ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وآل محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا

رسالة وصلتني من أخ كريم يسأل عن معنى لفظ "الْكِتَابَ" الذي ورد بهذه الآية كريمة

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ

يسأل بها ما هو المقصود بــ "الكتاب" هنا ؟؟ ويقول سمعت أن لك رؤية جميلة بمعنى "الكتاب" ويطلب معرفتها.

جــــوابــــــــــي

أخي الكريم لا أعرف أي رؤية تلك التي يقصدها الذي قال لك ، لكنني سأجيب هنا ان شاء الله عن سؤالك هذا من خلال الفهم الذي وصلت له حتى الآن

وربما بالمستقبل سيكون لي قول جديد وفهم جديد ورؤية جديدة أجمل وأكمل من هذه

بسم الله الرحمن الرحيم

نبدء أولا بايراد الاية التي تسأل عنها مع الاشارة لبعض الالفاظ فيها

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ

((((لِــــــيُـــــوَفِّـــــيَــــهُـــمْ)))) أُجُـــــــورَهُـــــــــــمْ وَيَــــــــزِيــــدَهُـــــم مِّــــن فَــــضْــــلِـــهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِــــتَــــابَ

الَّـــــذِيــــنَ اصْـــــطَــــفَــــيْــــنَــــا مِـــــنْ عِـــــبَــــادِنَـــــا

فَمِنْهُمْ ظَـــــالِمٌ لِّنَفْسِهِ

وَمِنْهُم مُّـــــقْـــتَــصِــدٌ

وَمِنْهُمْ سَـــــابِــــقٌ بِالْـــــخَــــيْــــرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ

لنفهم أخي الكريم ما تسأل عنه يجب أن نعرف ما الذي سيحصل ومن الذي سيوفيهم اجورهم

المتحدث في هذه الآية ليس هو من سيوفّي الأجور ،، بل هو شخص آخر وذلك يتضح لنا من الضمير الذي استعمله الناطق بهذه الايات

((((لِــــــيُـــــوَفِّـــــيَــــهُـــمْ))))

فهذا يدل على أنه ليس هو من سيوفي الَّـــــذِيــــنَ اصْـــــطَــــفَــــوا مِـــــنْ عِـــــبَــــادِهم 

بل هو شخص آخر هو من سيوفيهم

فمهمة المتحدث ضمن مجموعة وهو أحدهم 

هي أن يصطفوا من عبادهم

أمّا عملية توفية الاجور فهي من مهام شخص مفرد وليس واحد من ضمن مجموعة كالمتحدث باسم المصطفين

فمن هو هذا الذي مهمته أن يصطفي؟

نرجع للقرآن لنعرف ذلك وسنجد التالي:

فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ

((((فَـأُعَـذِّبُـهُـمْ عَـــذَابًــا شَـدِيــدًا))))

 فِـي الـدُّنْـيَـا وَالآخِـرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ

وَأَمَّـــا الَّـــذِيـــنَ آمَـــنُـــوا وَعَـــمِـــلُـــواْ الـــصَّـــالِـــحَـــاتِ

((((فَـيُـوَفِّــيهِــمْ))))

أُجُـــورَهُــمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

هنا يوجد المعذب العذاب الشديد ومعناها المصفي أو المنقي التنقية الشديدة

فأولائك الذين طينتهم التي خلقوا منها والمعجونة بالماء العذب 

قد خُلطت بعد ذلك بالطينة التي عجنت بالماء الملح الاجاج

ومن سيقوم بتخليصهم من الملح الاجاج هو نفسه من سيقوم بتعذيبهم

 فبعد أن تم تمليحهم في اوائل مراحل خلقهم عبر خلط طينتهم النقية بالطينة المعجونة بماء الملح الاجاج 

سيقوم المعذب العذاب الشديد عبر نظام الكرّات بتعذيبهم من طينة الملح الاجاج 

حتى يرجعهم كأول خلقهم من الطينة المعجونة بالماء العذب الفرات

كنّا قد فصلنا في توضيح هذا الأمر في مقال منفصل كتبناه تحت عنوان

نظرة واحدة فاحصة وحياديّة ومتعريّة سوف تنقلكم لصورة عالم آخر

أنصح بقرائته قبل اكمال قرائة هذا المقال

بعد ان يتم تعذيبه عذابا شديدا بمعنى تصفيته تصفية شديدة حتى يرجع لطينته الاصلية المعجونة بالماء العذب الفرات فقط 

سيتم اصطفائه

(((((الَّـذِيـنَ اصْـطَــفَــيْــنَـا مِــنْ عِــبَـادِنَـا)))))

ما الذي سيحدث بعد أن يتم اصــــطـــــفـــــائـــــه وقبل أن يُورث الكتاب؟؟

بمجرد صدور القرار باصطفائه 
وقبل أن يورث الكتاب 
سيقومون بتنجيته فورا من مخالطة الذين لم يتصفوا بعد من الملح الاجاج

وَإِن مِّــــنـــكُـــمْ إِلاَّ وَارِدُهَـــــا كَــــانَ عَـــلَـــى رَبِّــــكَ حَـــتْـــمًـــا مَّـــقْـــضِـــيًّـــا

ثُمَّ نُـــنَــجِّـي الَّـــذِيــنَ اتَّــقَــوا

وَّنَـــذَرُ الـــظَّــالِــمِــيــنَ فِــيــهَــا جِــثِـــيًّـا

فهذه الآيات الكريمة تقول لنا أننا نحن جميعنا في هذه اللحظة نعيش ونتشارك جهنم ونتقاسمها

((((وَإِن مِّــــنـــكُـــمْ إِلاَّ وَارِدُهَـــــا))))

وبما اننا كلنا لا نزال مجتمعون في هذه الدنيا أو في جهنم 
ونخالط بعضنا البعض بها 
فإننا جميعا لا نزال ملطخون ومخلوطون بالماء الملح الاجاج 
ولم تتم تصفيتنا منه بعد

فمن سيتم تصفيته وتعذيبه منّا بشكل كامل وشامل 
فإنهم سيخرجونه فـــــورا من بين البقية ويعزلونه عنهم 
لكي لا يلوثوه بملحهم وجربهم مرة أخرى 
أو لكي لا يتلوث هو منهم مرة أخرى

والـــــفــــورا هذه نفهمها من قولهم

(((ثُمَّ نُـــنَــجِّـي الَّـــذِيــنَ اتَّــقَــوا))))

فعملية التنجيّة 
حتى يطلق عليها عملية تنجية 
يجب ان تكون عملية سريعة وفورية ومباشرة 
وذلك لوجود الخاطر الداهم

يعني لكي تطلق على عملية ما انها عملية تنجية 
فيجب أن تكون هذه العملية مقرونة بوجود الخطر الداهم على المراد تنجيته

وخطر التلوث من الملوثين 
على من قد صفى وكمل من عبادهم 
هو هذا هو الخطر الداهم الذي يخافون عليه منه

حسنا لقد تم تنجية أحد الذين وصلوا لدرجة أنه يوصف بانه من الذين اتقوا 

وتم رفعه بتلك التنجية من بين الظالمين بعد أن كمل ونقى 
ليكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء

ماذا سيحدث حينها؟

إن كان من مجموعة السابقون السابقون المقربون

فسيتم ارساله بشكل فردي مع موكب مهيب حتى يصلون به للذي يوفّي الاجور

 وحين يصل سيقام له حفل مهيب يتم تزويجه به بحور عين لتكون هي نصفه الآخر الذي سيجوب معه السماوات والارض في كل الكون بمختلف ابعاده

وكنا قد وصفنا هذا الامر في مقال منفصل تحت عنوان

وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ

بعد أن أوضحنا ما سبق نأتي الآن للاجابة على سؤالكم الكريم

وهو ما هو ذلك الكتاب الذي سيرثه بعد أن يتم اصطفائه وتنجيته ورفعه ومرافقته وايصاله للذي سيوفيه أجره فيكرمه ويزيده من فضله؟

ونقول أن الكتاب الذي سيرثه هو نفسه الكتاب المبين 

وهو الاسم المكنون الذي عنده علم ما كان وعلم ما يكون

وطريقة التوريث هي بإنطاق الاسم المكنون من على لسان الوارث

 

بمعنى أن من سيتم تنجيته ورفعه واستخلاصه 
سينطق الاسم المكنون من على لسانه 
منذ ذلك الحين الذي سيرث به الكتاب

يعني لو كنت أنت ان شاء الله من الذين سيتم تنجيتهم ورفعهم واستخلاصهم وايراثهم للكتاب 
فسينطق الكتاب من حينها على لسانك

وحينها فإنك بمجرد أن تسأل أي سؤال، 
فإن الجواب 
سيحضر عندك وفي ضميرك من فوره وبدون تأخير

فالاسم المكنون والذي هو نفسه الكتاب المبين 
والذي هو نفسه هو الامام المبين ، 
سينطق من على لسانك من حينها بمجرد أن تسأل أي سؤال 
أو حتى بمجرد أن يخطر على بالك أن تسأل 
أو أن تطلب أي معلومة

فكل العلم بما كان ويكون وسيكون 
الحاضر عند الامام المبين الكتاب المبين الاسم المكنون كعلم حضوري كامل 
سيصبح تحت تصرفك من حينها 
بمجرد أن تطلب أي جزء منه 
أو تبحث عنه

كما أن الاسم المكنون سيأمر من حينها 
ومن على لسانك 
بأي أمر تأمره أنت بلسانك 
مهما كان ذلك الأمر 
ليصبح امرك حينها بنطقه من على لسانك 
مثل أمر الاسم المكنون 
كن فيكون

هذا هو الكتاب الذي سترثه إن شاء الله 
حين يتم تنجيتك ورفعك وسوقك بعد ذلك لموفي الاعمال 
ليكرمك باستخلاصه لك لنفسه 
وبإنطاقه الاسم المكنون من على لسانك

وعندما سترث الكتاب حينها ان شاء الله 
وينطق الاسم المكنون من على لسانك 
فسيأتيك حينها الخطاب الرباني الأعلى مناديا:

من الحي الذي لا يموت 
إلى الحي الذي لا يموت 
جعلتك بامري تقول للشيء كن فيكون 
كما انني اقول للشيء كن فيكون

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين

.

..

...

....

.....