بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحقيقة نقطة في بحر الكذب // 12// مستقر ومستودع
الحقيقة نقطة في بحر الكذب // 12// مستقر ومستودع
أدبر يا طالب
ما لك تقف في مكانك؟
مع نظرات كلها
شك وريبة نظرها مرة للعين وأخرى لكاحون أدار طالب ظهره لهما وبدء يبتعد عنهما بخطوات
خائفة ومترددة وكانّه كان يمشي بها لحتفه والأفكار والشكوك والاسئلة تعصف بكيانه
ماذا سيحصل
لي؟
ماذا ستفعل بي؟
لماذا أرجعته وأبعدتني؟
ماذا سينتظرني هناك بعيدا عنهما؟
ماذا
تقول له الآن؟
هل يتآمران عليّ أنا ابن ابليس؟
ما هي خطتهما إذن؟
ماذا؟ ماذا؟ ماذا؟
هل؟ هل؟ هل؟
ما؟ ما؟ ما؟
ومع كل خطوة
كان طالب يخطوها مُدبِـرا كانت الماذات والهلّات والماءات تتوالى مسرعة على فكره
وعقله وروحه ، ولم يقطع سيلها وتواليها على فكره الا صوت العين وهي تقول له:
طالب!!!!
توقف الآن
ماذا؟
الآن؟
ماذا تريد مني
أن أفعل الأن؟
ما الذي
سيحصل؟
ما الذي سينتظرني
وسط هذا الظلام؟
صوت العين قطع
سيل أفكاره فأوقف سيل الأسئلة المشككة المتتابعة في عقله:
أن أقْبِل علينا الآن يا
طالب
طالب في نفسه
وهو لا يزال يعطيهما ظهره: يبدو أنهما قد انتهيا من ترتيب المؤامرة عليّ واتفقا
على كل تفاصيلها خلال مسيري مبتعدا عنهما
العين تناديه
مرة أخرى: أقْبِل علينا يا طالب
طالب جمد في
مكانه مترددا عن الاجابة لندائها وقد أغمض جفنيه يفكّر كيف يكيد كيده ليردّ كيدهم
فتح جفنه ليرى
نفسه واقف في مكانه والعين فوقه وكاحون يقف بجانبه
العين: تكلم
يا طالب،، ماذا تريد أن تقول؟
طالب: هذا
الكاحون خلقٌ مثلي ولا
فرق ، ولقد كرّمتيه وقوّيتيه بجنود لا قبل لي وحدي على مقارعته ومقارعتهم جميعا
وأنا
ضده ولا قوة لي بهم فأعطيني من الجند مثل ما أعطيتيه
فقالت العين: نعم سأعطيك ما طلبت فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي
قال: قد رضيت
فجعلته العين حينها وزيرا على رأس اثنين وسبعين جندا وجعلتهم جميعا أكفّاء رأسا
برأس لكاحون وللجنود التي أيدته بهم
طالب: لقد قبلت شرطك وأعطيت عهدي قبل أن أعرف رحمتك التي ستخرجينني منها إن
عصيت أمرك وخالفت عهدي
العين: بسبب ترددك وشكّك بي وبعدلي بينكما فإنني جعلت طريقك لبلوغ غايتك
وكمالك طريقا طويلا أطلته أنت بيدك واختيارك حين شككت بي وبعدلي
طالب: وماذا عليّ أن أفعل؟
العين: لا شيء غير الذي طلبته بنفسك لنفسك،، أن تكون ندا حقيقيا له، وأن
تستعين فقط بجنودك الذين أيدتك بهم لتقارع بهم كاحون وجنوده بقيادتك لهم وإمرتك
عليهم
كاحون: وما هو موضوع الصراع بيننا والذي سيتحدد الفائز منّا حين يستولي عليه
العين: أمّا موضع الصراع فانظر أمامك وستراه
من وسط الظلام برزت صورة آدمي يقف بلا حراك لا هو ذكر ولا هو أنثى
واسترسلت حينها العين بكلامها قائلة: أمّا فوزك أنت وجنودك بالاستيلاء عليه
ونجاحكم في أيّ كرّة من صبغه بألوانكم وصفاتكم فسيعني خسارتكما أنت وجنودك وكاحون وجنوده سواء
بسواء
طالب: يا ويلتي إذن،، فهذه المعركة وبهذه الطريقة لم أكن اتوقعها أبدا وأنا
الخاسر الدائم بها
فأنا الخاسر بها حين أنتصر
والرابح بها حين أخسر
طالب: لكن كيف سأخسر لأربح؟
وكيف سأربح مع خسارتي؟
العين: حين تخسر معركتك في الاستيلاء على شخصية ابني الثالث الواقف هناك في
الوسط وتفشل في صبغه بألوانك وجنودك
وبنفس الوقت ينجح كاحون بصبغه بألوانه وجنوده جميعها فإنك حينها فقط ستربح
طالب: لم أفهم، وضّحي أكثر لو أمكن
العين: تعرف الأن أن كاحون هو النفس القدسية وأنك النفس الحيوانية،
وأن
كاحون مقره العلوم الحقيقية الدينية،
ومواده التأييدات العقلية،
وفعله المعارف الربانية
وطريقه للكمال هو حين يشابه جواهر أوائل علله عن طريق تزكية إبني الثالث بالعلوم الحقيقية
الدينية
والتي طرقه مفتوحة للحصول عليها وميسرة له بشكل كامل لأنه يسكن وسطها
وعن
طريق حثّه للمحسن بعد ذلك على أن يعمل بما علمه إيّاه
طالب: وما علاقة كل ذلك بي؟
العين: أنت ستتعلم معهما رغم أنك ستكون مشغولا بالتشويش عليهما بكل وسيلة
ممكنة وبكل جنودك بجميع طاقتها وبلا هوادة
طالب: لم أفهم بعد، احتاج للمزيد من التوضيح
العين: حسنا سنعطي لإبني الثالث موضع النزاع بينكما إسما يسهّل علينا شرح
الأمر وتصوره
طالب: لا بأس بذلك، كلّي آذان صاغية
العين: لنطلق عليه إسم (مُحسن)
فموضع نزاعكما هو المحسن،
وأنت مهمتك أن تضلّه وتشغله بجنودك عن طلب المعارف
أو العلوم الحقيقية الدينية والتي كاحون فقط من يستطيع أن يمدّه بها ، لأنها مقرّه
كما قلنا،
ولأنه يملك أيضا جميع الأدوات اللازمة لذلك من التأييدات العقلية التي
سيستطيع أن يوصل له بها ومن خلالها وبالتدريج تلك العلوم الحقيقية الدينية التي
سيرتفع بها نوع وجود المحسن تدريجيا حتى يشابه أخيرا أوائل جواهر علله
طالب: ومن هم أوائل جواهر علله الذين يجب أن يشابههم فيصل لكماله؟
العين:
أولهم هو أبوه الاسم المكنون،، فالمحسن هو مثال الاسم المكنون
وثانيهم هي أمّه التي تحويه
وثالثهم هو أبوه الذي يربيه هو وجميع العالمين ، ويحيط به وبهم جميعهم دائما
وأبدا ، والذين هم كلهم مثله أمثال للإسم المكنون وأبنائه
طالب: ويبدوا أن مهمتي هي أن أمنع بكل طريقة ممكنة ولادة المحسن الروحية وعدم وصوله لدرجة البشرية
الكاملة
وذلك بأن اسقطه قبل أن يكتمل علمه وعمله
العين: نعم هو كذلك
طالب: ماذا لو صمتّ وتركت لكاحون الفرصة لكي يعلمه فأتعلم معهما؟
العين: سأخرجك من رحمتي ، لأنك تكون بذلك قد خالفت العهد الذي عاهدته بأن
تستعمل جنودك بكامل طاقتك وطاقتهم
وكاحون بدوره لن يحصل على الاجابات والمعلومات المطلوبة
فقدرته على الحركة والفعل مشروطة بحركتك أنت
بمعنى أن حركتك وفعلك هي من تفتح له الابواب للعلم المطلوب
لكنه وبنفس الوقت لن يستطيع أن يحصل على أي إجابة من ذلك الباب الذي تفتحه أن بحركتك ما لم يسأل المحسن عنها
والذي تعهدت أنت لتوّك بأن تشغله بكل طاقتك عن السؤال أو حتى التفكير بالسؤال
طالب: ما هذا النظام؟
انها دائرة مغلقة لا يمكن النفاذ منها،
انها متاهة معقدة،
إنها شرك مميت،
انها جحيم لا يطاق،
انها نيران تحرق القلب
العين: أنت بجهلك من طلبت هذا، وانت بتسرعك وحسدك لكاحون من وضعت نفسك في
هذا الموقف الذي ستكون فيه الخسران الدائم
فبينما ستجهد نفسك طوال الوقت في اضلال واشغال المحسن عن السؤال وبنفس الوقت
في فتح الباب لكاحون والذي لن يستطيع ان يستفاد منه شيئا لان المحسن لم يسئله أي
سؤال بسبب اشغالك أنت له عن السؤال
فإن كاحون سيكون مرتاح ومطمئن وسيتعلم منك جميع ما سيتعلمه المحسن معك بجميع
كراته في العوالم الأرضية ، وسيستمتع معكما أيضا
طالب: مهلا مهلا، ألم تقولي سابقا أنني سأفنى وأُعدم بعد كل كرّة خاسرة؟
العين: نعم قلت ذلك
طالب: لكنك تتكلمين الآن وكأنني سأبقى مع المحسن وكاحون في كل الكرات؟
العين: أنت ستفنى لكنك ستبقى بنفس الوقت
طالب: هل هذه أُحجية؟ كيف أفنى وأبقى بنفس الوقت؟
العين: أنت سيعاد تدويرك في كل كرة جديدة مرة أخرى بما يناسب مواصفات الصورة
الجديدة التي ستلبسها في الكرّة الجديدة
والتي هي نفسها جزاؤك على ما فعلته
بالمحسن في كرتك السابقة
طالب: يعني سأبقى ألهث طوال وقتي مع المحسن وبعد ذلك سأُعاقب لوحدي على ما
فعلته به؟
وهل أن كاحون سيتم عقابه معي؟
العين: إطمئن، العملية ليست مؤلمة كثيرا كما تصورتها،، بل واحيانا كثيرة
ستكون ممتعة نوعا ما
أمّا كاحون فلم يفعل شيئا يستحق العقاب عليه،
فبفضل مجهودك الكبير فإنه لم
ولن يحصل على فرص كثيرة يعمل بها
ربما فرصة من هنا او هناك
وربما بين كل حين
وحين سيحضى ببعض اللحظات النادرة التي سيستمع المحسن بها لصوته بكل وضوح
لأنك بالتأكيد ستعمل غاية مجهودك على ان لا تطول تلك اللحظات ، لأنني سوف
اراقبك جيدا، واي تخاذل او تقاعص سألاحظه منك في تنفيذ ما تعهدت به أمامي فإن اثره السيء
سيرجع عليك انت وحدك فقط
طالب: أوضحي لي لو سمحت مرة أخرى كيف سيعاد تدويري
العين: الامر بسيط ، فمثلك حينها كمثل لبنة الطين حين تكسرها وتفتتها ثم
تعيد صياغتها وصبها مرة أخرى في قالب جديد ،، فهي نفسها نفسها لأنها من أُعيد تركيبها من نفس المادة
وهي كذلك غيرها لأن صورتها وتركيب نفس المواد المكونة لها اختلفت عن الصورة
والتراكيب السابقة
طالب: كاحون سيبقى اذن كاحون الى الأبد وانا فقط من سيتبدل اسمه وصورته وتفنى
ذاكرته
العين: ومن قال أن ذاكرتك ستفنى؟
طالب: ألم تقولي سابقا أنني سأفقد ذاكرتي للكرة السابقة كليا في كل كرة
جديدة؟
العين: نعم قلت ذلك!
لكنني لم أقل أن نفس الذاكرة وما بها من ذكريات ستفنى
فجميع ذاكرتك سيرثها كاحون ويحتفظ بها كلها بدون استثناء، وأنت فقط من
ستفقدها
طالب: ماذا عن المحسن؟
ألن يفقد هو أيضا ذاكرته؟
العين: المحسن سيتلوّن بلون الفائز منكما به ، أي بلونك او بلون كاحون
فإذا تلوّن بلونك جرى عليه جميع ما سيجري عليك من تغيير جنس وفقدان ذاكرة وجميع ما سيجري عليه من ظروف حياتك الجديدة
وبما انك ستفقد ذاكرتك السابقة فهو أيضا سيفقد ذاكرته السابقة مثلك
طالب: ماذا لو فاز كاحون؟
كيف سيكون حال المحسن حينها؟
العين: نفس حاله ما لو أنت فزت به،، فهو سيتلون حينها بلون كاحون وسيكون له
جميع ما لكاحون
وبما أن كاحون يحتفظ دائما وأبدا بذاكرته كاملة غير منقوصة مع جميع ذاكرتك
كاملة غير منقوصة
فإن المحسن سيتذكر من حينها جميع ما جرى له وعليه وامامه في جميع الكرات
السابقة كبدن
وجميع ما جرى لكاحون وأمامه كنفس قدسية في جميع الكرات السابقة كلها
وجميع ما جرى منك وعليك وامامك في جميع الكرات السابقة كنفس حيوانية
فجميع ما تعلمه في كرّاته السابقة على المستويات الثلاثة البدنية والنفسية
والروحية سيكون حاضر عنده كعلم حضوري واحد بجميع احاسيسه ومشاعره وبدون أن ينقص منها شعور
واحد شعره باي لحظة من لحظات حياته الطويلة
طالب: وماذا سيحصل لي أنا حينها حين يفوز كاحون بالمحسن؟
العين: ما سيجري على المحسن وله سيجري لك وعليك أيضا
طالب: تقصدين أنني سأسترجع ذاكرتي كاملة فاتذكر جميع ما تعلمته في الكرات
كلها؟
العين: ليس ذلك فقط!
فانت سترث من حينها كذلك جميع ما في ذاكرة كاحون من العلوم المختلفة
فجميع ما خُزِن عند كاحون من العلوم التي جمعها على طول الكرات السابقة ستكون
من حينها لك وللمحسن كذلك
طالب: فأنا لن أفنى إذن؟
العين: لو نجح كاحون في الفوز بالمحسن في كرته هذه التي اسمه واسمك فيها
طالب، فإن طالب لن يشعر بالفناء
لكن لو فزت أنت بالمحسن مرة جديدة فإن طالب سيفنى وسيعاد تدويره مرة أخرى
بهيئة واسم وذاكرة جديدة تماما
طالب: المهم أنني وما تعلمته وقمت به في أيّ كرة سابقة لن أفنى نهائيا، بل
سأكون مستودع في مكان ما حتى تأتي اللحظة المناسبة حين يفوز كاحون فاسترجع دفعة
واحدة كل ما سبق منّي ولي وعليّ
فعلم كاحون مستقر عنده وفيه دائما وأبدا
وعلمي أستودعه عند كاحون كعلم فوق علم ، أو كرصيد علمي متعاظم يزيد كرة بعد
كرة ، وسيأتي اليوم الذي أسترجع به منه رصيدي العلمي كاملا مع الفوائد ، وهي رصيد
كاحون العلمي ورصيد المحسن العلمي
يبدو أن الفوائد التي سأستحصلها في هذه الحالة هي أعلى بكثير من رصيدي
الفعلي
العين: لا بأس أن تفكّر بعقل المرابي في هذا الأمر
يتبع إن شاء الله
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....