السبت، 25 يونيو 2016

ما الذي سنستفيده من التّفكير ، وما الذي سنستفيده من التّفكّر؟














بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما الذي سنستفيده من التّفكير ، وما الذي سنستفيده من التّفكّر؟


في المقال السابق قلنا أن التّفكّر هو كتركيز عدسة الكاميرا او عدسة الميكرسكوب للحصول من خلالها على صورة أكبر وأدق وأوضح ،،

بمعنى أن التّفكير بصورة معينة يوصلنا للصورة الإجمالية لها، بينما ادامة تّفكّرنا بها سيوصلنا لصور تفصيلية أوضح لمختلف جوانبها وزواياها

وبكلمات أخرى فأنّ التّفكير بشيء ما يوفّر لنا صورة سطحيّة لذلك الشيئ

أو لنقل صورة ثنائيّة الأبعاد له ،،

بينما التّفكّر سيوفّر لنا صورة عميقة 

أو صورة ثلاثية الأبعاد لنفس ذلك الشيء

لكن ما الفرق بين العقل الذي يرى فقط صورة ثنائية الأبعاد لشيء ما ، 

وبين العقل الذي يرى لنفس ذلك الشيء صورة ثلاثية الأبعاد؟

الفرق هو أن الأول لن يستطيع أن يصف لك الصورة التي يراها الّا بوصف واحد فقط،، 

فكلما سألته عنها سيجيبك عنها بنفس الجواب 

وكأنه يحفظه حفظا ويردده كجهاز تسجيل 

وذلك لأنه يراها بصورة سطحية ثنائية الأبعاد ،،

وربما لو أراد أحدهم أن يتفيقه علينا حين يصف لنا مثلا صورة انسان ما فسيبدء بوصف ما يظهر له من الرِجلين في الصورة قبل أن يصف لنا ما يظهر له من الرأس 

بعد أن كان قد وصف لنا سابقا ما يظهر له فيها من الرأس أولا ثم وصف لنا أخيرا ما ظهر له من الرِجلين

هذه هي حدود الذي يفكّر

أمّا من كوّن في عقله عبر التّفكّر المستمر صورة ثلاثية الأبعاد لشيء ما فإنه سيستطيع أن يصف لنا ذلك الشيء من عدّة زوايا وأبعاد مختلفة ،،

من نفس مثال وصف صورة الإنسان السابق يمكننا ان نقول أنّه مرّة سيصف لنا مقدمة الرأس ،، ومرّة أخرى سيصف لنا مؤخرة الرأس، ومرة أخرى سيصف أعلاه ،، ومرّة رابعة سيصف لنا جزء من المخ في داخله ،

ومرّة تتلوها ومرّة ومرّة ومرّة

وكلّ ما كان تفكره بتلك الصورة أكبر وأطول فإنّه سيستطيع أن يصف لنا تفاصيل أكثر وأكثر وأكثر لتلك الصورة الانسانية

بل انه إن كان من المتفكّرين المدمنين على التّفكّر العميق في امور الانسان وخفاياه ومزاياه قد يستطيع أيضا أن يصف لنا كيف يرتبط هذا الجزء بالجزء الذي بجانبه 

وكيف يرتبطان بالاجزاء التي من حولهما ،، 

وأن يصف لنا نوع الرابط الذي يربط تلك الأجزاء مع بعضها ، وما ان كان له شكل واحد او عدة أشكال مختلفة

عموما فإن التّفكير البسيط سيوفر لنا صورة سطحية لهذه الحياة ،، 

صورة بسيطة لا وجود بها لصور عللها وأسبابها ومسبِّبات أسبابها كذلك

بينما التّفكّر يسعى بنا لرؤية صورة شاملة لنفس الصورة 

ولأسبابها ولمسبِّبات أسبابها أيضا

فالفرق بين من صنعتهم التّفكير وبين من صنعتهم التّفكّر هو الفهم الحقيقي والثبات والايمان

فالمتفكّر المدمن يكون إيمانه ثابت وراسخ كرسوخ الجبال، أو على الأقل ثابت وراسخ بقدر ما يراه من تلك الصورة الثلاثية الأبعاد التي في عقله، 

وذلك لأنه يرى من خلالها الصورة الكاملة أو الصورة شبه الكاملة،،

وهذا لن يتزعزع إيمانه اذا تحدّث او تناقش مع متفكّر أخر ،، حتى ولو كان ذلك الآخر صورته الثلاثية أكمل وأقوى وأوضح ،، وكان أكثر حجة منه وبرهانا،

فحديثهما ونقاشهما وخلافهما هو بحد ذاته نوع من أنواع التّفكّر الذي يسعيان او يبحثان من خلاله عن تفاصيل جزئيّة دقيقة أخرى من تفاصيل تلك الصورة الكليّة التي يبحثان عنها.
.
.

أهداف ودوافع المفكّر

وأهداف ودوافع المتفكّر
--------------

عادة ما تكون أهداف المفكّر ودوافعه هي أهداف ودوافع تتعلق بالواقع الخارجي المعاش وله تماس مباشر بها ،، 

وكما قلنا سابقا من انه يفكّر بحلول لمشاكل جديدة يومية قد تواجهه ،، وانه بعد أن يجد لها الاجوبة والحلول فلا داعي له أبدا لأن يعود للتفكير بها من جديد حتى تتولد عنده مرة أخرى حاجة للتفكير من جديد بأمر جديد يرتبط بها

وهنا نتذكر القول الدارج "الحاجة أم الإختراع" فالحاجات الآنيّة للأمور الدنيوية هي التي تدفعنا للتفكير

فلولاها لما فكّرنا بها أبدا  

وعليه فكلما قلّت حاجاتنا الدنيويّة ،، أو توفّرت لنا احتياجاتنا الدنيويّة ، فستقل معها حاجتنا للتفكير ،، 

تماما كما اننا كلما زادت خبراتنا الحياتية ستقل معها حاجتنا للتفكير ،، 

فالخبرة كما قلنا بالشيء ستغنينا عن التّفكير به ،، 
.
.

أمّا أهداف المتفكّر ودوافعه التي تدفعه للتّفكّر فهما غالبا مجهولان له  

أو على الأقل سيكونان كذلك في البداية فقط بالنسبة للمتفكّر

فغالبا هو بالبداية وربما حتى النهاية أيضا لا يعرف لماذا هو دائم التّفكّر بتلك الامور الصغيرة والصغيرة جدا 

وربما، بل وغالبا ما انّه لا يجد شخص آخر يشاركه الاهتمام بتلك الأمور الصغيرة والدقيقة في كل مجتمعه المحيط به

وإن سئلته لماذا تتفكّر كثيرا بتلك الأشياء التي لا تدر عليك مالا ولا تيسّر لك حياةً؟ 

وما  الذي يدفعك لذلك؟

فإنه على الأغلب لن يستطيع ان يعطيك إجابة واضحة ومقنعة

لكنّه سيقول لك إنني أشعر بالراحة والسعادة والطمئنينة الداخلية كلما وصلت لنتيجة مقنعة حول أحد تلك الأمور الدقيقة جدا

وربما أفضل تفسير يمكنه أن يعطيك إياه لحالته تلك هو شعوره الدائم بوجود من يدفعه من داخله ويحرضّه على التفكّر بتلك الدقائق من الامور

فحاله في ذلك مثل حال الميكروسكوب

فلو سألت الميكروسكوب لماذا تركّز عدستك أكثر وأكثر على تلك العينة التي أمامك

فإنه سيقول لك: أنني حقيقة لا أعلم سبب حالتي هذه 

لكنني كأنني أشعر بوجود أيدي خفية تدفعني من الخلف لكي أركز اهتمامي وعدساتي أكثر وأكثر على تلك الصورة التي أمامي 

وبدوري فإنني أشعر بالسعادة والراحة الكبيرة كلما اصبحت تلك الصورة التي أمامي أوضح وأوضح وأوضح

وهكذا هم الذين يتفكّرون ويدمنون على التّفكر

فهم يشعرون بالسعادة كلما انقشعت عن بصائرهم سحابة من السحب 

وكلما اضافوا صورة جزئيّة جديدة لتلك الاجزاء التي جمعوها سابقا في عقولهم لتلك الصورة الكونية الثلاثية الأبعاد 

وسيكتشفون أخيرا أنّ فرحهم  وسعادتهم تكمن في إكمالها في عقلهم وكيانهم



ولإكمالها يجب عليهم أن يغوصوا عميقا وعميقا وعميقا

إلى هناك

إلى حيث الإسم المكنون 

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....


الفرق بين التّفكير والتّفكّر







بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الفرق بين التّفكير والتّفكّر

بشكل مختصر جدا الإختلاف بينهما هو أن الذي يفكّر هو يبحث عن إجابات لأسئلة معينة ،، أمّا الذي يتفكّر فهو يفكّر بنفس تلك الأجوبة التي يعرفها او التي وصل لها هو او غيره

وأحيانا كثيرة جدا لا يحتاج الإنسان لأن يفكّر لأيام وربما لشهور وسنين طويلة من حياته لأنه لم يبحث عن أجوبة خلال تلك الفترة ،، واكتفى أن يعيش حياته من خلال تلك الأجوبة التي يختزنها في كيانه عن حياته ومستلزماتها

فعندما يواجه الإنسان في حياته مشكلة أو معضلة أو موقف ويحتاج لحله او لتجاوزه لأجابات معينة عن أسئلة معينة،، فإنه سيفكّر حينها بتلك الاسئلة ،، ولن يقف عن التّفكير بها حتى يحصل لها على إجابات ،، 

لكنه إن تعرض لنفس ذلك الموقف بعد ذلك فإنه لن يفكّر به مرة أخرى للحصول على نفس الإجابات او على إجابات جديدة ،، بل سيرجع بكل بساطة لذاكرته ليستخرج تلك الإجابات منها ويستخدمها مباشرة في تسهيل حياته

وهكذا فإنّ الإنسان كلما كثرت خبراته في الحياة او في العمل فإنه لن يحتاج لأن يفكّر أكثر ، وستصبح حياته حينها اسرع وسيصبح إنتاجه بها أكثر

وهذا هو سبب طلبهم للخبرة منك حين تتقدم لعمل او لوظيفة ،، لأنّ صاحب العمل لا يريد من يفكّر بل يريد من يعمل وينتج حتى ولو كان آلة لا عقل لها،، 

فكلما زادت خبرات الانسان العملية قلّت حاجته للعقل المفكّر وكثر اعتماده على العقل الذي يستحضر تلك المعلومات المخزونة في كيانه 

وحيث انني أفسّر كل الظواهر حسب ايماني بنظرية العقل الكوني ،، فأقول ان من يؤمن بها يجب أن يؤمن أن العقل الجزئي مهما فكّر وتفكّر واجهد نفسه فإنه لن يستطيع أبدا أن يخرج بنتائج أو صور عقلية جديدة غير تلك الموجودة أساسا في العقل الكوني

فجميع الأسئلة وجميع إجابات جميع الأسئلة التي قد يبحث العقل عن اجوبة عنها ولها في يوم من الأيام او في زمن من الأزمان  ،، فإنّها كلهاا موجودة فعلا في العقل الكوني ،، ولولا وجودها لما استطاع العقل الجزئيي أن يطرح الأسئلة ابتداءا او لان يجد الأجوبة عليها لاحقا

وكلما زادت قدرة العقل الجزئي على الاتصال بالعقل الكوني كلما كانت قدرته أكبر على استحضار الأسئلة والأجوبة ،، كلّ الأجوبة وكل الأسئلة بلا استثناء

فالمؤلف الذي يريد أن يؤلف قصة ويؤمن بالعقل الكوني هو متأكد تماما ان القصة التي يريد تأليفها هي فعلا موجودة الآن كاملة ومرتبة ومفصّلة كيوم خروجها من المطبعة ،،، وما دوره كعقل جزئي الا استحضار تفاصيل ومفردات تلك القصة من العقل الكوني

وكذلك العالم الذي يريد ان يخترع أو أن يكتشف شيء جديد ،، فإنه يؤمن أن الاختراع او الاكتشاف الذي يبحث عنه ،، هو موجود فعلا في العقل الكوني ،، وما دوره في عملية إظهاره الا أن يستحضر منه ذلك الاختراع او الاكتشاف

فكل الأسئلة والأجوبة الممكنة والمحتملة هي موجودة فعلا بالعقل الكوني وما دور العقل الجزئي الا أن يتعرف عليهما أو أن يستحضر تفاصيلها في وجوده

وعليه فإن تعريف التفكير عند من يؤمن بنظرية العقل الكوني يختلف عن تعريفه عند غيره ،، 

فالتفكير معناه حينها هو: استحضار للمعلومة سواء كانت على شكل سؤال او جواب ،، وليس ابتكارا او ابتداعا للمعلومة جوابا كانت ام كانت سؤالا

دعونا الآن نضع هذا التصور في صورة عقلية تصوّريّة لنتصور بها سويّة العلاقة بين العقل الجزئي والعقل الكلي

لنفترض أولا أن اسم العقل الكلّي هو "نون"
وأن العقل الجزئي اسمه "باء"

نون يملك كل الأجوبة وكل الأسئلة في وجوده ،، 
و"باء" يعتمد في وجوده كلّيّا على نون ،، 

فنون يحوي كامل وجود "باء" في مختلف حالات ودرجات وجوده ،،
لأنه هو العقل الكلي ،، 

أو لأنه هو "كلّ شيء" الذي يحوي بوجوده وجود كلّ الأشياء

"باء" ابتدء اليوم بالتفكير ،، يعني بدء اليوم باستحضار الاجوبة والمعلومات الموجودة في "نون" ،، 

بدء يستحضرها من كيان نون الممتلئ ليملاء بها كيانه الفارغ

لو أغلق باء على نفسه معتقدا أنه كيان منفصل عن نون وانه هو من يبتكر الاجابات ويبتدعها فإنه سيعاني في ابتكار الأسئلة وفي الاجابات عليها أيضا

لكنه لو سلّم بأن كيانه الجاهل الفارغ هو جزء من كيان نون العالم الممتلئ بالعلم والقدرة والحياة فأنه سيتجه بكل وعيه نحو نون وسيعمل على تفعيل أو فتح قناة الاتصال او الارتباط التي تربط كيانه ووجوده وتوصله بكيان ووجود نون

لو استطاع باء أن يجعل قناة الاتصال هذه مفتوحة على الدوام فأنه سيحصل حينها وبشكل فوري على جميع الاجوبة لكل الأسئلة التي يطرحها عقله وكيانه

فما أن يطرح عقله السؤال حتى يأتيه الجواب من خلال قناة الإتصال المفتوحة بينهما على شكل صدى لسؤاله

لكن الحصول على نفس السؤال هو نفسه سؤال !!!

يعني لولا أن العقل له احاطة بشكل ما بموضوع ما فإنه لن يستطيع أن يسأل عنه أي سؤال،، فجهله به سيمنعه أو الأصحّ أن نقول أن جهله لن يدفعه للسؤال عنه،، 

لكن لو حصل له احاطة بسيطة حول شيء ما فإنه سيستطيع ان يطرح حوله اسئلة كثيرة،، فالعلم الاجمالي بالشيء قد يدفع صاحبه للبحث عن تفصيل ذلك العلم الاجمالي

مثلا أنت لا تعلم بوجود شيء اسمه ثعلب ،، وحينها فانك لن تطرح عنه اي سؤال لجهلك التام به وبوجوده

لكن لو قلت لك انه يوجد شيء اسمه ثعلب فإنك حينها قد تطرح حوله وعنه الف الف سؤال وسؤال، 

مثل اين يعيش؟ 

وكيف ياكل او يشرب او يتنفس او يمشي او يطير او يلد او يولد او يصيد او يفكّر او او او ؟؟؟؟؟ ...... وحينها فقد لا تنتهي قائمة الأسئلة أبدا

وكل ذلك بدء بمعلومة واحدة صغيرة أخرجتك من حالة الجهل بالثعلب لحالة العلم به

نرجع لـ نون وباء

إذا كان باء جاهل ويعلم بجهله فإنه سيسأل نون دائما نفس السؤال لكنه سيحصل منه في كل مرة على اجابة مختلفة

باء متسائلا : نون ...... ماذا تعرف أيضا يا نون؟

وحينها فإن نون سيجيبه في كل مرة بجواب جديد

نرجع للثعلب

باء : نون ...... ماذا تعرف أيضا يا نون؟

نون: أعرف الثعلب

لو انتقل باء حينها للسؤال عن شيء أخر غير الثعلب فهذا تفكير ،، لانه استحضار للمعلومة فقط

لكن لو سأل باء عن نفس الثعلب فهذا تفكّر

فالتّفكّر هو مثل تسليط عدسة الكاميرا او عدسة الميكرسكوب بشكل مكثّف على شيء معلوم لك

فأنت تسلط الكامرة على المنظر البعيد لكي ترى تفاصيله الشخصية والتفاصيل المحيطة به بشكل أدق وأوضح ،، واذا سلّطت العدسة بعد ذلك نحو زاوية أخرى من زوايا نفس الصورة فأنت تريد معرفة التفاصيل الدقيقة لتلك الزاوية من الصورة


وحين تضع بكتيريا تحت عدسة الميكروسكوب فأنت لا تسأل عن الموجود تحتها ،، فهو معروف بالنسبة لك،، لكنك تسأل حينها عن التفاصيل الدقيقة لذلك الموجود تحت العدسة ،، 

وكلما سلّطت عدسة الميكروسكوب عليه وقربتها منه أكثر وأكثر فكأنك تسأل عن تفاصيله الدقيقة أكثر وأكثر


واذا لم تكفيك العدسات المختلفة للتقرب منه فإنك ستستعمل المجهر الذري بتقنية النانو للوصول الى المزيد والمزيد من التفاصيل الدقيقة الخافية عنك ،، 

وأنت وأنا وجميعنا كعقول جزئية على مستوى الروح أو على مستوى النفوس الناطقة القدسية ،، جميعنا نحتاج دائما لمن نسئله أن يعرّفنا معاني أشياء كثيرة ولا محدودة جميعها موجودة من حولنا ونحن نجهلها 

فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

() يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ  ()

فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

وربّنا حين نسئله معرفة معاني جديدة لا نعرفها ولا نعلم بها فإنه لا يجيبنا شفاهية عن تلك المعاني المجهولة التي نسئله عنها،، لكنه يخلق لنا عوالم جديدة بها تفاصيل جميع تلك المعاني الجديدة التي يريد أن يعلمنا إيّاها

تستطيع أن تقول أن كل مجرّة من مجرّات هذا الكون الكبير هي عبارة عن مدرسة تختلف موادها ودروسها عن بقية مواد ودروس المجرات الأخرى ،، 

وكل كوكب من كواكب هذه المجرة او تلك ،، هو عبارة عن صف من صفوف هذه المدرسة (المجرّة)

ونحن كأرواح وكنفوس ناطقة قدسيّة خالدة لا تموت ولا تفنى نُعتَبَر تلاميذ وطلاب هذه المدارس المختلفة والمنتشرة في أرجاء الكون

وكل حياة سنعيشها أو سنكرّها على هذه الأرض أو تلك الأرض تحت هذه القبة او تحت غيرها تعتبر كحصّة واحدة من الحصص الدراسية في هذه المدرسة
أو كدرس واحد من دروس هذه المدرسة

أو كيوم دراسي واحد من أيام دراستنا على هذه الأرض

وكما اننا بعد انتهاء حصص المدرسة اليومية سنعود للبيت لنقضي به مطمئنين فترة الظهيرة والمساء والليل لنعود إليها ((للمدرسة)) من جديد عند طلوع فجر ثاني يوم ،، 
فإننا كذلك بعد الموتة الكبرى سنعود أيضا لبيتنا الحقيقي لنقضي به فترة معينة مطمئنين مرتاحين ومتنعمين،، وستبدو تلك الفترة لنا زمانيا وكأنها أضعاف مضاعفة لهذه الفترة الزمنية التي نختبرها في هذه الحياة

المشكلة التي قد تواجه بعضنا هي في طريق عودته للبيت وحتى وصوله له

فلو كنت شقيا في المدرسة وتؤذي بها زملائك بالكلمات والحركات والأفعال ،، فستجدهم ينتظرونك خارج المدرسة مع اصدقائهم لينتقموا منك شر انتقام ،، وسيشبعونك ضربا واهانة طوال طريق عودتك للبيت ،، فإنما هي اعمالك وكلماتك وأفعالك داخل المدرسة قد رُدّت إليك بعدها وقبل أن تعود للبيت

لكنك عندما تصل للبيت أخيرا ورأسك منفوخ من كل مكان ستحتضنك أمّك بصدرها الدافئ وتنسيك جميع الآلآم التي عانيتها حتى وصلت للبيت وتبدء من حينها برعايتك واسعادك

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ () ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً () فَادْخُلِي فِي عِبَادِي () وَادْخُلِي جَنَّتِي 
  
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....

.....

السبت، 18 يونيو 2016

ماهو الإسم المكنون؟







بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


 ماهو الإسم المكنون؟

مداخلة كريمة من أخ كريم أحببت أن افرد مقالا جديدا للإجابة عن السؤال المهم المرفق بها

ـ((((داخل في الأشياء لا بممازجه

وخارج عنها لا بمزايلة 

ماهو الإسم المكنون؟ 
أرجو التوضيح))))

 كتبت الكثير عن الاسم المكنون حتى يكاد ذكره لا يخلو منه أيّ مقال من المقالات التي كتبتها مؤخرا

ليس لأن ذكره وفهمه مهم جدا لفهم الوجود والتكوين فقط، بل لأن لذكره حلاوة على اللسان أستشعرها حين أنطق باسمه أو اكتبه او حتى حين أذكره بيني وبين نفسي في عتمة الليل

من يفهم الاسم المكنون سيعرف ان الناس كلهم يحومون حوله بدون أن يعرفوا أنهم كلهم يحومون حوله ومنشغلون به

ظاهر الناس أنهم مختلفون فيما بينهم وكل فرقة منهم تدعي أنها هي الاصح وان عقيدتها هي الأكمل من بين الجميع 

لكن الواقع انهم كلهم متفقون على الجوهر ويختلفون على الاسماء وطرق التعبير والتوصيف،، وكل هذا الإختلاف طبعا بسبب رجال دينهم الذين يحللون لهم الحرام ويحرمون عليهم الحلال

الإسم المكنون هو عين الله التي ليست كالأعين وليس كمثلها عين
الإسم المكنون هو يد الله التي ليست كالأيدي وليس كمثلها يد

الإسم المكنون هو جنب الله الذي ليس كالأجنب وليس كمثله جنب

الإسم المكنون هو شيء ليس كالأشياء
الإسم المكنون هو شيء ليس قبله شيء

لا تستعجل الحكم

الإسم المكنون هو شيء ليس قبله شيء لأن الله المعنى المعبود الذي خلقه أو أبدعه ابداعا لا من شيء ليس شيء

يعني الله المعنى المعبود الذي خلق أو أبدع الاسم المكنون إبداعا لا من شيء لا يمكننا أن نطلق عليه صفة أنّه "شيء"

فهو ليس شيء وليس لا شيء

الإسم المكنون هو مشيئة المعنى المعبود التي يبدعها لا من شيء ويخلق الأشياء بها

أنظر لنفسك كأنسان يفعل وقل لي أين هي مشيئتك التي تفعل بها جميع ما تفعل؟

لن يمكنك أبدا أن تضع اصبعك على أيّ نقطة في وجودك وتقول هذه هي مشيئتي التي بها اشاء ان اقوم واقعد واركع وأسجد

لكن كل وجودك وحركاتك وسكناتك ناتجة من مشيئتك وعن مشيئتك التي لا تعرف من أين تنبع منك او من اين تصدر فيك

فأنت تخلقها قبل كل حركة تتحركها مهما كانت صغيرة ،، كما وتخلقها كذلك قبل كل سكنة تقرر أن تسكنها مهما كانت قصيرة

هل توجد علة لهذه المشيئة؟ 

أي هل يوجد سبب يدفعك كإنسان لأن تشاء؟ 

يعني هل توجد علة تسبق المشيئة في وجودها تدفعك لابتداع المشيئة او الإسم المكنون الذي ستفعل به جميع ما ستفعل؟

نعم يوجد

انه الحب

فأنت كانسان لا تشاء أن تفعل الا ما تحبه،، يعني لكي تشاء ان تفعل شيء حتى ولو كان ان تنطق بحرف واحد فيجب عليك قبل أن تشاء النطق به ان تحب النطق به 

تستطيع أن تقول أن الحب هو وعاء المشيئة، أو رحم المشيئة؟

أين هو هذا الحب؟

إنظر حولك وأينما رأيت شيء فلقد رأيت مظهر لها
وبنفس الوقت أينما رأيت شيئ فلقد رأيت كذلك مظهر للمشيئة

فالحب والمشيئة شيئان مخلوقان متلازمان لا يمكن أن يظهر أحدهما بدون ظهور الآخر معه

فالمشيئة لا تظهر بدون الحب ، والحب لا يظهر بدون المشيئة

فهما بحران إلاهيان ،، حين يلتقيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان

الحب هو المبدء الأنثوي في الوجود والمشيئة هي المبدء الذكري في الوجود

وعندما يلتقي المؤنث الالهي مع المذكر الالهي يخرج منهما هذا الوجود بكل مظاهره

يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان

 فالإسم المكنون هو المبدء الإلهي الذكري المكنون في المبدء الإلهي الانثوي

فلا يوجد عِدْل للمبدء الأنثوي الإلهي سوى المبدء الذكري الإلهي

الإسم المكنون مكنون في مصباح 
والمصباح مكنون في زجاجة 

والزجاجة مكنونة في المشكاة

الاسم المكنون هو من ينير المصباح 

والمصباح له نور 

بل له أنوار 

بل هو نفسه الانوار التي بعضها فوق بعض

ونور المصباح يجعل الزجاجة وكأنها كوكب دري

الاسم المكنون هو من يجعلك إنسان، فهو باطنك وأنت ظاهره

 أنت كوكب درّي بفضل الاسم المكنون المكنون بك، فهو نور وجودك ووجودي  ووجود كل الوجود

 الإسم المكنون هو الماء الذي به تحيا الأشياء كلها وتشعر بوجودها

الإسم المكنون هو نبع الحياة الذي لو انزلت قطرة منه على جبل لا حياة به لدبت به الحياة ولرأيته من حينها خاشعا متصدعا من خشية الله

لأن الإسم المكنون خُلق وهو خاشع متصدع من خشية الله، ولأن الجبل لا أناً له كأنانا تمنعه من خشية الله

الإسم المكنون هو القرآن الكريم المكنون في الكتاب المكنون

الإسم المكنون  إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ  فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ

الكتاب المكنون هو الجوهرة الحيّة بالذات، وهو شجرة طوبى وسدرة المنتهى

والكتاب المكنون هو الجوهرة الحية بالذات لأن القرآن الكريم أو الاسم المكنون نبع الحياة وروحها مكنون به ولا يفارقه أبدا أبدا

فهو من الكتاب المكنون والكتاب المكنون منه

فالاسم المكنون هو روح الكتاب المكنون المكنون بين جنبيه

الكتاب المكنون هو ظاهر الإسم المكنون 

والاسم المكنون هو باطن الكتاب المكنون

الكتاب المكنون هو النور الأول، هو النور المحمدي

والأسم المكنون هو النور العلوي وهو منوّر النور المحمدي

وكلهم نور واحد،

أنهم :  قُرْآنٌ كَرِيمٌ  فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ


 من يحب معرفة المزيد عن معنى الاسم المكنون ووظيفته يمكنه مطالعة المقال التالي فبه إن شاء الله بعض المزيد من التفصيل .







وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأبرار
.
..
...
....

.....