الثلاثاء، 7 يونيو 2016

من عرف نفسه عرف ربه






بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يمكنني أن أقول الآن بعد كل هذه المقالات التي كتبتها في هذه المدونة وفي صفحة الفيسبوك أنّها كلها تمثّل رحلتي في معرفة النفس التي أكد أهل البيت عليهم السلام بروايات كثيرة أن أشرف المعارف المطلوبة هي معارف التوحيد وان الباب الرئيسي للولوج فيها هو باب معرفة النفس

فمن عرف نفسه عرف ربه
ومن عرف ربه عرف إمام زمانه
ومن عرف امام زمانه عرف الاسم المكنون
ومن عرف الاسم المكنون عرف فاطمة
ومن عرف فاطمة عرف ليلة القدر

ومن عرف ليلة القدر عرف أن الذي أبدعها لا من شيء لا يمكن له أو لأحد من العالمين أن يحيط به علما

حتى نوره نور السماوات والأرض لا يمكن له أن يحيط به علما ولسان حاله ومقاله يقول دائما ما عرفناك حق معرفتك

ومن عرف كل ذلك تذكّر عهده الذي عاهد الله عليه

ومن تذكّر العهد الذي عاهده فلا بد أنه سيفي به

نور السماوات والأرض بطريقته الخاصة به وحده يعبد المعنى الذي أبدعه لا من شيء وجعله اسمه ووجهه الذي منه يؤتى

ونحن ((وأقصد بنحن كل البشر)) نحن كلنا نعبد المعنى الذي أبدع نور السماوات والأرض تماما كما علمنا نفس نور السماوات والأرض ،، فنحن نعبده بكل كيفية كيّفها لنا ، وحسب كل منهاج نهجه لنا ، وتبعا لكل شريعة شرعها لنا

ومعرفة النفس هي أشرف المعارف لأنها هي باب كل المعارف التوحيدية الشريفة ، ولذلك يجب أن تكون هي اساس رحلة كل طالب للحقيقة والخلاص والتذكّر

وعندما يأمرنا أو عندما يحثّنا أهل البيت عليهم السلام عبر عشرات الروايات التي وصلتنا أن نعرف نفسنا فمن غير المعقول أن لا يبينوا لنا الطريق لمعرفة النفس

فمن غير المعقول أن يقول لك المعصوم ابحث عن الطريق بدون أن يصف لك الطريق وبدون أن يعطيك الاشارات التي ستجدها وتصادفها في بداية الطريق ووسطه ونهايته

وعندما يقولون لنا سلام الله عليهم إننا نحن أهل الذكر الذين أمركم الله أن تسألونا عن أسرار القرآن ومعانيه وخباياه وتأويله وبنفس الوقت يحثونا على معرفة النفس فلا بد أنهم قد وصفوا لنا الطريق واشاراته بتمامها

وكونهم هم أهل الذكر فأن مسؤليتهم الكبرى هي حفظ الذكر من الضياع والفناء 

ومعرفة النفس هي من أهم مضامين هذا الذِكر

حزب الشيطان أو مجموعة الكافرين من الملأ الأعلى مهمتهم أن ينفّروا الناس من اهل الذكر وكذلك أن يبعثروا الاشارات التي دلنا عليها أهل الذكر ويبقونها مخفية في الكتب التي سيشنعون بأفواههم أشد التشنيع على كل من سيحاول أن يقترب منها

حزب الشيطان على الأرض يستطيع بالتأكيد ما لو أتته المعلومات والتعليمات الكافية من مجموعة الكافرين ضمن الملأء الأعلى أن يقضي على هذه الاشارات وهذه الكتب نهائيا ، لكن قواعد التنزّل والتنزيل التي يقوم بها الملائكة والروح لا تسمح بذلك او غير قائمة على ذلك

فالمعلومات والاشارات يجب أن تكون دائما موجودة بين أيدي الناس حتى ولو كانت قليلة، وحزب الشيطان مسموح له فقط أن يلقي عليها اتربة الكلام واوساخ الاتهامات وأحجار العقوبات وأن يبني من حولها الحجب النفسية الكثيرة والاسوار العالية الخفية التي ستجعل الناس يمتنعون بإرادتهم الذاتية من رؤيتها أو حتى من الاقتراب منها رغم انها في متناول أيديهم وغير بعيدة منهم

الصفحة كلها كتبت بها مقالات كثيرة أعتبرها رحلة حياتي التي لم تنتهي بعد وربما التي بدأتها للتو في معرفة من أين وفي أين وإلى أين

ولصعوبة هذا الموضوع لتعدد أطرافه وكثرتها ،وكذلك لصعوبة الربط بين ما كتبته في جميع تلك المقالات فإنني سأبدء منذ اليوم بإعادة نشر المقالات السابقة التي تحدثت بها عن النفس مع بعض او مع الكثير من التعديلات او الإضافات حسب ما سيتضح لي حين اراجعها 

وسأحاول أن أكون بها أكثر صراحة وأكثر وضوحا في الطرح والشرح  

وأسأل من الله التوفيق في عملي هذا ،، والذي أهديه لجميع الاخوة الكرام الذين تابعوا معي ما كتبته منذ عدة سنوات وحتى اليوم ، والذين استفدت منهم خلال رحلتي هذه معهم الكثير الكثير من خلال جميع مداخلاتهم ومراسلاتهم

فلقد أجابوا لي من خلالها وربما بدون أن يشعروا عن الكثير من الأسئلة ولفتوا نظري أيضا لمواضع الكثير من الأجوبة ، كما وأثاروا بي أيضا الكثير من التساؤلات الجديدة التي حين تفكّرت بها وركّزت عدسة الفكر عليها انفتحت لي ابواب وشبابيك جديدة للفهم

إليهم كلهم أهدي القليل من المجهود الذي سأبذله في هذا الشهر الكريم في إعادة ترتيب وتوضيح ما كتبته من الافكار خلال السنوات الثلاثة الماضية

التفاصيل التي وضعتها في الصورة التي سأضعها في مقدمة هذا المقال هي تفاصيل مهمة جدا جدا لفهم ما سأتكلم عنه لاحقا ، فأرجو الانتباه لها جيدا والرجوع لها أيضا لفهم المقالات القادمة

هذه الصورة يمكننا ان نعتبرها تلخيص لروايتين نفيستين من روايات معرفة النفس المروية عن أمير المؤمنين عليه السلام

الرواية الأولى:
روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له عن اي نفس تسأل فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة؟

فقال عليه السلام: نعم نفس نامية نباتية، ونفس حسية حيوانية، ونفس ناطقة قدسية، ونفس إلهية ملكوتية كلية.

قال: يا مولاي ما النامية النباتية؟

قال: قوة أصلها الطبايع الاربع بدو إيجادها مسقط النطفة، مقرها الكبد، مادتها من لطايف الأغذية، فعلها النمو والزيادة، وسبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.

فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟

قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.

فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟

قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية، مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.

فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟

فقال: قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات أصلها العقل منه بدت وعنه دعت وإليه دلت وأشارت وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال فهو ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .

فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟

قال: العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها، عارف بالشيء قبل كونه، فهو علة الموجودات ونهاية المطالب).........انتــــهـــى

الرواية الثانية:

عن كميل بن زياد قال : سألت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقلت : يا أمير المؤمنين ، أريد أن تعرفني نفسي ؟

قال : يا كميل أي الأنفس تريد أن أعرفك؟

قلت : يا مولاي هل هي إلا نفس واحدة ؟ !

قال عليه السلام : يا كميل إنما هي أربعة :
النباتية النامية  
والحسية الحيوانية  
والناطقة القدسية   
والكلية الإلهية   

ولكل من هذه خمس قوى وخاصيتان:

فالنامية النباتية لها خمس قوى: جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة ومربية

ولها خاصيتان : الزيادة والنقصان
وانبعاثها من الكبد .

والحسية الحيوانية لها خمس قوى : سمع وبصر وذوق ولمس وشم

ولها خاصيتان : الرضا والغضب
وانبعاثها من القلب .

والناطقة القدسية لها خمس قوى : فكر وذكر وعلم وحلم ونباهة

وليس لها انبعاث ،

وهي أشبه الأشياء بالنفوس القدسية الملكية

ولها خاصيتان : النزاهة والحكمة .

والكلية الإلهية لها خمس قوى : بقاء في فناء ، ونعيم في شقاء ، وعز في ذل ، وفقر في غناء ، وصبر في بلاء

ولها خاصيتان : الرضا والتسليم

وهذه التي مبادئها من الله وإليه تعود ،

قال الله تعالى : ( ونفخت فيه من روحي ) وقال تعالى : ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية

( والعقل وسط الكل )......إنتهى

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....


هناك 4 تعليقات:

  1. اسلوب رائع ومشوق يماثل اسلوب الاستاذ السيد يوسف العاملي من حيث الطرح وترابط الافكار واختيار الايات او الادعية او الاحاديث وفقكم الله ز

    ردحذف
  2. جزاكم الله خيرا و بارك فيكم

    ردحذف
  3. احسنتم مولانا الغالي شكر الله سعيك ووفقك الله لمايحب ويرضاه واخلص نيتك وعملك للتي هي أزكى
    اخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي

    ردحذف
  4. احسنتم مولانا الغالي شكر الله سعيك ووفقك الله لمايحب ويرضاه واخلص نيتك وعملك للتي هي أزكى
    اخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي

    ردحذف