الخميس، 16 يوليو 2020

في المقال السابق طرحنا التصور التالي وأتبعناه بهذه الأسئلة :




في المقال السابق طرحنا التصور التالي وأتبعناه بهذه الأسئلة :

عندما نفكك الميركابا وهي النور الاول الذي قسمه نصفين وخالف بينهما في الصفات والأسماء وجمعهما بجسد جوهري واحد

سنجد في وسطه شكل له أربعة عشر وجه ، ثمانية مربعات وستة مثلّثات

هذا الشكل يطلقون عليه في الهندسة المقدسة بيت الله او بيت الواحد المخفي

في وسط هذا الشكل الأربع عشري توجد نقطة الأحدية او نقطة الإسم المكنون

ومن هذه النقطة يصدر اثني عشر نورا كما في الصورة

ما هي مهمة هذه الأنوار في العالم العقلي المظلم الأسود الدامس؟

هل هي فقط تصدر منه لوجوهه الأربعة عشر؟

أما أنها تصدر منه لها وتعود منها إليه؟

لو كانت تصدر منه لها وتعود منها إليه فماذا تحمل منه لها؟

وبماذا تعود منها إليه؟

وفي هذه المشاركة سنحاول ان شاء الله أن نوضح فهمنا للأسئلة التي طرحناها من خلال هذه الرواية الشريفة ونبين علاقتها بما طرحناه من الأسئلة في المقال السابق:

عن أبي يعقوب، عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى:

(أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ)

قال: «العينان: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؛

و اللسان: أمير المؤمنين عليه السّلام؛

و الشفتين: الحسن و الحسين عليهما السّلام»......إنتهى

في نهاية المشاركة السابقة قلت:

لتفهم قصدي من السؤال تخيل أنّك مجرد نقطة الأنا ((المشيئة)) مثال المشيئة الأولى ((هو))

وانك مودع في كمبيوتر لتمارس مشيئتك ضمن عالم رقمي مثل عالمنا هذا ، ومحاط بهذه الأنوار الإثني عشر

فما هي مهمة وأهمية هذه الانوار بالنسبة لك؟

لتقريب الصورة سأعقد مقارنة سريعة بين حين ان تكون خارج النظام الرقمي وتريد أن تطلع على ما في هذا النظام من علم وقدرة

وبين حين أن تكون أنت جزء من هذا النظام الرقمي

يعني انت حاليا لكي ترى العلم المكنون في النظام الرقمي ستحتاج لشاشة تقوم مقام من سيعرض عليك ذلك العلم المكنون في النظام الرقمي

ولكي تتكلم معي وتوصل صوتك لي فإنك ستحتاج للاقط صوتي يلتقط صوتك ويحوله لموجات صوتية رقمية

ولكي تسمعني فإنك ستحتاج كذلك لجهاز بث صوتي قادر على ترجمات الموجات الصوتية الرقمية لموجات صوتية تنتقل عبر الهواء لطبلة أذنك وتبدء سلسة عمليات المخ لترجمتها لمعاني وصور عقلية

كل هذه التفاصيل وأكثر منها ستحتاجها للتعامل مع النظام الرقمي أخذا وعطاءا حين تكون خارج النظام الرقمي وليس داخله أو جزء منه

أمّا حين تكون أنت داخل النظام الرقمي وجزء منه كما في الفرض الذي افترضناه فحينها فإن جميع تلك الأدوات يجب أن يوفّرها لك نفس النظام

يعني النظام الرقمي هو من يجب عليه ان يجعل لك عينين ولسانا وشفتين واذنين وكل الحواس التي ستحتاجها وبنفس الوقت هو من سيعرض عليك المعلومات الصوتية والمرئية والحسيّة وهو من سيترجمها ويفهمها لك ولغيرك

مثال ذلك عندما تنام وتحلم ، فانت في الحلم تتحدث وتسمع وتشعر وتتألم وترى وتشم وووو

كل ذلك تفعله ليس بأعضائك الخارجية ، يعني ليس باذنيك ولا شفتيك ولا عينيك ولا بقية أجهزتك الحسية الأخرى

فمن أين لك ان ترى وتسمع وتتكلم ووو وأنت داخل الحلم؟

بنفس الطريقة فإن نفس النظام أو نفس أو العقل الكلي المرقوم هو من سيجعل لك من نفسه عينين ولسانا وشفتين

وهو من سيرسل لك من خلالهم كل المعلومات او الصور العقلية التي يشاء لك الحصول عليها

وبعد أن يرسلها لك هو من سيترجمها لك كأصوات وصور ومشاعر وأحاسيس عقلية مختلفة ستعتقد معها انك انسان مستقل في عالم مادي

لكن الحقيقة هي أنك لا تزال في العالم المظلم للعالم الرقمي وأن نفس النظام هو من يقوم بجميع ذلك ،، بينما دورك في كل هذه العملية وطوالها هو أنّّك تؤدي دور نقطة الوعي المراقبة فقط ، أو نقطة المشيئة المراقبة فقط

كما يحدث في ألعاب الكمبيوتر

فانت تحرّك نقطة الوعي بواسطة عصى التوجيه داخل معلومات العالم الرقمي المظلم بينما يقوم نفس النظام بترجمة تلك المعلومات الرقمية لك كصورة منيرة ملونة بكل تفاصيلها

فالذي يتحرك داخل ظلمات النظام ومن يرى فعلا في ظلمات النظام هو نفسه النظام ولست أنت ، أنت فقط المراقب الذي يحدد بمشيئته إن كان يريد ان يذهب يمينا او شمالا داخل النظام ليستكشفه

أما العينان واللسان والشفتان واليدان والقدمان وووو فهذه كلها النظام هو من سَيَكونَهَا من أجلك وأجل كل من هم داخل النظام

داخل الكتاب المرقوم أنت ستكون فقط نقطة الوعي ، أو المستكشف للموجود في ظلماته

لكن هل ترتبط نقطة الوعي هذه داخل النظام بشيء خارجه؟

يقول امير المؤمنين في حديث يصف به المتعلمين على سبيل نجاة ان أفضلهم هم من سيصحبون الدنيا باجساد ارواحها معلقة بالمحل الأعلى

وَ أَيْنَ أُولَئِكَ هُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً

الْأَعْظَمُونَ قَدْراً

بِهِمْ يَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ حَتَّى يُودِعَهُ نُظَرَاءَهُمْ

وَ يَزْرَعَهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ

هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقَائِقِ الْإِيمَانِ فَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ

وَ اسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ

وَ اسْتَأْنَسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ

صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى

يَا كُمَيْلُ أُولَئِكَ أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ

وَ خُلَفَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ وَ سُرُجُهُ فِي بِلَادِهِ

وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ وَا شَوْقَاهْ إِلَى رُؤْيَتِهِمْ

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكَ.......إنتهى

يقول أمير المؤمنين ان من سيصلون لهذه النتيجة وهذا الفهم انهم سيصبحون

أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَ خُلَفَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ وَ سُرُجُهُ فِي بِلَادِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ

والتعبير القرآني لنفس هذا المعنى الذي يقوله أمير المؤمنين عليه السلام هو :

قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ

إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ

وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
----------

تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا

وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
---------------

والعاقبة هي الإمامة كما ورد في الروايات

قُلْتُ يَا بَا جَعْفَرٍ ع :

وَ مَا الْمِيزَانُ؟

فَقَالَ:

إِنَّكَ قَدِ ازْدَدْتَ قُوَّةً وَ نَظَراً

يَا سَعْدُ :

رَسُولُ اللَّهِ ص الصَّخْرَةُ

وَ نَحْنُ الْمِيزَانُ

وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِي الْإِمَامِ :

لِيَقُومَ النَّاس ‏بِالْقِسْطِ

قَالَ :

وَ مَنْ كَبَّرَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ وَ قَالَ :

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ

كَتَبَ اللَّهُ لَهُ رِضْوَانَهُ الْأَكْبَرَ

وَ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ رِضْوَانَهُ الْأَكْبَرَ يَجِبُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمَّدٍ ص وَ الْمُرْسَلِين‏ فِي دَارِ الْجَلَالِ

فَقُلْتُ لَهُ :

وَ مَا دَارُ الْجَلَالِ؟

قَالَ:

نَــــحْــــنُ الــــدَّارُ

وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ :

تِلْكَ الــــــــدَّارُ الْآخِــــرَةُ نَــــجْــــعَــــلُــــهــــا

لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏

فَــنَــحْــنُ الْــعَــاقِــبَــةُ يَــا سَــعْــدُ

وَ أَمَّا مَوَدَّتُنَا لِلْمُتَّقِينَ

فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى :

تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ

فَنَحْنُ جَلَالُ اللَّهِ وَ كَرَامَتُهُ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْعِبَادَ بِطَاعَتِنَا.......إنــتــهــى

فمن سيصطفيهم ويجعلهم أُمَنَائه فِي خَلْقِهِ وَ خُلَفَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ وَ سُرُجُهُ فِي بِلَادِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ

هم نفسهم المتقين الذين صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى

فنقطة الوعي التي جعل لها النظام داخله جسد له عينين ولسانا وشفتين ويدين وقدمين لتستكشف بهم ما في ظلماته من العلم

هذه النقطة مرتبطة بالروح التي لا تزال معلقة بالمحل الأعلى نائمة وتحلم انها موجودة في هذا العالم

والأنوار هي السبب الذي يصل بين الجسد في الأرض وروحها المعلقة بالمحل الأعلى في السماء في البيت المعمور

من الذي وضعها في البيت المعمور؟

انهم السبعون ألف ملك الذين يدخلون البيت المعمور في السماء الخامسة كل يوم ولا يعودون له الى يوم القيامة

من هم هؤلاء السبعون ألف ملك؟

إنهم ثلة السابقون السابقون المقربون

وهم من نفسهم من يشهدون كتب الأبرار المرقومة في الكتاب المرقوم

فهم سبعين الف ملك

وكل واحد منهم يودع بحدود 72 نفس قدسية أو أكثر بقليل في البيت المعمور ويدخلون بهم في المنافسة ويبقون يراقبونهم ويرتبون لهم الامور من خلال مراقبة كتبهم المرقومة من خلف شاشات

وكونهم لا يعودون للبيت المعمور الى يوم القيامة فلأن يوم القيامة هو يوم قيامة القائم عليه السلام

فهم يعودون ليدخلوا مع المتنافسين في الكتاب المرقوم وليساهموا في اخراج واتمام جميع صور و احداث يوم القيامة حسب توجيهات اليمين والشمال

وبعد ذلك يقفون مع الفائزين من تلامذتهم الذين ارواحهم لا تزال معلقة بالمحل الأعلى

َ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع

يَأْتِي عُلَمَاءُ شِيعَتِنَا الْقَوَّامُونَ لِضُعَفَاءِ مُحِبِّينَا وَ أَهْلِ وَلَايَتِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ الْأَنْوَارُ تَسْطَعُ مِنْ تِيجَانِهِمْ،

عَلَى رَأْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَاجُ بَهَاءٍ، قَدِ انْبَثَّتْ تِلْكَ الْأَنْوَارُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ- وَ دُورِهَا مَسِيرَةَ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ.

فَشُعَاعُ تِيجَانِهِمْ يَنْبَثُّ فِيهَا كُلِّهَا، فَلَا يَبْقَى هُنَاكَ يَتِيمٌ قَدْ كَفَلُوهُ، وَ مِنْ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ أَنْقَذُوهُ وَ مِنْ حَيْرَةِ التِّيهِ أَخْرَجُوهُ، إِلَّا تَعَلَّقَ بِشُعْبَةٍ مِنْ أَنْوَارِهِمْ، فَرَفَعَتْهُمْ إِلَى الْعُلُوِّ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمْ فَوْقَ الْجِنَانِ.

ثُمَّ تُنْزِلُهُمْ عَلَى مَنَازِلِهِمُ- الْمُعَدَّةِ ((((فِي جِوَارِ أُسْتَادِيهِمْ وَ مُعَلِّمِيهِمْ،))) وَ بِحَضْرَةِ أَئِمَّتِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا يَدْعُونَ إِلَيْهِمْ.

وَ لَا يَبْقَى نَاصِبٌ مِنَ النَّوَاصِبِ يُصِيبُهُ مِنْ شُعَاعِ تِلْكَ التِّيجَانِ إِلَّا عَمِيَتْ عَيْنَاهُ وَ صَمَّتْ أُذُنَاهُ وَ أَخْرَسَ لِسَانُهُ،

وَ يُحَوَّلُ عَلَيْهِ أَشَدَّ مِنْ لَهَبِ النِّيرَانِ، فيَحْمِلُهُمْ حَتَّى يَدْفَعَهُمْ إِلَى الزَّبَانِيَةِ، فَيَدُعُّوهُمْ إِلى‏ سَواءِ الْجَحِيمِ .

وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ الْمَساكِينِ فَهُوَ مَنْ سَكَّنَ الضُّرُّ وَ الْفَقْرُ حَرَكَتَهُ.

أَلَا فَمَنْ وَاسَاهُمْ بِحَوَاشِي مَالِهِ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ جِنَانَهُ، وَ أَنَالَهُ غُفْرَانَهُ وَ رِضْوَانَهُ......إنتهى

وقال الإمام الحسين عليه السلام لأصحابه في يوم كربلاء:

وَ اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا حُلْوَهَا وَ مُرَّهَا حُلُمٌ،

وَ الِانْتِبَاهَ فِي الْآخِرَةِ،

وَ الْفَائِزَ مَنْ فَازَ فِيهَا،

وَ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِيهَا (( يعني راح تعبه وشقاه على الفاضي))

فنحن كمثال للإسم المكنون حاليا في حلم

نرى ونسمع ونتكلم ونفعل فيه بواسطة تلك الأنوار التي تشع منّا وتحيط بنا ، بعضها اصبحت عيوننا وبعضها لساننا وبعضها شفتانا

فنحن نشاء والانوار تحوّل لنا مشيئتنا لصور عقلية وتفهمنا إيّاها ضمن هذا العالم الحلم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق