- مهلاً، مهلاً
- ما الأمر؟
- إنك تستطيع
أن تستخلص نتائج كثيرة من خلال تتبعك لموارد الألفاظ في القرآن الكريم أو في
الروايات الشريفة، ولكن هذه النتائج ستبقى قبل وبعد كل شيء نتائج وقناعات شخصية،
وستكون منها أخيرا عقيدة شخصية قد لا يقتنع بها حتى نفس من يشاركك ذلك المنهج
الفكري والعقدي الذي تتبعه
- ولماذا؟
- لأن عملية
صياغة العقيدة الفردية عملية معقدة وطويلة تعتمد على عدة عوامل منها النفسية
والخلقية والعلمية والإجتماعية والعائلية والمنطلق الفكري الديني والمذهبي وغيرها
من العوامل الأخرى الكثيرة
ولكن وحسب
اعتقادي الشخصي أرى أن أهم سبب أو أهم عامل يؤثر في عملية تشكل العقيدة هو مقدار
تشبث الباحث خلال عملية البحث بأناه، وبالتالي مقدار استعداده للتنازل على بعض ما
ورثه من آبائه وأجداده من أفكار وعقائد
وكل ذلك سيجعل
من عملية تشكل عقيدة كل فرد من الأفراد عملية فريدة من نوعها، ولا يمكن أن تشابهها
أي عملية أخرى عند أي فرد آخر
ولذلك قال
الرسول وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أن الطرق إلى الله بعدد أنفاس
الخلائق، لأننا في هذا العالم المادي طريقنا الوحيد في المسير إلى الله هو عبر
الكلمة التامة، والكلمة التامة نفسها لا طريق لنا إلى فهمها أو تصورها إلا عبر
الخيال والأوهام والأمثال كما أفعل وتفعل أنت الآن
فكيف لنا معرفة
حقيقة كلمة تامة او لندعوها مخلوق تام هو بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطق،
وبالشخص غير مجسد، وبالتشبية غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار،
مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور
فكيف لنا
الوصول إلى حقيقة هذا المخلوق والحروف لا تستطيع أن تصفه، والألفاظ لا يمكن أن
تنطق بوصفه أو شبهه، فهو لا لون له ولا حجم، والأوهام لا تصل إليه والأحاسيس
محجوبة عنه فلا تستطيع لذلك حتى أن تتوهمه وهو مستتر عنها بنفسه فلا يوجد غيره
ليحجب بينه وبينها
وكما ترى فجميع
الطرق إلى هذا المخلوق التام مسدودة، ولكن بعض الناس تجد نفسها رغم يقنها من ذلك مجذوبة
إليه، فتتخذ من الأوهام والتصورات العقلية وسيلة في مسيرها إليه وهي معذورة في ذلك
ولذلك قال
الإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه وآله في إحدى مناجياته في الصحيفة السجادية:
إلهي ما ألذّ
خواطر الإلهام بذكرك على القلوب، وما أحلى المسير إليك بالأوهام في مسالك الغيوب،
وما أطيب طعم حبّك، وما أعذب شرب قربك، فأعذنا من طردك وإبعادك، .. انتهى
فكلامي وكلامك
إنما هو أوهام في أوهام نحاول أن نتعقّلها، فكوننا نعيش في عالم الأمثال لا في
عالم الحقائق، سيعني أنه مهما كانت الأمثال جميلة ومعبرة فإن الواقع والحقيقة أجمل
منها بما لا نهاية
فلذلك اطلب منك
التمهل في استخلاص النتائج من موارد الألفاظ في القرأن الكريم، فنفس القرآن الكريم
قال لك:
لَوْ
أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا
مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ
وقال أيضا:
وَتِلْكَ
الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ
فحين يستعمل
القرآن الكريم الحروف والكلمات ليصف لنا ما لا يمكن للكلمات والحروف والأصوات أن
تصفه، فيجب أن يقول لك أن هذه الكلمات والحروف والأصوات القرآنية لا يمكن لها أن
تصل بك إلى حقيقة تلك الكلمة التامة لأنها مستورة ومحجوبة، ولكن عليك أن تتفكر
بهذه الألفاظ والكلمات مطولا ومطولا ومطولا فلعلك حينها تعقلها وتعلم شيئا من جمال
الحقيقة الكامنة خلفها
فالقدر مستور
ومحجوب عن حس كل متوهم تماما كما القضاء والامضاء لأنهم هم نفسهم الكلمة التامة،
لا فرق بينها وبينهم، فالكلمة التامة لا يسبق أولها أوسطها ولا آخرها
ولكن يكفيك أن
تعرف أن القدر والقضاء والإمضاء مستبطن ضمن الكلمة التامة، ذلك المخلوق الأول
والذي خلق منه كل شيئ
وتستطيع أن
تقول أن القدر والقضاء والإمضاء من مهمات العقل، او القلم، او الروح، او نور
السماوات والأرض أو كل ما عبروا عنه صلوات الله وسلامه علهم أجمعين بأنه أول ما
خلقه الله
فالعبائر قد
تتعدد هنا ولكن المعنى والمقصود هو نفسه نفسه
نعود للسؤال
الذي طرحته عليك البارحة وهو لو كانت هناك كرة تطير في الهواء وبفعل الجاذبية كانت
تنحدر نحو الأرض، لو شاء الله لهذه الكرة أن تبقى في مكانها في الجو، فلا تسقط
أبدا، أو شاء لها أن لا تتحرك من مكانها بأي شكل من الأشكال، فكيف يمكن أن يتم
ذلك؟
- حدد لي ما تريده بالضبط لو سمحت؟
- أريد أن أعرف
رأيك هل يجب مثلا أن يرسل على تلك الكرة ملكا من ملائكته لكي يمسكها في الهواء
لتبقى الكرة معلقة بالهواء ما دام ذلك الملك المبعوث يمنعها من الحركة؟
- لا يجب ذلك،
أقصد يستطيع أن يفعل ذلك، فيسخر ما يشاء من عباده لما يشائه، ولكنه يستطيع ذلك
أيضا بدون الحاجة لملك أو جن أو أي مخلوق آخر، وإلا لو توقف تحقق مشيئته على حاجته
لعبد من عباده لتحققها لوقعنا في المحظور
- جيد، لقد فهمت
المغزى من سؤالي إذن، فقل لي إذن كيف ستتوقف الكرة في الهواء؟
بل لو أراد أن
تتحول تلك الكرة من فورها لطائر يطير في الهواء، فكيف لذلك أن يتحقق بدون الحاجة إلى
أي واسطة لتحقيق ذلك؟
- أعتقد أن
الجواب هنا يجب أن يكون هو أنه يجب أن توجد هناك رابطة مستمرة ودائمة ما بين كل
ذرة من ذرات تلك الكرة الطائرة في الهواء وما بين الله جل جلاله، بل وبوجوب وجود
تلك الرابطة ما بين كل ذرة من ذرات الوجود وما هو أصغر منها كذلك وما بين الله جل
جلاله
- جيد، هذا عن
الإتصال، ماذا عن الإدراك؟
- ماذا تقصد
بالإدراك؟
- أقصد لو صدر أمر ما، وبشكل ما،
من الله جل جلاله لذرة من ذرات الوجود بالتوقف أو التحول أو غير ذلك، فكيف ستدرك
تلك الذرة ذلك الأمر وتفهمه؟ أفلا يجب أن تكون تلك الذّرة حية وعاقلة للخطاب
الإلهي وعالمة بكيفية التوقف أو التحول أو التبدل لأي صورة يشائها الله جل جلاله
وقادرة على ذلك أيضا؟
ولنجعل السؤال
أكثر دقة، ماذا لو أراد الله جل جلاله من ذرة حديد أن تتحول لذرة ذهب أو لذرة
كربون أو لأي نوع من أنواع الذرات؟
أفلا يجب أن
تكون تلك الذرة، أو لنقل حسب آخر النظريات العلمية المعروفة، ألا يجب أن تكون
أوتار الطاقة الفائقة الصغر والتي يقولون أنها هي الـلبنات الأساسية للوجود، ألا
يجب أن تكون تلك الأوتار حية وعالمة بمضمون أي أمر قد يردها مباشرة من الله جل
جلاله وبدون الحاجة لواسطة تفيض عليها ذلك العلم؟
وأن تكون كذلك
قادرة على تحقيق ذلك الأمر، أي التحول من شكل لآخر، بدون الحاجة لوجود واسطة في ما
بينها وبين الله جل جلاله لتعلّمها كيف تتحول؟
وأيضا، ألا يجب
أن تكون تلك الأوتار عالمة بالمقادير المقدرة لكل شيء، حتى إذا جائها الأمر
بالتحول أو الكينونة لم تحتج للسؤال أو المعونة من أي مخلوق كان؟
وألا يجب أن
تكون تلك الأوتار متواصلة في ما بينها وبين بعضها الأخر تماما كتواصلها مع الله جل
جلاله، بحيث يمكنها ان تنجز ذلك الأمر الإلهي على اكمل وجه بدون تقديم أو تأخير؟
فأوتار الطاقة
لـ لحوم تلك الطيور التي ذبحها نبي الله إبراهيم على نبينا وآله وعليه وآله أفضل
الصلوات، وفرمها وعجنها مع عظامها وريشها ودمها، هل كانت بحاجة لواسطة تعيد
تجميعها وتر وتر، وذرة ذرة، مع بعضها البعض وكما كانت؟
أم أن تلك
الأوتار كانت حية وعالمة بتكوين جميع الطيور وأجزائها وقادرة من ذاتها على العودة
كما كانت، وكيف كانت، وبمجرد صدور الأمر إليها، وبدون الحاجة لواسطة تفيض عليها
العلم بأي طريقة؟
لو أردنا أن
ننزه الله عن الحاجة لمخلوقاته لتحقق مشيئته، فلا مناط لنا من الإقرار والقول بأن
كل وتر من أوتار الطاقة، والتي يقولون اليوم عنها أنها هي لبنات الوجود الظاهر
اليوم أمامنا
أقول لا بد لنا
من الإقرار والقول بأن ذلك الوتر بل ان كل وتر من أوتار الطاقة في الوجود هو حي
وعاقل وعالم وقادر، ويختزن في ذاته كل المقادير المقدرة، وـنه قادر على التواصل مع
بقية الأوتار ليتشكلوا بأي شكل من أشكال الوجود، وبمجرد صدور الأمر وبدون الحاجة
لواسطة تصل في ما بينها وبعضها البعض، أو في ما بينها وبين الله جل جلاله
-
وما دور
الملائكة إذن في هذه العملية؟ وأقصد، لماذا خلق الملائكة إذن إذا كانت لًبَنات
الخلق كما تقول تستطيع أن تتحول وتتشكل حسب الأمر الصادر إليها؟
-
يمكنك أن تسأل
هذا السؤال، ولكن في محلّه وليس هنا
-
وكيف ذلك؟
-
حين أجبتني
وقلت مبتدأ ((لا يجب ذلك، أقصد يستطيع أن يفعل ذلك، فيسخر ما يشاء من عباده لما
يشائه، ولكنه يستطيع ذلك أيضا بدون الحاجة لملك أو جن أو أي مخلوق آخر، وإلا لو
توقف تحقق مشيئته على حاجته لعبد من عباده لتحققها لوقعنا في المحظور)) فهذا يعني
أنك كنت حينها ملتفتا إلى قوله تعالى : ((إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))
فجل جلاله قد
تعلق أمره ابتداءا بأن تجري الأشياء وتتحقق بأسبابها، والملائكة من تلك الأسباب،
وهذه الآية الكريمة تريد أن تقول لك أنّ أمره أذا أراد لشيء أن يكون فهو ليس بحاجة
للأسباب التي خلقها ومنها الملائكة لكي يتحقق ذلك الأمر
فعلاقته
واتصاله مع كل شيء هي أولا وأخيرا علاقة مباشرة وعلاقة نحن أقرب إليه من حبل
الوريد، فلا حاجة حينها للدم ولا للوريد ولا لحبل لوريد ولا للقلب ولا لأي من تلك
الأسباب ليبث الحياة في أي صورة لإرادته لتصبح شيئا مذكورا بعد أن كانت علما
مخزونا في ذاته لا يطلع عليه إلا هو
-
يبدو أننا ابتعدنا كثيرا عن صلب موضوعنا وهو فيك
انطوى العالم الأكبر وكيف يكون ذلك
-
كيف تفهم هذه
الكلمات منه صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين؟
-
قبل كلامنا هذا كنت عندما أسمع هذه الكلمات اقول
كيف للعالم بسماواته وفضائه وكواكبه ومخلوقاته أن ينطوي في كياني وفي كيان غيري من
البشر وفي نفس الوقت أيضا
-
هذا قبل كلامنا، وماذا عن بعده؟
-
لقد جعلت الأمر عليّ هينا بعض الشيئ
-
وكيف ذلك؟
-
لقد بسطّته لي حين قلت لي أن العالم الأكبر هو
الكلمة التامة، وأنها حسب ما فهمت منك أو اعتقد أنك تلمح له، هو أن لبنات الوجود
أو أوتار الطاقة هي نفسها حروف الكلمة التامة الأربعة، وحيث أن تلك الأوتار تختزن
كل العلم والمقادير الازمة لأدارة بدني كما تقول فالكلمة التامة تكون بذلك منطوية
في بدني تديره وتدبر شؤنه
وبذلك فلقد خف الأمر عليّ، فليس المقصود بها أن السماوات والأرض ومن فيهما هم
من قد انطووا في وجودي
-
لحظة نظام!!!
-
ماذا تريد أن تقول؟
-
لم تصل فعلا
لكامل الصورة التي أريد أن أوصلها لك
-
وهل يوجد أكبر
من أن تكون جميع ذرات بدني وبدنك وأبدان جميع الخلائق هي من الكلمة التامة؟
-
هذا جزء بسيط من الصورة الكاملة التي أريد نقلها
لك
-
وما هي الصورة الكاملة إذن؟
-
هي إن جميع
السماوات والأرض ومن فيهن هم فعلا منطوون بك
-
ماذا تقول؟
-
أقول أنك الثابت الوحيد في هذا العالم الذي
تعيشه، والمتحرك هو جميع ما سواك في هذا العالم
وأن قول الإمام سلام الله عليه فيك انطوى العالم الأكبر لا كناية به ولا تشبيه
ولا مجاز وأنه حقيقي بكل ما للكلمة حقيقي من معنى
-
ما هذا الكلام؟
أنا الثابت الوحيد في العالم وكل ما حولي هو الذي يتحرك؟ والعالم بسماواته
وأرضه هو فعلا موجود أو منطوي في كياني؟
أرجو المعذرة ولكنني سأتركك وأذهب للبيت، فحدث العاقل بما لا يُعقل، فإن صدّقك
فلا عقل له، وكلامك هذا لا يُعقل، فلذلك سأتركك وأذهب للبيت
-
مهلا، مهلا، أرجوك ابق معي قليلا، لا أريد منك
أن تصدقني، ولكن فقط استمع لما أريد أن اقوله لك
-
وما الفائدة من استماعي لك؟
-
أطلب منك كصديق أن تستمع لي وتعطيني هذه الفرصة
لكي أخرج ما يعتمل في صدري من أفكار لعلي أرتاح بعد ذلك
-
يبدو أنك فعلا تحتاج للمساعدة يا صديقي، فكلامك
هذا خارج حدود العقل والمنطق
-
وهل يعني هذا أنك موافق على أن تبقى معي لبعض
الوقت حتى أُخرج ما في صدري لك؟
-
وهل تركت لي الخيار من أمري حين ذكرتني بالصداقة
التي بيننا؟
-
جيد، والآن إستمع جيدا لما سأقوله لك .. مهما
كانت الصورة التي سأنقلها لك بكلماتي أريدك أن تجعل كلمات الله العلي العظيم
والمسطورة في كتابه الكريم، وكلمات أهل بيته الكرام صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين هي الحكم بيننا،
لا أريدك أن تحكم على ما سأقوله لك بأناك وبما تحتمله وتتصوره من وجودك وعلاقته بالمُبدء الأول من خلال
الوجود الرابط الذي يربط ما بينك وبينه، ذلك الوجود الرابط أو لنقل حلقة الوصل
التي تربط ما بين الأرض والسماء، أو تربط
ما بينك وبين المُبدء الأول
فتلك العلاقة هي من أصعب ما يمكن تصوره من العلاقات بين الأشياء، فكيف يمكن أن
تصف علاقة هي بين شيء وبين لا شيء؟
نعم إن المُبدء الأول ليس بشيء، ولا يمكننا أن نقول عنه أنه شيء، وأمّا ذلك
الذي نقول عنه انه شيء ولكنه ليس كالأشياء فهو ليس المُبدء الأول، بل هو ذلك الإسم
المخلوق قبل الأشياء، والذي هو بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطق، وبالشخص غير
مجسد، وبالتشبية غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار، مبعد عنه
الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور،
هذا الإسم هو الذي هو شيء لا كالأشياء، وهو رابطة الوصل بين الأشياء وبين
المُبدء الأول والذي هو ليس شيء وليس كمثله شيئ
ولولا صعوبة فهم هذه العلاقة لما قال الإمام علي
عليه السلام: (رحم الله امرأ أعد لنفسه، واستعد لرمسه .. وعلم من أين، وفي أين، وإلى
أين)
فأن تعلم من أين وفي أين وإلى أين هو قمة الإستعداد، وهو كذلك وقمة الإعداد النفسي
والذاتي لنزول الرحمة عليها وكل الرحمة، وهو أيضا نفسه قمة التوحيد
والإجابة على تلك الأسئلة الثلاثة يجب أن لا تتعارض مع آيات القرآن الكريم
التي تتناول التوحيد وأن لا تتعارض كذلك مع روايات أهل البيت التي تتناول التوحيد
ومراتبه وقمته
- هل لك ان تدخل مباشرة إلى الموضوع؟ اريد أن أعرف كيف أنني الثابت
الوحيد وكل ما حولي هو من يتحرك
- هل تعتبر نفسك من ضمن هذا العالم الأكبر أيضا، أم أنك لست منه؟
- ماذا تريد أن تقول؟
- سأجعل الأمر عليك أصعب قليلا مما كان
- وكيف ذلك؟
- ما أريد أن أقوله لك، هو أن بدنك هذا منطوي فيك أيضا، فهو أيضا
جزء من العالم الأكبر، فبدنك والكلمة التامة والعالم بسماواته السبع وأراضيه السبع
جميعها منطوون في كيان واحد هو أنت الحقيقي بضعة الأنا الحقيقية
- أرجوك، دعني أذهب للبيت
- لقد وعدتني بالبقاء والإستماع فلا تخلف وعدك معي
- سأبقى وأمري لله، ولكن لا تضيّق عليّ أكثر من ذلك
- لا تخف فالفرج وكل الفرج سيكون إن شاء الله بعد أن تضيق المسألة وتضيق
وتُحكم حلقاتها
- الآن ومن حيث المبدء هل تجد في كلماتي هذه ما يخالف التوحيد؟
- تقصد قولك أن بدني والكلمة التامة والسماوات السبع والأرضين السبع جميعها
منطوون في كيان واحد تصفه بأنه هو انا الحقيقي بضعة الأنا الحقيقية؟
- نعم ذلك هو قصدي
- يبدو لي ولأول وهلة أنه لا يتعارض، ولكن بالنسبة لي فقط
- وماذا تقصد بذلك؟
- الواضح من كلامك انك جمعت بذلك الوصف كل ما يطلق عليه لفظ شيء في كيان واحد،
والذي قلت عنه أنه كياني الحقيقي، وعليه فإذا كان الأمر كما تصفه فأنا مثال
للتوحيد، فقد جمعت في وجودي كل شيء كما وأنني جمعت فيه كذلك نفس الكلمة التامة
والتي هي شيء ليس كالأشياء وهي ذلك الوجود الرابط
ولكن يبقى أنني نفس واحدة أعيش الوحدة والتوحيد في وجودي، فماذا عن بقية
النفوس الأخرى؟ فإن قلت أنها كذلك تعيش الوحدة والتوحيد في وجودها فماذا عن
الكثرات التي تصفها جميعها وأنا منهم ومعهم؟
- دعك من بقية النفوس الآن، ولنستمر في النظر في نفسك أنت فقط، لقد قلت سابقا في
كلامك ((من الواضح من كلامك انك جمعت بذلك الوصف كل ما يطلق عليه لفظ شيء في كيان
واحد)) ولكن يبدو أنك غفلت عن شيء ولم تدخله ضمن هذه المعادلة التوحيدية
- وما هو؟
- إنه الإسم الذي جعله الله كلمة تامة على أربعة أركان فأظهر منها ثلاثة
واستبطن الرابع بها
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى
خلق اسما ...... فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، وحجب واحدا منها، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة التي اظهرت، ... بقية الرواية
خلق اسما ...... فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، وحجب واحدا منها، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة التي اظهرت، ... بقية الرواية
فالإسم هنا هو قبل الكلمة التامة في الترتيب النزولي للخلق، او في سلسلة الخلق
فأين تضع هذا الإسم؟ فهل هو منطوي في وجودك أيضا فتكتمل حينها الوحدة والتوحيد
في وجودك؟ أم أنه خارج وجودك الذي انطوى به العالم الأكبر؟
- لا أعرف ماذا يجب عليّ أن اقول، دعني أسمع منك
- أنت تحتاج إلى رابط يربط ما بينك وبين هذا الإسم، وهذا ما تقوم به الكلمة
التامة المنطوية بك، فالكلمة التامة تربط ما بينك وبين الإسم، والإسم يربط ما بينك
وبين المُبدء
تستطيع أن تقول أن هذا الإسم ممسوس مع المُبدء من جهة ومع الكلمة التامة من
الجهة الأخرى، وتلك الكلمة التامة المخلوقة هي بدورها ممسوسة مع ذلك الإسم المخلوق
من جهة، ومعك من جهة أخرى
- أرجوك، دعنا من الأسماء والكلمات والحروف، أريدك أن
تختصر عليّ الأمر وأن توصلني سريعا لما تريد أن تقوله، وكيف أن جميع السماوات والأرض
على عظم حجمها هي حقيقة لا مجازا ولا كناية منطوية في وجودي
- يبدوا
أنك قد تعبت من ملاحقتي ومن مداراتي، فأعتذر منك للتطويل، ولكن كان يجب أن أخرجك
من عالم المادة كما تعتقد بها قبل أن أبين لك كيف أنك وكل ما تراه من حولك إنما هو
منطوي بك، وأرجو أن أكون قد نجحت فعلا بإخراجك من عالم المفهوم التقليدي للمادة
وجعلتك جاهزا لاستقبال المفهوم العقلي للمادة، والذي سأحدثك عنه ابتداء من اليوم
- يبدوا أنك
ستدخلني في دوّامة جديدة
الأول: لا تقلق، سأحرص في ما هو قادم على أن أجعلك
أنت من تقود الحوار، وسأكتفي بإثارة بعض الأسألة والإثارات العقلية، التي تدور حول
بعض الروايات الشريفة، ولن يطول الأمر
- لنرى كيف ستفعل
ذلك إذن
- حسنا، سأروي لك رواية شريفة عن أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين، ولكن، أريد منك لمرة واحدة في حياتك أن تصدق ما يقوله إمامك لك فيها
مرة واحدة فقط أريدك بها أن تصدق أن إمامك يتحدث معك
بكلمات بينات مبينات، مرة واحدة تسمع كلامه ثم تبني اعتقاداتك التي تسأل عنها من
خلالها
أطلب منك مرة واحدة فقط أن لا ترفع بها صوتك على صوت
النبي صلى الله عليه وآله، أتعرف ما هو صوت النبي؟ إنه القرآن الكريم بلا ريب،
فالقرآن الكريم هو كلام الله ولكنه بصوت النبي، فالقرآن الكريم هو كلام الله وهو صوت
النبي، هو صوت النبي الذي كان منطقه القرآن، وكلامه القرآن
أريدك لمرة واحدة أن لا ترفع صوتك فوق صوت النبي
بمعنى أن تصدق تمام ما قاله كتمام ما قاله، فإن قال فوق لا تقول أنه يقصد بالفوق
تحت، وان قال ان الله خلق الموت، لا تقل أنه يقصد انه لم يخلق الموت
أريدك مرة واحدة أن لا تقدم رأيك على كلام نبيك، ولمرة
واحدة أن لا تفسر بها كلام نبيك بما يتوافق مع هواك، هذا هو جل ما أريده منك لتصل
وأصل معك لمبتغانا من هذا الحوار
- يبدوا أنك ستفتح بهذا التفسير لقوله تعالى: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ
أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ
ستفتح به جرحا عميقا لن يندمل بسهولة عند الكثير من الناس
- صدقني لقد فتح
هذا التفسير منذ أيام قلائل عندي جرح كبير
- وماذا جرى؟
- كنّا في مجلس
صغير بعد المجلس العاشورائي يجلس به مجموعة من الفضلاء والخطيب الذي كان يخطب في
المجلس، فسأله أحد الحضور عن معنى قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا
لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ
وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ومن هو المخاطب هنا، وهل هو بلغة إيّاك أعني واسمعي يا
جارة
فكان جوابه أنه يرجح أن المخاطبين هنا هم ليسم
المؤمنون بل الكافرون، وبتعبيره ان الله يخاطبهم كما يخاطب الأب ابنه حين يقول له
يا آدمي لماذا تعمل هكذا
وهنا اعترضت بان المعنى هو اتقوا الله ويعلمكم الله،
ولكنه أصر على رأيه بان الخطاب للكفار، غير منتبه بأن مضمون الآية يرفض أن تكون موجهة للكفار، فأي أعمال عند الكفار ستحبط إن
هم رفعوا صوتهم فوق صوت النبي؟
فالكفار لا
أعمال مقبولة أو محفوظة لهم، وهي كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وأيامهم كلها
عاصفة
ورجعت ليلتها للقرأن الكريم وبحثت في مورد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فوجدت أنه قد تكرر 89 مرة بإضافة أمنو بعدها وكلها تأتي في باب تعليم الله المؤمنين لواجباتهم، ولم ياتي الخطاب للكفار بصيغة يا أيها الذين كفروا إلا مرة واحدة وهي:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا
الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
ومرة أخر باختلاف بسيط وذلك بقوله تعالى:
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ
وكِلا الموردين جائا في باب البرائة من الكفار وفعلهم
فوجدت حينها أن هذا الخطيب وهو يفسر قوله تعالى: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
قد رفع صوته فعلا فوق صوت النبي
أجارنا الله
واجاركم من أن نرفع اصواتنا فوق صوت النبي وآل بيته الكرام القرآن الناطق فتحبط
حينها أعمالنا فنكون بذلك من الخاسرين، واحمد الله أن هدانا لمنهج الكتاب والعترة
فقط وفقط وفقط
فالكتاب يشهد للعترة، والعترة تشهد الكتاب، ومن
فارقهما ضل لا ريب
- دعنا من القيل والقال واروي لي تلك الرواية
- حسنا، سأرويها لك، كما أنني سأروي لك واحدة غيرها، ولكن أريد منك
أن تتأمل ألفاظهما ومعانيهما وكأنّك صدقتهما بكل كيانك وعقلك وقلبك، أقول مرة
أخرى: وكأنّك صدقتهما، وكأنّك صدقتهما،
فأناْ أعلم أنك سيصعب عليك أن تصدقهما
فلذلك أقول لك وأطلب منك لمرة واحدة فقط أن تتفكر
بهما وكأنّك قلبا وقالبا قد صدقتهما، ثم بعد ذلك سأسألك أسئلة أريد منك حينها
الإجابات عليها ومن وحي تسليمك وتصديقك لما سمعته
أكرر مرة أخرى، أريدك منك مرة واحدة أن تلغي الإنكار
من قاموسك
ولمرة واحدة أن تُـدْبِـرَ وتُـقْبِـلَ بها لا عن
تفكير، بل عن تسليم، ولو كان تمثيلا لا حقيقة
لمرة واحدة أريدك أن تكون على عادتك وسجيتك، منافقا
مع نفسك فتنافقها نفاق إبليس لربه وتجيبها من وحي هذا النفاق، وكأنك صدقت فعلا
بقلبك صوت نبيك تمام التصديق
إسمع:
لقد:
روي المجلسيّ عن «علل الشرايع» باسناد العلوي
عن أميرالمؤمنين علیه السلام: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلَ؟
قَالَ: خَلَقَهُ مَلَكٌ لَهُ رُؤوسٌ بِعَدَدِ الْخَلاَئِقِ،
مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلی يَوْمِ
الْقِيَامَةِ،
وَلِكُلِّ رَأْسٍ وَجْهٌ،
وِ لِكُلِّ آدَمِيٍّ رَأْسٌ مِنْ رُؤوسِ الْعَقْلِ.
