الثلاثاء، 17 يناير 2017

الحقيقة نقطة في بحر الكذب // 12// مستقر ومستودع






بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحقيقة نقطة في بحر الكذب // 12// مستقر ومستودع




أدبر يا طالب ما لك تقف في مكانك؟


مع نظرات كلها شك وريبة نظرها مرة للعين وأخرى لكاحون أدار طالب ظهره لهما وبدء يبتعد عنهما بخطوات خائفة ومترددة وكانّه كان يمشي بها لحتفه والأفكار والشكوك والاسئلة تعصف بكيانه

ماذا سيحصل لي؟ 
ماذا ستفعل بي؟ 
لماذا أرجعته وأبعدتني؟ 
ماذا سينتظرني هناك بعيدا عنهما؟ 
ماذا تقول له الآن؟ 
هل يتآمران عليّ أنا ابن ابليس؟ 
ما هي خطتهما إذن؟

ماذا؟ ماذا؟ ماذا؟
هل؟ هل؟ هل؟
ما؟ ما؟ ما؟

ومع كل خطوة كان طالب يخطوها مُدبِـرا كانت الماذات والهلّات والماءات تتوالى مسرعة على فكره وعقله وروحه ، ولم يقطع سيلها وتواليها على فكره الا صوت العين وهي تقول له: 

طالب!!!! توقف الآن 

ماذا؟ 
الآن؟

ماذا تريد مني أن أفعل الأن؟
ما الذي سيحصل؟

ما الذي سينتظرني وسط هذا الظلام؟

صوت العين قطع سيل أفكاره فأوقف سيل الأسئلة المشككة المتتابعة في عقله: 

أن أقْبِل علينا الآن يا طالب

طالب في نفسه وهو لا يزال يعطيهما ظهره: يبدو أنهما قد انتهيا من ترتيب المؤامرة عليّ واتفقا على كل تفاصيلها خلال مسيري مبتعدا عنهما

العين تناديه مرة أخرى: أقْبِل علينا يا طالب

طالب جمد في مكانه مترددا عن الاجابة لندائها وقد أغمض جفنيه يفكّر كيف يكيد كيده ليردّ كيدهم

فتح جفنه ليرى نفسه واقف في مكانه والعين فوقه وكاحون يقف بجانبه

العين: تكلم يا طالب،، ماذا تريد أن تقول؟

طالب: هذا الكاحون خلقٌ مثلي ولا فرق ، ولقد كرّمتيه وقوّيتيه بجنود لا قبل لي وحدي على مقارعته ومقارعتهم جميعا 

وأنا ضده ولا قوة لي بهم فأعطيني من الجند مثل ما أعطيتيه

فقالت العين: نعم سأعطيك ما طلبت فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي

قال: قد رضيت

فجعلته العين حينها وزيرا على رأس اثنين وسبعين جندا وجعلتهم جميعا أكفّاء رأسا برأس لكاحون وللجنود التي أيدته بهم

طالب: لقد قبلت شرطك وأعطيت عهدي قبل أن أعرف رحمتك التي ستخرجينني منها إن عصيت أمرك وخالفت عهدي

العين: بسبب ترددك وشكّك بي وبعدلي بينكما فإنني جعلت طريقك لبلوغ غايتك وكمالك طريقا طويلا أطلته أنت بيدك واختيارك حين شككت بي وبعدلي

طالب: وماذا عليّ أن أفعل؟

العين: لا شيء غير الذي طلبته بنفسك لنفسك،، أن تكون ندا حقيقيا له، وأن تستعين فقط بجنودك الذين أيدتك بهم لتقارع بهم كاحون وجنوده بقيادتك لهم وإمرتك عليهم

كاحون: وما هو موضوع الصراع بيننا والذي سيتحدد الفائز منّا حين يستولي عليه

العين: أمّا موضع الصراع فانظر أمامك وستراه

من وسط الظلام برزت صورة آدمي يقف بلا حراك لا هو ذكر ولا هو أنثى

واسترسلت حينها العين بكلامها قائلة: أمّا فوزك أنت وجنودك بالاستيلاء عليه ونجاحكم في أيّ كرّة من صبغه بألوانكم وصفاتكم فسيعني خسارتكما أنت وجنودك وكاحون وجنوده سواء بسواء

طالب: يا ويلتي إذن،، فهذه المعركة وبهذه الطريقة لم أكن اتوقعها أبدا وأنا الخاسر الدائم بها 

فأنا الخاسر بها حين أنتصر 
والرابح بها حين أخسر

طالب: لكن كيف سأخسر لأربح؟ 
وكيف سأربح مع خسارتي؟

العين: حين تخسر معركتك في الاستيلاء على شخصية ابني الثالث الواقف هناك في الوسط وتفشل في صبغه بألوانك وجنودك

وبنفس الوقت ينجح كاحون بصبغه بألوانه وجنوده جميعها فإنك حينها فقط ستربح

طالب: لم أفهم، وضّحي أكثر لو أمكن

العين: تعرف الأن أن كاحون هو النفس القدسية وأنك النفس الحيوانية، 

وأن كاحون مقره العلوم الحقيقية الدينية، 
ومواده التأييدات العقلية، 
وفعله المعارف الربانية 
وطريقه للكمال هو حين يشابه جواهر أوائل علله عن طريق تزكية إبني الثالث بالعلوم الحقيقية الدينية 
والتي طرقه مفتوحة للحصول عليها وميسرة له بشكل كامل لأنه يسكن وسطها 

وعن طريق حثّه للمحسن بعد ذلك على أن يعمل بما علمه إيّاه

طالب: وما علاقة كل ذلك بي؟

العين: أنت ستتعلم معهما رغم أنك ستكون مشغولا بالتشويش عليهما بكل وسيلة ممكنة وبكل جنودك بجميع طاقتها وبلا هوادة

طالب: لم أفهم بعد، احتاج للمزيد من التوضيح

العين: حسنا سنعطي لإبني الثالث موضع النزاع بينكما إسما يسهّل علينا شرح الأمر وتصوره

طالب: لا بأس بذلك، كلّي آذان صاغية

العين: لنطلق عليه إسم (مُحسن)

فموضع نزاعكما هو المحسن، 

وأنت مهمتك أن تضلّه وتشغله بجنودك عن طلب المعارف أو العلوم الحقيقية الدينية والتي كاحون فقط من يستطيع أن يمدّه بها ، لأنها مقرّه كما قلنا، 

ولأنه يملك أيضا جميع الأدوات اللازمة لذلك من التأييدات العقلية التي سيستطيع أن يوصل له بها ومن خلالها وبالتدريج تلك العلوم الحقيقية الدينية التي سيرتفع بها نوع وجود المحسن تدريجيا حتى يشابه أخيرا أوائل جواهر علله

طالب: ومن هم أوائل جواهر علله الذين يجب أن يشابههم فيصل لكماله؟

العين:

أولهم هو أبوه الاسم المكنون،، فالمحسن هو مثال الاسم المكنون

وثانيهم هي أمّه التي تحويه

وثالثهم هو أبوه الذي يربيه هو وجميع العالمين ، ويحيط به وبهم جميعهم دائما وأبدا ، والذين هم كلهم مثله أمثال للإسم المكنون وأبنائه

طالب: ويبدوا أن مهمتي هي أن أمنع بكل طريقة ممكنة ولادة المحسن الروحية وعدم وصوله لدرجة البشرية الكاملة 

وذلك بأن اسقطه قبل أن يكتمل علمه وعمله

العين: نعم هو كذلك

طالب: ماذا لو صمتّ وتركت لكاحون الفرصة لكي يعلمه فأتعلم معهما؟

العين: سأخرجك من رحمتي ، لأنك تكون بذلك قد خالفت العهد الذي عاهدته بأن تستعمل جنودك بكامل طاقتك وطاقتهم

وكاحون بدوره لن يحصل على الاجابات والمعلومات المطلوبة

فقدرته على الحركة والفعل مشروطة بحركتك أنت

بمعنى أن حركتك وفعلك هي من تفتح له الابواب للعلم المطلوب

لكنه وبنفس الوقت لن يستطيع أن يحصل على أي إجابة من ذلك الباب الذي تفتحه أن بحركتك ما لم يسأل المحسن عنها 

والذي تعهدت أنت لتوّك بأن تشغله بكل طاقتك عن السؤال أو حتى التفكير بالسؤال

طالب: ما هذا النظام؟

انها دائرة مغلقة لا يمكن النفاذ منها،

انها متاهة معقدة،

إنها شرك مميت،

انها جحيم لا يطاق،

انها نيران تحرق القلب

العين: أنت بجهلك من طلبت هذا، وانت بتسرعك وحسدك لكاحون من وضعت نفسك في هذا الموقف الذي ستكون فيه الخسران الدائم

فبينما ستجهد نفسك طوال الوقت في اضلال واشغال المحسن عن السؤال وبنفس الوقت في فتح الباب لكاحون والذي لن يستطيع ان يستفاد منه شيئا لان المحسن لم يسئله أي سؤال بسبب اشغالك أنت له عن السؤال

فإن كاحون سيكون مرتاح ومطمئن وسيتعلم منك جميع ما سيتعلمه المحسن معك بجميع كراته في العوالم الأرضية ، وسيستمتع معكما أيضا

طالب: مهلا مهلا، ألم تقولي سابقا أنني سأفنى وأُعدم بعد كل كرّة خاسرة؟

العين: نعم قلت ذلك

طالب: لكنك تتكلمين الآن وكأنني سأبقى مع المحسن وكاحون في كل الكرات؟

العين: أنت ستفنى لكنك ستبقى بنفس الوقت

طالب: هل هذه أُحجية؟ كيف أفنى وأبقى بنفس الوقت؟

العين: أنت سيعاد تدويرك في كل كرة جديدة مرة أخرى بما يناسب مواصفات الصورة الجديدة التي ستلبسها في الكرّة الجديدة 

والتي هي نفسها جزاؤك على ما فعلته بالمحسن في كرتك السابقة

طالب: يعني سأبقى ألهث طوال وقتي مع المحسن وبعد ذلك سأُعاقب لوحدي على ما فعلته به؟ 

وهل أن كاحون سيتم عقابه معي؟

العين: إطمئن، العملية ليست مؤلمة كثيرا كما تصورتها،، بل واحيانا كثيرة ستكون ممتعة نوعا ما

أمّا كاحون فلم يفعل شيئا يستحق العقاب عليه، 

فبفضل مجهودك الكبير فإنه لم ولن يحصل على فرص كثيرة يعمل بها

ربما فرصة من هنا او هناك 
وربما بين كل حين وحين سيحضى ببعض اللحظات النادرة التي سيستمع المحسن بها لصوته بكل وضوح

لأنك بالتأكيد ستعمل غاية مجهودك على ان لا تطول تلك اللحظات ، لأنني سوف اراقبك جيدا، واي تخاذل او تقاعص سألاحظه منك في تنفيذ ما تعهدت به أمامي فإن اثره السيء سيرجع عليك انت وحدك فقط

طالب: أوضحي لي لو سمحت مرة أخرى كيف سيعاد تدويري

العين: الامر بسيط ، فمثلك حينها كمثل لبنة الطين حين تكسرها وتفتتها ثم تعيد صياغتها وصبها مرة أخرى في قالب جديد ،، فهي نفسها نفسها لأنها من أُعيد تركيبها من نفس المادة 

وهي كذلك غيرها لأن صورتها وتركيب نفس المواد المكونة لها اختلفت عن الصورة والتراكيب السابقة

طالب: كاحون سيبقى اذن كاحون الى الأبد وانا فقط من سيتبدل اسمه وصورته وتفنى ذاكرته

العين: ومن قال أن ذاكرتك ستفنى؟

طالب: ألم تقولي سابقا أنني سأفقد ذاكرتي للكرة السابقة كليا في كل كرة جديدة؟

العين: نعم قلت ذلك!

لكنني لم أقل أن نفس الذاكرة وما بها من ذكريات ستفنى

فجميع ذاكرتك سيرثها كاحون ويحتفظ بها كلها بدون استثناء، وأنت فقط من ستفقدها

طالب: ماذا عن المحسن؟ 

ألن يفقد هو أيضا ذاكرته؟

العين: المحسن سيتلوّن بلون الفائز منكما به ، أي بلونك او بلون كاحون

فإذا تلوّن بلونك جرى عليه جميع ما سيجري عليك من تغيير جنس وفقدان ذاكرة  وجميع ما سيجري عليه من ظروف حياتك الجديدة

وبما انك ستفقد ذاكرتك السابقة فهو أيضا سيفقد ذاكرته السابقة مثلك

طالب: ماذا لو فاز كاحون؟

كيف سيكون حال المحسن حينها؟

العين: نفس حاله ما لو أنت فزت به،، فهو سيتلون حينها بلون كاحون وسيكون له جميع ما لكاحون

وبما أن كاحون يحتفظ دائما وأبدا بذاكرته كاملة غير منقوصة مع جميع ذاكرتك كاملة غير منقوصة

فإن المحسن سيتذكر من حينها جميع ما جرى له وعليه وامامه في جميع الكرات السابقة كبدن

وجميع ما جرى لكاحون وأمامه كنفس قدسية في جميع الكرات السابقة كلها

وجميع ما جرى منك وعليك وامامك في جميع الكرات السابقة كنفس حيوانية

فجميع ما تعلمه في كرّاته السابقة على المستويات الثلاثة البدنية والنفسية والروحية سيكون حاضر عنده كعلم حضوري واحد بجميع احاسيسه ومشاعره وبدون أن ينقص منها شعور واحد شعره باي لحظة من لحظات حياته الطويلة

طالب: وماذا سيحصل لي أنا حينها حين يفوز كاحون بالمحسن؟

العين: ما سيجري على المحسن وله سيجري لك وعليك أيضا

طالب: تقصدين أنني سأسترجع ذاكرتي كاملة فاتذكر جميع ما تعلمته في الكرات كلها؟

العين: ليس ذلك فقط!

فانت سترث من حينها كذلك جميع ما في ذاكرة كاحون من العلوم المختلفة

فجميع ما خُزِن عند كاحون من العلوم التي جمعها على طول الكرات السابقة ستكون من حينها لك وللمحسن كذلك

طالب: فأنا لن أفنى إذن؟

العين: لو نجح كاحون في الفوز بالمحسن في كرته هذه التي اسمه واسمك فيها طالب، فإن طالب لن يشعر بالفناء

لكن لو فزت أنت بالمحسن مرة جديدة فإن طالب سيفنى وسيعاد تدويره مرة أخرى بهيئة واسم وذاكرة جديدة تماما 

طالب: المهم أنني وما تعلمته وقمت به في أيّ كرة سابقة لن أفنى نهائيا، بل سأكون مستودع في مكان ما حتى تأتي اللحظة المناسبة حين يفوز كاحون فاسترجع دفعة واحدة كل ما سبق منّي ولي وعليّ 

فعلم كاحون مستقر عنده وفيه دائما وأبدا

وعلمي أستودعه عند كاحون كعلم فوق علم ، أو كرصيد علمي متعاظم يزيد كرة بعد كرة ، وسيأتي اليوم الذي أسترجع به منه رصيدي العلمي كاملا مع الفوائد ، وهي رصيد كاحون العلمي ورصيد المحسن العلمي

يبدو أن الفوائد التي سأستحصلها في هذه الحالة هي أعلى بكثير من رصيدي الفعلي


العين: لا بأس أن تفكّر بعقل المرابي في هذا الأمر



يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....

الخميس، 12 يناير 2017

ما الفرق بين الجنة فوق القبب وجهنم تحتها؟




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما الفرق بين الجنة فوق القبب وجهنم تحتها؟

بكل بساطة يمكن الإجابة عن هذا السؤال بأن الفرق الوحيد الوحيد بين من هم فوق القبب ومن هم تحتها هو نُظُم الإعتقاد التي يعتقدها من هم فوق القبب ومن هم تحتها

هذا هو الجواب البسيط ، لكنه يحتاج الى شرح وتوضيح

قبل أن نبدء بتوضيح الفكرة التي سنتكلم عنها يجب أن نذكّر انفسنا ببعض جوانبها لكي تتضح الصورة لنا أولا ولمن سيقرء لنا لاول مرة

العالم حسب روايات أهل البيت يتكون من 12 الف الف عالم تحت 12 الف الف قبة وتحت كل قبة منها جرت أحداث قصص الف الف آدم مع كامل ذريّاتهم من أوّل نشأتهم حتى نهاية قصتهم باستخلاص واصطفاء الثلل منهم ورفعهم ليعيشوا خالدين فوق القبب مع الملائكة، وكل الارقام السابقة هي على سبيل تقريب الصورة فقط

وأن حجم بعض هذه القبب كبير جدا جدا جدا ،، بحيث ما لو أننا وضعنا قبتنا هذه مع الارض التي تحتها وكل ما بها تحت إحدى تلك القبب الكبيرة جدا فإنها لن تبان فيها،، يعني النسبة بين حجم قبتنا وتلك القبة حينها سيكون كما لو أننا كحجم ذبابة أو بعوضة في ملعب كرة قدم

وكل تلك القبب الكبيرة والصغيرة وكل تلك العوالم بجميع ما فيها انّما هي مبنية ومنشئة فوق أرض واحدة كبيرة مترامية الأطراف

والظروف الحياتية والمشاهد الخلفية والأقدار المقدرة تحت كل قبة منها والتي سيعيشها ويعيش فيها من هم تحتها تختلف تماما عن الظروف الحياتية والمشاهد الخلفية والمقادير المقدرة لكل من وما في القبب الأخرى وبصورة كاملة أو ربما جزئية

هذه القبب يبنيها رب العالمين ويُشهد الملائكة معه على عملية خلقها وتشييدها وقد يعطيهم الفرصة أيضا تحت إشرافه في عملية بنائها وتشييدها وتعليمهم كيف يتم ذلك

طبعا عملية بناء تلك العوالم وقببها وما فيها وتحتها بالنسبة لرب العالمين والملائكة هي ليست عملية مرهقة ومتعبة بقدر ما هي سهلة وممتعة

