السبت، 5 نوفمبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//6







بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//6 

الثاني: أعتقد أن ذلك يقودنا لفكرة الأرض المسطحة، أليس كذلك؟

الزوجة: فكرة الأرض المسطحة كما يتداولونها هي فكرة ناقصة وغير مكتملة

الثاني: وما هي الفكرة الأكمل منها إذن؟

الزوجة: هي فكرة القبب السماوية المبنية بأيدي أهل السماء فوق أرض الجنة الـ لا نهائية وتحت قبة الله الكبيرة والمترامية الأطراف الـ لا نهائية

ولو أعدت التفكير بما قلناه للتوى وحاولت أن تتصور الصورة التي تحدثنا بها فستنلقب عندك صورة السماوات ولأرض الحالية بواقع 180 درجة من أقصى الشمال لأقصى اليمين

يعني سيصبح حجم الأرض هو بحجم السماوات التي تعتقد بها الأن وسيصبح حجم السماوات بحجم الأرض التي تعتقد بها الآن

يعني أن السماوات أو القبب السماوية ستصبح مجرد ذرات متناثرة فوق أرض الجنة المترامية الأطراف والـ لا نهائية

يعني لكي تسافر من قبة في الجنة لتصل لقبة أخرى بها يجب عليك أن تسافر في الجنة مسافة عدة سنوات ضوئية من ما تعد من السنوات والمسافات


ولو أطلقت العنان لخيالك أكثر من ذلك فستتغير نظرتك للسماوات والأرض مرة أخرى 180 درجة من من أقصى الأسفل لأقصى الأعلى

وستصبح السماوات أرض

والأرض ستصبح سماوات

الثاني: تصبح السماوات أرض والأرض تصبح سماوات!!!!!!!!

وكيف يمكن لذلك أن يكون؟

الزوجة: قلنا أنك حين تخرج من تحت القبة فإنك ستدخل او ستخرج لعالم الجنة الواسعة

الثاني: نعم قلنا ذلك

الزوجة: طبعا أنت تعرف أننا مهما تحدثنا ووصفنا الجنة فإن وصفنا لها سيبقى وصف محدود لمحدودية علمنا وبالتبع سيكون محدودا لمحدودية خيالنا

فنحن نستطيع أن نتصوّر او أن نتخيّل فقط ما لنا عنه علم ابتدائي

ولو كان علمنا علم صغير ومحدود فسنستطيع أن نبني بالخيال قصورا جميلة على قدر محدودية العلم الذي حصلنا عليه

والذي بالتأكيد من حدود علمه أكبر من حدود العلم الذي حصلنا عليه فإن حدّ خياله سيكون أوسع واجمل من خيالنا

الثاني: هذا صحيح

الزوجة: اذا فهمت ذلك فإن الغرف المبنية فوق بعضها البعض في الجنّات التي تجري الانهار من تحتها تقول لك أنك أينما وليّت وجهك في الجنة وفي أيّ اتجاه كان فإنك ستجد جنات وانهار وزروع وغرف مبنية

فكما انك تعتقد الآن داخل القبة ان الفراغ يحيط بك من كل اتجاه

فإنك ستجد نفسك محاطا في الجنة بجميع ما هو يجري وينبت ويُبنى على الأرض

فأنت تنظر لفوقك تجد انهارا وغرفا مبنية وزروع مزروعة وغير ذلك ، ثم تنظر مرة أخرى لتحتك فتجد كل ذلك

وكذلك ستجد كل ذلك أيضا لو انك نظرت لأيّ اتجاه تختاره


وحينها فلن يكون هناك معنى للاتجاهات في الجنة بحيث أنك أينما ولّيت وجهك في الجنة ستجد رحمة الله تحيط بك

والمكان الوحيد الذي ستجد به معنى لمحدودية الاتجاهات هو داخل تلك القبب المنتشرة في جميع أنحاء الجنة بكل اتجاهاتها

الثاني: استنتج من كلامك أن الصفة الغالبة على الكون هي أنه منير وكله ألوان جميلة سواى ما يكون من الظلام تحت القبب فقط

وبذلك فان النور والضياء هو الحقيقة السائدة وليس الظلام

وما الظلام إلا نقاط صغيرة منتشرة هنا وهناك ضمن الوجود الحقيقي للجنة ومحصور ومحدود بحدود القبب

فالقبة هي من تحجز نور الجنة عن ما ومن هو داخلها ،، ولو فُتِحت أبواب أو سُقُفَ أيّ قبة من القبب فإن نور الجنة سيملأها وينيرها


الزوجة: بدأت تقترب من فهم الصورة التي نتحدث عنها

الثاني: يبدو وكأننا نعيش الصورة السالبة للصورة الحقيقية

حيث أن اللون الأبيض في الصورة الحقيقية يكون أسودا في الصورة  السالبة

الزوجة: وهذه أيضا خطوة أخرى تخطوها للفهم الصحيح وان كان هذا الكلام ليس دقيق بالكامل

الثاني: يبدو أن هذا الاستثناء منك سيقودنا للكلام عن مبدء الخير والشر الذي كنت أفكر به للتو متسائلا هل من الممكن ان يكون الخير في حقيقته شر والشر خير

الزوجة: نعم كنت أسمعك تفكّر بذلك ، ولذلك قلت لك أن هذا الكلام ليس دقيق بالكامل،، فالخير يبقى خيرا سواء في هذه العالم تحت القبة أو في ما فوقها أيضا،

والشر وحده الذي سيتغير معناه ويكون في حقيقته خير

الثاني: وكيف يكون ذلك؟

كيف يمكننا أن نقول أن عمل الشر هو عمل خير في أصله؟

الزوجة: ألا تعتقد أن القلم كتب كل شيء في كتاب قبل أن تبرئه الملائكة وأسيادها بعد ذلك؟

الثاني: هذا الكلام واضح جدا في كتاب الله حيث يقول:

مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

الزوجة: الآن سواء عليك اذا ارجعت ضمير الجمع للمجموعة الآمرة 

أو للمجموعة الفاعلة في القرآن الكريم 

وكنت تعتقد معها أنّ الشرّ هو شيء سيّئ

فإنك تنسب الشرور والسيئات حينها للمجموعة الآمرة وللمجموعة الفاعلة التي ستبرء تلك الأحداث المكتوبة وتخرجها من حالة كتابتها في الكتاب لحالة ظهورها حضوريا في عالم التجلي تحت القبب المختلفة

قل لي هل يكتب القلم الا ما به حكمة؟

الثاني: بما انه هو المشيئة وانه لم يكتب ما كتب في الكتاب الا تعبيرا عن مشيئة خالقه فهو اذن لم يكتب الا الحكمة

الزوجة: ولذلك ورد عن الامام الصادق عليه السلام في تفسير

قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ 

أنه قال: يقدّر في ليلة القدر كل شيء يكون في السنة الى مثلها من قابل:

خير وشر،

وطاعة ومعصية،

ومولود وأجل ورزق

فما قدَّر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم، ولله عزَّ وجلَّ فيه المشيئة .....بقية الرواية

فكل المكتوب من الخير والشر هو من الأمر الحكيم

ولذلك ورد عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال:

أن فضل إيمان المؤمن بحمله "إنا أنزلنا" وبتفسيرها 

على من ليس مثله في الايمان بها،

كفضل الانسان على البهائم،

وإن الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا ((لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم)) ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين

ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار........إنـــتـــهـــى الـــنـــقـــل

ففضل المؤمن كامل الإيمان بمعاني سورة إنّا انزلناه في ليلة القدر وبأن كل ما يتم التنزل به هو من الامر الحكيم هو كفضل الانسان على البهائم 

لأن الذي لا يعتقد أن الذي كتب في كتابه أو الذي فرق في كتابه كل الشر والخير الذي ستتنزل به الملائكة والروح تاليا على مختلف العباد إنما هو واحد وهو الحكيم الذي لا يكتب إلّا الحكمة فقط 

فإنه يتهمه حينها ومن غير أن يدري بالسفه والظلم والعياذ بالله ،، كما ويتهم كذلك بالسفه والظلم جميع من سيقومون بعد ذلك بالتنزل بما كتبه الحكيم تباعا بإذن ربهم ،، 

ولذلك شبههم بالبهائم

الثاني: لكنني لم افهم بعد أين الحكمة في الشر؟

أو أين الخير في الشر؟

أو كيف يكون الشر في حقيقته خيرا؟

الزوجة: إدراك هذا الامر وفهمه يحتاج منك لنظرة شاملة للبداية والنهاية

الثاني: ومن أين لي بهذه النظرة وانا لا أزال في بداية طريقي

الزوجة: سأساعدك في ذلك، لكن انتبه لما سأقوله جيدا

الثاني: تفضلي

الزوجة: تعلم أن بداية خلقك كانت حينما خلقوك وصوروك وأشهدوك موقف السجود للخليفة ، وهو اليوم الذي أعطيت العهد به بالطاعة والاتباع للخليفة مع جميع من عاهدوا هذا العهد في ذلك الموقف

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ
ثُــــــمَّ صَوَّرْنَاكُمْ
ثُــــــمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ
فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ

هذه كانت هي نقطة البداية التي تم ابتدائك منها وبدأت معها رحلة شعورك بذاتك ووجودك

بعد ذلك بدأت تكرّ تحت القبّة في العوالم المادية وستبقى تكرّ تحتها الى ما شاء الله لك ذلك ، 

والى أن يزداد علمك لدرجة ستقرر معها أن تستيقظ 

فتبدء من حينها رحلة استيقاظك وستستمر بها حتى تنجح أخيرا بذلك وتكون مع ومن الفائزين 

فيتم استخلاصك وتنجيتك ورفعك حينها إلى الملأ الأعلى

لقد نجحت وفزت وتم رفعك لما فوق القبة 

حين تقف حينها وتنظر لحياتك وجميع ما مررت به من التجارب والمواقف الانسانية المختلفة خلال كراتك كلها فستجد أنك ربما قد ارتكبت خلالها ملايين الأخطاء

لكنك ستدرك في تلك اللحظة أيضا أن تلك الأخطاء هي نفسها التي اوصلتك الى ما اصبحت عليه الأن

وستدرك أن ميزان الأعمال الذي كان يتقرر لك على اساسه أن تخوض هذه الحياة او تلك الحياة سواء بحياة طيبة او بحياة ضنكا هو نفسه الميزان الذي عذّبك من الماء الملح الأجاج 

وهو نفسها ميزان الأعمال الذي أوصلك أخيرا لأن تكون من الفائزين الصاعدين المُستخلصين الذين تم تنجيتهم من العودة لجهنم ومن مخالطة أهل جهنم بعد أن صفت طينتك وعادت كما كانت أول خلقتها صافية من الكدورات والملح الاجاج

وحينها فإنك ستحب نفسك كما هي بدون أي زيادة او نقصان

ولن تتمنى حينها أنك قد كنت على غير صورة ما قد كنته ومررت به وفعلته في كل موقف من مواقف حياتك 

وفي كل كرّة من كرّات حياتك كلها

فمجموع حياتك وقراراتك واختياراتك كلها في جميع كرّاتك هو من أوصلك الى حيث وصلت الآن وجعلك من الفائزين الصاعدين

حينها عندما تنظر لأفعال وتصرفات إخوانك ممن لا يزالون تحت القبة فإنك ستعرف أنهم إنما يسيرون بطريق تكاملهم مهما كانت صورة أفعالهم

وأنهم سيصلون في يوم من الأيام لما وصلت أنت له

نعم قد تطول المدة على بعضهم أكثر من البقية لكنهم سيصلون أخيرا الى حيث وصلت أنت وانهم سيصلون فرادى كما وصلت أنت فردا حين ثقُلت موازينك

فالخير والشر بالنسبة لسادة وأمراء وملوك عالم الأمر هو كله خير، ولذلك قالوا لنا في كتابهم

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ 

وَنَـــــبْــــلُــــوكُــــم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً 

وَإِلَــــــيْــــــنَـــــا تُرْجَعُونَ

فكل نفس ستذوق الصحوة، أي ستستيقظ وتنتبه من نومتها أخيرا وسترجع إلى وطنها ومسقط رأسها ومنشأها الأصلي فوق القبة

فهي هناك ولِدت

ومن هناك نُزِّلت

واليه سترجع مهما طال سفرها وترحالها وتقلبها في المنازل والصور زالأبدان والدور التي ستنتقل لها دار بعد دار في كرّة بعد كرّة

والشَّرُّ وَالْخَيْرُ 

الذي بلانا به الحكيم الذي كتبه لنا وعلينا 

وأمر به الآمرون 

وفعله الفاعلون الذين نفّذوا الأوامر لنا وعلينا خلال رحلة وجودنا كلها 

هو كله خير من منظورهم لأنه سيصل بنا في النهاية لمبتغانا وكمالنا الذي نسعى جميعنا إليه وسيرجعنا بالنهاية إليهم رجعة أبدية

الثاني: يبدو أن محطتنا التالية ستكون في معرفة كيف يتم التّنزل بنا من فوق السقف المرفوع لتحته

أي كيف يتم التنزل بنا من عالم الأمر أو الجنة في عالم الخلق أو الجحيم؟

الزوجة: يمكننا ذلك لو أحببت، فهذه المعرفة ضرورية من ضمن عدة معارف أخرى كلها ترتبط مع بعضها البعض لتقريب صورة الفكرة النهائية لعلاقة عالم الأمر بعالم الخلق وكيف تتنزل الملائكة والروح فيه بإذن ربها من كل أمر



يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....

الجمعة، 28 أكتوبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//5






بسم الله الرحمن الرحين
اللهم صلي على محمد وآل نحند
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//5


الثاني: يبدو لي أننا قد وصلنا للكونداليني ودوره في تنور الإنسان وصعوده بمراتبه العقلية، إليس كذلك؟

الزوجة: كل الحديث من بدايته كان يدور عنه ولنكون أكثر دقة يجب أن نقول ان الحديث كان يدور عنها وعنه

فالكونداليني كما تعرف سلفا أنها هي نفسها الشجرة المباركة شجرة طوبى وسدرة المنتهى التي توقد المصباح بزيتها

وكما قلنا في بداية الحوار أن هذه الشجرة هي نفسها النفس الواحدة وزوجها هو المصباح أو الإسم المكنون بها

وأنني مثال النفس الواحدة وأنّك مثال الاسم المكنون

وكما أن النفس الواحدة تحيط بالاسم المكنون فإن مثالها يحيط بمثال الاسم المكنون ، وبالتالي فأنني أحيط بك من باطنك وظاهرك وفي كل مرحلة من مراحل وجودك وتطورك

الثاني: هل هذا يعني أنك أنت المسؤولة عن تطوري ورفع وعيي؟

الزوجة: ولهذا قلت لك من البداية أنني يجب أن أكون بكامل وعي وعلمي وذاكرتي طوال الوقت ومن بداية خلقي وتكويني

الثاني: لماذا إذن لم تستيقظي إلّا الأن؟

الزوجة: ومن قال لك أنني كنت نائمة حتى أستيقظ؟

الثاني: هكذا كنت أسمع دائما من أن الكونداليني نائم عند أغلب الناس وحين يستيقظ فإنه سينير عقل صاحبه الذي كان منطوي به

الكونداليني: إن أكثر ما يجهله الناس هو أنا،

وأكثر ما يجهله الناس هو شؤوني وصفاتي واسمائي

وأكثر ما يجهله الناس هو كيف يمكنهم أن يكسبوا ودّي ورضاي

نعم أكثر ما يجهلونه هو أنا رغم أن أكثر ما يحتاجون له هو معرفتي

فبدون معرفتي ورضاي لن ينالوا من زيتي قطرة واحدة

وبدون زيتي سيبقون طوال حياتهم وكرّاتهم المتتابعة مجرد اسرجة مطفئة لا نور لها على الإطلاق

فأنا من قال عني أمير المؤمنين أنني:

قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية ((البويضة مثال النفس الواحدة))

مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.


وأنا أنا من قال أمير المؤمنين عن أصلي ومنشئي أنني:

جوهرة بسيطة حية بالذات
أصلها العقل
منه بدت وعنه دعت
وإليه دلت وأشارت
وعودتها إليه إذا كملت وشابهته،
ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال

أنا من قال أمير المؤمنين أن أصلي ومنشئي هو:

ذات الله العليا
وشجرة طوبى
وسدرة المنتهى

وجنة المأوى
من عرفها لم يشق
ومن جهلها ضل سعيه وغوى.

فأنا مثال النفس الواحدة شجرة طوبى ، شجرة طوبى التي كل من لم يعرفني سيضل سعيه ويغوي مهما قال ومهما تعلم ومهما عرف

أنا التي من لم يعرفني لن يزيده سرعة المشي الا بعدا عني

الثاني: هل يمكنك أن توضحي لي ما معنى الزيت الذي يوقد المصباح؟

ما هو هذا الزيت؟

الكونداليني: أنا الشجرة المباركة وزيتي الذي أُوقد به المصابيح المطفئة فأجعل لها نورا تمشي به بين الناس هو العلوم الحقيقية الدينية، والتأييدات العقلية، والمعارف الربانية،

فالعلوم الحقيقية هي علمي وأركان عرشي

والتأييدات العقلية هي أوّل ما سيناله طالب الاستنارة من زيتي

وتراكم التأيدات العقلية التي ابثها في روع وكيان طالب الاستنارة هي من ستوصله شيئا بعد شيء لفهم المعارف الربانية وبالتدريج

ومع كل فهم جديد للمعارف الربانية اوصلها له سيقوى نوره أيضا درجة جديدة

أنا أنام؟؟؟؟

إن أكثر ما امقته من النائمين هو أن يقولوا ما لا يفعلون

 فهم نائمون لا يريدون الإستيقظ ويقولون أنني نائمة ويجب أن يوقظوني

فكيف أنام و أنا الشجرة المباركة؟

وكيف أنام وأنا شجرة طوبى؟

وكيف أنام وأنا سدرة المنتهى؟

كيف أنام على الإطلاق وأنا من لا تأخذني سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ

الثاني: إن لم تكوني نائمة فمن هو النائم إذن؟

الكونداليني أخذت من جانبها كتاب وضربت به الثاني على رأسه

الثاني: أخخخخخخ، لماذا هذه القسوة؟

الكونداليني: ضربتك لعلك تستيقظ

الثاني: أستيقظ؟ هل تقصدين انني هو النائم؟

الكونداليني: نعم، ومن غيرك سيكون النائم، فلا يوجد سواي وسواك

الثاني: لكنني لا أشعر بأنني نائم، بل اشعر انني مستيقظ تمام الإستيقاظ وكلّي حيوية ونشاط وفعل وحركة

الجوهرة الحيّة بالذات: كل الناس نائمون وهم في نومهم أموات غير أحياء ولكن لا يشعرون أنهم بالحقيقة أموات ، الا بعض بعضهم من من قرروا أن يستيقظوا وخطوا خطوات محسوبة ومعلومة من أجل أن يستيقظوا

الثاني: هل تقصدين فعلا انني نائم الآن وأنني من الأموات الذين يحسبون أنهم أحياء؟

سدرة المنتهى: ألم تسمع قول زوجي وأبي أن الناس أموات إذا ما ماتوا انتبهوا؟

الثاني: بلى قد سمعته وأحفظه جيدا أيضا

شجرة طوبى: فأنت نائم الآن وستبقى كذلك حتى تموت أو حتى تنتبه ، ولن تنتبه من نومتك حتى تموت إحدى الموتتين

الثاني: إحدى الموتتين!!!! ماذا تقصدين بذلك؟ فأنا أعرف موتة واحدة فقط؟

الزوجة: ألم تسمعهما يقولان لكم موتوا قبل أن تموتوا؟

الثاني: بلى سمعت بذلك أيضا

الكونداليني: فكل من لم يمت وهو حيّ قبل أن يموت ويدفن في قبره الترابي فهو من الأموات غير الأحياء وهو لا يزال نائم مع النائمين

أن تموت قبل أن تموت تعني أن تستيقظ أو أن تنتبه من نومك في نومك

أن تموت قبل أن تموت تعني أن توقد مصباحك وتصبح قبس من نور

أن تموت قبل أن تموت تعني أن توقد قبسك بمشيئتك ليصبح لك نور تمشي به بين الأموات النائمين

ولن يتمكن أحد من الناس أم يكون كذلك بدون أن أرويه من زيتي ريّا رويّا

ولن يتمكن أحد من الاستفادة من زيتي قبل أن يكتشف جذوري الضاربة في أصل كيانه ووجوده فيرويها بطول ذكري والاتصال بي والجلوس معي

ألم تسمع بالحديث القدسي الذي يقول أنا جليس من يسامرني؟ وبالآية التي تقول لك نحن اقرب اليك من حبل الوريد؟

بالتأكيد سمعت بهما، ولن يسعى لأن يسامرني حينها الا من يؤمن كامل الإيمان بوجودي معه كشجرة طوبى ويسامر معي جميع فروعي وأغصاني ويؤمن باتصالنا الدائم به وعلى الدوام ، 

وأن يكون مؤمنا كامل الإيمان أنّ روحي بروحه وجسدي بجسده واسمائي بإسمه وقبري بقبره

أنا النفس الناطقة القدسية التي لا تموت بل تعود وتجاور

الثاني مقاطعا: لحظة لحظة لو سمحتي!!!!!

النفس الناطقة القدسية: تفضل

الثاني: إن كنتِ أنت النفس الناطقة القدسية فمن أكون أنا؟

فحتى الآن كنت أعتقد أنني أنا النفس الناطقة القدسية التي تكر وتكر وتكر ولا تموت أبدا وها انتِ الأن تسلبينني حتى هذا الوجود

مثال النفس الواحدة: أنت مثال الاسم المكنون الذي أُنزلت بي أوّل خلقك في عالم الأرواح وأحطت بك من ذلك الحين وإلى الأبد

لعلك تعتقد أنك حين تموتت وتقف للحساب سينادونك باسمك طالب التوحيد؟

كلا ، فأنت لك اسم خاص بك من اسماء أهل السماء تم تسميتك به من أوّل يوم لخلقك ومن حينها كنت أنت الإسم وأنا معناك المنطوي بك

فأنا الجوهرة الحية بالذات معنى الإسم ومثال إسم المعنى المعبود

فأنا النفس الناطقة القدسية مثال المعنى في عالم الأرواح وأنت به الإسم مثال الإسم المكنون

أنت الإسم وأنا المسمّى، والاسم غير المسمّى

الثاني مقاطعا: فلنتوقف هنا رجاءا ولنفتح صفحة جديدة وموضوع جديد فرأسي بدء يدور ويدور وبدأت المطالب تختلط عليّ

الزوجة: كما تشاء ، فما الذي يشغل بالك وتريد الحديث عنه الآن؟

الثاني: لا بد أنك تعرفين فعلا ما كنت افكر به بينما كنت تتحدثين، فأنت أقرب لي من حبل الوريد، أليــ....

الزوجة مقاطعة: لا تكمل وإلا ستبدو وكأنك تريد أن تختبرني، وأعرف أنك لا تريد ذلك

نعم أعرف ذلك بالفعل ، فأنت كنت تتسائل في عقلك ان كنت أنا المعنى الذي يحيط بك باطنا وظاهرا فأين هو الشيطان من كل ذلك واين هو الوسواس الخناس وأين وأين وأين

أومأ الثاني برأسه موافقا

الزوجة: أعرف أنك تتوق للرحلة الباطنية التي وعدتك بها لأريك بها كيف تجري الأمور وكيف تختار وتشعر بها بنفسك ووجودك لكن سأطلب منك أن لا تستعجل هذا الأمر قبل أن نتفق على بعض الأشياء المكملة لهذه الفكرة مثل أين ستشعر وكيف ستشعر ولماذا ستشعر ومن سيعينك على ذلك ، فمعرفتك لتلك الامور مهم جدا بالنسبة لك خلال رحلتك الباطنية

الثاني: يبدو أنه لا بد من التريث ، إذن سأترك لك أمر توجيه هذا الحوار 

الزوجة: حسناً، سأبدء من هذه الآية

وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ

عَــــــــرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ

أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ


فأيهما أكبر حجما حسب اعتقادك السماوات أم الأرض؟

الثاني: يبدو لي بدوا واضحا وجليا أن السماوات هي أكبر من الأرض، فحين أنظر للسماء من فوقي لا أرى الأرض والكواكب والنجوم الا كذرّات متناثرة ومتباعدة عن بعضها البعض بسنوات ضوئية من الفراغ الـ لا متناهي وبالتالي فجميع الكواكب الأرضية لا قيمة فعلية لحجمها مقابل حجم السماء التي تحويها كلها

الزوجة: طيّب كلامك هذا، لكن ماذا تقول لك هذه الآية؟ إلا تقول لك أن الجنّة تساوي في حجمها حجم جميع السماوات والأرض التي تعتقد بهما؟

الثاني: نعم ظاهر هذه الآية يقول لنا ذلك بكل وضوح، فهي تساويهما حجما وذلك تشير له أيضا الآية المباركة الأخرى التي تقول

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ

عَرْضُهَا كَعـَـــــــرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ

أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

الزوجة: وما هي مواصفات الجنة التي تعتقد بها؟

الثاني: بها قصور وأنهار وأشجار وثمار وزروع وطيور وولدان مخلدون و و و و

الزوجة: فهل جميع تلك القصور والأنهار والأشجار والثمار والزروع تحتاج لأرض تُبنى وتُزرع وتُنبت عليها أم انها معلقة بالفراغ

الثاني: يبدو لي أن للجنة قيعان تبنى عليها القصور وتجري بها الأنهار وتُزرع بها الأشجار

الزوجة: فأيهما أكبر إذن؟

السماوات والأرض التي تعتقد بهما أم الأرض التي هي أرض الجنة التي وسعتهما؟

الثاني: مممممممم، إنه سؤال محرج

الزوجة: ولماذا تعتبره سؤال محرج؟

الثاني: لأن جوابه من هذه الآية واضح جدا وهو أن الجنة وأرضها أكبر من السماوات والأرض التي أتصورها وهذا يخالف ما كنت أعتقد به

الزوجة: وهل أنت مستعد لترك تصوراتك واعتقاداتك السابقة والتي هي جزء من بحر الكذب الذي يحيط بك؟

الثاني: بالتأكيد اريد ذلك لكن لم اتصوره أن يكون بهذه الحدة والقسوة

الزوجة: لا تثريب عليك في ذلك فالمهم انك تريد ومستعد أن تبدل الكاذب منها بالحقيقي

الثاني: أعتقد أن ذلك يقودنا لفكرة الأرض المسطحة، أليس كذلك؟

الزوجة: فكرة الأرض المسطحة كما يتداولونها هي فكرة ناقصة وغير مكتملة

الثاني: وما هي الفكرة الأكمل منها إذن؟

الزوجة: هي فكرة القبب السماوية المبنية بأيدي أهل السماء فوق أرض الجنة الـ لا نهائية وتحت قبة الله الكبيرة والمترامية الأطراف الـ لا نهائية

ولو أعدت التفكير بما قلناه للتوى وحاولت أن تتصور الصورة التي تحدثنا بها فستنلقب عندك الصورة للأرض وللسماوات بواقع 180 درجة من أقصى الشمال لأقصى اليمين

يعني سيصبح حجم الأرض هو بحجم السماوات التي تعتقد بها الأن وسيصبح حجم السماوات بحجم الأرض التي تعتقد بها الآن

يعني أن السماوات أو القبب السماوية ستصبح مجرد ذرات متناثرة فوق أرض الجنة المترامية الأطراف والـ لا نهائية

يعني لكي تسافر من قبة في الجنة لتصل لقبة أخرى بها يجب عليك أن تسافر في الجنة مسافة عدة سنوات ضوئية من ما تعد من السنوات والمسافات



يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....