وَاسْمُ ذَلِكَ الإنسان علی وَجْهِ ذَلِكَ
الْرَأْسِ مَكْتُوبٌ.
وَعلی كُلِّ وَجْهٍ
سِتْرٌ مُلْقيً لاَ يُكْشَفُ ذَلِكَ السِّتْرُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ
حَتَّي يُولَدُ هَذَا الْمَوْلُودُ
وَيَبْلُغُ حَدَّ الرِّجَالِ أَوْ حَدَّ النِّسَاءِ؛
فَإذَا بَلَغَ، كُشِفَ ذَلِكَ السِّتْرُ،
فَيَقَعُ فِي قَلْبِ هَذَا الإنسان نُورٌ فَيَفْهَمُ الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ.
أَلاَ وَمَثَلُ
الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ كَمَثَلِ السِّرَاجِ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ.
واسمع حديث
الاعرابيّ الذي سأل أمير المؤمنين علیه السلام
عن النفس فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: أَيَّ الاْنْفُسِ تَسْأَلُ؟
فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ هَلِ الاْنْفُسُ عَدِيدَةٌ؟
فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ:
نَفْسٌ نَامِيَةٌ نَبَاتِيَّةٌ،
وَحِسِّيَّةٌ حَيْوَانِيَّةٌ،
وَنَاطِقَةٌ قُدْسِيَّةٌ،
وَإِلهِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ مَلَكُوتِيَّةٌ
ثمّ إنّ الاعرابيّ سأل عن كلّ من الانفس
النامية النباتيّة، الحسيّة الحيوانيّة، والناطقة القدسيّة، فكان علیه
السلام يجيبه،
حتّي إذا ما سأله عن الإلهيّة الكلّيّة الملكوتيّة أجابه علیه السلام بهذه الكيفيّة:
حتّي إذا ما سأله عن الإلهيّة الكلّيّة الملكوتيّة أجابه علیه السلام بهذه الكيفيّة:
فَقَالَ: مَا النَّفْسُ الإلهِيَّةُ
الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ؟
فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: قُوَّةٌ لاَهُوتِيَّةٌ،
وَجُوْهَرَةٌ بَسِيطَةٌ حَيَّةٌ بِالذَّاتِ،
أَصْلُهَا الْعَقْلُ،
مِنْهُ بَدَتْ،
وَعَنْهُ دَعَتْ،
وَإِلَيْةِ دَلَّتْ؛
وَعَوْدَهَا إلَيْهِ إِذَا أَكْمَلَتْ وَشَابَهَتْ،
وَمِنْهَا بَدَتِ الْمَوْجُودَاتُ،
وَإِلَيْهَا تَعُودُ بِالْكَمَالِ.
وَهِيَ ذَاتُ الْعلیا،
وَشَجَرَةُ طُوبَي،
وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَي،
وَجَنَّةُ الْمَأْوَي؛
مَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَشْقَ أَبَدَاً،
وَمَنْ جَهِلَهَا ضَلَّ وَغَوَي.
فَقَالَ السَّائِلُ: مَا الْعَقْلُ؟
قَالَ علیهِ السَّلاَمُ:
جَوْهَرٌ دَرَّاكٌ،
مُحِيطٌ بِالاْشْيَاءِ عَنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا،
عَارِفٌ بِالشَّيْءِ قَبْلَ كَوْنِهِ؛
فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَوْجُودَاتِ،
وَنَهَايَةُ الْمَطَالِبِ.
والآن سأتركك قليلا لتتفكر بهاتين الروايتين، وأريدك
أن تنافق نفسك ما استطعت فتقنعها ما استطعت أنّك فعلا تصدق النبي وتبجّل صوته
صلوات الله عليه وآله أجمعين، وسأعود لك حينما تصبح جاهزا للإجابة على ما سأطرحه
عليك من أسئلة أنت هو من يبحث لها عن إجابات واضحات ومحددات وصريحات.
ليتني لم أسئله
هذا السؤال
هذا كان أول ما تبادر في ذهن الثاني عندما أوى إلى الفراش ليلتها،
فما لي وللعالم الأكبر حتى أسأل عنه؟
وما لي وللنفس حتى أسأل عنها؟
فلقد حـرمني النوم منذ أن سألته هذا السؤال، فكلمة تامة، واسم تام، وأركان وأسماء عظمى، وأسماء حسنى، واسماء ظاهرة، واسم مطوي، واسماء حاجبة، واسم محجوب، واوتار اربعة، وقوة عظمى، ونووية ضعيفة، وأخرى قوية، وجاذبية، وكهرومغناطيسية، وإسم جامع، وآخر لامع، وثالث تابع، ورابع متبوع
فما لي وللعالم الأكبر حتى أسأل عنه؟
وما لي وللنفس حتى أسأل عنها؟
فلقد حـرمني النوم منذ أن سألته هذا السؤال، فكلمة تامة، واسم تام، وأركان وأسماء عظمى، وأسماء حسنى، واسماء ظاهرة، واسم مطوي، واسماء حاجبة، واسم محجوب، واوتار اربعة، وقوة عظمى، ونووية ضعيفة، وأخرى قوية، وجاذبية، وكهرومغناطيسية، وإسم جامع، وآخر لامع، وثالث تابع، ورابع متبوع
ما لي وكل هذا الكلام؟
كلا، نعم كلا
كلا، نعم كلا
لن أتصل به ثانية ليعود فينغص عليّ حياتي مرة أخرى بهذه الأفكار الغريبة، نعم لن أتصل به مرة أخرى فأفكاره غريبة قد عكّرت علي صفو حياتي منذ أن عرفته وتكلمت معه، يجب أن أنساه
نعم سأنساه، سأعود من غدي لأصحابي في
القهوة لأتسامر معهم على أنغام أم كلثوم الشجية وأترك الخوض في العلوم الخفية
نعم سأنساه نسية أبدية وأهجره مليا
عقل كلّي، وملك له رؤوس بعدد الخلائق، ويريدني أن أتفكّر، ،،،، ما لي والتفكّر؟
ثم إنه يعرفني جيدا، ويعرف جيدا أن سلوتي في الدنيا هي الجلوس أمام الأرجيلة وسماع
قرقرتها وقد اختلطت بأنغام أنغام وراغب علامة وأم كلثوم، فما به يدعي الحكمة ثم يكلمني
عن هذه الأشياء العجيبة
ملك له رؤوس، وأناااااااا مجرد رأس عليه!!!!!! ههههه، ملك له رؤوس، وأناااااااا
مجرد رأس فيه!!!!!! ههههههههههه
أليست الملائكة لها أجنحة قد تكثر أو تقل؟
فما بال هذا الملك له رؤوس بدل الأجنحة؟
وما قصة تلك الأستار الملقاة على تلك الرؤوس؟
ومن الذي سيكشف تلك الأستار عنها؟
وأين سيولد؟
وكيف انتقل الحديث من كونه مجرد رأس ملقى عليه ستر ليصبح الحديث عن مولود يولد وينمو
ويكبر فيبلغ حد الرجال او حد النساء؟
والأنكى أن اسمه مكتوب فوق رأسه منذ أن خلقه الله مجرد رأس على جسد ذلك الملك العجيب
والأغرب أنّه سمّاه إنسان وأن له قلبا وأنه يقع فيه نور يفهم به
فهل أناااا رأس؟
أم أناااا مولود؟
أم أناااا عقل؟
أم أناااا قلب؟
أم أناااا إنسان؟
يبدو أنني لا شيء !!!!!!
أم أناااا مولود؟
أم أناااا عقل؟
أم أناااا قلب؟
أم أناااا إنسان؟
يبدو أنني لا شيء !!!!!!
أو ربما أناااااااا هو القلب، والعقل هو النور الذي سينزل بي؟
كلا، كلا،
أنااااا الرأس،
أنااااا المولود،
أناااا الإنسان،
أناااا من سيُكشف عنه الستر،
أناااا من به ذلك القلب ،
أناااا من بقلبه سينزل النور
كلا، كلا،
أنااااا الرأس،
أنااااا المولود،
أناااا الإنسان،
أناااا من سيُكشف عنه الستر،
أناااا من به ذلك القلب ،
أناااا من بقلبه سينزل النور
تبا تبا،،،،
أنااااا المعدوم ابن المعدوم!!!!!!!!!!
ألم أقرر أنني لن أفكر؟
ألم أقرر أنني سأهجر؟
ألم أقرر أنني سأرجع لسابق عهدي طرباً؟
ألم أقرر أنني سأهجر؟
ألم أقرر أنني سأرجع لسابق عهدي طرباً؟
فما بي أعود للتفكير بهذه المعاني
والكلمات؟
لن أعود أبدا للتفكير، نعم لن أعود للتفكير من جديد، فما لي وللتفكير والتفكّر،
نعم لن أفكّر من جديد
لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر،
لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر،
لن أفكـ، لن أفكـ، لن أفـ، لن أففففففففففففـ
لن أفكـ، لن أفكـ، لن أفـ، لن أففففففففففففـ
ودخل في نوم عميق
الظلام دامس من حوله وهو يشعر وكأنه يحلّق في الفضاء الواسع
الفضاء؟ اي فضاء هذا؟
فما حولي يبدوا وكأنه العدم،
فلا شيء من حولي سوى وعي بنفسي،
نعم أشعر وكأنني أنا والعدم من حولي، نعم، أنا والعدم يحيط بي من كل الجهات، هذا هو ما أشعر به الآن،
فما حولي يبدوا وكأنه العدم،
فلا شيء من حولي سوى وعي بنفسي،
نعم أشعر وكأنني أنا والعدم من حولي، نعم، أنا والعدم يحيط بي من كل الجهات، هذا هو ما أشعر به الآن،
إنه العدم، وليس الفضاء الواسع المظلم
لحظة، ما هذا الذي ظهر أمامي، إنها نقطة بيضاء لامعة،
يبدو أنها تقترب مني أو انني أنااااا الذي يقترب منها،
الأمر مبهم،
ولكنها تزداد لمعانا وتوهجا واقترابا،
ولكنها تزداد لمعانا وتوهجا واقترابا،
ما أجملها، لا زالت تقترب مني وأقترب منها شيئا فشيئا،
إنها ليست نقطة بيضاء،
إنه طائر،
إنها ليست نقطة بيضاء،
إنه طائر،
نعم انه طائر أبيض لآمع يفرد جناحيه في الظلام،
إنه يقترب، إنني أقترب، يزداد قربا فيزداد حجما،
إنه يقترب، إنني أقترب، يزداد قربا فيزداد حجما،
أزداد قربا فيزداد وضوحا
إنه ليس بطائر، إنه ملك كريم،
نعم إنه ملك جميل
إنه ليس بطائر، إنه ملك كريم،
نعم إنه ملك جميل
لا زلت أزداد منه قربا، ويزداد لي وضوحا،
نعم إنه ملك جميل هو في جماله أجمل من جمال دحية الكلبي،
وإن له جناحان كبيران، وعينان ناعمتان مغمضتان خاشعتان وكأنه في حالة صلاة
أزداد قربا منه، يزداد لي وضوحا، إنني
أقترب وأقترب وأزداد اقترابا،
أزداد صغرا ويزداد حجما،
نوره يغمرني والظلام من حولي اختفى
أزداد صغرا ويزداد حجما،
نوره يغمرني والظلام من حولي اختفى
إنني أزداد منه اقترابا، ، ، أكثر وأكثر ،، أقرب وأقرب ،، وأقرب وأقرب
ما أعظم حجمه، وما أدقّ صنعه
يبدو أنني أقترب من ريشة من ريشه الكثيرة، نعم إنني أقترب من إحداها،
أكثر وأكثر ،، أقرب وأقرب
ها هو محورها قد بان وتلك اسلّتها وقد
تميزت عن بعضها البعض
لا زلت أقترب منها، ما أعظم حجمها، كلما ازددت اقترابا منها ازداد حجمها، إنها
تبدوا لي الآن وكأنها أبراج مصفوفة إلى جانب بعضها البعض، جنبا إلى جنب
إنني أقترب أكثر وأكثر من أحد تلك الأبراج
أكثر وأكثر، يبدو انني سأصل قريبا فقد بدت نقاط صغيرة على سطح ذلك البرج تبدو
لي، إنني أقترب منها أكثر وأكثر،، أكثر وأكثر
ما هذا إنها رؤوس مصفوفة بجانب بعضها البعض وكأنها زرابي مبثوثة
لا زلت أقترب منها أكثر وأكثر
ما أجمل وأنعم تعابير بعض تلك الوجوه، وكأنها تتنعم في جنة عالية لا تسمع فيها
لاغية
وما أقسى تعابير البعض الأخر منها، فتعابيرها خاشعة عاملة ناصبة، وكأنها تصلى نار
حامية
وبعضها ملقى عليها ستر
وأخرى تضحك
وأخرى تبكي
وأخرى تضحك
وأخرى تبكي
ما هذا الرأس الذي توقفت عنده؟
إنه يحمل صورتي، وعليه قد كتب اسمي، وتحيط به رؤوس كثيرة، بعضها ناعم وبعضها خاشع
وغيرها ملقى عليه ستر
هل هذا هو أنا؟ هل هذه هي حقيقتي؟
ما هذه البقعة المضيئة في وسط جبهتي؟
في تلك اللحظة أحس وكأن نور يخرج من بين عينيه ليدخل في تلك البقعة المضيئة وسط
جبهة ذلك الرأس الذي يحمل صورته ليشعر معها وكانهما اتحدا في جسد واحد
ها هو يجلس في المقهى، وأنغام الموسيقى من حوله، ورائحة الدخان تنتشر في المكان
وطرف البربيش متصل بفمه
إنتفض من فراشه واقفا فوقه، ينظر من حوله في الظلام
اين ذلك النور؟ أين تلك الرؤوس؟ أين ... أين أنا؟
لحظات قليلة مرت عليه وهو يقف وسط الظلام مذهولا،
أدرك بعدها أنه كان في حلم وقد استيقظ منه على هذه الحالة
أسرع ليغسل وجهه وجسمه الذي غطاه العرق ثم توضئ وأعد
لنفسه إبريقا من الشاي ولقطات ذلك الحلم لا زالت تتراقص أمام عينيه
في زاوية الغرفة جلس يستذكر مشاهد ذلك الحلم، ويتعجب
منه
إنه نفس وصف تلك الرواية التي حدثني الأول بها، هذا
الحلم ليس بأضغاث أحلام، إنه دعوة للتفكر، إنه حبل من السماء تدلّى لي لكي أعيد
النظر في قراري بعدم التفكّر،
ولكن بماذا أتفكر؟ وكيف أتفكّر؟ فأنا خلال حياتي لم
أحتج لأن أفكر إلا قليلا، فأموري وتفاصيل حياتي وأيامي محسومة للسنوات العشر
المقبلة تقريبا،
تماما كما أن تفاصيل حياتي في السنوات العشر الماضية
كانت كذلك
فجدول حياتي منتظم انتظام دقات الساعة النووية
أصحو من النوم، ليبدء معه استعدادي للذهاب للعمل،
اشرب الشاي واستمع للأخبار ثم أتوجه من فوري للعمل، وخلف المكتب أقضي ساعاتي أتصفح
الأوراق والملفات وأنجز واجباتي، وأعدّ الساعات والدقائق والثواني حتى يحين موعد
انتهاء الدوام، طعام الغداء
ثم قيلولة ما بعد الغداء ثم الاستعداد للذهاب للمقهى
الذي اقضي به ساعات جميلة قبل أن اتوجه للبيت من جديد لأنام وفي اليوم التالي أعيد
نفس الكرة ونفس القصة حتى أنني أحيانا كنت أقول اول استيقاظي من النوم: كلاكيت،
مشهد بداية يوم عادي من حياتي، المرة عشرة آلآف
نعم طوال حياتي لم أكن أفكر، بل انني لم أكن أحتاج
للتفكير إلا نادرا، فكل اموري واحداث حياتي كانت محسومة منذ مدة طويلة، كلا كلا،
لم تكن أموري محسومة، بل انني انا هو من حسمها منذ مدة طويلة، وذلك حين قررت أن
اتبع هذا الروتين اليومي لحياتي
نعم لم أكن أفكر، فحتى حين كنت ألعب الطاولة مع
أصدقائي لم أكن أفكر، فجميع النقلات كانت محسوبة وكنت فقط أنتظر أن يقرر النرد لي
أيّ من تلك النقلات يجب أن أقوم بها
يجب أن أتفكّر؟ هههه، كيف لمن لا يفكر أن يتفكّر؟
وما الفرق بين من يفكّر وبين من يتفكّر؟ ما هو الحد الفاصل بين التفكير والتفكّر؟
متى يكون الإنسان مفكّرا ومتى يكون متفكّرا؟
لا بد أن الأول ومن خلال حديثه معي قد أعطاني الطريق
للتفكّر، نعم لا بد أنه أعطاني الطريق للتفكّر
يفكّر، يفكّر، يفكّر،
لا بد أن التصديق شرط للتفكّر، فلقد أصر وكرّر عليّ
أن أصدق ولو كذبا ونفاقا على نفسي لتلك الرواية التي قالها لي وكتبها لي على ورقة
قبل أن أخرج من عنده، تذكرت، سأجلب تلك الورقة:
روي المجلسيّ عن «علل الشرايع» باسناد العلوي
عن أميرالمؤمنين علیه السلام: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلَ؟ قَالَ: خَلَقَهُ
مَلَكٌ لَهُ رُؤوسٌ بِعَدَدِ الْخَلاَئِقِ، مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلی
يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلِكُلِّ رَأْسٍ وَجْهٌ، وِ لِكُلِّ آدَمِيٍّ رَأْسٌ مِنْ
رُؤوسِ الْعَقْلِ. وَاسْمُ ذَلِكَ الإنسان علی وَجْهِ ذَلِكَ
الْرَأْسِ مَكْتُوبٌ. وَعلی كُلِّ وَجْهٍ سِتْرٌ مُلْقيً لاَ يُكْشَفُ
ذَلِكَ السِّتْرُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ حَتَّي يُولَدُ هَذَا الْمَوْلُودُ
وَيَبْلُغُ حَدَّ الرِّجَالِ أَوْ حَدَّ النِّسَاءِ؛ فَإذَا بَلَغَ، كُشِفَ ذَلِكَ
السِّتْرُ، فَيَقَعُ فِي قَلْبِ هَذَا الإنسان نُورٌ فَيَفْهَمُ الْفَرِيضَةَ
وَالسُّنَّةَ وَالْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ. أَلا وَمَثَلُ
الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ كَمَثَلِ السِّرَاجِ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ.....انتهى
حين انتهى من قرائة تلك الكلمات لمعت في ذهنه فكرة:
نعم، لا بد أن التصديق هو شرط التفكّر، فالإنسان
يفكّر في ما لا يعرفه وما ليس له حكم قاطع فيه، ليصل من خلال ذلك التفكير لذلك
الحكم القاطع
أما إذا وصل بالتفكير إلى ذلك الحكم القاطع وصدقه
تصديقا تاما كاملا، فإنه حينها إذا استمر بالتفكير وأعاده مرارا وتكرارا بما قد صدقه
وقطع بصدقه من قبل، فإنه سيصل لنتائج مختلفة بالتأكيد
فالتفكير يريد أن يصل صاحبه به إمّا للتصديق أو
للتكذيب بذلك الذي يفكر حوله، فهو يريد أن يخرج بنتيجة صدق أو كذب أخبار قد سمعها
من مصدر معين، أو أرقام أو معطيات هي فعلا بين يديه
ولكنه بعد أن يصل لحكم قاطع من صدق أو كذب تلك
الأخبار أو الأرقام أو المعطيات، واستمر بالتفكير فإنه يريد الوصول لشيء آخر، غير
ذلك الحكم القاطع، فهو قد وصل له فعلا
وعليه فهو يريد من خلال استمراره وإطالته التفكير
بتلك الأخبار أن يصل لدقائق ولخفايا تلك الأحكام القاطعة، أو لخفايا ودقائق تلك
الأخبار التي قد صدقها فعلا مائة بالمائة حتى أصبح متحدا معها فأصبحا وكأنهما جسدا
وروحا واحدة
نعم، لذلك كان يلحّ عليّ مرارا وتكرارا بأن أصدّق،
أو بأن أتظاهر ولو نفاقا أنني قد صدقت فعلا هذه الرواية العجيبة قبل أن أتفكّر
بها، فإعمال الفكر قبل التصديق يكون هو التفكير، ونتائجه هي صدور الأحكام القاطعة
حول صدق تلك الأخبار
وإعمال الفكر بما قد أصدر العقل من قبل حكما بصدقه
من تلك الأخبار يكون هو التّفكّر، ونتائجه هي كشف دقائق وخفايا تلك الأخبار
الصادقة
حسنا، لنفترض أنني فعلا أريد أن أتفكر، من أين
سأبدء؟ وكيف سأبدء؟
لا يوجد الكثير لأبدء منه، فهو ملك له رؤوس بعدد
الخلائق وما يفترض بأنهم الخلائق أصحاب الأسماء وذلك النور، ومن الواضح أن هذا النور
هو شيء إضافي طارئ أو سيطرء تاليا على وجود ذلك الإنسان
فيبقى أمامي إذن الرأس والإنسان لأتفكر بهما، فهل
هما واحد؟ أم إنهما اثنان؟
الرواية نسبت الرأس للملك، فقالت أنه أحد رؤوس ذلك
الملك وبالتالي فوضيفته مرتبطة بشكل أساسي بذلك الملك وإن كانت لها أيضا علاقة
بنفس الإنسان الذي وضعت صورته واسمه على ذلك الرأس، فكما يبدو لي وللوهلة الأولى
أن هذا الرأس سيصاحب هذا الإنسان طوال حياته، ولأكون دقيقا سيصاحبه منذ أول لحظة
لشعوره بأناه ووعيه بنفسه ولنفسه ......... بنفسه؟ ولنفسه؟
أشعر وكأنني
قد فوّت شيئا ما هنا، فلا بد أن يكون لهذا الرأس الملكوتي علاقة بوعي هذا الإنسان بنفسه
ولنفسه كذلك، فبالتأكيد يوجد هناك فرق بين معنى تلك الكلمتين، فدخول الباء على
كلمة "نفسه" يجب أن يعطي معنى
مغاير للمعنى الذي سيعطيه دخول اللام عليها
الإنسان يشعر بـــــنفسه .. الإنسان يشعر لنفسه ..
الإنسان يشعر بـــــنفسه .. الإنسان يشعر لنفسه ..
يبدو لي هنا أن الباء لها علاقة بربط الإنسان مع نفس
وجوده هو، لا مع غيره من الموجودات، وهذا الربط هو ما سيعطيه معنى لوجوده الذاتي
أو لوعيه الذاتي، وبهذه الحالة فمعنى أن هذا الرأس الملكوتي له علاقة بشعور
الإنسان بنفسه، هو أنه هو من سيعطيه الشعور الذاتي بالحياة، أو انه هو من سيبث به
الروح طوال فترة فاعليته أو حياته
يبدو لي أن هذا هو معنى الروح القدس، وأنه هو هذا المعنيّ
من قول أهل البيت أنه معنا حيث قال الإمام الصادق عليه السلام
: ((أنه خَلْقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل،
لم يكن مع أحدٍ ممن مضى غير محمد صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة يسددهم، وليس
كل ما طلب وجد. وهو من الملكوت.))
فنفس جبرائيل وميكائيل عليهما السلام
لهما نصيب من هذا الملك الملكوتي، فهما وعلى عظمتهما يدخلان بالتأكيد من ضمن
مجموعة مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلی يَوْمِ الْقِيَامَةِ
يبدو لي أن عملية التفكّر جميلة، فما أن بدأت بها
حتى وصلت للنهاية، لا لا، لقد رجعت للبداية
لا لا لا لا لا، إنه البداية والنهاية، ولكن فقط بالنسبة
لي كإنسان ولكل إنسان كذلك هو البداية والنهاية، فبداية وجودي أنااااااا ووجود كل
أنا أخرى مرتبطة به ونهايتنا جميعا كذلك مرتبطة به
هذا هو المعنى الذي استخلصته من دخول الباء، فما هو
إذن المعنى الذي سيعطيه دخول اللام على كلمة "نفسه"؟
يبدو لي أن الـلام
كما بقية الحروف تعتمد على الباء أيضا لكي تشعر بنفسها ووجودها ووعيها الذاتي،
فالحروف وكما بينت الروايات الشريفة أن لها وجود قبل كل الخلائق،
بل وحتى قبل
إيجاد وخلق هذا الملك الملكوتي الذي به سيشعر كلّ مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلی
يَوْمِ الْقِيَامَةِ بوجوده ووعيه، ولكن وجودها ((الحروف)) قبله كان لا
وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حس، ولكنها رغم ذلك موجودة على كل حال
يبدو أنني
ابتعدت بعض الشيء عن التفكّر باثر دخول اللام على كلمة "نفسه"، ولكن
يبدو أنها تربط ما بين الوعي الذاتي، أو ما بين النفوس الواعية وما بين ما سيحيط
بها من موجودات ستراها وتشعر بها عن طريقها، أي أن باللام سيتم الإرتباط والشعور
بالغير
فاللام ستربط س
بـ ص، وص بـ س فتنقل آثار س لـ ص، وآثار ص لـ س
وأي شيء يستحق
إذن أن يوصف بهذه الصفة
إلا الحياة؟
ولكن .....
كلا كلا، ليست الحياة هي صفة هذا الملك
إنّ صفة هذا
الملك هي أنه روح،
نعم هو روح
كلية،
نعم هو روحٌ
كله روح،
وهو الروح
التي تهب الروح لكل من يتصل به، وأرواح مَنْ خُلِقَ وَمَنْ سيُخْلَقُ إلی يَوْمِ
الْقِيَامَةِ كلها متصلة به منذ البدء بل هي جزء منه كذلك
لا أعرف!!!!!!
هل هو نفسه المقصود بالماء الذي خلقه الله أول ما خلق؟
يبدو أن هذه
الرواية تقول كذلك أن هذا الملك هو أول مخلوق خلقه الله وهي توافق الروايات التي
تقول أن الماء هو كذلك أول مخلوق
فإن كان هو
نفسه الماء فهل هو نفسه كذلك المقصود والمذكور بقوله تعالى:
وَهُوَ
الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ
عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلاً
لا أعرف!!! لا
أعرف!!! حقا لا أعرف!!! ان التفكّر بجميع ذلك هو فوق طاقتي وحدود عقلي، ولا يمكنني
أن أخرج بنتائج واضحة ومحددة
ولكن كيف
يمكنني أن أخرج بنتائج واضحة وقد تربيت على الشك
والتكذيب؟
فما تعلمته
بالمدرسة والجامع والجامعة وغيرها، هو أنني يجب أن أشك بكل شيء أسمعه، خصوصا تلك
الروايات التي تتحدث عن فضائل أهل البيت سلام الله عليهم ومقاماتهم الربانية
فالإسرائيليات
عقبة، وعلم الرجال عقبة، والغلاة عقبة، والوضّاع عقبة، والمحكمات والمتشابهات
عقبة، وغير هذه العقبات الكثير الكثير من العقبات
ولقد كان يجب
عليّ ولكي أصدق إحدى تلك الروايات الشريفة أن أستعد لمواجهة المجتمع الذي نصّب من نفسه
حارس على تلك العقبات، فما أن تجتاز أحدها لكي تصدّق حتى تجد ألف خنجر من خناجر
حراس الظلام تهوي إليك لتطعنك،
فخنجر من
أخيك، وخنجر من ابن عمك، وخناجر من جميع من هم حولك من الأهل والأصحاب، وكل من
يسمعك تتحدث بصدقِ تلك الكلمات النورانية في حق أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين
كلها تصيح بك
ومن حولك حينها: لقد كفرت، لقد صبأت، لقد انحرفت، ما بك أصبحت من الغلاة؟ من الذي
حرفك؟
نعم!!!! كيف
يمكنني أن أتفكر وقد تشربت الشك والتكذيب في عقلي حالي بذلك حال الملايين؟
وكيف يمكنني
أن أفهم حقيقة ما، بل أن أفهم أي حقيقة وقد حرص النظام التعليمي والديني على أن
يجعلني مكذبا من الطراز الأول بجميع تلك الحقائق؟ بل انه علمني انه لا توجد أي
حقيقة على الإطلاق
فلقد كنت
وبمجرد ما أسمع تلك الكلمات يترآئى لي أنها من الإسرائيليات، او انها من خيالات
الغلاة، او من وضع الكذابين، أو أو أو أو وألف
أو
نعم لقد كنت
بنفسي على نفسي أحد أشد وأقسى حرّاس الظلام الذين ألعنهم الآن، بل انني كنت أشدهم
على نفسي ظلما وقسوة من حيث كنت أعتقد أنني حريص على نفسي أشد الحرص
تبا، لمن
جعلني على هذه الهيئة المكـذِّبـة والشاكة على
الدوام
تبا لمن جعل
قساوة قلبي أشد من الحجارة في قساوتها، فإن منها لما يتفجر منه الماء، وقلبي لم
يزل حتى اليوم بسبب التكذيب والشك الذي تربى عليه وتشربه قاسيا ومنكرا لحقيقة ذلك الماء
لا بد لي من أن
أكسر تلك القيود والأقفال لكي أستطيع أن أتفكّر، ولكي أستطيع أن أتدبر، ولكي
أستطيع أن أتأمل،
فكيف لي أن
أتدبر وكل تلك الأقفال والسلاسل قد تراكمت على قلبي
وعقلي وأنا الحارس عليها؟ من وضع كلّ هذه
الأقفال عليه؟
وكيف لي ان
أخرج من سجني وأنا هو من يقف على باب سجني أحرسه؟
أي نظام
شيطاني هو هذا النظام؟
أي نظام لعين
هو هذا الذي لا يبذل به إبليس والشيطان وحزبه أي مجهود لكي يبقونني به داخل سجني؟
يجب أن أتعلم
كيف أكسر قضبان سجني
يجب أن أتحلى
بالقوة والعزيمة على مواجهة جميع حرّاس الظلام من حولي
ويجب أن أتحلى
بالهدوء وصفاء الرؤية قبل ذلك
وقبلها يجب أن
أن أصدّق فعلا أنّ الله أقرب إليّ من حبل الوريد، وأنه سيعينني في طريقي إليه، وأن
أتوكل على الله حقا حقا، لا مكذبا ولا شاكا، وأنّ أعتقد مخلصا أن الله دائما وأبدا
هو حسب كل من يتوكل عليه
اين وصلت في
تفكّري؟ نعم وصلت إلى ان هذا الملك هو روح كليّة، ووصلت إلى انه روح كله روح،
روح كلّه روح؟
روح كلّه روح؟
روح كلّه روح؟
ولكنّ الرواية
التي أتفكر بها تقول أنه عقل كلّي، وانه عقل كلّه عقل، وأنّ رؤوسه الكثيرة هي عقول
أيضا؟
يبدو لي أنني
قد وصلت لنتيجة متناقضة مع ما تقوله ألفاظ الرواية؟
ولماذا يجب أن
تكون متناقضة؟ فهو عقل من حيث هو روح أيضا، فما المانع من ذلك؟ نعم هو عقل من حيث
هو روح، وهو روح أيضا من حيث أنه موجود، وهو موجود من حيث أنه مريد وروح وعقل في
نفس الوقت كذلك، فجميع تلك الصفات متلازمة مع بعضها البعض فلا يمكن أن تنفكّ
إحداها عن البقية
ولكن ما هي
علاقة ذلك الرأس على جسد ذلك الملك مع الإسم الذي خط عليه والصورة التي رمت عليه؟
يبدو أنهما
متحدان في كيان واحد، ويرمزان لشيء واحد، ويكمل كل منهما الآخر ويعبر كل منهما عن
الآخر
ولكن مما
رأيته في الحلم يبدو لي أن الإسم الصورة غافل عن الرأس، أنه غارق في عالم الأحاسيس
والمتع المادية من حوله، نعم انهما يمثلان كيان واحد يتكون من جزئين، الرأس يمثل
الروح والأسم الرسم يمثل الجسد،
ولكن لماذا
هذا الإسم الرسم (الجسد) غافل عن روحه؟
ربما لأن
الروح متلذذة بجسدها؟
متلذذة بما
يوصله الجسد لها من مشاعر وأحاسيس مادية؟
نعم بالتأكيد
هي ملتذة بما يوصله لها جسدها من مشاعر وأحاسيس، وإلا لكانت عملت على تنبيهه من
غفلته وأوصلته لما تريد هي أن تصل له من كمال وأهداف ومشاعر وأحاسيس تحبها وتجد
كمالها وتمامها بالوصول إليها
كلمات تستيقض
في وجدانه ويسمع رنينها في عقله وكيانه: الأرواح جنود مجندة، الأرواح جنود مجندة،
الأرواح جنود مجندة،
نعم، نعم، لقد
سمعت اشارتك، الأرواح جنود مجندة، نعم تلك الرؤوس هي نفسها تلك الأرواح، هي نفسها
تلك العقول، وهي نفسها تلك الأرواح التي كانت والتي ستكون إلى يوم القيامة
ولكن ما معنى
أنها مجندة؟ وما هي تلك الجنود؟
مرة أخرى يسمع
صدى كلمات في وجدانه وعقله وكيانه تقول:
جنود العقل
وجنود الجهل
جنود العقل
وجنود الجهل
نعم سمعتك مرة
أخرى، إنها جنود العقل وجنود الجهل، كل عقل منها، وكل روح منها، وكل رأس من رؤوس
ذلك الملك، قد تجند بجنود معينة ومحددة من تلك الجنود في أول نشأته، وهو يريد
الوصول لها من خلال هذا الجسد الذي يرتبط به
يبدو لي لو أن
هذه الروح كانت هي قرين هذا البدن، و كانت قد آمنت من قبل بجمال ورفعة جنود العقل
بشكل أكبر، فستكون حينها خير قرين له في جميع مراحله، وستصل به إلى أجمل ما بتلك
الجنود من مشاعر وأحاسيس،
ولو أنها كانت
قد آمنت من قبل بجمال جنود الجهل أكثر من جمال جنود العقل، فستصل بذلك البدن كذلك
لحقيقة تلك الجنود وما تعتقده بها من مشاعر وأحاسيس، وستكون قرينه أيضا وأي قرين
كلا، كلا،
إنها ليست قرين البدن، فهي والبدن واحد لا ينفكان عن بعضهما، غير أن هذه الروح لها
سيطرة على هذا البدن وتقوده لما تريده هي وتؤمن به من أخلاق العقل أو أخلاق الجهل
يبدو أن هذه
الروح المحيطة به والمسيطرة عليه هي صوت ضميره المرافق له من المهد إلى اللحد،
يبدو أنني الآن أصبحت مستعدا لفهم قول الإمام الصادق عليه السلام في (مختصر
البصائر/67): (إن الروح لا تُمازج البدن ولا تُداخله ، وإنما هي كِلَلٌ للبدن ،
محيطةٌ به).
يبدو من هذه
الرواية أن لروحي إرادة ورغبات، كما أن لبدني كذلك إرادة ورغبات، غير أن رغباتي كبدن
هي رغبات مادية، ورغباتها كروح هي رغبات معنوية، ورغباتي كبدن تتكامل وتتحقق في
عالم المادة، ورغباتها كروح تتكامل وتتحقق بالوصول إلى عالم المعنى
يبدو لي الأن
أنني ربما سأفهم أخيرا ما جاء في العلل عن الصادق عليه السلام: (فهكذا الإنسان
خُلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة، فإذا جمع الله بينهما، صارت حياته في الأرض؛
لأنّه نزل من شأن السماء إلى الدنيا، فإذا فرّق الله بينهما، صارت تلك الفِرقة
الموت، ترد شأن الأُخرى إلى السماء، فالحياة في الأرض والموت في السماء؛ وذلك أنّه
يفرّق بين الروح والجسد)).... انتهى النقل
إذن فأنا من نصفين، نصفي الأول هو الإسم الرسم،
ونصفي الثاني هو العقل الروح،
ونصفي الأول له إرادة شهوة ومادة، ونصفي الثاني له إرادة
روح وعقل،
نصفي الأول يسعى بإشباع الشهوات لبلوغ كماله، ونصفي
الأخر ببلوغه لتلك المعنويات والمفاهيم التي آمن بها منذ البدء سيصل لكماله
ما أصعب هذه المعادلة إذن؟
الإسم الرسم يريد من الروح العقل أن تتبعه، والروح
العقل تريد من الإسم الرسم ان يتبعها
وكلاهما له إرادة خاصة به وهدف خاص به أيضا
الإسم الرسم إرادته هي تلك الغرائز التي تنبع من
الرسم (البدن) وكمالها يتمثل في اشباع نهم حواس ذلك الرسم (البدن)
والروح ارادتها هي ذلك الحب النابع من ذاتها وكمالها
بوصول العقل لحقيقة تلك المفاهيم التي أحبها
نعم فأنا متكون من نصفين، والنصف الذي سيفرض ارادته
على الثاني منهما سينشر حينها جنوده في سائر مملكة وجودي، نعم هذا ما أفهمه من هذه
الرواية الشريفة حين صدقتها ،،،،،،،،،،، ولكن
ولكن لماذا لا أشعر بهذا الصراع في كياني؟
ولماذا لا تؤنبني روحي حين أقضي الساعات الطويلة
أمام التلفاز أنظر للتفاهات؟
بالتأكيد أن روحي تعشق تلك التفاهات، وإلا لكنت قد
عشت الصراع في داخلي، ولكنت قد شعرت به على أقل تقدير، ولكنني فعلا لا أشعر بشيء منه،
وحتى اليوم أعيش بهدوء وانسجام حقيقي مع نفسي،
فأنا لا أسرق، ولا أكذب، ولا أؤذي أحدا من الناس، من
العمل إلى البيت، من البيت إلى القهوة، من القهوة إلى البيت، انام فاصحو، لأعيد
الكرة من جديد، نعم إنني أعيش بانسجام حقيقي مع نفسي ومع المجتمع
المجتمع؟
تبا لهذا المجتمع!!!!! وتبا لقوانين هذا
المجتمع!!!!!
وتبا لهذا المجتمع الذي يسمع ويعي ويعتقد جازما
ويقول بملئ فمه أن الإسلام قد عاد غريبا، غريبا!!!! ولا يحرك ساكنا من أجل فعل أي
شيء،
بل وانه كذلك يضرب بيد من حديد كل من يحاول كسر طوق
الحصار الذي فرضه بقوانينه وأعرافه على كل نعاجه وخرافه
تبا لمجتمع يعتبرني شخص سوي، وهو يراني كل يوم أقضي
الليالي والأيام مبتعدا عن الإسلام الحقيقي وعن أهل بيت النبوة الكرام صلوات الله
سلامه عليهم أجمعين، ويرى من يقول لهم ارجعوا للإسلام واسمعوا وعوا قول نور
السماوات والأرض بينكم والذين تتدعون ولايتهم لكنكم اليوم اتخذتموهم ورائكم ظهريا
تبا لمجتمع يرى فيمن من ينبهه ويقول له ذلك يرى انه
مبتدع ويحاربه أيضا
ما لي ولهذا المجتمع؟ ما لي أعود للحنق عليه بين
الفينة والأخرى؟ من الأفضل لي أن أعود لما أنا فيه من التفكر مرة أخرى وابقى به
وهنا أخرج تلك الورقة مرة أخرى لينظر بها من جديد
ويقرء ذلك الحديث الآخر المكتوب بها
حديث الاعرابيّ الذي سأل أمير المؤمنين علیه
السلام عن النفس
فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: أَيَّ الاْنْفُسِ
تَسْأَلُ؟
فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ هَلِ الاْنْفُسُ عَدِيدَةٌ؟
فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: نَفْسٌ نَامِيَةٌ
نَبَاتِيَّةٌ، وَحِسِّيَّةٌ حَيْوَانِيَّةٌ، َنَاطِقَةٌ قُدْسِيَّةٌ، وَإِلهِيَّةٌ
كُلِّيَّةٌ مَلَكُوتِيَّةٌ
ثمّ إنّ الاعرابيّ سأل عن كلّ من الانفس
النامية النباتيّة، الحسيّة الحيوانيّة، والناطقة القدسيّة، فكان علیه
السلام يجيبه، حتّي إذا ما سأله عن الإلهيّة الكلّيّة الملكوتيّة أجابه
علیه السلام بهذه الكيفيّة:
فَقَالَ: مَا النَّفْسُ الإلهِيَّةُ
الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ؟
فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: قُوَّةٌ
لاَهُوتِيَّةٌ،وَجُوْهَرَةٌ بَسِيطَةٌ حَيَّةٌ بِالذَّاتِ، أَصْلُهَا
الْعَقْلُ،مِنْهُ بَدَتْ،وَعَنْهُ دَعَتْ،وَإِلَيْةِ دَلَّتْ؛وَعَوْدَهَا إلَيْهِ
إِذَا أَكْمَلَتْ وَشَابَهَتْ،وَمِنْهَا بَدَتِ الْمَوْجُودَاتُ،وَإِلَيْهَا
تَعُودُ بِالْكَمَالِ.
وَهِيَ ذَاتُ الْعلیا،وَشَجَرَةُ طُوبَي،وَسِدْرَةُ
الْمُنْتَهَي،وَجَنَّةُ الْمَأْوَي؛ مَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَشْقَ أَبَدَاً،وَمَنْ
جَهِلَهَا ضَلَّ وَغَوَي.
فَقَالَ السَّائِلُ: مَا الْعَقْلُ؟
قَالَ علیهِ السَّلاَمُ:
جَوْهَرٌ دَرَّاكٌ،مُحِيطٌ بِالاْشْيَاءِ عَنْ
جَمِيعِ جِهَاتِهَا،عَارِفٌ بِالشَّيْءِ قَبْلَ كَوْنِهِ؛ فَهُوَ عِلَّةٌ
لِلْمَوْجُودَاتِ، وَنَهَايَةُ الْمَطَالِبِ. إنتهى...........
حين انتهى من قرأئة كلمات الرواية وضع يده على رأسه
يحكّه مفكرا:
ما أصعب كلمات هذه الرواية، وما أصعب أفكار هذه
الرواية، كيف لي أن أفهمها وهذه أول مرة أسمع بها؟
أرواح نباتية، وحيوانيه، وقدسية، وإلهية ملكوتية
كلية
كيف يتوقع منّي أن أفهمها وهي على هذه الصعوبة
والتعقيد؟
لحظة، أعتقد أنني يجب عليّ أن أعود للبداية من جديد
ويجب أن أصدقها أولا،
نعم يجب أن أقنع نفسي أننا صدقتها فعلا، ويجب أن
أتصرف على أنني قد صدقتها، ويجب أن أبدء من التصديق لكي أستطيع أن أفهم، ويجب أن
أطرد هؤلاء الشياطين الذين يحومون حول قلبي لكي لا أستطيع أن أرى ملكوت هذه
الكلمات الشريفة
تبا للشيطان وحزبه الذي وضع لنا وعلينا جميع تلك
القيود
تبا للشيطان وحزبه الذين تغلغلوا في مجتمعاتنا حتى
صاروا يحومون حول قلوبنا بقوانينهم واسوارهم الكهربائية التي أحاطونا بها من كل
حدب وصوب فمنعونا من الاقتراب من الفهم ومن التمعن بملكوت السماوات والأرض عبر فهم
وادراك كلمات نوره نور السماوات والأرض
نعم لقد صدقتك يا رسول الله، نعم لقد صدقتك يا أمير
المؤمنين، نعم لقد صدقتكم يا أهل بيت النبوة، فـــ:
كَلامُكُمْ نُورٌ وَأَمْرُكُمْ رُشْدٌ
وَوَصِيَّتُكُمْ التَّقْوى وَفِعْلُكُمْ الخَيْرُ وَعادَتُكُمْ الاِحْسانُ
وَسَجِيَّتُكُمُ الكَرَمُ وَشَأْنُكُمُ الحَقُّ
وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ
وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ،
إِنْ ذُكِرَ الخَيْرُ كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَأصْلَهُ
وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْواهُ وَمُنْتَهاهُ
بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي،
كَيْفَ أَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ وَأُحْصِي جَمِيلَ
بَلائِكُمْ وَبِكُمْ أَخْرَجَنا الله مِنَ الذُّلِّ
وَفَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الكُرُوبِ وَأَنْقَذَنا
مِنْ شَفا جُرُفِ الهَلَكاتِ وَمِنَ النَّارِ ؟!
بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي
بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا
وَأَصْلَحَ ما كانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا
وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الكَلِمَةُ وَعَظُمَتِ
النِّعْمَةُ وَائْتَلَفَتِ الفُرْقَةُ
وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطَّاعَةُ
المُفْتَرَضَةُ، وَلَكمْ المَوَدَّةُ الواجِبَةُ وَالدَّرَجاتِ الرَّفِيعَةِ
وَالمَقامُ المَحْمُودُ وَالمَكانُ المَعْلُومُ
عِنْدَ الله عَزَّوَجَلَّ وَالجاهُ العَظِيمُ وَالشَأْنُ الكَبِيرُ وَالشَّفاعَةُ
المَقْبُولَةُ
رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنا
الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ
إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ،
سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا
لَمَفْعُولاً.
نعم يجب أن أصدق لكي أفهم تمام الفهم
ولكن ما علاقة هذه الرواية الشريفة برواية الملك
الذي له رؤوس بعدد الخلائق؟ لماذا طلب مني أن أتفكر بهما بالذات؟ لا بد من وجود
علاقة ما بينهما عليّ أن أكتشفها أولا لكي تتفتح لي أبواب الغوص في معانيهما
لحظات ينظر بها للورقة التي امامه ويجول ببصره بين
كلمات الروايتين وهنا انتبه لشيء قدح في عقله
اعتقد انني قد اكتشفت اول شبه بينهما وهو أن
النَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ هي لا بد أن تكون هي نفسها
ذلك العقل الملك الذي لَهُ رُؤوسٌ بِعَدَدِ الْخَلاَئِقِ، مَنْ خُلِقَ وَمَنْ
يُخْلَقُ إلی يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فهذه النَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ
الْكُلِّيَّةُ هي أَصْلُهَا الْعَقْلُ فمنه بَدَتْ،وَعَنْهُ دَعَتْ،وَإِلَيْةِ
دَلَّتْ؛وَعَوْدَهَا إلَيْهِ
نعم هما ((الملك الذي له رؤوس بعدد الخلائق والنفس
الإلهية الملكوتية الكلية)) يشيران الى حقيقة واحدة، حقيقة واحدة مخلوقة خلق الله
تبارك وتعالى وهو يحيط بها علما وإدراكا وفعلا وتدبيرا، وهي تحيط بجميع المخلوقات
ما كان وما يكون منها علما وإدراكا وفعلا، وتدبر امورها جميعها كذلك
حسناً، هذا اول تشابه بينهما،فما عساه يكون وجه
التشابه الثاني بينهما؟
عاد للورقة بين يديه يتأملها ثانية، مرت دقائق وهو
يقلب نظراته بين الفاظ الروايتين، ثم راح يتمتم قائلا:
نعم يوجد تشابه آخر بينهما، فكلا الروايتين تتحدثان
عن مراحل تطور الإنسان، فالأولى تصفه في بداية الأمر بأنه مجرد رأس على جسد ذلك
الملك وعلى وجهه ستر ملقى، وهذه هي المرحلة الأولى،
ثم تبدء المرحلة الثانية فسيولد وسيكبر ويكبر حتى
يبلغ الحلم، وهذه هي نهاية المرحلة الثانية، لتبدء المرحلة الثالثة، فإذا بلغ
الحلم كُشف ذلك الستر عن وجهه فيقع في قلبه نور يفهم به الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ
وَالْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ
أما الرواية الثانية فتقول أن له نفس نباتية، فهو
كالنبات ينمو بفضلها، والنبات يبدء بالبذرة، فيكون ذلك العقل على جسد ذلك الملك هو
كالبذرة التي هي جاهزة للنمو بمجرد أن تسقيها الماء، فذلك العقل او تلك البذرة إذن
هي إنسان بالقوة تماما كما أن البذرة هي شجرة بالقوة
فالنفس النباتية هي اذن من ستتولى امر تفتق بذرته
وتطور أعضائه واكتمال تطور خلقته مِن اخذ ما يلزم تكون تلك النطفة من التراب، حتى
تصبح نطفة، وتتابع تكبيرها حتى تصبح علقة، وتكمل مراقبتها وتطويرها وتكبيرها بدقة حتى
تصبح مضغة ثم تبني العظام وتكسوها باللحم وتبقى معه حتى يموت فتفارق البدن حينها فيموت
ويذبل ويصفر ويتخشب كما الاشجار وأوراقها اذا ما ماتت
فهذه هي اذن النفس النامية النباتية، فهي المسؤولة
عن نمو بدن الإنسان وإخراج أصل وجوده من حالة القوة الى حالة الفعل
لكن ماذا عن النفس الحسية الحيوانية؟ فمتى سيحين
دورها؟ لا بد أنها مرتبطة بالأحاسيس والحياة كما تشير ألفاظ الرواية، ويبدو أنه بنزول
هذه النفس الحسية الحيوانية ستدب الحياة في الجنين ويبدء معها بالإحساس والحركة
أيضا وبها وبالنفس النباتية سيكمل طريقه في النمو حتى يبلغ حد الرجال او حد النساء
أجل الآن صار واضح لي الشبه بين الروايتين، ففي
رواية الملك قال انه عندما يبلغ الانسان حد الرجال او النساء فسيَقَعُ حينها فِي
قَلْبِ هَذَا الإنسان نُورٌ فَيَفْهَمُ الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَيِّدَ
وَالرَّدِيَّ، لقد عظّمت الرواية شأن هذا السبب الذي سيسبب الفهم والإدراك فسمته
نور
تماما كما قامت به الرواية الثانية من تعظيم النفس
الثالثة حين سمّتها بالنفس الناطقة القدسية، فبالتأكيد أن النفس الناطقة القدسية
هي نفسها ذلك النور الذي سيقع في قلب من بلغ حد الرجال او حد النساء، فيفهم به
الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ، والْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ
أعتقد أنني سآخذ هذا الفهم معي غدا وأطلع الأول عليه
لأعرف رأيه به
نعم سأعود له من جديد فالتفكّر جميل والتصديق أجمل
والإيمان جمال مطلق، وأجدني اليوم مجذوب نحو الجمال المطلق
في اليوم
التالي
حين انتهى من سرد ما توصل اليه من افكار للأول، جلس
بهدوء ينتظر بصمت لما سيقوله الأول عنها، ومرت اللحظات التالية عليه وكأنها ساعات طويلة،
كان الأول يجلس بها بسكينة وينظر للأرض بين قدميه
حتى اعتدل اخيرا في جلسته وتوجه له بالحديث:
-
لا شك أن حديثك
هذا وافكارك هذه لو انك استمريت عليها ستقودك أخير لإدراك بعض الحقيقة، فلقد اثبت
أنك تستطيع أن تتفكر وأن تتدبر بعض وجوه المعاني المخفية والمطوية بين الكلمات،
وأنت بالتأكيد لم تصل بعد للحقيقة بكاملها ولكن دعني اقول لك انك قد اقتربت شيئا
ما من حدودها
وأفضل ما تعلمته من تجربة اليومين السابقين هو أنك
يجب عليك أن تصدق أولا لكي تفهم، ويجب عليك أن تؤمن بالمتحدث وبصدقه وبصدق ما
يقوله لكي تستطيع أن تفهم ما يقوله لك، وليس العكس
أقصد ليس عليك أن تفهم ما قاله الله جل جلاله في
كتابه، او ما قاله رسوله والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في الكتب اولا
لكي تصدقهم بعد ذلك،
ويجب أن تكون العلاقة بينكما علاقة ثقة مبنية على
الحب اولا وأخيرا
فعندما يقول لك أحد والديك شيئا فأنت لا تحتمل أبدا
أنه يكذب عليك وستتصرف على أساس ما قالوه لك حرفيا حتى ولو لم تفهم، فعلاقتك مع
والديك قد بنيتها معهم طوال سنين كنت تراهم بقربك ومعك وكانوا خلالها يحوطونك
بالسهر والرعاية، وعليه فإنك لن تصدق أحدهم لو قال لك انك بعيد عن والديك او انهما
بعيدان عنك ولا يكترثان بك، أو انهما يكذبان عليك او من الممكن حتى ان يكذبان عليك
بسبب هذه العلاقة المباشرة مع والديك والحب المتبادل
بينكما فإنك ستصدقهما مهما قالا لك و بدون نقاش حتى لو لم تفهم تمام ما قالاه لك،
وستكتسب بذلك التصديق بسهولة ويسر جميع الخبرات والمعلومات التي اكتسباها خلال
حياتهما مما سيجعل حياتك أسهل وأفضل
ولكن لو استطاع احد ما ان يزعزع تلك الثقة، وأن يضعف
ذلك الحب الذي بينكما ويزرع الشك والخوف وعدم الثقة مكانه فانك ستعاني بقية حياتك
وستزداد صعوبتها عليك، فعدم الثقة سيجعلك ترفض نفسيا استقبال أي معلومة او خبرة قد
يحاول والديك ان ينقلاها لك،
وستجد انك تريد ان تفهم اولا، وستبدء من الصفر،
بعيدا عن خبراتهما الشخصية التي اكتسباها في الحياة، وكذلك بعيدا عن جميع تلك الخبرات
التي اكتسبها الأجداد سابقا ونقلوها للأبناء عبر العصور والأجيال
أن مشكلة العصر هي أن الجميع يريد أن يفهم، والجميع
يريد أن يعرف الحقيقة، ولكن قلما تجد بينهم من يبدء بالتصديق، الغالبية تريد أن
تبدء من الأنا، تريد أن تفهم، رغم أن الأمر الإلهي يقول لنا أن نبدء من هو
قل "هو"، هذا هو الأمر الإلهي، قل "هو"،
وابتدء جميع امورك مِن "هو"، ويجب عليك أولا أن تقر بـ "هو"،
وتتبع "هو"، وتصدق "هو"، وقبل كل شيئ أن تحب "هو"
لكي تقف حينها فقط على رأس طريق الفهم
فمن هو الذي يستطيع أن يفهم "هو" لكي يصل
منه للتصديق؟
لا أحد يستطيع ذلك، ففهمه ممتنع لأنه خارج الزمان
والمكان، فهو خالقهما، ولا يمكن للكلمات والمفاهيم والعقول والمخيلات والخيالات أن
تفهمه او أن تصفه، فجميعها مخلوقة وخاضعة للزمان والمكان المخلوقين كذلك، فكيف
للمخلوق المحدود أن يصف خالقه؟
بل إن فهمه ممتنع كذلك عن نفس العقول كلّيّها وجزئيّها
لأنه خالقها، فكيف للمخلوق أن يحيط علما بخالقه حتى ولو كان الذي يريد الفهم هو
نفسه العقل مهما كانت مرتبته الوجودية وأسبقيته؟
-
إن كنا لا
نستطيع أن نفهم "هو" لعدم قدرتنا على ذلك، فما هي حدود فهمنا إذن؟ وأقصد
ما هو أكثر شيئ سيمكننا فهمه ولن نستطيع فهم ما بعده؟
-
سيمكننا فهم
هذا العالم المادي الذي نعيش وسنعيش به، وأقصد بذلك هذا العالم الذي نحيا به الأن،
وتلك العوالم التي سنعيشها بعد الموت، فهي جميعها عوالم مادية وإن اختلفت صفات
موادها، فجميع مواد تلك العوالم المختلفة ترجع في تكوينها لمادة واحدة اختلفت الفرق
في تسمية تلك المادة الواحدة
-
تقصد أن هذا
الملك الذي له رؤوس بعدد الخلائق يوجد هناك من يعتقد به غيرك؟
-
غيري؟
مممممممم!!!! حسناً لا بأس، نعم يوجد من يعتقد به غيري، ولا أقول انه يوجد أفراد
معدودة تؤمن به، بل انه توجد امم كاملة تعتقد به، وحضارات متعددة تؤمن به، منها ما
زالت من الوجود ومنها ما لا تزال موجودة بشعوبها
-
عجبا ولكنني لم
أسمع من قبل بمن يؤمن بملك له رؤوس بعدد الخلائق
ليس بالضرورة أن يدعوه ملك له رؤوس بعدد الخلائق،
فلكل شعب وحضارة أنبياء ومفكرين وفلاسفة تختلف مفاهيمهم وألفاظهم عن بقية الشعوب والحضارات،
ولكنهم جميعهم وصلوا الى حدود هذا العقل الكلي او لنقل أنهم وصلوا بمعرفتهم وفهمهم
لهذا الجَوْهَر الدَرَّاك، المُحِيط بِالاْشْيَاءِ عَنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا، او
لهذه النفس الإلهِيَّةٌ الكُلِّيَّةٌ المَلَكُوتِيَّةٌ، ولكنهم أطلقوا عليها
مسميات مختلفة عن بعضهم البعض، ولأسباب متعددة
-
هل يمكنك أن
تعدد لي بعض تلك الأسماء والشعوب او الفرق التي آمنت بها
-
يمكنني ذلك
بالتأكيد، وهنا سأتيك بأمثلة محدودة لا تعني ان غيرهم لم يؤمن بها او يطلق عليها
إسما خاصا بهم غير تلك الأسماء
فالهندوس أطلقوا عليه إسم أكاشا او البراهما
والقبلانيون أطلقوا عليه اسم النور النجمي
والصوفيون أطلقوا عليه اسم البركة
والعلماء الروس أطلقوا عليه اسم البايوبلازما
والعلماء التشيك أطلقوا عليه اسم البايوترونيك
والصينيون أطلقوا عليه اسم التشي
أما هنود الأباتشي فقد أطلقوا عليه اسم ديجي
بينما هنود النافاهو أطلقوا عليه اسم ديجين
والإغريق القدامى أطلقوا عليه اسم دايناميس
واليهود أطلقوا عليه اسم آل
هذا طبعا غير اسماء عديدة ومختلفة أطلقها العديد من
العلماء من مختلف المجالات العلمية ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما أطلقه
انتون ميسمر عليه فأسماه المغناطيسية الحيوانية
وفرانسيس نكسون أسماه آريا لوها
وأوسكار برنلر أسماه الطاقة البايوكونية
أما رودلف ستينر فأطلق عليه إسم الأثير
البايوديناميكي
بينما أطلق يو.ف.تسزيان عليه اسم المجال العضوي
وأطلق جورج ستار عليه الإسم الطاقة الكهروكونية
وأ.أ.ديف أطلق عليه الإسم: مجال[د]
هذا بالإضافة للمصطلح العام الذي يفهمه الجميع وهو
الطاقة الكونية
-
أعتقد أنني قد
سمعت ببعض تلك الفرق وكذلك ببعض تلك التسميات
-
حقا؟ وأين سمعت
بها؟
-
لقد قرأت قليلا
عن حقل الطاقة الإنساني وعن الشاكْرَاَت، كما وقرأت بعض المقالات عن ممارسي اليوغا
وأصولها، وكانت اسماء بعض هذه الفرق والمذاهب التي ذكرتها لتوك تأتي عرضا في تلك
المقالات، ولكنني لم أعر لهم انتباها كبيرا
-
وماذا تعرف عن
حقل الطاقة الإنساني؟
-
أعتقد أن الاسم
المشهور لها هو الشاكْرَاَت
-
وماذا أيضا؟
-
قرأت أنها سبعة
شاكْرَاَت تتوزع على طول جذع الإنسان فتبدء من قمة رأسه حتى تصل الى حيث العضو
الجنسي للإنسان، وتشكل بمجموعها هالة من الطاقة تحيط بجسم الإنسان عموما، ولا أعرف
كيف استطاعوا أن يروا تلك الهالة، وأرجح أنهم يصفونها بدون أن يروها، أي أنهم
يصفونها كما وصفوها لهم علمائهم وفلاسفتهم وربما أنبيائهم أيضا، لا أجزم بشيء
-
هل تريد أن
تسمع رواية تصف تلك الهالة الطاقوية المحيطة بالإنسان؟
-
وهل يوجد عندنا
مثلها؟
-
بالتأكيد، إسمع
هذه عن الإمام الصادق سلام الله عليه: قال الإمام
الصادق عليه السلام: إن الروح لا
تُمازج البدن ولا تُداخله ، وإنما هي كِلَلٌ
للبدن ، محيطةٌ به ( مختصر البصائر-صفحة67)
-
ولكن هذه
الرواية تتكلم عن الروح؟ أليس كذلك؟
-
نعم هي كذلك،
وهي قد تكون تتكلم عن النفس أيضا
-
عن النفس أيضا؟
عن الروح وعن النفس أيضا؟ إن هذا لأمر عجاب
-
لا تعجب من
ذلك، فأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كثيرا ما تكلموا عنهما وكأنهما
شيء واحد وقد مر علينا من قبل كيف أن مفاهيم مثل العقل والروح
والقلم والمشيئة ونور السماوات والأرض والعديد غيرها تشير لحقيقة واحدة،
وهكذا هي النفس الإنسانية كذلك فقد انطوت بها عدة أنفس
لتشكل بمجموعها كيان واحد، فالنفس النباتية كما قلت انت قبل قليل أنها هي المسؤلة عن
تنمية خلايا البدن والوصول به للحالة والشكل والقوة والصحة والذكاء المكتوب له
بالخطة الإلهية التي خطّها القلم الإلهي له منذ البداية، بل وقبل البداية،
وحين شاء خلق الأبدان أودع داخل كل بدن منها جميع
تلك التفاصيل الخاصة بكل فرد منا، فيما ندعوه الجينات الوراثية، فالنفس النباتية
والتي هي مسؤولة عن تربية البدن وانشائه وتصويره طوال حياته تأخذ جميع تلك
التفاصيل المكتوبة لذلك البدن من تلك الجينات الوراثية المودعة فيه
وقد أثبت العلماء أن حول كل خلية من خلايا البدن
تتكون كليلة خاصة بها، أو حقل طاقوي خاص بها، وإذا انقسمت الخلية لقسمين أو لجزئين
تشكل فورا حول كل جزء منها حقل طاقوي خاص به، وهذا الحقل الطاقوي هو يعتبر كذلك
حقل معلوماتي كبير به جميع المعلومات الضرورية لتربية تلك الخلية وتنشئتها
ورعايتها بالشكل المطلوب طوال فترة حياتها
وهذا الحقل الطاقوي تمكنوا من رؤيته من خلال جهاز
كيرليان الذي اكتُشف عن طريق الصدفة، وعند مراقبة حقل الطاقة حول الإنسان وجِـد
أنه يتكون من ثلاث كلل أو من ثلاث حقول رئيسية للطاقة، وجميعها تحيط بجسم الإنسان
أما النفس الحسية الحيوانية فهي مسئولة عن إيصال
مختلف الأحاسيس لذلك البدن الذي ربته النفس النباتية من قبل، فنمّته وكبّرته ورعته
من أول كونه بويضة في الرحم حتى كبر وأصبح جاهزا لاستقبال الحياة وتبعا الإحساس
والشعور بالأحاسيس والمشاعر المختلفة،
وفي تلك اللحظة التي ستصل النفس النباتية بها بالبدن
فيصبح جاهز لإدراك الأحاسيس والمشاعر التي سيشعر معها بالحياة وطعم الحياة، اقول
في تلك اللحظة فقط، سترتبط النفس الحسيّة الحيوانيّة به،
وكلاهما (أي النفس النباتية، والنفس الحسية
الحيوانية) سيستمران بالعمل معا وبنفس الآن بذلك البدن مشكلين حوله كلل او حقول
طاقة، والهدف من هذه العملية هو للوصول بها أخيرا للنفس الناطقة القدسية فتتصل بها
وعليه فسيستمران بالعمل سوية حتى يبلغا بالبدن لحد
الرجال او لحد النساء، فإذا أصبح البدن أخيرا جاهزا للإتصال بالنفس الناطقة
القدسية، والتي هي حوله منذ البدء، يرفع الغطاء فيقع نور النفس الناطقة القدسية في
القلب
وتلك النفوس الناطقة القدسية هي نفسها تلك الرؤوس
المذكور في الرواية الشريفة أنها متناثرة على جسد ذلك الملك النوراني المخلوق قبل
الخلائق كلها، أو في ذلك العقل الذي خلقه الله ملك له رؤوس بعدد الخلائق، والذي هو
نفسه المقصود بتلك النفس الإِلهِيَّةٌ الكُلِّيَّةٌ المَلَكُوتِيَّةٌ
وتلك النفوس الناطقة القدسية مخلوقة قبل الأبدان،
فقد
روي الصفار في البصاير باسانيد عن ابي
عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل الي امير المومنين عليه السلام فقال: والله يا
امير المومنين اني لاحبك،
فقال:
كذبت
فقال الرجل: سبحان الله كانك تعرف ما في
قلبي؟
فقال علي عليه السلام: ان الله خلق
الارواح قبل الابدان بالفي عام، ثم عرضهم علينا فاين كنت لم ارك؟
وعن ابي عبد الله عليه السلام مثله، الا انه قال: ان الله خلق الارواح قبل الابدان بالفي عام فاسكنها الهواء ثم عرضها علينا اهل البيت، فوالله ما منها روح الا وقد عرفنا بدنه، فو الله ما رايتك فيها فاين كنت.
وروي الصدوق في العلل بسند موثق عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ان الارواح جنود مجنده فما تعارف منها في الميثاق ايتلف هيهنا وما تناكر منها في الميثاق اختلف هيهنا.
وروي بسند آخر عنه عليه السلام انه قال لرجل من اصحابه: ما تقول في الارواح انها جنود مجنده فما تعارف منها ايتلف وما تناكر منها اختلف؟
قال: فقلت: انا نقول ذلك،
قال: فانه كذلك ان الله تعالي اخذ علي
العباد ميثاقهم وهم اظله قبل الميلاد، وهو قوله عز وجل" واذْ اخذ ربك منْ بني
آدم منْ ظهورهمْ ذريتهمْ واشْهدهمْ علي انْفسهمْ" الآيه
قال: فمن اقر له يوميذ جاءت الفته
هيهنا، ومن انكره يوميذ جاء خلافه هيهنا
وكما ترى فإن كلا الروايتين التي رويتهما لك سابقا
وكذلك هذه الروايات، جميعها تتحدث عن شيء واحد، ولكن من زوايا مختلفة، وتحدد كل
زاوية منها تلك الجهة، او تلك الزاوية التي كان السائل يسألهم ويريد ان يسمع منهم
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بعض أخبارها
-
تمهل عليّ
قليلا لو سمحت
-
تفضل
-
لقد اختلط
الأمر عليّ قليلا
-
بشأن ماذا؟
-
بشأن النفس
والروح والنفس الناطقة القدسية والحسية الحيوانية، فأيهما أيهما؟ ومن التي تسبق
الأخرى منهما في الوجود؟ وهل تسبق الروح النفس في الوجود؟ ام ان النفس تسبق الروح
في الوجود؟
-
لا شيء يتصف
بأنه حي يمكن له أن يسبق وجوده وجود الروح، وتستطيع أن تقول أن الروح هي الصفحة
التي ظهر الوجود عليها ولولا تلك الصفحة لما ظهر الوجود كما تراه، والروح والوجود
متحدان اتحاد لا انفصام له على الإطلاق
فلا الوجود ممكن بلا الروح، ولا معنى للروح بدون
وجودٍ يشعر بها، فكلاهما مرتبطان مع بعضهما البعض، فلذلك كان عرشه على الماء،
فالماء هو الروح وكل الوجود بكل موجوداته هو محاط بالروح من خارجه من كل الجهات،
وهو كذلك مملوء بالروح من داخله بكله وكليله
ألم تقرء قوله تعالى:
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ
كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا
شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ
نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ
اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
فالمشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة والزيت هم وجود
واحد رغم أنه أجزاء متعددة، ولكنها أجزاء لا يسبق اولها أوسطها أو آخرها، أنها
أجزاء خلقها الله تبارك وتعالى وحدة واحدة، فهي الحياة وهي الوجود وهي الموجودات
أيضا، فهم الأشجار وبهم تورق الأشجار، وهم الثمار وبهم تونع الثمار وهم الأنهار
ومجاري الأنهار، وهم السماوات والأرض وهم من أقاموها بأمر ربهم
وتلك الأسماء التي ذكرناها قبل قليل جميعها وجميع من
أطلقوا تلك الأسماء أدركوا ضرورة وجود هذا المخلوق الكلي الذي لا يسبق أوله آخره،
ولكن البعض يقبل أن يسميه سجلات أكاشا ويرفض أن يسميه نور محمد وآل محمد صلوات
الله وسلامه عليهم أجمعين، من هو أكاشا هذا؟ هو لا يعرفه أبدا، ولكنه رغم ذلك لا
يمانع في أن يكون أكاشا هذا هو الكتاب الذي أحصى الله به علم كل شيئ،
ولا أعلم لماذا هذا الرفض، فلم يقل أحد من محبيهم
أنني اتخذهم آلهة من دون الله، بل هم الوسيلة الى الله، والحقيقة ان الجميع يتخذهم
وسيلة الى الله، ولكن البعض يعلم أنهم هم الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع في
البيوت التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه
نعم الجميع يتخذهم وسيلة علموا بذلك ام لم يعلموا،
فهموا ذلك ام لم يفهموا، فحيث ان هذا النور هو الروح وهو الوجود وهو الموجودات
أيضا، فروحه مع كل الأرواح الجزئية ستكون، ووجودهم مع كل الموجودات الجزئية ستكون
أيضا، مع صغيرها ومع كبيرها على السواء
فمن سيدعوا الله هو فعلا يوسط الهواء والأصوات
والكلمات والحروف لأيصال فحوى دعائه ورجائه، وهو يوسط كل وجوده لذلك وكل وجوده هو
من ذلك النور الذي قال الله انه يهدي اليه من يشاء ((يَهْدِي
اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء)) فغاية المنى وتمام الكمال أن يهتدي الإنسان لذلك
النور الذي وعد الله أن يهدي إليه من يشاء،
والواضح من الآية الشريفة أن النور بأمر
خالقه إنما هو يهدي لنفسه، فمن يشاء أن يهتدي لهذا النور الإلهي يجب عليه أن يوسّط
نفس هذا النور لكي يهديه إليه فيهتدي إليه ((النور يهديه إليه فيهتدي بهداية النور
له لنفس النور))، فلو وسطت غير هذا النور لكي تصل للنور فلن يهديك إلا لأوهامه
وتخيلاته، ولكن هذا النور الإلهي ان هداك بنفسه فسيهديك لحقيقته، ومع التوفيق
والرجاء والإصرار قد يجعلك نور من نوره، وقبس نور من نوره الأتم الأبهج، فتصبح
حينها انت هو وهو أنت ولا فرق بينكما
أشعر أننا وصلنا لنهاية حوارنا هذا أخي
الكريم، وأرجوا منك أن لا تأخذ ما به وكأنه حقائق مسلمة، فجميعنا نتخذ من العقل
طريقا لفهم كلماتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فهم نور الله الأوحد، وهم
عبدالله الأوحد، ورسوله الأوحد، وإمامه الأوحد للعالمين وخير ما أختم كلامي به هو
كلامهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأخاطبهم به
بِاَبى
اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى وَاَهْلى وَمالى
مَنْ اَرادَ
اللهَ بَدَأَ بِكُمْ، وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ، وَمَنْ قَصَدَهُ
تَوَجَّهَ بِكُمْ
مَوالِىَّ لا
اُحْصـى ثَنائَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ
قَدْرَكُمْ،
وَاَنْتُمْ
نُورُ الاْخْيارِ وَهُداةُ الاْبْرارِ وَحُجَجُ الْجَبّارِ،
بِكُمْ فَتَحَ
اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ،
وَبِكُمْ
يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاْرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ،
وَبِكُمْ
يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ،
وَعِنْدَكُمْ
ما نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَهَبَطَتْ بِهِ مَلائِكَتُهُ
وَاِلى
جَدِّكُمْ بُعِثَ الرُّوحُ الْأَمِينُ
آتَاكُمُ
اللَّهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدا مِنَ الْعَالَمِينَ
طَأْطَأَ كُلُّ
شَرِيف لِشَرَفِكُمْ وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّر لِطَاعَتِكُمْ
وَخَضَعَ كُلُّ
جَبَّار لِفَضْلِكُمْ وَذَلَّ كُلُّ شَيْء لَكُمْ
وَأَشْرَقَتِ
الْأَرْضُ بِنُورِكُمْ
وَفَازَ
الْفَائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ
بِكُمْ
يُسْلَكُ إِلَى الرِّضْوَانِ وَعَلَى مَنْ جَحَدَ وِلايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمَنِ
بِأَبِي
أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي
ذِكْرُكُمْ فِي
الذَّاكِرِينَ، وَأَسْمَاؤُكُمْ فِي الْأَسْمَاءِ،
وَأَجْسَادُكُمْ
فِي الْأَجْسَادِ، وَأَرْوَاحُكُمْ فِي الْأَرْوَاحِ،
وَأَنْفُسُكُمْ
فِي النُّفُوسِ، وَآثَارُكُمْ فِي الآْثَار،ِ وَقُبُورُكُمْ فِي الْقُبُورِ
فَمَا أَحْلَى
أَسْمَاءَكُمْ، وَأَكْرَمَ أَنْفُسَكُمْ،
وَأَعْظَمَ
شَأْنَكُمْ، وَأَجَلَّ خَطَرَكُمْ،
وَأَوْفَى
عَهْدَكُمْ، وَأَصْدَقَ وَعْدَكُمْ
كَلامُكُمْ
نُورٌ، وَأَمْرُكُمْ رُشْدٌ،
وَوَصِيَّتُكُمُ
التَّقْوَى، وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ،
وَعَادَتُكُمُ
الْإِحْسَانُ، وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ،
وَشَأْنُكُمُ
الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ،
وَقَوْلُكُمْ
حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ،
إِنْ ذُكِرَ
الْخَيْرُ كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَأَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْوَاهُ
وَمُنْتَهَاهُ
بِأَبِي
أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي
كَيْفَ أَصِفُ
حُسْنَ ثَنَائِكُمْ،
وَأُحْصِي
جَمِيلَ بَلائِكُمْ
وَبِكُمْ
أَخْرَجَنَا اللَّهُ مِنَ الذُّلِّ
وَفَرَّجَ
عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُوبِ
وَأَنْقَذَنَا
مِنْ شَفَا جُرُفِ الْهَلَكَاتِ
وَمِنَ
النَّارِ
بِأَبِي أَنْتُمْ
وَأُمِّي وَنَفْسِي
بِمُوَالاتِكُمْ
عَلَّمَنَا اللَّهُ مَعَالِمَ دِينِنَا
وَأَصْلَحَ مَا
كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيَانَا
وَبِمُوَالاتِكُمْ
تَمَّتِ الْكَلِمَةُ وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ
وَبِمُوَالاتِكُمْ
تُقْبَلُ الطَّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ
وَلَكُمُ
الْمَوَدَّةُ الْوَاجِبَةُ وَالدَّرَجَاتُ الرَّفِيعَةُ وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ
وَالْمَكَانُ
الْمَعْلُومُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَالْجَاهُ
الْعَظِيمُ وَالشَّأْنُ الْكَبِيرُ وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ
رَبَّنَا
آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ
رَبَّنَا لا
تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً
إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
سُبْحَانَ
رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا
يَا وَلِيَّ
اللَّهِ
إِنَّ بَيْنِي
وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُنُوبا لا يَأْتِي عَلَيْهَا إِلا رِضَاكُمْ
فَبِحَقِّ مَنِ
ائْتَمَنَكُمْ عَلَى سِرِّهِ وَاسْتَرْعَاكُمْ أَمْرَ خَلْقِهِ
وَقَرَنَ
طَاعَتَكُمْ بِطَاعَتِهِ لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبِي وَكُنْتُمْ شُفَعَائِي
فَإِنِّي
لَكُمْ مُطِيعٌ
مَنْ
أَطَاعَكُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ
وَمَنْ
أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَمَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ
اللَّهُمَّ
إِنِّي لَوْ
وَجَدْتُ شُفَعَاءَ أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّد وَأَهْلِ بَيْتِهِ
الْأَخْيَارِ الْأَئِمَّةِ الْأَبْرَارِ
لَجَعَلْتُهُمْ
شُفَعَائِي
فَبِحَقِّهِمُ
الَّذِي أَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ
أَسْأَلُكَ
أَنْ تُدْخِلَنِي فِي جُمْلَةِ الْعَارِفِينَ بِهِمْ وَبِحَقِّهِمْ
وَفِي زُمْرَةِ
الْمَرْحُومِينَ بِشَفَاعَتِهِمْ
إِنَّكَ
أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
وَصَلَّى
اللَّهُ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيما كَثِيرا
وَحَسْبُنَا
اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
*******
تم
والحمد لله رب
العالمين
والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
.
أللهم صلي على محمد وآل محمد وسلم لنور العقل تسليما
ردحذفماشاء الله مقال في قمه الابداع وفقكم الله العلي العظيم