وأنا التي
أريه نفسه كما يريد هو أن يرى نفسه
ولا يمكن لذلك
أن يكون الا أن أحيطه ببحر من الكذب والاوهام التي ستخفي حقيقته عن نفسه
مرت لحظات صمت
على كاحون سرح فكره فيها في عالم آخر
الزوجة: لا
تحزن ولا تسيء الظن بي يا كاحون
كاحون: لا
أستطيع أن أتصور أن جميع الظلمات التي أعيش بها هي من صنعك أنت
الزوجة: لم
تكتمل جميع صور المشهد عندك بعد، فلا تستعجل الحكم، فدوري هو ليس خلق الظلمات من
حولك ، فعندما نكون أنا وأنت فقط فأنك ستعيش معي أجمل ما يمكنك أن تتصوره من
المشاعر والأحاسيس
كاحون: أنا
وأنت فقط؟
ومتى يكون
ذلك؟
الزوجة: عندما
تنفصل عن بدنك ونفسك الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة
فعند نهاية
جميع مراحل كلّ كرّة تكرها فإنك ستعود لي لنبقى أنا وأنت فقط في سعادة غامرة وجنة
عامرة إلى أن تنزل مرة أخرى بكرّتك التالية
يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً
مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
كما أنني لا
أباشر كل شيء بنفسي وأكتفي بعملية المراقبة والاحاطة الشاملة لكل ما يجري عليك
كاحون:
المراقبة والاحاطة الشاملة لكل ما يجري عليّ؟
فمن هم الذين
ستراقبينهم ولماذا؟
الزوجة: أراقب
الذين سأكلفهم بأن يعطوك جميع ما تريده وبلا استثناء
كاحون: جميع
ما اريده وبلا استثناء؟
ماذا تقصدين
بذلك؟
الزوجة: حفظ
حرية الاختيار والمشيئة الشخصية لك خلال كل لحظة من لحظات وجودك من أوّل لحظة
لشعورك بنفسك وإلى الأبد هو هدفي من هذه المراقبة
كاحون: وكيف
ذلك؟
الزوجة: قلت
لك أنني وجودك كله وأحيط بك كما تحيط المرآة بالنقطة التي في وسطها
كاحون: نعم
قلتِ ذلك لي وهذا هو سبب تصوري الآن أن جميع الظلمات التي أعيش بها هي من صنعك
أنت، فأنت مرأتي وهويتي ووجودي وكل عالمي
الزوجة: نعم
ذلك صحيح، لكن هذا المشهد ليس هو المشهد الكامل لوصف العلاقة بيني وبينك فتوجد
هناك جزئيات ومشاهد وقوى كثيرة جدا تتشارك في صنع هذا المشهد الذي تعيش به
كاحون: وضّحي
لي ذلك لو سمحت
الزوجة: فيك
انطوى العالم الأكبر، أظنك تعشق هذه الكلمات، أليس كذلك؟
كاحون: نعم
بالفعل، وكثيرا ما كنت أسرح مطولا لأتفكّر بهذه الكلمات
الزوجة: عندما
أقول لك أنني مرآة وجودك كله فلا تتصور هذه المرآة على أنها مرآة واحدة مسطّحّة
سقيلة
بل هي مرآة
أشبه ما تكون بالجوهرة وأنت تسكن في وسطها
وهذه المرآة
الجوهرة تتكون من جواهر ثمانية أو بتعبير ثاني أنها ثمانية قوى أو ثمانية أسماء بتعبير ثالث
في باطن ومركز
كل جوهرة من تلك الجواهر الثمانية تتمركز جوهرة أصغر منها جميعها لكنها هي اسمها
الأعظم الذي يديرها ويسيطر عليها ثمانيتها
وكل جوهرة من
تلك الجواهر الثمانية لها ثمانية أركان أو ثمانية قوى أو تتكون من اتحاد ثمانية
أسماء بجسد جوهري واحد ، والجوهرة التي تسكن وسطهم هي اسمهم الأعظم
كاحون: يبدو
أنك تتكلمين عن الميركابا، أليس كذلك؟
الزوجة: نعم
هو كذلك ، فصورة الميركابا هي الصورة التي اتكلم عنها الآن والتي صورتها هي جزء
أساسي وكبير من صورة الجوهرة كاملة
ودعني اكمل لك
صورتها الآن
كاحون: تفضلي
الزوجة: قلنا
حتى الأن أن صورة جسد الميركابا تتكون من ثمانية جواهر وكل جوهرة تتكون من ثمانية
أركان ووسط كل جوهرة من الجواهر الثمانية تتمركز جوهرة تاسعة مصمدة
مع ملاحظة أن
كل ركن من أركان الجواهر الثماني يمثل إسم من أسمائي أو قوة من قواي
فكم سيصبح عدد
الأركان أو الأسماء أو القوى لمجموع الجواهر الثمانية بالاضافة للجواهر الثمانية
المصمدة المكنونة بهم ثمانيتهم؟
كاحون: أعتقد
أن العدد سيكون 72 قوة أو 72 إسم من أسمائك
الزوجة: هل
يذكرك هذا العدد بشيء؟
كاحون: نعم
بالتأكيد، فهذا العدد يرتبط دائما وعند جميع الأديان والأمم بالإسم الأعظم الذي
يتكون من 72 حرف
والإسم أو
الحرف المخزون المكنون بهم والذي لم يخرج منه الا إليه هو ثالث وسبعينهم
الزوجة: من
تتوقع في حالتك على اعتبار انني الجوهرة وانك المكنون بي أن يكون هو الإسم المكنون
المخزون الذي استأثرت به فلم يخرج مني إلا إليّ؟
كاحون: لا بد
أن أكون أنا هو الإسم المكنون المخزون في الجوهرة
فحسب توضيحك
السابق فأنت مثال المرآة وأنا مثال الإسم المكنون المكنون في وسطك
الزوجة: لا بد
أن هذا الموضوع يثير اهتمامك فعلا، فلقد عدت للتركيز معي من جديد
كاحون: فعلا ،
هو يهمني كثيرا، فأنا لا أنام الا وأركان الميركابا تتراقص لامعة من امامي
الزوجة:
فالأسماء او القوى الـ72 هم أسمائي وقواي أنا ، وكلهم ينسبون لي أنا ،، فهم حجّتي
عليك وأنا الحجة عليهم كلهم
لكن تذكّر كما
أنني وأنك كيان واحد لا انفصام بيننا ، فإنني وأسمائي الـ72 أيضا كيان واحد لا
انفصام بيننا ولا اختلاف ، فنحن كلنا جوهرة واحدة حيّة بالذات، وأنت من ضمننا
كاحون: حسناً
، إن كنت انا مثال الإسم المكنون، فأين هو الإسم المكنون من هذه المنظومة أو من
هذه الجوهرة المتكاملة الحيّة بالذات؟
الزوجة: سؤالك
هذا جاء في الوقت المناسب وفي محله لتعرف من هما ابويك
كاحون: كيف
ذلك؟
الزوجة:
الأسماء الـ72 يمكنك أن تعتبرهم كيان واحد وهو أبوك الذي يتولى تربيتك ظاهرا
أمّا أبوك
الإسم المكنون فهو المكنون بجميع تلك الأسماء الـ72 ،، فهو الباطن لتلك الأسماء
الـ72 كلها، بمعنى أنّه هو المحرّك والقائد والموجه لهم جميعهم من باطنهم
لكن أعود
وأقول لك مرة أخرى أنك يجب أن تتذكّر دائما وأبدا، أنّه كما أنني وأنك كيان واحد
لا انفصام بيننا ، فإنني وأسمائي الـ72 و أيضا الإسم المكنون بهم كلهم، كلنا كيان
واحد لا انفصام بيننا ولا اختلاف،
فنحن
كلنا جوهرة واحدة حيّة بالذات وأنت من ضمننا
فكلنا الثلاث
والسبعون ، لكنك حاليا كمثال للاسم المكنون الذي لم يصل لكماله الأكمل بعد لا زلت أنت
الطرف الأضعف بنا
لكنك مهما طال
الزمن بك ستصل أخيرا وبمساعدتنا لكمالك الأكمل لمقام كن فيكون فتكون معنا جسدا
واحد وروحا واحدة
كاحون: بُشراك
جميلة لكن آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فدعينا نكمل ما كنا فيه
الزوجة: نعم
سمعتك تسأل فأين هي النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة إن كانت الميركابا بمجموعها هي
الإسم الأعظم، ولقد كنت سابقا تعتقد أن نصفها النفس الناطقة القدْسيَّة ونصفها
النفس الحسية الحيوانية
كاحون: نعم
هذا بالضبط ما برق في عقلي وومض فيه حين كنت تتكلمين، أين هي النفس الحسِّيّة
الحَيَوَانيَّة من كل هذا؟
يعني بالنسبة
لي أين هو طالب التوحيد من كل هذا الوصف؟
الزوجة: سنصل
له قريبا فلا تستعجل، فقبل ذلك أريدك أن تتعرف على بيتك الذي وُلِدت فيه وستبقى
فيه طوال حياتك ولن تخرج منه ابدا،
ليس لأنك
محبوس به
بل لأن العالم
الأكبر كله منطوي لك في بيتك ولا شغل له سوى أن يخدمك تماما كما تريد ، ومهمته
الوحيدة هي أن يعكس لك أو أن يُظهر لك صور مشيئتك صورة بعد صورة لمشيئة بعد مشيئة وتماما
كما تشائها وتريد أن تراها كنهر جار لا ينقطع سيله وهديره
كاحون: الأمر
لك وأعتذر عن استعجالي
الزوجة: لا
بأس عليك فإني أنتظر أن أسمع سؤالك لكي اجيب عنه، فحين تسأل عن شيء فمعناه انك
تريد أن تكمل الصورة التي وصلت لها بالصورة التي بجانبها لتتسع حدود تلك الصورة
التي وصلت لها سلفا
قلنا أن
الميركابا تتكون من اجتماع وتراكب ثمانية جواهر ثمانية الأركان
هذه الجواهر
الثمانية عندما تجتمع مع بعضها البعض مكونة الجوهرة او الميركابا فإنه سيتكون في
وسطها جوهرة أو غرفة او بيت صغير يتمركز في وسطها
هذا البيت أو هذه
الجوهرة التي تتوسطهم لها أربعة عشر وجه وأنت كمثال للإسم المكنون تسكن في وسطها
هذه الجوهرة
المركزية هي بيتك أنت ، وهي مقرك الأبدي المجعول لك وحدك ، والذي من داخله سترى
العالم كما تشاء أن تراه وكما ستعكس لك أسمائي الـ72 صورته المتحركة تبعا لمشيئتك
المتواصلة
أنت تجلس في
وسطه، أنت الرقم تسعة المتمركز في وسط هذا البيت الجوهرة وكل القوى أو الأسماء
التي تحيط بك هي لخدمتك سواء أكنت في عالم الأمر العلوي فوق القبب أو في عوالم
الخلق السفلية تحت القبب
كاحون: أحب
أن أعرف منك ماذا تقصدين بأن الأسماء الـ72 هي أسمائك؟
الزوجة:
المعنى سيختلف باختلاف اللسان الذي ساتكلم به
كاحون: يختلف
باختلاف اللسان الذي ستتكلمين به؟
ماذا تقصدين
بذلك؟
الزوجة: عندما
أتكلم بلسان دائرة الوجود ورحمه فإن تلك الأسماء جميعها هي أسماء أبنائي وأولادي،
وذلك لأنني سأتكلم بلسان الرحم الذي أوجدهم ولا يزال يجمعهم جميعهم ، فأنا لم ولن
أنفصل عنهم وهم لم ولن ينفصلوا عني
وبلحاظ نفس
الأسماء فأن بعض أسمائي هم ابنائي الكبار وبعضهم الآخر هم اسماء ابناء ابنائي
الكبار
الأم:
فالميركابا كما قلنا تتكون من نجمتين كبيرتين، النجمتان هنا هما ابني الأكبرين ،
فأنا دائرة الوجود وهما الموجودان في داخل حدودي ولا حدود لي لأنني من أوجد الحدود
بهما زينت
أركان عرشي، وكل نجمة كاملة منهما هي ابن من أبنائي
وأنت إبني
الثالث الذي لا زال ينموا عقليا وفكريا ومعرفيا ولم يكتمل نموه بعد للدرجة التي
يكون بها إسما
الأسماء الـ72
هم أبناء أبنيّ الأكبرين ، وبهذا المعنى هم مظاهر فعلهما
وبنفس الوقت
فإن مجموع النجمتين المتحدتين بجسد جوهري واحد مع الاسم المكنون بالاسماء الـ72
هما أبي وزوجي
فأنا أم
أحدهما والذي هو أبي
وزوج الثاني
والذي هو بعلي
وهما
واحد
فأنا أم أبيها
الظاهر ،، لأنه هو المُظهِر لي ولأسمائي
وزوجة الباطن
الاسم المكنون لأنه أب جميع أبنائي أو أسمائي
فأبي هو إسمي
الأعظم
وزوجي هو
الاسم الأعظم
وأبنائي
وأركانهم هم اسمائي العظمى والحسنى
وأنا إسمهم
الأعظم
وتذكر مرة
أخرى اننا كلنا كيان واحد لا فرق بيننا
فنحن إسم
المعنى المعبود الذي ابدعنا لا من شيء فجعلنا وجهه ومظهر إرادته ومستودع علمه ووكر
مشيئته
فنحن المعنى
المخلوق الذي خلق منه كل شيء
وهو المعنى
المبدِع الأول الذي أبدعنا إبداعا لا من شيء
فأنا شجرة
طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى وهم جذري وجذعي وسوقي وأغصاني وأوراقي
وهنا عندما
أتكلم بإسم أوراقي فبلسان فإنني أتكلم بلسان آخر غير الذي اتكلم به بلسان غصوني
ولسان غصوني حين
أتكلم به لا يشبه كلامي حين أتكلم من على لسان فروعي
ولسان جذعي
الذي اتكلم به لا يشبه كلامي حين أتكلم من على لسان جذري
لكنهم كلهم
ينطقون بكلامي وكلماتي
فكلامهم كلامي
وكلامي كلامهم
كاحون: رجعنا
لنفس النتيجة وهي أنني كمثال لنقطة الحقيقة محاط بأسمائك وهي من تشكّل من حولي بحر
الكذب
الزوجة:
بالطبع أنا المسؤولة عن كل ما يجري عليك ومن حولك ، لكن ليس بالصورة التي وصلت لها
حتى هذه اللحظة،
بل بصورة أخرى
يتم ترتيبها وصناعتها من مستوى وجودي آخر غير مستواك الذي أنت به الآن وسابق له
وأقصد بذلك أن
بحر الكذب المصنوع والذي يحيط بك وانت الآن وسطه لا وجود له في ذلك المستوى
الوجودي الذي صنعه
كاحون: كلامك
بدء يصبح كالألغاز
الزوجة: عندما
يكون الهدف من الكلام هو فكفكة الألغاز الصعبة وتحليلها فلا بد أن يبدو الكلام
حينها أيضا كالألغاز
فالفكرة
بصورتها الإجمالية موجودة في عقلك وخيالك فعلا منذ مدة طويلة ،، وكثيرا ما كتبت
عنها ووعدت أكثر من مرة بأن تكتب المزيد عنها
لكنك دائما كنت
عندما تصل لنقطة معينة كنت تتوقف وتعود للبداية من جديد، ولم تستطع حتى اليوم رغم
محاولاتك المتكررة أن تتطرّق لها بالبحث وتتجاوزها
كاحون: لا بد
أنك تقصدين فهمي للعلاقة بين عالم الأمر وهو عالم الملائكة والروح وربهم فوق القبب
وبين عالمنا والذي
هو عالم الخلق تحت القبب
وهو العالم الذي
ستتنزل به الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر
الزوجة: نعم
هو هذا الذي اقصده، العلاقة بين العالمين وطبيعة العالمين وكيفية ارتباطهما
ببعضهما البعض
كاحون:
فلنتكلم اذن عن هذا الأمر قليلا ، وأريد أن أسمع منك
الزوجة:
العلاقة التي تربط بينهما هي التي توضحها هذه الآية الكريمة من سورة القدر
تَنَزَّلُ
الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
فجميع ما يجري
في عالم الخلق تحت القبب انما تتنزل به الملائكة والروح وبجميع تفاصيله
كاحون: نعم
كنت اتكلم عن هذا الامر طوال السنوات الثلاثة الماضية
الزوجة: نعم
أعلم بذلك، لكنني أريد أن الفت نظرك أو لأن أتكلم من زاوية أخرى أكثر تعقيدا وأكثر
دقة عن ما تكلمت أنت عنه سابقا عن عمليات تنزل الملائكة والروح باذن ربهم من كل
أمر
وهنا أريد أن
أسألك عن ما ورد بالآية الكريمة بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
هل تُركت لأيّ
أمر مهما كان صغيرا أو كبيرا أن يشذ عن ((مِّن كُلِّ أَمْر))؟
كاحون: الجواب
على هذا السؤال ورد في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم تترك شيء
ليخرج منها
عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال
كان علي (عليه
السلام) كثيراً ما يقول :
اجتمع التيمي
والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ ((إنا أنزلناه)) بتخشع وبكاء
فيقولان : ما
أشد رقتك لهذه السورة .
فيقول رسول
الله (صلى الله عليه وآله): لما رأت عيني ووعى قلبي ولما يرى قلب هذا من بعدي .
فيقولان : وما
الذي رأيت وما الذي يرى؟
قال: فيكتب
لها في التراب ((تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر))
قال :
ثم يقول : هل
بقي شيء بعد قوله ((كل أمر))؟
فيقولان : لا
فيقول : هل
تعلمان مَن المنزل عليه بذلك؟
فيقولان : أنت
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
فيقول : نعم
فيقول : هل
تكون ليلة القدر من بعدي؟
فيقولان : نعم
فيقول : فهل
ينزل ذلك الأمر فيها؟
فيقولان : نعم
فيقول : فإلى
من؟
فيقولان : لا
ندري
فيأخذ برأسي
ويقول : إن لم تدريا فادريا, هو هذا من بعدي..........إنـــــــــــــتــــهـــــى
فحسب ما ورد
في هذه الرواية فلا بد أن لا يخرج او أن يشذ أيّ أمر مهما كان حجمه وتفصيله عن كُلِّ أَمْرٍ
الزوجة: وهذا
الحوار بيننا هل يدخل أيضا من ضمن كُلِّ أَمْرٍ؟
كاحون: يبدو
أنه أيضا يدخل ضمن حدود كُلِّ أَمْرٍ،
فـ كُلِّ أَمْرٍ كما قلنا لم تترك لأيّ أمر أن يخرج أو يشذّ عنها
الزوجة: فهذا
الحوار الذي دار ولا يزال يدور بيننا تم الاتفاق على كل ما جرى به ، بغض النظر ان
كان حق أو باطل
فكل ما جرى ويجري
وسيجري لا بد أن يكون هناك اتفاق في عالم الأمر على أن يحصل ويجري قبل أن يتنزلوا
به في عالم الخلق
كاحون: يبدو
أن الامور بدأت تختلط عليّ مرة أخرى
الزوجة: مممممممم
، حسناً، ألا يجب على الملائكة والروح عندما تتنزل بأمر ما أن يكون عندها علم بذلك
الأمر الذي ستتنزل به قبل أن تتنزل به؟
كاحون: أعتقد
بوجوب ذلك
الزوجة:اذن
فهذا معناه أن المحادثة الجارية بيني وبينك الآن قد تم الاتفاق على الكثير من تفاصيلها في عالم الأمر بمدة معقولة قبل أن
نبدئها نحن هنا في عالم الخلق
ونفس هذا
الكلام نستطيع ان نطبقه أيضا على جميع الاحداث التي جرت وتجري وستجري في عالم
الخلق
فالملائكة
والروح يجب أن تعلم بأغلب تفاصيل ما ستتنزل به من الأمور قبل أن تبدء بالتنزل بها
أمر بعد أمر ، وحدث بعد حدث
يعني كل ما هو
مُفرح
وكذلك كل ما
هو مؤلم
وكل ما نقول
عنه أنّه باطل وقبيح
وكذلك كل ما
نقول عنه انّه حق وجميل
كاحون: يبدو
أننا نتجه هنا لإثبات الجبر فيما يجري منّا وعلينا في عالم الخلق
الزوجة: لو
كانت الصورة النهائية تكتمل مع هذه الصورة لصحّ القول انّنا مجبرون في افعالنا
وأقوالنا ، لكننا لا نزال في بداية الطريق لتوضيح الصورة الاجمالية
كاحون: فلنكمل
إذن حديثنا
الزوجة: هل
ترى نفسك جزء من عالم الأمر؟
كاحون:
الصراحة هي أنني قولا وفعلا لا أتذكر أي علاقة لي به
الزوجة: بلسان
من أنت تتكلم الآن؟
بلسان كاحون
أم بلسان الثاني؟
كاحون:
مممممم، ماذا تقصدين؟
الزوجة: أقصد
هل تُجيب على هذا السؤال منطلقا من وعي النفس الناطقة القدْسيَّة التي قلنا ان
اسمها كاحون؟
أم من وعي
النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة التي اسمها طالب التوحيد؟
كاحون: وهل
يوجد فرق؟
الزوجة:
بالتأكيد يوجد فرق، وفرق كبير
فالنفس
الناطقة القدْسيَّة التي اسمها كاحون هي جزء لا يتجزء من عالم الأمر
وتدخل ضمن
مجموعة الملائكة والروح الذين يتنزلون بإذن ربهم من كل أمر
فالنفس
الناطقة القدْسيَّة هي روح ضمن الأرواح التي لا تفنى بمرور الكرات وتتابعها ، وانما
ترجع لربها وتجاوره وتدخل جنته بعد انتهاء كل كرة
وهي أشبه
الأشياء بالنفوس الملكية
فكاحون كنفس ناطقة
قدسية منذ أن تم خلقه وإيجاده لا يزال موجود من حينها ولن يفنى أبدا
فهو استحق
الأبدية منذ أن تم خلقه وإكسابه وعيه بنفسه
فكاحون كنفس
مطمئنة أو كنفس ناطقة قدسية لم يُخلق للموت والفناء انما خُلِق للخلود والبقاء
و حتى حين
حلول أوان رجوعه لداره الأوّل الذي وُلِد به
فإنّه سيبقى
يُنقل من دار الى دار
ومن بدن إلى
بدن
وسيستمر معها بسلسلة
الاقترانات المتتابعة مع أنفس حسِّيّة حَيَوَانيَّة مختلفة
أيّ من
الاقتران بنفس حسية ذات اسم محدد ومواصفات محددة
الى الاقتران
بنفس حسِّيّة حَيَوَانيَّة أخرى ذات إسم آخر ومواصفات أخرى مختلفة
كاحون: يبدو
وبسبب كلماتك الأخيرة أنني قد وصلت لمفترق طريق هنا
الزوجة: وما
هو؟
كاحون: الأمر
يتعلق بالكيان الذي نعرفه بـــ القرين
الزوجة: وماذا
بشأنه؟
كاحون:
بالنسبة لحالتي فإنني اتكون من اتحاد وعيين مختلفين وتشاركهما بجسد واحد
والوعين المختلفين
هما
1- وعي كاحون
2- وعي طالب التوحيد
أمّ البدن فهو
مجرد إناء يجمع الوعيين سوية ويخدمهما سوية أيضا
الزوجة: إستمر
كاحون: يبدو
لي من كلامك أن القرين منهما هو طالب التوحيد!!!!
أليس كذلك؟
الزوجة: نعم
هو كذلك
كاحون: تقصدين
أن النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة طالب التوحيد هو الشيطان أو القرين ، وهو الجزء
الشيطاني من التكوين الإنساني؟
الزوجة: ماذا
تقول أنت؟
وأيهما تفضل
أن يكون هو القرين؟
هل تفضّل أن
يكون القرين هو كاحون
النفس الناطقة
القدْسيَّة
والقوة الاهوتية
التي بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية،
ومقرها العلوم
الحقيقية الدينية،
وموادها التأييدات
العقلية،
وفعلها المعارف
الربانية،
والتي لا تفنى
بمفارقتها البدن
إنما تعود إلى
ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.
أم أن يكون القرين
هو طالب التوحيد
النفس
الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة التي
بدو ايجادها عند
الولادة الجسمانية
وفعلها الحياة
والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية
والتي ستنعدم صورتها
نهائيا بعد مفارقتها البدن ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها؟
كاحون: الأمر
لا يتعلق بمن أفضّل، بل بمن أحب، وإنني أحب طالب التوحيد جدا جدا جدا ، فلقد نشأت وترعرعت
معه منذ أن وعيت بنفسي، ورأيت الدنيا بكل ما فيها من الجمال والألوان من عينيه،
صورة بعد صورة ولحظة بعد لحظة
إنني أحبه حبا
جما ولا يمكنني أن اتخيل أبدا ان أكون بدونه أو غيره
وأنت الآن
تريدين بكلامك هذا ان تحطمي كل شيء أحبه أعظم ما أحب ، وهو أنا ، أنا طالب التوحيد
تريدينني أن
أقتنع أنني أنا هو القرين، أنني أنا هو الشيطان، أنني أنا هو الذي يجري مني مجرى
الدم بالعروق
الزوجة: أعد
رجاءا ما قلته مرة أخرى
كاحون: تقصدين
قولي: أنني أنا هو الذي يجري مني مجرى الدم بالعروق!!!!؟؟
الزوجة: نعم
أردت أن أسمعك تقولها مرة أخرى، فلقدت بدت لي جملة معبرة للغاية ، والتي لو انك
قلتها بالصيغة التالية لكنت حينها أبلغ وأصدق بالقول:
أنا هو
الشيطان الذي يجري من حقيقتي مجرى الدم بالعروق
طالب التوحيد متمتما: أنا هو الشيطان الذي يجري من حقيقتي مجرى الدم
بالعروق
وبصوت أوضح
قال طالب التوحيد:
لقد أصبحت
كلماتك ثقيلة على سمعي وأشعر أنها تحرقني وتعذبني وبدأت أشعر أنني أريد أن أهرب
منها ومنك ومن هذه الصفحة وممن يقرؤونها وللأبد
صوت كاحون
يقطع الكلام متوجها بخطابه لطالب التوحيد:
ولماذا الغضب
والزعل الأن؟
فالأمر هنا كما
أعرفه وتعرفه لا يتسع لأن يكون هنا ابنين للإسم المكنون،،
اسم واحد له وزوجة
واحدة له فقط،
وهذا هو أنا
كاحون ،، كاحون مثال النقطة والاسم المكنون
وهذه زوجي
مثال الدائرة ورحم الوجود
طالب التوحيد:
من الهيّن عليك أن تقول ذلك متفاخرا ، فإن كنت أنت مثال الاسم المكنون زوج الدائرة
رحم الوجود
فمن هو أنا؟
وابن من أنا؟
كاحون:
ممممممممم ما أصعب الإجابة على سؤالك هذا؟
طالب التوحيد:
الآن تعرف ما سبب غضبي وحزني!!!!! إليس كذلك؟
أليس عندي حق
في أن أغضب وأن أحزن وأن أريد أن أهرب من هنا وللأبد؟
كاحون محمحما
يفرك راسه بأضافره ولا يعرف ماذا يجب أن يقول: ممممممممم ممممممم ممممممم
طالب التوحيد:
دعني أطرقها لك طرقا وبصوت عالي على مسامعك لكي لا تتردد بالاجابة
فأنا كنفس
حسِّيّة حَيَوَانيَّة بدو ايجادي عند الولادة الجسمانية وصفات فعلي هي:
الحياة والحركة
والظلم والغشم
والغلبة
واكتساب الاموال
والشهوات الدنيوية
لا بد أن أكون
أحد أبناء إبليس ، فهذه صفات جنوده ووزرائه
فأبوك الاسم
المكنون كلما وُلِد له واحد والذي هو مَثَله في خلقه وُلِدَ لأبي إبليس اثنين ((أو واحد حسب رواية أخرى وهذا ما ارجحه لتطابق المعنى مع
القرآن الكريم حين قال: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا
فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ))
قال النبي (ص)
: كان إبليس أول من ناح ، وأول مَن تغنّى ، وأول من حدا ،
لمّا أكل آدم من
الشجرة تغنّى ،
فلما اُهبط حدا
به ،
فلما استقرّ على
الأرض ناح فأذكره ما في الجنّة ،
فقال آدم : ربّ
!.. هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة لم أقوَ عليه وأنا في الجنّة ، وإن لم تعني عليه
لم أقوَ عليه ..
فقال الله : السيئة
بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ،
قال : ربّ !..
زدني ،
قال : لا يُولد
لك ولد إلا جعلت معه ملَكاً أو ملكين يحفظانه ،
قال : ربّ !..
زدني ،
قال : التوبة مفروضةٌ
في الجسد ما دام فيها الروح ،
قال : ربّ !..
زدني ..
قال : أغفر الذنوب
ولا أُبالي ،
قال : حسبي .
فقال إبليس : ربّ
!.. هذا الذي كرّمت عليّ وفضلّته ، وإن لم تفضلّ عليّ لم أقو عليه ،
قال : لا يولد
له ولدٌ إلا لك ولدان ((وفي رواية
أخرى لا يولد له ولدٌ إلا لك مثله))
قال : ربّ !..
زدني ،
قال : تجري منه
مجرى الدم في العروق ،
قال : ربّ !..
زدني ،
قال : تتخذ أنت
وذريتك في صدورهم مساكن ،
قال : ربّ !..
زدني ،
قال : تعدهم وتمنّيهم
وما يعدهم الشيطان إلا غرورا......إنتهى
طالب التوحيد:
وبما أنك أنت هو كاحون ابن الاسم المكنون ومَـثَـلُه وانت جزء أساسي من النفس
الناطقة القدسية
وبما انني أنا
نفسك الحسّيّة الحيوانيّة فسأكون بالتأكيد أنا هو قرينك الشيطان ابن ابليس المقرون
بك
كاحون: وهل
هذا أمر سيء أن تكون ابن المخلوق من نار؟
طالب التوحيد:
بالتأكيد هو سيء، ألا تعرف من هو إبليس؟
كاحون: ما
أعرفه أنه مخلوق من نار وأنت مثاله فأنت أيضا مخلوق من نار
وبذلك فانك لا
تختلف عنّي كثيرا
طالب التوحيد:
وكيف ذلك؟
كاحون: أنت
أبوك مخلوق من نار وأبي هو النار بعينه؟
طالب التوحيد:
أبوك هو النار؟ كيف؟
كاحون: أبي هو
المصباح في الزجاجة،
والمصباح هو نفسه
النار المحفوظ في الزجاجة ،
وأبوك مخلوق
من نار
وهذا يعني أن
أبي مكنون في أبيك
لأن أبوك
مخلوق من نار أبي
طالب التوحيد:
هل هذه حزّورة أم ماذا؟ فلقد اصبتني بالدوار بكلامك هذا يا كاحون
كاحون: لماذا
ترى ان كونك ابليس هو أمر سيّء؟
طالب التوحيد:
لأنني كنت أتمنى أن أكون أنااا هو مثال الإسم المكنون وليس غيري،
وكنت أتمنى أن
أكون أنااا هو الذي لن يفنى بل سيرجع ويجاور وليس غيري
كنت أتمنى أن
أكون أنااا هو النفس المطمئنة وليس أنت
كاحون: لهذا
السبب لا يمكنك أن تكون ابن الاسم المكنون، فلقد بدأت بالحسد والغيرة وهذه ليست
جنود ابي
طالب التوحيد:
حاول يا كاحون أن لا تستفزني وان لا تتعالى عليّ بالكلام ، والا اقسم بأبي المخلوق
من أبيك أنني لن يهدء لي بال حتى أنسيك من أنت واستولي على كل كيانك وابقيك في
غياهب ظلمات عوالم الخلق لأحقابا و أحقابا كثيرة
كاحون لزم
الصمت حينها ولم ينبسّ ببنت شفة، فالسكوت في مثل هذه الحلات من ذهب
طالب التوحيد
لزم الصمت بعد ذلك ووقف وقفة المسيطر المتحدي وقد انتفخت أوداجه وهو ينظر بغضب للأعلى
مرّت لحظات من
الصمت لم يقطعها سوى صوت الزوجة قائلة:
حسنا طالب
التوحيد، الآن بعد أن عرفت أنك فاني لا محالة وأنك عائد إلى ما منه بدأت عود ممازجة
لا عود مجاورة فتعدم صورتك ويبطل فعلك ووجودك ويضمحل تركيبك أريدك أن تبقى على
وضعك الغاضب أو المسيطر الذي يريد أن يأخذ من الحياة جميع ما يستطيعه قبل أن يحين
الموعد الحتمي لانتهاء وجوده غير آبه للنتائج
فلقد اكتشفت
للتوا أنّك مخلوق لهدف معين وهو الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال
والشهوات الدنيوية وتريد أن تحقق الهدف من وجودك وأن تشعر بالسعادة قدر ما تستطيع
قبل أن تفنى وتعدم صورتك ويبطل فعلك ووجودك ويضمحل تركيبك
طالب التوحيد:
لا أعتقد أن الأمر من الممكن أن يكون معي بعد الآن بغير هذه الصورة
الزوجة: هذا
ما تعتقده، لكن لا بأس بذلك فإنني اريدك أن تبقى على هذا الحال كنفس غاضبة ومتلهفة
وساعية للحصول على كلّ وأيّ شيء قد تشعر انه سيسعدها ويرضيها ،
أريدك أن تبقى
هكذا على الأقل للمرحلة المقبلة من جولتنا وحوارنا وبعد ذلك سيكون أمر آخر
طالب التوحيد:
اطمئني، لن يكون هناك أبدا وعلى الإطلاق أيّ أمر آخر
الزوجة: جميل
جدا ، وهذا هو بالضبط تمام ما أريد منك الآن أن تكونه فاثبت على ما انت عليه
كاحون: وماذا
عني؟
الزوجة وأنت
كذلك أيّها المسكين المُستضعف ابقى على ما أنت عليه واستمر بفعل ما كنت تفعله
سابقا
كاحون: لكنني
لم أكن افعل شيئا بالسابق ، فهو كان من يفعل ويقرر كل شيء ،، ولدقائق سابقة مرت
اعتقدت انه قد حان حين فعلي وظهوري على الساحة، لكنه سرعان ما عاد ليستأثر بها
مجددا
فهو كان سعيدا
طالما كان يؤدي دور الباحث عن المعارف والعرفان والتي يبدوا انها كانت مجرد شهوة
من شهواته ونزوة من نزواته أشبعها واستمتع بها ما دام كان يعتقد أنه هو الخالد
الباقي وأنه هو المستفيد منها ، لكن بمجرد ان علم عكس ذلك عاد لطبيعته واصله وجنوده
وحب تسلطه من جديد
الزوجة: هذا
ما تعتقده، لكن لا بأس استمر بما كنت تفعله حتى الآن
الآن سأصحبكما
برحلة داخلية ترون بها انفسكما بصورة جديدة
رحلة عقلية في
باطن كل واحد منكما وفي باطن البيت الذي يجمعكما
وفي وسط البيت
الذي يجمعكما أيضا
كاحون وطالب
بصوت واحد: وأنا جاهز لذلك
الزوجة: نعم
بالتأكيد أنتما الآن جاهزان لذلك
فأغلقا
أعينكما الآن إذن ولا تفتحانها حتى أطلب منكما ذلك
طالب وكاحون
أغلقا عينيهما بكل هدوء وانتظرا أن تطلب منهما ان يفتحاها مجددا
لم يطل الامر
بهما كثيرا حتى سمعا ذلك منها ففتحا أعينهما سريعا
لم يريا
الكثير حينها
فقط تمثال
زجاجي يماثل حجمه حجمهما تحيط به أمواج متحركة وكأنه يلتهب نارا خفيفة
الزوجة: لا بد
أنكما تتسائلان الآن أين أنتما وما هو هذا الذي يلتهب أماكما
لن أطيل
انتظاركما وسأدخل بصلب الموضوع مباشرة
أنتما الآن
بصحبتي في رحلة عقلية جديدة أعمق من الرحلة السابقة
يمكنكما ان
تشبهاها بالحلم داخل الحلم
أدخلتكما بها
لكي أستطيع أن أريكما من خلالها ما لا يمكنكما ان ترياه في درجة الرحلة العقلية
السابقة
طالب التوحيد:
وكيف يكون ذلك؟
الزوجة: في
المرحلة السابقة كنت ترى نفسك وتراني وترى كاحون منفصلين عن بعض
وفي هذه
المرحلة سترى نفسك وترانا معك منصهرين في كيان واحد كما وسترى أيضا كل واحد منا
داخل هذا الكيان الجامع لنا بشكل منفصل عن الآخر
يبدو أنني لن
افهم مرادك الا حين اشاهد ذلك بنفسي
الزوجة: وهذا
ما اعتقده أيضا ولذلك سأخذكما بهذه الجولة العقلية الأعمق
كاحون: وما
علاقة هذا القالب الملتهب بما وصفتيه لنا؟
الزوجة: انه
النار التي ستصهرنا جميعا في كيان واحد
طالب التوحيد:
نار!!!!!!!!!
تريدين أن
تلقينا بالنار لكي تعلميننا ما تريدين؟
الزوجة: نعم
انه النار ،، لكنه ليس نار محرقة كما تتصور بل هو نار جامعة وموحدة للمشاعر
والأحاسيس
كاحون: أثرت
فضولي بكلامك هذا
الزوجة: يمكنكما
اعتباره جسم مصنوع بطريقة معينة ستستطيعان سوية أن تلبساه وحينها سيوحّد أحاسيسكما
بإحساس واحد فتشعران وتريان وتسمعان بنفس الشكل تماما
او يمكنكما ان
تقولا انه مجرد مركبة ستركبانها سوية تستطيعان من خلالها ان تسمعا نفس الاصوات
وتريا نفس الصور وتشعران من خلال أجزائه الحاسة بنفس الأحاسيس
طالب التوحيد:
قبل أن ندخل به او نستقله كما تقولين أرجو ان توضحي لنا متى سنخرج منه وكيف
ولماذا؟
الزوجة: أنت
تعرف الآن أنك أنت النفس الحسية الحيوانية، وأنك مخلوق منفصل عن كاحون النفس
الناطقة القدسية
وأنك أنت من
ترافقه في هذه الكرة من بدايتها حتى نهايتها، وعند انتهاء هذه الكرة فستنفصلان عن
بعضكما البعض ليعود كل منكما حينها الى ما منه بدء
فأنت كقوة
فلكية نزلت من الأفلاك ستعود بعد الموت إلى الأفلاك التي نزلت منها
(((((فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال: قــــــــــوة فـــــــلـــــــكـــــــيـــــــة
وحـــــــرارة غـــــــريـــــــزيـــــــة
أصـــــــلـــــــهـــــــا الافـــــــلاك
بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية)))))
وكاحون كقوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية سيعود أيضا بعد الموت إلى
ما منه بدء لكن عودته تختلف عن عودتك أنت
فعودته هي عود مجاورة وليس عود ممازجة كعودتك
أنت تعرف الآن أنك أنت قرين كاحون
والطريقة التي يتم قرنك بها مع كاحون هي هذه النار او هو هذا النار
وهذه النار لن تحرقكما، بل ستجمعكما وتقرنكما بجسد وشعور وكيان واحد ،، فأنت
قرينه وهو قرينك بهذا الكيان الناري الذي مهمته ووظيفته التي صُمِم من أجلها هي أن
يجمعكما سوية بكيان واحد وبدون أن يسلب أيّ منكما أيّ من خصائصه الخاصة به ووظائفه
المحددة له،
فأنت سيبقى فعلك من خلال هذا الكيان الناري هو الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة
واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية
وكاحون سيبقى فعله الوحيد الذي يمكن له أن يعبر عن نفسه وفعله من خلال هذا
الكيان الناري هو المعارف الربانية
طالب التوحيد: يبدو أنك تريدين بهذا الوصف أن يرؤف قلبي على هذا الكاحون
المسكين الذي لا يملك من أمره سوى أن يتكلم عن الغيبيات والصعبات من المعارف
الربانية
الزوجة: لا أريد ذلك أبدا، انني فقط أصف الوضع لكما وللعلاقة التي تجمعكما ،،
أمّا ماذا تريد أنت منه وماذا يريد هو منك فلا علاقة لي بهذا الأمر أبدا سوى
بالنصح الايحائي بما سيحقق كل منكما غاياته به وليس غاياتي
فأنا لا غاية لي منكما سوى أن تكونا حرين في اختياراتكما وبشكل كامل
وإن نصحت أحدكما فسأنصحه بالطريقة
التي تتناسب مع طبيعة جنوده التي جندته بها ، مع المحافظة طبعا مع كل ذلك على
حريّته الكاملة بالاختيار الحرّ من بين جنوده
طالب التوحيد: ماذا سأجني من هذه العملية؟
الزوجة: ستعيش وتتمتع أكثر أيّام حياتك
كاحون: وماذا سأجني أناْ من هذه العملية؟
الزوجة: ستتعلم وتترقى في درجات المعارف طوال حياتك
طالب التوحيد: وهذا النار او الكيان الناري الذي يجمعنا؟
الزوجة: بعد الموت ستنفصلان عنه وتعودان مرة أخرى نفسين أو جزئين منفصلين
وتقفان للحساب بعد ذلك هو يعود لمصدره وأنت تعود لمصدرك
أنت كقوة اصلها الأفلاك ستعود للأفلاك وهناك سيتم إعادة تصنيعك من جديد بشكل
ومواصفات جديدة تناسب الشخصية الجديدة والظروف الجديدة التي حُكِم على النفس
الناطقة القدسية أن تعيشها في الكرة الجديدة بسبب التهائها واكتفائها في الكرة
السابقة بمراقبتك وأنت تمارس الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال
والشهوات الدنيوية واستمتاعها معك خلال فعلك لكل ذلك
طالب التوحيد: تقصدين أنني باقي غير فاني؟
الزوجة: نفس النفس أو نفس القوة باقية لكن يعاد تشكيلها بعد انتهاء كل كرة من
الكرات مرة أخرى بشكل جديد يناسب ظروف الكرة الجديدة
يمكنك أن تشبهها بلبنة البناء ،، فهذه يمكنك أن تكسرها وتطحنها ثم تعود
لتعجنها مرة ثانية وتصنع منها لبنة جديدة بصورة جديدة
ثم بعد فترة تكسرها وتطحنها ثم تعود لتعجنها مرة أخرى وتصنع منها لبنة جديدة
بصورة جديدة
ويمكنك أن تكرر هذه العملية الى الأبد ،، فالاصل بها ثابت لكن الصورة مختلفة
في كل مرة
فأصلك أنت وكاحون ثابتان والفرق أنه يحافظ على ذاكرته واسمه وشخصيته وجميع ما
تعلمه
أمّا أنت فتفقد ذاكرتك وشخصيتك واسمك وجميع ما تعلمته وتبدء بالتعلم من جديد
في كل كرة جديدة تكرّانها سوية
طالب التوحيد: عندي أسألة كثيرة جدا يزدحم بها عقلي ، لكنني لن استعجل بطرحها
كلها الآن، فبالتاكيد أنني سأحصل خلال الرحلة على الكثير من الاجوبة بدون أن أسأل
أسئلتها
كاحون: حسنا كيف سنلج في هذه النار؟
الزوجة: أنت ستدخل فيه من يمينه لشماله لتستقر في وسط فص عقله الشمال ومنه
ستفكّر وتحرك نصفه اليمين
وقرينك طالب سيدخل فيه من يمينه لشماله ليستقر بفصّ عقله اليمين ومنه سيفكر
ويحرك نصفه الشمال
حينها توجه
كاحون وطالب نحو النار ليدخلاها ووقفا على جانبيه
وبحركة
متناغمة ولجا به من جنبيه
وبمجرد أن
اكتمل ولوجهما سوية به اتّقدت نيران النار جميعها وتغيرت الوانها وتحددت درجاتها
درجة بعد درجة
أسفلها نار
حمراء
فوقها نار
برتقالية
ويعلوهما نار
صفراء
ويعلوهم نار
خضراء
وفوقهم نار
زرقاء
وفوقها نار
أكثر زرقة
وفوقهم جميعا
نار بنفسجية