بسم الله
الرحمن الرحيم
اللهم صلي
على محمد وآل محمد
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي صورة ذلك المجتمع الذي قرر
رب الملائكة والروح أن يُنزل به رسالة الإسلام؟
وما هي الصورة التي بمخيلتنا عن
ذلك المجتمع؟
ولو كانت الصورتان مختلفتان فكيف
سيؤثر ذلك على حكمنا اليوم على ما جرى في ذلك الزمان من الأحداث؟
ولكي نستطيع أن نطلق أحكام صحيحة
على أيّة أحداث جرت في أيّ حقبة زمنية عبر التاريخ فيجب علينا أن نحاول قدر
استطاعتنا أن نُلم بصورة ذلك المجتمع في تلك الحقبة الزمنية
وحيث أنه لا توجد أفلام صوريّة
توثّق لنا صورة ذلك المجتمع أو أفلام أمريكية لا تخجل من إظهار أية صورة همجية
مهما كانت سلبية ، فيجب علينا أن نبحث عنها من خلال استعانتنا بقرائن أخرى من
الممكن لها أن تعطينا صورة شبه واضحة عن شكل المجتمع وأفراده في تلك الحقبة الزمنية
وأفضل القرآئن التي من الممكن لنا
أن نستعين بها لذلك هي نوع الملابس التي كانوا يلبسونها ونوع الاطعمة التي كانوا
يأكلونها ووصف المنازل التي كانوا يسكنونها ونوع الاسلحة التي كانوا يتسلحون بها
وكذلك نوع مركوباتهم التي كانوا يتنقلون بها
طبعا نحن هنا لا نتكلم عن صورة
المجتمع بعد نزول رسالة الاسلام لكن عن صورته قبل نزولها
أفراد المجتمع حينها كانوا
ينقسمون لقسمين: أحرار وعبيد
والغالبية العظمى من أفراد ذلك
المجتمع كانت حينها من فئة العبيد
وملابس العبيد ذكورا وإناثا كانت
تتكون من قطعة واحدة فقط على أحسن الإحوال
فأطفال العبيد كانوا غالبا ما
يبقون عرايا حتى يبلغوا حدّ الرجال أو حدّ النساء ،، وحينها فقط يتم كسيهم بقطعة
القماش الواحدة والتي غالبا لا يزيد عرضها بالنسبة للنساء عن ثلاثة أو أربعة أشبار
يعني ستغطي فقط مقدار شبر فوق
الخصر وشبر أو شبرين تحته
أمّا الرجال فمن يستطيع أن يلف
قطعة القماش تلك بشكل يغطّي بها فقط أجزائه التناسلية من الامام والخلف ليسترها لا
عن النظر بل عن الحشرات والأتربة والعرق فهذا أفضل
فالتعري في ذلك الزمن لم يكن من
الامور المعيبة او المستهجنة،، خصوصا مع الجو الحار جدا والمُترب طوال السنة ،،
وأيضا بسبب الفقر المدقع الذي كانت آثاره تصبغ المجتمع حينذاك ، وبسبب غلاء
الأقمشة التي كان يجب عليهم غالبا أن يستوردوها من مناطق أخرى في رحلتي الشتاء
والصيف أو من خلال نهبها من بعضهم البعض خلال غزوهم بعضهم البعض
أمّا الأحرار فلم يكن الأمر يختلف
معهم كثيرا،
فالفقراء منهم حالهم في ذلك كحال
العبيد
والأغنياء يمنعهم الحر الدائم من
الإكثار من قطع الملابس ،، وربما كانوا يتميزون عن الفقراء والعبيد بنوع الاقمشة
وألوانها فقط، وبدل القطعة تصبح قطعتين
لكل تلك الأسباب وغيرها فإن
التعري في ذلك الزمن لم يكن من الامور المعيبة او المستهجنة
ولذلك فلقد كان من الطبيعي جدا
ومن غير المستهجن أيضا أن يطوف النساء والرجال عرايا حول البيت الحرام في مواسم
الحج
فنحن حاليا نخفف ملابسنا الكثيرة
خلال مناسك الحج فنجعلها قطعتين ،، وهم بدورهم كانوا يخففون ملابسهم فيلقون تلك
القطعة الواحدة جانبا
والأمر لم يكن مَعِيبا
فمن حيث
الملابس كان التعري هو الصفة الغالبة على المجتمع
نأتي الآن
للطعام
لنفس ظروف الفقر والجفاف وعدم
الزراعة واعتماد المجتمع على الرعي وكثرة العبيد فمن الطبيعي أنهم كانوا يأكلون كل
شيء يدب على الأرض بل وأيضا كل شيء كان يدب على الأرض
فهم كانوا يأكلون حتى تلك
الحيوانات التي كانوا يجدونها ميتة على قارعة الطريق
وكانوا يشربون الدم ويأكلون
الخنزير وما تتركه السباع من فرائسها
وربما أنظف ما كانوا يأكلونه من
