هل (العرفان) هو من منهج أهل البيت (عليهم السلام) الذي امرونا به؟
.
.
سؤال وجواب
.
.
السلام عليكم ٠٠
هل (العرفان) هو من منهج أهل البيت (عليهم السلام) الذي امرونا به؟
وإذا كان الأمر كذلك فهل يوجد نص قرآني أو رواية يأمرون شيعتهم بذلك؟
.
.
الجواب :
.
.
لا شك عندي أن أهل البيت عليهم السلام
يريدون من شيعتهم أن يكونوا عارفين
وأمروهم بذلك أيضا
وعلّموهم كيف يكونوا عارفين
وبماذا يجب أن يكونوا عارفين
أصلا رسالة الأنبياء والرسل كلّها تتمحور حول إثارة دفائن العقول
ولدعوة الإنسان لأن يسعى لأن يكون عارفا
وأمير المؤمنين لخّص للمؤمنين العنوان الرئيسي والعريض لمنهج المعرفة الذي يجب أن يسعوا لتحصيله
وذلك حين قال قوله المشهور :
«رَحِمَ اللّهُ امرَأً أعدَّ لِنَفسه وَ استَعَدّ لِرَمسه
و عَلِمَ مِن أینَ وَ فی أینَ وَ إلی أینَ»
وكذلك أكّدوا جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين :
أن معرفة النفس هي أشرف المعارف وأوجبها على كلّ مؤمن ومؤمنة
لكن رغم ذلك نجد أن من تكلموا عن معرفة النفس من من يدّعون العرفان يكاد يقترب عددهم للصفر المطلق لأنهم أندر من الكبريت الأحمر
وبنفس الطريقة يكاد عدد الذين تكلموا عن معرفتهم لـ :
مِن أینَ وَ فی أینَ وَ إلی أینَ
يقترب ايضا من الصفر المطلق وهم أيضا أندر من الكبريت الأحمر
وكلّ من ادعوا العرفان وألّفوا الكتب في العرفان ونشروها نجدهم قد
شرّقوا وغرّبوا وشمّلوا وجنّبوا في حديثهم حول كلّ شيء
إلّا حول هذه المعارف التي امرونا بها وبيّنوا لنا المنهج القويم للوصول لها
فمثلا الإمام الصادق عليه السلام له كلام واضح وصريح وتفصيلي لتبيان طرق الوصول لقمة المعارف ومنها للفوز المبين
وبيّنه لنا في الرواية التالية والتي سأورد منها موضع الحاجة فقط
وساربطه مع رواية اخرى قصيرة سأوردها قبلها :
الرواية الأولى
31- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ
يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قال :
الْمُؤْمِنُونَ عَلَى سَبْعِ دَرَجَاتِ
صَاحِبِ دَرَجَةٍ مِنْهُمْ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ
لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ الْمَزِيدُ مِنْ دَرَجَتِهِ إِلَى دَرَجَةِ غَيْرِهِ
1- وَ مِنْهُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ
2- وَ مِنْهُمُ النُّجَبَاءُ
3- وَ مِنْهُمُ الْمُمْتَحَنَةُ
4- وَ مِنْهُمُ النُّجَدَاءُ
5- وَ مِنْهُمْ أَهْلُ الصَّبْرِ
6- وَ مِنْهُمْ أَهْلُ التَّقْوَى
7- وَ مِنْهُمْ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ..........إنتهى
في هذه الرواية يبيّن لنا الإمام صفات أصحاب هذه المنازل السبعة التي سينتهي إليها اصحابها
وأبتدء بصفة أصحاب أفضل المنازل وأعلاها
وقال إنّ من سيصلها هم شهداء الله على خلقه
وهؤلاء هم الذين قال عنهم القرآن :
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ ((خليفة الله في أرضه)) الَّذِينَ آمَنُواْ
وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء
وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
ومن هم هؤلاء الشهداء على الخلق؟؟؟
هؤلاء الشهداء على الخلق هم السابقون السابقون
وهم نفسهم السابقون في الخيرات
.
.
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ
وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ
وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ
.
.
فالشهداء على الناس هم السابقون بالخيرات
والفوز بمنزلة الشهداء على الناس ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ
ولذلك بدء الإمام بهم
فهم ((كما قال أمير المؤمنين)) هم الذين فَازُوا بِالأطباق السَّبْعَةِ
((أو ارتقوا المنازل السبعة))
وكَمَّلُوا الدِّينَ كُلَّه ففازوا بمنزلة الشهداء على الناس
من رواية طويلة لأمير المؤمنين عن ليلة القدر واسرارها أقتطع منها موضع الشاهد:
فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتَ وَ أَبَى عَلَيْكَ أَنْ تَفْهَمَ
فَانْظُرْ فَإِذَا مَضَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَاطْلُبْهَا فِي أَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ
وَ هِيَ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَ مَعْرِفَةُ السَّبْعَةِ
فَإِنَّ مَنْ فَازَ بِالسَّبْعَةِ كَمَّلَ الدِّينَ كُلَّهُ
وَ هُنَّ الرَّحْمَةُ لِلْعِبَادِ وَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ
وَ هُمُ الْأَبْوَابُ الَّتِي قَالَ تَعَالَى-:
لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ يَهْلِكُ عِنْدَ كُلِّ بَابٍ جُزْءٌ
وَ عِنْدَ الْوَلَايَةِ كُلُّ بَابٍ»...........إنتهى النقل
.
.
وبنفس الطريقة لم أجد من عرفاء الشيعة ولا عرفاء المسلمين من تكلم عن الأطباق السبعة
ولا يبدوا لي من الأساس أن أي واحد منهم له اي معرفة على الإطلاق بالأطباق السبعة
فلا يوجد لها اي ذكر في كتبهم التي شرّقوا وغرّبوا وشمّلوا وجنّبوا في حديثهم فيها حول كل شيء، إلّا عنها
وهؤلاء الذين لم يعرفوا الأطباق السبعة وحسب كلمات الامام الصادق في الرواية التالية هم ليسوا عرفاء على الإطلاق
بل وإن صفة من هم أفضلهم على الإطلاق هي أنهم :
((((ــحُــمُــرٌ مُــسْــتَــنْــفِــرَةٌــ))))
--------------
أمّا الرواية التي يبين بها الإمام الصادق تلك المنازل وكيف يمكن للمؤمن أن يفوز بها ويرتقيها منزلة بعد منزلة فهي هذه الرواية التي سأوردها كاملة ثم سأعود لها مرة أخرى بالشرح
.
.
قَالَ الصادق عليه السلام:
«إِنَّمَا أُولُوا الْأَلْبَابِ
1- الَّذِينَ عَمِلُوا بِالْفِكْرَةِ حَتَّى وَرِثُوا مِنْهُ حُبَّ اللَّهِ،
فَإِنَّ حُبَّ اللَّهِ إِذَا وَرِثَهُ الْقَلْبُ اسْتَضَاءَ وَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ اللُّطْفُ،
2- فَإِذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ اللُّطْفِ
صَارَ فِي أَهْلِ الْفَوَائِدِ تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ،
فَإِذَا تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ صَارَ صَاحِبَ فِطْنَةٍ،
3- فَإِذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْفِطْنَةِ
عَمِلَ بِهَا فِي الْقُدْرَةِ،
فَإِذَا عَمِلَ بِهَا فِي الْقُدْرَةِ عَرَفَ الْأَطْبَاقَ السَّبْعَةَ،
4- فَإِذَا بَلَغَ إِلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ
صَارَ يَتَقَلَّبُ فِكْرُهُ بِلُطْفٍ وَ حِكْمَةٍ وَ بَيَانٍ،
فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ
جَعَلَ شَهْوَتَهُ وَ مَحَبَّتَهُ فِي خَالِقِهِ،
فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ
5- نَزَلَ الْمَنْزِلَةَ الْكُبْرَى،
فَعَايَنَ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ،
6- وَ وَرِثَ الْحِكْمَةَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الْحُكَمَاءُ،
وَ وَرِثَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الْعُلَمَاءُ،
وَ وَرِثَ الصِّدْقَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الصِّدِّيقُونَ،
.
.
إِنَّ الْحُكَمَاءَ وَرِثُوا الْحِكْمَةَ بِالصَّمْتِ،
وَ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرِثُوا الْعِلْمَ بِالطَّلَبِ،
وَ إِنَّ الصِّدِّيقِينَ وَرِثُوا الصِّدْقَ بِالْخُشُوعِ وَ طُولِ الْعِبَادَةِ.
.
.
6- فَمَنْ أَخَذَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إِمَّا أَنْ يَسْفُلَ أَوْ يُرْفَعَ،
وَ أَكْثَرُهُمْ يَسْفُلُ وَ لَا يُرْفَعُ
إِذْ لَمْ يَرْعَ حَقَّ اللَّهِ،
وَ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا أُمِرَ بِهِ،
فَهَذِهِ مَنْزِلَةُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ،
وَ لَمْ يُحِبَّهُ حَقَّ مَحَبَّتِهِ،
فَلَا تَغُرَّنَّكَ صَلَاتُهُمْ، وَ صِيَامُهُمْ، وَ رِوَايَاتُهُمْ، وَ كَلَامُهُمْ، وَ عُلُومُهُمْ،
فَإِنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ.......إنتهى
.
.
.
الإمام الصادق هنا بدء بمن فازوا بالأطباق السبعة وهم أُولُوا الْأَلْبَابِ
ثم بدء بتبيان كيف وصلوا لأن يصبحوا ((أُولُوا الْأَلْبَابِ))
وبداية الطريق على الإطلاق أنهم كانوا يتفكّرون بل ويتفكرون بعمق
فهم ((-عَمِلُوا بِالْفِكْرَةِ-)) يعني كان عملهم هو التّفكر
يعني التفكر بالنسبة لهم هو ليس هواية يمارسونها في اوقات الفراغ
او في ساعة معينة من الليل او النهار
بل كان هو عملهم وشغلهم الشاغل بالنهار وفي الليل تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
وفي كل أحوالهم قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ
والإمام بدء بالتّفكر لأن التفكّر كما قلنا سابقا أنه سيحرّك الميركابا التي تحيط بالإنسان والتي هي عند عموم الناس واقفة لا تتحرك ولا تدور حولهم
ولأنها متوقفة حولهم فهؤلاء هم الذين يعتبرهم القرآن الكريم
أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
فالميركابا هي روح الإنسان وهي مقام رب العالمين الذي يحيط بها
وعملية التفكر بالنسبة للميركابا او الروح
هي مثل ضخ الوقود بالنسبة للمركبات الصالحة للحركة
وهذه المركبات ما لم تضخ بها الوقود فأنها ستبقى جامدة ومعطلة
وهكذا هي المركابا ،، فان التفكر العميق والمستمر هو مثل عملية ضخ الوقود اللازم لتحريكها
فالإمام يقول حين تبدء بالتفكّر فسيحبك الله ((الكونداليني، محرك الحياة وقوة الحياة))
وحينها سيبدء يضخ زيته في قلب المتفكّر حتى يضيء
وهذا نفهمه من قوله سلام الله عليه:
فَإِنَّ حُبَّ اللَّهِ إِذَا وَرِثَهُ الْقَلْبُ اسْتَضَاءَ وَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ اللُّطْفُ،
وهذا نفس معنى ما قاله الأمير في حديث الفرقة الناجية من
أنّ الْمَعْرِفَةُ صُنْعُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقَلْبِ
فهو من يضخ زيته في قلب ذلك المتفكر حتى يزهر مصباح قلبه
وهذا هو نفس معنى ما قاله الأمير أيضا في حديثه عن صفة المؤمن حين قال:
عِبَادَ اللَّهِ
إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ وَ تَجَلْبَبَ الْخَوْفَ ((يعني أدام التفكّر أو عمل بالفكرة))
فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى فِي قَلْبِهِ .......نهاية النقل
فأول خطوة لكي يزهر مصباح الهدى في قلب المؤمن هي العمل بالفكرة
فالله يحب المتفكّرين المتّعمّقين الطالبين الوصول للمعارف الالهية والعلوم الربانية
فإذا عمل بالفكرة وأزهر مصباح الهدى في قلبه أسرع له اللطف
واللطف هو نور الإمام الذي سيزهر في قلبه
ونور الإمام المضيء هنا بالنسبة للمؤمن صاحب القلب المضيء هو مثل الوحي
او مثل الوهواس القسري الذي لا تعرف سببه
لكنه هنا وهواس جميل جدا يدفعك للتفكّر بهذه المعارف الالهية ويبعدك عن ما غيرها ويشعرك بلذة القرب والوصال طوال الوقت
لذّة لا تعادلها لذّة على الإطلاق
فأنت ستصبح جليس وسمير مصباح الهدى وسفينة النجاة الذي بدء يزهر قلبك بنوره
فانت تسامر مصباح قلبك بتفكّرك وهو يسامرك بنوره
وحينها ستصبح صاحب فطنة
والفطنة ليست منك بل هي من نور القلب الذي أزهر في قلبك
هو من سيجعلك فَطِنُ
يعني نوره هو من سيجعلك تلقط المعاني الخفية وهي طايرة
غيرك تمر من امام انوفهم ولا يشعرون بها
تنبههم لها ولا يشعرون بها
تضع اصابعهم عليها ولا يشعرون بها
لكنك بفضل النور ستصبح قَطِـنَـاً وصاحب بصيرة مُبصِرة
فتبصر بها ما لا يبصرون
وستعَملَ بِهَا فِي الْقُدْرَةِ،
والقدرة هنا هي انك ستصبح قادرا على أن توصل ليلك بنهارك بدون كلل ولا ملل بحثا عن المعارف الروحية واسرارها
وفي مقدمة تلك المعارف معرفة النفس واسرارها
فَإِذَا عَمِلَ بِهَا فِي الْقُدْرَةِ عَرَفَ الْأَطْبَاقَ السَّبْعَةَ،
ومعرفة النفس لا تكتمل بدون معرفة الأطباق السبعة أو ما تُعرف حاليا بالشاكرات السبعة الرئيسية
من شاكرا الجذر الأولى السفلية
لشاكرا التاج السابعة العليا
ومنها وبربطها بالرواية الأولى
فإن منزلة شهداء الله على خلقه جميعهم منزلتهم هي منزلة من وصلوا للشاكرا السابعة شاكرا التاج
او منزلة من فازوا بالمنازل او الأطباق السبعة
إذا عرف الأطباق السبعة
يعني إذا عرف نفسه ((الكونداليني، الولاية)) وفهمها جيدا وفهم منازلها السبعة
صَارَ يَتَقَلَّبُ فِكْرُهُ بِلُطْفٍ وَ حِكْمَةٍ وَ بَيَانٍ حتى تصبح شَهْوَتَهُ وَ مَحَبَّتَهُ فِي خَالِقِهِ
بعدها سيدخل الإيمان ((الكونداليني، الولاية ، نفسه)) في قلبه
وهذه هي المنزلة الكبرى فَيعَايَنَ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ،
وهذا هو نفس ما قاله الإمام في حديثه مع خيثمة حين قال له :
يَا خَيْثَمَةُ مَنْ عَرَفَ الْإِيمَانَ وَ اتَّصَلَ بِهِ لَمْ يُنَجِّسْهُ الذُّنُوبُ
كَمَا أَنَّ الْمِصْبَاحَ يُضِيءُ وَ يَنْفُذُ النُّورُ وَ لَيْسَ يَنْقُصُ مِنْ ضَوْئِهِ شَيْءٌ
كَذَلِكَ مَنْ عَرَفَنَا وَ أَقَرَّ بِوَلَايَتِنَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَه.........إنتهى النقل
والإمام يتكلم هنا عن نفسه هو وليس عن جميع الأئمة عليهم السلام
فهو نفسه هو الولاية بجميع منازلها
وفي كل منزل من منازله في باطن المؤمن له إسم يختلف عن اسمه في المنزل السابق له
ولذلك قال :
فَإِنَّ مَنْ فَازَ بِالسَّبْعَةِ كَمَّلَ الدِّينَ كُلَّهُ
وَ هُنَّ الرَّحْمَةُ لِلْعِبَادِ وَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ
وَ هُمُ الْأَبْوَابُ الَّتِي قَالَ تَعَالَى-:
لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ يَهْلِكُ عِنْدَ كُلِّ بَابٍ جُزْءٌ
وَ عِنْدَ الْوَلَايَةِ كُلُّ بَابٍ»...........إنتهى
فالأبواب السبعة هي كلها ابواب الولاية
وهي كلها منازل الولاية
وهي كلها الولاية
ولذلك فإن الصراط المستقيم هو عليّ
لأنه هو الولاية
وهو الأبواب السبعة
وهو الأطباق السبعة
وهو المنازل السبعة
ومن فاز بالمنازل السبعة فاز بالولاية
والولاية للاسماء هي العاقبة
والعاقبة هي الإمامة
والعاقبة للمتقين
والمتقون هم الفائزون السابقون السابقون المقربون
فإذا عاين ربه في قلبه أيده بروح منه
وروح منه هو نفسه :
لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا
وحين سيؤيدك بروح منه لسان صدق عليا فإنه سيوصلك لباب مدينة العلم والحكمة لسان صدقٍ عليّا
وحينها فإن باب مدينة العلم لسان صِدقٍ عليّا هو من سيتنقل بك بين مدينة العلم ومدينة الحكمة
مرة في هذه ومرة في تلك ثم يعود بك لمدينة العلم ويعلمك علم جديد ثم يدخلك من جديد في مدينة الحكمة
وهذا معنى قول الصادق في هذه الرواية:
وَ وَرِثَ الْحِكْمَةَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الْحُكَمَاءُ،
وَ وَرِثَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الْعُلَمَاءُ،
وَ وَرِثَ الصِّدْقَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الصِّدِّيقُونَ،
فكل ذلك سيرثه مع لسان صدق عليا
فهو من سيأخذه بجولات مكوكية بين مدينة العلم ومدينة الحكمة
فيورثه بهما الحكمة والعلم من غير كد و لا تعب
فــ :
اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ، الْحَلَالِ الطَّيِّبِ،
رِزْقاً وَاسِعاً، حَلَالًا طَيِّباً،
بَلَاغاً لِلدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ،
صَبّاً صَبّاً، هَنِيئاً مَرِيئاً،
مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَ لَامَنٍّ مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ
إِلَّا سَعَةً مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ؛
فَإِنَّكَ قُلْتَ:
«وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ»
فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ،
وَ مِنْ عَطِيَّتِكَ أَسْأَلُ،
وَ مِنْ يَدِكَ الْمَلْأى أَسْأَلُ»
اللهم فأسألك من خير ما سألك به حبيبك ونبيك إبراهيم على نبينا وأله وعليه السلام حين دعاك قائلا:
وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ
اللهم فاجعلنا من من جعلت لهم او ستجعل لهم لسان صدق من الآخرين
ووفقنا لأن نُرفع و لا نسفل
فحتى من تهب لهم لسان صدق عليا يبقون على خطر ما لم يفعلوا ما تأمرهم بها
إلهي فلم نجد أشرف ولا أرفع من أن ندعوا لولاية من دعانا رسول الله صلى الله عليه وآله لولايته
لم نجد أشرف ولا أرفع من أن ندعو لولاية اليمين
فاستجبنا لما دعوتنا له في الدعوة لولايته
اللهم فاجعلنا من الثابتين على ولايته والثابتين على الدعوة لولايته
ولا تجعلنا من المقصرين في ولايته
ولا من المرتفعين بولايته
ولا من الناكثين بولايته
ولا المرتدين عن ولايته
ولا المستكثرين لولايته
ولا المنكرين لولايته
ولا الشاكين بولايته
ولا تجعلنا من الذين في قلوبهم مرض نحو ولايته ولا نحو من يوالونه
يا فاطمة بك نستجير ونُقدمك بين يدينا عند وليك وولي الله امير المؤمنين
فاشفعي لنا عند أمير المؤمنين
واشهدي لنا بأننا صدقناك وصدقنا ابوك بولاية امير المؤمنين
وصدقنا أن امير المؤمنين هو حقا حقا وصدقا صدقا هو الولي الأوحد ولا ولي غيره
هو نفسنا
هو أطباقنا السبعة
هو نور قلوبنا
هو صراطنا المستقيم
وهو النفس الواحدة في جميعنا
جميعنا هو
وهو جميعنا
وهو ليس واحد منا
.
.
.
لكل ذلك أقول لك :
لا شك عندي أن أهل البيت عليهم السلام
يريدون من شيعتهم أن يكونوا عارفين
وأمروهم بذلك أيضا
لكن بشرط ان يكونوا عارفين حسب منهحهم وطريقتهم ووصفها
لا بحسب مناهج وطرق يبتدعونها من عندهم ويستقونها من العيون الكدرة
فهؤلاء أقل ما يمكن وصفهم به من الكلمات هو أنّهم:
لَمْ يَعْرِفوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ،
وَ لَمْ يُحِبّوهُ حَقَّ مَحَبَّتِهِ،
فَلَا تَغُرَّنَّكَ صَلَاتُهُمْ، وَ صِيَامُهُمْ، وَ رِوَايَاتُهُمْ، وَ كَلَامُهُمْ، وَ عُلُومُهُمْ،
فَإِنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ
.
.
فالذين عرفوا الأطباق السبعة وايدهم الله بروح منه فورثوا به العلم والحكمة
لكنهم بعد ذلك كله سْفُلُوا وَ لَم يُرْفَعُوا
فقط لأنهم لم يرعوا حق الله في اليمين
ولم يعملوا بما أمروا به من الدعوة لولاية اليمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم الغدير
.
.
فكيف حالك مع الذين لم يعرفو الأطباق السبعة ولم يرثوا العلم والحكمة ؟
فهؤلاء بالتأكيد وقطعا وبدون مناقشة و100% جميعهم
لَا تَغُرَّنَّكَ صَلَاتُهُمْ، وَ صِيَامُهُمْ، وَ رِوَايَاتُهُمْ، وَ كَلَامُهُمْ، وَ عُلُومُهُمْ،
فَـــإِنَّـــهُـــمْ حُـــمُـــرٌ مُـــسْـــتَـــنْـــفِـــرَةٌ
.
.
كما أن قوله سلام الله عليه في نفس الحديث الذي تحدث به عن صفات المتقين:
.
.
قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ
يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ وَ يَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُه
.
.
فالكتاب هو الإيمان وهو نفسه نفسنا التي يجب أن نعرفها
وهو نفسه الكونداليني الذي نتكلم عنه
وهو نفسه الذي قال القرآن عنه انه كتاب في صدور اللذين أوتوا العلم
.
.
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ
فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَمِنْ هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ
وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ
بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ
.
.
فالكتاب أو الكونداليني هو ايات في صدور الذين أوتوا العلم
والذين أوتوا الكتاب ((الكونداليني)) ((أياتهم))
بعضهم يؤمن به
وبعضهم يجحد به
وما يجحد بأياتهم الكونداليني الكتاب الذي في صدورهم إلا الكافرون
.
.
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ
فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَمِنْ هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ ((يعني يصل للإيمان به))
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ
---------
فقوله
قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ
يعني قَدْ اتصل بالإيمان في قلبه كما قال في حديثه مع خيثمة
((والإيمان رجل وهو إمام أمته وأهل زمانه))
فــ أَمْكَنَــ ــه مِنْ زِمَامِهِ فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ
فطلب المعرفة والعرفان بالله وأهل بيته هو أمر واجب وليس محبوب
لكنه واجب ومحبوب من عيونه الصافية فقط
فمن أخذه من عيونه الصافية صارا عارفا
ومن أخذه من العيون الكردة بقي جاهلا
ولذلك فأن منهج العرفان الصحيح هو أمر واجب ويجب ولازم وشرط من شروط أن يكون المؤمن من شيعتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
.
.
فالمؤمن يا أمّا يكون من شيعتهم
ويا أمّا يكون من اتباع أحد هؤلاء
الحُـــمُـــرُ المُـــسْـــتَـــنْـــفِـــرَةُ
وبالتأكيد أن اهل البيت لا يريدون لشيعتهم أن يكونوا
حُـــمُـــرٌ مُـــسْـــتَـــنْـــفِـــرَةٌ
ولا أن يكونوا
من اتباع هؤلاء الحُـــمُـــرُ المُـــسْـــتَـــنْـــفِـــرَةُ
فبالنتيجة من سيكون احد أتباع الحُـــمُـــرُ المُـــسْـــتَـــنْـــفِـــرَةُ فإنه بالنتيجة سيكون أيضا حمار مستنفر
.
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق