الثلاثاء، 8 نوفمبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//7







بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//7

الثاني: يبدو أن محطتنا التالية ستكون في معرفة كيف يتم التّنزل بنا من فوق السقف المرفوع لتحته

أي كيف يتم التنزل بنا من عالم الأمر أو الجنة في عالم الخلق أو الجحيم؟

الزوجة: يمكننا ذلك لو أحببت، فهذه المعرفة ضرورية من ضمن عدة معارف أخرى كلها ترتبط مع بعضها البعض لتقريب صورة الفكرة النهائية لعلاقة عالم الأمر بعالم الخلق وكيف تتنزل الملائكة والروح فيه بإذن ربها من كل أمر

الثاني: حسنا كيف ستبتدئين هذه المرحلة

الزوجة: سأبدئها بسؤلك عن معنى كلمة وكيف تفهمها؟

الثاني: ممممم، غريب ، لكن تفضّلي

الزوجة: كيف تفهم معنى كلمة جعل وجعلنا التي جائت في القرآن الكريم بمواضع كثيرة جدا؟

الثاني: يبدو لي ان معناه العام هو قرن صفة مخلوقة مع مخلوق ما

بحيث أنه متى ما حضر هذا المخلوق حضرت أو ظهرت تلك الصفة المخلوقة معه أيضا

فمثلا وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا

تقول انه متى ما حضر الليل حضرت صفة سكنا معه ايضا ،، فالليل والسكن مقترنان لا يفترقان متى ما حضر الأول حضر الثاني ، هذا بالاضافة لصفات أخرى لليل

وكذلك الشمس والقمر متى ما حضرا حضرت معهما صفة الحسبان أيضا بالاضافة لصفات أخرى

الزوجة: دعنا نذهب لغرفة الأولاد ، اريد أن أريك شيئا

الثاني: هيا بنا

يدخلان الغرفة حيث كان الاولاد يتسلون بلعبة البليستيشن فوقفا خلفهم

الزوجة: انظر للمشهد المعروض على الشاشة امام ابنك هذا وقل لي ماذا ترى فيها

الثاني: أرى ان الشخصية التي يلعب بها تمشي في الظلام وقد أنار ضوء مركز على جبينه يضيئ له دربه بشكل موضعي ذو انارة محدودة

الزوجة: وهل تعتقد فعلا أنه يوجد ضوء في هذه اللعبة ينير الطريق له في الظلام؟

الثاني: لا اعتقد انه يوجد ضوء حقيقي بل هو مجرد برمجة من ضمن برمجات عديدة برمجها المبرمج بشكل ترتبط مع بعضها البعض بشكل متوازي بحيث يكون احدها المسبب والآخر السبب

فهو عندما يضغط أحد الأزرار يظهر له وكان مصدر للضوء مثبت فوق جبينه قد توهج وبنفس الوقت ما يقع أمام هذا المصدر يتغير شكله من مظلم غير مرئي وغير واضح المعالم والالوان ، لمنير ومرئي وواضح المعالم والالوان

الزوجة: وماذا تدعوا هذه العملية؟

الثاني: كما قلت لك قبل قليل من انها مجرد برمجة قام المبرمج ببرمجتها وربط بينها بالسبب والنتيجة بحيث يظهر وكان المصدر المتوهج هو من أضاء له الطريق وجعله واضحا

الزوجة: كيف تفهم ذلك مع ما تكلمنا عليه سابقا من معنى الجعل؟

الثاني: يبدو أن معنى المبرمج يتوافق مع معنى الجاعل

ومعنى المبرمجات المختلفة هي المجعولات المختلفة التي جعلها الجاعل واكسبها صفاتها وربط بينها وبين بعضها البعض

بحيث يكون احدها السبب والآخر يكون هو النتيجة

او تكون البرمجات أحدها العلة والآخري هي المعلولة لها

الزوجة: انظر للشاشة الآن مرة أخرى وقل لي ماذا ترى

الثاني: لقد أشرقت الشمس وبدء الضياء يعم المكان وبدأت الأشياء تشرق نورا وألوانا

الزوجة: مرة أخرى أسألك هل تعتقد فعلا أن الشمس في هذه اللعبة هي من أظهرت الأشياء وجعلتها مرئية ومنيرة فيها؟

