الجمعة، 25 يناير 2019

يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا


يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله بيته الطيبين الطاهرين
اللهم صلي على محمد وآل محمد
رب اشرح لي صدري
وضع عني وزري الذي انقض ظهري
وارفع لي ذكري
واجعل لي من بعد العسر يسرا
واجعل لي من بعد العسر يسرا
السلام عليكم إخوتي وأخواتي المتنافسين والمتنافسات الكرام ورحمة الله وبركاته
سيدور حديثنا لهذا اليوم ان شاء الله عن السبب الذي سيجعل الناس في الآخرة يعبدون الشمال أو القائم عليه السلام ولا يشركون به شيئا
وسيكون عنوان حديثنا لهذا اليوم هو:
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
تكلمنا في السابق عدة مرات عن الآية الكريمة الخامسة والخمسون من سورة النور المباركة وعن ما تشير له عائدية الضمائر بها ، واليوم سنتكلم عنها مرة أخرى لكن ان شاء الله بصورة مختلفة
بسم الله الرحمن الرحيم
وَعَدَ اللَّهُ (((انتبهوا من هنا من هو الذي وعد ومن هم الموعودون)))
الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (((توجد هنا مجموعة مخاطبة ومحددة وتم الاشارة لها بـ ((مِنكُمْ))
من هي هذه المجموعة؟
الجواب هو انهم الذين خاطبهم قبل ذلك في الآية رقم 21 من نفس سورة النور قائلا لهم
(((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)))
فالمخاطبون هنا أغلبهم سيتبعون خطوات الشيطان
وبطريقة او بأخرى فإنهم سيتبعون الفحشاء والمنكر
والفحشاء والمنكر في روايات أهل البيت عليهم السلام هما رجلين وهما نفسهما الخمر والميسر المقابلين لذكر الله والصلاة وهما ايضا رجلين
(((إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)))
فـمجموعة ((منكم)) الواردة في قوله تعالى (((الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ))) هم الذين سيتبعون خطوات الشيطان وسيغفلون عن ذكر الله وعن الصلاة وسيقع بينهم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ، والنتيجة الأولى لكل ما سبق هي انهم لن يصعدوا لجنة السماء والنتيجة الثانية أنهم بالشفاعة سيستخلفهم في الأرض ، أي سيبقيهم فيها ولن يكونوا من من سيبعثهم وفدا للرحمن مع اليمين ولا من من سيبعثهم زمرا لجهنم جديدة في توابيت الحديد
بل سيستخلفهم في الأرض
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم (((وهؤلاء المستخلفون في الأرض كما قلنا هم الذين لم يصعدوا للسماء ولم يبعثوا لجهنم جديدة)))
فِي الأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ (((مِن قَبْلِهِمْ هنا تقول لنا أن هذه لن تكون أول مرة يستخلف بها مجموعة في الأرض،، فقبلهم استخلف فيها مجموعة او مجموعات غيرهم)))
وَلَيُمَكِّنَنَّ (((اليمين سيمكن لهم)))
لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ (((قلنا سابقا أن اليمين رجل والشمال رجل وهؤلاء الذين سيستخلفهم في الأرض كان الشمال الرجل هو دينهم وغايتهم ومنتهى أمانيهم فارتضاه لهم)))
وَلَيُبَدِّلَنَّهُم (((اليمين سيبدلهم)))
مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا (((يعني يطيعون الشمال في الأرض لا يشركون به شيئا)))
وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ (((يعني حتى هؤلاء المستخلفون في الأرض بعد الغربلة والابتلاءات والاختبارات فمجموعة منهم سيكفرون بالشمال الذي كانوا ينتظرونه ويريدون وسيتوقفون عن عبادته او طاعته بعد كل ما أراهم وسيريهم من معجزاته وفضله في فترة الآخرة)))
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (((الفاسقون يعني الشّاكون)))
قد يعترض أحد الإخوة هنا ويقول: كيف يصفهم بإنهم الَّذِينَ آمَنُوا ((مِنكُمْ)) وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وانه استخلفهم في الأرض ثم يقول بعد ذلك (((وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ)))
وهنا نقول ان صفة أو مجموعة الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هي مجموعة كبيرة جدا تشمل فرق الأمة الواحدة الثلاثة والسبعين كلها
وهذا نفهمه من الاية الحادية عشر في سورة المجادلة المباركة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ
وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
حيث تجمع مجموعة المخاطبين كلهم بصفة واحدة وهي
(((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)))
ثما عاد وفصّل هذه المجموعة لمجموعتين


وهما مجموعة (((الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ)))
ومجموعة (((الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)))
ولقد عرفنا من هم الذين سيؤتون العلم ،، وهما أفراد الثلتان ،، أو الشاهدان على الناس
والشاهدان أو الثلتان هم نفسهم من سيورثونهم الكتاب
ويزقّوهم العلم زقا
ويعلمون كل واحد منهم الف باب من العلم
يُفتح له من كل باب منها الف باب جديد من العلم
واحتمال كفر بعضهم كما تقول الآية الكريمة:
وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
يدلنا على أن الشيطان لا يزال مع أفراد الأمة الواحدة في ساحة الملعب ولم يتم ابعاده عنهم ومن وسطهم بعد
لا أعرف عن إبليس هل تم ابعاده عنهم ام لا لكن على الأغلب لم يبعد عنهم
لكن من المؤكد هنا ان الشيطان لا يزال في الصورة
فالفرق الـ72 التي لم تفز حسب رواية الفرقة الناجية لأمير المؤمنين عليه السلام فانهم جميعهم لم يفوزوا بسبب اتّباعهم للشيطان وخطواته بالدرجة الاولى ، وبنفس الوقت وحسب نفس الرواية فإن من نال منهم الشفاعة فانما نالها أيضا بسبب اتباعه للشيطان وخطواته، وقد تكلمنا عن هذا الامر في مقال خاص
وقلنا فيه أن أن من ستشملهم الشفاعة ستشملهم لأنهم بحثوا عن الحق ولم يصيبوه
بينما اتباع إبليس من الظلمة واتباع الظلمة من السياسيين والقادة العسكريين والماليين فهؤلاء بحثوا عن الباطل وطلبوه ووجدوه وأصروا عليه حتى آخر لحظة في المنافسة
ولذلك لن تنالهم الشفاعة ابدا وسيحشرون بتوابيت الحديد لجهنم جديدة
فالذي طلب الحق وأخطأه ليس كمن طلب الباطل وادركه
فإبليس كان له دور البطولة في فترة الأولى ، فالدولة كانت فيه هي دولته وله ان يستقطب الاتباع ويغريهم ثم يلقي برأسهم كل التبعات والعقوبات
لكن الدولة في فترة الأخرة ستكون دولة العدل الالهي
والقيادة فيها ستكون علنية وبقيادة القائم عليه السلام
فالقائم سيكون فيها هو حاكم الارض كلها
ولذلك فإن أي تقصير لا يمكن التملص منه
وحينها فإن القائم اذا ما وضع حاكم على دولة ما واراد هذا الحاكم ان يلعب بذيله فان القائم أو اهل البيت عليهم السلام سيتكفلون بتأديبه
لكن عموما لن يضع القائم عليه السلام من قد يخون الثقة فأصحابه الذين سيحكم بهم البلاد والعباد اهل للثقة


ولذلك يمكن القول انه لا يوجد ظلمة واتباع ظلمة في الآخرة لا سياسين ولا عسكرين ولا ماليّن ولا من اي نوع سابق ،، فهذا كله سيكون تحت يد القائم عليه السلام وتحت رعايته


سنعود الآن لما عقدنا هذا المقال لتبيانه والحديث عنه وهو:
ما السبب الذي سيجعل الناس في الآخرة يعبدون الشمال أو القائم عليه السلام ولا يشركون به شيئا؟
كيف سيستطيع القائم عليه السلام أن يحقق ما لم يحققه كل الانبياء والرسل رغم كل المعجزات التي تم تأييدهم بها وأظهروها للناس عبر الزمان
بل وأحيانا كثيرة كانت المعجزات تأتي بتأثيرها عكسيا على الناس
يعني بدل ان يؤمنوا ويصدقوا بالرسول ورسالته كانوا يزدادون عنادا وكفرا وتكذيبا واتهاما للرسول بانه ساحر وكذاب ومجنون ويزداد استهزائهم به
فما الذي سيحدث وسيجعل من خمسة ملايين انسان تقريبا كلهم يسلمون للقائم ويطيعونه طاعة عمياء في بداية قيام دولته المباركة دولة العدل الإلهي
وذلك تماما كما قال في الاية الكريمة يعبدونني لا يشركون بي شيئا؟
كمقدمة مختصرة نوضح بها الهدف النهائي الذي نريد ان نصل له سنقول :
أن الهدف من الرجعة الأولى وهي رجعة العذاب المبين
ومن سيطرة الدجال في السنوات السبعة التي ستسبق الرجعة الثانية أو يوم القيامة يوم يبطشون البطشة الكبرى
والهدف من كل أحداث يوم القيامة المرعبة
والهدف من الدمار الكبير الذي سيحصل حينها ومن المجاعات والامراض والطوفانات كلها هو :
ان يصل رب العالمين بالذين قد تقرر لهم ان يرثوا الأرض لحالة التسليم المطلق للقائم عليه السلام
ولطاعتهم له طاعة غير مشوبة باي شك او اعتراض او مناقشة
كيف سيحصل ذلك؟
أو كيف سيتحقق له ذلك بهذه الفترة القصيرة والتي هي سبعة سنوات
بدأت بالرجعة الأولى وهي رجعة العذاب المبين يوم تاتي السماء بدخان مبين والتي عند نهايتها ستترك الارض وقد تضررت البنية التحتية للصناعات والخدمات في الأرض تضررا كبيرا
والتي بعد أن يتم اصلاحها إو اعادة تأهيلها ستبدء التحضيرات العالمية الحربية استعدادا للرجعة الثانية وهي رجعة البطشة الكبرى أو يوم القيامة يوم يبطشون البطشة الكبرى
يعني مع كل تلك الأحداث والظروف
لن يتوفر للإمام بها حسب الفهم القديم لا وقت للدعوة ولا للإقناع
ناهيك عن أنه بسبب الظروف النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالإضافة للاحكام العرفية التي ستنفرض على جميع من في الأرض فان الفرصة ستكون غير مناسبة على الاطلاق لا للحديث الديني ولا للنقاش السياسي
فالحكومات الموجودة حينها وبسبب الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ ستتوطد سلطتها على الناس بشكل أكبر من السابق
واي صوت سيعلو على صوت المعركة القادمة سيتم قمعه بدون رحمة
والناس ستكون حينها راضية وساكتة عن هذا القمع
فكما بيّـنا في مقالات سابقة أن جميع أحداث الرجعة الأول وهي رجعة العذاب الاليم والدخان المبين
ستتم تحت عنوان الغزو الفضائي
والذي يجري منذ فترة وحتى الآن وحتى ساعة الرجوع الأول تجهيز أذهان وعقول الناس لتقبله بكل صورة اعلامية ممكنة ولجميع الأعمار
نعم ستنوجد حينها مجموعات صغيرة منتشرة هنا وهناك تعتقد وتؤمن تبعا للنصوص الدينية التي تؤمن بصحتها وتسلّم بمضامينها أكثر من ما يقوله الاعلام الموجّه
من انه لا يمكن للغزو الفضائي ان يحصل ولعدة اسباب مختلفة
لكن صوت هذه المجموعات سيكون صوت خافت وغير مسموع
وإن كان في السابق يواجه بالاستهزاء والضحك
فمع كل اهوال الرجعة الاولى التي مرت على الأرض وتركت اثارها المدمرة الكبيرة
فإن لغة الاستهزاء والضحك السابقة ستتحول للغة تعنيف وسب وشتم واقصاء
يعني من يتكلم اليوم عن هذا الامر ويعيد الكلام ولا يبالي بالاستهزاء فإنه خوفا من ردّة فعل الناس العنيفة سيصمت حينها بعد أول أو ثاني محاولة للكلام
والنتيجة أنه بعد فترة قصيرة لن يعلو صوت على صوت المعركة
قلنا قبل قليل أن الهدف من كل هذه الأحداث المهولة هو :
ان يصل رب العالمين بالذين قد تقرر لهم ان يرثوا الأرض لحالة التسليم المطلق للقائم عليه السلام
ولطاعتهم له طاعة غير مشوبة باي شك او اعتراض او مناقشة
والامام الشمال او القائم بالأمر في الأرض هو من يشرف في الأرض حاليا على عملية تجهيز وايصال من سيرثون الأرض وبقون معه في الأرض لهذه المرحلة
والإمام اليمين في السماء يجهز بدوره ما ستحتاجه هذه العملية من وحوش وملائكة وتجهيزات كثيرة لتفجير البحار وتسيير الجبال وكشط السماء واظهار باقي الأهوال
والذي سيحدث انه بفترة السنوات السبع وبفترة البطشة الكبرى سيتم حماية مجموعة الذين سيرثون الأرض بملايين المعجزات
فهم خمسة ملايين شخص تقريبا وكل واحد منهم سيتعرض بهذه الفترة للكثير من الاخطار والحوادث والامراض وربما يصل الامر ايضا لدرجة الموت او القتل
لكن كل واحد منهم سيشاهد بام عينه كيف ان القائم واصحابه وملائكته سينجّونهم ويحمونهم من كل الأخطار
بل وحتى انهم سيحيونهم من الموت في الكثير من الحالات وبالمعجزات المتواليات
فأفراد الثلتان أصحاب اليمين حينما يعودون يوم البطشة الكبرى وهم 144000 فهؤلاء بالإضافة إلى أنهم سيحاربون الظلمة واتباع الظلمة فإنهم بنفس الوقت سيتولون حماية بقية الامة المتنافسة ورعايتهم
وستجري على أيديهم أمام الناس آلآف المعجزات وبلا توقف
يعني انت لو كنت من الذين سيرثون الأرض مع القائم فإنك ستشاهد من اصحاب اليمين العشرات من الافعال المعجزة التي لا يقوم بها الا من كان امره أمر إلهي فيقول للشيء كن فيكون
فهم اصحاب اليمين الذي يقول للشيء كن فيكون
واليمين سيجعلهم مثله يقولون للشيء كن فيكون
كما أنّه سيعطيهم من القدرات القتالية والعلمية والاعجازية كنفس قدراته
فـ 144000 ملاك وهم اصحاب اليمين سيظهرون بين الناس كل يوم من بداية نزولهم بينهم
آلآف بل عشرات الآلآف من المعجزات
بحيث عندما تستقر الأمور وتنتهي كل الأخطار
فان الملايين الخمسة لن يساورهم أي شك بقدرة القائم عليه السلام
ولن يساورهم كذلك أيّ شك بفضل القائم عليه السلام
خصوصا وان البيت المعمور او البيت المقدس الذي سينزله اليمين من السماء للقائم وشيعته أصحاب اليمين
سيكون مقر حكومته العالمية
وأصحاب اليمين سيكونون فيه معه
وسيكونون بإمرته وبعونه
ومن هذا البيت
وبأصحاب اليمين الذين اظهروا خلال فترة بسيطة ملايين المعجزات أمام الملايين الخمسة وأهلهم معهم فانه سيحكم العالم
والعالم بعد كل ذلك طوال وجوده معهم وبينهم سيطيعونه طاعة منقطعة النظير يمكن القول معها انهم سيعبدونه لا يشركون به شيئا كما قالت الآية الكريمة
لكن أيّام حكمه سلام الله عليه ستنتهي ربما بعد سبعين سنة او ربما بعد ثلاثمائة سنة
والتي تتوطد بها أركان دولة العدل الالهي حتى تشمل العالم كله
وبعدها سيُعلن موت القائم عليه السلام
فيرجع القائم لحكومة الظل
بينما سيستلم الحكم والقيادة من بعده أحد المهديين
ومن هنا ستبدء الغرابيل الجديدة
حيث سيبدء الناس مع الايام وتوالي المهديين على الحكم بالشك بالمهديين الجدد
ولذلك قال :
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
ففي زمانه سلام الله عليه وحتى نهايته فالناس سيعبدونه لا يشركون به شيئا
لكن الشك والكفر منهم بالمهديين الجدد سيبدء في الظهور بينهم بعد عودته سلام الله عليه للحكم والادارة من عالم الظل
فكما كان هو المسؤول عن عملية غربلة الأولين لاستخلاص الثلتين الذين محضوا الإيمان محضا وحشرهم لرب العالمين
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا


واستخلاص من محضوا الكفر محضا وسوقهم لجهنم وردا
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا
فإنه سيبقى هو المسؤول أيضا عن عملية غربلة الآخرين في دولة العدل الالهي حتى يتم أخيرا إستخلاص
مجموعة القليل المقربين من الآخرين
وثلة اصحاب اليمين من الآخرين
والبقية سيحشرونهم لعالم جديد تحت قبة جديدة او سيلحقونهم بالظلمة واتباع الظلمة من الاولين
يعني سيحشرونهم جميعا ولن يغادروا منهم أحدا
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا
وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا
انتبهو لسياق الآيات ولماذا وضعت آية السجود بعد آية حشر الكل وانتهاء القصة
فبعد انتهاء برء أحداث القصة السابقة
سيبدء رب العالمين بالاعداد لبرء أحداث القصة جديدة
بجمع كل الملائكة الذين سيقومون ببرء احداث القصة الجديدة
وبأمر سجود جديد للخليفة الذي سيجعله في الأرض
طبعا يوجد ملائكة جدد لا تعرف كيف تجري الامور وكيف تتم عملية البرء ولذلك سيسألون رب العالمين اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، فيقول لهم ، انتم لسه جداد عالشغله وموفاهمين كيف تجري الامور ، فالزموا حاليا الصمت وتعلموا
وفي الكواليس الخلفية خلقوا وصوروا الذين سيدخلون في المنافسة الجديدة وأخذ اليمين منهم العهد
وبعدها سيامر رب العالمين باجتماع الملائكة كلهم اجمعين
الملائكة الكافرين او المغطين منهم ،، وهم الذين يحلفون على الكذب وهم يعلمون
والملائكة المخلصين او الكاشفين منهم ، وهم المقصود بقوله تعالى سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ،، فعباد الله المخلصون قولهم وكلامهم ووصفهم حق كله
وكله كشف للحق
وكله يدل على الحق
ومعهم سيحضر ذلك الإجتماع جميع من أعطوا العهد لليمين
ويأمرهم جميعهم بالسجود للذي خلقه من طين فيسجدون
وواحد منهم لن يسجد وتبدء القصة من جديد
؟
؟
؟
مرة أخرى أقول أنني أتكلم عن هذه الامور بهذه الطريقة لكي تعرفوا اولا أمر محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين
وثانيا لكي تطمئنوا ان كل شيء يتم حسب المخطط له
ولا يوجد مجال للصدفة ابدا
فكل شيء جرى او يجري أو سيجري في هذه الأرض فهو من تنزلات الملائكة والروح فيها باذن ربهم
وهم لا يتنزلون بامر الا بعد ان يتفقوا على ادق تفاصيله قبل ان يتنزلوا به
وحين يتنزلون به فانهم سيتنزلون به تماما كما اتفقوا عليه
يعني لو انهم اتفقوا على ان انفجار سيحصل وبسببه سيطير حجر في السماء ويقع على راس واحد معين لنقل ان اسمه ص
فانهم حين سيتنزلون بالحدث في الأرض ويحصل الانفجار ويطير الحجر فإن ص لو كان يقف بين الف نفر فإن الحجر لن يسقط الا على راسه من دون جميع من حوله
ولو كان المفروض ان ينجو هو لوحده من بين الالف لسقطت الاحجار على رؤوسهم جميعهم وماتوا وهو يقف مكانه او وهو يجري بينهم هنا وهناك
وهكذا ستجري احداث يوم القيامة
فافراد الامة الواحدة المتنافسة لن يصيبهم من الاذى والخوف الا ما كتبه الله لهم ، وهو يريدهم جميعهم سالمين عند نهاية الأحداث
يعني لن يموت واحد منهم ولو كان في مدينة كونكريتية كبيرة وأصابها زلزال بقوة عشرين درجة على مقياس رختر
او لو كان وسط تسونامي ارتفاع موجته 300 متر
او لو كان عاري ومكشوف ولوحده وسط مليون وحش
ولن يموت من الجوع ابدا
ولا من البرد
ولا من الحر
ولا من المرض
قد يشعر بجزء من جميع ذلك لكنه لن يموت بسببها
وربما سيشاهد بأم عينه الف معجزة وكرامة تنقذه من جميع تلك المشاعر وكلها ستجري أمامه وله ولخاطر عيونه وحده
ومن سيدخل من المتنافسين حتى ولو كان من الخاسرين لاهوال يوم القيامة بهذه الروحية العالية فانه من بداية يوم القيامة حتى نهايته سيكون من الآمنين
وسيرى ان احداث يوم القيامة المهولة من بدايتها لنهايتها ستكون عليه بردا وسلاما
وستستمر هذه الاحداث على جميع من سيرثون الأرض
حتى يصلون جميعهم لهذه الدرجة من الاطمئنان والثقة والتوكل
وحينها فقط ستنتهي هذه الاحداث المهولة وبسرعة كبيرة
فلا داعي لها بعد ذلك
فالهدف منها قد تحقق وانتهى
فيا اخوتي المتنافسين والمتنافسات الكرام اجعلوا الفوز في هذه المنافسة نصب أعينكم
ومن لم يصل للفوز ورأى ان أحداث يوم القيامة قد بدأت بالفعل
فعليه ان لا ييأس من روح الله
وأن يشد من عزيمته
ويتحلى بالثقة العالية باليمين والشمال
ويتوكل عليهما ويثق بأنهما كافياه وأنهما ناصراه
وأن يذكّر نفسه طوال الوقت بهذا الدعاء:
اِلـهي عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ،
وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَضاقَتِ الاَرْضُ، وَمُنِعَتِ السَّماءُ،
واَنْتَ الْمُسْتَعانُ، وَاِلَيْكَ الْمُشْتَكى، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِدَّةِ والرَّخاءِ،
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد،
اُولِي الاَمْرِ الَّذينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ،
فَفَرِّجْ عَنا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً قَريباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ،
يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ
يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ
اِكْفِياني فَاِنَّكُما كافِيانِ،
وَانْصُراني فَاِنَّكُما ناصِرانِ،
يا مَوْلانا يا صاحِبَ الزَّمانِ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، اَدْرِكْني اَدْرِكْني اَدْرِكْني، السّاعَةَ السّاعَةَ السّاعَةَ، الْعَجَلَ الْعَجَلَ الْعَجَل، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، بِحَقِّ مُحَمَّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ.
ردد هذا الدعاء عند الحاجة وسيسمعونك أصحاب اليمين اينما كنت فينقذونك من اي وضع خطر قد تكون فيه
أو سيلبون لك حاجتك مهما كانت
حتى اذا ماتت زوجتك او ابنك او امك او ابيك او حتى ماتوا كلهم فسيحيونهم أمامك جميعهم
واذا مرضت او مرضوا سيشفونك ويشفونهم من كل الامراض والعاهات
واذا خفت أو خافوا سيكشفون عنك وعنهم كل المخاوف والاخطار
انه الامتحان الأخير
الامتحان الذي سيّضرم به نيران جهنم ويدخلنا فيها
ومن سيدخلها منا وقلبه مطمئن بالايمان ((الايمان رجل وهو الامام)) فسيجعل اليمين والشمال نيرانها عليه بردا وسلاما من بدايتها حتى نهايتها


سأبقى اعيد واردد وأردد دائما وفي كل المقالات أن من يريد ان الفوز فيجب عليه ان يخرج الخوف من قلبه
وأن يملأه بالثقة والرجاء والتوكل والعمل
فمع الخوف ستحترق نيتك وتتشوه
والنية هي روح العمل ان صلحت صلح العمل
وانت لا تريد لاعمالك ان تذهب جفاءا بسبب الخوف او بسبب الوهم
فانت كواحد من الامة المتنافس يوجد حولك الان احد الملائكة وموكل بحمايتك من الغافلين ، وكان يوجد دائما وفي كل كراتك من آلآف اتلسنين وحتى اليوم من وظيفته الوحيدة هي ان يحميك من شرور الغافلين وان لا يصيبك من المكاره الا المكتوب لك في الكتاب الذي كتبه القلم من قبل ان تبدء الملائكة والروح ببرء احداث هذه القصة
وسيبقون من حولك يحمونك من الغافلين حتى النهاية


هذا
وصلى الله على خير خلقه اجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....




الخميس، 17 يناير 2019

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ



بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله بيته الطيبين الطاهرين
اللهم صلي على محمد وآل محمد
رب اشرح لي صدري
وضع عني وزري الذي انقض ظهري
وارفع لي ذكري
واجعل لي من بعد العسر يسرا
واجعل لي من بعد العسر يسرا
السلام عليكم إخوتي وأخواتي المتنافسين والمتنافسات الكرام ورحمة الله وبركاته
سيدور حديثنا لهذا اليوم ان شاء الله عن الذي جعل الناس يضلون عن اليمين
وسيكون عنوان حديثنا لهذا اليوم هو:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
وسأبدء الكلام أولا بتوضيح هذا العنوان إن شاء الله
بداية نقول أن الولي ظاهره إمامة وباطنه غيب لا يدرك
والولي الذي نعرفه كمسلمين بإسم علي بن أبي طالب هو البشر الوحيد المخلوق من الماء كما يصرح القرآن الكريم بذلك
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا
ومن المعروف أن هذه الآية قد نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام
فباطن أمير المؤمنين عليه السلام يجب ان يكون هنا هو ((الماء))
وليس ((هُوَ)) الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا
فالمقصود بـ ((هو)) في هذه الأية الكريمة هو رب الملائكة والروح في عالم الأمر
فـ ((هُوَ)) أو رب الملائكة والروح في عالم الأمر بما أن له صورة ظاهرة للملائكة والروح
فيجب كذلك أيضا أن يكون له باطن
وأن يكون باطنه هو الماء نفسه
فعالم الأمر لو دخلته الأن ربما ستجد ان موجوداته مثلنا يلبسون ملابس مختلفة الألوان والموديلات
ويصفّفون شعورهم بطرق مختلفة
وصورهم ستجدها كذلك مختلفة
الفرق بينهم وبيننا انهم كلهم جميلين جدا
ومرتبين جدا
ومرتاحين جدا
ومنعّمين جدا
يعني
كلهم تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ
يعني كل ما شفت ملاك على صورة أنثى فساعتها وكأنك شايف الملكة ديانا
وإذا ما شفت ملاك بصورة الذكر فكأنك شايف الإمام أو رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
والذي جعل من الماء بشرا
هو سيد هذا العالم كله
وسيد عالم الأمر
يعني هو رب الملائكة والروح
ورب الملائكة والروح هو نفسه الصورة الأنزعية لروح الروح او لروح الماء
وهو نفسه الصورة الأنزعية لمذوّت الذوات
وهو نفسه الصورة الأنزعية في عالم الأمر للإسم المكنون
فـ((هُوَ)) الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا
هو نفسه الذي خلق الروح التي يقول لنا القرأن الكريم عنها
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً
فالماء الذي جعلوا منه كل شيء حيّ هو نفسه نفس الروح وليس شيء آخر
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ
فــ ((هو)) خلق هذه الروح أول ما خلق
ومن هذه الروح التي خلقها أول ما خلق
خلق لنفسه صورة ظهر بها لخلقه في نشأة عالم الأمر
ثم وبنفس هذه الصورة خلق لنفسه في كل نشأة من النشآت
صورة تناسب تلك النشأة
وجعل للروح في كل نشأة من النشئات فعل يناسب تلك النشأة
يعني إذا اردنا أن نرتب خطوات عملية الخلق
فسنجد أن أول فعل للإسم المكنون أو للمعنى أو المشيئة هو
أنه خلق الروح
أو بتعبير آخر
إنه قد روّح الروح
فكانت الروح التي هي من أمره كما تقول الآية الكريمة هي أول ظهور له
والروح التي هي من أمره هي نفسها شجرة طوبى وسدرة المنتهى
وهي نفسها النَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ
فـ((هو)) إنّما خلق هذه الروح لكي يفعل من خلالها
فأول فعل فعله الإسم المكنون هو أنه خلق الروح
فالروح هي من أمره لأنه خلقها من تسبيح ذاته
وأوّل فعل فعله بهذه الروح ومن هذه الروح التي ابتدعها لا من شيء
هو أنه خلق لنفسه بها ومنها ووسطها صورة يتكلم منها معها
فالروح هي الصادر الأول من الإسم المكنون
صدرت منه قبل أن يكوّن بها ومنها ووسطها صورته الأنزعية
وأصبحت الروح بأمره كصورة أنزعية بعد أن صدّر نفسه منها
ومن نعرفهم كمسلمين بإسم أهل البيت عليهم السلام
هم الروح التي هي من أمر ربهم الإسم المكنون
وهم الروح التي بأمر ربهم الصورة الأنزعية
وكما خلق الاسم المكنون لنفسه صورة من هذه الروح وبهذه الروح
فإنه أيضا خلق لنفس الروح صور مختلفة
تظهر بها بين الخلائق في مختلف النشآت
سواء في عالم الخلق
أو في عالم الأمر
أو ما هو من النشآت من قبل عالم الأمر والخلق
وكونهم هم الروح فهم لهم في عالم الأمر نوع أو صور من الأفعال
تختلف
عن صور أفعالهم حين يكونون رسل وأئمة في عالم الخلق
وكونهم هم سادة عالم السماء او سادة عالم الأمر
فإن لهم فيه نوع ظهور وفعل
يختلف عن نوع ظهورهم وفعلهم
عندما يكونون أئمة بين الناس وللناس في عالم الخلق
يعني كرسل وأئمة قد يظهرون في عالم الخلق كنجارين ورعاة غنم وتجار
لكن كسادة وملوك عالم الأمر فتخسأ ملوك الدنيا وبذخها عند أعتاب أقدامهم وأعتاب مُلكهم في عالم الأمر
وكونهم هم ساسة العباد واركان البلاد في عالم الخلق
فلهم حينها أيضا نوع ظهور وفعل
يختلف عن نوع ظهورهم وفعلهم
حين يظهرون بين الخلائق في مختلف النشآت
لكن مهما اختلفت صورهم ومظاهرهم يبقى باطنهم هو باطن واحد وحقيقتهم هي حقيقة واحدة وما لأولهم وأوسطهم وآخرهم في عالم الخلق هو نفسه ما لأولهم وأوسطهم وآخرهم في عالم الأمر بلا تقديم او تأخير
لان نفس الإمام أو النبي في مرتبة الروح
هو من يعطى لنفسه وهو في مرتبة انما انا بشر مثلكم كل قدراته في كل النشآت
يعني تخيل انك تبرمج عالم رقمي كل مخلوق من مخلوقاته له قدرة معينة ومحدودة
ثم تخلق لنفسك صورة تختارها لنفسك داخل هذا البرنامج الرقمي
وتجعل لصورتك هذه داخل هذا العالم الرقمي جميع القدرات التي تملكها أنت كمبرمج برمج هذا العالم الرقمي بكله وكليله
وبنفس الطريقة فإن الإسم المكنون هو من جعل لنفسه مواصفات تلك الصورة التي يريدها أن تعبّر عن حقيقته قبل أن يخلقها لنفسه من تلك الروح
يعني جعل في تلك الصورة جميع صفاته وجميع قدراته كإسم مكنون
وجعل تلك الصورة الأنزعية هو أمره في عالم الظهور
فعندما تقرء الآية الكريمة التالية انتبه لهذا المعنى:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
فالصورة الأنزعية للإسم المكنون هو أمره كإسم مكنون
وحيث ان الإسم المكنون اودع كل علمه في أمره أو في الصورة الأنزعية
فأمره الصورة الأنزعية أذا اراد شيئا يعلمه ان يكون يقول للروح كن هذا الشيء فيكون
يعني الروح التي هي من أمره ستتجسد فورا بصورة ذلك الشيء
فالمعنى أو الإسم المكنون هو من روّح الروح لا من شيء
او لنقل كما عبّروا هم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عن نفسهم
أن الروح هم صنائع الاسم المكنون
والخلق من بعد هم صنائعهم يعني صنائع الروح
لكنهم
أي الروح
يخلقون أو يصنعون حسب مشيئة أمره
يعني يخلقون تبعا لمشيئة الصورة الأنزعية للإسم المكنون


طبعا تصور هذا الأمر هو أمر صعب جدا جدا
بل وربما يكون تصوره هو من أصعب التصورات العقلية على الإطلاق
فالتصور الذي اتكلم عنه هنا هو كما أنك تريد أن تتصور بناء أو عمل شيئ ما
قبل حتى ان تجهز مادته الأولية


فأنت مثلا إن كنت نجارا وتريد أن تصنع غرفة نوم
فإنك قبل ان تبدء بصناعتها عمليا ستتخيل العملية من بدايتها حتى نهايتها ستبدء اولا بتخيل قطعة الخشب الكبيرة ثم ستقطعها بخيالك لقطع مختلفة الاحجام والمواصفات ثم ستبدء تركبها بجانب بعضها البعض حتى ترى بخيالك الغرفة اخيرا على الصورة التي تريدها
حاليا يتخيلون ذلك بمساعدة الحاسبات ، لكن سابقا كل تلك الحسابات والتخيلات يجريها النجار فقط داخل مخيلته
في هذه الحالة انت هنا تريد ان تتصور شيء يوجد مثله او قريب منه في مخيلتك
والمادة الاولية التي ستصنع منها هذه الغرفة موجودة أيضا من حولك
وهذا سيجعل تصورك لمراحل صناعة غرفة النوم أمر يسير
لكن حين تريد ان تتخيل بداية الخلق وما قبل البداية أيضا
وأنت لا يوجد عندك بعقلك اي تصور لكيف كانت البداية
أو حتى للمادة الاولية التي ستبدء البداية بها
فهنا سيكون الامر صعب مستصعب


لكن مع فهمك لمعنى الإسم المكنون والاسم المخلوق والكلمة التامة واركانها
أو مع فهمك للمعنى ومعانيه
او مع فهمك للمعنى والنور الظلي والأظلة
او مع فهمك للمصباح والزجاجة والمشكاة والشجرة المباركة
فإنك حينها ستمتلك في عقلك تلك المادة الأولية
او الصور العقلية الأولية
التي بها فقط سيمكنك ان تبدء بتصور مراحل تلك العملية
العملية بدأت بإظهار المعنى لنفسه بنفسه
كيف أظهر المعنى نفسه؟
جواب هذا السؤال أنه سبّح نفسه
ومن تسبيحه لنفسه خلق له معاني
فكان هؤلاء المعاني هم الروح
والمعنى الذي خلقهم من تسبيح نفسه هو روحهم
فهو هنا وبهذه الطريقة بدء عملية الخلق
وذلك بإن خلق المادة الأولية التي سيخلق بها جميع ما يعلمه ويريد ان يخلقه
وهذه هي وظيفة الروح
والروح كما قلنا قبل قليل تعمل بأمر ربها
فهي من أمر ربها انخلقت
وبأمر ربها ستخلق
الأن سنسأل هذا السؤال وسنجيب عنه
أين هو أمرها الذي هي منه صدرت وبه ستخلق؟
الجواب هو : إنه مكنون بها ، فهو الناطق منها
وهو الخالق منها وبها وهو الناظر منها
فالمعنى خلق الروح لكي تتشكّل بامره باي صورة يأمرها بها
وأول ما خلق بها خلق صورته الأنزعية كما قلنا قبل قليل
وبتعبير أمير المؤمنين في حديث الحقيقة :
فإن أول وآخر ما خلقه المعنى هو هياكل التوحيد فقط


أما باقي الخلق فهم فقط أثار نوره تلوح على هياكل التوحيد
وهذه الآثار لا وجود حقيقي لها
لا مع المعاني او مع هياكل التوحيد
ولا مع مَعْنَى الْمَعَانِ اللَّه الْأَزَل الْقَدِيم الْعَلِيّ الْعَظِيم
فكل مظاهر الحياة والمخلوقات ممكنة الوجود
هي مجرد آثار نور النور على هياكل التوحيد
فالمعنى الأزل خلق المشيئة بنفسها
يعني خلق العقل بذاته
وجعله عينه النظرة في خلقه
ولسانه الناطق في خلقه
وعندما نقول أن العقل هو عين المعنى الناظرة ولسانه
فذلك يعني أن المعنى مكنون في هذه العين
يسمع ويرى من خلالها
فالمعنى خلق العقل ومَكَنَ به
وحينها فإن العقل أو المشيئة أدرك أنه مخلوق لهدف كبير وسامي وإلهي
وهو إظهار العلم الالهي المكنون به
لقد أدرك أن المعنى مكنون به
وأنه خلقه كعين له ليرى بها قدرته وحياته وعلمه الاجمالي كعلم حضوري تفصيلي
تفصيلي؟
ربما ستسأل : ماذا تقصد بتفصيلي؟
وجوابه هو: أن تفصيلي هنا نعني بها كل صورة محتملة وبجميع الاحتمالات
فالمعنى حينما قرر ان يخلق أو أن يُبدع النظام او السيستم الذي سيرى به نفسه على كل صورة ممكنة إبتدع أوّل ما ابتدع العقل أو الإسم المكنون وأودع به كل علمه وقدرته
بتعبير أخر لا فرق بين العقل أو المشيئة وبين المعنى
لأن الفاعل والناطق من العقل هو المعنى وليس أحد غيره
فالمعنى خلق المشيئة بنفسها وخلق الاشياء بالمشيئة
أو
خلق العقل بنفسه وخلق الأشياء بالعقل
يعني العقل او المشيئة يعرف من نفسه انه مخلوق
ويعرف انه عين ولسان المعنى
يعرف انه مخلوق لكنه يعرف انه لا فرق بينه وبين المعنى
وأنّه لا حاجز يحجزه عن المعنى ولا حجاب يحجبه عنه
.
.
قلنا قبل قليل أن العقل أو المشيئة أدرك أنه مخلوق لهدف كبير وسامي وإلهي
وهو إظهار العلم الالهي المكنون به
فابتدء بخلق النظام الذي سيحقق به هذا الأمر
وهذا النظام سيخترعه العقل اختراعا من أوله لآخره من نفسه
لأنه لا يوجد معه غيره ، حتى أنه لا يوجد معه لا مكان ولا زمان
لذلك كان يجب ان يخترع من نفسه هذا النظام العقلي الذي سيظهر به جميع صور الاحتمالات كلها
تماما كما انك تخلق كل الصور العقلية من عقلك وبعقلك
وبنفس الوقت انت وحدك من تشاهدها وتسمعها كلها أيضا
فحين تخلق بعقلك الصور فوعيك مكنون بكل الصور التي تخلقها بخيالك وتتحدث من خلالها مع بعضها البعض
فحين تتخيل بعقلك صور ومشاهد ومواقف مختلفة
فأنت دائما أنت المتحدث
وأنت دائما أنت المستمع


وكذلك العقل الكلي او المشيئة
فهو عين المعنى
ومن وسط عينه خلق نورا
وهذا النور خلق من نفسه مرآة كروية حول العين أو أمام العين
وجعل المرآة زجاجة
وكلما أراد العين أن يرى نفسه على صورة معينة صدر هذا النور من وسطها وانطلق نحو سطح الزجاجة كعلم اجمالي
وعندما يسقط هذا النور الاجمالي على الزجاجة ستعكسه له مرة أخرى
لكن قبل أن تعكسه له مرة أخرى ستقوم الزجاجة بتفكيك العلم الاجمالي المكنون بهذا النور الاجمالي
وتجعله علم ونور تفصيلي
ثم بعد ذلك فقط ستعود لتعكسه للنقطة مرة أخرى كعلم ونور تفصيلي
يعني في عالم الوجود والامكان لا يوجد غير النور الأول الواحد فقط
وهذا النور قسم نفسه نصفين من أجل أن يُظهر للمعنى أو لكي يُرى للمعنى صور جميع الاحتمالات
فالنقطة أو العقل أو المشيئة هي الإبداع الأول
والنور الذي صدر من النقطة هو النور الأول
والمرآة التي هي النور الظلي الذي جعله أظلة أو زجاجة
هي نفسها هياكل التوحيد
التي سيلوح عليها آثار النور الأول حين يشرق عليها
ليراها الإبداع الأول حين تنعكس له من على سطح الزجاجة


تماما كما حين تتخيل شيئا ما تشاء أن تتخيله
فهذه العملية تبدء أولا بأن نور العقل يترجم مشيئتك لصور عقلية مفصّلة
ثم يعكسها لك لتراها أنت كنقطة الوعي بالتفصيل
فالمعنى يريد أن يرى نفسه بكل صورة ممكنة
ولذلك خلق نظاما يستطيع به ان يغطي بنفسه على نفسه
وبنفس الوقت يستطيع ان يراقب به نفسه التي غطى عليها وعيها بنفسه
فالمشيئة او العقل الكلي خلق من نفسه عقول جزئية
وخلق منها وبها ذلك النظام الذي سيستطيع به أن يغطي به على نفسه كنقطة وعي جزئية مقدار عظمته وقدرته وتوحده وتفرده
وانه لا هو الا هو
وأنّه لا انا الا أناه
وكيف أنه وحده لا شريك له في كل شيء
يعني حتى في الوجود لا شريك له
وهذا هو معنى لا إله إلّا الله وحده لا شريك له
واذا لم تصل أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك
تعني أنّه لا شريك له في كلّ شيء حتى في الوجود والظهور
فستبقى شهادتك شهادة ناقصة
ولا معنى لها غير انك لم تصل لمعنى التوحيد
وعندما تصل لهذا المعنى وينطبع في عقلك وروحك فستتبدل معها صور كل المفاهيم
وستذهب عنك معها كل المخاوف
فقبل أن تصل لهذا المعنى كنت تنظر للعالم بعينين ثنتين
يعني عبر منظار الخير والشر
فكنت ترتاح للخير وتخاف من الشر
لكن عندما ستصل للوحدة في كل شيء حتى في الوجود
فإنّك حينها ستنظر للعالم بعين الوحدة فقط
يعني أنك سترى الشر بنفس العين التي ترى بها الخير
وستراهما فوق بعضهما البعض
يعني مثل العملة المعدنية الواحدة التي لها وجهين خير وشر
تنظر لها من هذه الجهة ترى الخير
لكن عندما تقلبها سترى الشر
لكنك ستبقى تريد العملة طلبا للخير الموجود بها رغم الشر الموجود معها
فلا هذه ممكنة الظهور بدون تلك ولا تلك من الممكن لها الظهور بدون هذه
مثل الليل والنهار ، فنحن نعرف الليل بالنهار ونعرف الليل بالنهار
عندما ستنظر بعين الوحدة سيتساوى عندك الليل والنهار
وسترى أن النهار والليل يكونان يوم واحد
ولولاهما لما كان لهذا اليوم ان يكون
لا يمكنك ان تطلب الليل دائما ولا ان تطلب النهار دائما ، فالعملية ستكون مرهقة ومملة كذلك
وعندما تنظر بعين الوحدة فسترى الله الكامن في ابليس في سجوده
تماما كما رأيته كامن في نوره
عندما تنظر بعين الوحدة حينها ستشعر بالراحة من كل ما يجري حولك
ولن تشعر بوجوب أن يتغير اي شيء من حولك
وسترى ان الدنيا ماشية بانتظام ودقة مثل انتظام ودقة الساعة النووية
ولن تلوم نفسك حينها لأنك ضللت ولم تهتدي لألف ألف كرة سابقة
فالذي اضلك أقوى من أن يستطيع أحد من الناس أن يهديك رغما عنه
يعني لو كنت ساكن في بيت رسل الله وأوليائه جميعهم في جميع كراتك كلها
ورغم ذلك لم يرد الله لك أن تهتدي
فإنك لن تهتدي
ولو ذهبت انفس جميع الانبياء والرسل عليك حسرات أن تهتدي
فرب العالمين عنده خطة وماشي عليها
ويعلم من سيهدي بها ومن سيضل بها
ومن سيرزق بها ومن سيقدر عليه رزقه بها
ربما ستقول الأن :
إن كان الأمر مقرر ومكتوب منذ البداية
وأن الله يعرف من البداية من سيهديهم
تماما كما أنّه يعرف من سيضلهم
وأنني لا علاقة لي بأمر هدايتي وضلالي
فما هو دوري إذن في عملية الإهتداء؟


وجوابه نعم إن الله يعلم بكل شيء ويعلم من سيهديه ويعلم من سيضله
لكن الخالقون ليس بالضرورة أن يعلموا بذلك
فكما قلنا سابقا وانطلاق من قول النبي صلى الله عليه وآله:
أنا وعلي من شجرة واحدة وباقي الناس من أشجار شتى
أن هناك أشجار شتى
وقلنا أن الأشجار معناها ملائكة وروح ترقوا وترقوا حتى وصلوا لمرتبة انهم كونوا شجرة خلق منفصلة
يعني كل شجرة خلق تتكون من مجموعة محددة ومعلومة من الملائكة والروح
وبالتالي كل شجرة خلق من الأشجار الشتى هي شجرة خالقة منفصلة عن غيرها ومتصلة بالشجرة الأم
الأمر يشبه ان تتخيل شجرة كبيرة جدا جدا جدا
وهذه الشجرة لها أغصان وأفرع واوراق كثيرة جدا
ثم فوق هذه الشجرة او منها تتخيل نمو اشجار كثيرة
وكل شجرة منها لها كذلك أغصان وأفرع واوراق كثيرة
فحينها ومن هذا المثل فإن كل الاشجار الصغيرة قائمة معلوماتيا وتفاعليا بالشجرة الكبيرة
وتتغذى كذلك معلوماتيا من الشجرة الكبيرة
وهي تُغذي بدورها الشجرة الكبيرة بالمعلومات
فالشجرة الكبيرة الأصلية تعرف كل شيء كعلم مكنون حصولي
لكن أشجار الخلق الصغيرة القائمة بشجرة الخلق الكلية لا تعرف كل شيء
ولا تعرف الا بحسب ما تستقيه من الشجرة الأم وما يجري منها ولها وعليها
فصحيح أنهم كأشجار خلق يخلقون
لكنهم يقولون ان شجرة الخلق الكلية هي أعظم الأشجار وأعظم الخالقين
فالأشجار الشتى يتنزلون بإذن ربهم الشجرة الأم من كل أمر
فالشجرة الأم تعرف كل شيء
والاشجار الشتى جميعها تتغذى معلوماتيا منها وعليها
ربما ستسأل الأن : ان كان جميع الذي يتنزلون من كل أمر إنما يتنزلون به بأمر ربهم الشجرة الأم ،، فما هو دور الأشجار الشتى في كل هذه العملية؟
وجوابه هو: أنّ الأشجار الشتى هي أيضا ملائكة
وهم جميعهم يساهمون في اخراج هذا العلم المكنون في الشجرة الأم
من حالة مكونه في الشجرة لحالة ظهوره بهم ولهم كعلم حضوري
يعني هم بخلقهم وفعلهم يشهدون تحوّل العلم المكنون الحصولي لعلم حضوري
فهذا العلم المكنون في الشجرة الأم
فانه بشهادتهم وخلقهم له يصبح بالنسبة لهم علما حضوريا
يعني جميع الأشجار الشتى تحاول ان تتعرف عمليا على هذا العلم المكنون في الشجرة الأم
طبعا عندما نقول هنا الشجرة الأم
فإننا قلنا قبل قليل نقصد بها
النَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ
وَالتي هِيَ نفسها ذَاتُ الله الْعليا،
وَشَجَرَةُ طُوبَي‌ وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَي‌ وَجَنَّةُ الْمَأْوَي‌
والأشجار الشتّى عندما تريد أن تطلع على العلم المكنون في الشجرة الأم فإنها يجب أن تتماشى مع نظام وطبيعة الشجرة الأم الشجرة المباركة
وبنفس الوقت يجب أن تتماشى مع طبيعة الشجرة الخبيثة
فهما شجرتين خلقهما الله تبارك وتعالى
شجرة مباركة اصلها ثابت وفرعها في السماء
وشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار
يعني هما
شجرة الشر وشجرة الخير
شجرة الجهل وشجرة العقل
شجرة الموت وشجرة الحياة
شجرة النور وشجرة الظلام
فالشجرة المباركة هي الشجرة التي خلقها المعنى لنفسه واستودع بها كل علمه
وجعلها بيته
وكان هو الساكن الوحيد بها
فالشجرة هي البيت وهي الذات وهو وحده من بنى بيته وسكن به
يعني هو وحده من ذوت الذات وسكن بها
فعندما نقول كلمة الذات فإننا نفهم منها معنى الظرفية
وهكذا عندما نقول كلمة الشجرة فإننا كذلك نفهم منها أيضا معنى الظرفية
وهكذا فعل أمير المؤمنين عليه السلام عندما وصف
النَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ
بأنّها
شجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى
وإنها ذات الله العليا
والظرف المكاني في المنظومة الالهية هي المشكاة
هي دائرة الوجود
هي ليلة القدر
هي ليلة الله
هي بيت الله
هي أمة الله
وكلنا أبناؤها وعبيدها ومن نورها
بالعودة لما أردنا الحديث عنه اليوم بهذا المقال وهو:
من الذي جعل الناس يضلون عن اليمين ، والجواب الطبيعي بعد كل ما قدمناه من معنى لا اله الا الله وحده لا شريك له هو:
المعنى نفسه هو من اضل عن نفسه
امره هو من أمر بان يُضل نفسه عن نفسه
أمره هو من أسس هذا النظام التكويني من أوله لأخره
فبهذا النظام التضليلي وحده سيستطيع أن يكشف عن نفسه وأن يعرّف نفسه
فهو يجب أن يخفي نفسه أولا ثم بعد ذلك يكشف عن نفسه
فإن لم يكن مختفي فلمن سيكشف نفسه حينها؟
فيجب ان يختفي أولا لكي يظهر بعدها
ولذلك اوجد نظام المغطين والكاشفين
او نظام المجموعتين المتضادتين
مجموعة الكافرين ومجموعة المخلصين
وأمره هو من يحرك المجموعتين ، وكلاهما من الملائكة والروح
وكلهم يتنزلون بأمر أمره رب الملائكة والروح من كل أمر
إذا فهمت هذا الأمر وحقيقته فلا داعي للخوف أبدا من أي شيء سيجري او قد يجري علينا
فرب الملائكة والروح عنده خطة كاملة وشاملة لما يريد ان يحقق ويظهره على أرض الواقع من الأحداث
فلا داعي للخوف او القلق من المستقبل ابدا
وفي مقالنا القادم ان شاء الله سنتناول العلاقة بين اهوال يوم القيامة وبين النتيجة النهائية التي سيفتتحون بها الفصل الثاني والأخير من قصتنا
وهذه النتيجة هي
((يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))
فهذه النتيجة لم يصل لها أحد من الأنبياء والرسل رغم المعجزات الكثيرة التي اظهروها بين الناس في مختلف الازمان والعصور
بل ربما كانت تلك المعجزات تزيدهم نفورا اكثر من ما كانت تزيدهم تسليما وطاعة للانبياء والرسل
فما الذي سيحصل بحيث ان الناس ستتبدل طبائعهم فيعبدون القائم لا يشركون به شيئا في فترة الآخرة
ما الذي سيدفعهم لان يفعلوا ما لم يفعلوه مع جميع الانبياء والرسل من قبله ؟
يوجد سر في هذه العملية سنتكلم عنه في مقالنا القادم ان شاء الله
كل هذه المقالات هي فقط لاخراج عامل الخوف من وسط العلاقة التي تربطنا كخاسرين مع إمامنا الشمال عليه السلام
وهو القائم بالأمر في الأرض
ولنفهم أيضا لماذا سيجري كل الذي سيجري علينا ومن حولنا من جميع انواع واشكال الاحداث المهولة في يوم القيامة
وما علاقة كل ذلك بفترة الآخرة
وما علاقة كل ذلك باليمين والشمال .


وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
اللهم صلي على محمد وآل محمد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
...
....
.....