كَلِمَةِ اللَّهِ التَّامَّة و النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ
هُمْ سَاَدَةُ الكِتَاَب المَرْقُوم ((جَهَنَّم))
بل وهو أَطْوَعُ لَهُم مِنَ الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا
بَلْ إنَّ أَمْرهُم فِيهِ هُوَ كُن فَيَكُونُ
.
.
قوله عز و جل فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ
.
.
لتفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 114-119
60 [قَالَ الْإِمَامُ] ع: قَالَ [الْإِمَامُ] مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع :
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص، لَمَّا اعْتَذَرَ هَؤُلَاءِ [المنافقين [الْمُنَافِقُونَ] إِلَيْهِ] بِمَا اعْتَذَرُوا، تَكَرَّمَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ قَبِلَ ظَوَاهِرَهُمْ- وَ وَكَّلَ بَوَاطِنَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ،
لَكِنْ جَبْرَئِيلُ ع أَتَاهُ فَقَالَ:
يَا مُحَمَّدُ
.
.
إِنَّ الْعَلِيَّ الْأَعْلَى يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ:
اخْرُجْ بِهَؤُلَاءِ الْمَرَدَةِ الَّذِينَ اتَّصَلَ بِكَ عَنْهُمْ- فِي عَلِيٍّ ع:
عَلَى نَكْثِهِمْ لِبَيْعَتِهِ، وَ تَوْطِينِهِمْ نُفُوسَهُمْ عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ عَلِيّاً
لِيَظْهَرَ مِنْ عَجَائِبِ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ، مِنْ طَوَاعِيَةِ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ السَّمَاءِ لَهُ وَ سَائِرِ مَا خَلَقَ اللَّهُ- لَمَّا أَوْقَفَهُ مَوْقِفَكَ وَ أَقَامَهُ مُقَامَكَ-
لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَلِيَّ اللَّهِ عَلِيّاً، غَنِيٌّ عَنْهُمْ،
وَ أَنَّهُ لَا يَكُفُّ عَنْهُمُ انْتِقَامَهُ مِنْهُمْ- إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ فِيهِ وَ فِيهِمُ التَّدْبِيرُ الَّذِي هُوَ بَالِغُهُ،
وَ الْحِكْمَةُ الَّتِي هُوَ عَامِلٌ بِهَا وَ مُمْضٍ لِمَا يُوجِبُهَا.
.
.
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْجَمَاعَةَ- مِنَ الَّذِينَ اتَّصَلَ بِهِ عَنْهُمْ مَا اتَّصَلَ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ ع وَ الْمُوَاطَاةِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ- بِالْخُرُوجِ.
فَقَالَ لِعَلِيٍّ ع لَمَّا اسْتَقَرَّ عِنْدَ سَفْحِ بَعْضِ جِبَالِ الْمَدِينَةِ:
.
.
يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ هَؤُلَاءِ بِنُصْرَتِكَ وَ مُسَاعَدَتِكَ، وَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى خِدْمَتِكَ، وَ الْجِدِّ فِي طَاعَتِكَ،
فَإِنْ أَطَاعُوكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، يَصِيرُونَ فِي جِنَانِ اللَّهِ مُلُوكاً خَالِدِينَ نَاعِمِينَ،
وَ إِنْ خَالَفُوكَ فَهُوَ شَرٌّ لَهُمْ، يَصِيرُونَ فِي جَهَنَّمَ خَالِدِينَ مُعَذَّبِينَ.
.
.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِتِلْكَ الْجَمَاعَةِ:
.
.
اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ عَلِيّاً ع سَعِدْتُمْ
وَ إِنْ خَالَفْتُمُوهُ شَقِيتُمْ،
وَ أَغْنَاهُ اللَّهُ عَنْكُمْ بِمَنْ سَيُرِيكُمُوهُ، وَ بِمَا سَيُرِيكُمُوهُ.
.
.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:
.
.
يَا عَلِيُّ سَلْ رَبَّكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ، الَّذِينَ أَنْتَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ سَيِّدُهُمْ،
أَنْ يُقَلِّبَ لَكَ هَذِهِ الْجِبَالَ مَا شِئْتَ.
.
.
فَسَأَلَ رَبَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فَانْقَلَبَتْ فِضَّةً.
التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ص: 116
.
.
ثُمَّ نَادَتْهُ الْجِبَالُ:
.
.
«يَا عَلِيُّ يَا وَصِيَّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَدَّنَا لَكَ إِنْ أَرَدْتَ إِنْفَاقَنَا فِي أَمْرِكَ،
فَمَتَى دَعَوْتَنَا أَجَبْنَاكَ لِتُمْضِيَ فِينَا حُكْمَكَ، وَ تُنْفِذَ فِينَا قَضَاءَكَ»
ثُمَّ انْقَلَبَتْ ذَهَباً أَحْمَرَ كُلُّهَا، وَ قَالَتْ مَقَالَةَ الْفِضَّةِ،
ثُمَّ انْقَلَبَتْ مِسْكاً وَ عَنْبَراً [وَ عَبِيراً] وَ جَوَاهِرَ وَ يَوَاقِيتَ،
.
.
وَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا يَنْقَلِبُ إِلَيْهِ يُنَادِيهِ:
.
.
يَا أَبَا الْحَسَنِ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ ص نَحْنُ الْمُسَخَّرَاتُ لَكَ،
ادْعُنَا مَتَى شِئْتَ لِتُنْفِقَنَا فِيمَا شِئْتَ نُجِبْكَ، وَ نَتَحَوَّلْ لَكَ إِلَى مَا شِئْتَ.
.
.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:
.
.
أَ رَأَيْتُمْ ؟.
.
.
قَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلِيّاً بِمَا تَرَوْنَ- عَنْ أَمْوَالِكُمْ
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:
يَا عَلِيُّ
.
.
سَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ- الَّذِينَ أَنْتَ سَيِّدُهُمْ بَعْدَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ
أَنْ يُقَلِّبَ لَكَ أَشْجَارَهَا رِجَالًا شَاكِي الْأَسْلِحَةِ، وَ صُخُورَهَا أُسُوداً وَ نُمُوراً وَ أَفَاعِيَ.
.
.
فَدَعَا اللَّهَ عَلَيٌّ بِذَلِكَ،
.
.
فَامْتَلَأَتْ تِلْكَ الْجِبَالُ وَ الْهِضَابُ- وَ قَرَارُ الْأَرْضِ مِنَ الرِّجَالِ الشَّاكِي الْأَسْلِحَةِ-
الَّذِينَ لَا يَفِي بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ الْمَعْهُودِينَ،
وَ مِنَ الْأُسُودِ وَ النُّمُورِ وَ الْأَفَاعِي- حَتَّى طَبِقَتْ تِلْكَ الْجِبَالُ وَ الْأَرَضُونَ وَ الْهِضَابُ بِذَلِكَ
[وَ] كُلٌّ يُنَادِي:
.
.
يَا عَلِيُّ
.
.
يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ،
.
.
هَا نَحْنُ قَدْ سَخَّرَنَا اللَّهُ لَكَ، وَ أَمَرَنَا بِإِجَابَتِكَ- كُلَّمَا دَعَوْتَنَا- إِلَى اصْطِلَامِ كُلِّ مَنْ سَلَّطْتَنَا عَلَيْهِ،
فَمَتَى شِئْتَ فَادْعُنَا نُجِبْكَ،
وَ بِمَا شِئْتَ فَأْمُرْنَا بِهِ نُطِعْكَ.
.
.
يَا عَلِيُّ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ
.
.
إِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الشَّأْنِ الْعَظِيمِ- مَا لَوْ سَأَلْتَ اللَّهَ أَنْ يُصَيِّرَ لَكَ أَطْرَافَ الْأَرْضِ وَ جَوَانِبَهَا- هَيْئَةً وَاحِدَةً كَصُرَّةِ كِيسٍ لَفَعَلَ،
أَوْ يَحُطَّ لَكَ السَّمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ لَفَعَلَ،
أَوْ يَرْفَعَ لَكَ الْأَرْضَ إِلَى السَّمَاءِ لَفَعَلَ،
أَوْ يُقَلِّبِ لَكَ مَا فِي بِحَارِهَا الْأُجَاجِ مَاءً عَذْباً أَوْ زِئْبَقاً بَاناً، أَوْ مَا شِئْتَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْرِبَةِ وَ الْأَدْهَانِ لَفَعَلَ.
وَ لَوْ شِئْتَ أَنْ يُجَمِّدَ الْبِحَارَ- وَ يَجْعَلَ سَائِرَ الْأَرْضِ هِيَ الْبِحَارَ لَفَعَلَ،
.
.
فَلَا يَحْزُنْكَ تَمَرُّدُ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَرِّدِينَ، وَ خِلَافُ هَؤُلَاءِ الْمُخَالِفِينَ،
فَكَأَنَّهُمْ بِالدُّنْيَا إِذَا انْقَضَتْ عَنْهُمْ- كَأَنْ لَمْ يَكُونُوا فِيهَا
وَ كَأَنَّهُمْ بِالْآخِرَةِ إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ- كَأَنْ لَمْ يَزَالُوا فِيهَا.
.
.
يَا عَلِيُّ
.
.
إِنَّ الَّذِي أَمْهَلَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ وَ فِسْقِهِمْ- فِي تَمَرُّدِهِمْ عَنْ طَاعَتِكَ
هُوَ الَّذِي أَمْهَلَ فِرْعَوْنَ ذَا الْأَوْتَادِ، وَ نُمْرُودَ بْنَ كَنْعَانَ،
وَ مَنِ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ مِنْ ذَوِي الطُّغْيَانِ- وَ أَطْغَى الطُّغَاةِ إِبْلِيسَ رَأْسَ الضَّلَالاتِ.
[وَ] مَا خُلِقْتَ أَنْتَ وَ لَا هُمْ لِدَارِ الْفَنَاءِ،
بَلْ خُلِقْتُمْ لِدَارِ الْبَقَاءِ،
وَ لَكِنَّكُمْ تُنْقَلُونَ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ،
.
.
وَ لَا حَاجَةَ لِرَبِّكَ إِلَى مَنْ يَسُوسُهُمْ وَ يَرْعَاهُمْ،
وَ لَكِنَّهُ أَرَادَ تَشْرِيفَكَ عَلَيْهِمْ،
وَ إِبَانَتَكَ بِالْفَضْلِ فِيهِمْ وَ لَوْ شَاءَ لَهَدَاهُمْ.
.
.
قَالَ ع:
.
.
فَمَرِضَتْ قُلُوبُ الْقَوْمِ لِمَا شَاهَدُوهُ مِنْ ذَلِكَ،
مُضَافاً إِلَى مَا كَانَ [فِي قُلُوبِهِمْ] مِنْ مَرَضِ حَسَدِهِمْ لَهُ- وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع
.
.
فَقَالَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ:
.
.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
.
.
أَيْ [فِي] قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَرِّدِينَ الشَّاكِّينَ- النَّاكِثِينَ
لِمَا أَخَذْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْعَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع
.
.
فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً
.
.
.
بِحَيْثُ تَاهَتْ لَهُ قُلُوبُهُمْ-
جَزَاءً بِمَا أَرَيْتَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ [وَ] الْمُعْجِزَاتِ
وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ مُحَمَّداً
وَ يَكْذِبُونَ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّا عَلَى الْبَيْعَةِ وَ الْعَهْدِ مُقِيمُونَ .
.
.
قوله عز و جل وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُون
61 قَالَ الْإِمَامُ ع:
قَالَ الْعَالِمُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع :
[وَ] إِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ النَّاكِثِينَ لِلْبَيْعَةِ فِي يَوْمِ الْغَدِيرِ :
لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بِإِظْهَارِ نَكْثِ الْبَيْعَةِ- لِعِبَادِ اللَّهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ
فَتُشَوِّشُونَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ، وَ تُحَيِّرُونَهُمْ فِي مَذَاهِبِهِمْ.
قالُوا :
إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ
لِأَنَّنَا لَا نَعْتَقِدُ دِينَ مُحَمَّدٍ وَ لَا غَيْرَ دِينِ مُحَمَّدٍ وَ نَحْنُ فِي الدِّينِ مُتَحَيِّرُونَ-
فَنَحْنُ نَرْضَى فِي الظَّاهِرِ بِمُحَمَّدٍ بِإِظْهَارِ قَبُولِ دِينِهِ وَ شَرِيعَتِهِ،
وَ نَقْضِي فِي الْبَاطِنِ إِلَى شَهَوَاتِنَا،
فَنَتَمَتَّعُ وَ نَتَرَفَّهُ وَ نُعْتِقُ أَنْفُسَنَا مِنْ رِقِّ مُحَمَّدٍ،
وَ نَفُكُّهَا مِنْ طَاعَةِ ابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ،
لِكَيْ إِنْ أُدِيلَ فِي الدُّنْيَا كُنَّا قَدْ تَوَجَّهْنَا عِنْدَهُ،
وَ إِنِ اضْمَحَلَّ أَمْرُهُ كُنَّا قَدْ سَلِمْنَا (مِنْ سَبْيِ) أَعْدَائِهِ.
.
.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ :
.
.
أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ بِمَا يَقُولُونَ مِنْ أُمُورِ أَنْفُسِهِمْ-
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَرِّفُ نَبِيَّهُ ص نِفَاقَهُمْ،
فَهُوَ يَلْعَنُهُمْ وَ يَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ بِلَعْنِهِمْ،
وَ لَا يَثِقُ بِهِمْ أَيْضاً أَعْدَاءُ الْمُؤْمِنِينَ،
لِأَنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يُنَافِقُونَهُمْ أَيْضاً، كَمَا يُنَافِقُونَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ص.
فَلَا يُرْفَعُ لَهُمْ عِنْدَهُمْ مَنْزِلَةٌ،
وَ لَا يَحُلُّونَ عِنْدَهُمْ مَحَلَّ أَهْلِ الثِّقَةِ.....................إنتهى النقل
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق