بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحقيقة أغرب من الخيال
الحقيقة أغرب من الخيال وكل ما سأكتبه في هذه السطور هو من الخيال الذي قد يبدو بعضه أنه ليس منه ولكنه فعلا مجرد خيال
فالحقيقة أغرب من الخيال
كيف بدأت قصة آدم وذريته على هذه الأرض؟
سأبدء بخيالاتي من نهاية القصة لأعود
بها لبدايتها ثم أمر سريعا على ما بينهما
المكان: هنا
الزمان: الآن
أجلس وحيدا والأفكار حول نهاية الزمان
وفناء المكان تتلاعب برأسي، هل يمكن أن يحدث ذلك؟
وهل يمكن أن ينتهي كل شيء بكل هذه البساطة؟
كلا كلا، هذا من غير المرجّح أبدا أن يكون، فلا بد أن تكون هناك بداية أخرى بعد النهاية التي يتكلم الجميع عنها، فكل نهاية هي بداية جديدة،
وهل يمكن أن ينتهي كل شيء بكل هذه البساطة؟
كلا كلا، هذا من غير المرجّح أبدا أن يكون، فلا بد أن تكون هناك بداية أخرى بعد النهاية التي يتكلم الجميع عنها، فكل نهاية هي بداية جديدة،
ولكن كيف يمكن لذلك أن يكون؟
كيف من الممكن أن تكون النهاية هي
البداية؟
لا بد أن أتخيل نهاية تصح أن تكون
بداية، حتى ولو كان ذلك الخيال مجرد خيال لا واقع حقيقي له على الإطلاق
يجب أن يكون خيالي وتخيلي للنهاية
الموصلة للبداية غريب بشكل كبير لأن الحقيقة هي أكبر وأغرب منه بمراحل، فكيف يمكن
لعقل قاصر أن يتصوّر لحقيقة ما يمكن للعقل الكامل القادر أن يفعله، بالتأكيد لن
يمكنه ذلك أبدا أبدا، ولكن بالخيال يمكنك أن تتصور كيف يستطيع العقل الكامل القادر
أن يفعل ما لا يمكنك أن تفعله كعقل ناقص ضعيف
يمكنك عبر قناة الخيال أن تتخيل كوكبا
لا تأثير للجاذبية به أبدا، ومخلوقاته تطير متى شائت وتستقر متى تشاء
يمكنك أن تتخيل أن الصمت يلف هذا الكوكب
رغم امتلائه بالمخلوقات وذلك لأن مخلوقاته تسمع ما تشاء متى تشاء، أنها تسمع
بالاذن الداخلية بطريقة يمكنك أن تسميها بتوارد الخواطر، في هذا الكوكب أنت لا
تحتاج الى تلفون ولا الى جهاز سلكي أو لا سلكي، وإذا ما أردت أن تحادث أحد من
الناس يكفي أن تفكر به وهو بدوره يسمعك فإن كان مشغول أجّلك لما بعد وإذا ما رغب
بمحادثتك بادلك حينها الخواطر بخواطر أخرى
في هذا الكوكب أنت لا تحتاج الى سيّارة
أو طيارة لكي تنتقل من مكان الى مكان، ويكفي أن تشاء وتريد أن تنتقل لمكان ما
لتنتقل من فورك وقبل أن يرتد اليك طرفك الى حيث ما شئت الانتقال
وفي هذا الكوكب يمكنك أن ترى من تحبهم
وتشاء رؤيتهم بمجرد أن تشاء ذلك فتتمثل صورهم بعقلك أو على كفّ يدك كيفما وأينما
كانوا
وفي هذا الكوكب لا توجد ضغائن أو نزاعات
أو أدنى صور الغلّ في القلوب، لأن المال فقد قيمته فلا الذهب ولا الفضة ولا
الألماس ولا الأوراق النقدية لها أي قيمة تذكر
فأهل هذا الكوكب يمكنهم الحصول على ما
يريدون بمجرد أن يريدوه ليتمثل أمامهم من فوره، وليس فرد واحد منهم يستطيع ذلك ولا
مجرد فردين أو ثلاثة أو أمة واحدة منه فقط تستطيع ذلك، بل كل أفراد هذا الكوكب
يستطيعون ذلك وبكل سهولة ويسر
في هذا الكوكب لا يحتاج أحد من أفراده
لأن يعمل أو يكد ويتعب لكي يعيش ويأكل ويشرب بل حتى أن أغلبهم قرر أن يأخذ غذائه
مباشرة من الشمس نقيا صافيا قبل أن يختلط بتراب الارض ويتحول لصور مختلفة من
المعادن والفيتامينات والمواد الغذائية ولمختلف الأطعمة والروائح
وقرر أن يأخذ الماء مباشرة من الهواء مع
كل نفس يتنفسه وقبل أن يتكثّف ويصبح سائلا غليظا، فأهل هذا الكوكب لا يأكلون
ويشربون كما نأكل نحن اليوم ونشرب ولكنهم رغم ذلك يحصلون على أجمل الروائح وأطيب
المذاقات مباشرة من الشمس والهواء فأعضاء بدنهم الذي أصبح رهيفا متصلة اتصال مباشر
مع وعيهم وارادتهم وتعمل على تلبية رغباتهم كيفما رغبو بها
فإذا رغبوا بطعم فاكهة العنب أو التفاح
أو الرمان أو غير ذلك، إستخلصت أبدانهم تلك الأطعمة مباشرة من الشمس والهواء
وأذاقتهم إيّاها وأمدّتهم بها من فورها، فكل تلك المذاقات والروائح وأنواع الطاقة
هي موجودة فعلا من حولهم بأشعة الشمس والهواء والفضاء وكان دور الارض فيما سبق هو
فقط أنها هي من تستخلصها من الشمس والهواء وتفصلها عن بعضها البعض وتركبها وتجعلها
بصور فواكه وأطعمة وزروع مختلفة،
ولكن أهل هذا الكوكب تعلموا أخيرا كيف
يمكنهم أن يستغنوا عن هذا الدور للأرض في استخلاص تلك الاطعمة والطاقة وفصلها عن
بعضها البعض وتركيبها بصور فواكه وزروع مختلفة، وأصبحوا هم وكل واحد منهم
يستخلصونها بأنفسهم وبإرادتهم ومشيئتهم مباشرة من الشمس والفضاء بدون الحاجة لدور
الأرض أو للزراعة ثم الصناعة بعد ذلك
لقد أصبح أهل هذا الكوكب في شباب دائم
لا يشيخون ولا يهرمون ولا يموتون، وهم لا يمرضون أيضا، ولو مرضوا فإن كل الادوية
موجودة من حولهم هنا وفي هذه اللحظة في أشعة الشمس والهواء والفضاء وأبدانهم تعلمت
أن تتصل بالكون من حولها لتأخذ منه ما تريد
إن تاريخ هذا الكوكب كان فيما سبق مر
ومرير ومريع، كانت الحروب تملؤه فلا تكاد حرب تنتهي حتى تبدء حرب غيرها، كان
الجميع يرزح تحت أعباء العبودية شعروا بذلك أم لم يشعروا، كانت الامور تسوء أحيانا
حتى يقتل الاخ أخيه وأمه وأبيه وفصيلته التي تؤيه من أجل لقمة عيش تؤمّن له يوم
إضافي من الحياة على هذا الكوكب
لقد كانوا متعلقين بهذا الكوكب بشكل
جنوني حتى ولو أذلهم إذلال مريرا وأذاقهم طعم الذلة والهوان لمدد طويلة من حياتهم،
فلقد كانوا يستحملون كل ذلك الاذلال والتعب من أجل راحة يوم أو بعض يوم عليه،
وكانوا أحيانا يبذلون الغالي والرخيص من أجل أن يحصلوا على ملذة واحدة من ملذاته
ومن أجل الحصول على بعض ملذاته تصارعوا
وتقاتلوا وتخاصموا وانقسموا الى فرق وطوائف وأحزاب متعددة، وتحالفوا ونقضوا
عهودهم، واستعبد أحدهم الآخر واسترقّه هو وذريته من بعده لأمد طويل، تجسسوا على
بعضهم البعض وخان بعضهم البعض
الدموع ملئت جنباته، والابتسامات كانت
تضيء أيام وليالي سكّانه، والأحزان تعود ذكراها مع كل عام، أطفال يولدون وشيوخ
يموتون نساء تترمل وشباب يموت في سوح المعارك، أمهات تبكي وأطفال تصرخ، رجال
يعملون وأطفال يلعبون ونساء تتجمل وأخريات في الحقول تعمل
ليل ونهار يتعاقبان وتمر معها الايام
والشهور والسنين والقرون وعشرات القرون ومئات القرون تجري وجرت سريعا على هذا
الكوكب الصغير خلالها جرى ألف ألف صراع وصراع ومعه اجتاحت بعضهم مشاعر ألف ألف
هزيمة وهزيمة وبعضهم الآخر مشاعر ألف ألف انتصار وانتصار
مشاعر وأحوال الفرح والأحزان، والنشوة
والانتصار والذلة وخيبة الآمال، كانت تملئ جنبات هذا الكوكب ويتداولها سكانه مع
مرور الآيام مرة هنا ومرة هناك، تستطيع أن تقول أن كل الاحتمالات الممكنة من هذه
القصة على هذا الكوكب قد تمّ ظهورها، وكل المشاعر المحتملة من تلك الصراعات قد تم
الشعور بها ووصلت الامور لحالة ستتصف بالتكرار لما كان
ولكن الأمر لم يصل لذلك أبدا، لقد بدأت
الأمور تتطور بشكل غير مسبوق، تلك المجتمعات الصغيرة المتفرقة هنا وهناك بدأت
تنحسر شيئا فشيئا وظهرت مكانها حضارات ومجتمعات كبيرة، ذلك البطء في جريان الأحداث
انتهى وبدأت معه الأحداث تتسارع بشكل عجيب وغريب
وتلك البساطة والسذاجة التي كان الناس
يتصفون بها ولّت فأصبحوا يتصفون بالحيلة المكر والذكاء
تلك الرتابة في توالي وتتابع الأحداث
انتهت وأصبحت متسارعة ومتتالية بحيث يعجز المتابع أن يتابعها ولو تفرغ كل ساعاته
وأيامه ولياليه لمتابعتها
ذلك الجهل وعدم المعرفة الذي كان يسود
جنبات ذلك العالم انتهى فجأة وأصبح العلم من حق الجميع، وأمّا المعرفة وفروع
المعرفة وفروع فروعها فأصبحت متاحة للصغير قبل الكبير وبضغطة زر واحدة، بعد أن
كانت من حق نخبة النخبة فقط، ممن يملكون السلطة والمال في البلاد
لقد تبدلت الأحوال فجأة وبصورة متسارعة
كبيرة وكأن الأرض تأبى أن تتكرر المشاعر والأحداث عليها مرتين
كانت الفتن سابقا صغيرة ومحلية تشمل فئة
صغيرة قد يكون تعدادها مائة نفر فقط في قرية صغيرة وربما تزيد لتشمل عدة آلآف أو
عدة عشرات من الآلآف في مدينة أو بلاد كبيرة،
ولكنّ الفتن أخذت تكبر وتكبر شيئا فشيئا
وتتعقد وتتعقد حتى أصبحت كبيرة ومعقدة ومتشابكة لدرجة أنها أصبحت فتنة واحدة كبيرة
يدخل فيها كل سكان هذا الكوكب، ويساهم بها الجميع، إلا النادر النادر منهم ممن
اعتزل الناس وأغلق باب بيته على نفسه وعياله، ورغم ذلك دخلت الفتنة اليه في داره
بفضل الاعلام والتقدم العلمي وبفضل الحروب التي توزعت في كل مكان
يبدوا أنه لا تكرار في التجلّي الإلهي
أبدا أبدا، فتلك المشاعر والصور والأحداث التي جرت على ظهر ذلك الكوكب كانت لبعض
صور تجليات علم الله التي تجلى بها من خلال أحداث هذه القصة على هذا الكوكب
وحيث أنه لا تكرار في التجلّي فقد وصلت
الامور لمرحلة التغيير في وجهة سير نقطتي الخط البياني لهذه التجربة، نقطة الخير
ونقطة الشر
فجميع الاحداث التي جرت على هذا الكوكب
كانت تجري بين الخير والشر، فأينما وجدت الخير سائدا وجدت الشر معه ينافسه ويريد
أن يحل محله، وأينما وجدت الشر وجدت الخير معها ينافسه ويريد أن يحل محله، فهما
صنوان لا يفترقان
ولكن الامور وصلت كما قلنا لعدم التكرار
وبدأت ترتفع وترتفع لتلك النقطة التي سيفترقان بها عن بعضهما البعض لتبدء تجليات
الانفصال والتباين بينهما
فتجليات تجربة خير لا شر معه ستبدء
بالظهور
وتجليات شر لا خير معه ستبدء بالظهور
أيضا وبنفس الوقت
لكن بشكل منفصل لا اختلاط بينهما أبدا،
فتجربة خير محض في عالم منفصل
وتجربة شر محض في عالم آخر منفصل
ومن كلا التجربتين ستبدء مشاعر جديدة
وصور تجليات جديدة بالظهور والحركة
في فترة المخاض تلك وفترة الانفصال
والتباين بين الخير والشر حصل سكان هذا الكوكب على بعض المساعدة لكي يختاروا
ويقرروا في أي تجربة يريدوا أن يكملوا طريقهم بها، هل في تجربة الخير أم في تجربة
الشر
ولكن يجب أن نتذكر هنا أن مسألة الخير
والشر هي مسألة نسبية قبل كل شيء،
فالذي اختار لنفسه طريق معين هو بالتأكيد لأنه يراه جميل وحسن قد اختاره لنفسه، فلا يوجد هناك من يريد ويختار لنفسه الطريق الصعب أو الاختيار القبيح، فالجميل هو ما ستختاره لنفسك كيفما تراه والقبيح هم ما ستفضل أن تبتعد عنه
فالذي اختار لنفسه طريق معين هو بالتأكيد لأنه يراه جميل وحسن قد اختاره لنفسه، فلا يوجد هناك من يريد ويختار لنفسه الطريق الصعب أو الاختيار القبيح، فالجميل هو ما ستختاره لنفسك كيفما تراه والقبيح هم ما ستفضل أن تبتعد عنه
وتلك الفتنة الكبيرة التي سيساهم بها
الجميع ويعيشونها بكل جوارحهم هي من أجل ذلك الهدف تحديدا
فهي مصممة بحيث أن الجميع يرى فيها ما
يريده لنفسه،
فقد يُريني قادة تلك الفتنة أن الجنة هي
النار
وقد يُظهروا ويصوّروا لي النار بها
وكأنها هي الجنة
فكلا الطرفين سيعتقد أخيرا وبعد حصول
التمايز أنه قد اختار الجنة فعلا
وأنه قد هرب من تلك النار التي دخل
الآخر بها
بمعنى آخر أن كلا الفريقين دخل أخيرا ما
يعتقد أنه عالم الجنة الأرضية والعالم المثالي المناسب له
هنا أتكلم عن العالم الذي تميّز الخير
والأخيار به، وبه حصلوا على مساعدة من جهات عليا هبطت عليهم من السماء بأطباق
طائرة أو سفن فضائية كبيرة، ففتحت لهم أبواب العلوم والمعرفة والفهم ونبهوهم
لقدرات كبيرة كانت موجودة بهم أصلا ولكنهم كانوا غافلين عنها بسبب تلك الفتن وتلك
الصراعات التي كانوا يعيشون وسطها
وشيئا فشيئا بدء الناس ينتبهون لأنفسهم
ولحقيقة وجودهم ولتلك القدرات الربانية المجعلوة فيهم لكنهم كانوا عنها غافلين،
وشيئا فشيئا بدؤوا بعضهم باستعمالها وبدأت تنتشر بينهم بالتدريج فعملية التصديق
بذلك هي أصعب مرحلة لتفعيل تلك القوى النفسية
بدأت تلك العملية تظهر على يد من نزلوا
بتلك الاطباق الطائرة من السماء ثم بدأت تنتشر بين أصحابهم المقربين ثم بدأت دائرة
التصديق بفعل تكرار المشاهدة وتكرار القول الامكانية بالمشيئة فقط تتسع شيئا فشيئا
وأخذ عدد الذين صدّقوا بذلك قلبا وقالبا يزداد مع الأيام ويزداد حتى انتشر أخيرا
بين جميع الناس في ذلك الكوكب
في بداية الأمر بدأ الناس بتلك القوى
الجديدة بعلاج أنفسهم من الأمراض والعاهات ثم اكتشفوا أنهم لم يعودوا بحاجة للعمل
والشقاء من أجل العيش أو رفاهية العيش، فبفضل هذه القوى الجديدة أصبح الجميع
مرفهين وبدأت المشاكل والنزاعات النفسية البسيطة تخف وتختفي آثارها من بين الناس
وبعد مدة من الزمن انتقلوا لمرحلة أخرى
جديدة في مسيرتهم هذه، لقد بدؤوا بتحسين صورهم وأشكالهم وأجسامهم بالطريقة التي
أحبوا أن يكونوا عليها فأصبحوا يتصفون بصفات بدنية جميلة وخارقة الجمال حدّ الكمال
وكيفما كانوا يتصورون ذلك الكمال
أجمل البيوت وأجمل الصور وأجمل حياة
توفرت لهم بلا مجهود يذكر وبلا تعب يوُصف، لقد امتدت أعمارهم طويلا حتى أن واحدهم
كان يرى أبنائه وأحفاده وأحفاد أحفاده وأحفاد أحفاد أحفاده، حتى أنه كان الواحد
منهم يرى ألف حفيد وحفيد من ذريته، وكلهم شباب وكلهم أصحّاء وكلهم حيوية وقوة ونشاط
أصبح الاحفاد يقرؤون ويسمعون قصص تلك
الصراعات التي كانت تجري على الأرض وكأنها قصص ألف ليلة وليلة، وكثيرا ما كانوا
يضحكون من مضامين تلك القصص ويتعجبون كيف أن الناس كانوا في غفلة عن تلك الحقيقة
الواضحة الجليّة التي كانوا يعيشون وسطها، وكيف أنهم كانوا يعتقدون أنهم ضعفاء رغم
كل تلك القوة الربانية الكامنة في كل واحد منهم وكيف كانوا يعتقدون أنهم منفصلون
عن العقل الكوني وعن خالقه وخالقهم جميعا
هل هذا معقول؟
هل من الممكن أن يعتقد أحد من البشر أنه
منفصل عن خالقه وأن خالقه لا يحبه وأنه خلقه للعذاب والشقاء؟
هل من الممكن أن ينحدر الفكر البشري
لهذا المستوى الهابط؟
هل كل ذلك ممكن وحقيقي؟
أم انها مجرد قصص وروايات واساطير
انتقلت لهم من لسان الى لسان الى لسان حتى وصلت لهم أخيرا وقد تعرضت للتحريف
والمبالغات على طول الخط؟
حينها رفعوا أنظارهم للسماء، وقرروا أن
يتنقلوا بين النجوم والكواكب والشموس بحثا عن حضارات لا زالت في طور نشوئها وتطورها
طبعا هم حينها لم يكونوا محتاجين لسفن
فضائية لكي تنقلهم من كوكب الى كوكب الى كوكب، فيكفيهم أن يريدوا أن ينتقلوا لأي
مكان حتى يجدوا أنفسهم فيه، وفي بداية الأمر فعلوا ذلك ولكنهم كثيرا ما وجدوا
أنفسهم وسط أقوام غريبة عليهم وهم بدورهم غرباء عليهم فسببوا لهم بذلك الكثير من
المشاكل وأحيان كثيرة أثاروا في تلك الحضارات البدائية الفزع والهلع والفوضى
فلذلك السبب ولسبب كثرة أسفارهم أيضا ولطول
بقائهم في السماء وهم يتنقلون بين الكواكب والاقمار والشموس يبحثون عن حضارات
جديدة وقديمة ويتمتعون بكل ما اطلعوا عليه من قصصها وأحداثها، وبمن تعرفوا عليهم
من تلك الحضارات قرروا أخيرا أن يتخذوا لهم سفن أو أفلاك فضائية تعتبر جزء منهم
ومن نفس ذبذباتهم ومتصلة بوعيهم لتوحي لهم بالمكان
فهم عندما يقفون خارج كوكب ما لمراقبته
من الخارج يفضّلون أن يكونوا موجودين في حيز ما حتى ولو كان صغيرا، وليس كأشباح
تقف في جو الفضاء عارية من أي سقف يضلها، رغم أنها تستطيع ذلك وكل سهولة،
وهنا أوجدوا لهم فكرة الطبق الطائر او الفلك السماوي كامتداد لهم ولوعيهم ومن نفس ذبذباتهم يطيرون ويطوفون به العالم الفسيح ليبعد عنهم وحشة المكان
وهنا أوجدوا لهم فكرة الطبق الطائر او الفلك السماوي كامتداد لهم ولوعيهم ومن نفس ذبذباتهم يطيرون ويطوفون به العالم الفسيح ليبعد عنهم وحشة المكان
يمكنكم أن تقولوا أن الطبق الطائر او
الفلك السماوي أصبح جزء من جسدهم ووجودهم، أو امتداد لأجسادهم، جزء اخترعوه
لأنفسهم من أنفسهم يرتبط به برابط روحي ويتواصلون معه تماما كما تتواصل أنفسهم
العليا معهم
فإذا أرادوا الانتقال من مكان الى مكان
وأرادوا أن يصحبوا معهم من يشاؤون لم يحتاجوا الى أكثر من أن يريدوا منه أن يحضر
ليحضر من فوره بين يديهم وليقوم الطبق الطائر حينها بتحقيق ذلك الانتقال المطلوب
تماما كما وأينما أراده صاحبه، فهو طوع إرادتهم تماما كما لو اراد الانسان تحريك
يده أو أي عضو آخر منه، فهو لا يحتاج حينها الى أكثر من أن يشاء ويريد تحريكها
لتتحرك اليد حينها ومن فورها لتحقيق تلك الحركة المطلوبة، وكذلك الفلك السماوي أو
الطبق الطائر، فقد أصبح حينها جزء لا يتجزء من صاحبه، إسمه من اسمه وفعله من فعل
صاحبه وحركته دليلا على حركة صاحبه وارادته، وذبذبته من ذبذبة صاحبه أيضا
فأذا أراد صاحبه منه أن يختفي اختفى،
وإذا أراد منه الظهور ظهر، فهو جزء حيّ لا يتجزء منه، ويعمل بإرادته لا بإرادته
هو، وهو أصلا لا يملك ارادة منفصلة عن صاحبه، فهو لا يريد حينها ألا ما يريده
صاحبه، وهذا سيكون معناه أنه إذا أراد الحركة فذلك لأن صاحبه أراد تلك الحركة وإذا
أراد السكون أو الظهور أو الاختفاء عن الأنظار فلأن صاحبه أراد ذلك
وفيما قرر بعض الاحفاد والابناء والآباء
على هذا الكوكب أن يطوفوا السماوات بحثا عن حضارات قديمة أو جديدة تنتشر في عرضها
وطولها، لم يثر الفضول البعض الآخر منهم، فارتأوا أن يستقروا في الكوكب حتى حين،
وخلال استقرارهم به عملوا على تجميل مساكنهم وبيوتهم بأجمل ما كانوا يتخيلون صورة
الجمال، ووسيلتهم لذلك كانت مشيئتهم وإرادتهم فقط،
لقد تبدلت صورة هذا الكوكب عدة مرات
ومرات ومرات تبعا لمقدار وهيئة تطور مفاهيم ومعايير الجمال عندهم، وأيضا بمقدار
تطور قوة رغباتهم تطورت وسائل وأشكال المتع التي كانت تلبي لهم حالة اشباع تلك
الرغبات الجديدة والمتعاظمة
لقد تبدلت صور بيوتهم مرات ومرات كثيرة
حتى تحولت لقصور مرصعة بما شاؤوا من الجواهر والاحجار الكريمة، وكان بعضها معلق في
الهواء، وبعضها فوق رؤوس الجبال، وبعضها يجري مع الغيوم
أمّا الانهار فلم تعد تجري على الأرض
فقط، بل اصبحت تجري في الهواء، طبقات فوق طبقات، وأنهار فوق أنهار، وإرادتهم
ومشيئتهم كانت هي من تمسكها من الوقوع أو الزوال أو التشتت
قصور مبنية وفوقها قصور معلقات في جو
السماء،
وانهار تقطع مروج الورود ذهابا وإيابا
وفوقها أنهار أخرى تجري صعودا ونزولا،
وجنات تغطي مروج هذا الكوكب وفوقها تجري
جري الغيوم جنات أخريات،
وهم قد بلغوا حينها بأجسادهم من الجمال
لأبعد ما أمكنهم تصور وتخيّل نفس الجمال، فنفس معايير الجمال عندهم كانت تتبدل مع
مرور الأيام، ومع كل اختلاط جديد لهم بحضارة جديدة من مختلف تلك الحضارات المنتشرة
في أرجاء الكون، والتي أصبحت تزورهم وأصبحوا يزورونهم
وانفتحت لهم أبواب تلك العوالم التي
كانت غائبة عنهم، وهم بدورهم انفتحوا عليها بوعيهم الجديد، فأصبحوا يتزاورون فيما
بينهم ويتبادلون المعارف والخبرات والأذواق كيفما أرادوا واشتهوا
لقد أدركوا حينها المعنى الحقيقي لمعنى
"لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم" وكيف أنهم كانوا بفعل نسيانهم
وغفلتهم وسوء ظنهم في "أسفل سافلين"، فالتقويم الأحسن هو التقويم
المكتفي والقادر ذاتيا على تحقيق وتلبية جميع مطالب صاحبه متى، وكيفما، وأينما،
وحالما ،وكلما شاء وأراد صاحبه وهذا هو التقويم الأفضل الذي كانو غافلين عنه،
واستمروا على تلك الحالة الجميلة لمدة
طويلة من الزمان
لكن الرغبة باكتشاف السماوات وعوالمها
كانت أقوى منهم جميعا، فأخذت تسحب أفراد هذا الكوكب شيئا فشيئا لداخل أعمق أعماق
الكون السحيق، حتى أدرك من كان قد بقي منهم على سطحه أن لحظة هجرانهم لهذا الكوكب
نهائيا من غير رجعة أصبحت وشيكة وقريبة جدا ولا يمكن لهم تفاديها أبدا،
فأحبوا حينها أن يتركوا على ذلك الكوكب
أثر لهم لا يزول بسهولة مع مرور الايام والسنين الطويلة،
أثر لا يمكن لعوامل التعرية والانواء
الجوية والعواصف والزلازل أن تؤثر به تأثيرا كبيرا أو صغيرا، أثرا يدوم لأطول مدة
ممكنة على هذا الكوكب فيزورونه كلما مروا عليه ليتذكروا معها ذكريات وأحداث كثيرة
عاشوها وعاصروها عليه،
هنا كنا نلعب، وهنا سكنّا، وهنا كنّا
نتسامر ونتلاعب، وهنا خطى أطفالنا وأحفادنا أول خطواتهم، وهنا وهنا وهنا
أحبوا أن يتركوا علامة لهم، ودليلا لمن
قد يزور هذا الكوكب فيما بعد، أو ربما سيعيش عليه في المستقبل ويستوطنه، دليلا على
أن عِرقا ذكيا، وحضارة كبيرة وقوية، كانت في يوم من الأيام تستوطن هذا الكوكب
وكانت متقدمة في علومها وامكانياتها وحضارتها
فبحثوا في المواد فاختاروا منها الذهب
والحجارة الصلبة الشديدة، فلا هذه تتفاعل مع البيئة الباردة إذا حفظت معزولة وبشكل
جيد، ولا تلك تبلى إثر العواصف والحرارة، أو إثر احتكاك حبيبات الغبار والرمال
بها، ومنهما صنعوا آثارا كبيرة وصغيرة، ونحتوا رموز حضارتهم وخلاصة علومهم
وقدراتهم وأهم انجازات حضاراتهم على جدران وصفحات تلك الآثار
وأخيرا حانت تلك اللحظة التي وقفت بها
آخر تلك المجموعات التي كانت لا تزال تقطن ذلك الكوكب، وقفت في سفنها الفضائية
الكبيرة تنظر نظرة الوداع لجنّاتهم الجميلة وقصورهم المعلقة الفاخرة وانهارهم
اللذيذة والتي بنوها وأوجدوها لأنفسهم من العدم وفقط بإرادتهم ومشيئتهم، ثم حافظوا
عليها جميلة ويانعة وقوية بنفس مشيئتهم تلك التي بنوها بها ابتداءا، فحافظوا عليها
طوال وجودهم على هذا الكوكب الذي تحول الى جنة جميلة من جنان الكون الفسيح، وها هم
يهجروه أخيرا ليطوفوا في أرجاء الكون الفسيح كما فعل بقية أبناء جنسهم من قبل
مرتفعة شيئا فشيئا تحركت سفنهم الفضائية
ببطء شديد وكأنهم يريدون للحظة الفراق تلك أن تطول وتطول لأكثر ما يمكنهم إطالتها،
ولكن ومهما طالت تلك اللحظة وطالت وأرادوا إطالتها، فإنهم اجتازوا أخيرا الغلاف
الجوي وبدأت صورة كوكبهم وأقماره تصغر وتصغر وتصغر حتى اختفى أخيرا من مجال نظرهم
الطبيعي، وحينها وبلمح البصر انتقلوا الى حيث أول محطة لهم في رحلتهم الكونية
اللانهائية
أمّا كوكبهم فبمجرد رحيلهم عنه بدأت
قصوره وجناته وأنهاره تتهاوى تباعا وشيئا فشيئا، فتلك الارادات والمشيئات التي
كانت تمسكها من أن تقع على الأرض بدأت تنساها وتغفل عنها شيئا فشيئا، وهي بدورها
مع كل نسيان وغفلة لها كانت تتهاوى وتتهاوى، فأصحابها قد انشغلوا عنها بمتع أخرى،
أجمل، وأمتع، وأكثر إثارة للحواس والخيال، في عوالم أخرى، وكواكب أكبر وأجمل، رأوا فيها منذ أول لحظة لهم عليها ما لم
تراها أعينهم من قبل، وما لم يخطر لهم على بال
لقد تهاوت أخيرا جميع تلك الجنائن
المعلقة، وتهاوت معها جميع تلك القصور المنيفة، وتحولت قبلها جميع تلك الأنهار
المعلقة والجميلة الى أمطار غزيرة، فأرباب تلك الأرض هجروها ونسوها ولم يعد هناك
من يهتم لأمرها، فبدأت عوامل البيئة والتعرية حينها تأخذ مجراها الطبيعي مرة أخرى،
ليعود معها قانون الغاب ليحكم من جديد بين تلك الحيوانات التي كانت إلى عهد قريب
متحابة ومتآلفة بسبب وجود أرباب ذلك الكوكب عليه، ولكن وبمجرد أن غادروها بدء صراع
وقانون الغاب القديم بالظهور فورا ومن جديد بين سكان تلك الغابات والأشجار
والانهار لتبدء معها دورة حياة جديدة منتظرة من سيبدء على سطح هذا الكوكب قصة
جديدة وربما لصراع جديد على سطح هذا الكوكب الصغير
مرت عليهم حتى الآن فترة من الزمان
قدرها بعضهم بمليون وبعضهم الآخر قدرها بمليونين من السنين أو أكثر من ذلك منذ أن
هجروا ذلك الكوكب الذي كانوا يقطنونه، وتحديدا لا أحد منهم كان يعرف كما كانت هي
المدة التي مضت عليهم وهم في نعيم مقيم من جنة كوكب إلى جنة كوكب آخر وآخر وأخر،
وفي كل جنة منها كانوا يرون ما لم تراه أعينهم من قبل وما لم يخطر لهم على بال
لقد استطاع سكان ذلك الكوكب أن يقيموا
بينهم رابط روحي واتفقوا أن ينتقلوا في حركة ترحالهم بشكل جماعي من جنة الى جنة
الى جنة فمدة هنا ومدة هناك ومدة في غيرهما، فمن زهرة الى زهرة ومن شجرة الى شجرة
ومن نعيم الى نعيم، غير أن زوج منهما كانا قد شعرا ببعض الملل فقررا أن يترك
البقية لفترة ويذهبا للبحث في الكون الواسع الكبير عن شيء غير النعيم والملذات
ربما يدفعا به ذاك الملل الذي شعرا به
وحينها استمرا يجوبان الفضاء ويزوران
الكواكب يبحثان فيها عن شيء يثيرهما، لكنهما ورغم طول حركتهما وبحثهما لم يجدا
شيئا يثيرهما أو يجلب انتباههما، مجرد كواكب هنا وكواكب هناك وشموس مبعثرة هنا
وهناك
كيف لهذا أن يكون؟ لماذا هذه الكواكب
فارغة؟ لماذا لا يوجد مخلوقات عليها؟ هل من المعقول أنها خُلقت عبثا من دون سبب؟
لا أصدق ذلك، كيف لذلك أن يكون؟ وووووووووو
كل تلك الأسئلة والآلآف مثلها جالت في
رأسيهما بعد أن شعرا باليأس وهما يبحثان عن حياة من نوع ما، حتى وقفا أخيرا على
مشارف أحد الكوكب المهجورة وأخذا يفكران ويفكّران ويفكران ويبحثان بين طيّت
أفكارهما عن أجوبة مقنعة لهذه الاسئلة الحائرة
وفيما كانت سفينتهما تقف بصمت في الفضاء
الواسع ونظرهما يغوص في أعماق الكون الرحب وأفكارهما تنتقل بسرعة من فكرة الى فكرة
إلى فكرة، ظهرت فجأة سفينة كبيرة أمامهما وبدأت تخاطبهما تخاطريا بلسان صاحبها
** ماذا تفعلان هنا؟
// نتجول في هذا الكون الفسيح
** وهل تبحثان عن شيء معين؟
// نعم نبحث عن شيء نزيح به شعور أزعجنا
لم نشعر به من قبل
** وهل وجدتما ما تبحثان عنه؟
// كما ترى نقف وحيدين في هذا الفضاء
الواسع وها أنت قطعت الآن علينا هذه الوحدة
** وهل أنتما متأكدان من أنكما كنتما
تقفان وحيدين في هذا المكان؟
// هذا ما بدا لنا
** حسناً، أنظرا الآن مرة أخرى
في تلك اللحظة ظهرت من حولهما آلآف
المركبات الفضائية تقف ساكنة في الفضاء وتحيط بالكوكب من كل جهاته
// آهآآآآآ، ومن أين ظهرت جميع تلك
الصحون الطائرة؟
** نقف هنا منذ مدة ليست بالطويلة
// وماذا تفعلون جميعكم هنا ولا يوجد
شيء على هذا الكوكب؟
** للتو كنتما تعتقدان أنكما لوحدكما
بهذا الفضاء ثم اتضح لكما أنكما كنتما مخطئان وأننا جميعا كنّا من حولكما بدون أن
تشعران، فما الذي يجعلكما مطمئنان الى أنه لا يوجد شيء على هذا الكوكب؟
// أعتقد أنك محق بهذا، فمن أين لنا هذا
الاطمئنان من أنه لا يوجد شيء على هذا الكوكب،،، ولكن ،،،، هل يوجد فعلا شيء عليه؟
** نعم يوجد الكثير عليه، توجد حضارة
كاملة بكامل قصصها تجري عليه في هذه اللحظة
// حضارة كاملة؟
** نعم حضارة كاملة؟
// وماذا تفعلون أنتم هنا إذن؟
** نحن نساهم ونشارك بإخراج أحداث هذه
الحضارة للوجود
// تساهمون بإخراج أحداث هذه الحضارة
للوجود؟ وكيف يكون ذلك؟
** لا بد أنكما تعرفان بوجود عالم أمر
وعالم خلق، وأن عالم الأمر يشرف على عالم الخلق ويسيطر عليه
// نعم نعرف ذلك وإن كنّا لا نزال لم
ندرك معنى ذلك كاملا، ولكننا نعرف أنه يوجد لنا أنفس عليا تدبّر أمورنا كلها
وترتقي بنا شيئا فشيئا
** حسنا لقد حجزت لكما أنفسكما العليا
دورا لتلعبانه في اخراج الأحداث والمجريات والمشاعر المختلفة من هذه الحضارة
// هل تقول أن نفسينا العليتين حجزتا لي
مكانا في هذه الحضارة؟
** نعم هذا ما قلته لكما
// كيف ومتى؟
** من قبل أن تبدء أول أحداث هذه
الحضارة، فحينما تقرر النفوس العليا المربية والمسيطرة علينا من المستويات الروحية
الأعلى أن تبدء قصة حضارة جديدة فإنها تكتب جميع أحداث وصراعات وفتن هذه الحضارة
الجديدة وأهدافها وغاياتها وشخصياتها أيضا
// وما الهدف من هذه العملية؟
** يوجد لها عدة أهداف، منها هدف
للمشاركين بها وهدف آخر للنفوس العليا على مختلف مستوياتها وهدف للعقل الكوني الذي
يدير العملية بكاملها وهدف للذي خلق هذا العقل الكوني
// وما هي تلك الأهداف؟
** أمّا هدف العقل الكوني فهو إظهار
جميع الاحتمالات الممكنة منها، سواء جميع المشاعر الممكنة، أو جميع القصص الممكنة،
أو جميع الصور الممكنة، بل وكل ذلك مجتمع وبنفس اللحظة، فإجمالا هدف العقل الكوني
هو إظهار جميع ما هو ممكن ظهوره على مختلف المستويات
// وما هو هدف خالقه إذن؟
** إن عِلم خالقه هو علم إجمالي مكنون
لا تفصيل به، وبتعبير آخر: إن علم خالقه ليس علم حضوري، وظهور العلم الحضوري من
المكنون لا يكون الا بظهور كامل تفاصيله الكبيرة والبسيطة والابسط منها مع جميع
المشاعر والأحاسيس الممكن ظهورها من خلال تلك التفاصيل، سواء الصغيرة او الكبيرة
او الاكبر، وهنا يكمن دور العقل الكوني في إظهار العلم المكنون من المُكونِ الى
الحضور
ولا تتوهما أن خالق العقل والعقل شيئان
مختلفان لتقولا وهل يحتاج خالق العقل للعقل لكي يشعر بعلمه حضوريا، ولتقولا لي بعد
ذلك مُنكرين: كيف تقول أن الخالق محتاج وهو لا تصحّ عليه صفة المحتاج او الاحتياج؟
فأي نعم إن العقل الكوني هو مخلوق من
مخلوقات الخالق، ولكنه يُعتبر امتداد ظلّي له، تماما كما أنكما مجرد امتداد ظلّي
لنفسكما العليا، ولو أرادت نفسكم العليا إعدامكما وإفنائكما لفعلت ذلك قبل أن يرتد
بصركما إليكما،
وتماما كما أنكما بكامل وجودكما بكل
تفاصيله معلولان لنفسكما العليا، فكذلك هو العقل الكوني أيضا، فهو معلول في كامل
وجوده وبكل أحواله لخالقه، ولو أراد خالقه إعدامه وإفنائه لفعل ذلك قبل أن يرتد
إليه فكره،
ولذلك أقول لكما ان خالق العقل الكوني
ليس بحاجة اليه وأن العقل الكوني ليس غير خالقه
فهدف خالق العقل الكوني من خلقته للعقل
الكوني هو لكي يعرف نفسه حضوريا
وهدف العقل الكوني هو أن يُظهر جميع
الاحتمالات الممكن ظهورها، فهو بذلك يكون قد حقق مرام خالقه من خلقه له، وأمّا هو،
فهو شخصيا لا هدف له في وجوده سوى أن يكون عبد مجتهد في خدمة خالقه في اظهار جميع
الاحتمالات الممكنة، فهو عبد لخالقه في المقام الاول، وهو كذلك رسوله لجميع
المخلوقات او لجميع الاحتمالات والمشاعر والاحاسيس التي ستظهر من خلال نفس وجوده
هو
أمّا النفوس الأعلى فهي تُعتبر امتداد
لنفس العقل الكوني، وهدفها من هدفه هو
أما النفوس العليا على مختلف مراتبها
فجميعها تعيش تجربة التكامل، ومعها ومن خلالها وبواسطتها ستظهر جميع المشاعر
والأحاسيس المحتملة من حالة العلم المكنون الى العلم الحضوري
// جميل ما تقوله ولاكن يشغل بالنا سؤال
وهو هل أنت متأكد من أننا مكتوب لنا أن نشارك في أحداث هذه الحضارة التي تقول أنها
موجودة على هذا الكوكب ولا نراها؟
** نعم بالتأكيد، فاسمكما مكتوب عندي في
سجل المشاركين
// اسمينا مكتوبان عندك وصدف أننا خلال
تجوالنا في هذا الكون الفسيح وقفنا هنا تحديدا؟
** لا تتعجبا من هذا الامر فنفسكما
العليا تستطيع أن تؤثر عليكما بأكثر من ذلك بكثير، ولكنها لا تتداخل معكما الا حين
تريد أن تخوض معكما تجربة جديدة، وبما يفيدكما، وحينها ستتداخل معكما بالمقدار
اللازم فقط وليس أكثر من ذلك، وهنا هي من أوحت لكما بالسأم ودفعتكما للخروج وحيدين
لتطوفا الفضاء الكوني الواسع بحثا عن شيء لا تعرفان كنهه، وحينما وصلتما أخيرا
لهذا المكان الذي تريدكما أن تصلا اليه أوحت لكما بالتوقف قليلا للتفكّر والتأمل،
فتوقفتما، وها نحن نتبادل أطراف الحديث لأعرض عليكما أن تشاركانا في إخراج مكنون
علوم ومشاعر واحاسيس هذه الحضارة لحيز الوجود والامكان والظهور
// تقول إنك تعرض عليّنا المشاركة؟
فهل لنا الخيار في رفض أو قبول ما تريده
نفسنا العليا و خططت له ؟
** بالتأكيد يمكنكما ذلك، فلا بد أنّكما
تعرفان أنه لا يوجد شيء في هذا الكون كله يتم بالإكراه الكامل، أو بالاختيار
بالكامل، وأن جميع ما يجري ما بين دفّتي هذا العقل الكوني الجامع هي أمور تترجح في
وجودها ما بين الجبر والاختيار
فمثلا أنتما لا خيار لكما في نفس
وجودكما وظهوركما لكنكما تشعران أنكما مختاران في أن تفعلا بنفس وجودكما ما
تشاءانه، كما أنكما مجبران على أن تكونا حري الإرادة ولكن حرية إرادتكما نفسها
مقيدة بأنظمة ومقادير مختلفة ويمكنكما أن تقيسا على ذلك أيّ حرية ترياها أو
تميّزاها وكل جبر تريانه وتميّزانه
// حسنا قلت أن اسمينا مسجّل عندك في
المشاركين في إنشاء وإظهار حضارة هذا الكوكب، فلماذا لم نرى عليه سوى الحجارة
والصخور؟ أم هل سنكون من أول المشاركين في بداية الحضارة عليه؟
** حسناً، أنتما تعتقدان أن هذا الكوكب
مجرد حجارة ورمال، أليس كذلك؟
// أليس هو كذلك؟
** كلا، إنه ليس كذلك
// وما هو إذن؟
** إنه مخلوق حي، ونفس عليا عظيمة، أعظم
منك كنفس وأعظم من نفسك العليا القريبة أيضا، ولكن صورته التي اختارها لنفسه
وركبته نفسه العليا عليها في العقل الكوني هي صورة هذا كوكب، تماما كما ركبتكما
نفسكما العليا كنفس جزئية على صورة إنسان، واستطعتما أنتما بعد ذلك وبمعونة نفسكما
العليا أن تبدّلا من صورتكما كيفما شئتما، ثم بعد ذلك لأن تزيد لصورتكما صورة هذا
الطبق الطائر ليصبح جزء لا يتجزء منكما، فكما أنت فكذلك هذا الكوكب، فهو نفس حية
على صورة كوكب
// وماذا سيزيد ذلك على أكثر من كونه
كوكب أجرد سوى من الحجارة والرمال
** صبرا ولا تستعجل النتائج
// حسنا سأفعل ذلك
** ألست أنت نفس حية ولك حرية الاختيار؟
الجواب هو بالتأكيد نعم. وألا ترى أنك تستطيع أن تُظهر نفسك لمن تشاء وتخفي نفسك
عمّن تشاء؟ والجواب هو أيضا نعم. وألا ترى أنك تستطيع أن تبدل صورتك كيفما تشاء؟
والجواب هو أيضا نعم.
فكما أنك الآن وكنفس جزئية في بدء حركة
تكاملها وتطورها تستطيع أن تفعل كل ذلك بمشيئتك، فإن النفس التي هي أصل صورة هذا
الكوكب تستطيع فعل كل ذلك أيضا بمشيئتها، فهي كنفس تستطيع أن تُظهر نفسها لمن تشاء
كيفما تشاء، تذكر أن كل هذا الوجود هو وجود عقلي، ونفس الوجود هو عقل كوني
// هل تقصد أن لهذا الكوكب الآن صورة
أخرى تختلف عن التي رأيتها؟
** نعم، هذا هو تمام ما قصدته
// صورة كاملة لحضارة كاملة بكل ما فيها؟
** نعم صورة كاملة لحضارة كاملة بجميع
أحداثها وصراعاتها وشخصياتها
// ومتى سنستطيع أن نرى ما تصفه لنا؟
** أستطيع الآن أن أجعلكما تريان جميع
ما يوجد هناك، ولكنني أضمن لكما أنكما لن تفهما منه شيئا، ولن تستطيعا أن تميّزا
الحدود المختلفة للأشياء، وسيبدو لكما كل شيء وكأنه ألوان مختلطة مع بعضها البعض/
أمّا الأصوات فستبدو لكما وكأنها ضجيج في ضجيج
// ولماذا؟
** أولا: لأنكما نسيتما تقريبا كيف هو
الشعور بمختلف المشاعر المتضاربة وبنفس الوقت، فلقد مرت عليكما فترة طويلة جدا
وأنتما تعيشان في نعيم وانسجام مع نفسيكما وبدون أي تناقضات داخلية أو خارجية
وثانيا: لأن طبيعة الالوان والاصوات
والصور التي تعودتما عليها منذ فترة طويلة تختلف تماما عن تلك التي سترياها
وتسمعاها
وثالثا: إنّ طريقة التواصل بين أفراد
وشخصيات هذه الحضارة تختلف تماما عن أي طريقة يمكنكما أن تتخيلاها، فأنتما
ولِدْتَّما وعشتما في كوكب كان أهله يتّصلون به مع بعضهم البعض تخاطريا، تماما كما
نفعل أنا وأنتما الآن، بينما تجري الامور على هذا الكوكب بطريقة أخرى مختلفة تماما
ولن تستطيعا أن تفهماها أو أن تُدرِكاها بسهولة، خصوصا بعد كل ما ذكرته لكما من
الاسباب مجتمعة
// وكيف سنستطيع إذن من أن نساهم في
تشكيل وتصوير أحداث هذه الحضارة أو بإخراج المشاعر والاحاسيس من المكون الى الحضور
من خلال المشاركة بها ونحن لا نستطيع كل ذلك أو حتى أي شيء من ذلك؟
** لا تقلقا ولا تستعجلا فسوف تتعلما
ذلك خطوة بعد خطوة، وسيوجد هناك دائما ومع بداية كل خطوة تبدآها من سيعلمكما كيف
تفعلا ذلك، وأيضا عند نهاية كل خطوة منها، فأنتما الآن في بداية مرحلة جديدة من
مراحل تطوركما وتكاملكما وتعاظم وجودكما، وستجدان دائما من سيعينكما في بداية كل
مرحلة جديدة
وفي هذه المرحلة ستتعلمان كيف يصبح كل
واحد منكما نفس عليا لنفس أخرى ستشتقّانها من نفسيكما ووجودكما وطاقتكما ووعيكما
ليكونا امتدادا لكما ولوجودكما يعيش على هذا الكوكب رغم أنهما سيشعران بأنهما
شخصيتان مستقلتان، الامر قريب وشبيه لجعلكم لهذا الطبق الطائر جزءا منكما وامتدادا
لكما، أمره من أمركما ومشيئته هي من مشيئتكما، وفعله هو من فعلكما وذبذبته هي من
ذبذبتكما، ولكن هذه المرة سيعيش هذه الامتداد الجديد لكما حالة الانفصال وعدم
المعرفة بتلك الرابطة الدائمة التي تربطه بكما وبالاتصال الدائم معكما، ومن كونكما
النفس العليا لهما، ومن كونهما مجرد امتدادا لكما يعيش في وسط هذا العالم
// أنا سأصبح نفس عليا؟ كم هذا جميل،
آآآآآه،،،،، كم يبدو لي هذا الأمر ممتع وجميل، بل وفي غاية الجمال أيضا، أنا نفس
عليا، هههههههه، كم ان هذا مشوّق ومثير، جميل وجميل وجميل جدا ما اختارتيه لي يا
نفسي العليا لتبعدي به السأم والضجر عني، فشكرا لكِ شكرا
** حسناً، حيث أنكما حُرّين بالاختيار
سنبدء قبل كل شيء بتحديد الجهة التي تريدان أن تتجندا لجانبها أنتما وامتدادكما
الجديد في حركة الصراع على هذا الكوكب
+// هل تقصد أن نفسي العليا لم تحدد تلك
الجهة التي جندتني لها حين حجزت لي مكان في هذا الصراع
** بالتأكيد هي حددت الجهة التي تتوقع
أنك سترغب بها، ولكن هذا شيء يجب أن تختاره أنت قبل كل شيء، فأنت من ستعيش هذا
الاختيار ونتائجه وصوره من خلال امتدادك الجديد، وهذا لا يعني أن اختيارك للجهة لن
يكون مثل ما اختارته هي لك، بقدر ما سيعني أنها وبحكم أنها أقرب إليك من حبل
الوريد قدّرت أنك ستختار التجنّد مع الجهة الفلانية وليس الاخرى في هذا الصراع،
فهي حددت المكان والجهة التي تتوقع أنك ستختارها، ولكنك إن قررت أن تختار الجهة
المقابلة فالأمر لك أولا وأخيرا، ويوجد هناك دائما حل آخر، فلا تقلق واهتم
بالاختيار فقط ولا تفكر بأي شيء آخر
+// حسناً، كيف سأستطيع تحديد الجيد
منهما من السيء لأختار من بينهما ما أريد معايشته؟
** لن تحصل مني على أي حكم سلبي أو
إيجابي على أي طرف منهما، لأنك لن تستطيع أن تفهم قصدي لعدة أسباب، وحتى ذلك الحين
يجب عليك أن تعتمد على إحساسك الداخلي قبل كل شيء، ثم أن الامر ليس نهائي، فأنت
سيمكنك داخل التجربة وضمن نفس حركة الصراع أن تبدّل جهة اصطفافك في أي وقت تشائه
-// وما هي تفاصيل هذا الصراع
والمتصارعين إذن؟
** في هذا الكوكب سيكون هناك صراع بين
العقل والجهل أو صورتيهما الخير والشر
-// وما هو الخير وما هو الشر؟ فأنا لم
أسمع بهما من قبل؟
** بالتأكيد لم تسمعي بهما من قبل،
ولهذا قلت لكما قبل قليل أنكما لن تفهما قصدي، فأنتِ قد ولدتِ على سطح كوكب كان
الصراع فيه بينهما قد انتهى منذ زمن طويل، وطرفي الصراع كانا قد تمايزا أخيرا عن
بعضهما البعض، وعاشا بعدها في عالمين منفصلين عن بعضهما البعض، وكل حزب منهما كان
يعتقد أنه دخل الجنة وأن الآخر قد ألقي في دركات الجحيم
+// وما الجحيم إذن؟
** إنه مكان لا تشعر فيه بالسعادة أو
الراحة، وتريد دائما الخروج منه لتبحث عن شيء آخر يجلب لك حالة الاطمئنان والسعادة
والراحة
+// لا أتخيل وجود مثل هذا المكان
** لماذا؟ ألم تكن تشعر بالراحة
والسعادة حيث كنت ولكنك رغم ذلك تركت ذلك المكان وهجرته بسبب شعور غريب اعتراك؟
فتستطيع أن تقول إذن أنّ أي مكان لا تجد
الراحة به يُدعى جهنم، ومنه أن المكان الذي ستجد به راحتك وأنسك يدعى الجنة،
فالمسألة هي نسبية قبل كل شيء، وما قد يكون يوما ما جنة قد يصبح بعد ذلك جحيم تريد
الخروج منه، تماما كما حصل معك، وعلى هذا القياس فما قد يكون جحيم قد يصبح تاليا
أيضا جنة مطلوبة
+// إذن هناك قطب خير وقطب شر يتصارعان،
ونحن حتى الآن لا نعرف من منهما هو الأفضل لأننا حتى الآن كنّا نعيش في عالم أحادي
القطبية ولا نعرف أي قطب كان هو منهما، فإمّا كان كله خير وإما كان كله شر، ويجب
علينا الآن أن نعتمد فقط على ما يقوله لنا قلبنا لنختار إلى جانب أي طرف منها يجب
أن ننحاز ونتجنّد، وإذا أخطأنا الآن بالإختيار فيمكننا أن نبدّل اختيارنا داخل
التجربة فننتقل من الجهة التي سنختارها الآن الى الجهة الأخرى
فإذا كان فهمنا هذا صحيحا فما هي تلك
الأختيارات؟
** ستحصلان على بعض تفاصيل صفات الشر،
وبعض تفاصيل صفات الخير، ولكما حينها أن تختارا من بينهما ما تشاءان، واعلما أن
للشر وصفاته نفس عليا، وأن للخير وصفاته أيضا نفس عليا أخرى، وإنكما حين تختاران
أي جهة منهما فسوف تصبحان تحت إشراف وتربية النفس العليا لتلك الجهة، دعنا هنا
نقول أن النفس العليا لصفات الخير واسمهم "العقل" هي كشجرة إذا ما
اخترتماها ستستقران حينها على أحد أفرعها وأغصانها، وامتدادكما الجديد سيكون
بمثابة أحد أوراقها وستعمل شجرة "العقل" على تربيتكما لتبلغ بكما الى
حيث تريدان أن تصعدا
وأن النفس العليا "الجهل" هي
أيضا كشجرة إذا ما اخترتماها ستستقران حينها على أحد أفرعها وأغصانها، وامتدادكما
الجديد سيكون بمثابة أحد أوراقها وستعمل شجرة "الجهل" على تربيتكما
لتبلغ بكما الى حيث تريدان أن تصعدا
// وماذا بعد أن نختار الصفات التي
نريدها؟
** ستبدء رحلة اختباركما ومعايشتكما
الحضورية لتلك الصفات، وعلى شكل مراحل وكرّات متتالية، كل كرّة منها تقدر بعدد من
الأعوام وفي كل عام منها سيكون لك بها اختبار أو اختبارين لصفة أو لصفتين منهما أو
ربما لأكثر من ذلك
// وماذا سيحصل بعد ذلك؟
** ستمر بعد انقضاء تلك الأعوام وانتهاء
تلك الكرّة بفترة انتقالية ستعايش بها حقائق تلك الصفات التي استقرت في قلبك،
بمعنى أنك سترى خلال تلك الفترة الانتقالية حقيقة صفات العقل أو حقيقة صفات الجهل
التي اخترتها لنفسك في تلك الكرة أو تلك التجربة الاولى
+// وبعد ذلك؟
** بناءا على خبرتك من تلك التجربة
ستختار لنفسك بنفسك من كتاب تفاصيل الأحداث الذي كتبته النفوس العليا في المستويات
العليا، ستختار شخصية أخرى تتسم بصفات أحببتها من التجربة الاولى وصفات أخرى لم
تجربها، أو ربما أنك جربتها فعلا ولكنك تعتقد أنك تريد أن تجربها مرة أخرى بشكل
أفضل وأعمق لكي يكون حكمك عليها واقعي وحقيقي ، وهكذا من تجربة لأخرى ستعمل على
تربية تلك الشخصية بالشكل الذي تريده لنفسك ولها
// إليس في ذلك جبر؟
** جبر لمن؟ فأنتما هنا من تختاران
الصفات وأنتما من تختاران نوع وتفاصيل الاختبارات، وأنتما من تختاران لنفسكما تلك
الشخصية المناسبة لكما، ولا يوجد هناك من سيجبركما على أي تجربة أو أي شعور لا
تريدان الاحساس به، بل وأكثر من ذلك سيمكنكما داخل التجربة أن تعدلا الاتفاق
والاحداث بما سيناسبكما في كل عام من خلال اتفاقات جانبية بينكما وبين الارواح
الاخرى المشاركة معكما وبالتعاون مع نفوسكم العليا أيضا
فحين تكونا داخل التجربة وتريدان أن
تشعرا بشعور جديد أو حين تدخلان بتجربة معينة أو حتى حين تريدان أن تشعرا بمشاعر
الموت بطريقة معينة غير التي هي مكتوبة في الكتاب الأصلي فسيمكنكما دائما أن تعيدا
الاتفاق على الصورة التي ترغبانها بها، فقد تريدان أن تشعرا بالموت عبر السقوط من
طائرة أو بحادث اصطدام أو من خلال أن تموتا في معركة أو بسكتة قلبية او بمرض عضال،
فطريقة موتكما والمشاعر الناتجة منها والتي تريدان أن تشعر بها ستستطيعا أن
تحددونها بكل تفاصيلها، فكل شيء يتم هنا بالاتفاق ولا يوجد جبر بالعملية أبدا أبدا
+// حسناً، ماذا عن ذاكرتي؟ ألن يؤثر
ذلك على نوع قراراتي داخل التجربة؟
** حسناً، أنت ستحتفظ بذاكرتك كاملة
خلال جميع التجارب، أمّا امتدادك الذي سيختبر تفاصيل الصراعات والاحداث لهذه
الحضارة وسيستشعر جميع المشاعر والأحاسيس خلالها، فستعيد له بعد انتهاء كل تجربة
منها ذاكرته كاملة لكامل التجارب
التي مر بها من قبل، وقبل أن ترسله مرة أخرى لتجربة جديدة ستسلبها منه من جديد،
فهو بذلك سيعيش التجربة الجديدة بكل مشاعره وحواسه بدون أن يكون متأثرا بالتجارب
السابقة، وهذا سيتيح لك أن تستحصل منه على مشاعر حقيقية أكثر كمّاً وأكثر تنويعا
-// وبذلك فإن وعي امتدادي سيصبح مع كل
صحوة جديدة وعند انتهاء كل تجربة جديدة منها، سيصبح وعيه أكبر وأفضل وأكمل لتفاصيل
تلك الصفات التي اختبرها حضوريا، واستشعرها حضوريا، وتحسسها حضوريا، وعاشها حضوريا
داخل التجربة وأراد أن يستكمل نفسه منها وأن يتخلص من الاخريات التي كان يشعر
بالضيق منها
** يجب أن أذكركما هنا إنكم وبفعل المدة
الطويلة التي قضيتموها في حالة وئام واستقرار نفسي وسعادة، خاليةً بها قلوبكم من
أي ضغينة أو غلّ أو أيّ تعلق بالمادة وشؤونها، ولاتصالكم المباشر بالحقل الطاقوي
الكوني فتأخذون منه جميع ما تريدونه وتحتاجونه، بفعل تلك الحالة التي عشتوها تحول
نوع وجودكم تدريجيا الى نوع وجود مختلف عن الذي بدأتم به وعليه،
فعلى كوكبكم الذي ولدتم عليه، ولِدتم
كبشر يتكون من مادة وروح، ولكنكم كنتم في البداية تستشعرون بجزئكم المادي أكثر من
جزئكم الروحي، بل انكم لم تكونوا تشعرون بالجزء الروحي فيكم إلا نادرا، وعلى ذلك
الكوكب عشتم فترة معينة بهذه الصفة وعلى هذا الوضع، ولكنكم بدأتم حينها ومع تقدم
الوقت والتجربة تشعرون بأن المادة والحاجة اليها كانت تقيّدكم وتحدّ من سعادتكم،
فبدأتم تدريجيا وشيئا فشيئا بالتخلي عن احتياجاتكم المادية، طبعا ليس لزهدٍ فيها
فعلتم ذلك، بل لسعادة كنتم تستشعرونها وتتحسسونها كلما فعلتم ذلك،
فأنتم حينها إنما كنتم تسعون لراحتكم
ولسعادتكم الشخصية حينما كنتم تقطعون علاقتكم بالمادة وشؤونها وتتخلون بالتدريج عن
كل ما يربطكم بالأرض من روابط مادية، وكنتم تنشؤون بنفس الوقت بدلا منها علاقة
جديدة مع السماء والحقل الطاقوي العقلي الكوني
لقد عشتم تجربة التحول التدريجي من
مخلوقات مادية أكثر منها روحية، الى مخلوقات روحية أكثر منها مادية، حتى تحولتم أخيرا الى مخلوقات روحية
صرفة، لقد تحولتم أخيرا وبإرادتكم الى أرواح، وبتعبير أدقّ: لقد حولتم أنفسكم
بأنفسكم إلى أرواح صرفة، لقد عشتم هذه التجربة بكل تفاصيلها ومراحلها، بل انكم
أنتم من خلقتم هذه التجربة بأنفسكم لأنفسكم
وابتداءا من الآن سينكشف لكم ما كان
مخفي عنكم ومغطى عليه، وسيصبح بصركم حديد، وسترون كيف أن الأرواح التي تشبهكم
تملاء السماوات والأرضين من حولكم تأتي وتذهب وتقف وتحلّق وتسكن بها
في تلك اللحظة أحسّا وكأن الكون كله وقد
أنار من حولهما، لقد أصبح فجأة مملوء بنقاط بيضاء منيرة بل بمصابيح منيرة، بعضها
كبير وبعضها صغير، بعضها ثابت وبعضها يتحرك بهدوء وبعضها يخطف من امامهم خطفاً،
+// ما أجمل هذا المنظر، فهؤلاء هم إذن
سكّان السماوات الذين كنت أسمع بهم ولا أراهم
-// آهـآآآآآآ، ما أجمل هذا المنظر وهذه
الصورة الأخّاذة التي تمثّلت أمامنا فجأة
** من الآن وصاعدا سترون وستستمتعون بما
كان مخفي عنكم في السابق، فلقد بلغتم مرحلة جديدة وستتبعها مراحل جديدة أخرى،
وسينكشف لبصركم في كل مرحلة جديدة منها لتروا أشياء جديدة أخرى أجمل وأخرى أجمل
وأجمل، وفي كل مرة سترون نوع جديد من الجمال والمفاجئات الجميلة، فتجربتكم التي
خلقكم الله فيها ومن أجلها لا تعرف حدود ولا نهاية لها، لتصحوا كل مرة منها على
وعي جديد وادراك جديد لنفسكم ووعيكم وحقيقتكم، صحوة ستتفاجون معها في كل مرة كم
انكم كنتم غافلون عن الجمال والابداع الذي كان
من حولكم في كل لحظة من لحظات تجربة حياتكم الـ لا نهائية
لقد مررتم بتجربة أن يبدء كل واحد منكم
تجربته كإنسان مادي، وخرجتم منها وقد أصبح كل واحد منكم إنسان روحي، لقد عشتم
مراحل تحولكم من مادة الى روح بجميع أحاسيسكم ومشاعركم لحظة بلحظة بلحظة، وها أنتم
تقفون أخيرا كأرواح نقية جديدة وسط أرواح أخرى تملاء بوجودها أطباق السماوات
والأرض، كلها متحابة ومتعاونة وتعرف خالقها ومراحل خلقها وتكونها وتعرف من تعاونوا
لإخراجهم من العدم الى الوجود برحلة كنتم تعتقدون أنها صعبة ومؤلمة ولكنكم الآن
تدركون ذلك الجمال الذي كان منطوي بذلك الألم الذي كنتم تستشعرونه وتهربون منه
+// عفوا للمقاطعة، ولكن ماذا تقصد
بالألم؟ فهذا الشعور لم أختبره من قبل
** لا عليك ستفهم كل ذلك حضوريا خلال
تجربتك الجديدة وستستمتع أحيانا باستشعار بعض تلك الألام كثيرا بحيث أنك ستطلب
الشعور بها مرارا وتكرارا
+// حسنا، لندخل بالتفاصيل إذن، فلقد
شوّقتنا كثيرا لتذوق تلك المشاعر الجديدة
** سنؤجّل اختياركم لجهة اصطفافكم قليلا
ربما لما بعد مضي عدة تجارب ستستطيعون بعدها فقط من أن تحددوا أي نوع من الصفات
ستجدون أنفسكم منجذبون لها وتريدون الاصطفاف الى جانبها، وأنبهكم من أن الصراعات
والاختلافات هي موجودة فقط داخل التجربة، أما خارجها وأقصد بين الأرواح التي
ترونها أمامكم والتي تسكن أطباق السماوات والأرض كأفلاك فلا توجد اختلافات حقيقية
بينها، كما أنه لا يوجد بينها خارج التجربة أي نوع من أنواع الصراع والنزاع، فجميع
تلك الأرواح التي تحلّق أمامكم كلها أرواح مطيعة لا يوجد عصيان بها أو منها، أو
حتى انها ربما قد تتنازع في ما بينها خارج التجربة على أي شيء، فكما ترون
فالسماوات والأرض بجنانها كلّها هي جميعها ملك يديها تفعل بها ما تشاء، ولكنها
هجرتها تماما كما هجرتماها لكي تعيشا تلك المشاعر والتجليات الجميلة التي يعيشونها
وستعيشونها لآحقا حضوريا وبأشكال مختلفة على كواكب متعددة تنتشر على طول السماء
وعرضها، وذلك حين تساهمون مثلهم بإخراج تلك المشاعر والاحداث لكل صراع من تلك
الصراعات المختلفة على كل كوكب فيها
فالاختلافات والصراعات موجودة فقط داخل
التجربة المادية على سطح الكوكب ولكي تتم تلك الصراعات يجب أن تتفقوا عليها جميعها
هنا في عالم الأرواح والافلاك وربما من سيقتلك
هناك ستكون هنا جالس معه لتستمتعان بتلك المشاعر التي ترد لكما لحظة بلحظة بلحظة
من امتداديكما على سطح الأرض وربما ستضحكان حينها أيضا وتتضاحكان
ومن سيحوك لك مصيبة هناك قد تكونان أيضا
جالسين هنا سوية وتضحكان من تلك المشاعر التي ستتحسسانها من ذلك الموقف
أمّا زوجتك هناك فمهما بلغت مشاكلك معها
فقد تكون هي نفسها رفيقتك في سفرك هذا وتجلس بأحضانك هنا ساعة عراككما بالأسفل
وتستمتعان بالمشاعر التي ترد لكم من كل كلمة وكل نظرة وكل فعل تقومان بها هناك
ففي عالم الأرواح في جميع السموات لا
توجد هناك ضغائن ومشاعر سلبية على الإطلاق مهما كانت تلك المشاعر التي ستصلكم من
الاسفل وتستشعرونها، فالخلاف والصراع هو بالاسفل فقط، أمّا هنا فلا يوجد غير الحب
والسعادة
[url]http://www.youtube.com/watch?v=W31Ge-md1oA[/url]
ولو علمت إمتداداتكم بالاسفل بهذه
الطريقة التي تتم بها الاحداث وسطهم لما لآم أحدهم حينها الآخر، ولتعايشوا بحب
وسلام، فلذلك ليس من مصلحة الجميع في السماء أن تعلم امتداداتكم على الأرض كيف تتم
الامور هناك، والا فستكون العملية حينها عملية عقيمة ولن تؤتي ثمارها ولن تحصلوا
حينها على ذلك التنوع الحقيقي من تلك المشاعر والاحاسيس المختلفة التي تنتظرونها
منهم ولفسدت حينها التجربة المعقودة بين سكان السماء والارض
+// لا زلت تشوقنا وتشوقنا أكثر وأكثر
وأكثر لهذه التجربة، فهيا دعنا نباشر بها
** حسناً، لكي تتم هذه التجربة لكل
شخصية منفردة يجب أن تتوفر لها ثلاثة أجزاء
جزء ستتكفل النفس العليا للارض بتوفيره
وتربيته
وجزء ثاني ستتكفلون أنتم بتوفيره وتربيته
وجزء ثالث وهو أنتم هنا كأنفس عليا
وبذك سيكون هناك في هذه العملية أربعة
أطراف، وهذا لا يعني وجود غيرها ولكن هذه هي الاطراف التي ستتعامل مع بعضها البعض
بشكل مباشر بالإضافة للنفس العليا للجميع سفيرة العقل الكوني لإنجاح التجربة
المادية واخراجها، وتلك الأطراف هي:
1- النفس العليا الأرض
2- البدن المادي ((النفس النامية
النياتية)) وهو الجزء الذي ستتكفل " النفس العليا الأرض" بتوفيره وتربيته
3- النفس الحسية الحيوانية ((وهو الجزء
الذي ستتكفلون أنتم كأرواح قدسية أو كنفوس ناطقة قدسية)) بتربيته وبقائه ودوامه
حتى نهاية كل كرّة من الكرّات
4- أنتم كنفوس ناطقة قدسية
وكل طرف في هذه العملية سيكون له وضيفة
محددة:
فالنفس العليا الأرض ستحرص على أن يؤدي
ذلك الجزء التي هي المسؤلة
عن انشائه وتربيته وضيفته المحددة، وأقصد بذلك "النفس النامية النباتية"
وأنتم كذلك ستحرصون على أن يؤدي ذلك
الجزء الآخر والذي أنتم مسؤولون عن انشائه وتربيته لوضيفته المحددة، وأقصد بذلك
"النفس الحسية الحيوانية"
أما النفس العليا الأرض فحين ستنشيء
النفس النامية النباتية لأي شخصية فستضع بها عدة قوى تكون ملائمة تماما لقوى تلك
النفس الحسية الحيوانية التي ستتكفلون أنتم بإنشائها وتربيتها بحيث أنهما حينما
يتركبان فوق بعضهما البعض يتطابقان حينها بشكل تام ويعملان مع بعضهما البعض بشكل
متوافق
فالنفس النامية النباتية ستضع الأرض بها
خمس قوى وهي القوى الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والمربية، وستجعل لها
خاصيتان هما الزيادة والنقصان، وأمّا مادة تلك النفس النامية النباتية فهي فمن
لطايف الأغذية التي ستتشكل الأرض بصورها، وأساس فعل هذه النفس هو النمو والزيادة،
وانبعاثها هو من الكبد.
وكذلك ستفعلون أنتم تماما مع النفس
الحسية الحيوانية لكل شخصية جديدة تكرّونها فستضعون بها حينها قوى تشتقونها من
قواكم الحالية وتكون ملائمة تماما لدور تلك الشخصية المحددة الجديدة وتركّبونها
بها بطريقة ستتلائم تماما مع النفس النامية النباية حين التركيب فتتطابقان حينها
وتتراكبان حينها بسهولة ويسر
فالحسية الحيوانية سيكون لها أيضا خمس
قوى هي السمع والبصر والذوق واللمس والشم، وستجعلون لها خاصيتان هما الرضا والغضب،
وسيكون انبعاثها من القلب، وفعلها الحيـاة والحركة والظلم والغشم والغلبة وإكتساب
الأموال والشهوات الدنيوية، وسيكون مقرها القلب
-// عفوا ولكن الكثير من ما تقوله نحن
لا نفقهه ولا ندركه
** لا تقلقا فسأنقل لكما حالا جميع تلك
المعلومات وما يتعلق بها أيضا، وسأرفع من مستوى طاقتكما ووعيكما وقدراتكما بما
سيزيد من قابلياتكما على تحقيق تلك الظروف الملائمة، والتي ستكونان بها قادران على
تنفيذ ما هو منكما مطلوب
في تلك اللحظة أحسّا وكأن يدا استطالت
لتخترق سفينتهما ولتلامس جبهتيهما ليشعرا معها ومن فورهما وكأنهما أصبحا منذ تلك
اللحظة يختزنان طاقة كبيرة وقوة عظيمة وعلم جديد لم يكونا يشعران سابقا به أو
يمتلكانه
** يمكنكما أن تقولا أنكما وابتداءا من
هذه اللحظة أصبحتما قوة لاهوتية بدء إيجادها كان عند ولادتكم الدنيوية ومقركما
وكما هو مقر كل شيء كان هو العلوم الحقيقية الدينية المكنونة في العقل الكوني،
وترقيتما بعد ذلك بتجربتكما داخل العقل الكوني وبوجودكما به درجات ودرجات، حتى
كانت تلك اللمسة السابقة مني لكما كترقية وجودية خارجية فأصبحتما من حينها
مؤيَدَينِ بجميع العلوم الدينية التي يختزنها العقل الكوني فأصبحت هي موادكما
العقلية لإخراج مختلف المشاعر من هذه التجربة، وفعلكما بذلك هو إخراج المعارف
الربانية من المكون الى الظهور، أو من الغيب الى الحضور، ففعلكما هو تحويل تلك
العلوم الغيبية المكنونة الى علوم حضورية مع كل مشاعرها ومنذ هذه اللحظة لن تحتاجا
لأن تسألا عن شيء أبدا، فمتى ما أردتما أن تعرفا شيئا ستعرفانه من فوركما، بدون
جهد السؤال أو حتى عناء انتظار الجواب، فلقد قمت بهذه اللمسة بتوصيلكما مباشرة مع
العقل الكوني، ومنذ هذه اللحظة سيمكنكما الولوج لأي معلومة ستحتاجانها من أي مكان
أو من أي زمان، فمعارفكما منذ الآن لا حدود لها،
ونعم، وصحيح أنكما لن تحويا تلك المعارف
كلها دفعة واحدة بنفس وجودكما ووعيكما، لكنكما لن تحتاجا بعد اليوم للسؤال أو
للبحث عن الاجابة لأيّ سؤال مهما كان، فكل الاجابات هي موجودة فعلا ضمن العقل
الكوني لكنكما بالسابق لم تكونا متصلين عقليا بهذا العقل الكوني بحيث يمكنكما أن
تحصلا منه على ما تشاءانه من المعلومات،
ولكن منذ هذه اللحظة فبمجرد مشيئتكما
الحصول على اجابة لأي سؤال فإن نفس هذه المشيئة ستفتح لكما نافذة على الجواب
المناسب، فلكل حرف ذبذبة معينة، ولكل سؤال مصاغ بطريقة ذكية وواضحة ذبذبة معينة،
وذبذبة الإجابة عليه تتوافق مع ذبذبة نفس السؤال، فما أن يُطرح السؤال الذكي
الواضح المعاني سيميز عقلكما حينها ذبذبة ذلك السؤال المطروح من خلال تلك الحروف
المستعملة في السؤال، وسيفتح لكما حينها ومن فوره نافذة على الجواب المناسب الذي
تتطابق ذبذبته مع ذبذبة ذلك السؤال
وبهذه الطريقة الفورية ستتفاعلون مع
أحداث الصراع والحياة بطريقة آنية وسلسة لحظة بعد لحظة، وأمر بعد أمر، وصورة بعد
صورة
ومنذ هذه اللحظة ستكون معارفكما هي
نفسها معارف العقل الكوني والتي وضعها خالقه بها، ولكنكما ستعايشانها بالتدرج،
معرفة بعد معرفة، وصورة بعد صورة، وشعور بعد شعور،
لقد أصبحت تجربتكما منذ هذه اللحظة
كبيرة وكبيرة جدا جدا ولا نهائية، فلقد اتسعت وتفتحت آفاقها فأصبحت على نفس قدر
آفاق العقل الكوني اللانهائية، ومنذ هذه اللحظة لن تحتاجا لانتظار معرفة تفاصيل
سيناريو هذا الصراع، فبمجرد مشيئتكما معرفة طبيعة وتفاصيل سيناريوا دور
امتداداتكما الارضية في اللحظات التالية فإنكما ستعرفانها من فوركما،
ومن أجل خلق حالة الوعي الفردي المادي
لأي شخصية على هذا الكوكب فستتعاون وتتعامل "النفس العليا الأرض" مع كل
روح منكم بشكل فردي ومعكم جميعا بشكل جماعي، فكما أنتم متصلون بالعقل الكوني وتعرفون
منه ما يجب عليكم فعله حينما سيجب عليكم فعله، فإن "النفس العليا الأرض"
هي أيضا متصلة بالعقل الكوني وستعرف ما يجب عليها أن تفعله حينما سيجب عليها أن
تفعله،
فاتصال الجميع بالعقل الكوني سيخلق حالة
من التناغم بين الجميع، فالجميع سيفعل ما سيجب عليه فعله حينما سيجب عليه الفعل،
وسيتم كل ذلك بشكل متناسق ومتناغم ومتزامن، حركة بعد حركة، وفعل بعد فعل، ولحظة
بعد لحظة، فالكل متصل بالخطّة السماوية العليا، والكل يتبعها بشكل متناسق ومتناغم
ومتزامن بلا تقديم أو تأخير، وبشكل تتحقق به رغبات الجميع بلا استثناء،
وحيث أن الجميع متصل بالعقل الكوني فإن
العقل الكوني يعلم دائما برغبات الجميع، وهو سيفصّل للجميع بشكل جمعي، ولكل واحد
منهم بشكل منفرد، تلك الأدوار الملائمة لكل واحد منهم والتي ستحقق لهم تلك الرغبات
والمشاعر التي يريدون الشعور بها، لحظة بلحظة، موقف بعد موقف، ولنفس ذلك السبب
ستتبدل سنويا بعض التفاصيل الثانوية للخطة، وذلك لتحقيق الرغبات الآنيّة لبعض
الأرواح المشاركة في هذه التجربة
فالأرض ستقوم بدورها بشكل متزامن معكم،
ففيما ستقومون أنتم كأرواح سماوية بتكوين واشتقاق النفس الحسية الحيوانية من نفس
أرواحكم وبمواصفات ستعرفونها آنيّا من العقل الكوني، ستقوم هي أيضا كروح أرضيّة
ماديّة بتكوين النفس النامية النباتية وحسب نفس تلك المواصفات التي ستعرفها أيضا
من العقل الكوني بشكل آنيّ، ولكنها ستسبقكم بإكماله وتنميته وتربيته حتى يحين حين
التحاق تلك النفس الحسية الحيوانية بتلك النفس النامية النباتية وللحظة تطابقهما
سوية
ويمكنكما حرفيا أن تشبّها عملية صدور
النفس الحسية الحيوانية منكما والتحاقها بالنفس النامية النباتية واتحادهما سوية
بعملية التنفس، أو يمكنكما أن تشبّها هذه العملية بعملية النفخ، فالنفخ هو أيضا
تنفس، فأنتما ستنفخان من روحكما في تلك الأبدان المادّيّة أو في تلك الانفس
النامية النباتية أنفاس حسيّة حيوانيّة حيّة، فتحيا وتدب فيها روح الحياة بسببها،
فأنتما تنفخان فيها من روحكما
والآن لو نظرتما لما وصفته لكما نظرة
إجمالية، فسيمكنكما أن تقولا أن العقل الكوني يُخرج تلك الصور والمشاعر المختلفة
من المكون الى الظهور أو من الحصول الى الحضور بأداتين، وهما:
عالم الأرواح الذين ملاء بهم أرضه
وسمائه،
والنفوس العليا الكواكب،
فهما سمائه وأرضه، أو يمكنكما أن تقولا
أنهما كلاهما بمثابة يديه التي يخرج بهما من العدم ما يشاء من الصور والمشاعر
الجديدة والجديدة والجديدة،
وكلتا يديه يمين، أو كلا العالمين مطيع
له ويعمل بأمره ويعتمد عليه في كلّ تفاصيل وجوده أولا وفي كلّ علمه ثانيا وفي كلّ
فعله ثالثا وفي وفي وفي، ووووو،
ومرة قد تكون النفس العليا الأرضية
نورانية لا مادة بها، ومرة أخرى قد تكون النفس العُليا الأرضية مادية أرضية، أو
مريخيّة، أو قمرية، أو عطاردية أو ما يشبه ذلك، فكل الشموس هي أيضا نفوس أرضية
عليا، ولكنها نفوس عليا أرضيّة امتداداتها نورانية لا مادة بها، عكس النفوس العليا
الكواكب، فجميع امتدادات هذه النفوس العليا هي امتدادات مادية،
وأنتما كنتما في بداية وجودكما حين
الولادة الدنيوية مركّبين من نفس مادية نامية نباتية ونفس نورانيّة حسية حيوانية،
ولكنكما هجرتما أخيرا وتخليتما شيئا فشيئا وبإرادتكما الذاتية عن النفس المادية
النامية النباتية، وعشتما بالنفس الحسية الحيوانية بعد أن زكيتماها خلال مراحل
حياتكما وكرّاتكما السابقة فبدلتما شيئا فشيئا صفاتها الاصلية الظلم والغشم
والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية حتى وصلتما بها أخيرا إلى أنكما
أصبحتما قوة لاهوتية بدو ايجادها كان عند ولادتكما الدنيوية، ومقركما كان ولا يزال
هو العلوم الحقيقية الدينية ولكنكما أصبحتما تعيان ذلك وتعلمانه جيدا، وتعلمان أن
موادكا في أفعالكما هي دائما التأييدات العقلية التي ترد لكما لحظة بلحظة من العقل
الكوني، وتعلمان أيضا أن فعلكما الأساسي في وجودكما هو إخراج المعارف الربانية من
حالة المكون الى حالة الظهور والحضور وأنتما تستمتعان بهذا الفعل أيما متعة
سأكتفي الآن بهذا المقدار من التوضيح
لكما، فأنتما منذ الآن لن تحتاجا لي لكي تعرفا ماذا يجب عليكما أن تفعلا، أو لكي
تعرفا أي معلومة قد تخطر على بالكما، وستجدان أن الأجوبة لأي سؤال قد يخطر على
بالكما سيلمع بذهنكما بمجرد أن تفكّرا به، ولذلك سأكتفي بما قلته حتى هذه اللحظة
وسأترككما مع هذه القدرة الجديدة عليكما لكي تتعايشا معها وتعتادان عليها قبل أن
تبدءا بأول كرّاتكما ومعايشتكما بها لتلك المشاعر التي سترد لكما من ذلك العالم
عبر امتداداتكما أو أنفاسكما التي سترسلونها الى هناك، وإذا أردتما الاتصال بي لأي
سبب فيكفي أن تتذكراني وتريدا الاتصال بي لأكون معكما من فوري
فاستودعكم عين الذي لا تنام
إستلقى +// على أريكته وبدء يفكّر:
كثيرة هي تلك الأسئلة التي تجول في عقلي منذ زمن بعيد فبأيهما أبدء وجودي الجديد
وإستلقت -// أيضا من فورها على أريكتها
وبدأت تفكّر: ما أجمل أن أعرف كل ما أريد معرفته، فبأي معلومة جديدة أبدء ساعتي
هذه
+// لطالما كنت أريد أن أعرف صورة وجنس
نفسي العليا التي ربتني ورعتني ولا زالت تفعل ذلك، فما هي صورتها يا تُرى؟
في تلك اللحظة لمعت في ذهنه صورة جميلة
لعين جميلة بدت وكأنها ريشة طاووس ملونة بأجمل الألوان فالتقت عينها مع عينيه تنظر
له وينظر لها وكأنه يعرفها وتعرفه منذ زمن بعيد
آهها، إذن تلك هي عين نفسي العليا التي
ربتني ورعتني
هل يا تُرى أستطيع أن أكلمها من عالمي
وأتصل بها في عالمها، هكذا خطر هذا السؤال في باله تلك اللحظة
حينها عادت له تلك العين الطاووسية التي
تمثلت له في خياله أول مرة من جديد ولكنّها هذه المرة عادت له ناطقة تتكلم وتنظر
له نظرة ساحرة: نعم أنت تستطيع منذ الآن أن تتصل بي تخاطريا متى ما شئت الحديث
معي، أمّا بالنسبة لي فإنني لم أنقطع عنك لحظة واحدة منذ أن تنفستك ونفختك في بدنك
المادي، ولم أتركك أو أنقطع عنك لحظة واحدة منذ ذاك الحين وطوال رحلة وجودك
السابقة كلها ولن أنقطع عنك أبدا وللأبد
وكم أنا اليوم ممتنة منك وشاكرة لك لكل
شعور شعرته أو ستشعره، أو لكل إحساس أحسسته أو ستتحسسه، أو لكل لذة التذذتها أو
ستتلذذها، أو لكل ألم تألمته أو ستتألمه في حياتك،
فلقد أدخلت عليّ السرور العظيم بتلك
المشاعر المختلفة التي شعرتها أنت طوال رحلتك في حياتك وحتى الآن، أو لتلك التي
ستستشعرها منذ الآن أيضا، فلقد كنتُ أسهر معك لياليك وأقضي معك أيامك، وكنت أستشعر
معك فيها، بل وفي كل لحظة كانت تمر عليك منها بجميع آلآمك ومعاناتك وأمانيك
وأفراحك وأحلامك،
كل ذلك وأكثر منه كنت أشعر به معك تماما
كما كنت أنت تشعر وتحسّ به في لحظتها، ألم فألم، وحلم فحلم، وشوق فشوق، ولحظة
فلحظة، ولا تعرف ما الذي كانت تفعله بي تلك الدموع الدافئة وهي تجري ببطء على خديك
إثر بعض تلك المواقف التي وضعتُك بها سواء الصعبة منها أو الجميلة
وأرجو أن أكون قد عوضتك بتلك الملآيين
القليلة من الاعوام والمتع والجنّات الكثيرة التي عِشتها أنت حتى الآن وعشتها أنا
جميعها معك أيضا عن بعض تلك اللحظات الصعبة والمؤلمة التي اخترت أن أضعك بها، ولو
انك لا زلت تريد المزيد من تلك المتع والجنّات فقل لي ذلك ولا تتردد وسأعطيك منها
ما لم تراه عيناك حتى الآن، وما لم يخطر لك منها على بال، فجميع الذي رأيته
وأحسسته منها حتى الآن لا يعدّ شيئا مذكورا مما هو فعلا موجود، بل ولا يعد حتى
رقما ذا قيمة بالنسبة للذي لم تراه منها بعد
وكل ذلك لا يمكن أن أقيسه أبدا حتى ولو
بجزء بسيط من فضلك وفعلك وتضحيتك، أو أن أعتبر جزاؤك الذي نلته حتى الآن جزاء وافي
لك على جزء بسيط من تلك المشاعر والأحاسيس الجميلة التي أحسستها أنت وشعرت أنا بها
من خلالك أنت حين شعرت أنت بها أولا،
أو حتى إثر شعوري بجريان دمعة واحدة على
خدّيك ألما على مظلوم أريتك إيّاه، او بسبب ظلم أوقعته عليك أو على أحبائك، أو
شوقا لحبيب حرمتك منه، أو رغبة بلقاء طريد منعتك من وصاله، أو كلّ ما عرّضتك له من
المواقف في جميع مراحل وجودك وكرّاتك، فكل ما أشعرتك به بعد ذلك وحتى الآن من
أنواع وصور النعيم الموجودة بين أطباق السماوات والأرض لا توفيك حقّك من الشكر على
ما قدمته لي من تلك الاحاسيس والمشاعر الجميلة المختلفة.
-// استلقت على أريكتها تنظر للسماء
ونجومها من خلال سقف الصحن الطائر الذي أصبح شفافا تنفيذا لرغبتها بالنظر الى
النجوم من حولها، وفيما كانت تتأملها جالت سريعا وسط خواطرها وذكرياتها ومشاعرها
المختلفة لتبحث بينها عن أجمل سؤال كانت تتمنى دائما أن تعرف إجابته
الى أين؟ وما هي النهاية؟ وكيف السبيل
إليها؟ وهل ستكون النهاية جميلة أم مؤلمة؟
نعم هذا هو السؤال وتشعباته هي من كنت
دائما أبحث لها عن إجابات
نفس تلك العين الطاووسية السحرة ذات
الألوان الجميلة برزت لها من داخل وعيها وادراكها وبدأت تنظر لها وتخاطبها
تخاطريا
--// عزيزتي: لا توجد نهاية لتجربتكم،
وهذا هو سبب حيرتكم بالاجابة عن هذا السؤال، فأنتم كنتم تبحثون دائما عن شيء لا
وجود له ومن الطبيعي حينها أنكم لن تجدوه، فكيف تجدون ما لا وجود له
لقد تبينت البداية لكم ولكل واحد منكم
الان، وهي أن أصل وجود كل واحد منكم هو أنه نفس تنفستها نفسه العليا ونفخته في نفس
أرضية مادية تنفستها الأرض في المقابل، فاتحدتما سوية وعشتما مرارا وتكرارا حياة
وحياة وحياة فترقيتما وترقيتما وترقيتما حتى هجرتما أخيرا أبدانكما المادية
وترقيتما حتى أصبحتما أخيرا أرواح مجندة تجندت بإرادتها ضمن الخطة الإلهية لإخراج
علمه المكنون من مكونه للظهور
لقد بدأتي وجودك كإنسانة مادية أكثر
منها روحية وترقيتي درجات ودرجات حتى أمسيتي إنسانة روحية، أو حورية إنسيّة، وها
أنت على أعتاب أن تصبحي نفس عليا لنفس واحدة تعلّميها وتربّيها وتخوضي بها غمرات
المشاعر والأحداث لتعيشي من خلالها ولتتذوقي معها حضوريا مختلف أنواع المشاعر
والأحاسيس والتجارب، ولترتقي بتلك النفس حتى تصبح هي بدورها نفس عليا، غير أنك قبل
ذلك بكثير ستتعلمين أن تتنفسي من روحك ثلاثين نفس حسيّة حيوانية أخرى وتوضّفينها
جميعها في عوالم مختلفة وصور متعددة في كرّات وكرّات وكرّات
ثم إنك نفسك ستستمرين بالصعود والترقي
حتى تتعلمي كيف يكون لك مائة وعشرون امتداد روحي تتنفسينهم وتبثينهم في أجساد
مادية أرضية في كواكب وعوالم وأزمان مختلفة، فتستشعرين من خلالهم وتعيشين معهم
حضوريا مختلف المشاعر والأحاسيس والأحداث، وأخيرا وليس آخرا ستصبحين نفس عليا
لثلاثمائة وستون نفس مختلفة تربينها وتعيشين من خلالها جميعها مختلف المشاعر
والأحداث وترتقين بها شيئا فشيئا حتى تصبح هي بدورها نفوس عليا وتبدء وبمساعدتك
لها بالترقي بوجودها لتخوض نفس تجربتك ودرجات ترقيك وتكاملك أنت شخصيا
حينذاك ستكونين قد ربيتي فريقك الخاص بك
وارتقيت بهم الى مستوى عال يمكّنك من أن تصبحي نفس أرضية عليا بعد أن كُنتِ مجرد
نفس فلكية سماوية عليا توضف أنفاسها في كواكب مختلفة هي نفوس أرضية عليا
ستصبحين أولا قمرن من الأقمار ثم
ستترقين بعد ذلك لتصبحي كوكبا صغيرا من الكواكب ستوضّف به النفوس العليا الفلكية
أنفسها التي تربيها وتستشعر من خلالها مختلف المشاعر، ثم بعد احكامك السيطرة على
هذه التجربة ستصبحين كوكب أكبر وأكبر وأكبر وأكبر وأكبر
ثم ترجعين من جديد لتهجري الأرض لتصبحي
بعد ذلك نفس عليا أعلى من
جميع ما جربتيه حتى الآن، فتصبحين شمسا من الشموس، أو نفسا عليا أرضية إمتداداتها
لا مادية، لتشرقي بنورك حينها على مجموعة محدودة من الكواكب فتبثين بنورك بها
جميعها الحياة والحركة ومختلف المشاعر والاحساس بالوجود والحياة
وهكذا ستصبحين وبالتدريج شمس أكبر وأكبر
وأكبر وأكبر وأكبر، ثم بعد ذلك ستترقين بوجودك شيئا فشيئا حتى تصبحين أخيرا مجرة
صغيرة ثم أكبر فأكبر فأكبر وتستمرين بالتوسع في درجة وعيك ووجودك وإحاطتك بالكون
درجة بعد درجة ومرحلة بعد مرحلة حتى تصلين أخيرا للتوحد مع العقل الكوني الذي يجمع
بوجوده جميع التجارب الكونية وجميع الأحاسيس المختلفة لا على نحو التدرج الزمني
ولكنه يعيشها جميعها كلحظة حيّة واحدة وخالدة
وأنتم جميعكم ستصلون للشعور بهذه اللحظة
الواحدة الأبدية التي تحوي بداخلها جميع ما هناك من أزمنة وأمكنة ومشاعر وتجارب،
ولكنكم ستعيشون هذه اللحظة كتجربة واحدة متدرجة ومتصلة بعضها ببعض، ولكنكم وخلال
المراحل الكثيرة لهذه التجربة التي تسيرونها ستستيقظون دائما وتكرارا على المزيد
والمزيد والمزيد من الوعي بأنفسكم، وعلى معرفتها بشكل أفضل وأفضل، تماما كما عندما
تستيقظون من أحلامكم، فحينما تستيقضون من الحلم ستقولون مهما كان ذلك الحلم واقعيا
ويبدو لكم وكأنه حقيقي، ستقولون حينها وعندما تستيقظون: آآآهااا، ذاك ليس أنا،
وذلك الأنا الذي اختبرته في الحلم لا يعبر عني وعن حقيقتي، وهذا هو أنا الحقيقي
الجميل
فعندما تموتون ستستيقظون على وعي
تجربتكم على مستوى الروح وستقولون: ما هذا؟ ذاك البدن لم يكن أنا، وهذا هو أنا
الحقيقي، وهذه هي حقيقتي الروحانية الجميلة، وكلما ذهبتم لمستويات واقعية أخرى،
وعوالم مادية أخرى في أبعاد أخرى، ستستيقظون في كل مرة منها من غفلتكم وتقولون ما
هذا؟ هذا لم يكن أنا، وهذا هو أنا الحقيقي، وهذه هي حقيقتي الجميلة التي كنتُ عنها
غافلا
وكلما ترقيتم في تجربتكم وانتقلتم بها
الى مستويات أعلى وأعلى وأعلى فإنكم ستقولون مع بداية كل تجربة ومرحلة جديدة منها:
ما هذا؟ ذاك لم يكن أنا، وهذا هو أنا الحقيقي، وهذه هي حقيقتي الجميلة الفريدة،
وحتى في تلك اللحظة الفريدة التي
ستختبرون بها تلك التجربة التي ستذوبون فيها أخيرا بالعقل الكوني فترجعون له
وتتوحدون معه لتختبروا حينها ذلك الشعور الفريد نفس شعور الواحد الكلّي أو نفس
شعور العقل الكوني الذي يحيط بكل شيء، ستقولون حينها: آآآهااا، هذا هو أنا
الحقيقي، وهذه هي حقيقتي الجميلة،،، ولكنكم ستقولون ذلك من وجهة نظركم أنتم،
وستقولون ذلك فقط انطلاقا من هويتكم الفرديّة والفريدة والمتفرّدة،
فلسان حالكم حينها يقول: كل هذا هو جزء
مني ،،،،،، لكن هذا هو أنا، وهذا هو كل ما هناك، فالذوبان إذن والتوحد مع المصدر
والرجوع إليه لا ولن يعني أبدا فنائكم أو أنكم ستفقدون معه شعوركم بهويتكم
الشخصية، أو انكم ستفقدون معه شعوركم بوجودكم الفردي المستقل، أو ستفقدون معه
شعوركم الحضوري بجميع تفاصيل تجربتكم الشخصية التي أصبحت حينها تجربة كاملة وشاملة،
ولا تتخيلوا أن التجربة ستقف هنا
وتنتهي، بل ستستمر وتستمر وتستمر، فحتى نفس العقل الكوني أو نفس الواحد الكلّي أو
نفس الكتاب التكويني قد يستيقظ يوما ما ويجد نفسه في بداية مرحلة جديدة ووعي جديد
فيقول:
ما هذا؟ ذاك لم يكن كل ما هو أنا، بل هو
مجرد جزء منّي، وهذا هو أنا الحقيقي الكبير والجميل، وهذه هي حقيقتي الجميلة
والبديعة،
وكل ذلك لأن التجربة لا نهائية، ولا
نهائية تعني أنها لا ولن تقف أبدا عند حد معين، وأنها تحتوي على كل احتمال يمكن
للخيال أن يتخيله، فإذا عرفتم أنكم يمكنكم أن تستيقظوا على وعي جديد وأنا جديدة،
فيمكنكم منها أن تتأكدوا كذلك أن نفس العقل الكوني أو الكتاب التكويني أو الإمام
المبين أو نور السماوات والأرض من الممكن له كذلك أيضا أن يستيقظ في لحظة ما على
وعي جديد وأنا جديدة.
+// كيف سأدخل في هذا العالم وأنا لا
أعرف قوانينه، أليس من المفروض على الأقل أن أعرف القوانين الرئيسية والاطراف
الفاعلة بهذا العالم
وهنا عادت العين الطاووسية تكلمه مرة
أخرى
++// أنت محق في هذا تسآؤلك هذا، ولذلك
ستعيش البداية مع من كانوا مجتمعين في البداية
+// وكيف ذلك؟ كيف سأعيش البداية وقد
انقضت منذ زمن بعيد؟
++// لا بد أنك تعرف الآن أن الزمن هو
مجرد وهم أنت تخلقه بنفسك لنفسك لتشعر من خلاله بالحياة والوجود، فحقيقة لا يوجد
شيء اسمه الماضي والحاضر والمستقبل، وحقيقة لا يوجد سوى هذه اللحظة التي تعيشها
الآن تماما كما أنه المكان هو أيضا وهم تخلقه بنفسك لنفسك من أجل نفس الهدف الذي
خلقت بنفسك لنفسك وهم الزمان، وهو لكي تشعر بالحياة والوجود،
فالحقيقة هي أنه لا يوجد سوى هناً واحد
والآن واحد، فلا توجد سوى هذه اللحظة وهذا المكان الذي تعيش تلك اللحظة به، ولكي
تعيش تسلسل أي لحظة يكفيك أن تطلب أن تعيش تلك اللحظة المعينة لتعيشها بكل جوارحك
حينها ومن فورك
وما عليك لتعيش أحداث تلك اللحظة وما
بعدها سوى أن تستلقي على أريكتك وتغلق عينيك وتطلب أن تعيش تلك اللحظة بكل أحداثها
وستعيشها
حسنا سأستلقي على أريكتي من فوري لأعيش
تلك البداية كما هي،
إستلقى +// على أريكته وأغلق عينيه وطلب
أن يعيش البداية وما هي إلا لحظة واحدة فتح عينيه بعدها ليرى نفسه يقف خاشعا بين
صفوف من الناس لا نهاية لعددها وتتجاوز مد بصره من كل الجهات بمراحل كثيرة، جميعهم
يقفون بخشوع ورهبة
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....
شوي خف علينا مابقت عندنا عيون !!!!
ردحذفشوي خف علينا مابقت عندنا عيون !!!!
ردحذفأقوى خيال ممكن أن اتوقعة منك
ردحذفأحسنتم بآرك الله بك
مصطفى الساعدي . ميسان