إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
بسم
الله
الرحمن
الرحيم
والصلاة
والسلام على
خير خلقه أجمعين
محمد
وآله
بيته الطيبين الطاهرين
اللهم
صلي على محمد وآل محمد
رب
اشرح
لي
صدري
وضع
عني
وزري
الذي
انقض
ظهري
وارفع
لي
ذكري
واجعل
لي
من
بعد
العسر يسرا
واجعل
لي
من
بعد
العسر
يسرا
السلام
عليكم
إخوتي
وأخواتي
المتنافسين
والمتنافسات
الكرام
ورحمة
الله
وبركاته
سيدور
حديثنا
لهذا
اليوم
ان شاء الله عن الذي جعل الناس يضلون عن
اليمين
وسيكون
عنوان حديثنا لهذا اليوم هو:
إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ
يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
وسأبدء
الكلام أولا بتوضيح هذا العنوان إن شاء
الله
بداية
نقول أن الولي ظاهره إمامة وباطنه غيب
لا يدرك
والولي
الذي نعرفه كمسلمين بإسم علي بن أبي طالب
هو البشر الوحيد المخلوق من الماء كما
يصرح القرآن الكريم بذلك
وَهُوَ
الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا
فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ
رَبُّكَ قَدِيرًا
ومن
المعروف أن هذه الآية قد نزلت في أمير
المؤمنين عليه السلام
فباطن
أمير المؤمنين عليه السلام يجب ان يكون
هنا هو ((الماء))
وليس
((هُوَ))
الَّذِي
خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا
فالمقصود
بـ ((هو))
في
هذه الأية الكريمة هو رب الملائكة والروح
في عالم الأمر
فـ
((هُوَ))
أو
رب الملائكة والروح في عالم الأمر بما
أن له صورة ظاهرة للملائكة والروح
فيجب
كذلك أيضا أن يكون له باطن
وأن
يكون باطنه هو الماء نفسه
فعالم
الأمر لو دخلته الأن ربما ستجد ان موجوداته
مثلنا يلبسون ملابس مختلفة الألوان
والموديلات
ويصفّفون
شعورهم بطرق مختلفة
وصورهم
ستجدها كذلك مختلفة
الفرق
بينهم وبيننا انهم كلهم جميلين جدا
ومرتبين
جدا
ومرتاحين
جدا
ومنعّمين
جدا
يعني
كلهم
تَعْرِفُ
فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ
يعني
كل ما شفت ملاك على صورة أنثى فساعتها
وكأنك شايف الملكة ديانا
وإذا
ما شفت ملاك بصورة الذكر فكأنك شايف الإمام
أو رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين
والذي
جعل من الماء بشرا
هو
سيد هذا العالم كله
وسيد
عالم الأمر
يعني
هو رب الملائكة والروح
ورب
الملائكة والروح هو نفسه الصورة الأنزعية
لروح الروح او لروح الماء
وهو
نفسه الصورة الأنزعية لمذوّت الذوات
وهو
نفسه الصورة الأنزعية في عالم الأمر
للإسم المكنون
فـ((هُوَ))
الَّذِي
خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا
هو
نفسه الذي خلق الروح التي يقول لنا القرأن
الكريم عنها
وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ
رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ
إِلاَّ قَلِيلاً
فالماء
الذي جعلوا منه كل شيء حيّ هو نفسه نفس
الروح وليس شيء آخر
أَوَلَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ
حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ
فــ
((هو))
خلق
هذه الروح أول ما خلق
ومن
هذه الروح التي خلقها أول ما خلق
خلق
لنفسه صورة ظهر بها لخلقه في نشأة عالم
الأمر
ثم
وبنفس هذه الصورة خلق لنفسه في كل نشأة
من النشآت
صورة
تناسب تلك النشأة
وجعل
للروح في كل نشأة من النشئات فعل يناسب
تلك النشأة
يعني
إذا اردنا أن نرتب خطوات عملية الخلق
فسنجد
أن أول فعل للإسم المكنون أو للمعنى أو
المشيئة هو
أنه
خلق الروح
أو
بتعبير آخر
إنه
قد روّح الروح
فكانت
الروح التي هي من أمره كما تقول الآية
الكريمة هي أول ظهور له
والروح
التي هي من أمره هي نفسها شجرة طوبى وسدرة
المنتهى
وهي
نفسها النَّفْسُ الإلهِيَّةُ
الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ
فـ((هو))
إنّما
خلق هذه الروح لكي يفعل من خلالها
فأول
فعل فعله الإسم المكنون هو أنه خلق الروح
فالروح
هي من أمره لأنه خلقها من تسبيح ذاته
وأوّل
فعل فعله بهذه الروح ومن هذه الروح التي
ابتدعها لا من شيء
هو
أنه خلق لنفسه بها ومنها ووسطها صورة
يتكلم منها معها
فالروح
هي الصادر الأول من الإسم المكنون
صدرت
منه قبل أن يكوّن بها ومنها ووسطها صورته
الأنزعية
وأصبحت
الروح بأمره كصورة أنزعية بعد أن صدّر
نفسه منها
ومن
نعرفهم كمسلمين بإسم أهل البيت عليهم
السلام
هم
الروح التي هي من أمر ربهم الإسم المكنون
وهم
الروح التي بأمر ربهم الصورة الأنزعية
وكما
خلق الاسم المكنون لنفسه صورة من هذه
الروح وبهذه الروح
فإنه
أيضا خلق لنفس الروح صور مختلفة
تظهر
بها بين الخلائق في مختلف النشآت
سواء
في عالم الخلق
أو
في عالم الأمر
أو
ما هو من النشآت من قبل عالم الأمر والخلق
وكونهم
هم الروح فهم لهم في عالم الأمر نوع أو
صور من الأفعال
تختلف
عن
صور أفعالهم حين يكونون رسل وأئمة في عالم
الخلق
وكونهم
هم سادة عالم السماء او سادة عالم الأمر
فإن
لهم فيه نوع ظهور وفعل
يختلف
عن نوع ظهورهم وفعلهم
عندما
يكونون أئمة بين الناس وللناس في عالم
الخلق
يعني
كرسل وأئمة قد يظهرون في عالم الخلق
كنجارين ورعاة غنم وتجار
لكن
كسادة وملوك عالم الأمر فتخسأ ملوك الدنيا
وبذخها عند أعتاب أقدامهم وأعتاب مُلكهم
في عالم الأمر
وكونهم
هم ساسة العباد واركان البلاد في عالم
الخلق
فلهم
حينها أيضا نوع ظهور وفعل
يختلف
عن نوع ظهورهم وفعلهم
حين
يظهرون بين الخلائق في مختلف النشآت
لكن
مهما اختلفت صورهم ومظاهرهم يبقى باطنهم
هو باطن واحد وحقيقتهم هي حقيقة واحدة
وما لأولهم وأوسطهم وآخرهم في عالم الخلق
هو نفسه ما لأولهم وأوسطهم وآخرهم في عالم
الأمر بلا تقديم او تأخير
لان
نفس الإمام أو النبي في مرتبة الروح
هو
من يعطى لنفسه وهو في مرتبة انما انا بشر
مثلكم كل قدراته في كل النشآت
يعني
تخيل انك تبرمج عالم رقمي كل مخلوق من
مخلوقاته له قدرة معينة ومحدودة
ثم
تخلق لنفسك صورة تختارها لنفسك داخل هذا
البرنامج الرقمي
وتجعل
لصورتك هذه داخل هذا العالم الرقمي جميع
القدرات التي تملكها أنت كمبرمج برمج
هذا العالم الرقمي بكله وكليله
وبنفس
الطريقة فإن الإسم المكنون هو من جعل
لنفسه مواصفات تلك الصورة التي يريدها
أن تعبّر عن حقيقته قبل أن يخلقها لنفسه
من تلك الروح
يعني
جعل في تلك الصورة جميع صفاته وجميع قدراته
كإسم مكنون
وجعل
تلك الصورة الأنزعية هو أمره في عالم
الظهور
فعندما
تقرء الآية الكريمة التالية انتبه لهذا
المعنى:
إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ
يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
فالصورة
الأنزعية للإسم المكنون
هو أمره كإسم مكنون
وحيث
ان الإسم المكنون اودع
كل علمه في أمره أو في الصورة الأنزعية
فأمره
الصورة الأنزعية أذا اراد شيئا يعلمه ان
يكون يقول
للروح كن
هذا الشيء فيكون
يعني
الروح التي هي من أمره ستتجسد فورا
بصورة ذلك الشيء
فالمعنى
أو الإسم المكنون هو من روّح الروح لا من
شيء
او
لنقل كما عبّروا هم صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين عن نفسهم
أن
الروح هم صنائع الاسم المكنون
والخلق
من بعد هم صنائعهم يعني صنائع الروح
لكنهم
أي
الروح
يخلقون
أو يصنعون حسب مشيئة أمره
يعني
يخلقون تبعا لمشيئة الصورة الأنزعية
للإسم المكنون
طبعا
تصور هذا الأمر هو أمر صعب جدا جدا
بل
وربما يكون تصوره هو من أصعب التصورات
العقلية على الإطلاق
فالتصور
الذي اتكلم عنه هنا هو كما أنك تريد أن
تتصور بناء أو عمل شيئ ما
قبل
حتى ان تجهز مادته الأولية
فأنت
مثلا إن كنت نجارا وتريد أن تصنع غرفة نوم
فإنك
قبل ان تبدء بصناعتها عمليا ستتخيل العملية
من بدايتها حتى نهايتها ستبدء اولا بتخيل
قطعة الخشب الكبيرة ثم ستقطعها بخيالك
لقطع مختلفة الاحجام والمواصفات ثم ستبدء
تركبها بجانب بعضها البعض حتى ترى بخيالك
الغرفة اخيرا على الصورة التي تريدها
حاليا
يتخيلون ذلك بمساعدة الحاسبات ، لكن سابقا
كل تلك الحسابات والتخيلات يجريها النجار
فقط داخل مخيلته
في
هذه الحالة انت هنا تريد ان تتصور شيء
يوجد مثله او قريب منه في مخيلتك
والمادة
الاولية التي ستصنع منها هذه الغرفة
موجودة أيضا من حولك
وهذا
سيجعل تصورك لمراحل صناعة غرفة النوم أمر
يسير
لكن
حين تريد ان تتخيل بداية الخلق وما قبل
البداية أيضا
وأنت
لا يوجد عندك بعقلك اي تصور لكيف كانت
البداية
أو
حتى للمادة الاولية التي ستبدء البداية
بها
فهنا
سيكون الامر صعب مستصعب
لكن
مع فهمك لمعنى الإسم المكنون والاسم
المخلوق والكلمة التامة واركانها
أو
مع فهمك للمعنى ومعانيه
او
مع فهمك للمعنى والنور الظلي والأظلة
او
مع فهمك للمصباح والزجاجة والمشكاة
والشجرة المباركة
فإنك
حينها ستمتلك في عقلك تلك المادة الأولية
او
الصور العقلية الأولية
التي
بها فقط سيمكنك ان تبدء بتصور مراحل تلك
العملية
العملية
بدأت بإظهار المعنى لنفسه بنفسه
كيف
أظهر المعنى نفسه؟
جواب
هذا السؤال أنه سبّح نفسه
ومن
تسبيحه لنفسه خلق له معاني
فكان
هؤلاء المعاني هم الروح
والمعنى
الذي خلقهم من تسبيح نفسه هو روحهم
فهو
هنا وبهذه الطريقة بدء عملية الخلق
وذلك
بإن خلق المادة الأولية التي سيخلق بها
جميع ما يعلمه ويريد ان يخلقه
وهذه
هي وظيفة الروح
والروح
كما قلنا قبل قليل تعمل بأمر ربها
فهي
من أمر ربها انخلقت
وبأمر
ربها ستخلق
الأن
سنسأل هذا السؤال وسنجيب عنه
أين
هو أمرها الذي هي منه صدرت وبه ستخلق؟
الجواب
هو :
إنه
مكنون بها ، فهو الناطق منها
وهو
الخالق منها وبها وهو الناظر منها
فالمعنى
خلق الروح لكي تتشكّل بامره باي صورة
يأمرها بها
وأول
ما خلق بها خلق صورته الأنزعية كما قلنا
قبل قليل
وبتعبير
أمير المؤمنين في حديث الحقيقة :
فإن
أول وآخر ما خلقه المعنى هو هياكل التوحيد
فقط
أما