الطعام هو التمر واللبن والملح واللحم المقدد، وبالطبع فإن تلك الأغذية كانت غالبا
من نصيب الأغنياء والاحرار منهم فقط
أمّا المنازل فكان من الطبيعي جدا أن ترى منها من لا يكون لها أبواب تستر من يقطنون
داخلها عن أعين المارّين من أمامها
فهي إمّا تكون خيام أو تكون
مسقفات من الطين وجريد النخل وبدون أبواب
أمّا الأسلحة فهي الاقواس والرماح والسيوف والخناجر وبعض الدروع
الخفيفة
أما المركوبات فهي الحمير والبغال
والخيول والجمال ،، وغالبا ما لم يكن عندهم عربات أو أي شيء صناعي لطبيعة البيئة
الترابية التي لا تسمح باستعمالها للسفر والنقل والتنقل ،، وأيضا بسبب التخلف
الفكري الذي كان يسود تلك المجتمعات القائمة على السلب والنهب
إجمالا لو اننا أردنا أن نصفهم
بصورة نعرفها اليوم فهم كانوا حينها أشبه ما يشبهون شعوب أفريقيا التي تعيش اليوم
في الادغال العميقة والمنقطعة عن كل مفردات الحضارة الحديثة
فهذه الشعوب اليوم هي إمّا تعيش
بانقطاع تام عن كل ما حولها أو انها ترسل في كل سنة بعض افرادها للمدينة في رحلة
الشتاء والصيف الخاصة بها،، ليحضروا لهم بعض ما يحتاجونه منها
في مثل هذا المجتمع المتخلف أو
الأكثر تخلفا قرر رب الملائكة والروح أن يُنزل رسالة الاسلام
هدف الإنزال بينهم هو لوضع نواة
لبذرة نورانية سترفع مع الأيام مستواهم العقلي والاخلاقي والمعرفي
وهذه العملية لا تتم بشكل عشوائي
ومن غير تخطيط
فيجب أن تكون هناك خطوات تسبقها
قبل بدايتها وخطوات أخرى تتبعها بعد انتهائها،، والهدف من تلك الخطوات السابقة
واللاحقة هو ضمان استمرارية هذه البذرة النورانية التي سترفع مع مرور الأيام
مستواهم العقلي والاخلاقي والفكري
الآن تخيّل معي أن رب الملائكة
والروح قرر أن ينزل رسول جديد برسالة جديدة على إحدى قبائل الزولوا في أدغال
أفريقيا والتي لا زال معظم افرادهم عراة
فهل تتخيلون أنهم سيطيرون فرحا
بهذا الرسول؟ وأنهم سيقبلون بالتغيير الذي سيدعوهم إليه؟
بالتأكيد كلا
وهل ترون أنه من الحكمة أن يرسل
لهم هذا الرسول الجديد لوحده حتى ولو أرسله لهم بمعجزة كبيرة؟ أو انه أيده خلال بعثته
تلك بمُعين ظاهر واحد فقط يمشي على نفس منهجه ودعوته ،، ودعوته لهم بعد موت او قتل
الرسول تكون نفس دعوته قبل موته او قتله؟
نعم قد ينجح الرسول بلفت نظرهم
بتلك المعجزات ما زال هو ومعجزاته بينهم ،، لكنه وبمجرد أن يموت أو يُقتل فسوف
يعود كل شيء لما كان عليه ، وما لم ينجح به الرسول خلال حياته بالتأكيد لن ينجح به
المُعين الذي أُنزل معه ،، خصوصا وانه سيبقى بعده فريدا وحيدا وسيقتلونه أخيرا كما
قتلوا الرسول من قبله
من هنا كانت الضرورة للخطوات
السابقة للرسالة وللخطوات اللاحقة لها،، وكلها هي من تنزلات الملائكة والروح بينهم
ومن تخطيطهم لكي يحققوا من خلالها
هدفهم برفع وعي وفكر واخلاق ذلك المجتمع المتخلف
وعملية الرفع للفكر والاخلاق والوعي
هذه لا يمكن إلا أن تكون عملية تدريجيّة
من هنا كانت الضرورة لوجود فريقين
أو حزبين يقومان تدريجيا بعملية الرفع هذه
وهكذا كان الأمر دائما بين تلك
الأقوام التي تنزل الرسالات بها
فاعضاء الحزبين ينزلان دائما بين
الناس ،، لكن أحدهما هو حزب ظاهر بين الناس والآخر هو حزب خفي بينهم،، لكنهما
كلاهما سوية هما حزب الله ،،
لكنهما فرعين مختلفين من نفس
الحزب ويسعيان لهدف واحد وهو الارتقاء بالناس فكريا وعقليا وأخلاقيا
الحزب الظاهر بين الناس هو
المعروف بحزب الله ،، وهم الانبياء والرسل والاولياء الذين سيظهرون بينهم وبزمانهم
فقط
أمّا الحزب الخفيّ بينهم فهو حزب
الشيطان وهو الحزب الذي سينزل أفراده بينهم ويختفون وسطهم قبل نزول الانبياء
