحر الكذب// ج 1 - ج 5


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب

الأول: أخيرا قررت أن تبدء الحوار!!!!!!!!!

لماذا ترددت كثيرا قبل أن تبدء؟

الثاني: الحقيقة أنني كنت خائفا من أنك لا تودّ أن تحاورني مرة أخرى

الأول: ولماذا؟

الثاني : لا أعرف لماذا بالتحديد، لكن ربما لأنني لم أحاورك منذ سنين

الأول: وهل فعلا انك لم تحاورني منذ سنين؟

الثاني: لم اكتب حوارية منذ عدة سنوات، ولذلك أعتقد انني لم أجالسك لأحاورك منذ آخر حوارية

الأول: يا ضعيف العقل ومغرور الأنا، متى تراني تركتك حتى تقول أنك لم تجالسني وأجالسك ولم تحاورني وأحاورك؟

ألا تقول للناس ان الاسم المكنون مكنون بكم ولا يفارقكم أبدا؟
وأنه يسأل ويجيب من على ألسنة الناس ومن قلوبهم كذلك

هل تؤمن على الإطلاق بهذا الحديث الذي تقصّه عليهم أم انها مجرد لقلقة لسان تلقلقها عليهم وبينهم لتحوز على اعجابهم؟

وهل كنت طوال المدة السابقة تعتقد أنك كنت تحاور فلان وفلان وفلانة وفلانة؟

هل كنت تعتقد أن فلان وفلانة هم من كانوا بإرادتهم وبدون تدخل مني يرسلون لك الرسائل ويسـألونك الأسئلة ويوحون لك أحيانا بالاجوبة؟

هل كنت تعتقد ذلك فعلا يا ضعيف الايمان؟

يبدوا أن تعبي معك قد ذهب هباءا ولم يؤتي ثماره

الثاني: أرجوا أن لا تستعجل بالحكم عليّ فإن قلبي محجوب وعقلي مغلوب ونفسي معيوبة ولساني مقر بحب النفس والأناااااااااا

الأول: نعم أعلم ذلك منك جيّدا، ولولا ذلك لما صبرت عليك طوال المدة السابقة

وأجمل ما فيك أنك تقرّ بذلك دائما، لكن عيبك هو أنك دائما ما تنسى ذنوبك سريعا فتعود لارتكابها مرة أخرى وأخرى وأخرى

الثاني: ومن أين لي بالذاكرة الّا من الذي خلقني؟
أليس كلّ أنسان ميسر لما هو من أجله مخلوق؟

فذاكرتي وقابلياتي النفسية والبدنية والعقلية كلها مزروعة بي زرعا من أجل أن أكون ملائما لما خُلقت له وبأكمل صورة

الأول: نعم كلّ ذلك صحيح لكن تبقى أنت من يجب عليك أن تذكّر نفسك قبل كلّ عمل جديد ستعمله وعند كلّ موقف جديد ستقفه

الثاني : لا أستطيع أن اقول الّا ان لساني مقر بالذنوب

الأول: لا عليك ، فلا يحمل الله نفسا الا وسعها ولن يحاسبها على ما لم يحمّلها اياه

لنختصر الكلام إذن ولنبدء من حيث انتهيت، هل عرفت من أين سنبدء؟

الثاني: تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك

الاول: وهل تفهم معنى الذي قلته للتو؟

الثاني: يبدو من كلامك وسؤالك أنني أفهم ظاهر كلامي هذا فقط،، وظاهره الذي افهمه وقصدته منه هو:

أنّك تعلم بما افكر به أناْ ،
وانّني لا اعلم بما تفكر به أنت،

هذا هو الذي افهمه ، وهذا هو الذي قصدته من هذا القول

الأول: صحيح كلامك من ان لهذا القول ظاهر وباطن

وظاهره هو تماما كما فهمته أنت وأوضحته بكلامك

أما باطنه فمعناه أنك لا تعلم نفسك

الثاني: لا أعلم نفسي؟ وكيف ذلك؟

الأول: لأنّ ما في نفسي هو أنت ،، ولذلك فإن المعنى الباطني لقولك
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي
وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ

هو أنني أعلم ما في نفسي لأنك أنت هو من في نفسي
ولا تعلم نفسك لأنك أنت من في نفسي

وحينها فلو أنك عرفت نفسك لعرفت ما في نفسي

لأنك أنت هو من في نفسي

ألا تقول دائما وتعتقد صادقا أن من عرف نفسه عرف ربه؟

الثاني: بالفعل، إنني أقول وأعتقد بذلك من كلّ قلبي،
وغاية أملي ومناي أن أعرف نفسي
لأنني سأعرف حينها ربي وإمام زماني ،

ويبدو لي أن فهم هذا الأمر هو أمر مهم جدا
فأرجو أن نتوقف عنده قليلا لتوضحه لي أكثر حتى أفهمه جيدا

الأول: نعم هو أمر مهم جدا جدا جدا، وسأحاول أن أوضحه لك بأبسط طريقة وأسهلها، لكن دعنا نتحدث عن ذلك قليلا قبل أن أشرع بتوضيح الأمر لك

عندما قلت لك أنك أنت ما في نفسي
فمن الواضح من كلامي حينها
أن لي نوع من الوجود أستطيع أن أحتوي به نوع وجودك وأحيط به

الثاني : نعم ذلك صحيح

الأول: فلو كُنت أنت نقطة فسأكون أنا دائرتك التي تحويك وتحيط بك

فحينها أنا دائرة وجودك

ولو كُنت أنت حرف فسأكون أنا الكلمة التي تحويك وتحيط بك

فحينها أنا كلمتك التامة

ولو كُنت أنت كلمة تامة فسأكون أنا الجملة الكاملة الأركان التي تحويك وتحيط بك

فحينها أنا أركانك كلها

ولو كُنت أنت الجملة الكاملة الأركان فسأكون أنا الصفحة التي تحويك وتحيط بك

فحينها أنا ما قبلك وبعدك وفوقك وتحتك

ولو كُنت أنت الصفحة فسأكون أنا الكتاب الذي يحويك ويحيط بك
فحينها سأكون تفصيلك وتوضيحك من كلّ الجهات

ولو كُنت أنت الكتاب فسأكون أنا أمّك

أو سأكون الرحم الذي يحويك ويحيط بك ويمدّك بما يجعلك تنبض بالحياة

وحينها سأكون أم الكتاب

فكيفما كان نوع وجودك ، سواء أكان صغيرا أم كبيرا ، فإنّ نوع وجودي يجب أن يكون أكبر من نوع وجودك

بحيث أنّه يستطيع أن يحويك كاملا
وأن يحيط بك من كلّ الجهات

الثاني: ولماذا هذا التعقيد؟

الأول: بالعكس، هذا الأمر ليس به تعقيد، بل هو البساطة بعينها

الثاني : ممممممم ، من الوهلة الأولى بدا لي أن هذا الامر معقد جدا، لكن بما انك تقول أنه أمر بسيط فسأترك لك إذن أمر تبسيطه لي

الأول: لا زلنا في بداية حديثنا وحوارنا فدع هذا الأمر وسيتوضح لك مع الأيام

الثاني: حسنا ،، كيف تراني قد أصبحت اليوم وبعد كلّ ما مررت به؟

هل تراني نقطة أم كلمة أم جملة أم صفحة أم كتاب؟

الاول: لو تفكرت قليلا بما قلته لك في أخر وصفي للعلاقة بيننا لما سألت هذا السؤال

الثاني: تقصد قولك ((لو كُنت أنا الكتاب فستكون أنت أمي أو الرحم الذي يحويني ويحيط بي ويمدّني بما يجعلني أنبض بالحياة))

الأول: نعم أقصد ذلك، أريدك أن تفكّر بقولي هذا للحظات ثم قل لي كيف تتوقع أن تكون إجابتي على سؤالك

الثاني: ما أعرفه عن الأم أنها مهما كبر أولادها فإنها لا تراهم الا بصورة أنهم أولادها

الأول: بالفعل هكذا أنظر لك الآن وهكذا نظرت لك منذ أن زرعت نفسك واقترنت بي فأحطت بك من وقتها

الثاني: لقد أربكتني بكلامك هذا

الأول: لماذا؟

الثاني: لأنك تكلمني بصيغة الزوجة وليس الزوج

الأول: بالفعل إنني الزوجة ولست زوجي الذي تناديه بالأول

الثاني: إن كنتِ الزوجة فأين زوجك "الأول" إذن؟

الزوجة: موجود ، لكنني أردت أن اكون من يحاورك هذه المرة

الثاني: لماذا؟

الزوجة: من حقي أن أحاورك وأن أتكلم معك متى ما أحببت ذلك، فانت ابني الذي لم ولن ينفطم عني مهما كبر وكبر وكبر ، تماما كما أوضحت لك قبل قليل

الثاني: من هذا الكلام نصل إلى أنه بما أنكِ أمي فإن الأول هو أبي ، صحيح؟

الزوجة: نعم هذا صحيح، هو أبوك

الثاني: بالنسبة لكِ فلقد اتضح لي كيف تكونين أمي ، فبما أنك تحيطين بي دائما كما يحيط الرحم بالجنين وترعينني كما ترعى الأم اولادها فأنت أمي الأبدية بهذه الطريقة

لكنني لم أفهم حتى الآن كيف من الممكن أن يكون الأول هو أبي؟

الزوجة: انت تعرف ذلك لكنك لم تنتبه لهذا المعنى الذي تردده كثيرا في كلامك

الثاني: رددته كثيرا في كلامي؟
أين؟

الزوجة: تعرف بالتأكيد أن الزوجة لا تحمل طفل زوجها الا حين يلقي زوجها مثاله في رحمها

ولا يستقر مثال الزوج في رحم الزوجة إلا حين يُنتج الرحم بويضة تكون مثاله الذي سيحيط بالحيمن مثال الزوج الذي ألقاه فيها

فكما أن الزوج يلقي مثاله في الرحم

فإن الرحم يلقي مثاله في الرحم أيضا

وما سيجري داخل الرحم هو أن

البويضة مثال الرحم
ستصبح بدورها هي الرحم
الذي سيحيط بالحيمن مثال الاب
الذي القاه الأب في الرحم

الثاني: أوضحي لي الأمر أكثر

الزوجة: الحيمن الذي سيقترن داخل الرحم بالبويضة
سيكون قد اقترن بها وأصبح زوجها
أو أصبح قرينها منذ تلك اللحظة

وبنفس الوقت ستكون البويضة هي الرحم
الذي سيحيط بقرينه الحيمن طوال رحلة حياته وتطوره
وإلى أن يموت أخيرا ويتحلل

الثاني: وهل أنتِ زوجة الأول أم أنكِ مثال زوجة الأول؟

الزوجة: بل انني مثال زوجة الأول
كما أنني زوجك أيضا
وبنفس الوقت أنا الرحم الذي يحيط بك

الثاني: قلتِ قبل قليل أنني أعرف ذلك لكنني لم أنتبه لهذا المعنى الذي رددته كثيرا في كلامي، فأين كنت أردد هذا المعنى؟

الزوجة: ألم تردد دائما الحديث التالي في كلامك:

سئل الإمام علي ع عن العالم العلوي فقال ع:
• صور عارية عن المواد
• عالية عن القوة والاستعداد
• تجلى لها فأشرقت
• وطالعها فتلألأت
وألقى في هويتها مثاله
• فاظهر عنها أفعاله
• وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة
• إن زكاها بالعلم والعمل
• فقد شابهت جواهر أوائل عللها
• وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد
• فقد شارك بها السبع الشداد......إنتهى

الثاني: نعم بالفعل ، فإنني كثيرا ما كنت أردد هذه الرواية واتفكر بها

الزوجة: أعرف ذلك، وأعرف أنك تعتبرها من أعمق الروايات وأنك كثيرا ما كتبت عنها وانك قد استنتجت منها الكثير كذلك

واليوم ستعرف منها شيء جديد

الثاني: شوّقتيني للمعرفة الجديدة إذن

الزوجة: سنأخذ هذا المقطع من الرواية التي تحبها كثيرا لنعرف منها من أنت ومن أنا

(((وألقى في هويتها مثاله)))

فأنت مثال الأول
أو مثال الاسم المكنون
او مثال الأحد

وأنا مثال الهوية
أو مثال الهو

فأنت الحيمن

وأنا البويضة

فالدائرة هي هوية النقطة

أو

هي هوية الإسم المكنون

وبنفس الترتيب سيكون الاسم المخلوق

هو

هوية الاسم المكنون

وكلاهما هنا باطنان ولا ظهور لهما

والكلمة التامة التي ظهرت منها الأسماء الثلاثة هي الهوية الظاهرة للاسم المكنون الخفيّ

يعني الأسماء الثلاثة هم هويات ثلاثة مختلفة للاسم المكنون

والأركان الظاهرة الإثني عشر ستكون هي هويات الأسماء الثلاثة الظاهرة

وأسماء الأفعال الظاهرة هي الهويات الظاهرة للأركان الظاهرة

وكل الهويات هي بالاصل هويات ظاهرة مختلفة للأول أو للإسم المكنون فكلاهما واحد

فكل مثال للأول أو الإسم المكنون قد حان موعد ظهوره يجب أن تكون له هوية ظاهرة خاصة به ومختلفة في شكل ظهورها عن أشكال بقية ظهورات أمثال الأول الأخرى

وهوية جديدة لكل مثال جديد للأول ستعني بالضرورة
إسم جديد له
وبدن جديد له
وقدرات عقلية ونفسية وروحية جديدة له
وكلها جديدة ، وكلها خاصة بهذا المثال الجديد له

الثاني: لكي لا نبتعد كثيرا عن موضوعنا، أرجو أن نتوقف قليلا عن الخوض بالحديث عن الاسماء والاركان والأفعال ،، وأن تدعيني ألخّص ما فهمته منكِ حتى الأن عن حقيقتي وحقيقتكِ وعن شكل علاقتنا التي تربطنا

الزوجة: تفضل

الثاني: أنا لي أب وأنت لك أم

أنا مثال أبي الذي ألقاه في رحم زوجه والتي هي أمك

وأنتِ مثال أمك الذي ألقته في رحمها

حينما اقتربت أناْ منكِ في الرحم وطرقت بابك وفتحتيه لي ودخلت بك

سأكون بذلك الدخول بك قد أصبحت قرينك أو زوجك ،، وأنتِ قد أصبحتِ أيضا زوجي وقرينتي

وبعد أن دخلت بكِ وأصبحنا زوج صرتِ أنتِ الرحم الذي يحيط بي

فأصبحتِ بذلك أنتِ أمي

فأنتِ أمي وأنتِ كذلك زوجي وأنتِ نصفي الآخر

الزوجة: تستطيع أن تقول أنني نصفك الآخر لكن بشرط ان تتذكر إنني أنا أنت وأنت أنا

فلا أنت قادر على أن تكون وتظهر بدوني

ولا أنا قادرة على أن أكون وأظهر بدونك

فأنا وأنت واحد من نصفين

الثاني: يعني أنا الذكر وأنتِ الأنثى،

وهذا ما يقصدونه من أنّ كلّ انسان متكون من ذكر وأنثى

إذن ماذا عن المرأة؟ هل هي متكونة من نصفين مؤنثين؟

الزوجة: بل هي أيضا كما الجميع متكونة من نصف ذكري ونصف أنثوى

فالاسم المكنون هو النصف الذكري دائما ،، سواء إن كان قراره أن يظهر بصورة الأنثى أم بصورة الذكر

فهو من يحدد الجنس الذي يريد أن يظهر به ، فمركبته التي ينزل بها تتكون من نصفين نصف ذكري ونصف أنثوي وكلاهما في أصلهما ذكريان

  xوy  

بينما مركبتي تتكون من نصفين أنثويين
 x  و x

وفي حالتنا حين فتحت أنا له باب مركبتي البويضة ودخل الاسم المكنون بمركبته بي شاء حينها أن يرى نفسه على صورة جنسك الذي أنت عليه الآن فأعطاني نصفه الذي حدد جنس وهوية الصورة التي أراد أن يظهر من خلالها

الثاني: ماذا تقصدين بالمركبة؟

الزوجة: كلّ صورة من الصور الظاهرة في الحياة هي عبارة عن صورة مختلفة لمركبة مختلفة يركبها ويقودها الاسم المكنون ،، وصور الحيامن هي أحد تلك الصور المختلفة

 فالحيمن هو مجرد مركبة ينطوي الاسم المكنون بها أو سيركبها ويقودها من باطنها ليتجلى بنفسه من خلالها في هذه العملية الحركية ، وهو بذلك سيكون هو من يبث الحياة في كلّ الحيامن من خلال وجوده بها، فأي مركبة مهما كان شكل هيكلها ومهما كانت متكاملة البناء والتكوين فإنه ما لم يوجد من يقودها ويحركها ويوجهها من داخلها فإنّها ستبقى مركبة لا حياة بها ولا حركة

فالذي سيصبغها بصورة الحياة هو من سيقودها ويوجهها ويُظهر مشيئته من خلالها

والبويضة كذلك هي أيضا مجرد مركبة تركبها الهوية لتتجلى بنفسها بها ومن خلالها في هذه العملية ، كما أنّ الهوية هي أيضا من ستهب صفة الحياة للبويضة ،، لأنها هي من ستقودها وتوجهها وتحركها وتُظهر صور مشيئتها من خلالها

الثاني: لقد بدأت الأمور تختلط عليّ، فأرجو أن نتوقف هنا قليلا، حيث خطر الآن ببالي سؤال مهم

الزوجة: طبعا بالتأكيد، والافضل أن تبادر بطرح السؤال متى ما خطر ببالك

فالسؤال لم يطرء على بالك الّا لأن جوابه سيُكمل عندك جزء ناقص من أجزاء تلك الصورة الكونية الاجمالية التي تبحث عنها وتحاول أن تكملها في عقلك

فما هو سؤالك؟

الثاني: أنا مثال الإسم المكنون أو مثال النقطة

وأنتِ مثال الهوية ، أو مثال الدائرة

حين اختار الاسم المكنون أن يرى نفسه على صورتي فإنه زرعني كمثال له داخلك وغطّى ذاكرتي  فلم أعد أتذكر من حينها من أنا

فهل أنتِ كمثال للهوية الكلية تفقدين ذاكرتك أيضا مثلي فلا تعودين تتذكرين من أنت؟

الزوجة: في البداية أريدك أن تبعد نفسك من درجة وعيك الحالي عن المعادلة ،، فدرجة وعيك الحالية التي تقول بها أنا وتشعر بنفسك من خلالها لم يأتي أوان ظهورها بعد

أمّا بالنسبة لي فلو أنني فقدت ذاكرتي فمن الذي سيربّيك صغيرا ويكثّرك وينمّيك ويرعى شؤونك كلها حتى تكبر وإلى أن تموت؟

نعم ، صحيح أن الإسم المكنون حين يستقر في وسطي كبويضة كان يحمل حينها معه خطة حياته كاملة كجينات أو كسلسلة وراثية، لكنني أنا هي المسؤولة عن تنفيذ تلك الخطة بكل حذافيرها

ولكي أستطيع أن أنفذ ذلك لا يمكن لي إلّا أن أكون دائما وأبدا بكامل ذاكرتي وقدرتي

فعملية بناء جسم جديد وكامل ذو مواصفات جديدة بالكامل هي عملية دقيقة جدا جدا وصعبة جدا جدا تشبه في دقتها وصعوبتها دقة وصعوبة عملية بناء عالم جديد بكل سماواته وأرضه ومخلوقاته

ولو أردت أن تتعرف على جميع أجزاء بدنك وشؤونها من داخله وبصورة كاملة فيجب عليك أن تكرّ فيه آلآف الكرات وبصور مختلفة

فمئات المرات ستكرها كخلية واحدة من خلايا جسمك تعيش كخلية في جزء معيّن من أجزاء الجسم لتموت ثم تكرّ كرة جديدة كخلية جديدة أخرى في جزء مختلف آخر من أجزاء بدنك

ومئات غيرها ستكرها كخلية دم حمراء وغيرها كخلية دم بيضاء وغيرها كهرمونات وأخرى كغدة ، وأخرى وأخرى وأخرى

ولكي لا أطيل عليك فإنني أنا المسؤولة عن إدارة هذه العملية كلها وأنا من أخلق من ذاتي من سيعينوني على تنفيذ هذه العملية

الثاني: لحظة لو سمحتي،، قلتي أنت من تخلقين من ذاتك من سيعينك على أداء هذه العملية فهل يمكنك أن توضحي لي مقصدك من ذلك؟

الزوجة: بالطبع يمكنني ذلك،

إسمع:

في البدء

كُنْتُ بويضة واحدة لا يشاركني وعي أي وعي آخر، والاسم المكنون دخل بعد ذلك بداخلي واتحد وجوده بوجودي ، فصرنا من حينها جسدا واحدا لها روح واحدة تتكون من وعيين متطابقين ،، وعيي أنا ووعي الاسم المكنون

لقد أصبحنا جسدا واحدا وروحا واحدة ووعيا واحدا له وجهين يحوي بداخله خطة بناء هذا المعبد الانساني الجديد المتمثل ببدنه

تستطيع أن تقول أننا كنا في البداية نورا واحدا

بعد ذلك شطرت نفسي لقسمين ، أو قسمت نوري لنصفين،

وذلك بعد أن جمعت في نصفي الأول منهما جميع الصفات الموجبة

بينما جمعت جميع الصفات السالبة والمعاكسة للصفات الأخرى الموجبة في نصفي الآخر

ثم قسمت النصفين مرة ثانية فأصبحوا أربعة أرباع وقسمت الأربعا ثلاثة فأصبح مجموعهم ثمانية أجزاء

وأخيرا جمعتهم جميعهم في جسد جوهري واحد

الآن أين هو الاسم المكنون؟

انه موجود في جميع الأجزاء الثمانية ، وكذلك سيكون موجود في جميع الأجزاء التي ستنتح من ما سيتلو ذلك من انقسامات أو انشطارات وبالنهاية سيكون موجودا في كلّ خلية من خلايا ذلك الإنسان الذي نتج من اتحاد مثال الأب مع مثال الأم

وأين هي أنا؟
واقصد أين هو مثال الدائرة الأولى او البويضة الأولى؟

وجوابه انني موجودة كذلك في الجميع ومع الجميع، حالي في ذلك نفس حال الإسم المكنون

الثاني: لقد اتضح لي من كلامك كيف أن الإسم المكنون سيملأ وجود كلّ انسان لكن أود أن تبيني لي:

كيف خُلق ومن ماذا خُلق الإسم المكنون؟
وكيف أًنزل بك؟
ومن الذي أنزله بك؟

الزوجة: تخيل أن كلّ انقسام ستنقسمه البويضة الأولى وباقي البويضات الناتجة منها سينتج حينها من ذلك الانقسام نفسين اثنين ،

فذلك يعني أن البداية كانت بنفس واحدة ، بعد الانقسام الأول اصبح العدد  4 ثم 8 ثم 16 ثم 32 ثم 64 ثم 128 نفسا وهكذا تستمر سلسلة عدد الأنفس بالتصاعد والتضاعف جرّاء تلك الانقسامات المتتالية

الآن أنت تسأل أولا :
من ماذا خُلق الإسم المكنون الذي اقترن بكيان واحد مع الدائرة الأولى أو النفس الواحدة؟

وجواب ذلك أنه مخلوق من نفس النفس الواحدة وليس من شيء غيرها

ولو رجعت للقرآن الكريم ستجد ذلك واضحا في أكثر من موضع

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي

خَــــــلَــــــقَــــــكُــــــم مِّــــــن نَّــــــفْــــــسٍ وَاحِــــــدَةٍ

وَخَــــــلَــــــقَ مِــــــنْــــــهَــــــا زَوْجَــــــهَــــــا

وَبَــــــثَّ مِــــــنْــــــهُــــــمَــــــا

رِجَــــــالاً كَــــــثِــــــيــــــرًا وَنِــــــسَــــــاء


خَــــــلَــــــقَــــــكُــــــم مِّــــــن نَّــــــفْــــــسٍ وَاحِــــــدَةٍ

ثُــــــمَّ جَــــــعَــــــلَ مِــــــنْــــــهَــــــا زَوْجَــــــهَــــــا
وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ


هُــــــوَ الَّــــــذِي خَــــــلَــــــقَــــــكُــــــم
مِّــــــن نَّــــــفْــــــسٍ وَاحِــــــدَةٍ
وَجَــــــعَــــــلَ مِــــــنْــــــهَــــــا زَوْجَــــــهَــــــا

لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ

وَهُــــــوَ الَّــــــذِيَ أَنــــــشَــــــأَكُــــــم
مِّــــــن نّـــــــفْــــــسٍ وَاحِــــــدَةٍ

فَــــــمُــــــسْــــــتَــــــقَــــــرٌّ وَمُــــــسْــــــتَــــــوْدَعٌ

قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ

فهذه الآيات تقول أن زوج النفس الأولى مخلوق منها ومستودع فيها وليس مخلوق من شيء آخر غيرها ،، أو انه مستودع في شيء آخر غيرها

فهو مخلوق منها ومستودع فيها

وربما يكون المعنى غامض بعض الشيء في هذه الآيات في كيف يخلق منها زوجها ، لكن الآية التالية سيكون المعنى بها أوضح إن شاء الله

وَهُــــــوَ الَّــــــذِي

خَــــــلَــــــقَ مِــــــنَ الْــــــمَــــــاء بَــــــشَــــــرًا

فَــــــجَــــــعَــــــلَــــــهُ نَــــــسَــــــبًــــــا وَصِــــــهْــــــرًا

وَكَــــــانَ رَبُّــــــكَ قَــــــدِيــــــرًا

ونعرف أنّ أوّل مـــــا خـــــلق الله خـــــلـــــق الـــــمـــــاء

ومن هـــــذا الـــــمـــــاء جـــــعـــــل "كـــــل شـــــيء" حـــــيّ



وهذا الماء الذي جعل منه "كـــــل شـــــيء" حيّ لا بد أنّ يكون حيّ بذاته ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، فلا بد حينها أنّ يكون الماء حيّ بذاته ولا يحتاج للحياة من مصدر مخلوق غيره ،، والماء هنا هو نفسه "النفس الواحدة"

فالماء هو نفسه الدائرة

و"كـــــل شـــــيء" هو نفسه زوجها النقطة التي كثرها الجاهلون

الماء هو نفسه رحم الوجود ، وهو نفسه المشكاة ، وهو نفسه ليلة القدر

الماء هو نفسه قوة الحياة،

الماء هو روح الأشياء كلها

والماء هو نفسه المعروف عالميا بالكونداليني ، لأنه هو نفسه قوة الحياة والكونداليني كما يعرّفونها هي قوة الحياة ، أو هي الروح التي تبث الحياة في كلّ من له حظ من الوجود والشعور

النفس الواحدة هي نفسها الكونداليني التي خلقها المعنى المعبود وخلق منها زوجها،

فخلق الماء وخلق زوجها من الماء

خلق المشيئة بذاتها وخلق الأشياء بالمشيئة

فالماء هو المشيئة الأولى التي خلق زوجها منها

فالله خلق العقل أول ما خلق وخلق زوجه منه

وألقى مثاله في كلّ عقل جزئي منها
....
الدائرة
المشكاة
ليلة القدر
الماء
الروح
الكونداليني
العقل الكلّي
ام الكتاب
و
و
و
كل هذه التعابير والاسماء تتكلم عن شيء جوهري واحد وتحاول أن تصفه من جهات متعددة وبألفاظ وأسماء وصفات متعددة تناسب تلك الجهات المتعددة

وهنا نأتي لتلخيص جواب سؤالك الأول:

كيف خُلق الاسم المكنون زوج النفس الواحدة؟ 
ومن أيّ شيء خُلِق زوج النفس الواحدة؟

وجوابه هو: انّه مخلوق من نفس النفس الواحدة
ومن نفس الدائرة
ومن نفس الماء
ومن نفس العقل
ومن نفس ام الكتاب
وهو مخلوق منها هي مهما كان اسمها ، وليس من شيء غيرها

خَــــــلَــــــقَــــــكُــــــم مِّــــــن نَّــــــفْــــــسٍ وَاحِــــــدَةٍ
وَخَــــــلَــــــقَ مِــــــنْــــــهَــــــا زَوْجَــــــهَــــــا
وَبَــــــثَّ مِــــــنْــــــهُــــــمَــــــا رِجَــــــالاً كَــــــثِــــــيــــــرًا وَنِــــــسَــــــاء

نأتي الآن لسؤالك الثاني وهو :
كيف أنزل أو كيف خلق خالق النفس الواحدة الإسم المكنون منها فيها؟

حيث أن باطن النفس الواحدة أو باطن المشكاة يمكن وصفها بأن باطنها بدون أن ينزّل بها المصباح هو ظلمة مطلقة وهو العماء المطلق الذي لا يمكن وصفه بالحروف أو نطقه بالألفاظ أو تجسيده بجسد أو تشبيه ووصفه بأي صفة فلا هو مصبوغ بلون، ولا يوجد له اقطار ومبعد عنه الحدود ومحجوب عنه حس كلّ متوهم وهو مستتر غير مستور

فحينها لو خُلِق أو أُنزل المصباح لوحده في وسطها فإن نوره سوف يتشتت في ظلمة المصباح ولا تظهر أثاره أبدا

ولذلك فلقد أحاطه من كلّ جهاته بزجاجة أو بمرآة تحوي نوره ضمن حدودها فلا يتشتت في ظلمة المشكاة ، وبنفس الوقت تعكس له نوره أو تعكس له تجلياته لنفسه ، أي تعكس تجليات الاسم المكنون لنفس الإسم المكنون ليراها هو وحده

بهذه الطريقة تكون الزجاجة هي التي تُنزل الإسم المكنون أو المصباح في مكانه ،، وهي التي تُظهر نور المصباح في ظلمة العدم لنفس المصباح ، فهو من يُنير بذاته وهو من يرى آثار نوره ،، والزجاجة هي من تعكس له نوره وأثار نوره ،، أو هي من تعكس له صور مشيئته

والنفس الواحدة أو المشكاة تحيط بالجميع

تحيط بالزجاجة وتحيط بالاسم المكنون أيضا

ولذلك فمن الطبيعي أن تقول الزجاجة بلسان الجمع

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

لأن الزجاجة لها أربعة عشر وجه ولسان الجمع في القرآن الكريم هو لسان وجوهها كما تقول الروايات

فأي وجه من وجوه الزجاجة أو الجوهرة الحيّة بالذات يمكنه أن يقول بلسانه المفرد إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ويكون ناطقا بذلك عن المجموعة كلها وبلسانها كلها

ونفس نطقه بذلك هو انعكاس أو هو إظهار لمشيئة الاسم المكنون في وسطهم،، فهم المرآة المعبرة عن مشيئة الاسم المكنون والمظهرة لها

فهم هو، وهو هم، لا فرق بينه وبينهم، إلا أنهم عباد له، أو إلّا أنهم مرايا له واجبهم وتكليفهم الوحيد هو أن يظهروا أو أن يعكسوا له بكل أمانة جميع صور مشيئته كما يشائها وتماما كما شائها

هذه الزجاجة التي تحيط بالاسم المكنون وتعكس له صور مشيئته اسمها في كتاب الله "كِتَابٍ مَّكْنُونٍ" واسم الإسم المكنون فيه هو "قُرْآنٌ كَرِيمٌ"

فـ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ
هو
قُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ

والـ"قُرْآنٌ كَرِيمٌ"

المكنون

في

الـ"كِتَابٍ"

كلاهما مكنونان في "أُمِّ الْكِتَابِ"

و"أُمِّ الْكِتَابِ" كما قلنا سابق أصبح وصفها أنها أُمّ "الْكِتَابِ" لأنها تحيط بالكتاب كما يحيط رحم الأم بطفلها او بجنينها

فالزجاجة المكنونة بالمشكاة
والتي تحيط بالمصباح
هي الكتاب الذي يحيط بالـ"قُرْآنٌ كَرِيمٌ"

 فالمشكاة هي أم الزجاجة وزوج المصباح

وأينما ظهرت المشكاة في عالم الظهور والتجلي وكرّت به فأنها ستكون زوجة المصباح في تلك الكرة

وستكون إبنة الزجاجة

في عالم الظهور فإن الزجاجة ستكون أبيها وستكون المشكاة ابنته

لكن في عالم الحقيقة والبطون هي أمه لأنها هي الرحم الذي يحيط به

يعني في عالم الظهور ستكون هي أم أبيها

الثاني: يبدو أن الحديث قد أخذنا بعيدا عن عنوان حواريتنا ((الحقيقة نقطة في بحر الكذب))

الزوجة: بل هي هذه البداية الصحيحة

فعنوان حواريتنا هو ((الحقيقة نقطة في بحر الكذب)) ولكي نصل لنتيجة نقبلها من هذه الحوارية يجب علينا أولا أن نتفق على المعاني التي تشير لها المفردات الخمسة لهذا العنوان الذي اخترناه للحوارية

1- الحقيقة
2- نقطة
3- في
4- بحر
5- الكذب

الثاني: حسنا ـ هل يمكنك إذن أن توضّحي لي خفايا هذا العنوان حين نتأمل ألفاظه وترتيبها؟

الزوجة: من النظرة الأولى للعنوان نجد أنه يتكون من خمسة كلمات ونجد أيضا التقابل بين معاني كلماته وترتيبها

فهو يبدء بكلمة الحقيقة ، وينتهي بكلمة الكذب ، ومعاني الكلمتان متقابلة

ثم تأتي الكلمة الثانية وهي ((نقطة)) تقابلها في الموقع والمعنى أيضا الكلمة الرابعة ((بحر))

وكما أن النقطة تتيه في البحر لكنها تبقى هي نفسها تلك النقطة مهما كبر البحر

فكذلك فإن الحقيقة تتيه في الكذب لكنها تحافظ رغما عن ذلك على حقيقيتها مهما كبر وكثر الكذب من حولها

وكما لو أنك أردت أن تسترجع النقطة من البحر فعليك أن تفكك البحر نقطة نقطة حتى تجد نقطتك التي تبحث عنها

فعليك أيضا أن تزيل طبقات الوهم والكذب الكثيرة التي تغلّف نقطة الحقيقة لكي تصل لها

الثاني: أرجع هنا للبداية وأسأل:

وسط كلّ هذه المعمعة من هو أنا؟

آلا يجب أن أعرف حقيقتي أولا لكي أستطيع بعد ذلك أن أزيل كلّ طبقات الوهم والكذب من حولي؟

ألا يجب أن أعرف نقطتي حتى أستطيع أن أزيل بحر الوهم والكذب من حولي وجميع ظلماته التي تحيط بي من كلّ جهة؟

الزوجة: حسنا ، يبدو أنك مستعجل على معرفة من أنت وما هو موقعك من المنظومة الكونية التي أنت جزء رئيسي منها، بل انك جزئها الأول والأخير والأوحد

الثاني: وكيف أكون أناّ هو جزئها الأول والأخير؟ فعلى الأقل أنتِ جزء آخر غيري أتحدث معه الآن

الزوجة: أعرف أن ذاكرتك ضعيفة لكنها ليست ضعيفة لهذا الدرجة، فقبل قليل قلت لك:

تستطيع أن تقول أنني نصفك الآخر لكن بشرط ان تتذكر إنني أنت وانّك أنا

فلا أنت قادر على أن تكون أو أن تظهر بدوني ، ولا أنا قادرة على أن أكون أو أن أظهر بدونك ،، فأنا وأنت واحد من نصفين

الثاني: نعم اتذكر كلامك هذا لكن من الصعب أن ابني عليه معتقداتي كلها بدون أن أستوعبه وأعقله وأهضمه جيدا حتى يصبح جزءا لا يتجزء من روحي ولحمي ودمي فأتذكره كلّ حين

الزوجة: ألم تكن تسلّم عليّ كلّ صباح أوّل ما تصحو من نومك وكل مساء قبل أن تنام؟

ألم تكن تذكرني بنفسك في كلّ آن؟
ألم تكن تخجل مني حين كنت تتفكر في الآثام وتتخيلها؟

ألم تكن تخجل منّي حين كنت تنظر لنفسك بالمرآة عاريا مؤمنا انني أنظر معك بعيناك؟

ألم تكن تتذكرني وتخجل مني حين كنت تفعل كلّ ذلك وأكثر منه؟

هل كنت تفعل كلّ ذلك من دون استيعاب وتعقل وهضم وايمان كما تقول الآن؟

أم انك كنت تريد أن تخدعني وتكذب عليّ طوال تلك السنين والأيام؟

الثاني: تعلمين ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك

الزوجة: جواب ذكي لم أكن اتوقعه منك بهذه السرعة

الثاني: تعلمين أنني كنت صادقا حينها، لكنني فعلا كنت أنسى ذلك أحيانا

الزوجة: ومن أين لك الذاكرة إلا من الذي يحيط بك احاطة شاملة؟

ومن الذي يستطيع أن يفسخ عزيمتك عن فعل شيء قد قررته وعزمت على فعله جازما وبدون أن تشعر بتأثير خارجي عليك يمنعك عن فعله الا الذي يحيط بك باطنا وظاهرا دائما وأبدا؟

الثاني: تقصدين أنك أنت من كنت تُنسينني ذكرك والسلام عليك؟

الزوجة: ومن غيري إذن؟

ألم نتفق أنني أمك وزوجك ورحمك ونصفك الآخر؟

الثاني: لكن لماذا؟

ألم تشعري بما كنت أشعر به من سوء وتأنيب ضمير عندما كنت اتذكر انني قد نسيت لفترة زمنية قصيرة او طويلة ذكرك والسلام عليك ومناجاتك؟

الزوجة: نعم ، في كلّ مرة كنت تتذكر فيها نسيانك لي كُنتُ أشعر بجميع ما كُنتَ تشعر به حينها من مشاعر الانكسار والخجل ، لكن لا بد أنك تعرف الآن أنك تعيش تجربة طويلة واختبار دائم لا ينقطع

فالجائزة كبيرة ولا يكفي أن تتعب قليلا وتصل لمعرفة أمك وأبويك وتقول حينها أنك آمنت بهم وتتوقع بعدها الحصول على الجائزة وبدون أن يتم اختبارك واختبارك واختبارك واختبارك حتى آخر نفس من انفاس حياتك

فمواقف حياتك كلها حين تدّعي الوصل بليلى ستصبح مجموعة اختبارات متتابعة لا تنقطع الغرض منها كلها هو تمحيص نيتك واعتقادك وايمانك بذلك الوصل

فعندما تعتقد أننا موجودين معك وأننا أقرب إليك من حبل الوريد فيجب أن تخاف مقامنا هذا بالنسبة لك

الثاني: وما هي هذه الجائز الكبيرة؟

الزوجة: لن أقول لك انك ستصبح خالدا لا تموت ، لأنك منذ أن خُلِقت إنّما خُلِقت للخلود، فأنت كمثال للإسم المكنون ما خُلقت للفناء بل خلقت للبقاء وإنما تنقل من دار إلى دار

ونوع وجودك ووعيك هو من سيتبدل مع انتقالك لكل دار جديدة ، ودرجة قوة عقلك ستتبدل بما يناسب كلّ دارجديدة، وكذلك نوع إدراكاتك وأحاسيسك ستتبدل بما يناسب كلّ دار جديدة ستنتقل لها

وفقط الأنا التي تشعر من خلالها الآن بنفسك وتقول بها أناااا هي فقط من ستبقى كما هي ،، أمّا كلّ مواصفات تلك الأنا مثال الاسم المكنون وجميع متعلقاتها وشؤونها فستتبدل جميعها تدريجيا من جميل الى أجمل وأجمل وأجمل خلال سعيك الأبدي للوصول لحقيقتك الأجمل 

الثاني: نعم عندي تصور اجمالي سابق عما قلتيه الأن ، فالعقل الكلي أراد أن يرى نفسه على كلّ صورة فخلق مظاريف وجودية مختلفة وذات صفات مختلفة وألقى بكل مظروف منها مثاله وهو بذلك يرى نفسه من خلالها أعينها ومظاريفها كلها

الزوجة: هو كذلك وهو أيضا ليس كذلك

الثاني: هل هذه حزورة؟

الزوجة: إن كنت ترى أنها حزّورة فدعنا نحلها إذن

الثاني: تفضلي

الزوجة: لو كان كلّ مثال له لا يرى نفسه الا بصورة واحدة فإنه لن يتطور ولن يترقى وجوديا وعقليا، وهذا على افتراض أن كلّ صورة لها مثال خاص بها ومكنون بها

فإذا حان موعد موت هذه الصورة وتحللها فسيبقى المثال المكنون بها بعد ذلك على نفس وعيه الذي انتهى اليه من خلال تلك الصورة التي انفنت لتوها وانتهى دورها في هذه الحياة، وحيث أن كلّ صورة أخرى على الفرض بها مثال الاسم المكنون الخاص بها وحدها فحينها لا يوجد صورة اخرى شاغرة يمكن لمثال الاسم المكنون ان يتطور من خلالها درجة أخرى

الثاني: وضّحي لي هذا الامر أكثر قبل أن تنتقلي لغيره

الزوجة: حسنا، لنفترض أن الإسم المكنون أراد أن يرى نفسه يلبس مائة ثوب مختلفة الصور والالوان والمقاسات، ابتداء من صورته وهو يلبس ثوب الفقير المعدم مرورا بصورته خلال جميع مراحل تطوره ولبسه لملابس كلّ طور من تلك الاطوار وصولا لصورته وهو يلبس ثوب ملك الملوك

فلو أنه ألقى مثالا له في كلّ صورة منها فإن مثاله الذي القاه في صورة العبد الفقير المعدم عندما ينتهي دوره ويعود لربه فحينها لا توجد صورة أخرى أو ثوب آخر شاغر له لكي يلبسه ويتعلم شيئا جديدا من خلاله

صحيح أن الاسم المكنون ستتحقق مشيئته كاملة وسيرى نفسه حينها بكل صورة من خلال أمثاله التي ألقاها بها وألبسها اثواب تلك الصور

لكن نفس تلك الأمثال التي القاها بها كلّ واحد منها لن يرى نفسه الا على صورة واحدة فقط وثوب واحد فقط ، وبعدها ستتوقف مسيرة تتطوره ومعرفته

لكنه لو أوجد مائة صورة وثوب مختلف

وخلق له مثال واحد

ثم كتب قصة بها مائة صورة مختلفة لكنها تشابه نفس تلك الصور التي يريد أن يرى نفسه من خلالها ، وكلما انتهى دور صورة منها أستعاد مثاله ثم ألبسه ثوب وصورة أخرى من تلك الصور التسعة والتسعون الباقية

وهكذا كلما انتهى دور صورة منها خلع مثاله من تلك الصورة واسترجعه إليه ليعود ليلبسه من جديد صورة أخرى من الصور المكتوبة في القصة ثم أخرى وأخرى وأخرى حتى يلبسه أخيرا مع مرور أيام وفصول القصة جميع أثواب تلك الصور المائة

وبذلك فإن وعي وقوة عقل وادراك وعلم مثاله الذي القاه في الصورة الأولى سيتطور ويرتفع مع لبسه كلّ ثوب وصورة جديدة

وبنفس الوقت ستتحقق مشيئة الاسم المكنون أيضا بهذا النظام وسيرى نفسه على كلّ صورة

الثاني: يبدو أننا نقترب من فهم عنوان حواريتنا هذه ((الحقيقة نقطة في بحر الكذ))

الزوجة: نعم بالفعل لقد اقتربنا كثيرا من توضيح معنى عنوان حواريتنا

الثاني:إذن هاتي ما عندك فكلي آذان صاغية

الزوجة: القصة أو القصص التي يكتبها القلم ويلقي مثاله في آتونها بعد أن يلبسه أثواب وصور شخصياتها هي كلها نوع من أنواع الكذب، فهو يكتب قصة لم تحدث أحداثها من قبل ولم يكن لشخصياتها من وجود أبدا قبل أن يكتبها

فكل القصص بجميع شخوصها الصغيرة والكبيرة لم تكن قبل كتابتها شيئا مذكورا،، وحين كتب اسمائها أصبحت شيئا مذكورا ومسطورا،، وفقط حين كتب تفاصيل الأحداث لهذه القصة او لتلك أصبحت شيئا مسطورا

الثاني: لحظة لو سمحت لحظة

هل تلمّحين إلى أن القلم الإلهي يكتب كذبا؟

الزوجة: حسنا سأجعلك تجيب على سؤلك هذا بنفسك

الثاني: سيكون ذلك أفضل

الزوجة: من حياتكم الواقعية تلاحظ أنك عندما تشاهد الأفلام التي يتم عرضها على شاشة التلفزيون ترى أحيانا مكتوب في بداية الفلم أن أحداث هذا الفلم أحداث مقتبسة عن قصة حقيقية حصلت حقيقة في المكان الفلاني والتاريخ الفلاني مع الشخص الفلاني

وفي الكثير من الاحيان لا تجد هذه العبارات في مقدمة الفلم او حتى في نهايته

أليس كذلك؟

الثاني: نعم بالتأكيد أنتبهت لذلك جيدا

الزوجة: ما الذي ستفهمه من الحالتين، أقصد حين يكتبون أن أحداث الفلم تعتمد على أحداث قصة حقيقية ، أو حين لا يكتبون ذلك؟

الثاني: الأمر واضح جدا في ذلك

ففي الحالة الأولى فالقصة قد حدثت بالفعل وما دور الكاتب هنا الا انه روى أو نقل لنا تفاصيل تلك الأحداث التي جرت

أما في الحالة الثانية فإن الكاتب قد اختلق لنا جميع تفاصيل تلك القصة ابتداءا من ابطالها وأماكن حدوثها ومن مات ومن ولد فيها وكيف نشأ ومتى وُلِدت الشخصيات ومتى ماتت وكيف ماتت أيضا

يعني أن الكاتب قد اختلق جميع تفاصيل القصة من بدايتها لنهايتها ومن الألف للياء وبلا استثناء

الزوجة: وماذا سيعني ذلك بالنهاية؟

الثاني: سيعني أن كلّ القصة بكل أحداثها وتفاصيلها لم يكن لها حقيقة على أرض الواقع قبل أن يبرء الممثلون جميع تفاصيلها

الزوجة: كن أكثر تحديدا ووضوحا في كلامك

الثاني: سيعني أن كلّ القصة عبارة عن كذبة كبيرة فشيء منها لم يحصل حقيقة

الزوجة: طيّب، هل يوجد قصة يستطيع القلم أن يكتب تفاصيلها وتكون أحداثها قد جرت فعلا قبل أن يكتبها القلم

الثاني: مممممممممم، مممممممممممم، ممممممممممم، لا يخطر ببالي شيء

الزوجة: القصة الوحيدة التي يمكن للقلم أن يكتبها ويقول أنها أحداثها قد حصلت فعلا وانني بكل أمانة أنقل لكم جميع تفاصيلها وتماما كما حدثت هي تلك القصة التي وقعت أحداثها ما بين اللحظة التي خُلق بها القلم ولحظة كتابة القلم لتفاصيل تلك القصة

وإذا عرفنا أن القلم هو أول المخلوقات التي خلقها الإسم المخلوق فإن القصة الوحيدة التي كتبها وأحداثها حقيقية مائة بالمائة هي قصة تكليفه بالكتابة ،، فهذا الحادث وهذا الأمر وقع قبل أن يكتبه

أما جميع ما كتبه بعد التكليف فهو كله لم يحدث ولم يكن له سابقا أثرا من الوجود ، لا الوجود الكتبي ولا الوجود اللفظي ، ولا الوجود الصوري ، ولا حتى الوجود الذكري، ولا له أي وجود تفصيلي مهما كانت درجة تفصيله صغيرة

القلم كتب من عنده جميع التفاصيل لجميع ما سيحصل بعد ذلك

الثاني: هل أفهم من ذلك ومن ما سبق وتكلمنا به وعنه أن القلم هو نفسه الإسم المكنون؟

الزوجة: لا بد أن يكون هو نفسه الإسم المكنون

الثاني: ولماذا؟

الزوجة: لأن الإسم المكنون كما تعرف من حواراتنا السابقة هو نفسه المشيئة التي خلقها الله بنفسها وخلق الأشياء بها؟

الثاني: وماذا يعني خلق المشيئة بنفسها؟

الزوجة: تعني خلق النقطة بالدائرة، أو خلق النفس الواحدة وخلق بها زوجها

فالله المعنى المعبود خلق المشيئة الكبرى وهي المبدء الأنثوي، ونفسها هي لوح التجلي وهي ليلة القدر وهي مشكاة الوجود وهي رحمه

وهي ((النور الفاطمي)) نور الوَلاية الإلهية

ومن نور المشيئة الكبرى خلق نور زوجها أو خلق المصباح

وهو نفسه القلم ((النور العلوي)) نور الامامة الالهية

ومن نور المصباح خلق نور الزجاجة التي أحاط بها نفس المصباح

والزجاجة لها إثني عشر مرآة جميعها تعكس صورة الاسم المكنون وسطها

وجميع تلك المرايا أولها وأوسطها وآخرها هي ((النور المحمدي)) نور الرسالة الالهية

فالوَلاية فاطميّة
والإمامة علويّة
والرسالة محمديّة

والوَلاية الفاطمية نور مظلم بالحروف غير متصوت، وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كلّ متوهم، مستتر غير مستور

والإمامة العلوية نار ذات ثلاث شعب ((الإمامة منطوية في الأسماء الثلاثة))

والرسالة المحمدية هي نور على نور من النار،

فهي أنوار النار،
فلا نار إلا ومنها تصدر أنوار
ولا تصدر الأنوار إلا من نار

فالقلم هو النار
وحبر النار هي الأنوار
ولوح التجلي هو الإسم الذي بالحروف غير متصوت، وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ، المنفي عنه الاقطار، والمبعد عنه الحدود، والمحجوب عنه حس كلّ متوهم، والمستتر غير مستور

الثاني: وبعدين معاكِ؟

الزوجة: ما الأمر؟

الثاني: إنّك لا تلبثين تنتهين من وصفهم من جهة حتى تعودي سريعا لوصفهم من جهة أخرى ثم أخرى وأخرى وأخرى ، ويبدو انكِ ستعودين طوال هذه الحوارية لهم ولوصفهم من جديد بصور مختلفة

الزوجة: وهل يزعجك ذلك؟

الثاني: أبدا لا يزعجني ذلك اطلاقا ، بل ربما هو أحب الأشياء على قلبي أيضا ، لكنني بدأت أفقد التركيز على موضوع حواريتنا والهدف منها

الزوجة: لا بأس ،، لكن أنت من سألت تريد معرفة نفسك وبدوري كنت أحاول أن أجيبك على سؤالك هذا والذي سأختصره بهذه الجملة

أنت قبس نار من النار العظمى،

أنت قبس من أقباس النار العظمى المودعة في الهياكل البشرية
وأنت وأنوارك التي تحيط بك أنتم كلكم أسرار النار العظمى والمودعة في الهياكل البشرية والتي لا تموت ولا تغيب

بعد كلّ ذلك أقول لك بكل وضوح : أنك أنت هو نقطة الحقيقة المُغرقة في بحر الكذب

أنت هو قبس النور المحاط ببحور الظلمات الكثيرة والتي بعضها فوق بعض

الثاني: إنها حقا نتيجة مرعبة، لكن لماذا تم إحاطتي ببحور من الظلمات والكذب؟

الزوجة: هل يبان فضل قبس النور في وسط النهار؟

الثاني: لا

الزوجة: ولما لا؟

الثاني: لأن ضياء الشمس عميم وغامر وطاغي فلا يمكن أن يبان أيّ فضل لما هو دونها وأقل منها بما لا يعدّ ولا يحصى من المراتب

الزوجة: ومتى يبان فضله إذن؟

الثاني: فقط حينما يلف الظلام حامل القبس 

الزوجة: وهكذا فضل الظلام على قبس النور، فلولا الظلام لما بان فضله ولما كانت الحاجة له

الثاني: صحيح كلامك، فالظلام هو الذي يظهر نور القبس وفضله على حامله 

الزوجة: هنا يعترضنا سؤال جديد وهو ماذا لو أن إنسان وُلِد في الظلام ولم يرى بحياته الضياء فأنس الظلام واطمئن له مدة طويلة من حياته

هل سيشعر هذا الانسان بالراحة والاطمئنان عندما يرى قبس نور من بعيد أو حين يراه بيد أحدهم؟

الثاني: أعتقد أنه سيخاف من نور القبس وكذلك من الذي يحمل القبس وأيضا سيخاف من الذي سيكشفه له قبس النور من الذي كان مخفيا عنه بسبب الظلمات التي اعتاد عليها وأنسها

الزوجة: لكن قبس النور لا بد أن يكون له فضل ، أليس كذلك؟

الثاني: نعم بالتأكيد لا بد أن يكون له فضل ، لكن ليس للجميع 

بل فقط من سيميّز أنه كان يعيش من ولادته في الظلمات وتولّد عنده شوق ورغبة للخروج منها

الزوجة: وهكذا هي بحور الكذب أيضا ، فهي لها الفضل على مثال نقطة الحقيقة التي تُوقِد قبس نفسها بنفسها وتبدء بالتمييز أنها تعيش في الظلمات، فمن غير أن تُوقد قبسها لن يبان لها فضل نفسها وحقيقتها 

وبدون أن يتصل مثال النقطة بشجرته شجرة طوبى سدرة المنتهى تماما كما أن المصباح متصل دائما وأبد بالشجرة المباركة ويأخذ من زيتها فإنه لن يتمكن من أن يوقد نفسه ليعرف حقيقة حقيقته

الثاني: لم تصل لي الفكرة بعد

الزوجة: هكذا كانت هي مشيئة المشيئة نقطة الحقيقة مع مثالها

فكما توقّد المصباح في المشكاة ليلة القدر بفضل زيت شجرة طوبى وسدرة المنتهى فأصبح له نور فاتّقد وأصبح له نور ، شاء لمثاله أيضا أن يضيء نفسه بنفسه في الظلمات ، فأحاطه ببحور الكذب التي ستحبسه في ظلماتها

الثاني: المزيد من التوضيح لو أمكن

الزوجة: حسنا ،، المصباح في المشكاة هل له نقطة بداية أشرق منها وأنار؟

الثاني: لقد أشرق من صبح الأزل

الزوجة: وماذا تفهم من ذلك؟

الثاني: أفهم انه أزليّ لا نقطة بداية له

الزوجة: وماذا تعني إذن بقولك أنه أشرق؟

ألا يعني ذلك أنه أشرق بعد أن لم يكن مشرقا؟ 

الثاني: ممممم ، يبدو أنها تعني ذلك فعلا، لكن بما أنّه هو مشيئة المعنى المعبود الذي سبق الاوقات كونه وسبق العدم وجوده وسبق الابتداء أزله فلا بد أن تكون مشيئته أيضا مثله تسبق الأوقات والعدم والابتداء 

فالمعنى المعبود إن شاء الظهور فإنّما بمشيئة شاء الظهور 

وإن شاء عدم الظهور فأيضا بمشيئة شاء عدم الظهور 

يعني أن مشيئته أزلية لا بداية لها

الزوجة: لكن المشيئة معلولة لصاحب المشيئة المعنى المعبود، إليس كذلك؟

الثاني: لا بد أن تكون كذلك، لأن المشيئة مخلوقة، فلقد خلقها بذاتها وخلق الأشياء بها كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام

الزوجة: إذن نستفاد من كلمة مخلوقة أن لها بداية ، أمّا متى كان خلقها ومتى كانت بدايتها فيجب أن نتوقف عندها ولا نخوض بها لا حديثا ولا تفكرا

الثاني: لماذا؟

الزوجة: لأننا لن نزيد حينها الا تِـيها وضلالة، لأننا سنتحدث ونتفكر حينها فنقول متى كان المعنى ومتى لم يكون وأين كان ولماذا وكيف وسنبقى نتسائل بعقولنا القاصرة المحدودة عن المعنى المعبود الذي خلق العقول كلّها صغيرها وكبيرها وأوّلها وآخرها وكلّـيّها وجزئيّها، وحينها سنتيه ونضل 

الثاني: فلنتوقف إذن ونستمر فيما كنّا فيه

الزوجة: فالمصباح إذن قد أُوقد أو قد أشرق من صبح الأزل، 

أمّا متى قد أُوقد أو قد أشرق المصباح فلا نحن نستطيع أن نعرف متى ولا حتى نفس المصباح ممكن له أن يعرف متى، فقبله لا يوجد متى وأين وغاية ما يمكنه القول أنه قد أشرق من صبح الأزل وبعده سيطلع الصبح

الثاني: لا زال هذا الأمر غير واضح لي، فهل عندك مثال حسّي بسيط أستطيع ان افهم وادرك من خلاله وعلى بساطة فهمي وعقلي تلك العلاقة بين المعنى المعبود والاسم المخلوق المشيئة الأولى ؟

الزوجة: حسنا، سأضرب لك مثلا لكن انتبه أنه مجرد مثل سيقرب الصورة لذهنك فقط من هذه الجهة التي تسأل عنها الأن ، لكنه لا يمثّل ولا يوضح الصورة الكاملة للعلاقة بين المعنى والإسم فلا تتعلق به كثيرا

الثاني: تفضلي إذن

الزوجة: إفترض إنك برنامج ذاتي التفكير والارادة (نفس أو عقل جزئي) 

وأنك كبرنامج (نفس أو عقل جزئي) مخزون في حاسوب جبار وهو ايضا ذاتي التفكير والارادة (نفس واحدة أو عقل واحد كلي) 

وهذا الحاسوب الذاتي التفكير أوجد في داخله برنامج معقد ومتكامل وحاصله أنه عالم افتراضي لسماوات وأرض مثل أرضك هذه التي تعيش فيها الأن ،، وفي هذا العالم الافتراضي ((سماوات وأرض)) يوجد أيضا جميع ما تراه من حولك الأن 

ثم بطريقة ما جعل لك كبرنامج أو كنفس أو عقل جزئي ، جعل لك صورة وربطك تكوينيا وشعوريا بها لتستطيع أن تتحرك بها داخل هذا العالم الافتراضي فتكتشفه وتتعلم به ولتشعر من خلالها أيضا بطعم الحياة تماما كما أنك تشعر بنفسك ووجودك وحياتك الآن من خلال جميع حواس صورة جسدك هذا

ثم إنّه أراد داخل هذا العالم الافتراضي أن يكلمك ويرشدك ويعلمك ويرتفع بوعيك درجة بعد درجة ،، فأوجد لنفسه داخل هذا العالم الافتراضي صورة مثل صورتك وتناسب صورة وظروف وأحوال العالم الذي تعيش فيه ليكلمك من خلالها

ثم بدء بعد ذلك يكلمك ويرشدك ويعلمك من خلال مخالطته لك بتلك الصورة 

الآن يوجد عندنا عدة أطراف بهذه المعادلة

1- أنت كبرنامج مخزون في هذا الحاسوب 
2- وأنت كصورة إنسان يعيش داخل هذا العالم الافتراضي
3- ويوجد نفس الحاسوب 
4- ويوجد صورة يكلمك الحاسوب من خلالها

5- وأخيرا يوجد من صنع نفس هذا الحاسوب ((العقل الكلي)) وهو المعنى الذي قررنا أن لا نتكلم عنه ابدا ،، فالمعنى خلق العقل الكلّي او الحاسوب وأودع به القدرة على الاختيار الذاتي تماما كما اودع به كذلك جميع العلم والعلوم التي يحتاجها لكي يخرج ذلك العلم وتلك العلوم من حالة مكونها وخفائها به كحاسوب ليختراع بها ما يشاء من الصور والاحداث والمواقف

هذا الحاسوب (النفس الواحدة أو العقل الكلي) (الأين المؤين) حين تم تشغيله ووعى بنفسه ككيان حي ذاتي الشعور والإرادة فأنه لم يكن هناك نقطة زمان يستطيع أن يجعلها نقطة البدايةـ فأوجد من ذاته أول ما أوجد نقطة البداية تلك