الثاني: نفس ما انطبق على الحالة السابقة ينطبق على هذه الحالة أيضا

فالشمس هي برمجة والنهار برمجة أخرى لكنهما يرتبطان في ظهورهما مع بعضهما البعض

الزوجة: الأن اعد قرائة هذه الآية وقل لي ماذا تفهم منها على ضوء ما قلته قبل قليل

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ

الثاني: يبدو أن

الليل مخلوق أوّل

والنهار مخلوق ثاني

والشمس مخلوق ثالث

والقمر مخلوق رابع

لكن المبرمج او الجاعل ربط ما بين الشمس والنهار فجعل احدهما العلة والآخر المعلول له

وجعل غياب الشمس علة لظهور الليل

وجعل ظهورها علة لظهور النهار

الزوجة: فكل شيء هو بيد الجاعل او المبرمج إذن؟

الثاني: نعم بالتأكيد

الأن بهذا الفهم من أن الليل والنهار هما مخلوقان منفصلان عن الشمس وجودا ومرتبطان معها علّة ماذا يمكنك أن تضيف على ما يستطيع الجاعل او المبرمج أن يبرمحه أو ان يجعله؟

الثاني نظر برهة للشاشة أمامه ثم تبسم وقال:

يستطيع المبرمج أن يجعل اللاعب يمسك ببقعة الظل بأحد ازرار التحكم ويحركها كيفما يشاء تحت الشمس فيُظلِم بها أي بقعة منيرة

ويستطيع كذلك أن يجعله يمسك ببقعة الضوء بمعزل عن المصباح الذي ينيرها ويحركها في الظلام كيف يشاء فينير بها أي بقعة من الظلام

الزوجة: هل يذكرك ذلك بشيء؟

الثاني: نعم يذكرني بقوله تعالى:

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا

فهو يريد أن يقول أن الظل لا علاقة له بالشمس الا بالجعل أو الا بالبرمجة ونظام العلة والمعلول

وأن العلة والمعلول كلاهما مخلوقان مختلفان ، يختلفان عن بعضهما البعض في الخلق التكوين وما كان ارتباطهما ليكون ممكنا الا بجعل الجاعل فيصبح أحدهما السبب والآخر يكون الاثر له

الزوجة: إذن؟

الثاني: هل تريدين القول أن الشمس والقمر والليل والنهار هكذا هم في عالمنا؟

الزوجة: أنا لا أريد أن أقول لك شيئا جديدا لا تعرفه ، بل أوضح لك فقط بعض جزئيات ما كنت تعتقد به اجمالا

الثاني: لكنني لم أكن اعتقد بذلك

الزوجة: بل كنت تعتقد بذلك اجمالا وليس تفصيلا

الثاني: وكيف كان ذلك؟

الزوجة: ألا تعتقد بالوجود العقلي لهذا الوجود ، وأنه كله علة ومعلولا يدار بواسطة العقل الكلي؟

فهذا هو الوجود العقلي، وكله يدار بواسطة العقل الكلي

فهو الموجود المبرمج لكل البرمجيات

وهو الرابط ما بينها كعلة ومعلول

او حسب التعبير القرآني

هو الخالق لكل المخلوقات

وهو الربط بينها بالجعل

ليكون بعضها علة لبعضها الأخر

الثاني: وإلى أين تريدين الوصول عبر توضيح معنى الجعل هذا؟

الزوجة: أريد أن أقول لك أن الرحلة العقلية الداخلية التي سآخذك بها هي رحلة تتعرف بها ومن خلالها على العلل والمعلولات التي ستجعلك تشعر بوجودك وتتعلم من خلالها أيضا ما لم تكن تعلمه

الثاني: جميل جدا ، لكنني لم أعرف من أنا حتى الآن، فطوال المدة السابقة كنت أعتقد أنني أنا النفس الناطقة القدسيّة وأن النفس الناطقة القدسيّة هي مثال الإسم المكنون لكنك سلبتيني هذا الوجود من بداية حواري معك فأصبحت من حينها معلق ولا أعرف من أنا

الزوجة: عندما تقول أنا من الذي تقصده بكلمة أنا؟

الثاني: أقصد أنا طالب التوحيد الذي يكلمك الآن

الزوجة: أنت لست طالب التوحيد، طالب التوحيد هو المرآة التي استحققت أن ترى نفسك من خلالها في هذه الكرّة ،، وفي كرّتك التاليّة سترى نفسك من خلال مرآة أخرى

الثاني: وما هو إذن مصير المرآة طالب التوحيد بعد انتهاء هذه الكرّة

الزوجة: هذه المرآة التي ترى نفسك على صورتها وتتعلم أشياء جديدة من خلالها إذا فارقتك عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.