والرسل،، وسيعاصروهم كذلك في زمانهم ،،
وأخيرا سيستلمون قيادة الناس من
بعدهم
وهؤلاء هم الشيطان وحزبه ،،
حزب الشيطان له تفرعات كثيرة ،،
لأن مهمته طويلة وكبيرة ،،
فالمؤسسات السياسية وقادتها هي
أحد أهم تفرعاته
والمؤسسات الدينة ورجالها هي أيضا
أحد أهم تفرعاته
بالاضافة للمؤسسات المالية
والعسكرية والتجارية والعلمية والتعليمية وغيرها كثير
وكلها تنتمي لهذا الحزب الشيطاني
والذي يجب أن تكون قيادته مسيطرة عليها جميعها سيطرة تامة ،، فتديرها ادارة واحدة
لتخدم هذا الهدف الواحد الذي يسعى الحزبان سوية لتحقيقه
من الوصف السابق نكتشف أن الحمل
الأكبر لتحقيق هذا الهدف ولغاية يوم الوقت المعلوم يوم انتهاء دولة حبتر وبداية
ظهور دولة وعد الله الامام المهدي الذي عنده من العلم ما لم يؤتى أحد من العالمين
إنما يقع على كتف حزب الشيطان وليس على كتف حزب الله
نعم حزب الله يقوم حاليا بأداء
وظائف ومهام أخرى مهمة جدا يمكننا أن ندركها من خلال معرفة ما كان العبد الصالح
وحزبه وقيادته يقومون به من المهام ولا زالوا يقومون بها ،، لكنها لا تتداخل مع
اختصاصات حزب الشيطان من السياسة والتجارة ومشاركة الناس بالاموال والاولاد
وافتعال الازمات المختلفة والتي كل ازمة منها سترفع وعي الناس درجة جديدة
فالتفسير الدارج بين الناس إن إبليس
في اجتماع الملأ الأعلى قد طلب النظرة من رب العالمين ليوم يبعثون هو أنه طلب
تأجيل أن يقع عليه العذاب بسبب معصيته لأمر السجود ليوم يبعثون
لكن الامام يقول لنا في تفسيره
لقوله تعالى: (والليل إذا يسر) أن دولة حبتر هي المُنظرة وهي الحاكمة على الناس
ليوم قيام القائم ، وهو نفسه يوم الوقت المعلوم،، فدولة حبتر هي السارية على هذه
الأرض إلى قيام القائم (عليه السلام).
فهو قد طلب النظرة وحصل عليها
ودولته
مستمرة الى يوم الوقت المعلوم يوم انتهاء هذه النظرة
ونحن نعرف من الروايات أن حبتر هو
الشيطان ،، فحبتر هو رجل إبليس الأكبر على هذه الأرض
إبليس ليس شيطانا
وإبليس ليس الشيطان
إبليس هو كبير الشياطين ورئيسهم
،، لكنه ليس شيطان
نعم هو كان من مجموعة الكافرين في
بداية اجتماع الملآء الأعلى ،، لكنه أصبح بنهايته سيدهم وحاكمهم ورئيسهم
من يريد أن يصدق كلام الامام
الصادق يجب أن يصدق أن حبتر كان هو الحاكم السياسي والمالي والاخلاقي الفعلي لهذه
الأرض فيما مضى
وهو لا يزال من يحكمها وسيبقى
يحكمها باذن الله وانظاره له حتى يوم الظهور المبارك،، فهو وزريق من المنظرين وكلاهما
يعملان بأمر إبليس
ولا أقول هذا الكلام كأمر سلبي ،،
فمن أنا لأعترض على حكم رب العالمين وحكمته الأعلى وتقديره الأدق وقضائه المبرم
أقول هذا لأذكّر نفسي أن أقول
للدنيا دائما وأبدا تماما كما كان أمير المؤمنين يقول مخاطبا لها ((يا دنيا غُرّي
غير))
فتذكّري يا أناْ أنك عندما تدخلين
على سلطان من سلاطين الدنيا وتخضعين أمامه فإنك انما تخضعين لحبتر
وتذكّري انك ان ملتي وهويتي سلطان
من سلاطينها فإنك إنما ملتي وهويتي حبتر
تذكّري انّ تبرّوئك من حبتر لا
يجب أن يكون باللسان فقط
بل بالقول والعمل وبعدم جريك خلف
مغرياته ورجاله
فكلها وكلهم حبتر ومن حبتر
أيّتها النفس دعي حبتر لمن يهوون
حبتر،
دعيهم يدافعون عنه بصوره المختلفة
دعيهم يميلون معه كالريح كيفما
مالت
ودعيهم ينعقون مع رجله كيفما نعقوا
وتمسكي بوعد الله وبأمر الله
وبوجه الله
فهو الملجأ والعاصم
فلا عاصم من أمر الله يوم لا عاصم
من أمره إلا من رحمه الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار
.
..
...
....
.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق