السبت، 25 يونيو 2016

ما الذي سنستفيده من التّفكير ، وما الذي سنستفيده من التّفكّر؟














بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما الذي سنستفيده من التّفكير ، وما الذي سنستفيده من التّفكّر؟


في المقال السابق قلنا أن التّفكّر هو كتركيز عدسة الكاميرا او عدسة الميكرسكوب للحصول من خلالها على صورة أكبر وأدق وأوضح ،،

بمعنى أن التّفكير بصورة معينة يوصلنا للصورة الإجمالية لها، بينما ادامة تّفكّرنا بها سيوصلنا لصور تفصيلية أوضح لمختلف جوانبها وزواياها

وبكلمات أخرى فأنّ التّفكير بشيء ما يوفّر لنا صورة سطحيّة لذلك الشيئ

أو لنقل صورة ثنائيّة الأبعاد له ،،

بينما التّفكّر سيوفّر لنا صورة عميقة 

أو صورة ثلاثية الأبعاد لنفس ذلك الشيء

لكن ما الفرق بين العقل الذي يرى فقط صورة ثنائية الأبعاد لشيء ما ، 

وبين العقل الذي يرى لنفس ذلك الشيء صورة ثلاثية الأبعاد؟

الفرق هو أن الأول لن يستطيع أن يصف لك الصورة التي يراها الّا بوصف واحد فقط،، 

فكلما سألته عنها سيجيبك عنها بنفس الجواب 

وكأنه يحفظه حفظا ويردده كجهاز تسجيل 

وذلك لأنه يراها بصورة سطحية ثنائية الأبعاد ،،

وربما لو أراد أحدهم أن يتفيقه علينا حين يصف لنا مثلا صورة انسان ما فسيبدء بوصف ما يظهر له من الرِجلين في الصورة قبل أن يصف لنا ما يظهر له من الرأس 

بعد أن كان قد وصف لنا سابقا ما يظهر له فيها من الرأس أولا ثم وصف لنا أخيرا ما ظهر له من الرِجلين

هذه هي حدود الذي يفكّر

أمّا من كوّن في عقله عبر التّفكّر المستمر صورة ثلاثية الأبعاد لشيء ما فإنه سيستطيع أن يصف لنا ذلك الشيء من عدّة زوايا وأبعاد مختلفة ،،

من نفس مثال وصف صورة الإنسان السابق يمكننا ان نقول أنّه مرّة سيصف لنا مقدمة الرأس ،، ومرّة أخرى سيصف لنا مؤخرة الرأس، ومرة أخرى سيصف أعلاه ،، ومرّة رابعة سيصف لنا جزء من المخ في داخله ،

ومرّة تتلوها ومرّة ومرّة ومرّة

وكلّ ما كان تفكره بتلك الصورة أكبر وأطول فإنّه سيستطيع أن يصف لنا تفاصيل أكثر وأكثر وأكثر لتلك الصورة الانسانية

بل انه إن كان من المتفكّرين المدمنين على التّفكّر العميق في امور الانسان وخفاياه ومزاياه قد يستطيع أيضا أن يصف لنا كيف يرتبط هذا الجزء بالجزء الذي بجانبه 

وكيف يرتبطان بالاجزاء التي من حولهما ،، 

وأن يصف لنا نوع الرابط الذي يربط تلك الأجزاء مع بعضها ، وما ان كان له شكل واحد او عدة أشكال مختلفة

عموما فإن التّفكير البسيط سيوفر لنا صورة سطحية لهذه الحياة ،، 

صورة بسيطة لا وجود بها لصور عللها وأسبابها ومسبِّبات أسبابها كذلك

بينما التّفكّر يسعى بنا لرؤية صورة شاملة لنفس الصورة 

ولأسبابها ولمسبِّبات أسبابها أيضا

فالفرق بين من صنعتهم التّفكير وبين من صنعتهم التّفكّر هو الفهم الحقيقي والثبات والايمان

فالمتفكّر المدمن يكون إيمانه ثابت وراسخ كرسوخ الجبال، أو على الأقل ثابت وراسخ بقدر ما يراه من تلك الصورة الثلاثية الأبعاد التي في عقله، 

وذلك لأنه يرى من خلالها الصورة الكاملة أو الصورة شبه الكاملة،،

وهذا لن يتزعزع إيمانه اذا تحدّث او تناقش مع متفكّر أخر ،، حتى ولو كان ذلك الآخر صورته الثلاثية أكمل وأقوى وأوضح ،، وكان أكثر حجة منه وبرهانا،

فحديثهما ونقاشهما وخلافهما هو بحد ذاته نوع من أنواع التّفكّر الذي يسعيان او يبحثان من خلاله عن تفاصيل جزئيّة دقيقة أخرى من تفاصيل تلك الصورة الكليّة التي يبحثان عنها.
.
.

أهداف ودوافع المفكّر

وأهداف ودوافع المتفكّر
--------------

عادة ما تكون أهداف المفكّر ودوافعه هي أهداف ودوافع تتعلق بالواقع الخارجي المعاش وله تماس مباشر بها ،، 

وكما قلنا سابقا من انه يفكّر بحلول لمشاكل جديدة يومية قد تواجهه ،، وانه بعد أن يجد لها الاجوبة والحلول فلا داعي له أبدا لأن يعود للتفكير بها من جديد حتى تتولد عنده مرة أخرى حاجة للتفكير من جديد بأمر جديد يرتبط بها

وهنا نتذكر القول الدارج "الحاجة أم الإختراع" فالحاجات الآنيّة للأمور الدنيوية هي التي تدفعنا للتفكير

فلولاها لما فكّرنا بها أبدا  

وعليه فكلما قلّت حاجاتنا الدنيويّة ،، أو توفّرت لنا احتياجاتنا الدنيويّة ، فستقل معها حاجتنا للتفكير ،، 

تماما كما اننا كلما زادت خبراتنا الحياتية ستقل معها حاجتنا للتفكير ،، 

فالخبرة كما قلنا بالشيء ستغنينا عن التّفكير به ،، 
.
.

أمّا أهداف المتفكّر ودوافعه التي تدفعه للتّفكّر فهما غالبا مجهولان له  

أو على الأقل سيكونان كذلك في البداية فقط بالنسبة للمتفكّر

فغالبا هو بالبداية وربما حتى النهاية أيضا لا يعرف لماذا هو دائم التّفكّر بتلك الامور الصغيرة والصغيرة جدا 

وربما، بل وغالبا ما انّه لا يجد شخص آخر يشاركه الاهتمام بتلك الأمور الصغيرة والدقيقة في كل مجتمعه المحيط به

وإن سئلته لماذا تتفكّر كثيرا بتلك الأشياء التي لا تدر عليك مالا ولا تيسّر لك حياةً؟ 

وما  الذي يدفعك لذلك؟

فإنه على الأغلب لن يستطيع ان يعطيك إجابة واضحة ومقنعة

لكنّه سيقول لك إنني أشعر بالراحة والسعادة والطمئنينة الداخلية كلما وصلت لنتيجة مقنعة حول أحد تلك الأمور الدقيقة جدا

وربما أفضل تفسير يمكنه أن يعطيك إياه لحالته تلك هو شعوره الدائم بوجود من يدفعه من داخله ويحرضّه على التفكّر بتلك الدقائق من الامور

فحاله في ذلك مثل حال الميكروسكوب

فلو سألت الميكروسكوب لماذا تركّز عدستك أكثر وأكثر على تلك العينة التي أمامك

فإنه سيقول لك: أنني حقيقة لا أعلم سبب حالتي هذه 

لكنني كأنني أشعر بوجود أيدي خفية تدفعني من الخلف لكي أركز اهتمامي وعدساتي أكثر وأكثر على تلك الصورة التي أمامي 

وبدوري فإنني أشعر بالسعادة والراحة الكبيرة كلما اصبحت تلك الصورة التي أمامي أوضح وأوضح وأوضح

وهكذا هم الذين يتفكّرون ويدمنون على التّفكر

فهم يشعرون بالسعادة كلما انقشعت عن بصائرهم سحابة من السحب 

وكلما اضافوا صورة جزئيّة جديدة لتلك الاجزاء التي جمعوها سابقا في عقولهم لتلك الصورة الكونية الثلاثية الأبعاد 

وسيكتشفون أخيرا أنّ فرحهم  وسعادتهم تكمن في إكمالها في عقلهم وكيانهم



ولإكمالها يجب عليهم أن يغوصوا عميقا وعميقا وعميقا

إلى هناك

إلى حيث الإسم المكنون 

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....


هناك تعليق واحد:

  1. احسنتم
    اخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي

    ردحذف