بسم
الله الرحمن الرحيم
اللهم
صلي على محمد وآل محمد
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
رحلَة الخَيَاَل في جنّة الصّور والمِثال ،، الجزء السَّابع
ولا
تسأليني عن معنى الحب المطلق الغير محدود
فلا يوجد له بعقلي تعريف واضح ومحدد
نور:
حسنا
لن أسألك مرة أخرى أي سؤال ، فحالك هنا
أمرّ من حالي
رانيا:
لماذا
تقولين ذلك عزيزتي؟
هنا
لن تجدي مرارة ولا حزن ولن تحتاجي لمنيّة
أحد لتحصلي على أي شيء تريدينه في هذا
العالم
كل
ما في الأمر انك جديدة هنا ومستعجلة بعض
الشيء لتعرفي كل شيء ولتفهمي كل شيء
لكن
عليك أن تفهمي من البداية أن عالما مصمم
بحيث يمكنك أن تعيشي به للأبد لا يمكن لك
أن تفهميه كله بسرعة كبيرة
ولو
كان ذلك كذلك فلأصبح بمجرد ان تفهميه كله
بكل تفاصيله مملا لا مغامرة به ولا طعم
ولا لون له ولا رائحة
فلكي
تعيشي برغبة في هذا العالم يجب أن تكون
مفاجآته كثيرة جدا ومغامراته أكثر وتحدياته
كبيرة
صباح:
بما
أننا حصلنا حتى الأن على ما كنا نريده
ونطمع به ، وأقصد أن يكون لأحدكما نصيب
من الحور المعروضة في هذا المجمع ، وهذا
ما حصل بالفعل ، واستمتعنا جميعنا بهذه
التجربة كل حسب مقامه وفهمه ، فما رأيكم
لو أنفصلنا الأن ولو أحببتم يمكننا أن
نلتقي فيما بعد؟
رانيا:
أعتقد
أن هذه فكرة جميلة ، ولو قبلت نور فسآخذها
في رحاة تسوّق جميلة لم تختبر مثلها في
عالمها سابقا
نور:
وااااي،
تسوق وأسواق وشراء ؟
بالتأكيد
سأرحب بهذه الفكرة وبكل ممنونية ورغبة
سالم:
وماذا
عني يا صباح؟ هل عندك لي خطة ومفاجأة؟
صباح:
شبيك
لبيك صديقك المفضل صباح بين ايديك،، أنت
فقط قل لي عن رغباتك وتوقعاتك وبالتأكيد
سأجد لك ما يناسبك
رانيا:
هيا
بنا يا نور ، فأنت بالتأكيد لا ترغبين
بسماع بقية التفاصيل
نور:
ولماذا؟
رانيا
بصوت خافت وشوشت بأذن نور:
لماذا؟
وهل هذا سؤال يحتاج لسماع جواب؟
ألم
تريه قبل قليل كيف انه هجم عليّ يريد ان
يضمني عندما سمع انني كنت زوجته؟
انهم
رجال يا عزيزتي وعقولهم منحرفة وستبقى
منحرفة
نور:
حسنا
هكذا أقنعتيني جدا،، لننطلق إذن للسوق
ومن الآن أعطي لك القيادة وإن شاء الله
ستجدينني صابرة ولن أعصي لكِ أمرا
رانيا:
وأعدك
أنك لن تستطيعي مع جمال الأسواق والبضائع
عن الشراء صبرا
هنا
التفتت رانيا ونور لسالم وصباح واللذان
كان يستمعان لهما وأشاراتا لهما بأصابعهما
مودعتين وبدون أن تنتظرا منهما الوداع
بالمقابل نفخت رانيا بيمينها وقالت:
سوقي
المفضل
فانفتحت
من أمامها نافذة للسوق وبلمح البصر كانا
قد دخلا فيها ثم انغلقت
للحظات
بقى سالم ينظر لصباح وصباح ينظر له واخيرا
قال صباح مع ابتسامة صغيرة:
نعم
بالتأكيد يوجد أشياء لا تتغير
سالم:
وخاصة
هذه بالتأكيد لن تتغير
صباح:
لقد
وعدتك بطعام أطيب من الذي تركناه قبل قليل
، فما رأيك أن أفي بوعدي قبل أن ننطلق
برحلتنا
سالم:
ولما
لا ، فلننطلق
صباح
نفخ بيده اليمين وقال :
مطعم
الكراسي الجميلة
فانفتحت
امامه نافذة له فولجا منها فورا ليقفا
أمامه مباشرة
دخلا
المطعم والذي كان مكتظا بالنساء والرجال
بطريقة كبيرة
سالم:
يبدو
أننا في ساعة الذروة ، فالمطعم ممتلئ على
الأخير ولا توجد كراسي فارغة
صباح
مبتسما:
لا
تقلق سنجد بالتأكيد كراسي مناسبة
توجه
للبائع وطلب من الصور المعروضة أمامه
وجبتين فأنزلهما البائع أمامهما مباشرة
من الصور
وعندما
أراد صباح أن يدفع الحساب قال لسالم :
إقترب
مني يا سالم لترى ماذا سيحدث
سالم
اقترب من صباح الذي عرض رصيده على سالم
فكان 29.925.477
ثم
صافح سالم البائع فدفع له الحساب
ثم
عاد ليعرض رصيده مرة أخرى على سالم فكان
29.926.611
سالم:
ما
هذا؟
لقد
زاد رصيدك ولم ينقص !!!
صباح:
نعم
بالفعل ، لقد زاد رصيدي ولم ينقص ، لكن
هكذا تجري الأمور هنا
سالم:
وأيّ
فائدة سيجنيها عندما يبيعك ثم يعطيك من
رصيده بدل أن يأخذ هو من رصيدك؟
صباح:
ما
لا تعرفه هو أنني حين اشتريت منه فإنني
قد بعت له تماما كما أنه قد باع لي، وما
بعته له أثمن من الذي باعه لي
سالم:
ولكنني
أم أرَك تعطيه شيئا
صباح:
هل
سنقف هنا نتحدث ، أم نجلس ونستمتع بطعامنا
أولا؟
سالم:
بل
نستمتع بطعامنا أولا، لكن علينا أولا أن
نجد أماكن شاغرة فالكراسي كلها مشغولة
بهؤلاء الزبائن من النساء الجميلات
والرجال الوسيمين
صباح:
وأين
هم هؤلاء الزبائن؟ فإنني لا أرى منهم أحدا
سالم:
ماذا؟
ألا ترى كل هؤلاء الذين يملؤون المكان؟
صباح
مبتسما:
لا
أرى سوى الكراسي يا جهنمي
سالم:
هم
الكراسي؟
صباح:
بتعبير
آخر لنقل أنهم الوسائد
هنا
قال سالم وقد لمعت عيناه وتقدمت على كلماته
حركة قدماه:
هيا
بنا لنأكل إذن
ولأول
مرة في حياته قام سالم بمضغ كل لقمة مائة
مرة قبل أن يبلعها
وأخيرا
خرجا من المطعم
سالم:
لقد
وفيت بعهدك يا صباح
صباح:
لا
عليك ، هذا غيض من فيض هذه المدينة الجميلة
المهم
، قبل ان نبدء بأكل الطعام سألتني ما هي
بضاعتي التي بعتها له وهي اثمن من بضاعته
سالم:
بالفعل
سألتك ذلك
صباح:
جواب
سؤال هو انني حين اكلت من ما صنعت قد بعته
رضاي عنه بالمقابل
ورضاي
في هذا العالم اغلى من أي صناعة فيه
سالم:
لم
أفهم قصدك
صباح:
لقد
ذهبت نور الى السوق وحسب ما اتذكر ان
رصيدها كان 21
مليون،
أليس كذلك؟
سالم:
بالفعل
، فرصيدها هو نفس رصيدي الذي املكه الآن
صباح:
لو
تسوقت نور بعشرة ملايين فستخرج من السوق
ورصيدها على الأقل 40
مليون
فهي
تكافئ البائع على صناعته من رصيدها
والبائع
يكافئها من رصيده هو على رضاها عنه وعن
صناعته
سالم:
بهذه
الطريقة سيخسر بيعه
صباح:
كلا
كلا ، لن يخسر أبدا ، انت تعتقد انه سيخسر
فقط لأنك تقيس الأمور بموازين عالمك لا
بموازين عالمنا
فعندكم
يجب ان تعطي من رصيدك كبائع اقل مما تأخذه
من الشاري لكي تربح
أمّا
عندنا فالربح يكون أكبر عندما تعطي الشاري
من رصيدك أكثر مما تأخذه منه
سالم:
لم
أفهم العقدة هنا، فهل لك أن توضحها لي
صباح:
ما
سيعطيه البائع للشاري ثمنا لرضاه هو قيمة
رقمية وهمية
بينما
ما سيعطيه الشاري للبايع هو قيمة حقيقية
متمثلة برضاه النفسي والروحي عنه
والحقيقي
في عالمنا لا بد أن يكون أثمن وأقيم من
الوهمي
سالم:
جميل
جدا ما تقوله، لكنه في آخر المطاف سيخسر
ويقل رصيده مع الوقت
صباح:
لا
تقلق الجميع يربحون في هذا العالم ولا
يوجد من يخسر به اطلاقا
سالم:
هذه
تحتاج إلى توضيح أنتظره منك
صباح:
ولذلك
أناْ معك وأرافقك في هذه الرحلة
كما
لاحظت وستلاحظ أن هذه المطاعم ومحلات
الملابس وسوق الصور وغيرها من المحلات
كلها تقوم بعمل شيء واحد ، وهي أنها تقوم
بتسويق الوهم
لكن
كل سوق منها وكل محل منها يقوم بصناعة جزء
من الوهم أو صورة من الوهم يخترعه هو من
تفكيره وخياله ويقوم بتسويقه أيضا بصورة
وهمية جميلة
مثل
صاحب هذا المطعم الذي اكلنا به
فهو
باعك وهم جميل وسوقه لك أيضا بوهم جميل
وفي المقابل أخذ منك حقيقة شعورية ونفسية
وهي رضاك عنه
فالوجبة
التي باعها لنا هي وجبة وهمية كما شاهدت
لكنها لها طعم ولون ورائحة ووزن وملمس
يداعب حواسك واجهزة استشعارك يجعلك تشعر
بالرضى
وبغرض
تسويق هذه الوجبات اخترع وهم هذه الوسائد
الطرية والجميلة والوهمية
فالخلاصة
انه كل محل من هذه المحلات والاسواق إنما
يقوم باختراع ويبيع الوهم بالتجزئة
سالم:
جميل
ما تقوله، لكن السؤال هو ما الذي سيستفاده
أو كيف سيزيد رصيده وهو يخسر من رصيده مع
كل عملية بيع يقوم بها
صباح:
يوجد
في هذا العالم من يهمه أن يسوّق الوهم بكل
صوره ويمكنك ان تقول انه من يتربع على قمة
الهرم السلطوي في هذا العالم
سالم:
يبدو
أننا سندخل في العميق من هنا
صباح:
اننا
لم نخرج من العميق يا سالم لندخل به من
جديد
فعالمنا
الحالي هذا قياسا بالعالم السابق الذي
اتيتما منها والذي اتينا منه هو اعمق منه
بدرجات
فعالمكم
السابق كان سجن كبير والخروج منه كان امر
يسير جدا مقارنة بسجننا الحالي هذا
فمصائبه
ومشاكله وقلّة متعه تجعل من امر القرار
بالزهد فيه امر يسير وممكن
لكن
ان تقرر في هذا العالم ان تزهد بما فيه هو
امر شبه مستحيل
فانت
قبل قليل اختبرت جمال وروعة شعورك باتحادك
مع الحور العين
لكنك
ما ان جلست على تلك الوسائد الناعمة
والطرية واستمتعت باحضانها حتى نسيت
الحور وأم الحور
فكيف
بك إذا ما تعمّقت في الأوهام الجميلة
الكثيرة في عالم الوهم هذا أكثر وأكثر
ستنسى
بالتأكيد كل ما ستتذكره ويجب عليك أن تسعى
له
وكما
كان يوجد على سجنكم السابق سجان شديد
وأعوانه شداد غلاظ
فيوجد
أيضا لهذا العالم سجّان وله فيه أيضا
أعوان لكنهم جميعهم هنا كراما وشديدي
الكرم أيضا
وسيفعلون
كل ما بمقدورهم من أجل أن يجعلوك سعيدا
ومشغولا بمتع وأوهام هذا العالم فلا تسعى
لمغادرته أبدا
انهم
يحبونك حبا شديدا بحيث انهم لا يريدونك
ان تغادر سجنهم أبدا
وهم
سيفعلون كل ما سيستطيعون فعله من اجل
اقناعك بالبقاء معهم سعيدا ومرتاحا
ولذلك
فكل من سيساعدهم من أبناء هذا العالم على
تسويق الوهم وصناعته وترويجه وتسويقه
وتزيينه وتجميله
سوف
يكافؤونه بأضعاف ما خسره وبأضعاف ما بذله
من المجهود من أجل ذلك
يتبع
إن شاء الله
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
…
….
…..
السلام عليكم
ردحذف