بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى /// وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى /// ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى /// عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى
الكونداليني
سِدْرَةِ الْمُنتَهَى
ما هي سدرة المنتهى؟
دعونا نرجع لأمير المؤمنين ونسأله متواضعين ومسلّمين له عن سدرة المنتهى :ـ
ما هي سدرة المنتهى يا أمير المؤمنين ويا سيد الموحدين ويا قائد الغرّ
المحجّلين؟
سيقول لنا : على الخبير وقعتم ، ولقد سألتم مستفهمين غير متعنتين،
فاسمعوا الجواب:ـ
إن سدرة المنتهى هي نفسها النفس اللاهوتيّة الملكوتيّة الكليّة التي تسكن قلبك
وهذه النفس هي القوة اللاهوتيّة التي منها بدأت الموجودات وإليها تعود
بالكمال
وهي جوهرة بسيطة حية بالذات ، أي أنها هي قوة الحياة التي تهب الحياة
لكل الأشياء
والعقل (الاسم المكنون) هو أصل هذه النفس
فهي منه بدت (ظهر وتجلى بها) وعنه دعت (فهي لسانه) وإليه دلت وأشارت (فهي منه وإليه وهي الداعية له والدالة عليه، ومهمتها أن تهدينا إليه ((للإسم
المكنون)))ـ
وعودتها إليه ((للإسم المكنون)) إذا كملت وشابهته
وهذه النفس والتي هي نفسها هي سدرة المنتهى
هي أيضا هي نفسها ذات الله العليا
وهي شجرة طوبى
وهي جنة المأوى
ومن عرف هذه النفس اللاهوتيّة الملكوتيّة الكليّة
أو من عرف سدرة المنتهى لم يشق ((لأنها هي فقط من تستطيع أن تأخذ بيدك للإسم المكنونوتهديك إليه))ـ
أمّا من جهلها فقد ضل سعيه وغوى ............ إلى هنا إنتهى الجواب المنقول بتصرف بسيط من رواية أمير
المؤمنين للأعرابي حين بيّن له أمر طبيعة تكوينه كإنسان كامل وأنه متكوّن من أجزاء أربعة أو
من أنفس أربعة ، وهي النفس النباتية والحيوانية والقدسية والنفس اللاهوتيّة
الملكوتيّة الكليّة والعقل (الإسم المكنون) يتوسطهم جميعهم
يقول أمير المؤمنين في نهاية وصفه لسدرة المنتهى أن من جهلها ولم
يعرفها فقد ضل سعيه وغوى
وعليه فإن النجاح والفلاح لأي إنسان صلّى ما صلّى وصام ما صام وجاهد ما
جاهد وقُتِل وقَتل في ساحات الوغى ما قُتِل وقَتَل في كرّات حياته كلّها ورغم عظيم
الثواب وجزيل العطاء على مختلف هذه الاعمال والعبادات إنما يتحقق فقط
بمعرفة سدرة المنتهى
لكن أمير المؤمنين يستثنيها جميعها من المعادلة ويقول أن الفلاح
والنجاح وتوقف الشقاء مشروط بشرط واحد لا ثاني له وهو معرفة سدرة المنتهى وحينها
فقط سينجح السعي الذي سعاه الانسان في الكرات الكثيرة والمتتالية التي كرها
تحت السقوف المرفوعة الكثيرة او القبب الكثيرة في هذا الكون، فلقد وجد الكنز
المخفي أو الجوهرة الالهية أخيرا
فعدم المعرفة بها يعني أن الشقاء للجاهل بها سيستمر ، فالكنز
الذي يجب على الانسان ان يجده تحت السقوف المرفوعة لكي يستطيع الخروج منها بجسد
وكيان نوراني إلهي جديد يشارك به أهل السماء هو أن يعرف سدرة المنتهى
وبالتأكيد أن معرفة سدرة المنتهى المطلوبة منّا لكي نكون
قد اكتشفنا الكنز فعلا وللفوز بعد ذلك بالجائزة الكبرى هي ليس المعرفة
اللفظية أو الإسمية فقط لسدرة المنتهى
بل إن المطلوب منّا أن نتحلى بحليّها وجواهرها بعد أن نكتشفها
والممتع في أمر هذا الكنز المطلوب منّا أن نكتشفه لكي نفوز الفوز العظيم أنه ليس مدفون بعيد عنّا في باطن الأرض ولا مخفي عنّا على سطح الشمس أو القمر
وكذلك ليس مدفون في مغارات تقع تحت عشرات الألآف من الامتار تحت
سطح البحر ولا هو مدفون تحت صخور قمم الجبال العالية
انه ليس مخفي عنّا على الإطلاق في أيّ مكان مجهول لنا من هذا
الكون ،، وهو ليس حتى موضوع بشكل مكشوف في مكان ما منه
لكننا نحمله على الدوام معنا وبين أضلعنا ،، بل واننا
خُلقنا متوحدين معه ،، فأمير المؤمنين يقول لنا أن الكنز الذي يجب علينا أن
نكتشفه لكي ينتهي شقاؤنا هو جزء لا يتجزء منّا
إنه الجزء الأهم من وجودنا
انه الجوهرة الحيّة بالذات
إنه تلك القوة اللاهوتية التي تهبنا قوة الحياة والتي تسكن بكل ذرة من ذرات
هذا الكون وتسكن معنا كذلك بكل ذرة من ذرات وجودنا
فسدرة المنتهى روحها في الأرواح وجسدها في الأجساد وإسمها في الأسماء
إن سدرة المنتهى هي الحجاب النوراني الأعظم الذي يجب أن نكتشفه ، او هي نور
السماوات والأرض التي منها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال والتي أصلها
العقل ((الاسم المكنون))ـ
فالعقل أو الاسم المكنون او المشيئة الإلهية التي خلقها المعنى المعبود بذاتها وخلق الأشياء بها هو من تجلّى بسدرة المنتهى وجعلها بيته وجعل أركانه هم وجهه الذي ملآء به جميع أركان السماوات والأرض كلها ليكون هو نورها ومنورها الأوحد ، والله المعنى المعبود هو منوره
يؤكد أمير المؤمنين في هذا الحديث النوراني على أن اكتشاف الكنز لا يمكن أن يكون الا بمعرفة النفس
فمن عرف نفسه عرف ربه، هذا هو الطريق الوحيد للوصول للكنز
عبر سبر أغوار النفس الإنسانية للوصول إلى جوهره ونبعه اللجين
وهذا هو الطريق الوحيد الذي تظافرت ولا تزال تتظافر حتى اليوم جهود جميع
مجاميع جنود حزب الشيطان وأذرعه الدينية والسياسية والمالية والاجرمية على هذه
الأرض لكي تغلقه في وجوه جميع من يحاولون الاستيقاظ من حبائلهم فيطلبون
الحقيقة ويبحثون عنها ويجدونها
في رحلة الاسراء والمعراج لنبينا صلى الله عليه وآله والتي تروي لنا سورة النجم بعض تفاصيلها إطّلع نبينا الأكرم على هذه الحقيقة بوجهها الظاهر بين الأشياء وكذلك بوجهها الباطن في الأشياء أيضا
فلقد رأى رسولنا الأكرم رب العالمين وهو برفقة جبرائيل عليه السلام في الأفق الأعلى الذي وصلا له وهما على ظهر البراق
ورآه مرة أخرى حين زجّه جبرائيل عليه السلام في حجب النور التي لم يكن له أن يخطو خطوة واحدة فيها أو لأن يخترقها، لكن رسول الله صلى الله عليه وآله اخترقها ودنى وتدلى في تلك الحجب النورانية حتى وصل لسدرة المنتهى بيت الاسم المكنون الذي له أربعة عشر وجه ودخله ليرى رب العالمين فيه مرة أخرى وهو بالقرب منه قاب قوسين أو أدنى
لكنه هذه المرة رآه بفؤاده وبصره ، وكلّمه وسمع منه في عالم
الأنوار وحُجب النور بعد أن كان قد رآه سابقا بجسده وعينيه وكلّمه بلسانه
وسمع كلامه بأذنيه في الأفق الأعلى وهو برفقة جبرائيل عليه السلام
من رواية طويلة تروي بعض ما جرى له ومعه في رحلة الإسراء والمعراج أقتطع هذا المقطع لكم حيث به الفائدة والمعنى المطلوب
ـ((((( فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى حُجُبِ النُّورِ قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ وَ تَخَلَّفَ عَنِّي
فَقُلْتُ لَهُ يَا جَبْرَئِيلُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ تُفَارِقُنِي_
فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ انْتِهَاءَ حَدِّيَ الَّذِي وَضَعَنِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ فَإِنْ تَجَاوَزْتُهُ احْتَرَقَتْ أَجْنِحَتِي بِتَعَدِّي حُدُودِ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ
فَزُخَّ بِيَ النُّورَ زَخَّةً حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عُلُوِّ مَكَانِهِ
فَنُودِيتُ
فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّي وَ سَعْدَيْكَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ
فَنُودِيتُ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ عَبْدِي وَ أَنَا رَبُّكَ فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ وَ عَلَيَّ فَتَوَكَّلْ فَإِنَّكَ نُورِي فِي عِبَادِي وَ رَسُولِي إِلَى خَلْقِي وَ حُجَّتِي عَلَى بَرِيَّتِي
لَكَ وَ لِمَنْ تَبِعَكَ خَلَقْتُ جَنَّتِي وَ لِمَنْ خَالَفَكَ خَلَقْتُ نَارِي
وَ لِأَوْصِيَائِكَ أَوْجَبْتُ كَرَامَتِي وَ لِشِيعَتِهِمْ أَوْجَبْتُ ثَوَابِي
فَقُلْتُ يَا رَبِّ وَ مَنْ أَوْصِيَائِي_
فَنُودِيتُ يَا مُحَمَّدُ أَوْصِيَاؤُكَ الْمَكْتُوبُونَ عَلَى سَاقِ عَرْشِي
فَنَظَرْتُ وَ أَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ فَرَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ نُوراً فِي كُلِّ نُورٍ سَطْرٌ أَخْضَرُ عَلَيْهِ اسْمُ وَصِيٍّ مِنْ أَوْصِيَائِي
أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ آخِرُهُمْ مَهْدِيُّ أُمَّتِي
فَقُلْتُ يَا رَبِّ هَؤُلَاءِ أَوْصِيَائِي بَعْدِي فَنُودِيتُ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ أَوْصِيَائِي وَ أَحِبَّائِي وَ أَصْفِيَائِي وَ حُجَجِي بَعْدَكَ عَلَى بَرِيَّتِي وَ هُمْ أَوْصِيَاؤُكَ وَ خُلَفَاؤُكَ وَ خَيْرُ خَلْقِي بَعْدَكَ
وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأُظْهِرَنَّ بِهِمْ دِينِي وَ لَأُعْلِيَنَّ بِهِمْ كَلِمَتِي وَ لَأُطَهِّرَنَّ الْأَرْضَ بِآخِرِهِمْ مِنْ أَعْدَائِي وَ لَأُمَلِّكَنَّهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ لَأُسَخِّرَنَّ لَهُ الرِّيَاحَ
وَ لَأُذَلِّلَنَّ لَهُ السَّحَابَ الصِّعَابَ
وَ لَأُرَقِّيَنَّهُ فِي الْأَسْبَابِ
وَ لَأَنْصُرَنَّهُ بِجُنْدِي
وَ لَأُمِدَّنَّهُ بِمَلَائِكَتِي حَتَّى يُعْلِنَ دَعْوَتِي وَ يَجْمَعَ الْخَلْقَ عَلَى تَوْحِيدِي
ثُمَّ لَأُدِيمَنَّ مُلْكَهُ
وَ لَأُدَاوِلَنَّ الْأَيَّامَ بَيْنَ أَوْلِيَائِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.)))))ـ
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد
وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....