السبت، 28 مارس 2020

رحلة الخيال في جنة الصور والمِثال ،، الجزء التاسع





بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رحلة الخيال في جنة الصور والمِثال ،، الجزء التاسع

سالم: شوّقتني بكلامك هذا كثيرا لسوق الصور ، فما رأيك بأن نذهب له الآن؟

صباح: لا مانع من ذلك أبدا ،، تعرف الطريقة فخذنا بنفسك له

سالم بدوره رفع كفه وقبضه ثم نفخ فيه وقال : سوق الصور

نبضة سريعة صدرت من جبهة سالم فتحت له من أمامه بوابة مكانية شاهد من خلفها حائط له أشكال هندسية جميلة وعجيبة

تقدم سالم داخلا من هذه البوابة وتبعه صباح

وقف سالم ينظر من حوله متعجبا من الهدوء وفروغ المكان من كل أحد الا منه ومن صباح

سالم: كنت أعتقد اننا سندخل في مكان مزدحم كالمرّة السابقة واذا بي في هذا المكان الجديد والفارغ من الناس، فما السبب يا ترى؟

صباح: أنت الأن في نفس المكان ولو كشف الآن عن بصرك لما رأيت موضعا لتضع قدمك فيه في هذا السوق

فهذا السوق يرتاده كل من في السماوات والأرض وليس له الا هذا الباب ، فكل من يرومون الدخول في هذا السوق فلا بد أن يدخلوه من هذا الباب

سالم: معقولة؟

سوق يرتاده كل من في السماوات والأرض ولا يوجد له الا باب واحد؟

صباح: نعم يا سالم معقولة، وما يميز هذا السوق هو ان الطريق الوحيد للوصول له فقط هو عبر هذه البوابة التي تفتحها العين الثالثة

فأي مكان آخر يمكننا لو شئنا ذلك ان نذهب اليه رجالا او ركبانا ، إلّا هذا السوق فلا يمكننا الوصول إليه ابدا الا بواسطة هذه العين وأقصد العين الثالثة

وهذه العين تعرف بالضبط الى اين تريد الوصول فتأخذك له مباشرة

ففي المرة السابقة رانيا كانت تريد أن نصل لمجمع الحور في سوق الصور وليس لنفس السوق ، وذلك لترى ان كان احد منكما له نصيب من الحور العين المعروضة هنا

ولذلك فإن العين الثالثة فتحت البوابة مباشرة للمجمع

أمّا الأن فنيتك لم تكن الذهاب للمجمع بل لسوق الصور نفسه ففتحت لك العين الثالثة بوابة مباشرة له

سالم: جميل جدا ، هل تسمح لي بأن أسألك هل لهذا السوق من إسم آخر؟

صباح: نعم ، يمكننا أن نطلق عليه أيضا أنّه مدينة العلم

ففي أسواق هذه المدينة يمكنك أن تجد

علم ما كان حتى الأن

وعلم ما يجري الآن

وعلم ما سيجري بعد ذلك

فكل ما جرى ويجري وسيجري في اثني عشر الف الف عالم

وكل عالم منها جرت فيه قصص ألف ألف آدم

وستجري به قصص الف الف الف آدم جديدين

والأرقام هنا فقط لتقريب صورة اللا نهاية والأبدية من عقلك وخيالك

فالعلم بما جرى ويجري وسيجري في الزمكان كله

تم

ويتم الآن

وسيتم بالمستقبل

استنساخه وحفظه في هذا السوق

فكل ما جرى في تلك العوالم

ومع جميع أولائك الآدميين وذرياتهم وأبنائهم

تم استنساخه عالم بعالمه

وبكل تفاصيل أحداثها

وتم إيداعه بعد ذلك في أسواق هذه المدينة

فعندما تدخل في سوق الصور فإنك ستكون قد دخلت في مدينة العلم

مدينة العلم بما كان وما يكون وما سيكون

سالم: هل لهذا السوق أو لهذه المدينة من إسم آخر غير هذاالاسم؟

صباح: ما رأيك بسجلات أكاشا؟

سالم: وهل سوق الصور هو نفسه سجلات أكاشا؟

صباح: الأسماء غير مهمة ، المهم أن تعرف معنى تلك الأسماء

أعني أن تعرف المعنى الذي أقصده عندما أقول مدينة العلم أو عندما أقول سجلات أكاشا

لتعرف حينها عندما تدخل هذا السوق أين أنت حينها

فالصور المرئية مثلها مثل الكلمات المنطوقة ،، فهي تشير لمعاني عقلية تسهّل على العقل أن يستحضرها ويعيشها ويتفاعل معها

يعني تسهّل عليه أن يعيش ويتفاعل مع المعاني

يعني لو قلت لك أنك ستدخل في ذاكرة العقل الكوني فلن يمكنك حينها أن تتصور هذا المعنى وكيف أنك داخل العقل بطريقة سهلة

لكن لو قلت لك أنك ستدخل في سوق ستجد به علم ما كان ويكون وسيكون

وكل ذلك العلم سيكون مرصوص أمامك كلمفات مرقومة ومبوبة حسب العصور والعوالم والآدميين

فسيمكنك حينها أن تتقبل هذه الفكرة وتتعامل معها بسهولة

يعني حين ستدخل في هذا السوق فإنك ستدخله تماما كما حين ستدخل في أيّ مكتبة عامة كبيرة فيها العديد من الكتب المختلفة

وبنفس الطريقة فانك ستجد في هذا السوق من سيساعدك ويأتي لك بما تريده من الملفات الرقمية ويعرضها عليك

تماما كما أنك ستجد في المكتبة العامة من يساعدك على ايجاد الكتب

ومن سيظهر لك في هذا السوق لمساعدتك في العثور على ما تطلبه من المعلومات والصور يعرف كل صغيرة وكبيرة في كل هذه الملفات وبدون استثناء

ولكي لا تتردد بالسؤال منه لشعورك بالصغار أمامه فإنه لن يظهر لك بصورة عظيمة ومهولة ومهيبة فتتهيب منه

بل سيظهر لك بصورة كصورة أمين المكتبة العامة في عالمكم

يعني سيظهر لك بصورة موظف بسيط رغم انه فعليا عنده نفس علم نفس العقل الكلي بعظمته

فعلوم هذه المكتبة أو هذه المدينة العلمية لا يمكن ان يحيط بها كلها وبدون استثناء الا نفس العقل الكلي او الكتاب أو من عنده علم الكتاب كله

فمن عنده علم الكتاب كله سيظهر نفسه لك بصورة بسيطة

وسيكلمك ببساطة

وحينها سيسهل عليك التعامل معه بكل بساطة

وبدون خوف او تردد

فتحصل حينها على تمام ما جئت لمدينته من أجله

فسوق الصور هو ذاكرة الكون التاريخية

عندما ستدخل من هذا الباب يا سالم فإنك ستكون قد دخلت من نافذة التاريخ

ويمكنك نظريا وعمليا ان تبقى تائها في هذه المدينة او في هذا السوق للأبد

تقلب ملفاته وتطلع عليها واحدة بعد الأخرى

ولن تنتهي تلك الملفات أبدا

فمع انتهائك من الإطلاع على ملف واحد من تلك الملفات الموجودة في هذا السوق

سيكون قد تم اضافة 100 ملف جديد لهذا السوق لمائة قصة انتهت الملائكة والروح فعلا من التنزل بأحداثها كاملة

وتم استنساخها بكل تفاصيلها

وتم وضعها أخيرا على رفوف هذا السوق

يتبع إن شاء الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
.
..

الجمعة، 20 مارس 2020

رحلَة الخَيَاَل في جنّة الصّور والمِثال ،، الجزء الثّامن





بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وآل محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رحلَة الخَيَاَل في جنّة الصّور والمِثال ،، الجزء الثّامن 

انهم يحبونك حبا شديدا بحيث انهم لا يريدونك ان تغادر سجنهم أبدا

وهم سيفعلون كل ما سيستطيعون فعله من اجل اقناعك بالبقاء معهم سعيدا ومرتاحا

ولذلك فكل من سيساعدهم من أبناء هذا العالم على تسويق الوهم وصناعته وترويجه وتسويقه وتزيينه وتجميله

فإنهم سوف يكافؤونه بأضعاف ما خسره من رصيده وبأضعاف ما بذله من المجهود من أجل ذلك

سالم: وهل تعرفون سجانيكم في هذا العالم؟ ففي عالمنا السابق لم نعرف ـو نسمع أنه سجن وانه يوجد عليه سجّانين ومدراء ومسيطرين الا في الساعات الأخيرة وقبل خروجنا منه

فهل تعرفون الإدارة هنا؟

صباح: ممممممم ، يمكنك أن تقول أننا نعرفهم وبنفس الوقت لا نعرفهم أيضا

فهم كأشخاص فإننا نراهم ويظهرون ويمشون بيننا دائما ، والناس تحب ظهورهم أيضا ويحبون أن يكونوا متواجدين بقربهم حين يظهرون

سالم: عجيب!! تعرفون أنهم سجانيكم وتحبونهم وتحبون أن تكونوا بقربهم أيضا؟

صباح: السبب في ذلك هو أنه لو ظهر أحدهم في هذا الشارع فكل من سيكونون متواجدين في هذا الشارع ويرونهم سيتضاعف رصيدهم مباشرة في تلك اللحظة

تخيل في عالمكم أن ملك عالمكم كله كان كلما خرج للشارع بين العوام كان ينثر الذهب والجواهر والأموال على الناس طوال مشيه بينهم بحيث أن جميع ممتلكاتهم كانت تتضاعف في كل مرة كانوا يرونه فيها ، فهل كنتم ستحبونه وتبجلونهم ، أم كنتم ستكرهونه لأنه هو سيد عالمكم كله ؟

سالم: الصراحة أن حكامنا كانوا يظلموننا ويحرموننا من أبسط حقوقنا ويستغلوننا بأبشع الصور ويلقوننا في الحروب التي كانت تحصد الملايين منا ، ويفعلون بنا كل ذلك وأكثر منه بكثير بدون حتى ان يرمش لهم جفن

ومع كل ذلك كنا نحبهم ونعلق صورهم في بيوتنا ونُقسم برؤوسهم ولا نقبل أن يدوس على طرفهم أحد من الناس واذا تكرّم علينا في كل سنة بدجاجة كنا نبقى نتذكر كرمه هذا علينا حتى السنة القابلة

صباح: فهل تعتقد أنك ستحب ملكنا وملكك وهو يَحْثُو الْمَالَ عليك حَثْواً وَ بدون حتى أن يَعُدُّهُ؟

سالم: بالتأكيد سأعبده محبة وطاعة ولا أشرك بحبه وطاعته أحدا

صباح: وهذا هو حال الجميع هنا مع الملك ، فكلهم يحبونه ويطيعونه ولا يشركون بحبه وطاعته أحدا

سالم: إن هذا لهو الملك العظيم

صباح: كلا يا سالم ، إن مملكة أخيه أعظم من مملكة ملكنا بكثير

سالم: هل رأيتموها أو ذهبتم إليها؟

صباح: لم يسعفنا الحظ بعد لأن ندخل فيها

سالم: وكيف عرفتم بأن أخاه له مملكة عظيمة وجميلة وأنها أعظم وأجمل من هذا العالم الجميل؟

صباح: يوجد هنا من يدعون له ويصفون مملكته لكل من يستمعون لهم

سالم: يبدو أنهم يشبهون رجال الدين في عالمنا والذين كانوا يبشروننا ويدعوننا لجنة عرضها كعرض السماوات والأرض ، لكن انتهى الحال باتباعنا لهم معكم هنا

صباح: وهذا أمر جيد ، فلولا اتباعكم تعليمات رجال الدين في عالمكم لما وصلتم هنا
ولكنتم انحشرتم مع الذين ضربوا حولهم سور من النار ثم حشروهم في توابيت الحديد إلى عالم أرضي جهنمي جديد

سالم: ذكرتني بهم ،نعم لقد كانت ساعات مخيفة بحق

صباح: وكما يوجد هنا مطاعم واسوق للصور والملابس وغيرها من التي تسوق الوهم بكل صوره يوجد لمن يدعون لأخيهم ومملكة أخيهم أيضا مقرات يدعون بها لأخيهم ومملكة أخيهم ويقولون أنها هي الحقيقة المقابلة لهذا الوهم الذي نعيشه ونبيعه ونشتريه ونستمتع به هنا

سالم: إذن لم تختلف الأوضاع كثيرا عن ما كانت عليه في عالمنا السابق

صباح: من حيث المبدء نعم ، لكنها من حيث التطبيق تختلف اختلاف جذري

ففي عالمنا السابق فالندرة منا من كانوا يعتقدون فعلا أنه عالم وهم وخيال ، كما أن النظام المالي والإجتماعي فيه مبني على ترسيخ وتأصيل فكرة أنه عالم حقيقي لا خيالي

لكن هنا الجميع متفقون ومتأكدون 100% أنهم يعيشون في عالم خيالي ، كما أن نفس النظام والاجتماعي مبني لترسيخ وتوضيح كيف ان هذا العالم كله هو عالم خيالي ووهمي

فهو يشجع ساكنيه على صناعة الوهم ويكافئهم على ذلك

ويشجعهم على ان يعيشوا الوهم ويكافئهم على ذلك أيضا

ويشجعهم على الاستمتاع بالوهم ويكافئهم على ذلك أيضا

ولا يريدهم ان يخرجوا من الوهم وسترى لاحقا كيف انه بصورة ما يعاقب كل من يحاول أن يخرج أو يعتزل وهم هذا العالم

وفي عالمنا السابق كان الذهاب الى دور العبادة والاعتقاد بالاديان أمر مهم وضرورة اجتماعية يعاقب المجتمع أحيانا كثيرة كل من لا يتماشى معه فيها

أما هنا فهذا الأمر أمر اختياري 100% لا يعاقبك المجتمع ولا ملك وسيد هذا المجتمع على تركه بل وربما يشجعونك أو يحثّونك عليه أحيانا بالجوائز الإضافية

فكل ما يقوم به جميع الناس هنا يدخل ضمن ارادة وقبول ملك وسيد هذا العالم وتخطيطه

سالم: أرجو أن توضح لي مسألة الجوائز الاضافية قبل ان ندخل سوق الصور لكي أكون على بينة من أمري

صباح: حسنا ،، توجد عدة أنواع من الصور والعوالم التي يمكن لك أن تشتريها وتدخل بها

توجد صور يتم تفصيلها لك حسب الطلب

يعني تريد مثلا أن تكون ملكا ، أو ربما ملكة ، حينها سيسألك صاحب المحل عن تفاصيل التجربة الشعورية التي تريد أن تعيشها بكل تفاصيلها ، وحسب إجاباتك سيقوم مولد الصور بتفصيل قصة كاملة تعيشها بكل تفاصيلها الرئيسية التي انت من طلبتها وحددتها ، ويضيف لها من عنده الكثير من التفاصيل الجزئية والجانبية التي تتماشى مع الصورة التي طلبتها بنفسك لنفسك

وهذه القصة سيخترعها لك الحاسوب من ألفها إلى يائها ثم تدخل أنت فيها لتعيشها كما رسمها لك وكما تتفاعل انت معها

يعني مثل حين تلعب الشطرنج مع الكمبيوتر ،

فأنت من تحدد درجة الذكاء التي تريد من الكمبيوتر ان يلعب معك بها

تريده غبي؟ حينها سيلعب معك بغباء فتفوز انت دائما

تريده بمستوى ذكائك الذي تقدره لنفسك ؟ سيلعب معك حينها بمستوى ذكائك

فتفوز أنت احيانا ويفوز هو احيانا اخرى

ويوجد نوع أخر من الصور إذا ما دخلت بها فإنك لن يكون لك بها أي نوع من الاختيار ، ولكنك ستشعر بها وكأنك أنت من تختار

وهذه الصور لشخصيات كانت تعيش ضمن منافسات جرت وانتهت فعلا ، لكن تم استنساخ جميع الاحداث التي حصلت بها بكل تفاصيلها ولكل شخصياتها

يعني منافستكم التي انتهت لتوها ومنها اتيتم تم استنساخ جميع احداثها ولكل شخصياتها من بدايتها لنهايتها

ويوجد شخصية معروفة ومشهورة من ضمن شخصياتها المشهورة اسمه نيكولا تيسلا

انت يمكنك أن تطلب أن تعيش قصة نيكولا تيسلا من بدايتها حتى نهايتها وللحظة موته

في هذه الحالة انت لا اختيار لك نهائيا في هذه الصورة ، وكل ما سيجري منك وتفعله هو أمر قد تم فعله بتمامه وتم الانتهاء منه ، لنقل أنك ستلبس صورته فقط وتشعر معها بجميع ما شعر به نيكولا في كل يوم من ايام حياته من يوم ولادته لغاية لحظة موته

بالطبع ستشعر طوال وجودك في الصورة انك حر الارادة وانك انت من تختار افعالك وانك انت من تفعلها وبارادتك تقرر فعلها ، لكن الحقيقة هي ان شعورك هذا سيكون حينها مجرد شعور شبحي بحرية الارادة

ويمكنك ان تختار اي قصة تريدها من قصص أي منافسة منتهية وتدخل فيها، سواء كانت صور الجبارين فيها او الانبياء او الأولياء او الأئمة

فالقصة كلها تم استنساخها بجميع تفاصيلها من بدايتها لنهايتها ولكل شخصياتها

يعني لو احببت فيمكنك الأن ان تدخل لسوق الصور ولا تخرج منه الا بعد ان تدخل في 50 الف صورة لخمسين الف شخصية في خمسين مكان من القارات السبعة وحينها ستعرف حقيقة ما جرى في كل الحروب وأغلب تفاصيل قصة عالمكم الذي جئتم منه من بدايته حتى نهايته

ستعيش تفاصيل كل ذلك لكن بدون أن تستطيع أن تغيّر أو تؤثر في الاحداث التي تجري من حولك

فحالك هنا في عدم تأثيرك على الاحداث كحالك حين تشاهد فلم من الافلام من خلف شاشة فأنت حينها مجرد مشاهد

لكنك هنا حين تشتري الصورة وتدخل فيها فانك ستشاهدها من خلال عين الشخصية او الصورة التي اخترتها انت بنفسك بدل ان تشاهدها من خلف شاشة

ويمكنك شراء صورة في منافسة من المنافسات التي لا تزال أحداثها وصراعاتها جارية ولم تنتهي بعد وتدخل فيها لكن ليس كمتنافس من المتنافسين

فالمتنافسون في كل منافسة من المنافسات عددهم محدد وثابت من بدايتها الأولى حتى نهايتها فلا يزيد عددهم واحد ولا ينقص واحد

كما أن عدد الفائزين منهم أيضا محدد وثابت من قبل بداية المنافسة

فلا يزيد عليهم خلال المنافسة واحد ولا ينقص خلالها أيضا من عددهم واحد

في هذه الحالة فإن لك نوع من الاختيار حين تدخل في الصورة كما ويمكن لك أن ينكتب إسمك مع الفائزين

لكن ليحصل ذلك يجب قبلها أن يبدو للمدير العام ان يوفقك لأن تكون من الفائزين

وهنا تحديدا يأتي دَور تلك الدور التي يدعو بها الدعاة لأخي ملكنا ولمملكته الأكبر والأجمل

فحسب إدّعائهم أنه لن يبدو للملك أن يوفق للفوز الا من كان يرتاد تلك البيوت ويتعلم منها ما يعلمونه فيها

وحسب الظاهر يبدو أن الكثير جدا ممن فازوا بالصورة الرابحة وبدا للملك ان يوفقهم كانوا في مرحلة من مراحل وجودهم في هذا العالم الجميل فعلا ممن ارتادوا هذه الدور قبل فوزهم وخروجهم منه

يتبع إن شاء الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
.
..


الثلاثاء، 17 مارس 2020

رحلَة الخَيَاَل في جنّة الصّور والمِثال ،، الجزء السَّابع





بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وآل محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رحلَة الخَيَاَل في جنّة الصّور والمِثال ،، الجزء السَّابع

ولا تسأليني عن معنى الحب المطلق الغير محدود فلا يوجد له بعقلي تعريف واضح ومحدد

نور: حسنا لن أسألك مرة أخرى أي سؤال ، فحالك هنا أمرّ من حالي

رانيا: لماذا تقولين ذلك عزيزتي؟

هنا لن تجدي مرارة ولا حزن ولن تحتاجي لمنيّة أحد لتحصلي على أي شيء تريدينه في هذا العالم

كل ما في الأمر انك جديدة هنا ومستعجلة بعض الشيء لتعرفي كل شيء ولتفهمي كل شيء

لكن عليك أن تفهمي من البداية أن عالما مصمم بحيث يمكنك أن تعيشي به للأبد لا يمكن لك أن تفهميه كله بسرعة كبيرة

ولو كان ذلك كذلك فلأصبح بمجرد ان تفهميه كله بكل تفاصيله مملا لا مغامرة به ولا طعم ولا لون له ولا رائحة

فلكي تعيشي برغبة في هذا العالم يجب أن تكون مفاجآته كثيرة جدا ومغامراته أكثر وتحدياته كبيرة

صباح: بما أننا حصلنا حتى الأن على ما كنا نريده ونطمع به ، وأقصد أن يكون لأحدكما نصيب من الحور المعروضة في هذا المجمع ، وهذا ما حصل بالفعل ، واستمتعنا جميعنا بهذه التجربة كل حسب مقامه وفهمه ، فما رأيكم لو أنفصلنا الأن ولو أحببتم يمكننا أن نلتقي فيما بعد؟

رانيا: أعتقد أن هذه فكرة جميلة ، ولو قبلت نور فسآخذها في رحاة تسوّق جميلة لم تختبر مثلها في عالمها سابقا

نور: وااااي، تسوق وأسواق وشراء ؟

بالتأكيد سأرحب بهذه الفكرة وبكل ممنونية ورغبة

سالم: وماذا عني يا صباح؟ هل عندك لي خطة ومفاجأة؟

صباح: شبيك لبيك صديقك المفضل صباح بين ايديك،، أنت فقط قل لي عن رغباتك وتوقعاتك وبالتأكيد سأجد لك ما يناسبك

رانيا: هيا بنا يا نور ، فأنت بالتأكيد لا ترغبين بسماع بقية التفاصيل

نور: ولماذا؟

رانيا بصوت خافت وشوشت بأذن نور: لماذا؟ وهل هذا سؤال يحتاج لسماع جواب؟

ألم تريه قبل قليل كيف انه هجم عليّ يريد ان يضمني عندما سمع انني كنت زوجته؟

انهم رجال يا عزيزتي وعقولهم منحرفة وستبقى منحرفة

نور: حسنا هكذا أقنعتيني جدا،، لننطلق إذن للسوق ومن الآن أعطي لك القيادة وإن شاء الله ستجدينني صابرة ولن أعصي لكِ أمرا

رانيا: وأعدك أنك لن تستطيعي مع جمال الأسواق والبضائع عن الشراء صبرا

هنا التفتت رانيا ونور لسالم وصباح واللذان كان يستمعان لهما وأشاراتا لهما بأصابعهما مودعتين وبدون أن تنتظرا منهما الوداع بالمقابل نفخت رانيا بيمينها وقالت: سوقي المفضل
فانفتحت من أمامها نافذة للسوق وبلمح البصر كانا قد دخلا فيها ثم انغلقت

للحظات بقى سالم ينظر لصباح وصباح ينظر له واخيرا قال صباح مع ابتسامة صغيرة: نعم بالتأكيد يوجد أشياء لا تتغير

سالم: وخاصة هذه بالتأكيد لن تتغير

صباح: لقد وعدتك بطعام أطيب من الذي تركناه قبل قليل ، فما رأيك أن أفي بوعدي قبل أن ننطلق برحلتنا

سالم: ولما لا ، فلننطلق

صباح نفخ بيده اليمين وقال : مطعم الكراسي الجميلة

فانفتحت امامه نافذة له فولجا منها فورا ليقفا أمامه مباشرة

دخلا المطعم والذي كان مكتظا بالنساء والرجال بطريقة كبيرة

سالم: يبدو أننا في ساعة الذروة ، فالمطعم ممتلئ على الأخير ولا توجد كراسي فارغة

صباح مبتسما: لا تقلق سنجد بالتأكيد كراسي مناسبة

توجه للبائع وطلب من الصور المعروضة أمامه وجبتين فأنزلهما البائع أمامهما مباشرة من الصور

وعندما أراد صباح أن يدفع الحساب قال لسالم :

إقترب مني يا سالم لترى ماذا سيحدث

سالم اقترب من صباح الذي عرض رصيده على سالم فكان 29.925.477

ثم صافح سالم البائع فدفع له الحساب

ثم عاد ليعرض رصيده مرة أخرى على سالم فكان 29.926.611

سالم: ما هذا؟

لقد زاد رصيدك ولم ينقص !!!

صباح: نعم بالفعل ، لقد زاد رصيدي ولم ينقص ، لكن هكذا تجري الأمور هنا

سالم: وأيّ فائدة سيجنيها عندما يبيعك ثم يعطيك من رصيده بدل أن يأخذ هو من رصيدك؟

صباح: ما لا تعرفه هو أنني حين اشتريت منه فإنني قد بعت له تماما كما أنه قد باع لي، وما بعته له أثمن من الذي باعه لي

سالم: ولكنني أم أرَك تعطيه شيئا

صباح: هل سنقف هنا نتحدث ، أم نجلس ونستمتع بطعامنا أولا؟

سالم: بل نستمتع بطعامنا أولا، لكن علينا أولا أن نجد أماكن شاغرة فالكراسي كلها مشغولة بهؤلاء الزبائن من النساء الجميلات والرجال الوسيمين

صباح: وأين هم هؤلاء الزبائن؟ فإنني لا أرى منهم أحدا

سالم: ماذا؟ ألا ترى كل هؤلاء الذين يملؤون المكان؟

صباح مبتسما: لا أرى سوى الكراسي يا جهنمي

سالم: هم الكراسي؟

صباح: بتعبير آخر لنقل أنهم الوسائد

هنا قال سالم وقد لمعت عيناه وتقدمت على كلماته حركة قدماه: هيا بنا لنأكل إذن

ولأول مرة في حياته قام سالم بمضغ كل لقمة مائة مرة قبل أن يبلعها

وأخيرا خرجا من المطعم
سالم: لقد وفيت بعهدك يا صباح

صباح: لا عليك ، هذا غيض من فيض هذه المدينة الجميلة

المهم ، قبل ان نبدء بأكل الطعام سألتني ما هي بضاعتي التي بعتها له وهي اثمن من بضاعته

سالم: بالفعل سألتك ذلك

صباح: جواب سؤال هو انني حين اكلت من ما صنعت قد بعته رضاي عنه بالمقابل

ورضاي في هذا العالم اغلى من أي صناعة فيه

سالم: لم أفهم قصدك

صباح: لقد ذهبت نور الى السوق وحسب ما اتذكر ان رصيدها كان 21 مليون، أليس كذلك؟

سالم: بالفعل ، فرصيدها هو نفس رصيدي الذي املكه الآن

صباح: لو تسوقت نور بعشرة ملايين فستخرج من السوق ورصيدها على الأقل 40 مليون

فهي تكافئ البائع على صناعته من رصيدها

والبائع يكافئها من رصيده هو على رضاها عنه وعن صناعته

سالم: بهذه الطريقة سيخسر بيعه

صباح: كلا كلا ، لن يخسر أبدا ، انت تعتقد انه سيخسر فقط لأنك تقيس الأمور بموازين عالمك لا بموازين عالمنا

فعندكم يجب ان تعطي من رصيدك كبائع اقل مما تأخذه من الشاري لكي تربح

أمّا عندنا فالربح يكون أكبر عندما تعطي الشاري من رصيدك أكثر مما تأخذه منه

سالم: لم أفهم العقدة هنا، فهل لك أن توضحها لي

صباح: ما سيعطيه البائع للشاري ثمنا لرضاه هو قيمة رقمية وهمية

بينما ما سيعطيه الشاري للبايع هو قيمة حقيقية متمثلة برضاه النفسي والروحي عنه

والحقيقي في عالمنا لا بد أن يكون أثمن وأقيم من الوهمي

سالم: جميل جدا ما تقوله، لكنه في آخر المطاف سيخسر ويقل رصيده مع الوقت

صباح: لا تقلق الجميع يربحون في هذا العالم ولا يوجد من يخسر به اطلاقا

سالم: هذه تحتاج إلى توضيح أنتظره منك

صباح: ولذلك أناْ معك وأرافقك في هذه الرحلة

كما لاحظت وستلاحظ أن هذه المطاعم ومحلات الملابس وسوق الصور وغيرها من المحلات كلها تقوم بعمل شيء واحد ، وهي أنها تقوم بتسويق الوهم

لكن كل سوق منها وكل محل منها يقوم بصناعة جزء من الوهم أو صورة من الوهم يخترعه هو من تفكيره وخياله ويقوم بتسويقه أيضا بصورة وهمية جميلة

مثل صاحب هذا المطعم الذي اكلنا به

فهو باعك وهم جميل وسوقه لك أيضا بوهم جميل وفي المقابل أخذ منك حقيقة شعورية ونفسية وهي رضاك عنه

فالوجبة التي باعها لنا هي وجبة وهمية كما شاهدت لكنها لها طعم ولون ورائحة ووزن وملمس يداعب حواسك واجهزة استشعارك يجعلك تشعر بالرضى

وبغرض تسويق هذه الوجبات اخترع وهم هذه الوسائد الطرية والجميلة والوهمية

فالخلاصة انه كل محل من هذه المحلات والاسواق إنما يقوم باختراع ويبيع الوهم بالتجزئة

سالم: جميل ما تقوله، لكن السؤال هو ما الذي سيستفاده أو كيف سيزيد رصيده وهو يخسر من رصيده مع كل عملية بيع يقوم بها

صباح: يوجد في هذا العالم من يهمه أن يسوّق الوهم بكل صوره ويمكنك ان تقول انه من يتربع على قمة الهرم السلطوي في هذا العالم

سالم: يبدو أننا سندخل في العميق من هنا

صباح: اننا لم نخرج من العميق يا سالم لندخل به من جديد

فعالمنا الحالي هذا قياسا بالعالم السابق الذي اتيتما منها والذي اتينا منه هو اعمق منه بدرجات

فعالمكم السابق كان سجن كبير والخروج منه كان امر يسير جدا مقارنة بسجننا الحالي هذا

فمصائبه ومشاكله وقلّة متعه تجعل من امر القرار بالزهد فيه امر يسير وممكن

لكن ان تقرر في هذا العالم ان تزهد بما فيه هو امر شبه مستحيل

فانت قبل قليل اختبرت جمال وروعة شعورك باتحادك مع الحور العين

لكنك ما ان جلست على تلك الوسائد الناعمة والطرية واستمتعت باحضانها حتى نسيت الحور وأم الحور

فكيف بك إذا ما تعمّقت في الأوهام الجميلة الكثيرة في عالم الوهم هذا أكثر وأكثر

ستنسى بالتأكيد كل ما ستتذكره ويجب عليك أن تسعى له

وكما كان يوجد على سجنكم السابق سجان شديد وأعوانه شداد غلاظ

فيوجد أيضا لهذا العالم سجّان وله فيه أيضا أعوان لكنهم جميعهم هنا كراما وشديدي الكرم أيضا
وسيفعلون كل ما بمقدورهم من أجل أن يجعلوك سعيدا ومشغولا بمتع وأوهام هذا العالم فلا تسعى لمغادرته أبدا

انهم يحبونك حبا شديدا بحيث انهم لا يريدونك ان تغادر سجنهم أبدا

وهم سيفعلون كل ما سيستطيعون فعله من اجل اقناعك بالبقاء معهم سعيدا ومرتاحا

ولذلك فكل من سيساعدهم من أبناء هذا العالم على تسويق الوهم وصناعته وترويجه وتسويقه وتزيينه وتجميله

سوف يكافؤونه بأضعاف ما خسره وبأضعاف ما بذله من المجهود من أجل ذلك

يتبع إن شاء الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
.
..