الخميس، 26 مايو 2016

المعصوم









بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المعصوم

 وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 

وجنوده هم الملائكة والروح



 تنبئنا قصة نبي الله وكليمه موسى في سورة الكهف المباركة مع العبد الصالح على نبينا وآله وعليهما السلام عن وجود عدة درجات للعصمة قد تصل الى أربعة درجات وربما أكثر، وبينت لنا كذلك أن سبب تفاوت درجات العصمة يعود لتفاوت درجات العلم والمعرفة التي يعلمها رب العالمين لصاحب كل درجة منهم 

وأوّل درجات العصمة أو أقلها عصمة من التي بينتها لنا القصة هي درجة عصمة نبي الله وكليمه موسى على نبينا وآله وعليه السلام

ودرجة عصمته الدانية هذه كما تقول لنا الروايات قد أباحت له او دفعته في أحد المواقف مع العبد الصالح أن يغضب منه غضبا كبيرا حتى أمسك به وجلد به الأرض، يعني حمله عاليا وضرب به الأرض بقوة ، تماما كما يفعل المتصارعون ببعضهم البعض في حلبات المصارعة

لكنه رغم ذلك غير مأثوم على فعلته تلك والتي سببها كان مبلغه المحدود من العلم ،، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها

أمّا درجة العصمة الثانية فهي درجة عصمة العبد الصالح عليه السلام وهو أحد جنود الله في الأرض

ودرجة عصمته هذه أباحت له بقرار آني اتخذه بنفسه من أن يخرق سفينة المساكين ويعيبها فيقطع رزقهم لفترة معينة من الزمان

 أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا

فالقرار في إعابة سفينة المساكين كان قراره الذاتي ومن علمه الذي علمه إيّاه رب العالمين ولم يستشر فيه أحد غيره

وهو أيضا غير مأثوم على فعلته هذه ، فدرجة علمه أباحت له أن يعيبها بقرار ذاتي اتخذه من نفسه وحسب علمه لحماية المساكين

ويبدو أن حدود علمه وقراراته الذاتية التي لا يرجع بها لمن هم أعلى منه تقتصر على حماية المساكين من ظلم المستكبرين في مواقف معينة وبقرارات وأفعال قد تبدو للناس أنها عدائية او غير مفهومة او غير مبررة ، بغضّ النظر إن كان هؤلاء المساكين من المؤمنين أو من غير المؤمنين ، وذلك بغرض الحفاظ على درجة من الموازنة بين الظالمين والمساكين في هذه الأرض، فلا يطغى الظالمون فيها طغيانا كبيرا تنعدم معها جميع فرص الحياة للمساكين

أمّا درجة العصمة الثالثة فهي درجة عصمة المجموعة التي كلفته بقتل الطفل والذي كان من المفترض أن يرهق والديه المؤمنين طغيانا وكفرا حين يشبّ ويكبر

ويبدو أن مهمة هذه المجموعة من جنود الله في الأرض هي أن تمحوا ظهور ما محاه نون من المقادير التي أثبتها القلم في الكتاب سابقا وأن تحرص بعد ذلك على ظهور ما أثبته نون منها

يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ 

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ 

فالله يسطر بنون لعباده ما يشاء من المقادير الجديدة بدل تلك المقادير والأحداث والأرزاق التي كان قد قسمها وقدّرها وكتبها لهم سابقا

وهذه المجموعة من جنوده في الأرض مهمتها أو وظيفتها في الأرض هي أن تحرص على تهيئة مسرح الحياة لظهور تماما ما أثبته في كتابه وفي تمام موعد ظهور الذي أثبته

فهذه المجموعة من جنود الله في الأرض تصلها التحديثات أولا بأول ومن مصدر أعلى منها في عالم الأمر على ما تم محوه واثباته من الأحداث التي تقرر أن تتنزل الملائكة والروح بها ، وهي بدورها تقوم على الأرض بعمل اللازم لخلق حالة التناغم بين ما تم تقريره بعالم الأمر وبين ما سيتم إظهاره فعلا في عالم الخلق

والعبد الصالح أضاف نفسه هنا لهذه المجموعة المعصومة من جنود الله لأنّه الجندي المنفذ منهم لهذا الأمر ،، فهو معصوم ضمن عصمة هذه المجموعة المنفّذة، لكنه لا يتخذ بنفسه أو لوحده القرارات التي تشبه قرار قتل الطفل لغرض استبداله بغيره

أما درجة العصمة الرابعة أو الأعلى التي تبيح لصاحبها أن يقرّ او أن يصدر تلك القرارات المختلفة التي قد يتخذها جنوده في الأرض من أنفسهم أو أن ينفذونها بعد أن تصلهم المعلومات المطلوبة فلقد أثبتها العبد الصالح لرب موسى على نبينا وآله وعليه السلام

وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا  

فصاحب القرار المباشر في تدبير أمور كل أفراد مجموعة الصالحين هو الله رب العالمين أو هو رب موسى على نبينا وآله وعليه السلام

 إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ

من هو رب موسى؟

 إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى

انه من كلم موسى من الشجرة على طور سيناء، ولقد كتبنا في هذا الأمر مقال أوضحنا اعتقادنا به من خلال بعض الآيات والروايات ، وسأرفق رابط ذلك المقال لمن يحب الاطلاع عليه






 رب موسى هو رب العالمين، ورب العالمين تعني أنه هو من يربّي العالمين

والمربي له أن يثيب ويعاقب من يربيهم حسب علمه المطلق وقدرته المطلقة وحكمته المطلقة

ورب العالمين لا يثيب ويعاقب عباده بشكل عشوائي ومزاجي رغم انه يستطيع ذلك وله كامل الحرية في أن يفعل ذلك، لكنه يثيب ويعاقب حسب قانون واحد ثابت وساري على الجميع وهو:ـ

 وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  

والتربية هي نفسها عملية التعذيب، حيث قلنا سابقا أن فعل التعذيب أصله من العَذْب

وقلنا حينها أن التعذيب هو زيادة العذوبة

فعندما يكون عندك ماء عذب وتضع به بعض الملح فإنّك قمت حينها بتمليحه أي انك قمت بزيادة ملوحته

لكنك عندما تقوم بسحب نفس ذلك الملح من نفس الماء فإنك تقوم حينها بتعذيبه أي انك تقوم بزيادة عذوبته

ورب العالمين عندما يربي فغرضه وهدفه من التربية هو أن ينقّي من يربيهم من جنود الجهل،، أي ينقيهم من مساوئ الأخلاق فلا يبقى فيهم إلا مكارم الأخلاق

فرب العالمين عندما يربّي عباده تربية شديدة فإنه يعذّبهم عذابا شديدا بمعنى أنه ينقّيهم تنقية شديدة

فنحن على المستوى الفردي عندما نربي أبنائنا فان هدفنا من التربية هو أن ننشأهم نشأة صالحة وأن نغرس بهم القيم والمبادئ الحسنة والجميلة، وبنفس الوقت نسعى كذلك لأن ننقيهم من العادات والاخلاق السيئة

وعندما نعاقبهم لسوء فعل فعلوه فذلك لأننا نريد أن ننقّيهم من ذلك السوء لكي لا يعودوا للأنطلاق منه مرة أخرى في أفعالهم

وهكذا هو هدف رب العالمين من تربيته أو من تعذيبه للعالمين

فهو يريد تنقيتنا من تلك الطينة التي عُجنت بماء الملح الأجاج والتي خلطت بطينتنا التي عُجنت بالماء العذب الزلال

فحين يربينا ربنا رب العالمين او حين يعذبنا فانه يريد ارجاعنا كما كنا في بداية خلقنا من فاضل طينتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عذبين صافين من الكدورات وفي أحسن تكوين 

مقطع من رواية جنود العقل والجهل للامام الصادق عليه السلام :ـ

ـ((فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان
وأما سائر ذلك من موالينا  
فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود  
حتى يستكمل وينقي من جنود الجهل  
فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء 
وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته.))ـ


وحينها فقط سنكون مؤهلين لأن نعود لهم ومعهم وإلى حيث أصلنا ومنبعنا في السماء 

ومع أهل السماء الذين كلهم خُلقوا من طينتهم ثم خُلطت طينتهم بالطينة المعجونة بالماء الملح الاجاج ثم تم تعذيبهم بعد ذلك عذابا شديدا في عوالم الخلق حتى عادت طينتهم لأصلها فرفعوهم حينها معهم الى عالم السماء ليتشاركوه معهم

نعود للعصمة ونذهب لأمير المؤمنين عليه السلام لنرى ما هو أساس وسبب العصمة ولماذا أن العصمة هي درجات متفاوتة وليست درجة واحدة

من حديث طويل لأمير المؤمنين مع طارق بن شهاب يصف له به مواصفات من يتسنم منصب الإمامة أقتطع لكم منه هذا المقطع الذي به تبيان حقيقة الامامة ومنبع العصمة:

 ـــــــوالإمام يجب أن يكون 
عالما لا يجهل، وشجاعا لا ينكل، 
لا يعلو عليه حسب، ولا يدانيه نسب، 
فهو في الذروة من قريش والشرف من هاشم، والبقية من إبراهيم 
والنهج من النبع الكريم، والنفس من الرسول والرضى من الله، والقبول عن الله
فهو شرف الأشراف، والفرع من عبد مناف
عالم بالسياسة قائم بالرياسة
مفترض الطاعة، إلى يوم الساعة

 أودع الله قـــــلــــبــــه سـِــــــــرّه
 وأنــــــــــــطـــق بـــــــــــه لســـــــانــــــــــه
  فــــهــــو مـــعـــــــصـــــــوم مـــــوفّـــق 
ليس بجبان ولا جاهل 

فتركوه يا طارق، واتبعوا أهواءهم (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) . 

 والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي
وأمر إلهي وروح قدسي
ومقام علي ونور جلي وسر خفي

 فهو ملكي الذات إلهي الصفات
 زائد الحسنات عالم بالمغيبات

 خصّا من رب العالمين، ونصّا من الصادق الأمين

 وهذا كله لآل محمد صلى الله عليه وآله لا يشاركهم فيه مشارك، لأنهم معدن التنزيل، ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل ـــــــ ............إنتهى النقل

سرّ العصمة إذن ومنبعها الأصيل كما بينها لنا أمير المؤمنين هنا بهذا القول البليغ المختصر:

أودع الله قلبه ســـــــــرّه 
وأنــــــــــــطق بـــــــــــه لســـــــانــــــــــه
  فهو معـــــــصـــــــوم مـــــوفّق 
ليس بجبان ولا جاهل
.

فالناطق على لسان الإمام المعصوم هو سرّ الله الذي أودعه في قلبه

وسرّ الله كما تبين لنا سابقا والذي لم يخرج منه إلا إليه هو الإسم المكنون المخلوق

إنه الرقم تسعة سرّ الوجود وروحه الذي طلما تحدثنا عنه في مقالات سابقة وكثيرة

وقلنا فيها أن الإسم المكنون المخلوق 
مكنون في كل الخلائق المخلوقة في هذا الوجود المخلوق

إنه مكنون في صغيرها المخلوق مهما صغر ومكنون كذلك في كبيرها المخلوق مهما كبر

فهو كإسم مكنون مخلوق مكنون بكل الاسماء العظمى والحسنى المخلوقة وينطق من قلوبها على لسانها جميعها،  لكنه ينطق على لسان كل إسم مخلوق منها بحسبه ومقداره


ولمن يريد أن يفهم قصدي من الجملة السابقة عن الاسم المكنون بشكل أكبر وأوضح أنصحه قبل أن يكمل هذا المقال ان يقرء المقال التالي والذي حاولت به من خلال الأمثال أن ابسط الفكرة الى أقصى حد ممكن





http://aythari.blogspot.de/2016/01/blog-post_94.html




وبنفس الطريقة التي شرحتها بهذا المقال عن كيفية مكونه في جميع الاسماء وتحريكه لها من باطنها على مختلف درجاتها ، فإن عصمة جنود الله في الأرض وفي السماء من الملائكة والروح أيضا تختلف درجاتها باختلاف مقاماتها ووضائفها ومهامها

فالإسم المكنون المكنون في جنود السماوات والأرض هو من ينطق على ألسنتهم جميعهم ،، لكنه  ينطق على لسان كل واحد منهم حسب مقامه ودرجته ومهمته وحاجته من العلم في كلّ آن من الآنات

فَهُمْ وأقصد جنود الله في سمائه وأرضه من الملائكة والروح لا يعلمون بكل شيء دفعة واحدة، لكنهم سيعلمون أي شيء يريدون معرفته في أي موقف يواجهونه بمجرد أن يشاؤون معرفته، فالاسم المكنون سينطق حينها من قلبهم على لسانهم بتمام وكمال ما يريدون معرفته في ذلك الموقف

فالإسم المكنون المخلوق قد أودع الله المعنى المعبود به علم ما كان وما يكون من الأمور الى انقضاء الساعة كعلم إجمالي لا تفصيل به والملائكة والروح يطلبون من هذا العلم ما يحتاجونه منه في أي موقف يواجهونه 

فهم حين يُعملون مشيئتهم ويطلبون بها ما يريدون من تفاصيل العلم فإنهم بذلك يساهمون في إظهار تفاصيل العلم الالهي المجمل والمودع بالإسم المكنون وإخراجه من حالة مكونه وإجماله لحالة ظهوره وتفصيله ، علم بعد علم ، لما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة

لكن هل يوجد درجة عصمة هي أكبر أو أعلى من درجة عصمة رب العالمين؟

بالتأكيد لا يوجد من له درجة عصمة أكبر من درجته

فرب العالمين هو نفسه نفس الاسم المكنون لكنه هو الظاهر بين الخلق 

فالاسم المكنون حين أراد أن يتجلّى بنفسه تجلى بالامام المعصوم الذي هو رب العالمين

الاسم المكنون عندما اراد ان يتجلى بنفسه ويظهر بين الخلائق  تجلى بإسمين يمثلانه أكمل وأتم وأجلى تمثيل

تجلى بالاسم المخلوق الله ، وتجلى بالاسم المخلوق الرحمن


فإذا أردت أن تتوجه للاسم المكنون وتدعوه فلا فرق حينها ان توجهت للاسم المخلوق الله ودعوته او ان توجهت للاسم المخلوق الرحمن ودعوته


فالاسم المكنون هو المشيئة التي خلقها الله المعنى المعبود بذاتها وخلق الأشياء بها 

والكتاب المكنون الذي له أربعة عشر وجه هو وجه الإسم المكنون الذي اينما ولّيت وجهك فثمّ هو

 الكتاب المكنون الذي استكنّ به الاسم المكنون هو اسم مخلوق لكنه لن يفنى حتى وإن فني كل من عليها  

ولذلك لا توجد درجة عصمة أكبر من درجة عصمة إمام العالمين وربهم، لأنه هو العصمة بحد ذاتها وهو من يهب العصمة لمن يشاء من جنوده ومخلوقات مملكته

وهو نفسه من رآه نبينا صلى الله عليه وآله في الأفق الأعلى وكذلك هو نفسه من رآه حين دنا وتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى


  





وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....

الأحد، 22 مايو 2016

حقيقة النفس العليا // من عرف نفسه عرف ربه










بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حقيقة النفس العليا
ما معنى النفس العليا ومن هي؟
من عرف نفسه عرف ربه

هذا هو جزء من رسالة طويلة بعثها لي أحد أصدقاء الصفحة الأكارم يطرح بها عليّ عدة أسئلة عن بعض ما اكتبه هنا ،، وأحببت أن اشارك جميع أصدقاء الصفحة بجوابي له عن ما سأله وأيضا الموضوع الذي الحقته به،، وذلك لأنني فعلا تحدثت كثيرا عن هذا الأمر ويحتاج مني الى توضيح أكبر،، وهو يدور عن النفس العليا
الــــــــــســـــــــــؤال
إقتباس ((((((من يومين وجدتني في الرؤيا احدث احد امامي ويقول لي انني صورة من هناك او من اللي هناك وكان امامي ورقة مثل صفحة من المصحف شكلها جميل،، فماذا يعني ذلك))))))
جــــــــــــــوابـــــــــــــي
بالنسبة لمن قال لك أخي الكريم أنك صورة من هناك فهي نفسك العليا
فحسب فهمي فإننا لنا وجود أعلى يرعانا وهو ما يُعرف بالنفس العليا
فأنت هنا تمثل صورة واحدة من صورها الكثيرة،، وعندما اقول أنت فأقصد أنت النفس الناطقة القدسية أو النفس المطمئنة ،،
فنفسك العليا عندها أكثر من صورة ترى نفسها من خلالها ، أي أكثر من نفس ناطقة قدسية تعيش من خلالها جميع ما ترغب به من المشاعر والأحاسيس والمواقف
ونفسك العليا لها ايضا اكثر من مرتبة ،،
الاقل رتبة منها لها ثلاثون نفس ناطقة قدسية
وغالبا يوجد من حولك ربما اكثر من شخص هم أيضا من نفس نفسك العليا
أي انهم صور أخرى من صور نفسك العليا
فهم من نفسك عائلتك السماوية
أو يمكنك أن تقول انهم من أهلك الذين ستنقلب لهم مسرورا
فعندما تفارقهم هنا ستجتمع بهم هناك بعد حين حين تفارق أنت هنا ايضا
المسألة معقدة قليلا ولا أعرف ان كنت ساستطيع ان ابينها بشكل واضح
لكن يمكنك ان تقول ان نفسك العليا القريبة أو أن روحك التي تسكن آمنة في سفينة أو غرفة سماوية ((وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)) وترسلك أنت كنفس ناطقة قدسية الى الأرض لكي تعيش هي من خلالك تجربة مادية ستراها روحك (أحد افراد مجموعة الروح) تجربة جميلة كيفما كانت مشاعرها واحاسيسها التي ستصلها من خلالك تماما كما ستشعر بها أنت
وستتعلم منها كلّ ما ستتعلمه انت من تلك التجربة كنفس ناطقة قدسية
الفرق الوحيد بينك وبينها هو ان خطوتها بالتعلم تعادل ثلاثين خطوة من خطواتك أنت
فنفسك العليا القريبة أي روحك التي هي أحد افراد مجموعة الروح
تتعلم بخطوة واحدة من خلال ثلاثين تجربة ،، وذلك لأن لها ثلاثين نفس ناطقة قدسية وكلها تعتبر امتدادات لها وتتعلم من خلالها
ودرجة نفسك العليا الأرقى منها خطوتها في التعلم تعادل ربما 120 خطوة من خطواتك ،،
ونفسك العليا الارقى منها خطوتها تعادل ربما 360 خطوة من خطواتك

ونفسك العليا الارقى منهم خطوتها تعادل ربما 124000 خطوة لأن لها 124000 نفس ناطقة قدسية ،، وكلها تعتبر صورها وامتداداتها فترى نفسها من خلالها جميعها وتتعلم من خلالها جميعها أيضا
والموضوع المقبل سأحاول إن شاء الله أن ابين به هذا الأمر بشكل أوضح ،، ونسألكم الدعاء اخي الكريم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-----------------
وهذا هو الموضوع المقبل
من عرف نفسه عرف ربه
ما معنى النفس العليا ومن هي؟

ملاحظة : هذا الموضوع طويل نسبيّا لأنّني قد كرّرت به بعض الأفكار بأكثر من صورة ووجه لغرض توضيحها أكثر ،، وذلك لصعوبة تلك الأفكار التي أريد أن اتحدث عنها هنا
((من عرف نفسه عرف ربه))
الروايات التي تؤكد على هذا المعنى العميق كثيرة جدا ،، لكن وبرغم كثرتها لا يزال الكثيرون يؤكّدون أن معرفة رب النفس من خلال معرفة النفس أمر غير ممكن اطلاقا
ولا أعرف من أين أتوا بهذا التأكيد ،،
لكن يبدو من كلامهم أنهم يخلطون بين معرفة رب النفس وبين معرفة الله
وبتعبير آخر : هم يقرؤون الجملة هكذا :
من عرف نفسه عرف ربه
ويفهمونها هكذا:
من عرف نفسه عرف الله
فهم يساوون في تفسيرهم بين مفردة "ربه" وبين كلمة "الله" فيجعلون معناهما معنى واحد
وهذا المنهج التفسيري به خلط كبير جدا لمعاني المفردات والاسماء المختلفة،، ولا أعرف هل أن من اسس بنيانه كان قد اسسه على علم وقصد ام عن جهل واعتباط ،، لكنه منهج يجعل من فهم المعاني الحقيقية للايات والروايات عملية صعبة جدا
فـ رب العالمين ،، ورب الناس ،، ورب الملائكة والروح ،، وربك ،، وربهم ،، وربنا معانيها كله تختلف عن بعضها البعض،،
وكذلك فإن كلّ كلمة تختلف في شكلها وتشكيلها وحركاتها وإعرابها يجب أيضا أن يكون لها معنى خاص بها يختلف عن باقي معاني الكلمات ،، وإلا لأصبحت لغة القرآن الكريم بل حتى لغاتنا الشخصية والجماعية لأصبحت أيضا لغات اعتباطية يستطيع كلّ انسان ان يفسر معاني مفرداتها وجملها حسب هواه ودرجة علمه او جهله ،،،،،
وهذا بحث آخر له من هم به متخصصون ،،
وفي هذا الموضوع سأحاول إن شاء الله أن أبين فهمي لمعنى
((من عرف نفسه عرف ربه))
وذلك من خلال ربطه بفهمي للأيتين الكريمتين التاليتين والتي توجد عشرات الآيات القرآنية الأخرى التي تشبههما أو تؤيد نفس معناهما ،،
ولكنني منعا للتطويل سأكتفي هنا بإيراد آيتين اثنتين فقط ،، وأعتقد أن من له أدنى أنس بالقرآن الكريم سيعرف ان لهما شبيهات كثيرات
بسم الله الرحمن الرحيم
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
------------
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وكلّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ
----------

من هذه الآيات الكريمات وغيرها يمكننا أن نقول أن كلّ الأحداث على مر الزمان ،، وأن كلّ الشخصيات بكلّ حالاتها وبـكل الكرّات التي كرّتها وستكرّها كلّ نفس من الأنّفس الناطقة القدسية من أول خلقها حتى ما شاء الله لها ،،
وأن كلّ ما كان بالماضي وما يكون بالحاضر وما سيكون بالمستقبل ،،
وكلّ ما يمكن أن يخطر على بالنا وما لا يخطر عليه أيضا ،، كلّ ذلك موجود ومسطور في هذا الكتاب المبين
ففي هذا الكتاب المبين لا يوجد معنى للحاضر والماضي والمستقبل ،، كما لا توجد به لحظتين او اكثر بل هي لحظة واحدة فقط تجتمع بها كلّ الأحداث
فكلّ أحداث الماضي والحاضر والمستقبل ،، كلّها موجودة ومثبتة في هذا الكتاب المبين في هذه اللحظة الفريدة الوحيدة ،، فكلها كانت موجودة به منذ البداية ،، وستبقى موجودة به حتى النهاية
فهذا الكتاب المبين لا يزيد ولا ينقص رغم انّه لا نهائي ،، وهذا الكتاب المبين لا يتبدّل حاله من حال لحال لأنّه يحوي كلّ الأحوال
وذلك نفهمه من قوله تعالى:
وكلّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ
فبقوله ((كلّ شَيْءٍ)) فإنه لم يترك لشيء أن يخرج أو أن يشذّ عنه فيزيده ان جمعناه معه او يُـنقِصه ان طرحناه منه
فهذا الكتاب المبين حوى بوجوده كلّ شَيْءٍ حتى نفس ذاك الذي سيقرئه ،،
فالذي سيقرء الكتاب المبين هو أيضا جزء منه وليس منفصل وخارج عنه ،،
وهو الامام المبين الذي أحصى بقرائته لكلمات الكتاب المبين وجود كلّ شيء
ومَثَـلُ العلاقة ما بين قارئ الكتاب المبين (الإمام المبين) وبين نفس الكتاب المبين هو كمثل مشكاة باطنها مظلم فيها مصباح ينيرها
فالمشكاة المظلم باطنها هي الكتاب الصامت الذي كلماته هي هياكل التوحيد التي تنتظر أن يشرق عليها نور المصباح الذي سيقرئها وينطق بها بنوره ،،
والامام المبين هو الكتاب الناطق وهو ذلك المصباح الذي سيُظهر بنوره صور تلك الكلمات المكتوبة في الكتاب المبين او صور هياكل التوحيد المخزونة في المشكاة ،،، ومقصودي منهما واحد فلا فرق.
سأل كميل بن زياد أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه فقال:
مَا الحَقِيقَةُ؟
قَالَ: مَا لَكَ وَالحَقِيقَةَ؟
قَالَ: أَوَ لَسْتُ صَاحِبَ سِرِّكَ؟
قَالَ: بَلَي‌، وَلَكِنْ يَرْشَحُ عَلَیكَ مَا يَطْفَحُ مِنِّي‌
قَالَ: أَوَ مِثْلُكَ يُخَيِّبُ سَائِلاً؟
قَالَ: الحَقِيقَةُ كَشْفُ سُبُحَاتِ الجَلاَلِ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ
قَالَ: زِدْنِي‌ فِيهِ بَيَاناً
قَالَ: مَحْوُ المَوْهُومِ مَعَ صَحْوِ المَعْلُومِ
قَالَ: زِدْنِي‌ فِيهِ بَيَاناً
قَالَ: هَتْكُ السِّتْرِ لِغَلَبَةِ السِّرِّ
قَالَ: زِدْنِي‌ فِيهِ بَيَاناً
قَالَ: جَذْبُ الاَحَدِيَّةِ بِصِفَةِ التَّوْحِيدِ
قَالَ: زِدْنِي‌ فِيهِ بَيَاناً
قَالَ: نُورٌ يَشْرُقُ مِنْ صُبْحِ الاَزَلِ ، فَتَلُوحُ عَلَی‌ هَيَاكِلِ التَّوحِيدِ آثَارُهُ
قَالَ: زِدْنِي‌ فِيهِ بَيَاناً
قَالَ: أَطْفِ السِّرَاجَ فَقَدْ طَلَعَ الصُّبْحُ ............ إنتهى
فنور المصباح الذي أشرق من صبح الأزل سيُظهر بنوره جميع الصور الجزئية لكل الهياكل المخزونة في المشكاة ،، او سينطق بنوره بكل الكلمات المخزونة في الكتاب المبين،
وانت وأنا قد كَرَرنَا حتى الآن بهذا الكتاب المبين ربما ألف ألف كرّة وكرّة ،، فعشنا بها ربما ألف ألف حياة وحياة ،، بألف ألف صورة وصورة مختلفة ،، وبألف ألف اسم واسم مختلف ،، على ألف ألف صفحة وصفحة من هذا الكتاب ،،
وربما لا زلنا سنكرّ فيه أيضا ألف ألف كرة أخرى سنعيش بها ألف ألف حياة جديدة
ويمكننا أن نقول تبعا للآيتين الكريمتين السابقتين وشبيهاتهما أن كلّ تلك الكرّات السابقة واللآحقة
وكلّ تلك التجسدات السابقة واللآحقة ،،
وكلّ تلك الصور السابقة واللآحقة ،،
وكلّ تلك الأسماء التي تسمّينا وسنتسمى بها ،،
وكلّ تلك الذكريات التي عشناها ومررنا وشعرنا من خلالها بالحياة والوجود وبتحرك الزمان وكأنّ به ماضي وحاضر ومستقبل
كلّها كانت موجودة منذ البدء بهذا الكتاب المبين ،،
ولا زالت موجودة به كما هي هي ولم تتغير ،
فلم تزداد به صورة ولم تنقص منه صورة
ولم تتقدم منه صورة ولم تتأخر منه صورة
ولم يزداد به حرف ولم ينقص منه حرف
ونحن كموجودات هذا الكتاب المبين رغم شعورنا بالحركة فإننا كما كلّ شيء آخر موجود به ونراه من حولنا ،، كلنا ثابتون في مكاننا في العدم ،،
بل انّه لا معنى حقيقي للحركة في هذا الكتاب لأنّه هو العدم ولا معنى للحركة في العدم
وتماما كما اننا سنشعر بتسلسل الاحداث وحركتها عندما نقرء كلمات وسطور وصفحات الكتاب الثابتة في مكانها ،،
وتماما كما ان قرائتنا للاحداث المثبتة في كلمات وسطور أي كتاب لن تزيد أو تنقص ،، ولن تقدّم او تؤخر شيء من مواقع تلك الكلمات والسطور والاحداث المثبتة به ،
فكذلك فإن هذا الكتاب المبين عندما يقرئه الامام المبين
فانه لن يزيد عليه شيء
ولن ينقص منه شيء
ولن يغير منه شيء
فلذلك يمكننا أن نقول أن كلّ ورقة في شجرة كانت لا تزال مرتبطة بفرعها قبل مليون سنة هي لا تزال حتى هذه اللحظة مرتبطة به
وكلّ ورقة في الكتاب المبين قد سقطت لتوها من قبل مليون سنة هي لا تزال فيه حتى هذه اللحظة في نفس حالة سقوطها ولم تقع على الأرض بعد
وأنك أنت الذي عشت ربما كَـمَلكٍ او كَـصائدٍ للدينصورات قبل مليون سنة لا تزال موجود بهذا الكتاب المبين على نفس حالك ذاك
تماما كما أنك حينها في تلك اللحظة كنت أيضا موجود على حالك الذي أنت عليه الان ،،
وستبقى نفسك أنت الموجود الآن أيضا على نفس حالك حتى بعد مليون سنة من الآن
فالكتاب المبين يحوي بوجوده كلّ الأحداث الممكنة في كلّ الأزمنة على الإطلاق وبكل لحظاتها وبدون استثناء،،
فهو يحوي صور جميع احتمالات الأحداث والاوقات والمشاعر والاحاسيس الممكنة في لحظة واحدة لا ثاني لها،،
وهو يعيشها جميعها ويستشعرها جميعها ويحيط بها جميعها كعلم حضوري كامل غير منقوص كلحظة واحدة لا ثاني لها
والإمام المبين يقرء بنوره دائما وأبدا كلّ سطر من سطور هذا الكتاب المبين ،
وكلّ كلمة وكلّ حرف به ،
تماما كما ان نور المصباح يضيئ كل المشكاة دائما وأبدا
وعليه فالإمام المبين تماما كما الكتاب المبين يستوي عنده الماضي والحاضر والمستقبل ، وذلك لأنّه محيط بجميع ما هو مكتوب بالكتاب بالمبين
ولأنّه هو المصباح الذي كشف بنوره صور كلّ الكلمات أو هياكل التوحيد
وأمّا شعورنا بحركة الزمن فهو فقط نتيجة لقرائة مثال الامام المبين الرقم (9) المتمركز في قلب كلّ كلمة من الكلمات المكتوبة في هذا الكتاب المبين ((كلّ عقل جزئي في العقل الكلي))
ففقط عندما يقرء مثال الامام المبين الرقم (9) قصتنا سنشعر نحن معه وبفضل قرائته لقصتنا بحركة الزمان ومعنى الوجود والحياة
ولو توقف مثال الامام المبين الرقم (9) عن القرائة ولو للحظة واحدة فسيتوقف شعورنا بالحياة معها في نفس تلك اللحظة وذلك المكان الذي توقف فيه عن القرائة
---------
لكن ما علاقة كلّ ذلك بالحديث الشريف الذي قلنا اننا سنتكلم عنه
أي ما علاقته بحديث من عرف نفسه عرف ربه؟!!!!
وما علاقة كل ذلك بالنفس العليا؟
الفكرة التي أحاول أن أوصلها هنا هي فكرة دقيقة جدا جدا وتحتاج الى تركيز وخيال قوي جدا لتتصوروها معي كما أتصورها واعتقد بها
فهذا الكتاب المبين بإمامه المبين وكلّ ما هو مكتوب به .. كلّه حيّ
إنه كتلة من الحياة
إنه كتلة من القدرة
إنه كتلة من العلم
إنه قرآن مبين
فكلّ كلماته وصوره ومواقفه وشخصياته بكلّ لحظاتها ودقائقها وساعاتها وايامها وسنينها ،،، كلّها حيّة ،، وكلّها تشعر بالحياة دائما وأبدا
فهذا الكتاب المبين هو عين الله
هو العين التي يرى بها الله الخالق المعبود قدرته وعلمه وحياته نظرة شاملة حضورية لا يتبدل بها ومعها حاله من حال لحال
فهو من خلال هذه العين يعلم علم حضوري بكلّ شيء
وهو يشعر من خلال هذه العين بكلّ شيء
ويرى من خلال هذه العين كلّ شيء
ويسمع من خلال هذه العين كلّ شيء
ويحيط من خلال هذه العين بكلّ شيء
ولمن لا يعرف معنى العلم الحضورى فإن معناه هو حضور حقيقة الشيء في النفس بالاضافة لحضور صورته او اسمه أيضا وليس حضور صورته أو اسمه فقط في النفس دون حقيقته
فالعلم بالاسم والصورة دون الحقيقة هو العلم الحصولي
والعلم بالاسم والصورة مع الحقيقة هو العلم الحضوري
فمثلا الذي سمع بألم الأسنان سماعا ومن خلال الوصف الشفهي له فقط او من خلال القرآئة عنه فقط ،، فهذا علمه بألم الاسنان هو علم حصولي وليس حضوري
أمّا الذي يشعر الآن بألم الأسنان فهذا علمه به هو علم حضوري لأنّ حقيقة ذلك الألم متحدة الآن مع روحه وكيانه في كيان واحد
وكذلك علم الذي سمع بالعطش سماعا دون ان يختبره ليس كمن يفقد الآن الماء ولا زال يعيش حالة العطش ويختبرها
وكذلك الذي سمع بحلاوة العسل ولم يذقه ليس كمن يأكله الآن
ومنه نقول أن علم الله المعنى المعبود بكلّ ما هو بهذا الكتاب مسطور هو علم حضوري ،، لأنّه يرى ويسمع ويحس ويشعر على الدوام بكلّ ما هو مكتوب بهذا الكتاب المبين بنظرة ولحظة واحدة شاملة
وبسبب علمه الحضوري هذا بكلّ شيء فإن حاله لا يتغير من حال لحال
فالتغير بالحال هو فرع الزيادة او فرع النقصان بالعلم
وهذا غير وارد بحقه جل جلاله لأنّه يعلم بكلّ شيء علم حضوري كلحظة واحدة بها كلّ الاحداث الممكنة
والمهم حتى الآن في هذه الفكرة هو أنك أنت الذي قد خُلِقت للتو قبل مدة طويلة من الزمان بأدنى مستويات وعيك الذاتي لا تزال موجود بهذا الكتاب المبين حتى الآن على نفس حالك الذين انخلقت به ولم تتغير
وكذلك أنت الذي قد وصلت لقمة تطورك الروحي بحيث أنك أصبحت تستطيع أن تقرء أي صفحة وأي سطر من هذا الكتاب المبين ،، أنت كنت أيضا موجود منذ البدء
وبنفس تلك اللحظة التي كنت قد انخلقت بها للتو بوعيك الأدنى
يعني أنت الذي كنت موجود وحي وترزق وفي أضعف وأجهل حالات وعيك الوجودية وتقول أنا وتشعر معها بوجودك الضعيف المستقل
أنت الان لا تزال موجود أيضا بالكتاب المبين بنفس حالك السابق الضعيف،
وذلك بنفس الوقت الذي ستكون أنت موجود فيه بافضل وأقوى وأرقى حالات وعيك الوجودية
فأنت كنت وستبقى أيضا موجود بالكتاب
و بنفس الوقت فإن كلّ شخصية لك تقع ما بين الحال الادنى من وجودك
وبين الحال الارقى منه داخل هذا الكتاب المبين
هي أيضا كانت ولا تزال وستبقى موجودة به
وتشعر به بأناها ووجودها المستقل
فالكتاب المبين خلقه الله هكذا كاملا غير منقوص
ومكتوب به تفاصيل كلّ الاحداث من بداياتها لبداياتها.
.
.
الآن لو حاولنا أن نعرف ما هي ميزة الوعي الارقى عن درجة الوعي الادنى أو أي درجة وعي بينهما لأي شخصية ،،
فيمكننا القول أن الوعي الأرقى والأكمل يتذكّر كلّ تجاربه السابقة التي أوصلته لما هو عليه الآن
ويتذكر أيضا كلّ الشخصيات الأخرى التي عاشرها وتعامل معها بكلّ الأشكل خلال كلّ كرّاته السابقة
وكونه قد وصل لما وصل له من الرفعة في المقام من خلال جميع ما عايشه واختبره من التجارب في كرّاته السابقة كلّها فهو يُحبّ جميع تلك التجارب التي مر بها بكلّ تفاصيلها وبدون استثناء،،
فهو متأكد الآن أن جميع ما مر به من التجارب والمواقف كانت لها علاقة مباشرة بعملية تطوره ورقيّه ووصوله لما وصل له أخيرا من المكانة العُليا،،
فلذلك فإنه لم يعد يرى بأيّ مما مر به من المشاعر والتجارب الّا الجميل ،، واصبح يحب جميع تلك المواقف التي مر بها خلال حياته الطويلة بجميع مشاعرها بلا أدنى استثناء ،، حتى ولو أن حكمه كان حينها حكم سلبي على بعض تلك المشاعر ،،
وهو يستطيع من خلال هذا الوعي الأرقى والأتم والأكمل الذي وصل له أخيرا أن يقرء ما يريده من كتابه الخاص به والمسطور في ام الكتاب
يعني سيستطيع أن يختار أي زمان من الأزمنة التي تعيشها اية درجة وعي من درجات وعيه ليقرئها ويعيش كل تفاصيل أحداثها ،، فلا معنى لماضيه ولحاضره ولمستقبله حينها،، فكلها حاضرة عنده متى ما اراد قرائتها وتوجه لها
الكتاب المبين كما قلنا قبل قليل أنه بسبب قرائته الدائمة لكل شيء فانه يحيط علما بكل الأشياء بوجوده ،،
فهو يحوي كتب كل الكلمات المكتوبة ولكل درجة من درجات وعيها الخاصة بها،،
ونفس هذا الوعي الخاص بكل كلمة منها له درجات متصاعدة تبدء بالأدنى وتنتهي بالأعلى ،، بحيث أن كل درجة وعي منها تحوي الدرجة السابقة لها
فاذا كانت درجة وعيك الاولى عبارة عن نقطة واحدة فدرجة وعيك الثانية هي عبارة عن نقطتين ،، وهما نفس النقطة الأولى ونقطة ثانية أخرى ،،
وستكون درجة وعيك الثالثة عبارة عن ثلاث نقط ،، وهم نفس النقطتين الاولى والثانية بالاضافة لنقطة ثالثة جديدة
وهكذا دواليك حتى نصل للنقطة الأكمل والاتم والتي تحوي بوجودها جميع النقاط السابقة ،،
أو لدرجة الوعي الأكمل والأتم المتعارف عليها بـ "النفس العليا"
فدرجة وعيك الثانية بنفسك تحوي كامل تجارب درجة وعيك الأولى بالاضافة لتجارب وخبرات جديدة لا زالت تكتسبها
ودرجة وعيك الثالثة بنفسك تحوي كامل تجاربك وخبراتك التي اكتسبتها من خلال تجربة وعيك الأولى والثانية بالاضافة لتجارب وخبرات جديدة لا زِلت تكتسبها
ودرجة وعيك الرابعة تحوي كامل التجارب والخبرات التي اكتسبتها من مراحل وعيك الثلاثة السابقة بالاضافة لتلك التي لا تزالت تكتسبها في درجة وعيك الرابعة
وهكذا صعودا حتى نصل لمرتبة النفس العليا التي تحيط وتحوي بوعيها الأعلى بجميع التجارب التي مرت بها وبجميع الخبرات التي اكتسبتها في كل جزء من أجزاء الزمان الذي عاشته من بدايته لنهايته وفي كل درجة من درجات وعيها السابقة لها
تستطيع أن تقول أن نفسك العليا هي كتاب مبين مصغّر ،،
كتاب مبين مصغّر كل صفحة من صفحاته تحوي بها تجارب وخبرات اكتسبتها من خلال درجة واحدة من درجات وعيها أو من خلال صفحة واحدة من صفحاتها التي اصبحت كتاب ،، والتي حياتك الحالية تمثل درجة واحدة من درجات وعيها،، وصفحة واحدة من صفحات كتابها
وأم الكتاب تحوي بوجودها كلمات وصفحات جميع الكتب ،، أو خبرات وتجارب جميع النفوس العليا بكل درجات وعيها
فكلها كانت موجودة بها منذ البدء
و كلها لا تزال موجودة بها حتى الآن
و كلها ستبقى موجودة بها للأبد
وكلها كانت وستبقى هكذا بدون زيادة او نقصان
.
من عرف نفسه عرف ربه
لو عرفت نفسك بهذه الطريقة ستعرف أنك نفسك أنت من تربي نفسك ،، لكنك تربي نفسك من درجة وعيك الأعلى والأتم،،
لأنك منها تعرف جميع ما قد مررت به في السابق وما تمر به الان ،، وما ستمر به في المستقبل من الأحداث
تستطيع ان تقول ان نفسك العليا تقرء صفحات كتابها الذي انت الآن بوعيك الحالي مجرد صفحة من صفحاته
ولأن نفسك العليا قد مرّت فعلا بجميع ذلك فهي تستطيع أن تصف الطريق بكل دقة لنفسها في جميع مستوياتها الدانية منها،، وانت حاليا احد تلك المستويات
والمطلوب منك كوعي داني او لا زال في طور التطور والارتقاء هو فقط أن تنصت لنفسك العليا جيدا
وان تترك لها أن تختار لك الطريق
فهي من تقف فوق الجبل وتصف لك الطريق الأسلم والأسرع خلال مسيرك بالوادي،،
وهي من ترى المشهد كاملا هناك من عليائها
وبينما أنت في الوادي تعتقد ان اقرب طريق بين نقطتين تراهما هو الطريق المستقيم الرابط بينهما
قد يكون الواقع الحقيقي هو انه بينك وبين الهدف الذي تريد أن تصل له بذلك الطريق المستقيم الذي تتصوره يوجد بحر او نهر او سباع او قطّاع طرق سيؤخرونك حتما وسيقطعون عليك ذلك الطريق المستقيم وستتعطل باختياركك السلوك فيه من حيث انك كنت تريد منه الوصول الأسرع لهدفك
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....