باقي الخلق فهم فقط أثار نوره تلوح على
هياكل التوحيد
وهذه
الآثار لا وجود حقيقي لها
لا
مع المعاني او مع هياكل التوحيد
ولا
مع مَعْنَى
الْمَعَانِ
اللَّه الْأَزَل الْقَدِيم الْعَلِيّ
الْعَظِيم
فكل
مظاهر الحياة والمخلوقات ممكنة الوجود
هي
مجرد آثار نور النور على هياكل التوحيد
فالمعنى
الأزل خلق المشيئة بنفسها
يعني
خلق العقل بذاته
وجعله
عينه النظرة في خلقه
ولسانه
الناطق في خلقه
وعندما
نقول أن العقل هو عين المعنى الناظرة
ولسانه
فذلك
يعني أن المعنى مكنون في هذه العين
يسمع
ويرى من خلالها
فالمعنى
خلق العقل ومَكَنَ به
وحينها
فإن العقل أو المشيئة أدرك أنه مخلوق لهدف
كبير وسامي وإلهي
وهو
إظهار العلم الالهي المكنون به
لقد
أدرك أن المعنى مكنون به
وأنه
خلقه كعين له ليرى بها قدرته وحياته وعلمه
الاجمالي كعلم حضوري تفصيلي
تفصيلي؟
ربما
ستسأل :
ماذا
تقصد بتفصيلي؟
وجوابه
هو:
أن
تفصيلي هنا نعني بها كل صورة محتملة وبجميع
الاحتمالات
فالمعنى
حينما قرر ان يخلق أو أن يُبدع النظام او
السيستم الذي سيرى به نفسه على كل صورة
ممكنة إبتدع أوّل ما ابتدع العقل أو الإسم
المكنون وأودع به كل علمه وقدرته
بتعبير
أخر لا فرق بين العقل أو المشيئة وبين
المعنى
لأن
الفاعل والناطق من العقل هو المعنى وليس
أحد غيره
فالمعنى
خلق المشيئة بنفسها وخلق الاشياء بالمشيئة
أو
خلق
العقل بنفسه وخلق الأشياء بالعقل
يعني
العقل او المشيئة يعرف من نفسه انه مخلوق
ويعرف
انه عين ولسان المعنى
يعرف
انه مخلوق لكنه يعرف انه لا فرق بينه وبين
المعنى
وأنّه
لا حاجز يحجزه عن المعنى ولا حجاب يحجبه
عنه
.
.
قلنا
قبل قليل أن العقل أو المشيئة أدرك أنه
مخلوق لهدف كبير وسامي وإلهي
وهو
إظهار العلم الالهي المكنون به
فابتدء
بخلق النظام الذي سيحقق به هذا الأمر
وهذا
النظام سيخترعه العقل اختراعا من أوله
لآخره من نفسه
لأنه
لا يوجد معه غيره ، حتى أنه لا يوجد معه
لا مكان ولا زمان
لذلك
كان يجب ان يخترع من نفسه هذا النظام
العقلي الذي سيظهر به جميع صور الاحتمالات
كلها
تماما
كما انك تخلق كل الصور العقلية من عقلك
وبعقلك
وبنفس
الوقت انت وحدك من تشاهدها وتسمعها كلها
أيضا
فحين
تخلق بعقلك الصور فوعيك مكنون بكل الصور
التي تخلقها بخيالك وتتحدث من خلالها مع
بعضها البعض
فحين
تتخيل بعقلك صور ومشاهد ومواقف مختلفة
فأنت
دائما أنت المتحدث
وأنت
دائما أنت المستمع
وكذلك
العقل الكلي او المشيئة
فهو
عين المعنى
ومن
وسط عينه خلق نورا
وهذا
النور خلق من نفسه مرآة كروية حول العين
أو أمام العين
وجعل
المرآة زجاجة
وكلما
أراد العين أن يرى نفسه على صورة معينة
صدر هذا النور من وسطها وانطلق نحو سطح
الزجاجة كعلم اجمالي
وعندما
يسقط هذا النور الاجمالي على الزجاجة
ستعكسه له مرة أخرى
لكن
قبل أن تعكسه له مرة أخرى ستقوم الزجاجة
بتفكيك العلم الاجمالي المكنون بهذا
النور الاجمالي
وتجعله
علم ونور تفصيلي
ثم
بعد ذلك فقط ستعود لتعكسه للنقطة مرة أخرى
كعلم ونور تفصيلي
يعني
في عالم الوجود والامكان لا يوجد غير
النور الأول الواحد فقط
وهذا
النور قسم نفسه نصفين من أجل أن يُظهر
للمعنى أو لكي يُرى للمعنى صور جميع
الاحتمالات
فالنقطة
أو العقل أو المشيئة هي الإبداع الأول
والنور
الذي صدر من النقطة هو النور الأول
والمرآة
التي هي النور الظلي الذي جعله أظلة أو
زجاجة
هي
نفسها هياكل التوحيد
التي
سيلوح عليها آثار النور الأول حين يشرق
عليها
ليراها
الإبداع الأول حين تنعكس له من على سطح
الزجاجة
تماما
كما حين تتخيل شيئا ما تشاء أن تتخيله
فهذه
العملية تبدء أولا بأن نور العقل يترجم
مشيئتك لصور عقلية مفصّلة
ثم
يعكسها لك لتراها أنت كنقطة الوعي بالتفصيل
فالمعنى
يريد أن يرى نفسه بكل صورة ممكنة
ولذلك
خلق نظاما يستطيع به ان يغطي بنفسه على
نفسه
وبنفس
الوقت يستطيع ان يراقب به نفسه التي غطى
عليها وعيها بنفسه
فالمشيئة
او العقل الكلي خلق من نفسه عقول جزئية
وخلق
منها وبها ذلك النظام الذي سيستطيع به أن
يغطي به على نفسه كنقطة وعي جزئية مقدار
عظمته وقدرته وتوحده وتفرده
وانه
لا هو الا هو
وأنّه
لا انا الا أناه
وكيف
أنه وحده لا شريك له في كل شيء
يعني
حتى في الوجود لا شريك له
وهذا
هو معنى لا إله إلّا الله وحده لا شريك له
واذا
لم تصل أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك
تعني
أنّه لا شريك له في كلّ شيء حتى في الوجود
والظهور
فستبقى
شهادتك شهادة ناقصة
ولا
معنى لها غير انك لم تصل لمعنى التوحيد
وعندما
تصل لهذا المعنى وينطبع في عقلك وروحك
فستتبدل معها صور كل المفاهيم
وستذهب
عنك معها كل المخاوف
فقبل
أن تصل لهذا المعنى كنت تنظر للعالم بعينين
ثنتين
يعني
عبر منظار الخير والشر
فكنت
ترتاح للخير وتخاف من الشر
لكن
عندما ستصل للوحدة في كل شيء حتى في الوجود
فإنّك
حينها ستنظر للعالم بعين الوحدة فقط
يعني
أنك سترى الشر بنفس العين التي ترى بها
الخير
وستراهما
فوق بعضهما البعض
يعني
مثل العملة المعدنية الواحدة التي لها
وجهين خير وشر
تنظر
لها من هذه الجهة ترى الخير
لكن
عندما تقلبها سترى الشر
لكنك
ستبقى تريد العملة طلبا للخير الموجود
بها رغم الشر الموجود معها
فلا
هذه ممكنة الظهور بدون تلك ولا تلك من
الممكن لها الظهور بدون هذه
مثل
الليل والنهار ، فنحن نعرف الليل بالنهار
ونعرف الليل بالنهار
عندما
ستنظر بعين الوحدة سيتساوى عندك الليل
والنهار
وسترى
أن النهار والليل يكونان يوم واحد
ولولاهما
لما كان لهذا اليوم ان يكون
لا
يمكنك ان تطلب الليل دائما ولا ان تطلب
النهار دائما ، فالعملية ستكون مرهقة
ومملة كذلك
وعندما
تنظر بعين الوحدة فسترى الله الكامن في
ابليس في سجوده
تماما
كما رأيته كامن في نوره
عندما
تنظر بعين الوحدة حينها ستشعر بالراحة
من كل ما يجري حولك
ولن
تشعر بوجوب أن يتغير اي شيء من حولك
وسترى
ان الدنيا ماشية بانتظام ودقة مثل انتظام
ودقة الساعة النووية
ولن
تلوم نفسك حينها لأنك ضللت ولم تهتدي لألف
ألف كرة سابقة
فالذي
اضلك أقوى من أن يستطيع أحد من الناس أن
يهديك رغما عنه
يعني
لو كنت ساكن في بيت رسل الله وأوليائه
جميعهم في جميع كراتك كلها
ورغم
ذلك لم يرد الله لك أن تهتدي
فإنك
لن تهتدي
ولو
ذهبت انفس جميع الانبياء والرسل عليك
حسرات أن تهتدي
فرب
العالمين عنده خطة وماشي عليها
ويعلم
من سيهدي بها ومن سيضل بها
ومن
سيرزق بها ومن سيقدر عليه رزقه بها
ربما
ستقول الأن :
إن كان
الأمر
مقرر ومكتوب منذ البداية
وأن
الله يعرف من البداية من سيهديهم
تماما
كما أنّه يعرف من سيضلهم
وأنني
لا علاقة لي بأمر هدايتي وضلالي
فما
هو دوري إذن في عملية الإهتداء؟
وجوابه
نعم إن الله يعلم بكل شيء ويعلم من سيهديه
ويعلم من سيضله
لكن
الخالقون ليس بالضرورة أن يعلموا بذلك
فكما
قلنا سابقا وانطلاق من قول النبي صلى الله
عليه وآله:
أنا
وعلي من شجرة واحدة وباقي الناس من أشجار
شتى
أن
هناك أشجار شتى
وقلنا
أن الأشجار معناها ملائكة وروح ترقوا
وترقوا حتى وصلوا لمرتبة انهم كونوا شجرة
خلق منفصلة
يعني
كل شجرة خلق تتكون من مجموعة محددة ومعلومة
من الملائكة والروح
وبالتالي
كل شجرة خلق من الأشجار الشتى هي شجرة
خالقة منفصلة عن غيرها ومتصلة بالشجرة
الأم
الأمر
يشبه ان تتخيل شجرة كبيرة جدا جدا جدا
وهذه
الشجرة لها أغصان وأفرع واوراق كثيرة جدا
ثم
فوق هذه الشجرة او منها تتخيل نمو اشجار
كثيرة
وكل
شجرة منها لها كذلك أغصان وأفرع واوراق
كثيرة
فحينها
ومن هذا المثل فإن كل الاشجار الصغيرة
قائمة معلوماتيا وتفاعليا بالشجرة الكبيرة
وتتغذى
كذلك معلوماتيا من الشجرة الكبيرة
وهي
تُغذي بدورها الشجرة الكبيرة بالمعلومات
فالشجرة
الكبيرة الأصلية تعرف كل شيء كعلم مكنون
حصولي
لكن
أشجار الخلق الصغيرة القائمة بشجرة الخلق
الكلية لا تعرف كل شيء
ولا
تعرف الا بحسب ما تستقيه من الشجرة الأم
وما يجري منها ولها وعليها
فصحيح
أنهم كأشجار خلق يخلقون
لكنهم
يقولون ان شجرة الخلق الكلية هي أعظم
الأشجار وأعظم الخالقين
فالأشجار
الشتى يتنزلون بإذن ربهم الشجرة الأم من
كل أمر
فالشجرة
الأم تعرف كل شيء
والاشجار
الشتى جميعها تتغذى معلوماتيا منها وعليها
ربما
ستسأل الأن :
ان
كان جميع الذي يتنزلون من كل أمر إنما
يتنزلون به بأمر ربهم الشجرة الأم ،، فما
هو دور الأشجار الشتى في كل هذه العملية؟
وجوابه
هو:
أنّ
الأشجار
الشتى هي أيضا ملائكة
وهم
جميعهم يساهمون في اخراج هذا العلم المكنون
في الشجرة الأم
من
حالة مكونه في الشجرة لحالة ظهوره بهم
ولهم كعلم حضوري
يعني
هم بخلقهم وفعلهم يشهدون تحوّل العلم
المكنون الحصولي لعلم حضوري
فهذا
العلم المكنون في الشجرة الأم
فانه
بشهادتهم وخلقهم له يصبح بالنسبة لهم
علما حضوريا
يعني
جميع الأشجار الشتى تحاول ان تتعرف عمليا
على هذا العلم المكنون في الشجرة الأم
طبعا
عندما نقول هنا الشجرة الأم
فإننا
قلنا قبل قليل نقصد بها
النَّفْسُ
الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ
الْكُلِّيَّةُ
وَالتي
هِيَ نفسها ذَاتُ الله الْعليا،
وَشَجَرَةُ
طُوبَي وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَي
وَجَنَّةُ الْمَأْوَي
والأشجار الشتّى
عندما تريد أن تطلع على العلم المكنون في
الشجرة الأم فإنها يجب أن تتماشى مع نظام
وطبيعة الشجرة الأم الشجرة المباركة
وبنفس الوقت يجب
أن تتماشى مع طبيعة الشجرة الخبيثة
فهما شجرتين
خلقهما الله تبارك وتعالى
شجرة مباركة اصلها
ثابت وفرعها في السماء
وشجرة خبيثة اجتثت
من فوق الأرض ما لها من قرار
يعني هما
شجرة الشر وشجرة
الخير
شجرة الجهل وشجرة
العقل
شجرة الموت وشجرة
الحياة
شجرة النور وشجرة
الظلام
فالشجرة المباركة
هي الشجرة التي خلقها المعنى لنفسه واستودع
بها كل علمه
وجعلها بيته
وكان هو الساكن
الوحيد بها
فالشجرة هي البيت
وهي الذات وهو وحده من بنى بيته وسكن به
يعني هو وحده من
ذوت الذات وسكن بها
فعندما نقول كلمة
الذات فإننا نفهم منها معنى الظرفية
وهكذا عندما نقول
كلمة الشجرة فإننا كذلك نفهم منها أيضا
معنى الظرفية
وهكذا فعل أمير
المؤمنين عليه السلام عندما وصف
النَّفْسُ
الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ
الْكُلِّيَّةُ
بأنّها
شجرة طوبى وسدرة
المنتهى وجنة المأوى
وإنها ذات الله
العليا
والظرف
المكاني في المنظومة الالهية هي المشكاة
هي
دائرة الوجود
هي
ليلة القدر
هي
ليلة الله
هي بيت
الله
هي أمة
الله
وكلنا
أبناؤها وعبيدها ومن نورها
بالعودة
لما أردنا الحديث عنه اليوم بهذا المقال
وهو:
من
الذي جعل الناس يضلون عن اليمين ، والجواب
الطبيعي بعد كل ما قدمناه من معنى لا اله
الا الله وحده لا شريك له هو:
المعنى
نفسه هو من اضل عن نفسه
امره
هو من أمر بان يُضل نفسه عن نفسه
أمره
هو من أسس هذا النظام التكويني من أوله
لأخره
فبهذا
النظام التضليلي وحده سيستطيع أن يكشف
عن نفسه وأن يعرّف نفسه
فهو
يجب أن يخفي نفسه أولا ثم بعد ذلك يكشف عن
نفسه
فإن
لم يكن مختفي فلمن سيكشف نفسه حينها؟
فيجب
ان يختفي أولا لكي يظهر بعدها
ولذلك
اوجد نظام المغطين والكاشفين
او
نظام المجموعتين المتضادتين
مجموعة
الكافرين ومجموعة المخلصين
وأمره
هو من يحرك المجموعتين ، وكلاهما من
الملائكة والروح
وكلهم
يتنزلون بأمر أمره رب الملائكة والروح
من كل أمر
إذا
فهمت هذا الأمر وحقيقته فلا داعي للخوف
أبدا من أي شيء سيجري او قد يجري علينا
فرب
الملائكة والروح عنده خطة كاملة وشاملة
لما يريد ان يحقق ويظهره على أرض الواقع
من الأحداث
فلا
داعي للخوف او القلق من المستقبل ابدا
وفي
مقالنا القادم ان شاء الله سنتناول العلاقة
بين اهوال يوم القيامة وبين النتيجة
النهائية التي سيفتتحون بها الفصل الثاني
والأخير من قصتنا
وهذه
النتيجة هي
((يَعْبُدُونَنِي
لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ))
فهذه
النتيجة لم يصل لها أحد من الأنبياء والرسل
رغم المعجزات الكثيرة التي اظهروها بين
الناس في مختلف الازمان والعصور
بل
ربما كانت تلك المعجزات تزيدهم نفورا
اكثر من ما كانت تزيدهم تسليما وطاعة
للانبياء والرسل
فما
الذي سيحصل بحيث ان الناس ستتبدل طبائعهم
فيعبدون القائم لا يشركون به شيئا في فترة
الآخرة
ما
الذي سيدفعهم لان يفعلوا ما لم يفعلوه مع
جميع الانبياء والرسل من قبله ؟
يوجد
سر في هذه العملية سنتكلم عنه في مقالنا
القادم ان شاء الله
كل
هذه المقالات هي فقط لاخراج عامل الخوف
من وسط العلاقة التي تربطنا كخاسرين مع
إمامنا الشمال عليه السلام
وهو
القائم بالأمر في الأرض
ولنفهم
أيضا لماذا سيجري كل الذي سيجري علينا
ومن حولنا من جميع انواع واشكال الاحداث
المهولة في يوم القيامة
وما
علاقة كل ذلك بفترة الآخرة
وما
علاقة كل ذلك باليمين والشمال .
وصلى
الله على خير خلقه أجمعين محمد وآل بيته
الطيبين الطاهرين
اللهم
صلي على محمد وآل محمد
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
...
....
.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق