ليتني لم أسئله هذا السؤال
مقطع من حوارية فيك انطوى العالم الأكبر
هذا كان أول ما تبادر في
ذهن الثاني عندما أوى إلى الفراش ليلته
فما لي وللعالم الأكبر حتى أسأل عنه؟
وما لي وللنفس حتى أسأل عنها؟
فلقد حـرمني النوم منذ أن سألته هذا السؤال، فكلمة
تامة، واسم تام، وأركان وأسماء عظمى، وأسماء حسنى، واسماء ظاهرة، واسم مطوي،
واسماء حاجبة، واسم محجوب، واوتار اربعة، وقوة عظمى، ونووية ضعيفة،
وأخرى قوية، وجاذبية، وكهرومغناطيسية، وإسم جامع، وآخر لامع، وثالث تابع، ورابع متبوع
ما لي وكل هذا الكلام؟
كلا، نعم كلا
لن أتصل به ثانية ليعود فينغص عليّ حياتي مرة أخرى بهذه الأفكار الغريبة،
نعم لن أتصل به مرة أخرى
فأفكاره غريبة قد عكّرت علي صفو حياتي منذ أن عرفته وتكلمت معه،
يجب أن أنساه
نعم سأنساه، سأعود من غدي لأصحابي في القهوة لأتسامر معهم على أنغام أم كلثوم الشجية وأترك الخوض في
العلوم الخفية
نعم سأنساه نسيّة أبدية
وأهجره مليّا
عقل كلّي، وملك له رؤوس
بعدد الخلائق، ويريدني أن أتفكّر،
ما لي والتفكّر؟
ثم إنه يعرفني جيدا، ويعرف
جيدا أن سلوتي في الدنيا هي الجلوس أمام الأرجيلة وسماع قرقرتها وقد اختلطت
بأنغام أنغام وراغب علامة وأم كلثوم، فما به يدّعي الحكمة ثم يكلمني عن هذه الأشياء العجيبة
ملك له رؤوس، وأناااااااا
مجرد رأس عليه!!!!!! ههههه،
ملك له رؤوس، وأناااااااا
مجرد رأس فيه!!!!!! ههههههههههه
أليست الملائكة لها أجنحة
قد تكثر أو تقل؟
فما بال هذا الملك له رؤوس
بدل الأجنحة؟
وما قصة تلك الأستار
الملقاة على تلك الرؤوس؟
ومن الذي سيكشف تلك
الأستار عنها؟
وأين سيولد؟
وكيف انتقل الحديث من كونه
مجرد رأس ملقى عليه ستر ليصبح الحديث عن مولود يولد وينمو ويكبر فيبلغ حد الرجال
او حد النساء؟
والأنكى أن اسمه مكتوب فوق
رأسه منذ أن خلقه الله مجرد رأس على جسد ذلك الملك العجيب
والأغرب أنّه سمّاه إنسان
وأن له قلب وأنه يقع فيه نور يفهم به
فهل أناااا رأس؟
أم أناااا مولود؟
أم أناااا قلب؟
أم أناااا إنسان؟
يبدو أنني لا شيء !!!!!!
أو ربما أناااااااا هو
القلب، والعقل هو النور الذي سينزل بي؟
كلا، كلا،
أنااااا الرأس،
أنااااا المولود،
أناااا الإنسان،
أناااا من سيُكشف عنه الستر،
أناااا من به ذلك القلب ،
أناااا من بقلبه سينزل النور
تبا تبا،،،،
أنااااا المعدوم ابن المعدوم!!!!!!!!!!
ألم أقرر أنني لن أفكر؟
ألم أقرر أنني سأهجر؟
ألم أقرر أنني سأرجع لسابق عهدي طرباً؟
فما بي أعود للتفكير بهذه المعاني والكلمات؟
لن أعود أبدا للتفكير،
نعم لن أعود للتفكير من جديد،
فما لي وللتفكير والتفكّر،
نعم لن أفكّر من جديد
لن أفكّر، لن أفكّر، لن
أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن أفكّر، لن
أفكّر،
لن أفكـ، لن أفكـ، لن أفـ، لن أففففففففففففـ
ودخل في نوم عميق
الظلام دامس من حوله وهو
يشعر وكأنه يحلّق في الفضاء الواسع
الفضاء؟ اي فضاء هذا؟
فما حولي يبدوا وكأنه العدم،
فلا شيء من حولي سوى وعي بنفسي،
نعم أشعر وكأنني أنا والعدم من حولي،
نعم، أنا والعدم يحيط بي
من كل الجهات،
هذا هو ما أشعر به الآن،
إنه العدم، وليس الفضاء
الواسع المظلم
لحظة،
ما هذا الذي ظهر أمامي، إنها نقطة بيضاء لامعة،
يبدو أنها تقترب مني
أم انني أنااااا الذي يقترب منها،
الأمر مبهم،
ولكنها تزداد لمعانا وتوهجا واقترابا،
ما أجملها،
لا زالت تقترب مني
آو أقترب منها شيئا فشيئا،
إنها ليست نقطة بيضاء،
إنه طائر،
نعم انه طائر أبيض لآمع يفرد جناحيه في الظلام،
إنه يقترب،
إنني أقترب،
إنه يزداد قربا فيزداد حجما،
أو أزداد قربا منه فيزداد وضوحا
إنه ليس بطائر، إنه ملك كريم،
نعم إنه ملك جميل
لا زلت أزداد منه قربا،
ويزداد لي وضوحا،
نعم إنه ملك جميل هو في جماله أجمل من جمال دحية الكلبي،
وإن له جناحان كبيران،
وعينان ناعمتان مغمضتان خاشعتان
وكأنه في حالة صلاة
أزداد قربا منه، يزداد لي وضوحا،
إنني أقترب وأقترب وأزداد اقترابا،
أزداد صغرا ويزداد حجما،
نوره يغمرني
والظلام من حولي اختفى
إنني أزداد منه اقترابا
أكثر وأكثر
أقرب وأقرب
وأقرب وأقرب
ما أعظم حجمه، وما أدقّ صنعه
يبدو أنني أقترب من ريشة من ريشه الكثيرة،
نعم إنني أقترب من إحداها،
أكثر وأكثر
أقرب وأقرب
ها هو محورها قد بان
وتلك اسلّتها وقد تميزت عن بعضها البعض
لا زلت أقترب منها،
ما أعظم حجمها،
كلما ازددت اقترابا منها ازداد حجمها،
إنها تبدوا لي الآن وكأنها
أبراج مصفوفة إلى جانب بعضها البعض،
جنبا إلى جنب
إنني أقترب أكثر وأكثر من
أحد تلك الأبراج
أكثر وأكثر،
يبدو انني سأصل قريبا
فلقد بدت نقاط صغيرة على
سطح ذلك البرج تبدو لي،
إنني أقترب منها أكثر
وأكثر،،
أكثر وأكثر
ما هذا إنها رؤوس مصفوفة
بجانب بعضها البعض وكأنها زرابي مبثوثة
لا زلت أقترب منها أكثر وأكثر
ما أجمل وأنعم تعابير بعض
تلك الوجوه،
وكأنها تتنعم في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية
وما أقسى تعابير البعض
الأخر منها، فتعابيرها خاشعة عاملة ناصبة،
وكأنها تصلى نار حامية
وبعضها ملقى عليها ستر
وأخرى تضحك
وأخرى تبكي
ما هذا الرأس الذي توقفت
عنده؟
إنه يحمل صورتي،
وعليه قد كتب اسمي،
وتحيط به رؤوس كثيرة،
بعضها ناعم
وبعضها خاشع
وغيرها ملقى عليه ستر
هل هذا هو أنا؟
هل هذه هي حقيقتي؟
ما هذه البقعة المضيئة في
وسط جبهة صورتي؟
في تلك اللحظة أحس وكأن
نور يخرج من وسط جبهته فوق عينه ليدخل في تلك البقعة المضيئة وسط جبهة ذلك الرأس
الذي يحمل صورته ليشعر معها وكانهما اتحدا في جسد واحد
ها هو يجلس في المقهى، وأنغام الموسيقى من حوله،
ورائحة الدخان تنتشر في المكان وطرف البربيش متصل بفمه
في تلك اللحظة إنتفض من فراشه واقفا فوقه، ينظر من حوله في الظلام وهو يصيح
اين ذلك النور؟
أين تلك الرؤوس؟
أين ... أين أنا؟
أسرع ليغسل وجهه وجسمه الذي غطاه العرق ثم توضئ وأعد لنفسه إبريقا من الشاي ولقطات ذلك الحلم لا زالت تتراقص أمام عينيه
في زاوية الغرفة جلس يستذكر مشاهد ذلك الحلم، ويتعجب منه
إنه نفس وصف تلك الرواية التي حدثني الأول بها،
هذا الحلم ليس بأضغاث أحلام،
إنه دعوة للتفكر، إنه حبل من السماء تدلّى لي لكي أعيد النظر في قراري بعدم التفكّر،
ولكن بماذا أتفكر؟
وكيف أتفكّر؟
فأنا خلال حياتي لم أحتج لأن أفكر إلا قليلا،
فأموري وتفاصيل حياتي وأيامي محسومة للسنوات العشر المقبلة تقريبا،
فأموري وتفاصيل حياتي وأيامي محسومة للسنوات العشر المقبلة تقريبا،
تماما كما أن تفاصيل حياتي في السنوات العشر الماضية كانت كذلك
فجدول حياتي منتظم انتظام دقات الساعة النووية
أصحو من النوم، ليبدء معه استعدادي للذهاب للعمل،
فجدول حياتي منتظم انتظام دقات الساعة النووية
أصحو من النوم، ليبدء معه استعدادي للذهاب للعمل،
اشرب الشاي واستمع للأخبار ثم أتوجه من فوري للعمل،
وخلف المكتب أقضي ساعاتي أتصفح الأوراق والملفات وأنجز واجباتي،
وأعدّ الساعات والدقائق والثواني حتى يحين موعد انتهاء الدوام،
طعام الغداء
ثم قيلولة ما بعد الغداء
ثم الاستعداد للذهاب للمقهى الذي اقضي به ساعات جميلة
وخلف المكتب أقضي ساعاتي أتصفح الأوراق والملفات وأنجز واجباتي،
وأعدّ الساعات والدقائق والثواني حتى يحين موعد انتهاء الدوام،
طعام الغداء
ثم قيلولة ما بعد الغداء
ثم الاستعداد للذهاب للمقهى الذي اقضي به ساعات جميلة
قبل أن اتوجه للبيت من جديد لأنام
وفي اليوم التالي أعيد نفس الكرة ونفس القصة
حتى أنني أحيانا كنت أقول عند استيقاظي من النوم:
كلاكيت، مشهد بداية يوم عادي من حياتي، المرة عشرة آلآف
حتى أنني أحيانا كنت أقول عند استيقاظي من النوم:
كلاكيت، مشهد بداية يوم عادي من حياتي، المرة عشرة آلآف
نعم طوال حياتي لم أكن أفكر،
بل انني لم أكن أحتاج للتفكير إلا نادرا،
فكل اموري واحداث حياتي كانت محسومة منذ مدة طويلة،
كلا كلا، لم تكن أموري محسومة، بل انني انا هو من حسمها منذ مدة طويلة حين قررت أن اتبع هذا الروتين اليومي لحياتي
نعم لم أكن أفكر، فحتى حين كنت ألعب الطاولة مع أصدقائي لم أكن أفكر
فجميع النقلات كانت محسوبة وكنت أنتظر فقط أن يقرر النرد لي أيّ من تلك النقلات يجب أن أقوم بها
بل انني لم أكن أحتاج للتفكير إلا نادرا،
فكل اموري واحداث حياتي كانت محسومة منذ مدة طويلة،
كلا كلا، لم تكن أموري محسومة، بل انني انا هو من حسمها منذ مدة طويلة حين قررت أن اتبع هذا الروتين اليومي لحياتي
نعم لم أكن أفكر، فحتى حين كنت ألعب الطاولة مع أصدقائي لم أكن أفكر
فجميع النقلات كانت محسوبة وكنت أنتظر فقط أن يقرر النرد لي أيّ من تلك النقلات يجب أن أقوم بها
يجب أن أتفكّر؟
هههه، كيف لمن لا يفكر أن يتفكّر؟
وما الفرق بين من يفكّر وبين من يتفكّر؟
ما هو الحد الفاصل بين التفكير والتفكّر؟
متى يكون الإنسان مفكّرا ومتى يكون متفكّرا؟
لا بد أن الأول ومن خلال حديثه معي قد أعطاني الطريق للتفكّر،
نعم لا بد أنه أعطاني الطريق للتفكّر
يفكّر، يفكّر، يفكّر،
لا بد أن التصديق شرط للتفكّر، فلقد أصر وكرّر عليّ مرارا وتكرارا أن أصدق ولو كذبا ونفاقا على نفسي لتلك الرواية التي قالها لي وكتبها لي على ورقة قبل أن أخرج من عنده،
أهااا ،تذكرت، سأجلب تلك الورقة
لا بد أن التصديق شرط للتفكّر، فلقد أصر وكرّر عليّ مرارا وتكرارا أن أصدق ولو كذبا ونفاقا على نفسي لتلك الرواية التي قالها لي وكتبها لي على ورقة قبل أن أخرج من عنده،
أهااا ،تذكرت، سأجلب تلك الورقة
جلبها سريعا وعاد لمكانه يقرء فيها بهدوء:
روي المجلسيّ عن «علل الشرايع» باسناد العلوي
عن أميرالمؤمنين علیه السلام:
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلَ؟
قَالَ: خَلَقَهُ مَلَكٌ لَهُ رُؤوسٌ بِعَدَدِ
الْخَلاَئِقِ،
مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلی يَوْمِ
الْقِيَامَةِ،
وَلِكُلِّ رَأْسٍ وَجْهٌ،
وِ لِكُلِّ آدَمِيٍّ رَأْسٌ مِنْ رُؤوسِ الْعَقْلِ.
وَاسْمُ ذَلِكَ الإنسان علی وَجْهِ ذَلِكَ
الْرَأْسِ مَكْتُوبٌ.
وَعلی كُلِّ وَجْهٍ سِتْرٌ مُلْقيً
لاَ يُكْشَفُ ذَلِكَ السِّتْرُ مِنْ ذَلِكَ
الْوَجْهِ حَتَّي يُولَدُ هَذَا الْمَوْلُودُ
وَيَبْلُغُ حَدَّ الرِّجَالِ أَوْ حَدَّ
النِّسَاءِ؛
فَإذَا بَلَغَ، كُشِفَ ذَلِكَ السِّتْرُ،
فَيَقَعُ فِي قَلْبِ هَذَا الإنسان نُورٌ
فَيَفْهَمُ الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ.
أَلا وَمَثَلُ الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ كَمَثَلِ
السِّرَاجِ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ.....انتهى