السبت، 2 أبريل 2016

مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُون









بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


  تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ


ـــــــــــــ

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ



قبل أن نكتب أو أن نقرء المقال التالي يجب أن نضع نصب أعيننا على هذه الآية ومضمون هذه الرواية

  مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُون (( سورة ص - آية 69))ـ


وعن أمير المؤمنين: ان الله خلق الف آدم قبل آدمكم والف عالم قبل عالمكم وانتم ادنى وآخر هذه العوالم.ـ


فنفس اجتماع الملأ الأعلى الذي تم عقده قبل أن يتم البدء بالتنزل بصور أحداث وموجودات عالم آدمنا الحالي قد تم عقده أيضا كذلك ألف مرة بل ألف ألف مرّة سابقة ولنفس الهدف، قبل أن يبدؤا بالتنزل بصور أحداث وموجودات الأمم السابقة ، وسينعقد كذلك لألف ألف مرة جديدة بعد أن تنتهي أحداث قصة آدمنا 

كيف يمكننا أن نتصور أن الملائكة والروح تتنزّل بإذن ربهم من كلّ أمر بين مخلوقات خُلقت خصّيصا لكي تعبد ونحن نرى أن نفس هؤلاء الناس يعبدون ألف إلاه وإلاه 

وأن وكلّ هؤلاء الناس ورغم اختلاف آلهتهم وطرق عباداتهم لها 

نراهم يتوسلون بتلك الآلهة التي يعتقدون بها وتتحقق لهم بالفعل غاياتهم وتوسلاتهم وأدعيتهم حين يتوسلون بتلك الآلهة ويدعونها لتستجيب لهم

والأكثر من ذلك هو ان ذلك لا يحصل دائما بشكل عادي،، بل انه كثيرا ما يتم بشكل إعجازي غيبي خارج عن نطاق المألوف والعادة، وهذا ما يدفع هؤلاء الناس للتمسك أكثر وأكثر بتلك الآلهة التي يعبدونها

وبما أن الملائكة والروح كانت ولا تزال هي من تتنزل باذن ربهم من كل أمر فكيف يمكننا إذن أن نتصور دور الملائكة والروح في التّـنزّل بعمليات ظهور تلك المعجزات وتحقق تلك الطلبات والأدعية لمن يعبدون جميع تلك الآلهة على مختلف صورها ودرجاتها؟

وما هي علاقتهم ببعض أنواع السحر وبتسخير الارواح؟ 

وما هي علاقتهم بتعدد الأديان والمذاهب على هذه الأرض؟ 

وما هي علاقتهم بأي شيء جرى ويجري وسيجري على هذه الأرض؟  

قلنا في عدة مواضيع سابقة أن ما نقوم به مع الملائكة والروح هو عملية برء المكتوب في كتاب الله المكنون من العلوم والاحداث 

مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

فنحن كنفوس ناطقة قدسيّة نقوم على مراحل متتالية وبالتعاون مع الملائكة والروح بعملية برء العلم المحصيّ في الكتاب أو في أم الكتاب  

وبرأه يعني اخراجه من حالة مكونه كعلم كلّيّ ومكنون في الكتاب المكنون لحالة ظهور تفاصيله وتحوّله لعلم حضوري بالنّسبة لنا

فالعلم المكنون سيتحول لنا علم حضوريّ ومفصل من خلالنا نحن

لأننا نحن من سنحتاجه في حياتنا ونحن من سنفكّر ونتفكّر به

ونحن من سنتصوره ونتكلم به 

ثمّ نحن من سنقدّر مقاديره 

واخيرا نحن من سنصنع بأيدينا من المواد المختلفة الموجودة في الطبيعة من حولنا او من تلك التي سنقوم بتصنيعها هي أيضا من أجل أن نصنع منها تلك الاشياء والصور العقليّة التي تصوّرناها وقدّرناها 

  وبعد كلّ ذلك نحن من سنشعر بما سنصنعه 

ونحن من سنعيش تفاصيله ومعناه وكل مشاعره

هذا هو معنى عملية البرء

وقلنا من البداية تقريبا ان الذين كانوا حاضرين في اجتماع الملأ الأعلى قبل أن يبدؤا بالتّنزّل بتفاصيل وأحداث قصة آدم وذريته على كوكب الأرض كانوا عدة مجاميع مختلفة قلنا أنها :ـ

ـ1ـ المجموعة الأولى هي مجموعة الكافرين 

وقلنا أن صفة الكافرين هنا هي ليست صفة أخلاقية مذمومة لهذه المجموعة في هذا الموضع ،، بل انّها صفة لوظيفتها

وقلنا أن الكافرين تعني المغطّين

فهذه المجموعة مهمتها هي التنزل داخل قبّة آدمنا هذه التي نعيش جميعا فيها بعمليات تغطية الحقائق وتعميتها على الناس بكل وسيلة ممكنة 

ولذلك الهدف فإن أفراد هذه المجموعة يحلفون على الله بالكذب وهم يعلمون بكذبهم ،، لكن هذا هو تكليفهم الوظيفي،، التغطية والاخفاء ،، وهم بذلك يفعلون ما يؤمرون ولا يناقشون 

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم

مَّا هُم مِّنكُمْ وَلا مِنْهُمْ ((من أي مجموعة هم إذن))ـ

وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

ـ2ـ والمجموعة الثانية هي مجموعة المُخلَصِين

أو مجموعة الكاشفين،، وهذه المجموعة مهمّتها أن تكشف الحقائق لكلّ من يسألهم عنها وحيثما كانوا،، فأفراد هذه المجموعة لا ينطقون الا بالحقّ والحقيقة والصدق على الله

 سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ () إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ


ولقد ورد مثل هذا المعنى كذلك عن أهل البيت عليهم السلام من أن الله حين خلق قد قسّم خلقه إلى نوعين أو إلى مجموعتين من الخلق

مجموعة تكذب دائما ولا تَصْدُق

ومجموعة  أخرى تَصْدُق دائما ولا تكذب 

عن علي ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن اذينه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:ـ   

إن الله عزوجل خلق قوما للحق فاذا مر بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه  وإذا مر بهم الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه
  
وخلق قوما لغير ذلك  فاذا مر بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه  وإذا مر بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه..............إنتهى

وكلّ مجموعة منهما تنقسم في داخلها لعدة مجموعات أخرى تحت عدة مسميات وعناوين مختلفة كلّها مستوحاة من الوظائف والمهام الخاصة بكلّ مجموعة منها او للدرجة الايمانية التي وصلت لها

وقلنا أن إبليس في نهاية اجتماع الملأ الأعلى استلم قيادة مجموعة الكافرين أو المغطّين أو مجموعة أولياء الضلالة الذين يدعون الى النار

وفي المقابل إستلم خليفة الله في الأرض قيادة مجموعة الكاشفين او المخلصين ، أو مجموعة أولياء الهدى وأنه هو نفسه الذي قال:ـ

 كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ

لنتحدث الآن قليلا عن معنى فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فالتفسير الدارج بين الناس والذي يتم ترويجه بينهم من أن قول إبليس  لرب العالمين أي لرئيس الاجتماع بين الملأ الأعلى فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ هو أنّه قد طلب تأجيل عذابه على عضيانه وتكبره ليوم يبعثون ، لكن لو اننا أعدنا النظر بحيادية وبمعزل عن التفسيرات التي ملؤوا بها الارض والسماء للسياق العام الذي كان الحوار والاحداث حينها تدور حوله سنجد أنه لا يساعد على هذا الفهم أبدا

 فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ

إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ

قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ

قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
وَإِنَّ عَــلَـــيْــكَ لَـــعْـــنَــتِــي إِلَــى يَــوْمِ الــدِّيــنِ

قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُــــــبْــــعَــــــثُـــــونَ

قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ
إِلَــــى يَــــوْمِ الْـــــوَقْــــتِ الْــــــــمَـــــعْــــلُـــومِ

وبعد أن عرفنا في مقال خاص لتبيان ذلك أن معنى ((عليك)) في القرآن الكريم كانت دائما وأبدا هي وظيفتك او تكليفك وفهمنا أنها لا تعني أن لعنة الرب قد وقعت عليه بل إن وظيفته التي اسندت له منذ ذلك الوقت هي اللعن


 فسنرى أنّه تم في هذا الموقف وبشكل مباشر وبدون تردد حصول الموافقة الربّانية على اسناد دور اللعنة لإبليس وبمجرد أن طلب ذلك 

ليصبح هو بابها، أي باب اللعنة الربانية

واصبح فعله أيضا من حينها أنه رَجِيمٌ 

 قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ () وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

فأصبحت المهمّتان اللعن والرجم موكلتان إليه 

ليصبح هو الرجيم 

وليصبح هو باب اللعنة التي سيدخل الكثيرون فيه

فإبليس خلال اجتماع الملأ الأعلى لم يطلب منصب الخلافة بل أعلن انّه الندّ الأفضل له وأنّه الأجدر بأن تكون مهمة الرجيم واللعنة عليه

ارجو الانتباه اننا نتكلم هنا عن اجتماع دار في مكان ما في السماوات العلى للمرة الألف ألف 

وأن المجتمعين فيه كانوا دائما من الملائكة والروح 

وتبيّن لنا في الروايات التي ذكرناها في المقالات السابقة انّ الملائكة والروح تركب سفن فضائيّة وتلبس ملابس فضائيّة وأشكالها جميلة وانّها لا خلاف بينها أبدا وأنّها جميعها مطيعة للقيادة السماويّة العليا المتمثلة برب العالمين ورب الملائكة والروح ولا يخرج أحد منهم من طاعة لمعصية

في أجواء هذا الحوار والمداولات التي جرت فيه بين الملأ الأعلى بشأن منصب الخليفة ومنصب منافسه والذي طلبه إبليس بنفسه وبلسانه وتمت الموافقة على طلبه وبشكل فوري 

طلب إبليس النظرة الى يوم يبعثون فتمت الموافقة على طلبه كذلك بشكل مباشر لكن ليس الى يوم يبعثون بل الى يوم الوقت المعلوم 

وحسب روايات أهل البيت عليهم السلام فإن يوم الوقت المعلوم هو يوم قيامة القائم عليه السلام وهو نفسه يوم نهاية دولة رجال إبليس في الأرض

عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:ـ 

قوله عزوجل (((-والفجر - هو القائم عليه السلام - وليال عشر - الائمة عليهم السلام من الحسن إلى الحسن - والشفع - أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام - والوتر - هو الله وحده لا شريك له. - والليل إذا يسرهي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم عليه السلام))).........إنتهى

من هذا المعنى يتبين لنا إن طلب النظرة الذي طلبه إبليس هو ليس لتأجيل العقاب الذي لم نعرف تفاصيله ولم يثبت لنا انّه وقع أو سيقع ،، بل لكي يكون له فترة زمنية معينة يكمل بها وظيفته الموكلة له 

وبالفعل لقد تمت الموافقة على طلبه وتم إنظاره هو ورجله الى يوم الوقت المعلوم ،، والرواية عن دولة حبتر تقول لنا نفس هذا المعنى أيضا من انّ رب العالمين قد مكّنه هو ورجله من أمر الخلافة على الناس والسيطرة عليهم الى يوم الوقت المعلوم

وعليه فإن معنى قول إبليس فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ سيكون أَنظرْنِي لكي أحقق المهام التي اوكلتني بها إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون 

وبالفعل حصل على النظرة التي طلبها لكن فقط الى يوم الوقت المعلوم وليس الى يوم البعث ،، وفقط فيما يتعلق بالناس ،، فهو ليس خليفة الأرض بل هو خليفة الناس فقط وبإذن وتوكيل ربّاني

فمهمته خلال فترة النظرة هي أن يشاركهم الاولاد والاموال وان يعدهم ويمنيهم ويزين لهم ووووو

وإبليس في بداية اجتماع الملأ الأعلى كان ربما مجرد فرد من أفراد مجموعة الكافرين ((أي المغطّين كما أسلفنا بيانه))ـ لكنه في نهاية الاجتماع أصبح هو قائدهم

وكونه أصبح قائدهم لا يعني ان بقيّة المجموعة ليس لهم نصيب من أمر الخلافة هذا

فأمر خلافة الناس والتّأمّر عليهم هو أمر سيتداوله ويتلاقفه وبإذن ربّاني هؤلاء الخمسة فيما بينهم كما يتلاقف الصبيان الكرة

كرّة بعد كرّة ومرة تلو الأخرى حتّى يوم الوقت المعلوم

فكرّة منها سيكون اسم أحدهم هو معاوية ونفسه في كرّة أخرى سيكون اسمه المنصور الدوانيقي ونفسه في كرّة أخرى قد يكون اسمه صدام او أو أو

بينما الآخر سيستلمها منه حين يكون اسمه في كرّة يزيد وفي كرة أخرى سيكون اسمه هارون وأخيرا يكون أحد امراء دولة بني العباس في آخر الزمان و و و و

وهكذا سيَتَعَاقب هؤلاء الخمسة بأمر وتدبير القيادة العليا في الملأ الأعلى على الــتّــــأمّر على الناس وحكمهم 

وبهم وعن طريقهم سيجزي الملأ الأعلى الناس بما كانوا يعملون 

وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا 

وأَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا في قرآئة أهل البيت عليهم السلام هي أَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا بتشديد الميم في أمّرنا 

بمعنى أن أمر تأمير المترفين على الناس يتقرر من الملأ الأعلى وليس عن طريق الانتخابات ولا عن طريق الانقلابات 

فما هذه الا صور لفتن يتم ترويجها بين الناس فيساهم بها من يساهم ويسقط في غربالها من يسقط وفي نهايتها يتم تثبيت من يريدونهم على الكراسي ويتم تأميرهم على الناس إمّا ليذيقوهم الويلات وإمّا ليريحوهم منها قليلا حتى حين  

وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

ففتنة عمر وأبو بكر وعثمان ومعاوية الذين ظاهرا قاموا بعمل انقلاب سياسي وعسكري على رسول الله وخلال حياته واستولوا على السلطة هم من ضمن هذا النظام الذي وضعه الملأ الأعلى ليجزي به العباد بما كانوا يعملون ((( وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)))ـ

وهم كذلك من ضمن النظام الذي سيُحبط به رب العالمين أعمال من سيكذّبون الآيات التي سيرسلونهم لهم

ـ((( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـــآيَــــــــاتِـــــــــــنَـــــا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)))ـ

  ولنتذكر هنا ان لسان الجمع هو لسان الملائكة والروح وربهم ،، وعليه فإن آياتهم هم الرسل والأئمة عليهم الصلاة السلام الذين يرسلونهم لهم

ومن يكذب الآية فإن جزائه أن يتم تأمير أحد هؤلاء الذين تولّاهم بدلا من الآية الذي ارسلوها لهم ،، تماما كما أراد وتماما كما استحق 

فحين سيتم تأمير أحد هؤلاء الأربعة أو الخمسة على الناس في كلّ زمان من الأزمان فإن من سيحبهم وسيواليهم من الناس رغم ظلمهم وفسقهم الظاهر بينهم فستَحبط وتًحبط أعمالهم

فأسباب الثواب وأسباب العقاب يتواجدان سوية في كلّ زمان ومكان

وحتى في زماننا هذا تتواجد أسباب الثواب والعقاب سويّة

وكلاهما بيّن وواضح ،، هذا وهذا 

فان تركت سبب الثواب الذي يتواجد معك كما ترك المسلمون الأوائل أمير المؤمنين ستجد نفسك تحصيل حاصل تتولّى مثـل ذاك الذي تولّاه المسلمون الأوائل بدل أمير المؤمنين 

والأمر ليس بيدك أبدا ،، فالملأء الأعلى يرسلهما دائما وأبدا مع بعضهما البعض بين الناس، وأنت عندما تعادي أحدهما ستجد نفسك توالي الآخر بشكل طبيعي واتوماتيكي لأنه يتفق مع هواك الذي دفعك لأن تعادي الآول

وبالنتيجة سيَحبط عملك 

فعليّ والأئمة وعمر وأصحابه يكرون دائما وأبدا بين الناس في كلّ زمان ومكان 

والناس تُثاب وتُعاقب دائما وأبدا بنفس هذه الطريقة مرارا وتكرارا

يجب أن نبحث عن شبيه أمير المؤمنين في هذا الزمان وأن نتولاه ولا نعاديه ،، والا فإنّنا لا محالة سنتولى ونميل لشبيه عمر ولأشباه أصحابه بدون أن نعلم

والمتشيّعة والمحبين والشنيعة وكلّ من جُعلوا ونس للشيعة ،، هؤلاء كلهم يتولون اليوم أشباه عمر وصحبه بدون أن يعرفوا أو حتى أن يشعروا بذلك، لأن أمرهم أمر ربّاني ومكرهم مكر ربّاني وهو أمر خفيّ على الناس وأخفى عليهم من دبيب النمل الاسود على الصخر الاسود في الليلة الظلماء

فهؤلاء هم أدوات ربّانية ومن صُلب نظام العقاب والثواب الرباني

فالمجموعة الفاعلة والأمرة من الملأ الأعلى كما انها جعلت بأمرها وتقديرها بين الناس أئمّة يهدون للحقّ

وَجَــــــعَـــلْــــــنَــــاهُـــمْ أَئِــمَّــــةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا 
وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ 

فإنهم كذلك يجعلون من عندهم وبأمرهم وتقديرهم وتمكينهم ائمّة يدعون الى النار

وَجَــــــعَـــلْــــــنَــــاهُـــمْ أَئِــمَّــــةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ 
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ 
   
  وجميع الاهداف وصور الاحداث التي كان من المقرر لها أن تجري على الأرض كانت واضحة ومعروفة للجميع في اجتماع الملأ الأعلى ،، حروب ورجال ونساء وبنين وبنات وتجارات وأموال وسياسة وحكومات وظالمين ومظلومين و و و و و و

كل تلك التفاصيل واكثر منها كانت كلّها واضحة حينها ولجميع من كانوا حاضرين في اجتماع الملأ الأعلى

فكما قلنا في البداية أن هذه الحضارة الجديدة لم تكن بالنسبة لهم هي الحضارة الأولى ولن تكون الأخيرة 

فقبلها كانت هناك حضارات وقصص لألف ألف آدم سابقين وهم من برأوا صورها وأحداثها أو هم من أخرجوا صورها واحداثها من عالم المكون لعالم الحضور

وبعد هذه الحضارة ستكون هناك حضارات وقصص جديدة لألف ألف آدم جديد وسيبرأون هم ايضا تفاصيل صور أحداثها من المكون للظهور والحضور

فالملأ الأعلى الذين كانوا مجتمعين حينها هم نفسهم نفسهم الملآ الأعلى الذين كانوا دائما ما يجتمعون قبل بداية التنزل بأحداث قصص كل آدم سابق من الألف ألف آدم السابقين

ربما يزيد عليهم كم واحد جديد أو ينقص منهم كم واحد قديم ممن قرروا ان يساهموا باخراج تفاصيل جديدة من العلم المكنون في الكتاب المكنون لكن في عوالم أخرى،، وتحت قبب أو سقوف مرفوعة أخرى غير قبتنا هذه أو غير السقف المرفوع الذي يحيط بأرضنا هذه



عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد الله: ما معنى السلام على رسول الله؟ 

فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله 

ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن 

وأن يُنزل لــــــــهــــــــم الـــبـــــيــــت الــــمــــعــــمـــور 

ويُـــــظــــهـــر لـــهـــم الســــــــــقـــــــــف الـــــمـــرفــــــــــــوع 

ويُـــــــريـــــــــــــــــــــــحـــهـــــــم مــــــــــــــن عـــــــــــدوّهــــم 

والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لا شية فيها، قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون 

وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك

وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عز وجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه.....إنتهى

فالسقف المرفوع موجود إذن الآن من حولنا ،، لكننا لا نراه ،، أو اننا نراه بالفعل لكننا لا نراه بشكل مباشر كسقف مرفوع بل نرى فقط تلك الصور التي تنعكس لنا من عليه أو التي تُعرض لنا من عليه

فأمير المؤمنين عندما سئله عبدالله بن الكواء عن عدة مسائل والسقف المرفوع كان أحدها:ـ 

ـ((((قال: يا امير المومنين و ما "السقف المرفوع"؟

قال: ''ويحك هو سماء الدنيا، و هى بحر مكفوف كفّه الله تعالى عن خلقه، فزينها بمصابيح ليهتدوا بها فى ظلمات البر و البحر ما خلق الله ذلك الا بالحق)))).....إنتهى

فلو اننا استبدلنا تعبير ((سماء الدنيا)) بتعبير السقف المرفوع فسيكون المعنى حينها أن السقف المرفوع هو الذي تم تزينه بالكواكب، وأنه تم اخفائه عنّا بصور هذه الكواكب التي تمّ تزينه بها

لكنّ زمان ظهور الامام كما أنه هو زمان ظهوره هو فإنّه هو أيضا زمان ظهور الحقائق وانكشافها للناس

فالبيت المعمور سيبقى حتى زمان الظهور مخفي عن الأنظار مثله في ذلك مثل السقف المرفوع وهو البيت الذي هو الآن بحذاء الكعبة أي بموازاتها وفوقها 

بحيث يقسم رسول الله صلى الله عليه وآله لو انك كنت في البيت المعمور وألقيت منه بحجر فإنّ ذلك الحجر سيقع حينها على ظهر الكعبة

فالبيت المعمور هو الآن فوق الكعبة بمسافة ليست كبيرة جدا ولا حتى كبيرة ،، بل بمسافة معقولة جدا يصح معها لو انك القيت منه بحجر ما فإنه سوف لن يحيد عن مساره كثيرا فيقع حينها على ظهر الكعبة

توجد تفاصيل كثيرة كنت أودّ أن أتحدث عنها هنا لكن المقال أصبح طويلا فنكمله إن شاء الله في مقال آخر



وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الابرار
.
..
...
....


.....

الأربعاء، 30 مارس 2016

انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون
















بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمّد وآل محمّد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (10)ـ

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11)ـ


من الواضح أنّ الفعل الذي قامت به المجموعة الفاعلة في الآية رقم (11) حدث قبل الفعل الذي قاموا به في الآية رقم (10) وإن كان ترتيب ذكرهما في الآيتين يختلف

وأقصد هنا أن فعل خلقهم وتصويرهم لنا لا بدّ أن يكون قد تم قبل تمكينهم لنا في الأرض

فمتى تمّ خلقنا وتصويرنا؟

الجواب هو : لقد تمّ خلقنا وتصويرنا قبل بداية تمكيننا في الأرض بـ 2000 عام

قال الصادق عليه السلام : ـ

إنّ رجلاً قال لأمير المؤمنين عليه السلام : ـ
والله إني لأحبّك ( ثلاث مرات ) ـ

فقال علي عليه السلام : والله ما تحبّني

فغضب الرجل فقال:ـ

كأنّك والله تخبرني ما في نفسي !.ـ

قال له عليّ عليه السلام : لا ، ولكنّ الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ، فلم أر روحك فيها . .........إنتهى


وعملية تمكيننا في الأرض مرتبطة باقتراننا كنفوس ناطقة قدسيّة بالأبدان الماديّة 

وأيضا باقتران كلّ واحد منّا بنفس حسيّة حيوانيّة لنستطيع من خلال قواها وأفعالها أن نعيش على هذه الارض

فهذه النّفس الحسيّة الحيوانيّة بدو ايجادها هو عند الولادة الجسمانيّة على الأرض

وأفعالها في الأرض هي الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيويّة

وبدون اقتراننا مع هذه النّفس وتفعيلنا لقواها فإننا سنكون حينها كالملائكة

فحتى لو اقترنا كنفوس ناطقة قدسيّة مع البدن الماديّ فحينها سنكون مجرد نفوس ناطقة قدسيّة تسكن بأبدان مادي

أو سنكون فقط قوة لاهوتية بدو ايجادها هو عند الولادة الدنيويّة
مرتبطة ببدن ماديّ 


لكن مقرّها العلوم الحقيقيّة الدينيّة
وموادها هي التأييدات العقليّة
وفعلها هو المعارف الربانيّة

بكلمة أخرى ووصف آخر فإننا سنكون ملائكة في الأرض

أو سنكون قوى لاهوتية تلبس ملابس رجال ونساء

لكن مواد تفكيرنا هي نفس مواد تفكير الملائكة

وأفعالنا هي نفس أفعال الملائكة 

فلا فرق حينها بيننا وبين الملائكة سوى أن أجسادنا من طين وأجسادهم من نور 

أمّا عقولنا وافعالنا وغاياتنا واهدافنا فلا فرق بيننا وبينهم حينها أبدا 

لقد خُلقنا من أجل أن يُمكَّن لنا في الأرض  

ومن أجل أن نُمارس عليها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيويّة

لكن فقط من أجل أن نمارسها بإطار محدد ومعلوم ،،،، وهو إطار العبادة

فكلّ ما نمارسه على هذه الأرض من صور الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية يدخل جميعه بإطار العبادة 

فعملنا عبادة
وتجاراتنا عبادة
وحروبنا عبادة
وسياساتنا الدولية عبادة

وتعاملاتنا العائلية والأخوية والاجتماعية المختلفة مع بعضنا ومع مختلف المجتمعات هي أيضا كلها صور مختلفة للعبادة

فعندما تساعد صديق فهذه عبادة  

وعندما تزور والدتك او عمك او صديق فهذه عبادة
وعندما تزور مريض فهذه أيضا عبادة 

وعندما تلتحق بالجيش دفاعا عن دينك أو عرضك او مالك او وطنك فهذه عبادة

عندما تسمع او لا تسمع الموسيقى فهي عبادة أيضا
و
و
و
و

بل حتى عندما تقول السلام عليكم أو صباح الخير أو غير ذلك من التحيات فهذه كلها أيضا صور مختلفة من صور العبادات اليومية ولها اصول وقوانين وأعراف

فيمكننا لذلك أن نقول بكلّ ثقة أنّ حياتنا كلّها عبادة

لأنها كلّها تنطلق إمّا من عادات وتقاليد أصلها تشريعات سماويّة 

أو لأنّها تنطلق أساسا وبشكل مباشر من تشريعات دينيّة

وهنا لا أتكلم عن المسلمين فقط

بل اتكلم عن كلّ شعوب العالم وعن كلّ المجتمعات البشرية المنتشرة على الارض

وعن أتباع كلّ الأديان السماويّة الحديثة والقديمة

وكذلك عن أتباع كلّ الافكار الانسانيّة الوضعيّة المنطلقة أساسا من مبادئ وأفكار دينيّة سابقة

فهذه التنوعات الكبيرة بالعادات والتقاليد وانواع الطعام والشراب وانواع الموسيقى والرقص والجنس والطقوس المختلفة للزواج والطهور والخطوبة والتعلّم والتنوّر والبلوغ ووووووو

كلّها هي صور مختلفة للعبادة ،، حتّى ولواننا  لم نكن متوجهين لنيّة العبادة حين نفعلها ونمارسها بشكل تلقائي

وحتى الحروب تدخل أيضا ضمن ممارستنا لصور مختلفة من العبادة على هذه الأرض

لأننا نمارسها ونخوضها كلّها تقرّبا لله وطمعا بما لديه من جزيل الثواب عليها

بل حتّى أنّ النّوم أو السهر يصبح احيانا كثيرة نوع من انواع العبادة ان لم يكن جميعها

ونحن ربما لا نشعر بذلك ولا نفكّر بذلك ونحن نعيش ونمارس تفاصيل حياتنا على هذه الأرض

وربما نرى ونعتقد أن العبادة هي فقط حين نقف للصلاة أو حين نصوم شهر رمضان

لكنّ الذين خلقونا ومكّنونا في هذه الأرض حريصين جدا ومنتبهين جيدا إلى أن كلّ حركة قمنا ونقوم وسنقوم بها على هذه الأرض يجب أن تكون نوع من أنواع العبادة وصورة من صورها

فهم خلقونا أساسا من أجل هذا الهدف
ومكنونا في الأرض من أجل هذا الهدف
وقرنونا بأنفس حسيّة حيوانيّة من أجل هذا الهدف
وخلقوا لنا أبدان من طين الأرض أيضا من أجل هذا الهدف

لإنهم يريدون أن يُظهروا من خلالنا جميع صور العبادة على هذه الأرض 

فهم لا يريدون اظهار صورة واحدة فقط من صور العبادة  

بل يريدون إظهار جميع صور العبادات المحتملة مهما كانت صورتها

ولو انهم كانوا لا يريدون منّا الا صورة واحدة من صور العبادات لما قرنونا بالنفس الحسيّة الحيوانيّة

فلم يكن حينها ليجري بيننا أيّ خلاف او ليظهر بيننا أيّ تباين

ولكان يكفيهم أن يبعثوا لنا رسول واحد يكلمنا فقط لثلاثة ايام ثم يذهب لحال سبيله

لنبقى بعده في حالة عبادة والى أبد الآبدين أو الى ما شاء الله 

فيا لها من حياة مملة تلك التي ستكون حينها،، وصور عباداتها مملة أيضا،، (من وجهة نظرنا حاليا على الأقل)ـ

ولو أن الذين خلقونا قد رأوا بهذه الصورة متعة وتشويق أكثر من الوضع الحالي لما أعجزتهم الحيلة لفعل ذلك

ولكان عنائهم لتحقيق ذلك واستمراره أقل بكثير مما هو عليه حاليا من العناء والتعب ،، فخطط سنوية وخطط يومية ويمحوا الله ما يشاء ويثبت منها 
وبعض تلك الخطط قد تتغير قبل ساعة من حدوثها ايضا

فقط حاول أن تتذكّر معي

فأنت في لحظة ما قبل خلقك وتصويرك لم تكن شيئا

أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا

وحتى ولو لم تتذكر ذلك ،، فإن هذه هي من البديهيات التي لا يمكنك ان تحيد عنها او أن تنكرها 

فأنت قد ظهرت مثلي للوجود من العدم

نعم لقد ظهرت من العدم حين ذكروك أول مرة فأصبحت بذكرهم لك شيئا مذكورا 

ثم بعد ذلك أصبحت شيئا مخلوقا

ثم بعد ذلك أصبحت شيئا مصوّرا 

أمّا قبل ذلك فلقد كان لك نوع خاص من الوجود صفتك فيه هي أنك لست شيء وأيضا لست مذكورا

هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا

فقبلها كان لك نوع خاص من الوجود كلّ ما يمكننا ان نصفه به هو أنّه:ـ

بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُصَوَّتٍ،وَ بِاللَفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ، وَ بِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ،وَ بِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ،وَ بِاللَوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ؛مَنْفِيٌّ عَنْك الاقْطَارُ،مُبَعَّدٌ عَنْك الْحُدُودُ، وَ مَحْجُوبٌ عَنْك حِسُّ كلّ مُتَوَهِّمٍ،مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ

ففي البداية حين أرادوا أن يخلقوك ذكروا اسمك الأوّل المكنون في الكتاب المكنون

فأصبحت بذكرهم لك شيئا مذكورا بإسمك الخاص

مثل حين تفكّر بطائرة ورقية ذات شكل معين

فالطائرة الورقية كان لها وجود سابق في عقلك قبل أن تفكّر بها ،، لكنه كان وجود مكنون صفته أنّه 
بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُصَوَّتٍ،وَ بِاللَفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ، وَ بِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ،وَ بِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ،وَ بِاللَوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ؛مَنْفِيٌّ عَنْك الاقْطَارُ،مُبَعَّدٌ عَنْك الْحُدُودُ، وَ مَحْجُوبٌ عَنْه حِسُّ كلّ مُتَوَهِّمٍ،مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ لكنّها من حين أن فكّرت بها أصبح لها في فكرك وعقلك وجود عقليّ محدد 

لكن لا يوجد وجود خارجي لهذه الفكرة العقليّة

بمعنى لا يوجد لها صورة خارجيّة 

فحتى الآن هي مجرّد فكرة في العقل

ربما ستقول الآن متسائلا : وكيف أخرجوني إذن من عالم العقل الخفي الذي كنت فيه مجرد فكرة مجرّدة من الصورة والظهور فأظهروني في عالم الظهور والتجلي فجعلوني مخلوق ذي صورة؟

الجواب على ذلك هو بمعرفتك عن من نحن نتكلم هنا   

فنحن نتكلم عن موجودات عالم الأمر   

وعالم الأمر هو عالم إظهار أمر الله   

فالله المعنى المعبود ليس له كمعنى معبود وجود خارجي يأمر به بكن فيكون 

لكن يوجد له عالم كامل جميع موجوداته لها مراتب متعددة ومعلومة ،، وهو بمجموعه هو هو عالم أمره

واسمه المكنون مكنون بكل مخلوقاته وينطق من على لسانهم 

فكل عالم الأمر موجوداته تقول للشيء الذي ذكروه بعقولهم ويريدون ظهوره ((كن)) فيكون ذلك الشيء من فوره في العالم الخارجي بنفس الصورة التي كانت مضمرة له بعقولهم

وإرادتهم ومشيئتهم تتحقق لهم فقط لأن الاسم المكنون هو من ينطق على لسانهم جميعهم

فجميع مخلوقات عالم الأمر يمكنها التّجلي بأفكارها بكن فيكون لأنهم كلهم ينطق الاسم المكنون من على لسانهم ،، ولذلك فانّها لا تتجلى دائما و بشكل عشوائي بكلّ ما يجول بأفكارها 

بمعنى انها لا تتجلى دائما بكلّ ما تريده منها

فموجودات عالم الأمر من الملائكة والروح يوجد لها بينها ربّ ظاهر هو التجلي الأعظم للاسم المكنون ،، وهو من يرسم خطط التجلّي في العوالم الأرضية او في عالم الخلق ،، وهو من يضع الحدود فيما يمكن لها ان تقوم بالتجلي به لوحدها في تلك الخطط وفيما لا يمكنها ان تتتجلى به

او فيما يمكنها ان تقوم بالتجلي به ضمن تلك الخطط لكن فقط بعد ورود الأوامر أو بعد الإذن لها بذلك التجلي من المراتب العليا

فهي خارج عمليات التجلي بالعوالم الأرضية لها ان تتجلى لنفسها بما تشاء، لكنها ضمن عمليات التجلي الجماعيّة تكون مقيّدة بالخطط فلا تتقدّم ولا تتأخر عليها

وهكذا كنّا

وهكذا كان

فلقد اجتمع الملاء الأعلى لتحديد المهام وتوزيعها على جميع الأطراف المساهمة من عالم الأمر من الملائكة والروح لأخراج صور العبادات الجديدة والمختلفة من خلال أفراد الحضارة الجديدة التي ستنحدر من نسل الــ آدم الجديد 

ولكن قبل أن يتم الاتفاق النهائي بين رب العالمين والملائكة والروح على من سيستلم قيادة هذه الحضارة الجديدة ،، كان يجب أن يتم خلقنا وتصويرنا لنكون معهم من الشاهدين على هذا الإتفاق

وقبل أن يحين وقت تنفيذ هذا الاتفاق الذي يجب أن يحضره جميع المساهمين به من الملائكة والروح والأنفس الناطقة القدسيّة

كانت كلّ روح من الأرواح العليا أو الأنفس العليا المساهمة من عالم الامر كان يوجد عندها حينها تصوّر كامل عن عدد النفوس الناطقة القدسيّة التي ستساهم كلّ نفس عليا منها بها لاخراج تفاصيل أحداث هذه الحضارة الجديدة من بدئها حتى نهايتها

فبعض الأرواح القديمة او الأنفس العليا كان نصيبها أن تساهم بمئات الآلآف من النفوس المطمئنة

وبعضها كان نصيبها فقط عشرات الآلآف منها

وبعضها بضع المئات فقط وربما بضع العشرات منها

وسبعين ألف ملك جديد سيأتون في كل يوم جديد ((غير معلوم هل هذا اليوم هو كالف سنة مما نعد او انه كخمسين الف سنة مما نعد))  لكوكب الأرض ليساهموا بنفوسهم معهم ولمرّة واحدة فقط، أو لكرة واحدة فقط بعمليات  التّنزّل من كلّ أمر ، أو بمختلف صور الأحداث التي ستجري وقائعها على هذه الأرض، وبعد انتهاء هذه الكرة يذهبون ولا يعودون أبدا الى قيام الساعة

نعود للملأ الأعلى ونقول أنه حين جائت لحظة تجلّيهم بنا واخراجهم لنا من العدم للوجود

تجلّوا بإرادتهم ومشيئتهم بنا ربما بطريقة الأمر بكن فيكون او ربما بطريقة علمية متقدمة

بطريقة الأمر بكن فيكون قالوا حينها بإرادتهم كونوا أيتها النفوس المطمئنة كما تصورناكم وأردناكم أن تكونوا

وما هو الا كلمح البصر او هو أقرب حتى كنّا حاضرين مصوّرِين بين أيديهم

وهذا الأمر كان قبل أن يخلقوا لنا الأبدان الماديّة بألفي عام كما تقول الرواية التي بدأنا بها هذا المقال

فهم قد خلقونا حينها كفكرة من أفكارهم وقالوا لتحقيقيها كن فكنا مصورين ، يعني نفخوا فينا من روحهم فدبت بنا الحياة

 وروحهم جميعهم هي روح واحدة، وروحنا كأنفس ناطقة قدسية وروحهم كملائكة هي أيضا روح واحدة

فهي روح واحدة موجودة بالجميع

وكل نفس عليا هي من نفخت بإرادتها من روحها في فكرتها فانبعثت الحياة من حينها في تلك الشخصيات التي تصورتها فأصبحت من لحظتها نفوس ناطقة قدسيّة

وحينها فإن المعلومات التي كنّا نحويها بذواتنا كنفوس ناطقة قدسيّة
مقرها العلوم الحقيقية الدينية
وموادها التأييدات العقلية
وفعلها المعارف الربانية

كانت هي فقط ما سنحتاجه منها للبداية ولمهمتنا التي خلقونا لها ومن أجلها 

لقد أدركنا من حينها أننا سنتعلم الكثير والكثير من خلال حياتنا التي بدأنا بها للتو سلسلة كرّات وكرّات كثيرة ومتتابعة وسنبقى نتعلم ونتطوّر من خلالها في عوالم مختلفة حتى تأتي تلك اللحظة التي سينكتب بها اسمنا من ضمن المجموعة المقرر لها أن تتخرج في هذه القصة او تلك ويتم تتويجنا في نهايتها بتاج الكرامة ويتم الباسنا من لباس اهل السماء ونُزفّ اليه في أجمل زفّة

لنخرج من حينها ونودّع مدرسة عالم الخلق ودروسها وندخل في مدرسة عالم الأمر ونصبح جزءا منها ،، ومن هناك سنبدء رحلة جديدة نتعلّم بها حضوريا مفاهيم ومعاني جديدة لم نكن نعلم عنها سابقا أيّ شيء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسئلة وأجوبة:ـ

س1ـ هل الأرواح اصناف يعني ذكر وانثى مثل ما في الدنيا ام انها صنف واحد؟

ج ـ نعم  الارواح لها صور ينظر بها الذين خلقونا لنا وننظر من خلالها لهم أيضا

س2ـ هل الأرواح اصناف يعني ذكر وانثى مثل ما في الدنيا ام انها صنف واحد؟

ج ـ يبدو لي ان الروح لا صنف لها ،، فخلقناكم ثم صورناكم المقصود بها النّفس  الناطقة القدسيّة ،، وهذه هي نفسها المقصودة بــ

  يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ 
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ 
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ

  فالانسان هو الإنسان سواء أكان ذكر ام أنثى ،، وقبل حتّى أن يكون ذكر أو أنثى

بل وقبل حتّى أن يركّبه ربّه بأي صورة كانت

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين
.
..
...
....
.....