الثاني: هل تقصدين انني أنا النفس الحسيّة الحيوانيّة!!!!!!!

الزوجة: لا تستعجل النتائج وانتبه لما قلناه قبل قليل، انت لست النفس الحسيّة الحيوانيّة

النفس الحسيّة الحيوانيّة هي المرآة التي ترى نفسك حاليا وفي كرتك هذه من خلالها

الثاني: لكنك قلت أن طالب التوحيد هو نفسه المرآة التي ستعود إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها

الزوجة: نعم قلت ذلك

الثاني: إذن طالب التوحيد والذي هو أنا سيفنى وتعدم صورته ويبطل فعله ووجوده ويضمحل تركيبه

الزوجة: ركّز معي قليلا، صورة وشخصية وصفات طالب التوحيد هي فقط جزء بسيط من رحلة وجودك

وعندما ستفنى وتعدم صورته ويبطل فعله ووجوده ويضمحل تركيبه فإنك ستحتفظ بجميع ما تعلمته من خلال رؤيتك لنفسك من خلال صورته وفعله وتركيبه

الثاني: ومن هو أنا الذي سيحتفظ بجميع ما تعلمه من خلال صورة وفعل وتركيب طالب التوحيد؟

الزوجة: ما لك بدأت تنسى تفاصيل حديثنا؟

ألم نتفق منذ البداية أنك مثال الإسم المكنون المكنون بي ، وأنني روحك التي بين جنبيك وهويتك التي تحيط بك؟

الثاني: نعم اتفقنا على ذلك

الزوجة: ألم نتفق أنك لك إسم آخر تم تسميتك به منذ أن تم خلقك في أحسن تكوين وسيبقى هذا الاسم هو اسمك الملاصق لك طوال حياتك الأبدية؟

الثاني: وما هو اسمي هذا؟

الزوجة: وما الفرق بين ان يكون اسمك س او ص فهو مجرد اسم تم تسميتك به عند بداية ولادتك الروحية

الثاني: أريد أن أعرف إسمي هذا لكي أعرف من أنا عندما نتحدث وبما انك لا تفقدين الذكرة ومعي منذ أن ولِدت الولادة الروحيّة في احسن تكوين فلا بد أنك تعرفينه

الزوجة: حسنا هذه فكرة جميلة أن تعرف نفسك الحقيقية من خلال معرفتك لاسمك الأول

إسمك الأول هو كاحون وأظنك تعرف ذلك

كاحون: كاحون؟ نعم سمعت بهذا الإسم في أحد أحلامي وتعجبت منه كثيرا، لكن ماذا يعني هذا الإسم؟

الزوجة: كاحون في الملأ الأعلى تعني الشاهد المشاهد

كاحون: الشاهد المشاهد؟ شاهد على ماذا ومشاهد لماذا؟

الزوجة: تعني الشاهد على نفسه والمشاهد لنفسه

كاحون: أوضحي لي معنى شهادتي على نفسي ومشاهدتي لنفسي لو سمحتي فالامر قد غمُضَ عليّ جدا جدا جدا؟

الزوجة: قلنا قبل قليل أن طالب التوحيد هو مرآة ستشاهد بها نفسك، صحيح؟

كاحون: نعم صحيح

الزوجة: ضع هذه المرآة جانبا الآن

كاحون: وضعتها جانبا

الزوجة: أنا وأنت نشكل سوية أيضا مرآة وجودية واحدة ،، 

سطح المرآة العاكس وهذا هو أنا 

ووسطها يوجد مثال الاسم المكنون وهو أنت، واضح الكلام؟

كاحون: نعم هو واضح

الزوجة: الأن ماذا ستحتاج أنت كمثال للاسم المكنون لكي تستطيع أن ترى نفسك؟

كاحون: سأحتاج لمرآة أخرى أنظر بها ومن على سطحها لنفسي

الزوجة: تلك المرآة التي ستنظر لها لترى نفسك لو كان سطحها مشوب بأيّ شائبة هل ستعكس لك صورتك الحقيقية ، أم ستعكس لك صورتك مع صورة الشائبة او الشوائب المنطبعة على سطحها

كاحون: لا شك أنني سأرى حينها صورتي مشوبة بجميع تلك الشوائب المنطبعة على سطح تلك المرآة التي سانظر بها لنفسي

الزوجة: المرآة التي تنظر لنفسك من خلالها الأن هي المرآة المشوبة في وسطها بصورة طالب التوحيد، بحيث تختفي صورتك خلف صورة طالب التوحيد، وحينهالو انك استطعت أن تمحي بإرادتك من على سطح تلك المرآة صورة طالب التوحيد المنطبعة عليها في وسطها فستظهر لك حينها من خلفها صورتك الحقيقية

كاحون: النفس الحسيّة الحيوانيّة وجميع قواها هي إذن هي نفسها تلك المرآة التي أنظر وأشعر بنفسي ووجودي من خلالها ، وهي نفسها التي أتعلم الأن من خلالها

الزوجة: هذا صحيح

كاحون: طيب هذا ما يخص صورة طالب التوحيد المطبوعة على تلك المرآة التي انظر إليها، لكن ماذا عن صور العالم المختلفة التي تحيط بصورة طالب التوحيد وأرى نفسي كطالب التوحيد وسطها؟

هل نفس المرآة هي من تصنع تلك الصور فأراها مع صورة طالب التوحيد

الزوجة: كلا

كاحون: كلا؟!!!!!

ومن أين تأتي تلك الصور إذن؟

الزوجة: انها منّي أنا

كاحون: منك أنت؟!!!!!

الزوجة: نعم مني أنا

كاحون: هل تقصدين أنك أنت من تحيطينني ببحر الكذب؟

الزوجة: نعم ولا ، لكن هذا هو الاتفاق المبرم بين أمي الإسم المخلوق وبين أبوك الإسم المكنون بها منذ الأزل

كاحون: نعم ولا؟ كيف يكون نعم وبنفس الوقت يكون لا؟

الزوجة: تذكر اننا قلنا انه لا يوجد سوى الدائرة والنقطة، والدائرة هي الوجود والنقطة هي الموجود

كاحون: نعم أذكر ذلك

الزوجة: وتعرف من قبل ذلك أن الاسم المكنون أراد أن يظهر لنفسه أو أن يرى نفسه بكل صورة ممكنة

كاحون: وهذه اعرفها أيضا

الزوجة: وتعرف أن الاسم المكنون هو القلم الذي رسم جميع الصور وكتب كل الاحداث المحيطة بتلك الصور بجميع احتمالاتها

كاحون: وهذه أيضا أعرفها

الزوجة: فهو إذن من يرسم الصور ويكتب الاحداث ، وأنا من سيصور الصور وصور الاحداث التي ستحيط بصوره ليعيشها هو ويرى نفسه بها ومن خلالها

فأنا الوجود بكل صوره وهو الموجود بكل الصور

فالاسم المكنون بهذه الطريقة هو الشاهد على نفسه والمشاهد لنفسه

وأنا التي أريه نفسه كما يريد أن يرى نفسه 

ولا يمكن لذلك أن يكون الا أن أحيطه ببحر من الكذب والاوهام التي ستخفي حقيقته عن نفسه 


يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....



السبت، 5 نوفمبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//6







بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//6 

الثاني: أعتقد أن ذلك يقودنا لفكرة الأرض المسطحة، أليس كذلك؟

الزوجة: فكرة الأرض المسطحة كما يتداولونها هي فكرة ناقصة وغير مكتملة

الثاني: وما هي الفكرة الأكمل منها إذن؟

الزوجة: هي فكرة القبب السماوية المبنية بأيدي أهل السماء فوق أرض الجنة الـ لا نهائية وتحت قبة الله الكبيرة والمترامية الأطراف الـ لا نهائية

ولو أعدت التفكير بما قلناه للتوى وحاولت أن تتصور الصورة التي تحدثنا بها فستنلقب عندك صورة السماوات ولأرض الحالية بواقع 180 درجة من أقصى الشمال لأقصى اليمين

يعني سيصبح حجم الأرض هو بحجم السماوات التي تعتقد بها الأن وسيصبح حجم السماوات بحجم الأرض التي تعتقد بها الآن

يعني أن السماوات أو القبب السماوية ستصبح مجرد ذرات متناثرة فوق أرض الجنة المترامية الأطراف والـ لا نهائية

يعني لكي تسافر من قبة في الجنة لتصل لقبة أخرى بها يجب عليك أن تسافر في الجنة مسافة عدة سنوات ضوئية من ما تعد من السنوات والمسافات


ولو أطلقت العنان لخيالك أكثر من ذلك فستتغير نظرتك للسماوات والأرض مرة أخرى 180 درجة من من أقصى الأسفل لأقصى الأعلى

وستصبح السماوات أرض

والأرض ستصبح سماوات

الثاني: تصبح السماوات أرض والأرض تصبح سماوات!!!!!!!!

وكيف يمكن لذلك أن يكون؟

الزوجة: قلنا أنك حين تخرج من تحت القبة فإنك ستدخل او ستخرج لعالم الجنة الواسعة

الثاني: نعم قلنا ذلك

الزوجة: طبعا أنت تعرف أننا مهما تحدثنا ووصفنا الجنة فإن وصفنا لها سيبقى وصف محدود لمحدودية علمنا وبالتبع سيكون محدودا لمحدودية خيالنا

فنحن نستطيع أن نتصوّر او أن نتخيّل فقط ما لنا عنه علم ابتدائي

ولو كان علمنا علم صغير ومحدود فسنستطيع أن نبني بالخيال قصورا جميلة على قدر محدودية العلم الذي حصلنا عليه

والذي بالتأكيد من حدود علمه أكبر من حدود العلم الذي حصلنا عليه فإن حدّ خياله سيكون أوسع واجمل من خيالنا

الثاني: هذا صحيح

الزوجة: اذا فهمت ذلك فإن الغرف المبنية فوق بعضها البعض في الجنّات التي تجري الانهار من تحتها تقول لك أنك أينما وليّت وجهك في الجنة وفي أيّ اتجاه كان فإنك ستجد جنات وانهار وزروع وغرف مبنية

فكما انك تعتقد الآن داخل القبة ان الفراغ يحيط بك من كل اتجاه

فإنك ستجد نفسك محاطا في الجنة بجميع ما هو يجري وينبت ويُبنى على الأرض

فأنت تنظر لفوقك تجد انهارا وغرفا مبنية وزروع مزروعة وغير ذلك ، ثم تنظر مرة أخرى لتحتك فتجد كل ذلك

وكذلك ستجد كل ذلك أيضا لو انك نظرت لأيّ اتجاه تختاره


وحينها فلن يكون هناك معنى للاتجاهات في الجنة بحيث أنك أينما ولّيت وجهك في الجنة ستجد رحمة الله تحيط بك

والمكان الوحيد الذي ستجد به معنى لمحدودية الاتجاهات هو داخل تلك القبب المنتشرة في جميع أنحاء الجنة بكل اتجاهاتها

الثاني: استنتج من كلامك أن الصفة الغالبة على الكون هي أنه منير وكله ألوان جميلة سواى ما يكون من الظلام تحت القبب فقط

وبذلك فان النور والضياء هو الحقيقة السائدة وليس الظلام

وما الظلام إلا نقاط صغيرة منتشرة هنا وهناك ضمن الوجود الحقيقي للجنة ومحصور ومحدود بحدود القبب

فالقبة هي من تحجز نور الجنة عن ما ومن هو داخلها ،، ولو فُتِحت أبواب أو سُقُفَ أيّ قبة من القبب فإن نور الجنة سيملأها وينيرها


الزوجة: بدأت تقترب من فهم الصورة التي نتحدث عنها

الثاني: يبدو وكأننا نعيش الصورة السالبة للصورة الحقيقية

حيث أن اللون الأبيض في الصورة الحقيقية يكون أسودا في الصورة  السالبة

الزوجة: وهذه أيضا خطوة أخرى تخطوها للفهم الصحيح وان كان هذا الكلام ليس دقيق بالكامل

الثاني: يبدو أن هذا الاستثناء منك سيقودنا للكلام عن مبدء الخير والشر الذي كنت أفكر به للتو متسائلا هل من الممكن ان يكون الخير في حقيقته شر والشر خير

الزوجة: نعم كنت أسمعك تفكّر بذلك ، ولذلك قلت لك أن هذا الكلام ليس دقيق بالكامل،، فالخير يبقى خيرا سواء في هذه العالم تحت القبة أو في ما فوقها أيضا،

والشر وحده الذي سيتغير معناه ويكون في حقيقته خير

الثاني: وكيف يكون ذلك؟

كيف يمكننا أن نقول أن عمل الشر هو عمل خير في أصله؟

الزوجة: ألا تعتقد أن القلم كتب كل شيء في كتاب قبل أن تبرئه الملائكة وأسيادها بعد ذلك؟

الثاني: هذا الكلام واضح جدا في كتاب الله حيث يقول:

مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

الزوجة: الآن سواء عليك اذا ارجعت ضمير الجمع للمجموعة الآمرة 

أو للمجموعة الفاعلة في القرآن الكريم 

وكنت تعتقد معها أنّ الشرّ هو شيء سيّئ

فإنك تنسب الشرور والسيئات حينها للمجموعة الآمرة وللمجموعة الفاعلة التي ستبرء تلك الأحداث المكتوبة وتخرجها من حالة كتابتها في الكتاب لحالة ظهورها حضوريا في عالم التجلي تحت القبب المختلفة

قل لي هل يكتب القلم الا ما به حكمة؟

الثاني: بما انه هو المشيئة وانه لم يكتب ما كتب في الكتاب الا تعبيرا عن مشيئة خالقه فهو اذن لم يكتب الا الحكمة

الزوجة: ولذلك ورد عن الامام الصادق عليه السلام في تفسير

قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ 

أنه قال: يقدّر في ليلة القدر كل شيء يكون في السنة الى مثلها من قابل:

خير وشر،

وطاعة ومعصية،

ومولود وأجل ورزق

فما قدَّر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم، ولله عزَّ وجلَّ فيه المشيئة .....بقية الرواية

فكل المكتوب من الخير والشر هو من الأمر الحكيم

ولذلك ورد عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال:

أن فضل إيمان المؤمن بحمله "إنا أنزلنا" وبتفسيرها 

على من ليس مثله في الايمان بها،

كفضل الانسان على البهائم،

وإن الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا ((لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم)) ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين

ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار........إنـــتـــهـــى الـــنـــقـــل

ففضل المؤمن كامل الإيمان بمعاني سورة إنّا انزلناه في ليلة القدر وبأن كل ما يتم التنزل به هو من الامر الحكيم هو كفضل الانسان على البهائم 

لأن الذي لا يعتقد أن الذي كتب في كتابه أو الذي فرق في كتابه كل الشر والخير الذي ستتنزل به الملائكة والروح تاليا على مختلف العباد إنما هو واحد وهو الحكيم الذي لا يكتب إلّا الحكمة فقط 

فإنه يتهمه حينها ومن غير أن يدري بالسفه والظلم والعياذ بالله ،، كما ويتهم كذلك بالسفه والظلم جميع من سيقومون بعد ذلك بالتنزل بما كتبه الحكيم تباعا بإذن ربهم ،، 

ولذلك شبههم بالبهائم

الثاني: لكنني لم افهم بعد أين الحكمة في الشر؟

أو أين الخير في الشر؟

أو كيف يكون الشر في حقيقته خيرا؟

الزوجة: إدراك هذا الامر وفهمه يحتاج منك لنظرة شاملة للبداية والنهاية

الثاني: ومن أين لي بهذه النظرة وانا لا أزال في بداية طريقي

الزوجة: سأساعدك في ذلك، لكن انتبه لما سأقوله جيدا

الثاني: تفضلي

الزوجة: تعلم أن بداية خلقك كانت حينما خلقوك وصوروك وأشهدوك موقف السجود للخليفة ، وهو اليوم الذي أعطيت العهد به بالطاعة والاتباع للخليفة مع جميع من عاهدوا هذا العهد في ذلك الموقف

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ
ثُــــــمَّ صَوَّرْنَاكُمْ
ثُــــــمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ
فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ

هذه كانت هي نقطة البداية التي تم ابتدائك منها وبدأت معها رحلة شعورك بذاتك ووجودك

بعد ذلك بدأت تكرّ تحت القبّة في العوالم المادية وستبقى تكرّ تحتها الى ما شاء الله لك ذلك ، 

والى أن يزداد علمك لدرجة ستقرر معها أن تستيقظ 

فتبدء من حينها رحلة استيقاظك وستستمر بها حتى تنجح أخيرا بذلك وتكون مع ومن الفائزين 

فيتم استخلاصك وتنجيتك ورفعك حينها إلى الملأ الأعلى

لقد نجحت وفزت وتم رفعك لما فوق القبة 

حين تقف حينها وتنظر لحياتك وجميع ما مررت به من التجارب والمواقف الانسانية المختلفة خلال كراتك كلها فستجد أنك ربما قد ارتكبت خلالها ملايين الأخطاء

لكنك ستدرك في تلك اللحظة أيضا أن تلك الأخطاء هي نفسها التي اوصلتك الى ما اصبحت عليه الأن

وستدرك أن ميزان الأعمال الذي كان يتقرر لك على اساسه أن تخوض هذه الحياة او تلك الحياة سواء بحياة طيبة او بحياة ضنكا هو نفسه الميزان الذي عذّبك من الماء الملح الأجاج 

وهو نفسها ميزان الأعمال الذي أوصلك أخيرا لأن تكون من الفائزين الصاعدين المُستخلصين الذين تم تنجيتهم من العودة لجهنم ومن مخالطة أهل جهنم بعد أن صفت طينتك وعادت كما كانت أول خلقتها صافية من الكدورات والملح الاجاج

وحينها فإنك ستحب نفسك كما هي بدون أي زيادة او نقصان

ولن تتمنى حينها أنك قد كنت على غير صورة ما قد كنته ومررت به وفعلته في كل موقف من مواقف حياتك 

وفي كل كرّة من كرّات حياتك كلها

فمجموع حياتك وقراراتك واختياراتك كلها في جميع كرّاتك هو من أوصلك الى حيث وصلت الآن وجعلك من الفائزين الصاعدين

حينها عندما تنظر لأفعال وتصرفات إخوانك ممن لا يزالون تحت القبة فإنك ستعرف أنهم إنما يسيرون بطريق تكاملهم مهما كانت صورة أفعالهم

وأنهم سيصلون في يوم من الأيام لما وصلت أنت له

نعم قد تطول المدة على بعضهم أكثر من البقية لكنهم سيصلون أخيرا الى حيث وصلت أنت وانهم سيصلون فرادى كما وصلت أنت فردا حين ثقُلت موازينك

فالخير والشر بالنسبة لسادة وأمراء وملوك عالم الأمر هو كله خير، ولذلك قالوا لنا في كتابهم

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ 

وَنَـــــبْــــلُــــوكُــــم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً 

وَإِلَــــــيْــــــنَـــــا تُرْجَعُونَ

فكل نفس ستذوق الصحوة، أي ستستيقظ وتنتبه من نومتها أخيرا وسترجع إلى وطنها ومسقط رأسها ومنشأها الأصلي فوق القبة

فهي هناك ولِدت

ومن هناك نُزِّلت

واليه سترجع مهما طال سفرها وترحالها وتقلبها في المنازل والصور زالأبدان والدور التي ستنتقل لها دار بعد دار في كرّة بعد كرّة

والشَّرُّ وَالْخَيْرُ 

الذي بلانا به الحكيم الذي كتبه لنا وعلينا 

وأمر به الآمرون 

وفعله الفاعلون الذين نفّذوا الأوامر لنا وعلينا خلال رحلة وجودنا كلها 

هو كله خير من منظورهم لأنه سيصل بنا في النهاية لمبتغانا وكمالنا الذي نسعى جميعنا إليه وسيرجعنا بالنهاية إليهم رجعة أبدية

الثاني: يبدو أن محطتنا التالية ستكون في معرفة كيف يتم التّنزل بنا من فوق السقف المرفوع لتحته

أي كيف يتم التنزل بنا من عالم الأمر أو الجنة في عالم الخلق أو الجحيم؟

الزوجة: يمكننا ذلك لو أحببت، فهذه المعرفة ضرورية من ضمن عدة معارف أخرى كلها ترتبط مع بعضها البعض لتقريب صورة الفكرة النهائية لعلاقة عالم الأمر بعالم الخلق وكيف تتنزل الملائكة والروح فيه بإذن ربها من كل أمر



يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....