الثلاثاء، 21 مارس 2017

حديث القبب والاسئلة الثلاثة من أين وفي أين وإلى أين








بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حديث القبب والاسئلة الثلاثة من أين وفي أين وإلى أين

هذه الأسئلة الثلاثة يمكننا الاجابة عليها باختصار شديد بثلاثة أجوبة قصيرة جدا هي
أننا
من دولة الرحمة الإلهية نزلنا
وفي دولة العدل الإلهي نزلنا
وإلى دولة الرحمة الإلهية سنعود مرة أخرى

نعم لقد نزلنا من دولة الرحمة الإلهية التي خُلقنا وصُوّرنا فيها فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
في دولة العدل الإلهي التي نعيش بها حاليا
ومصيرنا الذي كُتب لنا أن نصل له إن عاجلا أم آجلا ومهما طال بنا الزمن
هو أن نعود مرة أخرى لمسقط رؤوسنا
في دولة الرحمة الإلهية

وذلك بعد أن تكتمل عقولنا
حين نُنقّي أنفسنا بأنفسنا في دولة العدل الإلهي من الجهل وجنوده


الكثيرون منّا ينتظرون دولة العدل الإلهي وكأنهم يقولون أو يعتقدون أننا نعيش حاليا في دولة الظلم الإلهي
أو في دولة أخرى يعتقدون بها
ويوجد بها حاكم ومتصرف غير من له الأمر والخلق
وهو الله رب العالمين
أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
فلقد خُلقنا في أحسن تقويم في عالم الأمر وهو عالم الرحمة الإلهية
وأًنزلنا في عالم الخلق
وهو عالم العدل الإلهي
وحين نفوز بمعرفة أنفسنا
سنعود مرة أخرى لعالم الأمر
عالم الرحمة الإلهية

وقانون العدل الإلهي في دولة العدل الإلهي هو"
إيصال كل مريد فيها لمراده
عبر تمكينه من جميع الأدوات التي ستعينه على أن يصل لمراده
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
فكل الأشياء في دولة العدل الإلهي مسخّرة لنا
ونحن نختار ما نشاء منها ما نعتقد أننا سنصل بها لمرادنا وكمالنا الذي نفهمه ونعتقد به
حسب درجة تطور عقولنا التي أوصلنا أنفسنا بأنفسنا لها درجة بعد درجة
فكلما ارتفعنا بأنفسنا ووعينا وقوة عقولنا درجة
كلما تبدلت معها صورة كمالنا الذي سنسعى له
فكل إنسان يسعى حسب قوة عقله ووعيه لهدفه الخاص
الذي يعتقد أن كماله الأكمل هو بالوصول له وتحقيقه
ورب العالمين خلق لنا من جميع الوسائل التي ستيسّر لنا جميع ما نطلبه
لبلوغ غاياتنا وأهدافنا
وأنزلنا في دولة عدله
كما وجعل وسائطه من حولنا
تخدمنا
وتمدنا من عطائه الغير محظور حسب قانون الحب المطلق الغير مشروط
وسخرهم لنا كامل التسخير
ليصلوا بكل واحد منا لمراده الذي يريده لنفسه
كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا

من أين وفي أين وإلى أين

عندما تصل لإجابات صحيحة عن هذه الاسئلة الثلاثة
ستبدء بفهم معاني النصوص الدينية وتأويلاتها بشكل آخر
وكلما اقتربت درجة جديدة من الإجابات الصحيحة لهذه الاسئلة الثلاثة
كلما انكشفت لك من النصوص الدينية تأويلات جديدة
هي أقرب للحقيقة التي انطلقت منها عملية الخلق
ولذلك ورد في الروايات أنَّ
لِلْقُرْآنِ بَطْناً وَلِلْبَطْنِ بَطْناً وَلَهُ ظَهْرٌ وَلِلظَّهْرِ ظَهْرٌ
وأنّه لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَبْعَدَ مِنْ عُقُولِ الرِّجَالِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآن‏
والسبب الرئيسي لبُعد عقول الرجال عن الفهم
هو خفاء الأجوبة الصحيحة عنها
وسبب خفائها عن العقول هو
لأنها تم تغطيتها وكفرها من قبل مجموعة معينة من الملأ الأعلى
بصنوف أنواع التحريف والزيادة والنقصان
وهذه هي المهمة الرئيسية لمجموعة المغطين
أو مجموعة الكافرين من الملأ الأعلى
فهؤلاء حسب رغبات الناس
واستجابة لميولاتهم ورغباتهم
خلال تواجدهم في دولة العدل الالهي
يتلاعبون بالحقائق العلمية
ومعاني النصوص الدينية
بتزويرها تزوير متقن لا يمكن كشفه بسهولة عبر الزمكان
فيخلطون لهم في تلك النصوص العلمية والدينية
ضغث من تزويرهم
مع ضغث من الحق
ثم يبثونها بعد ذلك بينهم
فينفتن بهم أوليائهم الذي يعظمونهم ويصنمونهم
ويصدقونهم دون الحجة في كل ما يقولون

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ!
إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ‏ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ،
يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ،
يَتَوَلَّى فِيهَا رِجَــــــــالٌ رِجَـــــــــالًا،
فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ أَخْلَصَ لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي حِجًى،
وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ أَخْلَصَ لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافٌ،
وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِـــــغْــــــثٌ، وَمِنْ هَذَا ضِــــــغْـــــثٌ، فَيُمْزَجَانِ فَيَجِيئَانِ مَعاً
فَهُنَالِكَ اسْتَوْلَى الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَنَجَا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى‏....إنتهى النقل


وسنة التحريف هذه هي سنة الله التي أجراها في عباده من بداياتهم الأولى
وسيبقى يجريها فيهم حتى اليوم الذي سيُظهر لهم به دينه الحقيقي على الدين كله
(((إن الناس بعد نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركب اللّه بهم سنة من كان قبلكم فغيروا و بدّلوا و حرّفوا و زادوا في دين اللّه و نقصوا منه، فما من شي‏ء عليه الناس اليوم إلا و هو منحرف عما نزل به الوحي من عند اللّه فأجب رحمك اللّه من حيث تدعى إلى حيث تدعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين اللّه استئنافا)))
وعليه فإننا مهما تعمقنا بالتاريخ وأحداث التاريخ بحثا عن الحقيقة
فلن يوصلنا بحثنا لنتيجة صحيحة وتامة
لأن سنة الله التي أجراها في عباده من التزوير والتحريف قد بدأت معهم من البداية
وحينها
فإننا كيفما بحثنا عن الحقيقة
ومهما تعمقنا بالتاريخ واحداثه ونصوصه
فإننا لن نجد منها الا بضع شذرات قليلة غير محرفة
ومن غير المعلوم ان كنّا سنقبل بتلك الشذرات القليلة المبعثرة من الحقيقة أم لا
فالأسوار العالية والكثيرة جدا من الحجب النفسية والعقلية والدينية
تحيط بتلك الحقائق
وتمنعنا من الاقتراب منها
حتى وان كانت تلك الحقائق مجموعة في كتاب واحد وكامل

فبسبب تلك الحجب الكثيرة التي تحجب تلك الحقائق عنا
فإننا غالبا ما لن نقبلها في صياغة بنائنا الفكري
وسنعتبر أن الأخذ بها هو ضرب من الهراء
والجنون
والانحراف الفكري عن الحق

ولذلك أقول أننا لن يمكننا الوصول أبدا للحقيقة الا بالتوفيق من صاحب الحقيقة
فكما ورد عن أصحاب الحقيقة قولهم
أن الفقيه لا يكون فقيها ما لم يكن محدّثا ومفهّما
عن إمامنا الصادق عليه السلام قال:
إعرفوا منازل شيعتنا بقدرِ ما يُحسنون من رواياتهم عنّا
فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيهاً حتّى يكون مُحدَّثاً،
فقيل له: أوَ يكونُ المؤمن مُحدّثاً؟
قال: يكون مُفهّماً والمفهّم مُحدّث....إنتهى
فما لم يكن الانسان مفهّما من قبل صاحب الحقيقة
فإنه سيبقى في حركته الفكرية محبوس ضمن حدود
النصوص والمعاني والعلوم المحرفة
والمزورة
لأنه تربّى عليها ودرسها وشربها من عقول الرجال
وبنى كل فكره عليها
وعملية التفهيم هذه لأي إنسان
هي عملية دقيقة جدا للهدم والبناء الفكري له
ولا بد أن يتم ذلك التفهيم من قبل عقل واعي وذكي جدا جدا جدا
يعلم بالحقيقة كما هي هي
ويعلم أيضا وبنفس الوقت
عن ذلك الانسان المراد تفهيمه
كل صغيرة وكبيرة في وجوده
وحينها فإنّه لن يستعجل عليه بالتفهيم فيكسره
ولن يتعطل عليه كذلك بالمعلومة المناسبة وتماما في الوقت المناسب
بحيث تركب تماما على المعلومة السابقة لها بدون أن تترك بينهما أيّة فراغات قد تؤدي فيما بعد الى انهيار البناء الفكري الذي ساعده على بنائه
نعود للأسئلة الثلاثة ونقول
أن إيّ إنسان لا توجد عنده إجابات واضحة عن هذه الأسئلة
سيبقى يدور في حركته الفكرية مكانه كما يدور الحمار في الرحى
ولن تنكشف له معاني النصوص والمعارف الدينية الحقيقية أبدا
فباب الفهم
لا بد أن يمر أولا عبر تكوين صورة واضحة وصحيحة عن إجابات هذه الأسئلة الثلاثة

فحتى رواة الحديث المتمرسون بالرواية من غير دراية لمعانيها
يدخلون أيضا بهذه الدائرة
ما لم تكن عندهم اجابات واضحة عن هذه الاسئلة الثلاثة
فالراوي غير الداري أو غير المفهّم
سيبقى يتخبط بين محكمها ومتشابهها
خلال وصفه لمعاني الايات والروايات
وكما أن الآيات بها محكم ومتشابه
فإن الروايات كذلك بها أيضا محكم ومتشابه
وبالدراية فقط يمكنه التمييز بين محكمها ومتشابهها
ولا دراية حقيقية ممكنة للمعارف الإلهية لأي إنسان
من دون أن يكون مفهّما لها من قبل عالم خبير
يعرف ذلك الانسان جيدا
ويعرف الحقيقة كما هي هي
فيستطيع بها أن يرتقي به
وببنائه الفكري
درجة بعد درجة
وبكل احترافية ممكنة

سلمان المحمدي كان مفهّما مباشرة من أهل البيت أصحاب الحقيقة
فكان في الدرجة العاشرة من العلم والفهم والإيمان،
وكان أبا ذر في الدرجة التاسعة منها
وشتان بين درجة سلمان ودرجة أبا ذر
فلو علم أبا ذر ما في قلب سلمان لقتله على المعنيين
أي لقتل هو سلمان بسبب ما يعتقد به سلمان ويعرفه
او بالمعنى الثاني
لقتله عدم احتماله لعلم سلمان
ما لو لنّه علمه دفعة واحدة بدون تفهيم وبالتدريج الاحترافي
فحينها سينكسر ويموت قلبه وإيمانه
بسبب ما لم يُحط به علما بالتدريج وعرفه دفعة واحدة

في رحلة بحثنا عن أجوبة الأسئلة الثلاثة
وصلنا حتى الآن إلى أنه
يوجد عالم علوي موجوداته من الملائكة تتنزل من فوق القبب بإذن ربها من كل أمر في العوالم السفلية تحت القبب
وأمرنا نحن كأرواح معلقة بالمحل الاعلى ومرتبطة بأجساد مخلوقة لها في العوالم السفلية
جزء من هذا الكل أمر الذي تتنزل به الملائكة
وكما أن الناس تحت القبب درجات في المعرفة
فكذلك فإن الملائكة هم أيضا درجات في عمليات التنزل
فما منهم الا وله مقام معلوم
وكلما ارتفع مقام ملاك منهم
زادت درجة احترافيته في تفهيم من سيتنزل بهم من الارواح تحت القبب
من من هم ضمن دائرة رعايته وتربيته
والكل داخل ضمن دائرة رعاية وتدبير وتربية رب الملائكة والروح
والكل داخل ضمن دائرة رعاية وتدبير وجه الله رب العالمين الظاهر لهم وبينهم
والكل داخل ضمن رعاية وتدبير وإقدار الجوهرة الحية بالذات المنطوية بكل الأسماء
والكل داخل ضمن رعاية وتدبير وإقدار العقل
أو المشيئة الأولى
أو الإسم المكنون المخلوق المخزون في تلك الجوهرة الحية بالذات
والكل داخل ضمن رعاية وتدبير وإقدار وإحاطة المعنى المعبود
الذي أبدع المشيئة الأولى
التي خلقها بنفسها
وخلق الأشياء بها

فالإسم المكنون هو الإبداع الأول
والجوهرة الحية بالذات هي الصادر الأول من الإسم المكنون

فكل صادر هو مخلوق ولا بد له من مصدر
والجوهرة الحية بالذات مصدرها الإبداع الأول
والإبداع الأول هو الباطن
والصادر الأول هو الظاهر
والرابط بينهما هي مرآة التجلي

هم الاسماء الثلاثة
الله
الرحمن
الرحيم

وهم وجود واحد
مشكاة ومصباح وزجاجة
افتتح النقطة او المشيئة عملية الخلق بهم
وبهم يختم
فهم الأول والآخر
وهم وجهه الذي منه يُؤتى
وهم وجهه الذي يتوجه إليه المتوجهون

نعود مرة أخرى لحديثنا الذي عقدنا هذا المقال من أجله، وهو حديث القبب
عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ- أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
قَالَ يَا جَابِرُ تَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَفْنَى هَذَا الْخَلْقَ وَهَذَا الْعَالَمَ وَسَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ
جَدَّدَ اللَّهُ عَالَماً غَيْرَ هَذَا الْعَالَمِ
وَجَدَّدَ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَلَا إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَيُوَحِّدُونَهُ
وَخَلَقَ لَهُمْ أَرْضاً غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْضِ تَحْمِلُهُمْ
وَسَمَاءً غَيْرَ هَذِهِ السَّمَاءِ تُظِلُّهُمْ
لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ الْوَاحِدَ وَتَرَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ بَشَراً غَيْرَكُمْ؟
بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ أَلْفَ أَلْفِ عَالَمٍ وَأَلْفَ أَلْفِ آدَمٍ أَنْتَ فِي آخِرِ تِلْكَ الْعَوَالِمِ وَأُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ.................. إنتهى

تقول الروايات أنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَيْ عَام‏ 
وهذه الأرواح بطبيعة الحال لا هي ذكور ولا هي إناث
بل هي أرواح قابلة لأن يتم تركيبها على أي صورة من الصور
((فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ))
والأرواح بتعبير الرواية السابقة هي
((ُخَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَلَا إِنَاثٍ))
يخلقهم لكي ((يَعْبُدُونَهُ وَيُوَحِّدُونَهُ))
في هذا العالم الجديد
وتحت هذه السماء الجديدة او تحت هذه القبة الجديدة

ونحن الآن آخر أُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ وفي آخر تلك العوالم،
وربما المقصود منها هو أننا آخر أُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ تحت قبة آدمنا هذه فقط
فكما قلنا في ما سبق من المقالات أنه توجد عوالم كثيرة تحت قبب كثيرة
وكل قبة منها ظهرت ربما تحتها أحداث قصص الف الف آدم
مع أحداث وقصص صراع ذرياتهم مع أعدائهم الذين جعلهم رب العالمين لهم تحت تلك القبب
وأن كل قبة لها ابواب
وإذا انفتحت تلك الابواب لنا من فوق رؤوسنا وخرجنا منها ونحن على ظهور النجائب
فإن ذلك سيعني حينها أننا خرجنا من الجحيم وللأبد
وسيعني كذلك أننا سندخل منها إلى الجنة ،،، وللأبد

لكننا لو خرجنا منها ونحن في قبور من حديد
فإن الامر بالنسبة لنا سيختلف حينها بشكل دراماتيكي ومؤلم جدا
فمعنى ذلك أننا خرجنا بتلك القبور الحديدية من أبواب جحيم ستغلق ابوابها قريبا
لندخل بها مرة أخرى من أبواب جحيم أخرى جديدة
سيفتح خزنتها أبواب سمائها او ابواب سقفها المرفوع او ابواب قبتها
استعدادا لاستقبالنا فيها لخمسين ألف سنة جديدة
أو ربما أكثر من ذلك

وسنبدء بها رحلة تطور ومعرفة جديدة
بنفس قانون انما تجزون ما كنتم تعملون
فنكرّ بها كرّات متتابعة جديدة
تتطور بها عقولنا
وتزيد بها معارفنا
ونُعذَّب بها أكثر وأكثر من الماء الملح الاجاج
حتى نرجع أخيرا كما خُلقنا في البداية من الماء العذب

فأحاديث القبب الواردة عن أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
هي من أهم الأحاديث التي بفهمها والتفكر بها عميقا وعميقا وعميقا
سيمكننا الوصول لإجابات واضحة ومعقولة لتلك الأسئلة الثلاثة الأهم في رحلة وجودنا
وكذلك سنصل منها لفهم معقول لسبب خلقنا
وللحكمة من عملية الخلق كلها
ولكل ما يجري علينا ومن حولنا من صور الاحداث بجميع تفاصيلها الجميلة والمؤلمة كذلك
أرواحنا خلقت في الملأ الأعلى وعلّقت في المحل الأعلى
وهي لا تزال معلقة في المحل الأعلى
وستبقى معلقة في المحل الأعلى
في حالة نوم
إلى أن ننتبه في إحدى كراتنا إلى أننا نائمون
ونبدء عبر الاتصال بالشجرة المباركة بعملية إيقاظ أنفسنا بإنفسنا
فتمدنا حينها من زيتها المبارك
الذي سيزيد من نورنا وقوة عقولنا فتصبح عقول منيرة ومستنيرة
فنموت حينها قبل أن نموت
فننتبه من نومتنا ونستيقظ منها

أرواحنا النائمة والمعلقة بـالمحل الأعلى
هي بالنسبة لهم كالجنين النائم بكل اطمئنان
وهو معلق في رحم أمّه تغذيه من روحها ولحمها ودمها وحنانها
حتى يكبر ويكمل ويشتد عوده ويكون جاهز للإستيقاظ والخروج لعالمه الجديد
الذي سيبدء به المرحلة القادمة من رحلة وجوده وتطوره

وكما تسهر الام على راحة ورعاية وتغذية جنينها النائم في رحمها
فكذلك فإن الملأ الأعلى يسهرون على راحة تلك الأرواح النائمة ويغذونها ويرعونها
حتى يحين موعد صحوتها واستيقاظها وكمال عقولها للدرجة المطلوبة للاستيقاظ
ولن تستيقظ الا حين تصل بوعيها وقوة عقلها عبر نظام الكرات للشهر التاسع

والشهر التاسع هو نفسه الاسم المكنون
المكنون وسط الشهور الاثني عشر
الذين خلقهم الله يوم خلق السماوات والأرض

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ

ٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَاقِرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: عَنْ تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ‏
فَتَنَفَّسَ صُعُداً ثُمَّ قَالَ: يَا جَابِرُ
أَمَّا السَّنَةُ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ
وَ شُهُورُهَا الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ جَدِّي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْخَلَفِ الْمَهْدِيِّ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ
اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً
وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْحُرُمُ مِنَّا فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَئِمَّةٍ بِاسْمِ وَاحِدٍ
عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ
وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى
وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
وَ الْإِقْرَارُ بِهَؤُلَاءِ الدِّينُ الْقَيِّمُ
فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَ تَجْعَلُوهُمْ بِالسَّوَاءِ جَمِيعاً.......إنتهى النقل

فالسنة هي نفسها الكتاب
والكتاب بمجموع شهوره وهم الأئمة هو محمد صلى الله عليه وآله
فكل واحد منهم هو شهر من شهور الكتاب
ومحمد هو العرش المكعب
وكل واحد منهم اسمه مكتوب على ساق من سوق العرش المكعب ذي الاثني عشر ساق
أم الكتاب هي أم أبيها
وهي الدائرة
الاسم المكنون أو النقطة
هو المشيئة الأولى التي خلقها المعنى المعبود بنفسها وخلق الأشياء بها

كيف؟
خلق أو أبدع النقطة أو الإسم المكنون
النقطة أو الاسم المكنون صدر منه نور إثني عشري في اثني عشر اتجاه
النور برء الدائرة أو أم الكتاب كمرآة يرى بها الاسم المكنو نفسه

المرآة عكست له صورته الأنزعية وهو مكنون وسطها

و صورته الأنزعية التي عكستها المرآة له
هي صورة الكتاب المكنون
والقرآن الكريم المكنون به
وبتعبير آخر هي صورة الشهور الاثني عشر
وهم الأئمة المطهرون الإثني عشر

والإسم المكنون هو القرآن الكريم المكنون وسطهم
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ

صورته الأنزعية التي عكستها له المرآة التي هو من برأها
عبارة عن صورة ردائه وإزاره
وهو وسطهم

ثمانية شهور أو أئمة منهم
هم ردائه وحملة عرشه

وأربعة شهور أو أئمة منهم هم إزاره
وهو مكنون وسطهم يلبسهم ويأتزر بهم
فهو تاسع الثمانية ردائه
وخامس الأربعة إزاره
وهو ثالث عشرهم
وهم ردائه وإزاره

نعود مرة أخرى للأرواح النائمة ورحلة تطور قوة عقولها ونقول:
إنها كمثال للإسم المكنون لن تبلغ كمالها الا اذا عرفت حقيقتها الإسم المكنون
فهي إذا عرفته عرفت نفسها
وإذا عرفت نفسها بهذه المعرفة
ستكون قد بلغت حينها لكمالها الذي به فقط ستستيقظ به من نومها

الملائكة التي ترعى الأرواح في منامها تراقبها وهي نائمة داخل حواضنها
وترى منها درجة وعيها التي وصلت لها
وترى قوة نورها وعقولها وهي تزداد شيئا فشيئا
وحينها فإنها ستعينها وهي نائمة
فتملاء حياة من سيسعى منها للفهم والمعرفة بالمواقف والأحداث والمعلومات التي ستعينها بها على الارتقاء بالفهم والمعرفة درجة بعد درجة
حتى تستيقظ أخيرا

فيا أيّها أيّتها الروح النائمة
عليك بعبادة التفكر بأمر الله
فهي العبادة التي ستوقظك

عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع قَالَ: لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ كَثْرَةَ الصِّيَامِ وَ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَثْرَةُ التَّفَكُّرِ فِي أَمْرِ اللَّهِ......إنتهى النقل
فــ فِكْرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَة
وفِكْرُ ألف سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ ألف سَنَة
وألف ساعة فكر يمكنك أن تقوم بها بسنة واحدة من سنين نومك
وستختصر بها على نفسك ألف سنة من النوم
وخمسة سنوات على هذا الطريق
ستختصر بها على نفسك خمسين ألف سنة جديدة من النوم
والنزول بها كرة بعد كرة في العوالم المختلفة المتتابعة عالم بعد عالم

خمسة سنوات من التفكّر بالاسم المكنون
كفيلة بأن تجعلك من الفائزين المستيقظين من غفلتهم والعارفين لنفسهم
وتجعلك بحول الله وقوته من ضمن أصحاب اليمين
الغر المحجلين
الطائرين بالنجائب بجوار قائدهم اليمين قائد الغر المحجلين
عبر ابواب السقف المرفوع
لجنة السماء
الدرة التي يُرى باطنها من ظاهرها

فيا أيّها النائم الغافل ، أما آن لك أن تستيقظ وتنتبه من غفلتك؟
ويا إيّها النائم الغافل
يَـــا وَيْـــلَـــك‏ مَـــا أَشْـــقَـــاك وأَطْـــوَلَ عَـــنَـــائك وأَشَـــدَّ بَـــلَائك
إن أنت لم تستيقظ

فإنك ســتـبقى
تُــــعِـــــيـــــدِ الأدوار والْأَكْـــــوَارِ
طَـــــبَـــــقـــــاً عَـــــنْ طَـــــبَـــــقٍ
وَعَـــالَـــمـــاً بَـــعْـــدَ عَـــالَـــمٍ
من کتاب توحيد المفضل، بداية المجلس الثاني‏
قَالَ الْمُفَضَّلُ‏ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي بَكَّرْتُ إِلَى مَوْلَايَ فَاسْتُؤْذِنَ لِي فَدَخَلْتُ
فَأَمَرَنِي بِالْجُلُوسِ فَجَلَسْتُ

فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مُـــــــدَبـِّـــرِ الْأَدْوَارِ
وَ مُـــــعِـــــيـــــدِ الْأَكْـــــوَارِ
طَـــــبَـــــقـــــاً عَـــــنْ طَـــــبَـــــقٍ
وَعَـــالَـــمـــاً بَـــعْـــدَ عَـــالَـــمٍ

- لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ويَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى‏
عَدْلًا مِنْهُ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ وجَلَّتْ آلَاؤُهُ
- لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً ولكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ -
يَشْهَدُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ قُدْسُهُ
- فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. ومَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‏ -
فِـــي نَـــظَـــائِـــرَ لَـــهَـــا فِـــي كِـــتَـــابِـــهِ الَّـــذِي فِـــيـــهِ تِـــبْـــيَـــانُ كُـــلِّ شَـــيْ‏ءٍ و
-لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ -
وَ لِـــذَلِـــكَ‏ قَـــالَ سَـــيِّـــدُنَـــا مُـــحَـــمَّـــدٌ ص إِنَّـــمَـــا هِـــيَ أَعْـــمَـــالُـــكُـــمْ تُـــرَدُّ إِلَـــيْـــكُـــم
‏ ثُمَّ أَطْرَقَ الْإِمَامُ هُنَيْئَةً وقَالَ:
يَا مُفَضَّلُ الْخَلْقُ حَيَارَى عَمِهُونَ‏ سُكَارَى فِي طُغْيَانِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ
وَ بِـــشَـــيَـــاطِـــيـــنِـــهِـــمْ وطَـــوَاغِـــيـــتِـــهِـــمْ يَـــقْـــتَـــدُونَ
بُصَرَاءُ عُمْيٌ لَا يُبْصِرُونَ
نُطَقَاءُ بُكْمٌ‏ لَا يَعْقِلُونَ
سُمَعَاءُ صُمٌ‏ لَا يَسْمَعُونَ
رَضُـــوا بِـــالـــدُّونِ‏ وحَـــسِـــبُـــوا أَنَّـــهُـــمْ مُـــهْـــتَـــدُونَ
حَادُوا عَنْ مَدْرَجَةِ الْأَكْيَاسِ‏ ورَتَـــعُـــوا فِي مَـــرْعَـــى الْأَرْجَـــاسِ‏ الْأَنْـــجَـــاسِ
كَأَنَّهُمْ مِنْ مُفَاجَأَةِ الْمَوْتِ آمِنُونَ
وَ عَنِ الْمُجَازَاةِ مُزَحْزَحُونَ
يَـــا وَيْـــلَـــهُـــمْ‏ مَـــا أَشْـــقَـــاهُمْ وأَطْـــوَلَ عَـــنَـــاءَهُـــمْ وأَشَـــدَّ بَـــلَاءَهُـــمْ
- يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ولا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ‏ -
قَالَ الْمُفَضَّلُ فَبَكَيْتُ لِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ
فَـــــــقَـــــالَ لَا تَـــــبْــــــــكِ
تَـــخَـــلَّـــصْـــتَ إِذْ قَـــبِـــلْـــتَ
وَ نَـــجَـــوْتَ إِذْ عَـــرَفْـــت‏..........إنتهى


وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....