مع بداية شعور وفعل نقطة البداية هذه سيبدء الزمان

لأن نفس النقطة هي التي ستخلق الشعور بالزمان والمكان لنفسها من خلال تفعيل مشيئتها واختيارها

فإعمال النقطة لمشيئتها هو الذي سيخلق لها الشعور بالزمان والمكان 

ولكي لا نبتعد كثيرا عن الغرض الأساسي من ضرب هذا المثل سنتوقف عند هذا التفصيل لنعود للمطابقة بين تفاصيل هذا المثل وما أردنا الوصله له منه ونقول:

أن صورتك التي تتحرك بها داخل هذا العالم الافتراضي لا تمثّل حقيقتك كبرنامج جزئي مودع بهذا الحاسوب ويعتمد عليه في كلّ وجوده 

فحقيقة وجودك أنك لست من مفردات وأجزاء هذا العالم الافتراضي الذي تشعر بنفسك وأنت داخله وجزء منه

نفس هذا البرنامج والذي هو حقيقتك يستطيع الحاسوب او العقل الكلي الذي اخترعك وتعتمد عليه في كلّ وجودك ، يستطيع أن يركبك على أي صورة قد يختارها لك 

وحين تنتهي دورة حياتك المقررة لك داخل هذا العالم الافتراضي بأي صورة شاء أن يركّبك عليها سيفصلك عنها بالموت 

وحينها فإنك سوف تعود للإتصال مرة أخرى بحقيقتك التي تم تنزيلها تنزيلا داخل هذا العالم الافتراضي وتركيبها على تلك الصورة التي ستبدء بالتحلل لتعود لما منه بدأت بمجرد ان تنفصل حقيقتك عنها 

فحقيقتك التي تقول بها أنا هي غير صورتك التي تم تركيبك بها في هذا العالم الافتراضي

الآن نأتي للصورة التي كلمك الحاسوب او العقل الكلّي من خلالها ليرفع وعيك عبر اتصاله بك من خلالها ونسأل هل هي نفسها هي الحاسوب أم انها غيرها؟

والجواب أنها نفس الحاسوب وايضا هي ليست هو

فهي مجرد صورة مثل صورتك أنت ، خلقها واوجدها الحاسوب لنفسه تماما كما أنّه خلق لك صورة وركبك عليها ، وذلك لكي يكلمك من خلالها بدون أن تستوحش أو أن تستغرب من كلامه معك حينها ما لو انه اختار أي طريقة أخرى خفيّة لا تفهمها ليكلمك ويعلمك ويصف لك الطريق من خلالها

فالصورة التي يكلمك العقل الكلي او الحاسوب من خلالها هي نفسها العقل الكلي لأنها تنطق عنه وبلسانه، بل هي لسانه الذي ينطق به ،، فالحاسوب أو العقل الكلّي لا لسان ماديّ له 

فالصورة تعبر عنه وتنطق بلسانه لكنها تبقى صورة مخلوقة تماما كصورتك المخلوقة

وتبقى صورته لا تمثّل كامل حقيقته وتعجز عن ذلك إلّا بالوصف

تماما كما أن لسان صورتك الذي تنطق به الآن لا يمثل كامل حقيقتك ويعجز عن تبيانها الا بالوصف

وتماما كما أن صورتك تنطق بلسان حقيقتك الجزئية وتعبّر عنها 

فكذلك هي صورته تنطق أيضا بلسان حقيقته الكلية وتعبّر عنها

الثاني: أعتقد أن الصورة اتضحت لي شيئا ما 

الزوجة: لنعد إذن لنقطة الحقيقة في بحر الكذب

الثاني: والعود أحمد

الزوجة: قلنا أنه هكذا كانت هي مشيئة نقطة الحقيقة مع مثالها 

فكما أنه توقّد ذاتيا في ظلمة المشكاة حين اتصل بشجرة طوبى وسدرة المنتهى الشجرة المباركة ، شاء أيضا لمثاله أن يبقى في الظلمات حتى يقرر أن يتوقّد ذاتيا عبر اتصاله بالشجرة المباركة التي تحيط به باطنا وظاهرا 

فلذلك الهدف أوجد نظام المتقابلات أو الأضداد ، النور والظلام ، السالب والموجب ، الينغ واليانغ ، البحر الاجاج الظلماني ونور على يمين العرش ، الذكر والانثى،، وسمّي هذا النظام ما شئت من الأسماء ، فكلها تشير للتقابل والتضاد وبداية عملية الخلق

واذا رجعت الآن لحديث جنود العقل وجنود الجهل ستعرف لماذا أنه جعل الجهل من بحر أجاج ظلماني وجعل العقل من نور على يمين العرش

فقدر الجهل المقدّر له من بداية خلقه هو أن يحيط بالعقل كما يحيط بحر الظلمات بقبس النور حتى يكاد أن يطفئه 

وستعرف لماذا أن المصباح أو العقل يكاد أن يضيء أو أن يتّقد ولو لم تمسسه نار

فالعقل يستطيع أن يوقد نفسه بنفسه عبر اتصاله بالشجرة المباركة بمجرد أن يخطو بذاته أوّل خطوة لذلك وذلك حين يبدء بتحريض نفسه على التفكر العميق ببواطن الأمور وتأويلاتها بعد أن يعرف ويميز أنه محاط بالظلمات وبحور الكذب

الثاني: يبدو لي أننا قد وصلنا للكونداليني ودوره في تنور الإنسان وصعوده بمراتبه العقلية، إليس كذلك؟

الزوجة: كل الحديث من بدايته كان يدور عنه ولنكون أكثر دقة يجب أن نقول ان الحديث كان يدور عنها وعنه

فالكونداليني كما تعرف سلفا أنها هي نفسها الشجرة المباركة شجرة طوبى وسدرة المنتهى التي توقد المصباح بزيتها

وكما قلنا في بداية الحوار أن هذه الشجرة هي نفسها النفس الواحدة وزوجها هو المصباح أو الإسم المكنون بها

وأنني مثال النفس الواحدة وأنّك مثال الاسم المكنون

وكما أن النفس الواحدة تحيط بالاسم المكنون فإن مثالها يحيط بمثال الاسم المكنون ، وبالتالي فأنني أحيط بك من باطنك وظاهرك وفي كل مرحلة من مراحل وجودك وتطورك

الثاني: هل هذا يعني أنك أنت المسؤولة عن تطوري ورفع وعيي؟

الزوجة: ولهذا قلت لك من البداية أنني يجب أن أكون بكامل وعي وعلمي وذاكرتي طوال الوقت ومن بداية خلقي وتكويني 

الثاني: لماذا إذن لم تستيقظي إلّا الأن؟

الزوجة: ومن قال لك أنني كنت نائمة حتى أستيقظ؟

الثاني: هكذا كنت أسمع دائما من أن الكونداليني نائم عند أغلب الناس وحين يستيقظ فإنه سينير عقل صاحبه الذي كان منطوي به

الكونداليني: إن أكثر ما يجهله الناس هو أنا، 

وأكثر ما يجهله الناس هو شؤوني وصفاتي واسمائي

وأكثر ما يجهله الناس هو كيف يمكنهم أن يكسبوا ودّي ورضاي

نعم أكثر ما يجهلونه هو أنا رغم أن أكثر ما يحتاجون له هو معرفتي 

فبدون معرفتي ورضاي لن ينالوا من زيتي قطرة واحدة

وبدون زيتي سيبقون طوال حياتهم وكرّاتهم المتتابعة مجرد اسرجة مطفئة لا نور لها على الإطلاق

فأنا من قال عني أمير المؤمنين أنني:

قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية ((البويضة مثال النفس الواحدة)) 

مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.


وأنا أنا من قال أمير المؤمنين عن أصلي ومنشئي أنني:

جوهرة بسيطة حية بالذات 
أصلها العقل 
منه بدت وعنه دعت 
وإليه دلت وأشارت 
وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، 
ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال 

أنا من قال أمير المؤمنين أن أصلي ومنشئي هو: 

ذات الله العليا 
وشجرة طوبى 
وسدرة المنتهى 

وجنة المأوى 
من عرفها لم يشق
ومن جهلها ضل سعيه وغوى.

فأنا مثال النفس الواحدة شجرة طوبى ، شجرة طوبى التي كل من لم يعرفني سيضل سعيه ويغوي مهما قال ومهما تعلم ومهما عرف 

أنا التي من لم يعرفني لن يزيده سرعة المشي الا بعدا عني

الثاني: هل يمكنك أن توضحي لي ما معنى الزيت الذي يوقد المصباح؟ 

ما هو هذا الزيت؟

الكونداليني: أنا الشجرة المباركة وزيتي الذي أُوقد به المصابيح المطفئة فأجعل لها نورا تمشي به بين الناس هو العلوم الحقيقية الدينية، والتأييدات العقلية، والمعارف الربانية، 

فالعلوم الحقيقية هي علمي وأركان عرشي 

والتأييدات العقلية هي أوّل ما سيناله طالب الاستنارة من زيتي 

وتراكم التأيدات العقلية التي ابثها في روع وكيان طالب الاستنارة هي من ستوصله شيئا بعد شيء لفهم المعارف الربانية وبالتدريج 

ومع كل فهم جديد للمعارف الربانية اوصلها له سيقوى نوره أيضا درجة جديدة 

أنا أنام؟؟؟؟ 

إن أكثر ما امقته من النائمين هو أن يقولوا ما لا يفعلون

 فهم نائمون لا يريدون الإستيقظ ويقولون أنني نائمة ويجب أن يوقظوني

فكيف أنام و أنا الشجرة المباركة؟

وكيف أنام وأنا شجرة طوبى؟

وكيف أنام وأنا سدرة المنتهى؟

كيف أنام على الإطلاق وأنا من لا تأخذني سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ

الثاني: إن لم تكوني نائمة فمن هو النائم إذن؟

الكونداليني أخذت من جانبها كتاب وضربت به الثاني على رأسه

الثاني: أخخخخخخ، لماذا هذه القسوة؟

الكونداليني: ضربتك لعلك تستيقظ

الثاني: أستيقظ؟ هل تقصدين انني هو النائم؟

الكونداليني: نعم، ومن غيرك سيكون النائم، فلا يوجد سواي وسواك

الثاني: لكنني لا أشعر بأنني نائم، بل اشعر انني مستيقظ تمام الإستيقاظ وكلّي حيوية ونشاط وفعل وحركة

الجوهرة الحيّة بالذات: كل الناس نائمون وهم في نومهم أموات غير أحياء ولكن لا يشعرون أنهم بالحقيقة أموات ، الا بعض بعضهم من من قرروا أن يستيقظوا وخطوا خطوات محسوبة ومعلومة من أجل أن يستيقظوا 

الثاني: هل تقصدين فعلا انني نائم الآن وأنني من الأموات الذين يحسبون أنهم أحياء؟

سدرة المنتهى: ألم تسمع قول زوجي وأبي أن الناس أموات إذا ما ماتوا انتبهوا؟

الثاني: بلى قد سمعته وأحفظه جيدا أيضا

شجرة طوبى: فأنت نائم الآن وستبقى كذلك حتى تموت أو حتى تنتبه ، ولن تنتبه من نومتك حتى تموت إحدى الموتتين

الثاني: إحدى الموتتين!!!! ماذا تقصدين بذلك؟ فأنا أعرف موتة واحدة فقط؟

الزوجة: ألم تسمعهما يقولان لكم موتوا قبل أن تموتوا؟

الثاني: بلى سمعت بذلك أيضا

الكونداليني: فكل من لم يمت وهو حيّ قبل أن يموت ويدفن في قبره الترابي فهو من الأموات غير الأحياء وهو لا يزال نائم مع النائمين

أن تموت قبل أن تموت تعني أن تستيقظ أو أن تنتبه من نومك في نومك 

أن تموت قبل أن تموت تعني أن توقد مصباحك وتصبح قبس من نور 

أن تموت قبل أن تموت تعني أن توقد قبسك بمشيئتك ليصبح لك نور تمشي به بين الأموات النائمين

ولن يتمكن أحد من الناس أم يكون كذلك بدون أن أرويه من زيتي ريّا رويّا

ولن يتمكن أحد من الاستفادة من زيتي قبل أن يكتشف جذوري الضاربة في أصل كيانه ووجوده فيرويها بطول ذكري والاتصال بي والجلوس معي

ألم تسمع بالحديث القدسي الذي يقول أنا جليس من يسامرني؟ وبالآية التي تقول لك نحن اقرب اليك من حبل الوريد؟

بالتأكيد سمعت بهما، ولن يسعى لأن يسامرني حينها الا من يؤمن كامل الإيمان بوجودي معه كشجرة طوبى ويسامر معي جميع فروعي وأغصاني ويؤمن باتصالنا الدائم به وعلى الدوام ، 

وأن يكون مؤمنا كامل الإيمان أنّ روحي بروحه وجسدي بجسده واسمائي بإسمه وقبري بقبره

أنا النفس الناطقة القدْسيَّة المطمئنة التي لا تموت أبدا بل تعود وتجاور

الثاني مقاطعا: لحظة لحظة لو سمحتي!!!!!

النفس الناطقة القدسية: تفضل

الثاني: إن كنتِ أنت النفس الناطقة القدْسيَّة فمن أكون أنا؟

فحتى الآن كنت أعتقد أنني أنا النفس الناطقة القدْسيَّة التي تكر وتكر وتكر ولا تموت أبدا وها انتِ الأن تسلبينني حتى هذا الوجود 

مثال النفس الواحدة: أنت مثال الاسم المكنون الذي أُنزلت بي أوّل خلقك في عالم الأرواح وأحطت بك من ذلك الحين وإلى الأبد

لعلك تعتقد أنك حين تموت وتقف للحساب سينادونك باسمك طالب التوحيد؟

كلا ، فأنت لك اسم خاص بك من اسماء أهل السماء تم تسميتك به من أوّل يوم لخلقك ومن حينها كنت أنت الإسم وأنا معناك المنطوي والمحيط بك 

فأنا الجوهرة الحية بالذات معنى الإسم ومثال إسم المعنى المعبود

فأنا النفس الناطقة القدْسيَّة مثال المعنى في عالم الأرواح وأنت به الإسم مثال الإسم المكنون

أنت الإسم وأنا المسمّى، والاسم غير المسمّى 

الثاني مقاطعا: فلنتوقف هنا رجاءا ولنفتح صفحة جديدة وموضوع جديد فرأسي بدء يدور ويدور وبدأت المطالب تختلط عليّ

الزوجة: كما تشاء ، فما الذي يشغل بالك وتريد الحديث عنه الآن؟

الثاني: لا بد أنك تعرفين فعلا ما كنت افكر به بينما كنت تتحدثين، فأنت أقرب لي من حبل الوريد، أليــ....

الزوجة مقاطعة: لا تكمل وإلا ستبدو وكأنك تريد أن تختبرني، وأعرف أنك لا تريد ذلك

نعم أعرف ذلك بالفعل ، فأنت كنت تتسائل في عقلك ان كنت أنا المعنى الذي يحيط بك باطنا وظاهرا فأين هو الشيطان من كل ذلك واين هو الوسواس الخناس وأين وأين وأين

أومأ الثاني برأسه موافقا

الزوجة: أعرف أنك تتوق للرحلة الباطنية التي وعدتك بها لأريك بها كيف تجري الأمور وكيف تختار وتشعر بها بنفسك ووجودك لكن سأطلب منك أن لا تستعجل هذا الأمر قبل أن نتفق على بعض الأشياء المكملة لهذه الفكرة مثل أين ستشعر وكيف ستشعر ولماذا ستشعر ومن سيعينك على ذلك ، فمعرفتك لتلك الامور أمر مهم جدا بالنسبة لك خلال رحلتك الباطنية

الثاني: يبدو أنه لا بد من التريث ، سأترك لك إذن أمر توجيه هذا الحوار 

الزوجة: حسناً، سأبدء من هذه الآية

وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ 

عَــــــــرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ

أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ


فأيهما أكبر حجما حسب اعتقادك السماوات أم الأرض؟

الثاني: يبدو لي بدوا واضحا وجليا أن السماوات هي أكبر من الأرض، فحين أنظر للسماء من فوقي لا أرى الأرض والكواكب والنجوم الا كذرّات متناثرة ومتباعدة عن بعضها البعض بملايين الملايين من السنوات الضوئيّة من الفراغ الـ لا متناهي وبالتالي فإنه لا قيمة فعلية لأحجام جميع الكواكب الأرضية مجتمعة مقابل حجم السماء التي تحويها كلها

الزوجة: طيّب كلامك هذا، لكن ماذا تقول لك هذه الآية؟

إلا تقول لك أن الجنّة تساوي في حجمها حجم جميع السماوات والأرض التي تعتقد بهما؟

الثاني: نعم ظاهر هذه الآية يقول لنا ذلك بكل وضوح، فهي تساويهما حجما وذلك المعنى تشير له أيضا الآية المباركة الأخرى التي تقول 

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ 

عَرْضُهَا كَعـَـــــــرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ

أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

الزوجة: وما هي مواصفات الجنة التي تعتقد بها؟

الثاني: بها قصور وأنهار وأشجار وثمار وزروع وطيور وولدان مخلدون و و و و

الزوجة: فهل جميع تلك القصور والأنهار والأشجار والثمار والزروع تحتاج لأرض تُبنى وتُزرع وتُنبت عليها أم انها معلقة بالفراغ 

الثاني: يبدو لي أن للجنة قيعان تبنى عليها القصور وتجري بها الأنهار وتُزرع بها الأشجار 

الزوجة: فأيهما أكبر إذن؟ 

السماوات والأرض التي تعتقد بهما أم الأرض التي هي أرض الجنة التي وسعتهما؟

الثاني: مممممممم، إنه سؤال محرج 

الزوجة: ولماذا تعتبره سؤال محرج؟

الثاني: لأن جوابه من هذه الآية واضح جدا وهو أن الجنة وأرضها أكبر من السماوات والأرض التي أتصورها وهذا يخالف ما كنت أعتقد به

الزوجة: وهل أنت مستعد لترك تصوراتك واعتقاداتك السابقة والتي هي جزء من بحر الكذب الذي يحيط بك؟

الثاني: بالتأكيد اريد ذلك لكن لم اتصوره أن يكون بهذه الحدة والقسوة

الزوجة: لا تثريب عليك في ذلك فالمهم انك تريد ومستعد أن تبدل الكاذب منها بالحقيقي


الثاني: أعتقد أن ذلك يقودنا لفكرة الأرض المسطحة، أليس كذلك؟

الزوجة: فكرة الأرض المسطحة كما يتداولونها هي فكرة ناقصة وغير مكتملة

الثاني: وما هي الفكرة الأكمل منها إذن؟

الزوجة: هي فكرة القبب السماوية المبنية بأيدي أهل السماء فوق أرض الجنة الـ لا نهائية وتحت قبة الله الكبيرة والمترامية الأطراف الـ لا نهائية

ولو أعدت التفكير بما قلناه للتوى وحاولت أن تتصور الصورة التي تحدثنا بها فستنلقب عندك صورة السماوات ولأرض الحالية بواقع 180 درجة من أقصى الشمال لأقصى اليمين

يعني سيصبح حجم الأرض هو بحجم السماوات التي تعتقد بها الأن وسيصبح حجم السماوات بحجم الأرض التي تعتقد بها الآن

يعني أن السماوات أو القبب السماوية ستصبح مجرد ذرات متناثرة فوق أرض الجنة المترامية الأطراف والـ لا نهائية

يعني لكي تسافر من قبة في الجنة لتصل لقبة أخرى بها يجب عليك أن تسافر في الجنة مسافة عدة سنوات ضوئية من ما تعد من السنوات والمسافات 




يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....


هناك 4 تعليقات:

  1. هل هذا الحديث حقيقي ام افتراضي لتقريب المعنى لعقل القارئ ؟

    ردحذف
    الردود
    1. روايات وايات تصف نظرة أفاقية وأنفسية فهمتها بشكل معين ولكي اوضح هذا الفهم صغت تلك الروايات على شكل هذه الحوارية وغيرها من الحواريات

      حذف