بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ
وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
-- السقف المرفوع --
-- البيت المعمور --
اذا تفكّرنا بهذه الآية الكريمة فسنجد أنها تقول لنا اننا جميعا وبدون
استثناء ومن المستوى الأعلى من وجودنا الحالي كلنا مشتركون باخراج كل صور هذه
الحياة التي نعيش من مستوى وجودنا الأدنى الحالي كل تبعاتها على هذه الأرض
وأننا جميعنا كذلك مشتركون بإخراج وإظهار جميع تفاصيل هذه الحياة ،، تماما
كما يشترك جميع الممثلين بإخراج تفاصيل جميع الصراعات والمؤامرات الدنيوية حين
يتشاركون في تصوير واخراج الافلام
فهم داخل الأفلام يتصارعون ويتنافسون ويقتتلون اشد القتال وأرعبه
لكنهم في الكواليس الخلفية يضحكون ويتسامرون ويتفقون على بقية المشاهد بجميع
تفاصيلها ،، وأمر المخرج نافذ على صغيرهم وكبيرهم
يعني لا يوجد منهم من يخرج من طاعة المخرج الكبير الى معصيته
فالمجرم في الفلم يحبّه أغلب المشاهدين وأيضا يحبه أغلب المشتركين بتصوير
واخراج الفلم ،، وذلك لأنهم يعلمون بشخصيته الحقيقية خارج الفلم ،، ويعلمون غالبا
انه شخص مرح ولطيف
كما أن نفس المخرج الكبير اختاره هو بالذات لتأدية هذا الدور الاجرامي لأنه
على علم بمناسبة شخصيته تماما لهذا الدور الاجرامي
نفس هذا المجرم الخطير المعاند المشاكس في الفلم هو أيضا لا يخرج من طاعة
المخرج الكبير لمعصيته
فالكل يجب أن يكون خاضع للمخرج تمام الخضوع لكي ينجح هذا العمل الفني
فماذا سيحصل لو اننا تعاملنا مع هذه الحياة التي نعيش تبعات مؤامراتها
وفتنها كلها على اننا نشارك بهذه المؤامرات والفتن بإرادتنا من مستوى معين من
مستويات وجودنا؟
وماذا سيحصل لو اننا اكتشفنا اننا جميعنا نفعل ذلك بإرادتنا وبالاتفاق في ما
بيننا على أدق تفاصيل هذه الحياة ،، التفاصيل المؤلمة والمفرحة منها على السواء؟
عن نفسي سيكون جوابي هو ان جميع المؤامرات ستفشل ،، وكذلك فإن جميع الفتن
ستفشل ، وأيضا جميع المشاهد ستفشل ،، وسنبقى عطّالين بطالين
فما هو الحل إذن لكي لا تنكشف هذه المؤامرة التي نريد أن نحيكها بأنفسنا على
أنفسنا؟
الحل حسب فهمي هو ان نفرز من وسطنا حزبين ،،
حزب يعمل جاهدا على إخفاء وتغطية وكَفْرِ هذه المؤامرة الجماعية ،،
وحزب آخر يعمل على كشفها ومحاربتها وازالة الحجب عنها
أمّا البقيّة منا فسيكون لنا الاختيار والحريّة الكاملة في ان نصطف مع أي
حزب منهما ،،،
فقد نصطف مع حزب المغطّين او الكافرين ،، وننساق خلفهم وخلف خططهم
ومؤامراتهم وفتنهم بكل احاسيسنا ومشاعرنا فنعيش احداث تلك الفتن والمؤامرات وجميع
مشاعرها كمشاعر حضورية صادقة ،، ونبقى معهم برغبتنا ما دمنا نحبهم ونحب اخلاقهم
ومؤامراتهم وفتنهم ونتمنى ان نكون من حزبهم
وربما ينبقى حينها رغما عنّا معهم ما دامت حيلهم تنجح دائما بالانطلاء علينا
لبلادة في عقولنا اخترنا ان نتصف بها
أو أن نُعمل عقولنا فنحلل ونتعمّق لنكتشف الكلمات والمعاني المخفيات ما بين
السطور والكلمات فنهتدي منها للحزب الآخر الكاشف للمؤامرات والفتن ،، فنتبعهم
حينها عسى ان نكون منهم وننظم إليهم فيما بعد فنصبح من حزبهم ،،
لكن ما علاقة السقف المرفوع الذي قلنا في موضوع سابق انه يخدم عملية
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
لكي نفهم جزء من عملية التنزل هذه يجب أن نرجع لمقطع من رواية معرفة النفس
عن أمير المؤمنين مع الأعرابي وهو المقطع الذي تحدث به عن النفس الحسية الحيوانية
وعن النفس الناطقة القدسية التي لا تفنى أبدا ولا تتحل انما ترجع لمن صدرت منه
وتجاوره،،
وهذا هو المقطع:
فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها
الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة
والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب
فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود
مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.
فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟
قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية،
مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف
الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود
مجاورة لا عود ممازجة.....إنتهى النقل
فقوله سلام الله عليه أن النفس الحسية الحيوانية قوة فلكية وحرارة غريزية
أصلها الافلاك
//إنتبهوا لكلمة الأفلاك// يدلنا على أن مصدر هذه النفس
هو من خارج الغلاف الجوي لقبة آدم ،،
وسواء كان مقصده من الافلاك الكواكب أو كان مقصده منها السفن السماوية ((او
السفن الفضائية حسب التعبير العصري)) فكلاهما لا بد أن يكون أصلهما من خارج الغلاف
الجوي لقبة آدم التي نحن بها
وأن كانت سفينة سماوية فلا مانع من أن تدخل داخل الغلاف الجوي لقبة آدم
وهذه النفس الحسيّة تنزل من الفلك السماوي كحرارة غريزية ،، لكن قوله سلام
الله عليه أن أصلها الأفلاك يدلنا على وجود واسطة تتوسط وتربط ما بين الفلك
السماوي وما بين هذه النفس حين تنزل على هذه الأرض
لو افترضنا مثلا أن موقع هذا الفلك السماوي الذي ستنزل منه هذه النفس هو
موقع ثابت يقع ما بين الأرض والشمس فإن تلك النفس النازلة حين تدور الأرض حول
نفسها ستصبح في الجهة الاخرى من موقع ذلك الفلك السماوي في الفضاء وهذا سيؤدي
لانقطاع صلة ذلك الخيط الفضي أو تلك الحرارة الغريزية مع ذلك البدن الذي كما قال
الامام الصادق انها تحيط به لا تُمازجه ولا تُداخله :
قال الإمام الصادق عليه السلام :
إن الروح لا تُمازج البدن ولا تُداخله ، وإنما هي كِلَلٌ للبدن ، محيطةٌ به.....إنتهى
وهذه الحرارة الغريزية هي المعروفة بالخيط الفضي الذي يرافق النفس في
رحلاتها النجمية حين تنام
هنا يأتي دور السقف المرفوع المحيط بكل قبة آدم من كل جهاتها
فالخيوط الفضيّة او الحرارة الغريزية لكل النفوس النازلة على هذه الأرض هي
متصلة بهذا السقف المرفوع كيفما تحركت داخل القبّة وأينما كانت فيها
نستطيع أن نقول أن عمل السقف المرفوع هو كعمل شبكة الأبراج الأرضية
للاتصالات اللاسلكية
فمهما تحرّك جوّالك على الأرض فإنه سيبقى متصلا بالبدالة المركزية الثابتة
مكانها عن طريق شبكة الابراج الأرضية الموزعة على مساحة الأرض
وهكذا هي النفس الحسية الحيوانية ستبقى متصلة مع الفلك السماوي الذي صدرت
منه ((البيت المعمور)) عن طريق اتصالها الدائم بالسقف المرفوع
فسواء أكنت في الشمال ام في الجنوب او في الشرق او في الغرب فإن نفسك الحسية
الحيوانية ستكون متصلة على الدوام بالبيت المعمور الذي صدرت منه عن طريق اتصالها
بالسقف المرفوع
تماما كما أن جوّالك متصل وبشكل دائم بنفس البدالة المركزية عن طريق اتصاله
الدائم بشبكة الأبراج الأرضية المنتشرة على الأرض
لكن ما هي النفس الحسيّة الحيوانية؟
إنّها كبدلة الغوص التي يلبسها الغطّاسون تحت الماء العميق ويرون الصور
المختلفة لموجودات أعماق المحيط من خلال زجاجتها الأمامية
فالنفس الناطقة القدسية ترسلها نفسها العليا على هذه الأرض لكي تعيش عليها
تجربة مادية تتعلم منها شيء جديد وبنفس الوقت تظهر العبادة على هذه الأرض وتظهر
خلال ذلك صور جديدة من صور المشيئة الالهية من حالة مكونها وخفائها فتظهرها في
عالم التّنزل والتّجلي
لكنها لن تنزل عليه وحدها بل ستنزل النفس الحسية الحيوانية معها وستحيط بها
خلال كامل مدّة رحلتها ، او كامل مدّة تجربتها او كرّتها الأرضية بتمامها
فهي ستحيط بها خلالها كما ستحيط بدلة الغوص بالغواص حين يغوص في اعماق
المحيط السحيقة ،،
ومعها لن تستطيع النفس الناطقة القدسية حينها من أن ترى العالم الّا من خلال
عين ووعي وادراك النفس الحسية الحيوانية
ولن تستطيع حينها أن تعي به الا من خلال وعيها ،، ولن يمكنها أن تشعر به الا
من خلال مشاعرها وحواسها
فـ 70.000 ملك يدخلون يوميا للبيت المعمور ليأخذوا نصيبهم ودورهم في عملية التنزل من كل أمر في قبة آدم
يعني تقريبا 25.550.000 ملك يدخلون سنويا البيت
المعمور ولا يعودون بعد ذلك إليه الى يوم القيامة، ولا اعرف عن أي يوم قيامة تتحدث
الرواية ،،، هل هي قيام قيامة تلك النفوس حين تموت ام غيرها
فالانسان كما يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه اذا ما مات قامت
قيامته: (إذا مات ابن آدم، قامت قيامته)
عندما يموت الانسان وتفارق نفسيه الحسية الحيوانية والناطقة القدسية البدن
ليتحلل ويفنى ،، فإن النفس الحسية الحيوانية ستمر خلال رحلة رجوعها لمصدرها في
البيت المعمور بخمسين موقف من مواقف قيامتها
فترى بها حقيقة ما كسبته يديها خلال هذه التجربة المنصرمة ،، وأخيرا ستقف مع
النفس الناطقة القدسية للحساب بين يدي خالقهما ، وحينها سيتم تقرير ما سيحدث بعد
ذلك للنفس الناطقة القدسية ، هل ستكرّ مرة أخرى مع نفس حسية جديدة؟ وأين؟ وكيف؟ ،
أم انها قد ثقلت موازينها فاستحقت بذلك الصعود للمرحلة الأعلى من مراحل التجلي
أمّا النفس الحسية الحيوانية فستعود أخيرا إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.
.
..
...
....
.....
احسنتم
ردحذفاخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي