الخميس، 29 ديسمبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//11 // العين حين تكلّمت







بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب // 11

العين حين تكلّمت





كاحون: حسنا كيف سنلج في هذه النار؟

الزوجة: أنت ستدخل فيه من يمينه لشماله لتستقر في وسط فص عقله الشمال ومنه ستفكّر وتحرك نصفه اليمين

وقرينك طالب سيدخل فيه من يمينه لشماله ليستقر بفصّ عقله اليمين ومنه سيفكر ويحرك نصفه الشمال

حينها توجه كاحون وطالب نحو النار ليدخلاها ووقفا على جانبيه

وبحركة متناغمة ولجا به من جنبيه

وبمجرد أن اكتمل ولوجهما سوية به اتّقدت نيران النار جميعها وتغيرت الوانها وتحددت درجاتها درجة بعد درجة

أسفلها نار حمراء

فوقها نار برتقالية

ويعلوهما نار صفراء

ويعلوهم نار خضراء

وفوقهم نار زرقاء

وفوقها نار أكثر زرقة

وفوقهم جميعا نار بنفسجية


لحظات من الصمت مرّت على كاحون وطالب بعد أن ولِجا في هذا الجسد النوراني الملتهب

كان توقعهما حينها أن كل واحد منهما كان سينظر من جهة أو من أحد عيني هذا الجسد الناري لكن شيئا من ذلك لم يحصل ، وبدلا عنه وجدا نفسيهما في مكان مظلم لم يرى فيه كاحون الا طالب وطالب لم يرى الا كاحون

لم يستمر هذا الوضع طويلا ، فمن فوق رأسيهما برزت نقطة نور واستمرت بعد ذلك تدريجيا بالازدياد حجما وبالاستطالة من جانبيها وبالتدور من جانبيها الاخرين ثم بدأت الألوان الجميلة تبرز شيئا فشيا منها لتحدد معالمها وترسمها

وما هي الا لحظات قليلة حتى استقر شكل تلك النقطة التي بدأت تتعاظم وتتشكل وتتلون على شكل عين نورانية جميلة جدا وملونة بكل ما يمكن لهما أن يتصوراه وما لا يتصوراه من الألوان الجميلة ، وبقيت تلك العين بعد ذلك للحظات تنظر لهما وهي معلقة في الفضاء المظلم من فوقهما بنظرات كلها حب وعطف وحنان

وأخيرا بدأت بالكلام معهما قائلة:

هل عرفتماني؟

بمجرد أن سمع طالب الصوت قال: أنت مثال زوجة أبي الاسم المكنون وبنت أبي الظاهر وزوجي التي تحويني

كاحون بدوره قال: نعم صوتك هو صوت روحي التي تحويني والتي كلما رجعت من كرة منتهية رجعت إليك وعشت معك في سعادة غامرة

العين: إذن عرفتما صوتي بسرعة

طالب: وكيف لي أن لا أعرف صوتك وأنت زوجي ونصفي الآخر، لكن أين نحن الآن؟ ولماذا تظهرين لنا بهذه الصورة

العين: كعادتك تريد أن تعرف كل شيء بسرعة وعلى استعجال

طالب: إذن أعتذر منك على الاستعجال

العين: لا تعتذر فستحتاج الكثير منه بعد قليل

لم تترك العين الفرصة لهما لكي يتحدث أي منهما واستمرت بالكلام قائلة:

قلت لكما أنني سآخذكما برحلة باطنية تتعرفان بها على نفسيكما وأعرف أنها لم تبدء كما توقعتماها وهذا شيء طبيعي ، فكيف لكما أن تحيطا علما بما لم ولن تحيطا به خُبرا

طالب: إن كنا لن نحيط بها علما أو فهما ، فما هي الفائدة إذن من دخولنا معك بهذه الرحلة في هذا العالم الباطني؟

العين: ستفهمانها بالرموز ، سأجعلكما تعيشان في عالم كله رموز وعليكما أن تعرفا في البداية معنى هذه الرموز التي ستريانها من حولكما والتي ستتعاملان مع حقائقها من خلالها

طالب: لم أفهم قولك هذا عن الرموز، فوضحيه لنا لو سمحتي

العين: هذه أمرها سهل جدا، فبالرغم من انكما تتحدثان الأن مع صورة العين التي أمامكما لكنكما لا تشعران بالغرابة من ذلك أبدا ، وذلك حصل فقط عندما عرفتما أن العين هي رمز لي ، فبدأتما من حينها وبدون أن تشعرا بأيّ غرابة تتعاملان وتتحدثان معي من خلال حديثكما مع هذه العين

فأنتما قد فهمتما طبيعة رمز العين وحقيقة رمز العين ولأي شيء يرمز

ومن حينها اكتسب الرمز وصورته أهميتهما بالنسبة لكما لأن العين اصبحت رمز واشارة لي أنا

طالب: بالنسبة لي فأعتقد أنني قد فهمت واستوعبت من هذا المثال تمام ما سألتك عنه، ماذا عنك يا كاحون؟

كاحون هزّ رأسه بالايجاب موافقا

حينها سأل طالب من جديد: لكن لماذا كل شيء مظلم هنا الا نحن؟

العين: كما قلت لك أن رحلتكم الباطنية هذه هي رحلة بالرموز وقبل أن يظهر أي رمز من أمامك يجب أن تفهم حقيقته قبل ذلك ، لكي تفهم معناه كل ما وأين ما ومتى ما ظهر لك هذا الرمز وفي أيّ مرحلة من مراحل هذه الرحلة

فأنت منذ الآن وحتى نهاية هذه الرحلة ستراني كلما رأيت هذه العين وفي أي مقطع زمكاني منها ،، وهكذا سيكون حالك مع بقية الرموز وحقائقها التي ستتعرف عليهم واحد بعد الآخر

مرت لحظات قليلة صمت بها الجميع ، وبدا بها وكأنّ طالب وكاحون قد فهما جميع ما سبق وينتظران ما سيأتي بعد ذلك

لم يطل إنتظارهما كثيرا ، فلقد توجه بؤبوء العين باتجاه كاحون الذي كان يقف على يمينها وقالت له بصوت آمر: إدبر يا كاحون

كاحون بدوره ومن فوره أدار وجهه واعطاها ظهره وبدء يحثّ الخطى في وسط الظلام مبتعدا عنهما وبقى يمشي مبتعدا عنهما ولم يتوقف إلا حين سمع صوت العين تقول له توقف فتوقف من فوره

طالب كان ينظر لكاحون وهو يبتعد شيئا فشيئا عنهما حتى اقترب نوره أخيرا من أن يختفي عن بصره ، و عصف عقله خلالها ألف ألف سؤال وسؤال عن ما الذي سيحصل الآن ولماذا أمرت كاحون ابنها وزوجها المفضّل والمدلّل بالابتعاد عنهما وماذا ستفعل به هو حين تنفرد به بعد ابتعاد كاحون عنهما و و و و

ويبدو أن العين التي كانت تسمع جميع ما كان يدور في عقل طالب من الأفكار والشك والريبة من أمرها لكاحون بالابتعاد عنهما أحبت أن تسمع جميع ما في نفسه وتخبُرَ جميع ما في قلبه فأطالت إدبار كاحون أكثر وأكثر قبل أن تأمره بالتوقف أخيرا ليتوقف وهو مدبرا بوجهه عنهما

لحظات من الصمت مرّت سريعة على كاحون بينما مرّت نفس تلك اللحظات وكانها سنوات طويلة على طالب الذي بدأت مشاعر الغيرة والحسد والشكوك والافكار المظلمة وجميع أنواع المخاوف من جميع ما هو قادم تلفه وتأكله وتعصف به وتقطع روحه قطعة قطعة

صوت العين قطع لحظات الصمت بينهم حين ارتفع قائلا: أقْبِل الأن يا كاحون

كاحون بدوره وبنفس الحركة والسرعة والثبات أدار وجهه وبدء طريق عودته إليهما

نفس الشكوك والافكار السوداوية بدأت تتلاعب بطالب حين كان كاحون يحث الخطى راجعا نحوهما:

يبدو أنها غيرت رأيها وتريد كالعادة أن تبقي حبيب قلبها بجانبها بينما ستبعدني أنا الشيطان وابن إبليس عنها لأقابل مصيري المحتوم وأعيش بعيدا عنها وعن عينيه الجميلتين الناعستين المدللتين والمرفهتين أسوء ما خططته لي

أخيرا وصل كاحون ووقف نفس موقفه السابق أمامها عن يمينها

العين: أحسنت يا كاحون وجزاءا لك سأجعلك وزيرا على 72 جنديا يعينونك في رحلتك الباطنية هذه

بعدها ادارت العين بؤبؤها نحو طالب وقالت: طالب !!!! أدْبِر أنت الآن

طالب في نفسه: لقد تأكدت جميع شكوكي الآن ،، إنّها فعلا تريد أن تبقيه بجانبها وتبعدني أنا الشيطان وابن إبليس عنها، لأنّها تحبه أكثر مني ، ولأنّها تريد أن تقربه منها وأن تبعدني عنهما وخوفا عليه منّي أعطته من الجمود ما سيستطيع أن يتغلب عليّ بها

إنّها، إنّها، إنّها، إنّها، إنّها، إنّها، إنّها، وبدأت الأفكار المظلمة تعصف وتتلاعب بعواطف واحاسيس طالب

لم يقطع تلك الأفكار من رأسه وخياله الا صوت العين وهي تقول له متسائلة:

أدبر يا طالب ما لك تقف في مكانك؟


مع نظرات كلها شك وريبة نظرها مرة للعين وأخرى لكاحون أدار طالب ظهره لهما وبدء يبتعد عنهما بخطوات خائفة ومترددة وكانه كان يمشي بها لحتفه والأفكار والشكوك والاسئلة تعصف بكيانه

ماذا سيحصل لي؟ ماذا ستفعل بي؟ لماذا أرجعته وأبعدتني؟ ماذا سينتظرني هناك بعيدا عنهما؟ ماذا تقول له الآن؟ هل يتآمران عليّ أنا ابن ابليس؟ ما هي خطتهما إذن؟

ماذا؟ ماذا؟ ماذا؟
هل؟ هل؟ هل؟
ما؟ ما؟ ما؟

ومع كل خطوة كان طالب يخطوها مُدبِـرا كانت الماذات والهلّات والماءات تتوالى مسرعة على فكره وعقله وروحه ، ولم يقطع سيلها وتواليها على فكره الا صوت العين وهي تقول له: طالب!!!! توقف الآن 

ماذا؟ الآن؟
ماذا تريد مني أن أفعل الأن؟
ما الذي سيحصل؟
ما الذي سينتظرني وسط هذا الظلام؟

صوت العين قطع سيل أفكاره فأوقف سيل الأسئلة المشككة المتتابعة في عقله: أن أقْبِل علينا الآن يا طالب

طالب في نفسه وهو لا يزال يعطيهما ظهره: يبدو أنهما قد انتهيا من ترتيب المؤامرة عليّ واتفقا على كل تفاصيلها خلال مسيري مبتعدا عنهما

العين تناديه مرة أخرى: أقْبِل علينا يا طالب

طالب جمد في مكانه مترددا عن الاجابة لندائها وقد أغمض جفنيه يفكّر كيف يكيد كيده ليردّ كيدهم

فتح جفنه ليرى نفسه واقف في مكانه والعين فوقه وكاحون يقف بجانبه

العين: تكلم يا طالب،، ماذا تريد أن تقول؟

طالب: هذا الكاحون خلق مثلي ولا فرق ، ولقد كرّمتيه وقويتيه بجنود لا قبل لي وحدي على مقارعته ومقارعتهم جميعا وأنا ضده ولا قوة لي بهم فأعطيني من الجند مثل ما أعطيتيه

فقالت العين: نعم سأعطيك ما طلبت فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي

قال: قد رضيت

فجعلته العين حينها وزيرا على رأس اثنين وسبعين جندا وجعلتهم جميعا أكفّاء رأسا برأس لكاحون وللجنود التي أيدته بهم

طالب: لقد قبلت شرطك وأعطيت عهدي قبل أن أعرف رحمتك التي ستخرجينني منها إن عصيت أمرك وخالفت عهدي

العين: بسبب ترددك وشكّك بي وبعدلي بينكما فإنني جعلت طريقك لبلوغ غايتك وكمالك طريقا طويلا أطلته أنت بيدك واختيارك حين شككت بي وبعدلي

طالب: وماذا عليّ أن أفعل؟

العين: لا شيء غير الذي طلبته بنفسك لنفسك،، أن تكون ندا حقيقيا له، وأن تستعين فقط بجنودك الذين أيدتك بهم لتقارع كاحون وجنوده بهم بقيادتك لهم وإمرتك عليهم

كاحون: وما هو موضوع الصراع بيننا والذي سيتحدد الفائز منّا حين يستولي عليه

العين: أمّ موضع الصراع فانظر أمامك وستراه

من وسط الظلام برزت صورة آدمي يقف بلا حراك لا هو ذكر ولا هو أنثى

واسترسلت حينها العين بكلامهم قائلة: أما فوزك أنت وجنودك بالاستيلاء عليه ونجاحكم في أيّ كرة من صبغه بألوانكم وصفاتكم فسيعني خسارتكما أنت وكاحون وجنوده سواء بسواء

طالب: يا ويلتي إذن،، فهذه المعركة وبهذه الطريقة لم أكن اتوقعها أبدا وأنا الخاسر الوحيد بها






يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....


الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

حوار مع الكونداليني// الحقيقة نقطة في بحر الكذب// ج 6 - ج 10







حوار مع الكونداليني// الحقيقة نقطة في بحر الكذب// ج 6 - ج 10 

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب


يعني لكي تسافر من قبة في الجنة لتصل لقبة أخرى بها يجب عليك أن تسافر في الجنة مسافة عدة سنوات ضوئية من ما تعد من السنوات والمسافات 


ولو أطلقت العنان لخيالك أكثر من ذلك فستتغير نظرتك للسماوات والأرض مرة أخرى 180 درجة من من أقصى الأسفل لأقصى الأعلى 

وستصبح السماوات أرض 

والأرض ستصبح سماوات

الثاني: تصبح السماوات أرض والأرض تصبح سماوات!!!!!!!! 

وكيف يمكن لذلك أن يكون؟

الزوجة: قلنا أنك حين تخرج من تحت القبة فإنك ستدخل او ستخرج لعالم الجنة الواسعة

الثاني: نعم قلنا ذلك

الزوجة: طبعا أنت تعرف أننا مهما تحدثنا ووصفنا الجنة فإن وصفنا لها سيبقى وصف محدود لمحدودية علمنا وبالتبع سيكون محدودا لمحدودية خيالنا 

فنحن نستطيع أن نتصوّر او أن نتخيّل فقط ما لنا عنه علم ابتدائي 

ولو كان علمنا علم صغير ومحدود فسنستطيع أن نبني بالخيال قصورا جميلة على قدر محدودية العلم الذي حصلنا عليه 

والذي بالتأكيد من حدود علمه أكبر من حدود العلم الذي حصلنا عليه فإن حدّ خياله سيكون أوسع واجمل من خيالنا

الثاني: هذا صحيح 

الزوجة: اذا فهمت ذلك فإن الغرف المبنية فوق بعضها البعض في الجنّات التي تجري الانهار من تحتها تقول لك أنك أينما وليّت وجهك في الجنة وفي أيّ اتجاه كان فإنك ستجد جنات وانهار وزروع وغرف مبنية 

فكما انك تعتقد الآن داخل القبة ان الفراغ يحيط بك من كل اتجاه 

فإنك ستجد نفسك محاطا في الجنة بجميع ما هو يجري وينبت ويُبنى على الأرض 

فأنت تنظر لفوقك تجد انهارا وغرفا مبنية وزروع مزروعة وغير ذلك ، ثم تنظر مرة أخرى لتحتك فتجد كل ذلك 

وكذلك ستجد كل ذلك أيضا لو انك نظرت لأيّ اتجاه تختاره


وحينها فلن يكون هناك معنى للاتجاهات في الجنة بحيث أنك أينما ولّيت وجهك في الجنة ستجد رحمة الله تحيط بك 

والمكان الوحيد الذي ستجد به معنى لمحدودية الاتجاهات هو داخل تلك القبب المنتشرة في جميع أنحاء الجنة بكل اتجاهاتها

الثاني: استنتج من كلامك أن الصفة الغالبة على الكون هي أنه منير وكله ألوان جميلة سواى ما يكون من الظلام تحت القبب فقط

وبذلك فان النور والضياء هو الحقيقة السائدة وليس الظلام 

وما الظلام إلا نقاط صغيرة منتشرة هنا وهناك ضمن الوجود الحقيقي للجنة ومحصور ومحدود بحدود القبب 

فالقبة هي من تحجز نور الجنة عن ما ومن هو داخلها ،، ولو فُتِحت أبواب أو سُقُفَ أيّ قبة من القبب فإن نور الجنة سيملأها وينيرها


الزوجة: بدأت تقترب من فهم الصورة التي نتحدث عنها

الثاني: يبدو وكأننا نعيش الصورة السالبة للصورة الحقيقية

حيث أن اللون الأبيض في الصورة الحقيقية يكون أسودا في الصورة  السالبة 

الزوجة: وهذه أيضا خطوة أخرى تخطوها للفهم الصحيح وان كان هذا الكلام ليس دقيق بالكامل



الثاني: يبدو أن هذا الاستثناء منك سيقودنا للكلام عن مبدء الخير والشر الذي كنت أفكر به للتو متسائلا هل من الممكن ان يكون الخير في حقيقته شر والشر خير

الزوجة: نعم كنت أسمعك تفكّر بذلك ، ولذلك قلت لك أن هذا الكلام ليس دقيق بالكامل،، فالخير يبقى خيرا سواء في هذه العالم تحت القبة أو في ما فوقها أيضا، 

والشر وحده الذي سيتغير معناه ويكون في حقيقته خير 

الثاني: وكيف يكون ذلك؟

كيف يمكننا أن نقول أن عمل الشر هو عمل خير في أصله؟

الزوجة: ألا تعتقد أن القلم كتب كل شيء في كتاب قبل أن تبرئه الملائكة وأسيادها بعد ذلك؟

الثاني: هذا الكلام واضح جدا في كتاب الله حيث يقول:

مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

الزوجة: الآن سواء عليك اذا ارجعت ضمير الجمع للمجموعة الآمرة 

أو للمجموعة الفاعلة في القرآن الكريم 

وكنت تعتقد معها أنّ الشرّ هو شيء سيّئ

فإنك تنسب الشرور والسيئات حينها للمجموعة الآمرة وللمجموعة الفاعلة التي ستبرء تلك الأحداث المكتوبة وتخرجها من حالة كتابتها في الكتاب لحالة ظهورها حضوريا في عالم التجلي تحت القبب المختلفة

قل لي هل يكتب القلم الا ما به حكمة؟

الثاني: بما انه هو المشيئة وانه لم يكتب ما كتب في الكتاب الا تعبيرا عن مشيئة خالقه فهو اذن لم يكتب الا الحكمة

الزوجة: ولذلك ورد عن الامام الصادق عليه السلام في تفسير

قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾  

أنه قال: يقدّر في ليلة القدر كل شيء يكون في السنة الى مثلها من قابل: 

خير وشر، 

وطاعة ومعصية، 

ومولود وأجل ورزق

فما قدَّر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم، ولله عزَّ وجلَّ فيه المشيئة .....بقية الرواية

فكل المكتوب من الخير والشر هو من الأمر الحكيم 

ولذلك ورد عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال:

أن فضل إيمان المؤمن بحمله "إنا أنزلنا" وبتفسيرها 

على من ليس مثله في الايمان بها، 

كفضل الانسان على البهائم، 

وإن الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا ((لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم)) ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين

ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار........إنـــتـــهـــى الـــنـــقـــل

ففضل المؤمن كامل الإيمان بمعاني سورة إنّا انزلناه في ليلة القدر وبأن كل ما يتم التنزل به هو من الامر الحكيم هو كفضل الانسان على البهائم 

لأن الذي لا يعتقد أن الذي كتب في كتابه أو الذي فرق في كتابه كل الشر والخير الذي ستتنزل به الملائكة والروح تاليا على مختلف العباد إنما هو واحد وهو الحكيم الذي لا يكتب إلّا الحكمة فقط 

فإنه يتهمه حينها ومن غير أن يدري بالسفه والظلم والعياذ بالله ،، كما ويتهم كذلك بالسفه والظلم جميع من سيقومون بعد ذلك بالتنزل بما كتبه الحكيم تباعا بإذن ربهم ،، 

ولذلك شبههم بالبهائم

الثاني: لكنني لم افهم بعد أين الحكمة في الشر؟ 

أو أين الخير في الشر؟

أو كيف يكون الشر في حقيقته خيرا؟

الزوجة: إدراك هذا الامر وفهمه يحتاج منك لنظرة شاملة للبداية والنهاية

الثاني: ومن أين لي بهذه النظرة وانا لا أزال في بداية طريقي

الزوجة: سأساعدك في ذلك، لكن انتبه لما سأقوله جيدا

الثاني: تفضلي

الزوجة: تعلم أن بداية خلقك كانت حينما خلقوك وصوروك وأشهدوك موقف السجود للخليفة ، وهو اليوم الذي أعطيت العهد به بالطاعة والاتباع للخليفة مع جميع من عاهدوا هذا العهد في ذلك الموقف 

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ 
ثُــــــمَّ صَوَّرْنَاكُمْ 
ثُــــــمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ 
فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ

هذه كانت هي نقطة البداية التي تم ابتدائك منها وبدأت معها رحلة شعورك بذاتك ووجودك

بعد ذلك بدأت تكرّ تحت القبّة في العوالم المادية وستبقى تكرّ تحتها الى ما شاء الله لك ذلك ، 

والى أن يزداد علمك لدرجة ستقرر معها أن تستيقظ 

فتبدء من حينها رحلة استيقاظك وستستمر بها حتى تنجح أخيرا بذلك وتكون مع ومن الفائزين 

فيتم استخلاصك وتنجيتك ورفعك حينها إلى الملأ الأعلى

لقد نجحت وفزت وتم رفعك لما فوق القبة 

حين تقف حينها وتنظر لحياتك وجميع ما مررت به من التجارب والمواقف الانسانية المختلفة خلال كراتك كلها فستجد أنك ربما قد ارتكبت خلالها ملايين الأخطاء

لكنك ستدرك في تلك اللحظة أيضا أن تلك الأخطاء هي نفسها التي اوصلتك الى ما اصبحت عليه الأن

وستدرك أن ميزان الأعمال الذي كان يتقرر لك على اساسه أن تخوض هذه الحياة او تلك الحياة سواء بحياة طيبة او بحياة ضنكا هو نفسه الميزان الذي عذّبك من الماء الملح الأجاج 

وهو نفسه ميزان الأعمال الذي أوصلك أخيرا لأن تكون من الفائزين الصاعدين المُستخلصين الذين تم تنجيتهم من العودة لجهنم ومن مخالطة أهل جهنم بعد أن صفت طينتك وعادت كما كانت أول خلقتها صافية من الكدورات والملح الاجاج

وحينها فإنك ستحب نفسك كما هي بدون أي زيادة او نقصان 

ولن تتمنى حينها أنك قد كنت على غير صورة ما قد كنته ومررت به وفعلته في كل موقف من مواقف حياتك 

وفي كل كرّة من كرّات حياتك كلها

فمجموع حياتك وقراراتك واختياراتك كلها في جميع كرّاتك هو من أوصلك الى حيث وصلت الآن وجعلك من الفائزين الصاعدين

حينها عندما تنظر لأفعال وتصرفات إخوانك ممن لا يزالون تحت القبة فإنك ستعرف أنهم إنما يسيرون بطريق تكاملهم مهما كانت صورة أفعالهم 

وأنهم سيصلون في يوم من الأيام لما وصلت أنت له 

نعم قد تطول المدة على بعضهم أكثر من البقية لكنهم سيصلون أخيرا الى حيث وصلت أنت وانهم سيصلون فرادى كما وصلت أنت فردا حين ثقُلت موازينك 

فالخير والشر بالنسبة لسادة وأمراء وملوك عالم الأمر هو كله خير، ولذلك قالوا لنا في كتابهم

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ 

وَنَـــــبْــــلُــــوكُــــم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً 

وَإِلَــــــيْــــــنَـــــا تُرْجَعُونَ

فكل نفس ستذوق الصحوة، أي ستستيقظ وتنتبه من نومتها أخيرا وسترجع إلى وطنها ومسقط رأسها ومنشأها الأصلي فوق القبة 

فهي هناك ولِدت 

ومن هناك نُزِّلت 

واليه سترجع مهما طال سفرها وترحالها وتقلبها في المنازل والصور والأبدان والدور التي ستنتقل لها دار بعد دار في كرّة بعد كرّة 

والشَّرُّ وَالْخَيْرُ 

الذي بلانا به الحكيم الذي كتبه لنا وعلينا 

وأمر به الآمرون 

وفعله الفاعلون الذين نفّذوا الأوامر لنا وعلينا خلال رحلة وجودنا كلها 

هو كله خير من منظورهم لأنه سيصل بنا في النهاية لمبتغانا وكمالنا الذي نسعى جميعنا إليه ، وسيرجعنا بالنهاية إليهم رجعة أبدية

الثاني: يبدو أن محطتنا التالية ستكون في معرفة كيف يتم التّنزل بنا من فوق السقف المرفوع لتحته

أي كيف يتم التنزل بنا من عالم الأمر أو الجنة في عالم الخلق أو الجحيم؟

الزوجة: يمكننا ذلك لو أحببت، فهذه المعرفة ضرورية من ضمن عدة معارف أخرى كلها ترتبط مع بعضها البعض لتقريب صورة الفكرة النهائية لعلاقة عالم الأمر بعالم الخلق وكيف تتنزل الملائكة والروح فيه بإذن ربها من كل أمر

الثاني: حسنا كيف ستبتدئين هذه المرحلة

الزوجة: سأبدئها بسؤلك عن معنى كلمة وكيف تفهمها؟

الثاني: ممممم، غريب ، لكن تفضّلي

الزوجة: كيف تفهم معنى كلمة جعل وجعلنا التي جائت في القرآن الكريم بمواضع كثيرة جدا؟

الثاني: يبدو لي ان معناه العام هو قرن صفة مخلوقة مع مخلوق ما

بحيث أنه متى ما حضر هذا المخلوق حضرت أو ظهرت تلك الصفة المخلوقة معه أيضا

فمثلا وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا

تقول انه متى ما حضر الليل حضرت صفة سكنا معه ايضا ،، فالليل والسكن مقترنان لا يفترقان متى ما حضر الأول حضر الثاني ، هذا بالاضافة لصفات أخرى لليل

وكذلك الشمس والقمر متى ما حضرا حضرت معهما صفة الحسبان أيضا بالاضافة لصفات أخرى


الزوجة: دعنا نذهب لغرفة الأولاد ، اريد أن أريك شيئا

الثاني: هيا بنا

يدخلان الغرفة حيث كان الاولاد يتسلون بلعبة البليستيشن فوقفا خلفهم

الزوجة: انظر للمشهد المعروض على الشاشة امام ابنك هذا وقل لي ماذا ترى فيها

الثاني: أرى ان الشخصية التي يلعب بها تمشي في الظلام وقد أنار ضوء مرتكز على جبينه يضيئ له دربه بشكل موضعي ذو انارة محدودة

الزوجة: وهل تعتقد فعلا أنه يوجد ضوء في هذه اللعبة ينير الطريق له في الظلام؟

الثاني: لا اعتقد انه يوجد ضوء حقيقي بل هو مجرد برمجة من ضمن برمجات عديدة برمجها المبرمج بشكل ترتبط مع بعضها البعض بشكل متوازي بحيث يكون احدها المسبب والآخر السبب

فهو عندما يضغط أحد الأزرار يظهر له وكان مصدر للضوء المثبت فوق جبينه قد توهج وبنفس الوقت ما يقع أمام هذا المصدر يتغير شكله من مظلم غير مرئي وغير واضح المعالم والالوان ، لمنير ومرئي وواضح المعالم والالوان

الزوجة: وماذا تدعوا هذه العملية؟

الثاني: كما قلت لك قبل قليل من انها مجرد برمجة قام المبرمج ببرمجتها وربط بينها بالسبب والنتيجة بحيث يظهر وكان المصدر المتوهج هو من أضاء له الطريق وجعله واضحا

الزوجة: كيف تفهم ذلك مع ما تكلمنا عليه سابقا من معنى الجعل؟

الثاني: يبدو أن معنى المبرمج يتوافق مع معنى الجاعل

ومعنى المبرمجات المختلفة هي المجعولات المختلفة التي جعلها الجاعل واكسبها صفاتها وربط بينها وبين بعضها البعض

بحيث يكون احدها السبب والآخر يكون هو النتيجة

او تكون البرمجات أحدها العلة والآخري هي المعلولة لها

الزوجة: انظر للشاشة الآن مرة أخرى وقل لي ماذا ترى

الثاني: لقد أشرقت الشمس وبدء الضياء يعم المكان وبدأت الأشياء تشرق نورا وألوانا

الزوجة: مرة أخرى أسألك هل تعتقد فعلا أن الشمس في هذه اللعبة هي من أظهرت الأشياء وجعلتها مرئية ومنيرة فيها؟

الثاني: نفس ما انطبق على الحالة السابقة ينطبق على هذه الحالة أيضا

فالشمس هي برمجة والنهار برمجة أخرى لكنهما يرتبطان في ظهورهما مع بعضهما البعض

الزوجة: الأن اعد قرائة هذه الآية وقل لي ماذا تفهم منها على ضوء ما قلته قبل قليل

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ


الثاني: يبدو أن

الليل مخلوق أوّل

والنهار مخلوق ثاني

والشمس مخلوق ثالث

والقمر مخلوق رابع

لكن المبرمج او الجاعل ربط ما بين الشمس والنهار فجعل احدهما العلة والآخر المعلول له

وجعل غياب الشمس علة لظهور الليل

وجعل ظهورها علة لظهور النهار

الزوجة: فكل شيء هو بيد الجاعل او المبرمج إذن؟

الثاني: نعم بالتأكيد

الأن بهذا الفهم من أن الليل والنهار هما مخلوقان منفصلان عن الشمس وجودا ومرتبطان معها علّة ماذا يمكنك أن تضيف على ما يستطيع الجاعل او المبرمج أن يبرمحه أو ان يجعله؟

الثاني نظر برهة للشاشة أمامه ثم تبسم وقال:

يستطيع المبرمج أن يجعل اللاعب يمسك ببقعة الظل بأحد ازرار التحكم ويحركها كيفما يشاء تحت الشمس فيُظلِم بها أي بقعة منيرة

ويستطيع كذلك أن يجعله يمسك ببقعة الضوء بمعزل عن المصباح الذي ينيرها ويحركها في الظلام كيف يشاء فينير بها أي بقعة من الظلام

الزوجة: هل يذكرك ذلك بشيء؟

الثاني: نعم يذكرني بقوله تعالى:

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا

فهو يريد أن يقول أن الظل لا علاقة له بالشمس الّا بالجعل أو الّا بالبرمجة ونظام العلة والمعلول

وأن العلة والمعلول كلاهما مخلوقان مختلفان ، يختلفان عن بعضهما البعض في الخلق التكوين وما كان ارتباطهما ليكون ممكنا الا بجعل الجاعل فيصبح أحدهما السبب والآخر يكون الاثر له

الزوجة: إذن؟

الثاني: هل تريدين القول أن الشمس والقمر والليل والنهار هكذا هم في عالمنا؟

الزوجة: أنا لا أريد أن أقول لك شيئا جديدا لا تعرفه ، بل أوضح لك فقط بعض جزئيات ما كنت تعتقد به اجمالا

الثاني: لكنني لم أكن اعتقد بذلك

الزوجة: بل كنت تعتقد بذلك اجمالا وليس تفصيلا

الثاني: وكيف كان ذلك؟

الزوجة: ألا تعتقد بالوجود العقلي لهذا الوجود ، وأنه كله علة ومعلولا يدار بواسطة العقل الكلي؟

فهذا هو الوجود العقلي، وكله يدار بواسطة العقل الكلي

فهو الموجود المبرمج لكل البرمجات

وهو الرابط ما بينها كعلة ومعلول

او حسب التعبير القرآني

هو الخالق لكل المخلوقات

وهو الرابط بينها بالجعل

ليكون بعضها علة لبعضها الأخر

الثاني: وإلى أين تريدين الوصول عبر توضيح معنى الجعل هذا؟

الزوجة: أريد أن أقول لك أن الرحلة العقلية الداخلية التي سآخذك بها هي رحلة تتعرف بها ومن خلالها على العلل والمعلولات التي ستجعلك تشعر بوجودك وتتعلم من خلالها أيضا ما لم تكن تعلمه

الثاني: جميل جدا ، لكنني لم أعرف من أنا حتى الآن، فطوال المدة السابقة كنت أعتقد أنني أنا النفس الناطقة القدْسيَّة وأن النفس الناطقة القدْسيَّة هي مثال الإسم المكنون لكنك سلبتيني هذا الوجود من بداية حواري معك فأصبحت من حينها معلق ولا أعرف من أنا

الزوجة: عندما تقول أنا من الذي تقصده بكلمة أنا؟

الثاني: أقصد أنا طالب التوحيد الذي يكلمك الآن

الزوجة: أنت لست طالب التوحيد، طالب التوحيد هو المرآة التي استحققت أن ترى نفسك من خلالها في هذه الكرّة ،، وفي كرتك التالية سترى نفسك من خلال مرآة أخرى

الثاني: وما هو إذن مصير المرآة طالب التوحيد بعد انتهاء هذه الكرة

الزوجة: هذه المرآة التي ترى نفسك على صورتها وتتعلم أشياء جديدة من خلالها إذا فارقتك عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.

الثاني: هل تقصدين انني أنا النفس الحسية الحيوانية!!!!!!!

الزوجة: لا تستعجل النتائج وانتبه لما قلناه قبل قليل، انت لست النفس الحسية الحيوانية

النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة هي المرآة التي ترى نفسك حاليا وفي كرتك هذه من خلالها

الثاني: لكنك قلت أن طالب التوحيد هو نفسه المرآة التي ستعود إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها

الزوجة: نعم قلت ذلك

الثاني: إذن طالب التوحيد والذي هو أنا سيفنى وتعدم صورته ويبطل فعله ووجوده ويضمحل تركيبه

الزوجة: ركّز معي قليلا، صورة وشخصية وصفات طالب التوحيد هي فقط جزء بسيط من رحلة وجودك

والذي عندما ستفنى وتعدم صورته ويبطل فعله ووجوده ويضمحل تركيبه فإنك ستحتفظ بجميع ما تعلمته من خلال رؤيتك لنفسك من خلال صورته وفعله وتركيبه

الثاني: ومن هو أنا الذي سيحتفظ بجميع ما تعلمه من خلال صورة وفعل وتركيب طالب التوحيد؟

الزوجة: مالك بدأت تنسى تفاصيل حديثنا؟

ألم نتفق منذ البداية أنك مثال الإسم المكنون المكنون بي ، وأنني روحك التي بين جنبيك وهويتك التي تحيط بك؟

الثاني: نعم اتفقنا على ذلك

الزوجة: ألم نتفق أنك لك إسم آخر تم تسميتك به منذ أن تم خلقك في أحسن تكوين وسيبقى هذا الاسم هو اسمك الملاصق لك طوال حياتك الأبدية؟

الثاني: وما هو اسمي هذا؟

الزوجة: وما الفرق بين ان يكون اسمك س او ص فهو مجرد اسم تم تسميتك به عند بداية ولادتك الروحية

الثاني: أريد أن أعرف إسمي هذا لكي أعرف من أنا عندما نتحدث وبما انك لا تفقدين الذكرة ومعي منذ أن ولِدت أنا الولادة الروحية في احسن تكوين فلا بد أنك تعرفينه

الزوجة: حسنا هذه فكرة جميلة أن تعرف نفسك الحقيقية من خلال معرفتك لاسمك الأول

إسمك الأول هو كاحون وأظنك تعرف ذلك

كاحون: كاحون؟ نعم سمعت بهذا الإسم في أحد أحلامي وتعجبت منه كثيرا، لكن ماذا يعني هذا الإسم؟

الزوجة: كاحون في الملأ الأعلى تعني الشاهد المشاهد

كاحون: الشاهد المشاهد؟ شاهد على ماذا ومشاهد لماذا؟

الزوجة: تعني الشاهد على نفسه والمشاهد لنفسه

كاحون: أوضحي لي معنى شهادتي على نفسي ومشاهدتي لنفسي لو سمحتي فالامر قد غمُضَ عليّ جدا جدا جدا؟

الزوجة: قلنا قبل قليل أن طالب التوحيد هو مرآة ستشاهد بها نفسك، صحيح؟

كاحون: نعم صحيح

الزوجة: ضع الآن هذه المرآة جانبا

كاحون: حسناً وضعتها جانبا

الزوجة: أنا وأنت نشكل سوية أيضا مرآة وجودية واحدة ،، سطح المرآة العاكس وهذا هو أنا ، ووسطها يوجد مثال الاسم المكنون وهو أنت، واضح الكلام؟

كاحون: نعم هو واضح

الزوجة: الأن ماذا ستحتاج أنت كمثال للاسم المكنون لكي تستطيع أن ترى نفسك؟

كاحون: سأحتاج لمرآة أخرى أنظر بها ومن على سطحها لنفسي

الزوجة: تلك المرآة التي ستنظر لها لترى نفسك عليها لو كان سطحها مشوب بأيّ شائبة هل ستعكس لك صورتك الحقيقية أم ستعكس لك صورتك مع صورة الشائبة او الشوائب المنطبعة على سطحها

كاحون: لا شك أنني سأرى حينها صورتي مشوبة بجميع تلك الشوائب المنطبعة على سطح تلك المرآة التي سانظر بها لنفسي

الزوجة: المرآة التي تنظر لنفسك من خلالها الأن هي المرآة المشوبة بصورة طالب التوحيد، ولو انك استطعت أن تمحي بإرادتك من على سطح تلك المرآة صورة طالب التوحيد المنطبعة عليها فستظهر لك حينها صورتك الحقيقية

كاحون: النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة وجميع قواها هي إذن هي نفسها تلك المرآة التي سأنظر وأشعر بنفسي ووجودي من خلالها وهي نفسها التي أتعلم الأن من خلالها

الزوجة: هذا صحيح

كاحون: طيب هذا ما يخص صورة طالب التوحيد المطبوعة على تلك المرآة التي انظر إليها، لكن ماذا عن صور العالم المختلفة التي بصورة طالب التوحيد وأرى نفسي كطالب التوحيد وسطها؟

هل نفس المرآة هي من تصنع تلك الصور فأراها مع صورة طالب التوحيد

الزوجة: كلا

كاحون: كلا؟!!!!!

ومن أين تأتي تلك الصور إذن؟

الزوجة: انها منّي أنا

كاحون: منك أنت؟!!!!!

الزوجة: نعم مني أنا

كاحون: هل تقصدين أنك أنت من تحيطينني ببحر الكذب؟

الزوجة: نعم ولا ، لكن هذا هو الاتفاق المبرم بين أمي الإسم المخلوق وبين أبوك الإسم المكنون منذ الأزل

كاحون: نعم ولا؟ كيف يكون نعم وبنفس الوقت يكون لا؟

الزوجة: تذكر اننا قلنا انه لا يوجد سوى الدائرة والنقطة، والدائرة هي الوجود والنقطة هي الموجود

كاحون: نعم أذكر ذلك

الزوجة: وتعرف من قبل ذلك أن الاسم المكنون أراد أن يظهر لنفسه أو أن يرى نفسه بكل صورة ممكنة

كاحون: وهذه اعرفها أيضا

الزوجة: وتعرف أن الاسم المكنون هو القلم الذي رسم جميع الصور وكتب كل الاحداث المحيطة بتلك الصور بجميع احتمالاتها

كاحون: وهذه أيضا أعرفها

الزوجة: فهو من يرسم الصور ويكتب الاحداث وأنا من سيصور الصور وصور الاحداث التي تحيط بصوره ليعيشها هو ويرى نفسه بها ومن خلالها

فأنا الوجود بكل صوره وهو الموجود بكل الصور


فالاسم المكنون بهذه الطريقة هو الشاهد على نفسه والمشاهد لنفسه 

وأنا التي أريه نفسه كما يريد هو أن يرى نفسه

ولا يمكن لذلك أن يكون الا أن أحيطه ببحر من الكذب والاوهام التي ستخفي حقيقته عن نفسه 

مرت لحظات صمت على كاحون سرح فكره فيها في عالم آخر

الزوجة: لا تحزن ولا تسيء الظن بي يا كاحون

كاحون: لا أستطيع أن أتصور أن جميع الظلمات التي أعيش بها هي من صنعك أنت

الزوجة: لم تكتمل جميع صور المشهد عندك بعد، فلا تستعجل الحكم، فدوري هو ليس خلق الظلمات من حولك ، فعندما نكون أنا وأنت فقط فأنك ستعيش معي أجمل ما يمكنك أن تتصوره من المشاعر والأحاسيس

كاحون: أنا وأنت فقط؟ 

ومتى يكون ذلك؟

الزوجة: عندما تنفصل عن بدنك ونفسك الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة

فعند نهاية جميع مراحل كلّ كرّة تكرها فإنك ستعود لي لنبقى أنا وأنت فقط في سعادة غامرة وجنة عامرة إلى أن تنزل مرة أخرى بكرّتك التالية

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

كما أنني لا أباشر كل شيء بنفسي وأكتفي بعملية المراقبة والاحاطة الشاملة لكل ما يجري عليك

كاحون: المراقبة والاحاطة الشاملة لكل ما يجري عليّ؟ 

فمن هم الذين ستراقبينهم ولماذا؟ 

الزوجة: أراقب الذين سأكلفهم بأن يعطوك جميع ما تريده وبلا استثناء

كاحون: جميع ما اريده وبلا استثناء؟ 

ماذا تقصدين بذلك؟

الزوجة: حفظ حرية الاختيار والمشيئة الشخصية لك خلال كل لحظة من لحظات وجودك من أوّل لحظة لشعورك بنفسك وإلى الأبد هو هدفي من هذه المراقبة

كاحون: وكيف ذلك؟

الزوجة: قلت لك أنني وجودك كله وأحيط بك كما تحيط المرآة بالنقطة التي في وسطها 

كاحون: نعم قلتِ ذلك لي وهذا هو سبب تصوري الآن أن جميع الظلمات التي أعيش بها هي من صنعك أنت، فأنت مرأتي وهويتي ووجودي وكل عالمي

الزوجة: نعم ذلك صحيح، لكن هذا المشهد ليس هو المشهد الكامل لوصف العلاقة بيني وبينك فتوجد هناك جزئيات ومشاهد وقوى كثيرة جدا تتشارك في صنع هذا المشهد الذي تعيش به

كاحون: وضّحي لي ذلك لو سمحت

الزوجة: فيك انطوى العالم الأكبر، أظنك تعشق هذه الكلمات، أليس كذلك؟

كاحون: نعم بالفعل، وكثيرا ما كنت أسرح مطولا لأتفكّر بهذه الكلمات

الزوجة: عندما أقول لك أنني مرآة وجودك كله فلا تتصور هذه المرآة على أنها مرآة واحدة مسطّحّة سقيلة 

بل هي مرآة أشبه ما تكون بالجوهرة وأنت تسكن في وسطها

وهذه المرآة الجوهرة تتكون من جواهر ثمانية أو بتعبير ثاني أنها  ثمانية قوى أو ثمانية أسماء بتعبير ثالث

في باطن ومركز كل جوهرة من تلك الجواهر الثمانية تتمركز جوهرة أصغر منها جميعها لكنها هي اسمها الأعظم الذي يديرها ويسيطر عليها ثمانيتها

وكل جوهرة من تلك الجواهر الثمانية لها ثمانية أركان أو ثمانية قوى أو تتكون من اتحاد ثمانية أسماء بجسد جوهري واحد ، والجوهرة التي تسكن وسطهم هي اسمهم الأعظم

كاحون: يبدو أنك تتكلمين عن الميركابا، أليس كذلك؟

الزوجة: نعم هو كذلك ، فصورة الميركابا هي الصورة التي اتكلم عنها الآن والتي صورتها هي جزء أساسي وكبير من صورة الجوهرة كاملة

ودعني اكمل لك صورتها الآن

كاحون: تفضلي

الزوجة: قلنا حتى الأن أن صورة جسد الميركابا تتكون من ثمانية جواهر وكل جوهرة تتكون من ثمانية أركان ووسط كل جوهرة من الجواهر الثمانية تتمركز جوهرة تاسعة مصمدة

مع ملاحظة أن كل ركن من أركان الجواهر الثماني يمثل إسم من أسمائي أو قوة من قواي 

فكم سيصبح عدد الأركان أو الأسماء أو القوى لمجموع الجواهر الثمانية بالاضافة للجواهر الثمانية المصمدة المكنونة بهم ثمانيتهم؟

كاحون: أعتقد أن العدد سيكون 72 قوة أو 72 إسم من أسمائك

الزوجة: هل يذكرك هذا العدد بشيء؟

كاحون: نعم بالتأكيد، فهذا العدد يرتبط دائما وعند جميع الأديان والأمم بالإسم الأعظم الذي يتكون من 72 حرف 

والإسم أو الحرف المخزون المكنون بهم والذي لم يخرج منه الا إليه هو ثالث وسبعينهم

الزوجة: من تتوقع في حالتك على اعتبار انني الجوهرة وانك المكنون بي أن يكون هو الإسم المكنون المخزون الذي استأثرت به فلم يخرج مني إلا إليّ؟

كاحون: لا بد أن أكون أنا هو الإسم المكنون المخزون في الجوهرة

فحسب توضيحك السابق فأنت مثال المرآة وأنا مثال الإسم المكنون المكنون في وسطك 

الزوجة: لا بد أن هذا الموضوع يثير اهتمامك فعلا، فلقد عدت للتركيز معي من جديد

كاحون: فعلا ، هو يهمني كثيرا، فأنا لا أنام الا وأركان الميركابا تتراقص لامعة من امامي 

الزوجة: فالأسماء او القوى الـ72 هم أسمائي وقواي أنا ، وكلهم ينسبون لي أنا ،، فهم حجّتي عليك وأنا الحجة عليهم كلهم 

لكن تذكّر كما أنني وأنك كيان واحد لا انفصام بيننا ، فإنني وأسمائي الـ72 أيضا كيان واحد لا انفصام بيننا ولا اختلاف ، فنحن كلنا جوهرة واحدة حيّة بالذات، وأنت من ضمننا

كاحون: حسناً ، إن كنت انا مثال الإسم المكنون، فأين هو الإسم المكنون من هذه المنظومة أو من هذه الجوهرة المتكاملة الحيّة بالذات؟

الزوجة: سؤالك هذا جاء في الوقت المناسب وفي محله لتعرف من هما ابويك

كاحون: كيف ذلك؟

الزوجة: الأسماء الـ72 يمكنك أن تعتبرهم كيان واحد وهو أبوك الذي يتولى تربيتك ظاهرا 

أمّا أبوك الإسم المكنون فهو المكنون بجميع تلك الأسماء الـ72 ،، فهو الباطن لتلك الأسماء الـ72 كلها، بمعنى أنّه هو المحرّك والقائد والموجه لهم جميعهم من باطنهم

لكن أعود وأقول لك مرة أخرى أنك يجب أن تتذكّر دائما وأبدا، أنّه كما أنني وأنك كيان واحد لا انفصام بيننا ، فإنني وأسمائي الـ72 و أيضا الإسم المكنون بهم كلهم، كلنا كيان واحد لا انفصام بيننا ولا اختلاف، 

 فنحن كلنا جوهرة واحدة حيّة بالذات وأنت من ضمننا 

فكلنا الثلاث والسبعون ، لكنك حاليا كمثال للاسم المكنون الذي لم يصل لكماله الأكمل بعد لا زلت أنت الطرف الأضعف بنا 

لكنك مهما طال الزمن بك ستصل أخيرا وبمساعدتنا لكمالك الأكمل لمقام كن فيكون فتكون معنا جسدا واحد وروحا واحدة

كاحون: بُشراك جميلة لكن آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فدعينا نكمل ما كنا فيه

الزوجة: نعم سمعتك تسأل فأين هي النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة إن كانت الميركابا بمجموعها هي الإسم الأعظم، ولقد كنت سابقا تعتقد أن نصفها النفس الناطقة القدْسيَّة ونصفها النفس الحسية الحيوانية

كاحون: نعم هذا بالضبط ما برق في عقلي وومض فيه حين كنت تتكلمين، أين هي النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة من كل هذا؟

يعني بالنسبة لي أين هو طالب التوحيد من كل هذا الوصف؟

الزوجة: سنصل له قريبا فلا تستعجل، فقبل ذلك أريدك أن تتعرف على بيتك الذي وُلِدت فيه وستبقى فيه طوال حياتك ولن تخرج منه ابدا،

ليس لأنك محبوس به

بل لأن العالم الأكبر كله منطوي لك في بيتك ولا شغل له سوى أن يخدمك تماما كما تريد ، ومهمته الوحيدة هي أن يعكس لك أو أن يُظهر لك صور مشيئتك صورة بعد صورة لمشيئة بعد مشيئة وتماما كما تشائها وتريد أن تراها كنهر جار لا ينقطع سيله وهديره

كاحون: الأمر لك وأعتذر عن استعجالي

الزوجة: لا بأس عليك فإني أنتظر أن أسمع سؤالك لكي اجيب عنه، فحين تسأل عن شيء فمعناه انك تريد أن تكمل الصورة التي وصلت لها بالصورة التي بجانبها لتتسع حدود تلك الصورة التي وصلت لها سلفا

قلنا أن الميركابا تتكون من اجتماع وتراكب ثمانية جواهر ثمانية الأركان

هذه الجواهر الثمانية عندما تجتمع مع بعضها البعض مكونة الجوهرة او الميركابا فإنه سيتكون في وسطها جوهرة أو غرفة او بيت صغير يتمركز في وسطها

هذا البيت أو هذه الجوهرة التي تتوسطهم لها أربعة عشر وجه وأنت كمثال للإسم المكنون تسكن في وسطها

هذه الجوهرة المركزية هي بيتك أنت ، وهي مقرك الأبدي المجعول لك وحدك ، والذي من داخله سترى العالم كما تشاء أن تراه وكما ستعكس لك أسمائي الـ72 صورته المتحركة تبعا لمشيئتك المتواصلة

أنت تجلس في وسطه، أنت الرقم تسعة المتمركز في وسط هذا البيت الجوهرة وكل القوى أو الأسماء التي تحيط بك هي لخدمتك سواء أكنت في عالم الأمر العلوي فوق القبب أو في عوالم الخلق السفلية تحت القبب 

كاحون: أحب أن أعرف منك ماذا تقصدين بأن الأسماء الـ72 هي أسمائك؟

الزوجة: المعنى سيختلف باختلاف اللسان الذي ساتكلم به

كاحون: يختلف باختلاف اللسان الذي ستتكلمين به؟

ماذا تقصدين بذلك؟

الزوجة: عندما أتكلم بلسان دائرة الوجود ورحمه فإن تلك الأسماء جميعها هي أسماء أبنائي وأولادي، وذلك لأنني سأتكلم بلسان الرحم الذي أوجدهم ولا يزال يجمعهم جميعهم ، فأنا لم ولن أنفصل عنهم وهم لم ولن ينفصلوا عني 

وبلحاظ نفس الأسماء فأن بعض أسمائي هم ابنائي الكبار وبعضهم الآخر هم اسماء ابناء ابنائي الكبار

الأم: فالميركابا كما قلنا تتكون من نجمتين كبيرتين، النجمتان هنا هما ابني الأكبرين ، فأنا دائرة الوجود وهما الموجودان في داخل حدودي ولا حدود لي لأنني من أوجد الحدود

بهما زينت أركان عرشي، وكل نجمة كاملة منهما هي ابن من أبنائي

وأنت إبني الثالث الذي لا زال ينموا عقليا وفكريا ومعرفيا ولم يكتمل نموه بعد للدرجة التي يكون بها إسما

الأسماء الـ72 هم أبناء أبنيّ الأكبرين ، وبهذا المعنى هم مظاهر فعلهما

وبنفس الوقت فإن مجموع النجمتين المتحدتين بجسد جوهري واحد مع الاسم المكنون بالاسماء الـ72 هما أبي وزوجي

فأنا أم أحدهما والذي هو أبي 

وزوج الثاني والذي هو بعلي

وهما واحد 

فأنا أم أبيها الظاهر ،، لأنه هو المُظهِر لي ولأسمائي 

وزوجة الباطن الاسم المكنون لأنه أب جميع أبنائي أو أسمائي

فأبي هو إسمي الأعظم

وزوجي هو الاسم الأعظم

وأبنائي وأركانهم هم اسمائي العظمى والحسنى

وأنا إسمهم الأعظم

وتذكر مرة أخرى اننا كلنا كيان واحد لا فرق بيننا 

فنحن إسم المعنى المعبود الذي ابدعنا لا من شيء فجعلنا وجهه ومظهر إرادته ومستودع علمه ووكر مشيئته

فنحن المعنى المخلوق الذي خلق منه كل شيء

وهو المعنى المبدِع الأول الذي أبدعنا إبداعا لا من شيء

فأنا شجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى وهم جذري وجذعي وسوقي وأغصاني وأوراقي

وهنا عندما أتكلم بإسم أوراقي فبلسان فإنني أتكلم بلسان آخر غير الذي اتكلم به بلسان غصوني

ولسان غصوني حين أتكلم به لا يشبه كلامي حين أتكلم من على لسان فروعي 

ولسان جذعي الذي اتكلم به لا يشبه كلامي حين أتكلم من على لسان جذري

لكنهم كلهم ينطقون بكلامي وكلماتي 

فكلامهم كلامي وكلامي كلامهم

كاحون: رجعنا لنفس النتيجة وهي أنني كمثال لنقطة الحقيقة محاط بأسمائك وهي من تشكّل من حولي بحر الكذب

الزوجة: بالطبع أنا المسؤولة عن كل ما يجري عليك ومن حولك ، لكن ليس بالصورة التي وصلت لها حتى هذه اللحظة،

بل بصورة أخرى يتم ترتيبها وصناعتها من مستوى وجودي آخر غير مستواك الذي أنت به الآن وسابق له

وأقصد بذلك أن بحر الكذب المصنوع والذي يحيط بك وانت الآن وسطه لا وجود له في ذلك المستوى الوجودي الذي صنعه

كاحون: كلامك بدء يصبح كالألغاز

الزوجة: عندما يكون الهدف من الكلام هو فكفكة الألغاز الصعبة وتحليلها فلا بد أن يبدو الكلام حينها أيضا كالألغاز

فالفكرة بصورتها الإجمالية موجودة في عقلك وخيالك فعلا منذ مدة طويلة ،، وكثيرا ما كتبت عنها ووعدت أكثر من مرة بأن تكتب المزيد عنها

لكنك دائما كنت عندما تصل لنقطة معينة كنت تتوقف وتعود للبداية من جديد، ولم تستطع حتى اليوم رغم محاولاتك المتكررة أن تتطرّق لها بالبحث وتتجاوزها

كاحون: لا بد أنك تقصدين فهمي للعلاقة بين عالم الأمر وهو عالم الملائكة والروح وربهم فوق القبب

وبين عالمنا والذي هو عالم الخلق تحت القبب

وهو العالم الذي ستتنزل به الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر

الزوجة: نعم هو هذا الذي اقصده، العلاقة بين العالمين وطبيعة العالمين وكيفية ارتباطهما ببعضهما البعض

كاحون: فلنتكلم اذن عن هذا الأمر قليلا ، وأريد أن أسمع منك

الزوجة: العلاقة التي تربط بينهما هي التي توضحها هذه الآية الكريمة من سورة القدر

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ

فجميع ما يجري في عالم الخلق تحت القبب انما تتنزل به الملائكة والروح وبجميع تفاصيله

كاحون: نعم كنت اتكلم عن هذا الامر طوال السنوات الثلاثة الماضية

الزوجة: نعم أعلم بذلك، لكنني أريد أن الفت نظرك أو لأن أتكلم من زاوية أخرى أكثر تعقيدا وأكثر دقة عن ما تكلمت أنت عنه سابقا عن عمليات تنزل الملائكة والروح باذن ربهم من كل أمر

وهنا أريد أن أسألك عن ما ورد بالآية الكريمة بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ

هل تُركت لأيّ أمر مهما كان صغيرا أو كبيرا أن يشذ عن ((مِّن كُلِّ أَمْر))؟

كاحون: الجواب على هذا السؤال ورد في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم تترك شيء ليخرج منها


عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال

كان علي (عليه السلام) كثيراً ما يقول :

اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ ((إنا أنزلناه)) بتخشع وبكاء

فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة .

فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما رأت عيني ووعى قلبي ولما يرى قلب هذا من بعدي .

فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى؟

قال: فيكتب لها في التراب ((تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر))

قال :

ثم يقول : هل بقي شيء بعد قوله ((كل أمر))؟

فيقولان : لا

فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك؟

فيقولان : أنت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

فيقول : نعم

فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي؟

فيقولان : نعم

فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟

فيقولان : نعم

فيقول : فإلى من؟

فيقولان : لا ندري

فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا, هو هذا من بعدي..........إنـــــــــــــتــــهـــــى

فحسب ما ورد في هذه الرواية فلا بد أن لا يخرج او أن يشذ أيّ أمر مهما كان حجمه وتفصيله عن كُلِّ أَمْرٍ

الزوجة: وهذا الحوار بيننا هل يدخل أيضا من ضمن كُلِّ أَمْرٍ؟

كاحون: يبدو أنه أيضا يدخل ضمن حدود كُلِّ أَمْرٍ، فـ كُلِّ أَمْرٍ كما قلنا لم تترك لأيّ أمر أن يخرج أو يشذّ عنها

الزوجة: فهذا الحوار الذي دار ولا يزال يدور بيننا تم الاتفاق على كل ما جرى به ، بغض النظر ان كان حق أو باطل

فكل ما جرى ويجري وسيجري لا بد أن يكون هناك اتفاق في عالم الأمر على أن يحصل ويجري قبل أن يتنزلوا به في عالم الخلق

كاحون: يبدو أن الامور بدأت تختلط عليّ مرة أخرى

الزوجة: مممممممم ، حسناً، ألا يجب على الملائكة والروح عندما تتنزل بأمر ما أن يكون عندها علم بذلك الأمر الذي ستتنزل به قبل أن تتنزل به؟

كاحون: أعتقد بوجوب ذلك

الزوجة:اذن فهذا معناه أن المحادثة الجارية بيني وبينك الآن قد تم الاتفاق على الكثير من  تفاصيلها في عالم الأمر بمدة معقولة قبل أن نبدئها نحن هنا في عالم الخلق

ونفس هذا الكلام نستطيع ان نطبقه أيضا على جميع الاحداث التي جرت وتجري وستجري في عالم الخلق

فالملائكة والروح يجب أن تعلم بأغلب تفاصيل ما ستتنزل به من الأمور قبل أن تبدء بالتنزل بها أمر بعد أمر ، وحدث بعد حدث

يعني كل ما هو مُفرح

وكذلك كل ما هو مؤلم

وكل ما نقول عنه أنّه باطل وقبيح  

وكذلك كل ما نقول عنه انّه حق وجميل

كاحون: يبدو أننا نتجه هنا لإثبات الجبر فيما يجري منّا وعلينا في عالم الخلق

الزوجة: لو كانت الصورة النهائية تكتمل مع هذه الصورة لصحّ القول انّنا مجبرون في افعالنا وأقوالنا ، لكننا لا نزال في بداية الطريق لتوضيح الصورة الاجمالية

كاحون: فلنكمل إذن حديثنا

الزوجة: هل ترى نفسك جزء من عالم الأمر؟

كاحون: الصراحة هي أنني قولا وفعلا لا أتذكر أي علاقة لي به

الزوجة: بلسان من أنت تتكلم الآن؟

بلسان كاحون أم بلسان الثاني؟

كاحون: مممممم، ماذا تقصدين؟

الزوجة: أقصد هل تُجيب على هذا السؤال منطلقا من وعي النفس الناطقة القدْسيَّة التي قلنا ان اسمها كاحون؟

أم من وعي النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة التي اسمها طالب التوحيد؟

كاحون: وهل يوجد فرق؟

الزوجة: بالتأكيد يوجد فرق، وفرق كبير

فالنفس الناطقة القدْسيَّة التي اسمها كاحون هي جزء لا يتجزء من عالم الأمر

وتدخل ضمن مجموعة الملائكة والروح الذين يتنزلون بإذن ربهم من كل أمر

فالنفس الناطقة القدْسيَّة هي روح ضمن الأرواح التي لا تفنى بمرور الكرات وتتابعها ، وانما ترجع لربها وتجاوره وتدخل جنته بعد انتهاء كل كرة

وهي أشبه الأشياء بالنفوس الملكية

فكاحون كنفس ناطقة قدسية منذ أن تم خلقه وإيجاده لا يزال موجود من حينها ولن يفنى أبدا

فهو استحق الأبدية منذ أن تم خلقه وإكسابه وعيه بنفسه

فكاحون كنفس مطمئنة أو كنفس ناطقة قدسية لم يُخلق للموت والفناء انما خُلِق للخلود والبقاء

و حتى حين حلول أوان رجوعه لداره الأوّل الذي وُلِد به

فإنّه سيبقى يُنقل من دار الى دار

ومن بدن إلى بدن

وسيستمر معها بسلسلة الاقترانات المتتابعة مع أنفس حسِّيّة حَيَوَانيَّة مختلفة

أيّ من الاقتران بنفس حسية ذات اسم محدد ومواصفات محددة

الى الاقتران بنفس حسِّيّة حَيَوَانيَّة أخرى ذات إسم آخر ومواصفات أخرى مختلفة

كاحون: يبدو وبسبب كلماتك الأخيرة أنني قد وصلت لمفترق طريق هنا

الزوجة: وما هو؟

كاحون: الأمر يتعلق بالكيان الذي نعرفه بـــ القرين

الزوجة: وماذا بشأنه؟

كاحون: بالنسبة لحالتي فإنني اتكون من اتحاد وعيين مختلفين وتشاركهما بجسد واحد

والوعين المختلفين هما

1-   وعي كاحون

2-   وعي طالب التوحيد

أمّ البدن فهو مجرد إناء يجمع الوعيين سوية ويخدمهما سوية أيضا

الزوجة: إستمر

كاحون: يبدو لي من كلامك أن القرين منهما هو طالب التوحيد!!!!

أليس كذلك؟

الزوجة: نعم هو كذلك

كاحون: تقصدين أن النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة طالب التوحيد هو الشيطان أو القرين ، وهو الجزء الشيطاني من التكوين الإنساني؟

الزوجة: ماذا تقول أنت؟

وأيهما تفضل أن يكون هو القرين؟

هل تفضّل أن يكون القرين هو كاحون

النفس الناطقة القدْسيَّة
والقوة الاهوتية التي بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية،
ومقرها العلوم الحقيقية الدينية،

وموادها التأييدات العقلية،
وفعلها المعارف الربانية،

والتي لا تفنى بمفارقتها البدن
إنما تعود إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.

أم أن يكون القرين هو طالب التوحيد

النفس الحسِّيّة الحَيَوَانيَّة التي

بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية

وفعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية

والتي ستنعدم صورتها نهائيا بعد مفارقتها البدن ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها؟

كاحون: الأمر لا يتعلق بمن أفضّل، بل بمن أحب، وإنني أحب طالب التوحيد جدا جدا جدا ، فلقد نشأت وترعرعت معه منذ أن وعيت بنفسي، ورأيت الدنيا بكل ما فيها من الجمال والألوان من عينيه، صورة بعد صورة ولحظة بعد لحظة

إنني أحبه حبا جما ولا يمكنني أن اتخيل أبدا ان أكون بدونه أو غيره

وأنت الآن تريدين بكلامك هذا ان تحطمي كل شيء أحبه أعظم ما أحب ، وهو أنا ، أنا طالب التوحيد

تريدينني أن أقتنع أنني أنا هو القرين، أنني أنا هو الشيطان، أنني أنا هو الذي يجري مني مجرى الدم بالعروق

الزوجة: أعد رجاءا ما قلته مرة أخرى

كاحون: تقصدين قولي: أنني أنا هو الذي يجري مني مجرى الدم بالعروق!!!!؟؟

الزوجة: نعم أردت أن أسمعك تقولها مرة أخرى، فلقدت بدت لي جملة معبرة للغاية ، والتي لو انك قلتها بالصيغة التالية لكنت حينها أبلغ وأصدق بالقول:

أنا هو الشيطان الذي يجري من حقيقتي مجرى الدم بالعروق

طالب التوحيد متمتما: أنا هو الشيطان الذي يجري من حقيقتي مجرى الدم بالعروق

وبصوت أوضح قال طالب التوحيد:

لقد أصبحت كلماتك ثقيلة على سمعي وأشعر أنها تحرقني وتعذبني وبدأت أشعر أنني أريد أن أهرب منها ومنك ومن هذه الصفحة وممن يقرؤونها وللأبد

صوت كاحون يقطع الكلام متوجها بخطابه لطالب التوحيد:

ولماذا الغضب والزعل الأن؟

فالأمر هنا كما أعرفه وتعرفه لا يتسع لأن يكون هنا ابنين للإسم المكنون،،

اسم واحد له وزوجة واحدة له فقط،

وهذا هو أنا كاحون ،، كاحون مثال النقطة والاسم المكنون
وهذه زوجي مثال الدائرة ورحم الوجود

طالب التوحيد: من الهيّن عليك أن تقول ذلك متفاخرا ، فإن كنت أنت مثال الاسم المكنون زوج الدائرة رحم الوجود

فمن هو أنا؟
وابن من أنا؟

كاحون: ممممممممم ما أصعب الإجابة على سؤالك هذا؟

طالب التوحيد: الآن تعرف ما سبب غضبي وحزني!!!!! إليس كذلك؟

أليس عندي حق في أن أغضب وأن أحزن وأن أريد أن أهرب من هنا وللأبد؟

كاحون محمحما يفرك راسه بأضافره ولا يعرف ماذا يجب أن يقول: ممممممممم ممممممم ممممممم

طالب التوحيد: دعني أطرقها لك طرقا وبصوت عالي على مسامعك لكي لا تتردد بالاجابة

فأنا كنفس حسِّيّة حَيَوَانيَّة بدو ايجادي عند الولادة الجسمانية وصفات فعلي هي:

الحياة والحركة
والظلم والغشم والغلبة
واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية

لا بد أن أكون أحد أبناء إبليس ، فهذه صفات جنوده ووزرائه

فأبوك الاسم المكنون كلما وُلِد له واحد والذي هو مَثَله في خلقه وُلِدَ لأبي إبليس اثنين ((أو واحد حسب رواية أخرى وهذا ما ارجحه لتطابق المعنى مع القرآن الكريم حين قال: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ))


قال النبي (ص) : كان إبليس أول من ناح ، وأول مَن تغنّى ، وأول من حدا ،
لمّا أكل آدم من الشجرة تغنّى ،
فلما اُهبط حدا به ،
فلما استقرّ على الأرض ناح فأذكره ما في الجنّة ،

فقال آدم : ربّ !.. هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة لم أقوَ عليه وأنا في الجنّة ، وإن لم تعني عليه لم أقوَ عليه ..

فقال الله : السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ،

قال : ربّ !.. زدني ،

قال : لا يُولد لك ولد إلا جعلت معه ملَكاً أو ملكين يحفظانه ،

قال : ربّ !.. زدني ،

قال : التوبة مفروضةٌ في الجسد ما دام فيها الروح ،

قال : ربّ !.. زدني ..

قال : أغفر الذنوب ولا أُبالي ،

قال : حسبي .

فقال إبليس : ربّ !.. هذا الذي كرّمت عليّ وفضلّته ، وإن لم تفضلّ عليّ لم أقو عليه ،

قال : لا يولد له ولدٌ إلا لك ولدان ((وفي رواية أخرى لا يولد له ولدٌ إلا لك مثله))

قال : ربّ !.. زدني ،

قال : تجري منه مجرى الدم في العروق ،

قال : ربّ !.. زدني ،

قال : تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن ،

قال : ربّ !.. زدني ،

قال : تعدهم وتمنّيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا......إنتهى

طالب التوحيد: وبما أنك أنت هو كاحون ابن الاسم المكنون ومَـثَـلُه وانت جزء أساسي من النفس الناطقة القدسية

وبما انني أنا نفسك الحسّيّة الحيوانيّة فسأكون بالتأكيد أنا هو قرينك الشيطان ابن ابليس المقرون بك

كاحون: وهل هذا أمر سيء أن تكون ابن المخلوق من نار؟

طالب التوحيد: بالتأكيد هو سيء، ألا تعرف من هو إبليس؟

كاحون: ما أعرفه أنه مخلوق من نار وأنت مثاله فأنت أيضا مخلوق من نار

وبذلك فانك لا تختلف عنّي كثيرا

طالب التوحيد: وكيف ذلك؟

كاحون: أنت أبوك مخلوق من نار وأبي هو النار بعينه؟

طالب التوحيد: أبوك هو النار؟ كيف؟

كاحون: أبي هو المصباح في الزجاجة،

والمصباح هو نفسه النار المحفوظ في الزجاجة ،

وأبوك مخلوق من نار

وهذا يعني أن أبي مكنون في أبيك

لأن أبوك مخلوق من نار أبي

طالب التوحيد: هل هذه حزّورة أم ماذا؟ فلقد اصبتني بالدوار بكلامك هذا يا كاحون

كاحون: لماذا ترى ان كونك ابليس هو أمر سيّء؟

طالب التوحيد: لأنني كنت أتمنى أن أكون أنااا هو مثال الإسم المكنون وليس غيري،

وكنت أتمنى أن أكون أنااا هو الذي لن يفنى بل سيرجع ويجاور وليس غيري

كنت أتمنى أن أكون أنااا هو النفس المطمئنة وليس أنت

كاحون: لهذا السبب لا يمكنك أن تكون ابن الاسم المكنون، فلقد بدأت بالحسد والغيرة وهذه ليست جنود ابي

طالب التوحيد: حاول يا كاحون أن لا تستفزني وان لا تتعالى عليّ بالكلام ، والا اقسم بأبي المخلوق من أبيك أنني لن يهدء لي بال حتى أنسيك من أنت واستولي على كل كيانك وابقيك في غياهب ظلمات عوالم الخلق لأحقابا و أحقابا كثيرة


كاحون لزم الصمت حينها ولم ينبسّ ببنت شفة، فالسكوت في مثل هذه الحلات من ذهب

طالب التوحيد لزم الصمت بعد ذلك ووقف وقفة المسيطر المتحدي وقد انتفخت أوداجه وهو ينظر بغضب للأعلى

مرّت لحظات من الصمت لم يقطعها سوى صوت الزوجة قائلة:

حسنا طالب التوحيد، الآن بعد أن عرفت أنك فاني لا محالة وأنك عائد إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتك ويبطل فعلك ووجودك ويضمحل تركيبك أريدك أن تبقى على وضعك الغاضب أو المسيطر الذي يريد أن يأخذ من الحياة جميع ما يستطيعه قبل أن يحين الموعد الحتمي لانتهاء وجوده غير آبه للنتائج

فلقد اكتشفت للتوا أنّك مخلوق لهدف معين وهو الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية وتريد أن تحقق الهدف من وجودك وأن تشعر بالسعادة قدر ما تستطيع قبل أن تفنى وتعدم صورتك ويبطل فعلك ووجودك ويضمحل تركيبك


طالب التوحيد: لا أعتقد أن الأمر من الممكن أن يكون معي بعد الآن بغير هذه الصورة 

الزوجة: هذا ما تعتقده، لكن لا بأس بذلك فإنني اريدك أن تبقى على هذا الحال كنفس غاضبة ومتلهفة وساعية للحصول على كلّ وأيّ شيء قد تشعر انه سيسعدها ويرضيها ،

أريدك أن تبقى هكذا على الأقل للمرحلة المقبلة من جولتنا وحوارنا وبعد ذلك سيكون أمر آخر

طالب التوحيد: اطمئني، لن يكون هناك أبدا وعلى الإطلاق أيّ أمر آخر

الزوجة: جميل جدا ، وهذا هو بالضبط تمام ما أريد منك الآن أن تكونه فاثبت على ما انت عليه

كاحون: وماذا عني؟

الزوجة وأنت كذلك أيّها المسكين المُستضعف ابقى على ما أنت عليه واستمر بفعل ما كنت تفعله سابقا

كاحون: لكنني لم أكن افعل شيئا بالسابق ، فهو كان من يفعل ويقرر كل شيء ،، ولدقائق سابقة مرت اعتقدت انه قد حان حين فعلي وظهوري على الساحة، لكنه سرعان ما عاد ليستأثر بها مجددا

فهو كان سعيدا طالما كان يؤدي دور الباحث عن المعارف والعرفان والتي يبدوا انها كانت مجرد شهوة من شهواته ونزوة من نزواته أشبعها واستمتع بها ما دام كان يعتقد أنه هو الخالد الباقي وأنه هو المستفيد منها ، لكن بمجرد ان علم عكس ذلك عاد لطبيعته واصله وجنوده وحب تسلطه من جديد

الزوجة: هذا ما تعتقده، لكن لا بأس استمر بما كنت تفعله حتى الآن

الآن سأصحبكما برحلة داخلية ترون بها انفسكما بصورة جديدة

رحلة عقلية في باطن كل واحد منكما وفي باطن البيت الذي يجمعكما

وفي وسط البيت الذي يجمعكما أيضا

كاحون وطالب بصوت واحد: وأنا جاهز لذلك

الزوجة: نعم بالتأكيد أنتما الآن جاهزان لذلك

فأغلقا أعينكما الآن إذن ولا تفتحانها حتى أطلب منكما ذلك

طالب وكاحون أغلقا عينيهما بكل هدوء وانتظرا أن تطلب منهما ان يفتحاها مجددا

لم يطل الامر بهما كثيرا حتى سمعا ذلك منها ففتحا أعينهما سريعا

لم يريا الكثير حينها

فقط تمثال زجاجي يماثل حجمه حجمهما تحيط به أمواج متحركة وكأنه يلتهب نارا خفيفة

الزوجة: لا بد أنكما تتسائلان الآن أين أنتما وما هو هذا الذي يلتهب أماكما

لن أطيل انتظاركما وسأدخل بصلب الموضوع مباشرة

أنتما الآن بصحبتي في رحلة عقلية جديدة أعمق من الرحلة السابقة

يمكنكما ان تشبهاها بالحلم داخل الحلم

أدخلتكما بها لكي أستطيع أن أريكما من خلالها ما لا يمكنكما ان ترياه في درجة الرحلة العقلية السابقة

طالب التوحيد: وكيف يكون ذلك؟

الزوجة: في المرحلة السابقة كنت ترى نفسك وتراني وترى كاحون منفصلين عن بعض

وفي هذه المرحلة سترى نفسك وترانا معك منصهرين في كيان واحد كما وسترى أيضا كل واحد منا داخل هذا الكيان الجامع لنا بشكل منفصل عن الآخر

يبدو أنني لن افهم مرادك الا حين اشاهد ذلك بنفسي

الزوجة: وهذا ما اعتقده أيضا ولذلك سأخذكما بهذه الجولة العقلية الأعمق

كاحون: وما علاقة هذا القالب الملتهب بما وصفتيه لنا؟

الزوجة: انه النار التي ستصهرنا جميعا في كيان واحد

طالب التوحيد: نار!!!!!!!!!

تريدين أن تلقينا بالنار لكي تعلميننا ما تريدين؟

الزوجة: نعم انه النار ،، لكنه ليس نار محرقة كما تتصور بل هو نار جامعة وموحدة للمشاعر والأحاسيس

كاحون: أثرت فضولي بكلامك هذا

الزوجة: يمكنكما اعتباره جسم مصنوع بطريقة معينة ستستطيعان سوية أن تلبساه وحينها سيوحّد أحاسيسكما بإحساس واحد فتشعران وتريان وتسمعان بنفس الشكل تماما

او يمكنكما ان تقولا انه مجرد مركبة ستركبانها سوية تستطيعان من خلالها ان تسمعا نفس الاصوات وتريا نفس الصور وتشعران من خلال أجزائه الحاسة بنفس الأحاسيس

طالب التوحيد: قبل أن ندخل به او نستقله كما تقولين أرجو ان توضحي لنا متى سنخرج منه وكيف ولماذا؟

الزوجة: أنت تعرف الآن أنك أنت النفس الحسية الحيوانية، وأنك مخلوق منفصل عن كاحون النفس الناطقة القدسية

وأنك أنت من ترافقه في هذه الكرة من بدايتها حتى نهايتها، وعند انتهاء هذه الكرة فستنفصلان عن بعضكما البعض ليعود كل منكما حينها الى ما منه بدء

فأنت كقوة فلكية نزلت من الأفلاك ستعود بعد الموت إلى الأفلاك التي نزلت منها

(((((فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال: قــــــــــوة فـــــــلـــــــكـــــــيـــــــة
وحـــــــرارة غـــــــريـــــــزيـــــــة
أصـــــــلـــــــهـــــــا الافـــــــلاك
بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية)))))

وكاحون كقوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية سيعود أيضا بعد الموت إلى ما منه بدء لكن عودته تختلف عن عودتك أنت

فعودته هي عود مجاورة وليس عود ممازجة كعودتك

أنت تعرف الآن أنك أنت قرين كاحون

والطريقة التي يتم قرنك بها مع كاحون هي هذه النار او هو هذا النار

وهذه النار لن تحرقكما، بل ستجمعكما وتقرنكما بجسد وشعور وكيان واحد ،، فأنت قرينه وهو قرينك بهذا الكيان الناري الذي مهمته ووظيفته التي صُمِم من أجلها هي أن يجمعكما سوية بكيان واحد وبدون أن يسلب أيّ منكما أيّ من خصائصه الخاصة به ووظائفه المحددة له،

فأنت سيبقى فعلك من خلال هذا الكيان الناري هو الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية

وكاحون سيبقى فعله الوحيد الذي يمكن له أن يعبر عن نفسه وفعله من خلال هذا الكيان الناري هو المعارف الربانية

طالب التوحيد: يبدو أنك تريدين بهذا الوصف أن يرؤف قلبي على هذا الكاحون المسكين الذي لا يملك من أمره سوى أن يتكلم عن الغيبيات والصعبات من المعارف الربانية

الزوجة: لا أريد ذلك أبدا، انني فقط أصف الوضع لكما وللعلاقة التي تجمعكما ،، أمّا ماذا تريد أنت منه وماذا يريد هو منك فلا علاقة لي بهذا الأمر أبدا سوى بالنصح الايحائي بما سيحقق كل منكما غاياته به وليس غاياتي

فأنا لا غاية لي منكما سوى أن تكونا حرين في اختياراتكما وبشكل كامل

 وإن نصحت أحدكما فسأنصحه بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة جنوده التي جندته بها ، مع المحافظة طبعا مع كل ذلك على حريّته الكاملة بالاختيار الحرّ من بين جنوده

طالب التوحيد: ماذا سأجني من هذه العملية؟

الزوجة: ستعيش وتتمتع أكثر أيّام حياتك

كاحون: وماذا سأجني أناْ من هذه العملية؟

الزوجة: ستتعلم وتترقى في درجات المعارف طوال حياتك

طالب التوحيد: وهذا النار او الكيان الناري الذي يجمعنا؟

الزوجة: بعد الموت ستنفصلان عنه وتعودان مرة أخرى نفسين أو جزئين منفصلين وتقفان للحساب بعد ذلك هو يعود لمصدره وأنت تعود لمصدرك

أنت كقوة اصلها الأفلاك ستعود للأفلاك وهناك سيتم إعادة تصنيعك من جديد بشكل ومواصفات جديدة تناسب الشخصية الجديدة والظروف الجديدة التي حُكِم على النفس الناطقة القدسية أن تعيشها في الكرة الجديدة بسبب التهائها واكتفائها في الكرة السابقة بمراقبتك وأنت تمارس الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية واستمتاعها معك خلال فعلك لكل ذلك

طالب التوحيد: تقصدين أنني باقي غير فاني؟

الزوجة: نفس النفس أو نفس القوة باقية لكن يعاد تشكيلها بعد انتهاء كل كرة من الكرات مرة أخرى بشكل جديد يناسب ظروف الكرة الجديدة

يمكنك أن تشبهها بلبنة البناء ،، فهذه يمكنك أن تكسرها وتطحنها ثم تعود لتعجنها مرة ثانية وتصنع منها لبنة جديدة بصورة جديدة

ثم بعد فترة تكسرها وتطحنها ثم تعود لتعجنها مرة أخرى وتصنع منها لبنة جديدة بصورة جديدة

ويمكنك أن تكرر هذه العملية الى الأبد ،، فالاصل بها ثابت لكن الصورة مختلفة في كل مرة

فأصلك أنت وكاحون ثابتان والفرق أنه يحافظ على ذاكرته واسمه وشخصيته وجميع ما تعلمه

أمّا أنت فتفقد ذاكرتك وشخصيتك واسمك وجميع ما تعلمته وتبدء بالتعلم من جديد في كل كرة جديدة تكرّانها سوية

طالب التوحيد: عندي أسألة كثيرة جدا يزدحم بها عقلي ، لكنني لن استعجل بطرحها كلها الآن، فبالتاكيد أنني سأحصل خلال الرحلة على الكثير من الاجوبة بدون أن أسأل أسئلتها

كاحون: حسنا كيف سنلج في هذه النار؟

الزوجة: أنت ستدخل فيه من يمينه لشماله لتستقر في وسط فص عقله الشمال ومنه ستفكّر وتحرك نصفه اليمين

وقرينك طالب سيدخل فيه من يمينه لشماله ليستقر بفصّ عقله اليمين ومنه سيفكر ويحرك نصفه الشمال

حينها توجه كاحون وطالب نحو النار ليدخلاها ووقفا على جانبيه

وبحركة متناغمة ولجا به من جنبيه

وبمجرد أن اكتمل ولوجهما سوية به اتّقدت نيران النار جميعها وتغيرت الوانها وتحددت درجاتها درجة بعد درجة

أسفلها نار حمراء

فوقها نار برتقالية

ويعلوهما نار صفراء

ويعلوهم نار خضراء

وفوقهم نار زرقاء

وفوقها نار أكثر زرقة

وفوقهم جميعا نار بنفسجية





يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....