فالملائكة مخلوقات أبدية لا تموت وامرها في عالمها هو كن فيكون وهي من الاساس غير مجبرة على أن تقوم بأي شيء لا تريد بذاتها ومشيئتها المساهمة في القيام به ،، لكنها عندما ستقرر المساهمة بعمل ما في الخمسين ألف سنة القادمة من حياتها الابدية لتتعلم منها شيء جديد فانها ستلتزم بدورها المحدد لها خلال تلك المدة وستفعل بها بكل دقة وامانة جميع ما تؤمر به أو ما يوكل إليها من مهام

حجم الجنة التي تعيش بها الملائكة كبير جدا جدا جدا ، فعرضها هو كعرض الأرض التي بنيت عليها 12 ألف ألف قبة بـ12 ألف ألف عالم ومرة أخرى نذكّر بإن هذه الأرقام هي فقط لتقريب فكرة كثرة تلك العوالم الأرضية وقببها التي تحيط بها ولـ لا محدودية عددها

وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

ونستطيع أن نقول أن هذه القبب هي مسارح مختلفة للحياة تختلف الظروف تحت كل قبة منها عن البقية  

وبعد اكتمال أيّ قبة منها وقبل بدء الملائكة والروح بالتنزل بها باذن ربهم من كل أمر سيجتمع الملأ الأعلى المقرر مشاركتهم بعمليات التنزل من كل أمر ويتم تقسيم المهام أو الأوامر التي سيتنزلون بها فيما بينهم

الروح المقصودة بضمير الجمع في ((تنزل الملائكة والروح فيها)) هم النفوس الناطقة القدسية والتي هي أشبه الاشياء بالملائكة كما ورد في حديث معرفة النفس لأمير المؤمنين مع كميل بن زياد 

(((وَالنَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى فِكْرٌ وَذِكْرٌ وَعِلْمٌ وَحِلْمٌ وَنَبَاهَةٌ وَلَيْسَ لَهَا انْبِعَاثٌ وَهِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِالنُّفُوسِ الْمَلَكِيَّةِ وَلَهَا خَاصِيَّتَانِ النَّزَاهَةُ وَالْحِكْمَة)))

وهذه النفوس الناطقة القدسية هي المخلوقة بأحسن تقويم ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)) وهي التي يمكن تركيبها في أي صورة تحت القبب ((فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ))

فهي في بداية خلقها خُلقت كأرواح أو كنفوس ناطقة قدسية خالدة لن تموت أبدا ومهمتها النزول تحت القبب والتعلم بها حتى يأتي اليوم الذي ستكمل به فيتم حينها تنجيتها من مخالطة أهلها الذين وصفهم أمير المؤمنين بأنهم:

 ((كِلاَبٌ عَاوِيَةٌ، وَسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ ، يَهِرُّ بَعْضُهَا بَعْضاً،يَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، وَيَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا، نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ، وَأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا،رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا، سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ، لَيْسَ لَهَا رَاع يُقيِمُهَا، وَلاَ مُسِيمٌ يُسِيمُهَا، سَلَكَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا طَرِيقَ الْعَمَى، وَأخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنَارِ الْهُدَى، فَتاهُوا فِي حَيْرَتِهَا، وَغَرِقُوا فِي نعْمَتِهَا، وَاتَّخَذُواهَا رَبّاً، فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَلَعِبُوا بِهَا، وَنَسُوا مَا وَرَاءَهَا))

وكلامه هذا سلام الله عليه وهو الكتاب الناطق انما هو ترجمة لقوله تعالى في محكم القرآن الصامت:

((((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ))))

فحين يأتي هذا اليوم عاجلا او آجلا والذي سيكملون به وتَعذُب طينتهم فيه من طينة الملح الاجاج الذي تم خلطه بطينتهم سينجونهم من مخالطة ومعاشرة من لم تصفوا طينته منهم بعد فيتم اصطفائهم ورفعهم لما فوق القبب فيندمجون مع الملائكة ، ليستمروا من حينها معهم في رحلة كمالهم بالعلم والمعرفة لكن من مستوى أرفع وأجمل وأقدر

والهدف العام من هذه العملية كما قلنا مرارا هو: إظهار الملائكة والروح للعلم المخزون في الكتاب المكنون من حالة مُكونه النّورانيّ لحالة ظهوره في عالم الوجود والظهور النوراني المحسوس والمُدرك بالحواس النورانية

فهم بهذه العملية يخرجون العلم المكنون بأنفسهم ولأنفسهم بطريقة ستعيش معها جميع الأطراف تجربة الحياة بجميع أبعادها المكانية الثلاثة والزمانية الثلاثة كعلم حضوري ويختبرون معها معنى التّأثير والتأثّر بتلك الأبعاد

نعود الأن لعنوان مقالنا هذا والذي هو (((ما الفرق بين الجنة فوق القبب وجهنم تحتها؟))) ونقول:

تحت كل قبة من تلك القبب المختلفة سيتم زرع أنظمة اعتقاد جديدة في تلك النفوس الناطقة القدسية التي ستنزل لتعيش تحتها وتختبر ظروفها ومقاديرها وقوانينها وذلك من خلال قرنها ودمجها تكوينيا مع نفس حسية حيوانية محمّلة باعتقادات مضللة ومحدودة مع مشاعر جديدة ومحدودة سيتم الشعور بها بواسطة حواس جديدة ومحدودة مركبة في نفوس نامية نباتية أو في أبدان جديدة ،

أنظمة اعتقاد جديدة ومختلفة ستُزرع بالنفوس الناطقة القدسية بحيث انهاى تكون مناسبة للظروف والمقادير التي سيتم خلقها وتقديرها تحت كل قبة من تلك القبب الكثيرة

وقد يسأل أحدنا:

لماذا كل هذه القبب الكثيرة الصغيرة منها والكبيرة ، والتي تختلف بعضها عن بعض في الظروف والمقادير؟
وما الهدف من كل ذلك؟

وجوابه هو أن الملائكة والروح تقوم باخراج العلم المكنون من حالة مكونه لحالة ظهوره لهم، فهي تريد أن تتعلم وأن تتعرف على هذا الكون بكل صوره

فلذلك فانها تقوم بايجاد جميع تلك العوالم المختلفة الصور والمقادير تحت تلك القبب المختلفة الأحجام ثم ترسل النفوس الناطقة القدسية فيها لتخرج بها صور جميع الاحتمالات الممكنة

هذه النفس لا صفة لها سوى أنها نفس قادرة على الإختيار 

فإن لم يُعرض عليها سوى الأسود فلن تستطيع أن تختار حينها سوى الأسود 

وإن لم يعرض عليها سوى الأسود والأبيض فلن يمكنها الاختيار الّا بينهما 

لكن لو عُرض عليها 144 اختيار مختلف فمجال اختيارها حينها سيكون أوسع وأكبر

ولو كانت درجات كل اختيار تتراوح بين جزء وتسعة واربعين جزء فسيكون مجال اختياراتها حينها مجال فلكي

يعني جندي الكرم مثلا لو انهم فعّلوه بهذه النفس بدرجة كاملة وتركوا لها الاختيار فسيمكنها ان تختار ان تكون كريمة 100% فتحوي ال49 جزء من جندي الكرم الممكنة كلها في كيانها فتتصف به كاملا 

أو يمكنها أن تختار أن تتصف ب99% كرم و 1% بخل
او 88% كرم و2% بخل ،،

وعلى هذا القياس يمكننا ان نستمر مع جندي الكرم ومع جميع الجنود الأخرى أيضا وبنفس الوقت

ولو أننا بدّلنا الظروف المحيطة بنفسين مختلفتين تحملان نفس النسب في صفاتها وبصورة كاملة ومتطابقة فإننا سنحصل منهما على اختيارات مختلفة وذلك بسبب اختلاف المحيط الخارجي الذي يحيط بها

يعني لو ركبنا إحدى تلك النفسين المتطابقتين بالنسب على صورة نملة وركبنا النفس الأخرى على صورة طير، فإننا سنحصل منهما على صورة حياتين مختلفتين ، وأيضا على صورتين مختلفتين من تجليات الأخلاق

ولو ركبنا إحداهما على صورة انسان يعيش بظروف عالم لا بحار به ولا انهار

وأنزلنا الأخرى لتعيش في مثل عالمنا هذا فسنحصل حينها منهما أيضا على صورتين مختلفتين من صور الاحتمالات للاختيارات التي سيختارها

يعني كلما غيرنا صورته في نفس المحيط الواحد فإن صور الاحتمالات والاختيارات التي سيختارها ستتبدل

وكذلك كلما بدلنا صورة المحيط وابقينا على صورته الشخصية ثابتة فستتبدل صور الاحتمالات التي سيختارها ايضا

وكذلك لو اننا بدلنا صورته التي سيتم تركيبه عليها وبدلنا صورة المحيط من حوله ايضا فستتبدل صور الاحتمالات معهما بصورة مختلفة مهائيا

وهذا هو تمام ما تقوم به موجودات عالم الأمر الإلهي من الملائكة والروح وربهم

فهم يقومون بإخراج ما يمكنهم اخراجه من صور الاحتمالات الممكنة عبر ايجادهم لعوالم متعددة ذات ظروف داخلية وخارجية مختلفة ،، هم بتصميمها من يقومون بتصميمها ابتداءا

وبعد ذلك عبر تركيبهم النفوس المطمئنة بصور واشكال مختلفة حين يتقرر إنزالها في تلك العوالم ذات الظروف المعيشية المختلفة

فهم يُخرجون بهذه العملية وبتلك العوالم المختلفة جميع صور الاحتمالات الممكنة والمكنونة في الكتاب التكويني

انهم يخرجونها من حالة مكونها واختفائها عنهم لحالة ظهورها لهم

عالم الأمر ،، وهم الملائكة وربهم فوق القبب

وعالم الخلق تحت القبب وهم الروح أو النفوس الناطقة القدسية

انهم يزدادون كل يوم علما جديدا من علم الله المكنون في كتابه والذي يعملون على أن يكتشفونه بانفسهم في كل لحظة جديدة من خلال تفعيل مشيئتهم وارادتهم بمباشرة فعلهم باخراج ذلك العلم المكنون من حالة المكون الى حالة الظهور في عالم الأمر وفي عالم الخلق

انهم يتعلّمون كل يوم علوم جديدة بهذه العملية، كما انهم يكتشفون أيضا قلّة علمهم الذي وصلوا له مع كل صورة جديدة من صور تلك الاحتمالات التي سيكتشفونها في كل يوم وساعة ودقيقة جديدة ولم يكونوا يعلمون بها قبل ذلك

يعني لو صعد أحدنا فوق القبب وعاش بين الملائكة وخطر بباله صورة عالم جديد لم يتم اخراج صورته واحتمالاته من قبل فله أن يطرح هذه الفكرة الجديدة عن هذا العالم الجديد على الملأ الأعلى وإن كانت جديدة بالفعل فربما يقررون فعلا أن يبنوا هذا العالم الجديد الذي تخيلته وفكرت به وبصورته ومقاديره تماما كما تخيلته وفكرت به وتصورته وقدرته

وربما سيسندون لك أيضا دورا رياديا بارزا في عملية ادارته وادارة الصراعات المختلفة التي ستجري في ذلك العالم الجديد وتحت قبته

لكن كل ذلك سيتم تقريره في اجتماع الملأ الأعلى الذي سيجتمعونه ليختصموا فيه (((ليتناقشوا ويتفقوا فيه))) على من منهم الذي سيؤدي هذا الدور أو الذي سيؤدي ذاك الدور

من هو الشرير ومن هم اصحابه ومن هو الخيّر ومن هم اصحابه

يعني سيتقرر فيه تحديد قيادة مجموعة الكافرين ((المغطين))

وكذلك تحديد قيادة مجموعة المُخْلَصِين ((الكاشفين))

فكل الاحتمالات موجودة بالفعل من حولنا وما علينا لإخراجها من حالة الخفاء لحالة الظهور سوى أن نتوجه بوعينا لها ونختار بمشيئتنا اظهارها

فوق القبب اعتقاداتهم صافية ولا يوجد من يتلاعب بها ولذلك فان امرهم بها هو كن فيكون

لكن اعتقادات من يوجدون ويعيشون تحت القبب من النفوس الناطقة القدسية يتم التلاعب بها وتحديدها منذ اول يوم تنزل به تحتها وربما يتلاعبون به أيضا خلال فترة نزولها تحتها

فكل شيء تحت القبة يجب أن يكون تحت سيطرة اصحابها الاعلام والمدارس والثقافة والاموال والحكومات والسياسة ووووو وكل شيء بدون استثناء

وبكل ذلك وأكثر فإنّهم يستطيعون التلاعب بعقول من يعيشون تحت تلك القبب ، يغسلونها وينشرونها ويجففونها ثم يعودون ليغسلوها مرة أخرى وأخرى وأخرى وفي كل مرة يزرعون بهم افكار وخيالات جديدة وثقافات أخرى يمزجونها لهم مزجا مدروسا ليخرجوا بها وبهم تحت هذه القبة أو تلك صور احتمالات جديدة لم يتم اخراجها من قبل

والناس تحت هذه القبب نيام ينعقون مع كل ناعق

لكنهم جميعا وبمجرد أن يموت أحدهم فإنه سيستيقظ ويكتشف أنه كان من الخاسرين في هذه الكرة ، لأنه لم يستيقظ قبل موته ، بل انه مات واستيقظ ، ولات حين مناص

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....



الأربعاء، 11 يناير 2017

روايات النور هي روايات الكونداليني



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمّد وآل محمّد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روايات النور هي روايات الكونداليني

عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ عَنِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاظِمِ قَالَ‏:

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ نُورَ مُحَمَّدٍ مِنْ نُورٍ اخْتَرَعَهُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ

وَهُوَ نُورُ لَاهُوتِيَّتِهِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْ لَاهٍ أَيْ مِنْ إِلَهِيَّتِهِ مِنْ أَيْنِيَّتِهِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ‏

وَ تَجَلَّى لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بِهِ فِي طُورِ سَيْنَاءَ 

فَمَا اسْتَقَرَّ لَهُ وَلَا طَاقَ مُوسَى لِرُؤْيَتِهِ 

وَلَا ثَبَتَ لَهُ حَتَّى خَرَّ صَاعِقاً مَغْشِيّاً عَلَيْهِ

وَكَانَ ذَلِكَ النُّورُ مُحَمَّداً

فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مُحَمَّداً مِنْهُ

قَسَّمَ ذَلِكَ النُّورِ شَطْرَيْنِ

فَخَلَقَ مِنَ الشَّطْرِ الْأَوَّلِ مُحَمَّداً

وَمِنَ الشَّطْرِ الْآخَرِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ

وَلَمْ يَخْلُقْ مِنْ‏ ذَلِكَ‏ النُّورِ غَيْرَهُمَا

خَلَقَهُمَا اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِمَا بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ

وَصَوَّرَهُمَا عَلَى صُورَتِهِمَا

وَجَعَلَهُمَا أُمَنَاءَ لَهُ وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ

وَخُلَفَاءَ عَلَى خَلِيقَتِهِ

وَعَيْناً لَهُ عَلَيْهِمْ

وَلِسَاناً لَهُ إِلَيْهِمْ

قَدِ اسْتَوْدَعَ فِيهِمَا عِلْمَهُ

وَعَلَّمَهُمَا الْبَيَانَ

وَاسْتَطْلَعَهُمَا عَلَى غَيْبِهِ

وَجَعَلَ أَحَدَهُمَا نَفْسَهُ وَالْآخَرَ رُوحَهُ

لَا يَقُومُ وَاحِدٌ بِغَيْرِ صَاحِبِهِ

ظَاهِرُهُمَا بَشَرِيَّةٌ وَبَاطِنُهُمَا لَاهُوتِيَّةٌ

ظَهَرَا لِلْخَلْقِ عَلَى هَيَاكِلِ النَّاسُوتِيَّةِ حَتَّى يُطِيقُوا رُؤْيَتَهُمَا

وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى‏ وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ‏

فَهُمَا مَقَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحِجَابُ‏ خَالِقِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ

بِهِمَا فَتَحَ اللَّهُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَبِهِمَا يَخْتِمُ الْمُلْكَ وَالْمَقَادِيرَ.

ثُمَّ اقْتَبَسَ مِنْ نُورِ مُحَمَّدٍ وَفَاطِمَةَ ابْنَتَهُ كَمَا اقْتَبَسَ نُورَهُ مِنْ نُورِهِ

وَاقْتَبَسَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَاقْتِبَاسِ الْمَصَابِيحِ

هُمْ خُلِقُوا مِنَ الْأَنْوَارِ

وَانْتَقَلُوا مِنْ ظَهْرٍ إِلَى ظَهْرٍ وَصُلْبٍ إِلَى صُلْبٍ وَمِنْ رَحِمٍ إِلَى رَحِمٍ 

فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ

بَلْ نَقْلًا بَعْدَ نَقْلِ

لَا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ وَلَا مِنْ نُطْفَةً خَثِرَةٍ كَسَائِرِ خَلْقِهِ

بَلْ أَنْوَارٌ انْتَقَلُوا مِنْ أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إِلَى أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ

لِأَنَّهُمْ صَفْوَةُ الصَّفْوَةِ

اصْطَفَاهُمْ لِنَفْسِهِ

وَجَعَلَهُمْ خُزَّانَ عِلْمِهِ

وَبُلَغَاءَ عَنْهُ إِلَى خَلْقِهِ

أَقَامَهُمْ مَقَامَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَى وَلَا يُدْرَكُ وَلَا تُعْرَفُ كَيْفِيَّتُهُ وَلَا إِنِّيَّتُهُ‏

 فَهَؤُلَاءِ النَّاطِقُونَ الْمُبَلِّغُونَ عَنْهُ

الْمُتَصَرِّفُونَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ

فِيهِمْ‏ يَظْهَرُ قُدْرَتُهُ

وَمِنْهُمْ تُرَى آيَاتُهُ وَمُعْجِزَاتُهُ

وَبِهِمْ وَمِنْهُمْ عَرَفَ عِبَادُهُ نَفْسَهُ

وَبِهِمْ يُطَاعُ أَمْرُهُ

وَلَوْلَاهُمْ مَا عُرِفَ اللَّهُ وَلَا يُدْرَى كَيْفَ يُعْبَدُ الرَّحْمَنُ

فَاللَّهُ يَجْرِي أَمْرُهُ كَيْفَ شَاءَ فِيمَا يَشَاءُ

لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ‏


وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....