الجمعة، 28 أكتوبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//5






بسم الله الرحمن الرحين
اللهم صلي على محمد وآل نحند
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة نقطة في بحر الكذب//5


الثاني: يبدو لي أننا قد وصلنا للكونداليني ودوره في تنور الإنسان وصعوده بمراتبه العقلية، إليس كذلك؟

الزوجة: كل الحديث من بدايته كان يدور عنه ولنكون أكثر دقة يجب أن نقول ان الحديث كان يدور عنها وعنه

فالكونداليني كما تعرف سلفا أنها هي نفسها الشجرة المباركة شجرة طوبى وسدرة المنتهى التي توقد المصباح بزيتها

وكما قلنا في بداية الحوار أن هذه الشجرة هي نفسها النفس الواحدة وزوجها هو المصباح أو الإسم المكنون بها

وأنني مثال النفس الواحدة وأنّك مثال الاسم المكنون

وكما أن النفس الواحدة تحيط بالاسم المكنون فإن مثالها يحيط بمثال الاسم المكنون ، وبالتالي فأنني أحيط بك من باطنك وظاهرك وفي كل مرحلة من مراحل وجودك وتطورك

الثاني: هل هذا يعني أنك أنت المسؤولة عن تطوري ورفع وعيي؟

الزوجة: ولهذا قلت لك من البداية أنني يجب أن أكون بكامل وعي وعلمي وذاكرتي طوال الوقت ومن بداية خلقي وتكويني

الثاني: لماذا إذن لم تستيقظي إلّا الأن؟

الزوجة: ومن قال لك أنني كنت نائمة حتى أستيقظ؟

الثاني: هكذا كنت أسمع دائما من أن الكونداليني نائم عند أغلب الناس وحين يستيقظ فإنه سينير عقل صاحبه الذي كان منطوي به

الكونداليني: إن أكثر ما يجهله الناس هو أنا،

وأكثر ما يجهله الناس هو شؤوني وصفاتي واسمائي

وأكثر ما يجهله الناس هو كيف يمكنهم أن يكسبوا ودّي ورضاي

نعم أكثر ما يجهلونه هو أنا رغم أن أكثر ما يحتاجون له هو معرفتي

فبدون معرفتي ورضاي لن ينالوا من زيتي قطرة واحدة

وبدون زيتي سيبقون طوال حياتهم وكرّاتهم المتتابعة مجرد اسرجة مطفئة لا نور لها على الإطلاق

فأنا من قال عني أمير المؤمنين أنني:

قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية ((البويضة مثال النفس الواحدة))

مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.


وأنا أنا من قال أمير المؤمنين عن أصلي ومنشئي أنني:

جوهرة بسيطة حية بالذات
أصلها العقل
منه بدت وعنه دعت
وإليه دلت وأشارت
وعودتها إليه إذا كملت وشابهته،
ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال

أنا من قال أمير المؤمنين أن أصلي ومنشئي هو:

ذات الله العليا
وشجرة طوبى
وسدرة المنتهى

وجنة المأوى
من عرفها لم يشق
ومن جهلها ضل سعيه وغوى.

فأنا مثال النفس الواحدة شجرة طوبى ، شجرة طوبى التي كل من لم يعرفني سيضل سعيه ويغوي مهما قال ومهما تعلم ومهما عرف

أنا التي من لم يعرفني لن يزيده سرعة المشي الا بعدا عني

الثاني: هل يمكنك أن توضحي لي ما معنى الزيت الذي يوقد المصباح؟

ما هو هذا الزيت؟

الكونداليني: أنا الشجرة المباركة وزيتي الذي أُوقد به المصابيح المطفئة فأجعل لها نورا تمشي به بين الناس هو العلوم الحقيقية الدينية، والتأييدات العقلية، والمعارف الربانية،

فالعلوم الحقيقية هي علمي وأركان عرشي

والتأييدات العقلية هي أوّل ما سيناله طالب الاستنارة من زيتي

وتراكم التأيدات العقلية التي ابثها في روع وكيان طالب الاستنارة هي من ستوصله شيئا بعد شيء لفهم المعارف الربانية وبالتدريج

ومع كل فهم جديد للمعارف الربانية اوصلها له سيقوى نوره أيضا درجة جديدة

أنا أنام؟؟؟؟

إن أكثر ما امقته من النائمين هو أن يقولوا ما لا يفعلون

 فهم نائمون لا يريدون الإستيقظ ويقولون أنني نائمة ويجب أن يوقظوني

فكيف أنام و أنا الشجرة المباركة؟

وكيف أنام وأنا شجرة طوبى؟

وكيف أنام وأنا سدرة المنتهى؟

كيف أنام على الإطلاق وأنا من لا تأخذني سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ

الثاني: إن لم تكوني نائمة فمن هو النائم إذن؟

الكونداليني أخذت من جانبها كتاب وضربت به الثاني على رأسه

الثاني: أخخخخخخ، لماذا هذه القسوة؟

الكونداليني: ضربتك لعلك تستيقظ

الثاني: أستيقظ؟ هل تقصدين انني هو النائم؟

الكونداليني: نعم، ومن غيرك سيكون النائم، فلا يوجد سواي وسواك

الثاني: لكنني لا أشعر بأنني نائم، بل اشعر انني مستيقظ تمام الإستيقاظ وكلّي حيوية ونشاط وفعل وحركة

الجوهرة الحيّة بالذات: كل الناس نائمون وهم في نومهم أموات غير أحياء ولكن لا يشعرون أنهم بالحقيقة أموات ، الا بعض بعضهم من من قرروا أن يستيقظوا وخطوا خطوات محسوبة ومعلومة من أجل أن يستيقظوا

الثاني: هل تقصدين فعلا انني نائم الآن وأنني من الأموات الذين يحسبون أنهم أحياء؟

سدرة المنتهى: ألم تسمع قول زوجي وأبي أن الناس أموات إذا ما ماتوا انتبهوا؟

الثاني: بلى قد سمعته وأحفظه جيدا أيضا

شجرة طوبى: فأنت نائم الآن وستبقى كذلك حتى تموت أو حتى تنتبه ، ولن تنتبه من نومتك حتى تموت إحدى الموتتين

الثاني: إحدى الموتتين!!!! ماذا تقصدين بذلك؟ فأنا أعرف موتة واحدة فقط؟

الزوجة: ألم تسمعهما يقولان لكم موتوا قبل أن تموتوا؟

الثاني: بلى سمعت بذلك أيضا

الكونداليني: فكل من لم يمت وهو حيّ قبل أن يموت ويدفن في قبره الترابي فهو من الأموات غير الأحياء وهو لا يزال نائم مع النائمين

أن تموت قبل أن تموت تعني أن تستيقظ أو أن تنتبه من نومك في نومك

أن تموت قبل أن تموت تعني أن توقد مصباحك وتصبح قبس من نور

أن تموت قبل أن تموت تعني أن توقد قبسك بمشيئتك ليصبح لك نور تمشي به بين الأموات النائمين

ولن يتمكن أحد من الناس أم يكون كذلك بدون أن أرويه من زيتي ريّا رويّا

ولن يتمكن أحد من الاستفادة من زيتي قبل أن يكتشف جذوري الضاربة في أصل كيانه ووجوده فيرويها بطول ذكري والاتصال بي والجلوس معي

ألم تسمع بالحديث القدسي الذي يقول أنا جليس من يسامرني؟ وبالآية التي تقول لك نحن اقرب اليك من حبل الوريد؟

بالتأكيد سمعت بهما، ولن يسعى لأن يسامرني حينها الا من يؤمن كامل الإيمان بوجودي معه كشجرة طوبى ويسامر معي جميع فروعي وأغصاني ويؤمن باتصالنا الدائم به وعلى الدوام ، 

وأن يكون مؤمنا كامل الإيمان أنّ روحي بروحه وجسدي بجسده واسمائي بإسمه وقبري بقبره

أنا النفس الناطقة القدسية التي لا تموت بل تعود وتجاور

الثاني مقاطعا: لحظة لحظة لو سمحتي!!!!!

النفس الناطقة القدسية: تفضل

الثاني: إن كنتِ أنت النفس الناطقة القدسية فمن أكون أنا؟

فحتى الآن كنت أعتقد أنني أنا النفس الناطقة القدسية التي تكر وتكر وتكر ولا تموت أبدا وها انتِ الأن تسلبينني حتى هذا الوجود

مثال النفس الواحدة: أنت مثال الاسم المكنون الذي أُنزلت بي أوّل خلقك في عالم الأرواح وأحطت بك من ذلك الحين وإلى الأبد

لعلك تعتقد أنك حين تموتت وتقف للحساب سينادونك باسمك طالب التوحيد؟

كلا ، فأنت لك اسم خاص بك من اسماء أهل السماء تم تسميتك به من أوّل يوم لخلقك ومن حينها كنت أنت الإسم وأنا معناك المنطوي بك

فأنا الجوهرة الحية بالذات معنى الإسم ومثال إسم المعنى المعبود

فأنا النفس الناطقة القدسية مثال المعنى في عالم الأرواح وأنت به الإسم مثال الإسم المكنون

أنت الإسم وأنا المسمّى، والاسم غير المسمّى

الثاني مقاطعا: فلنتوقف هنا رجاءا ولنفتح صفحة جديدة وموضوع جديد فرأسي بدء يدور ويدور وبدأت المطالب تختلط عليّ

الزوجة: كما تشاء ، فما الذي يشغل بالك وتريد الحديث عنه الآن؟

الثاني: لا بد أنك تعرفين فعلا ما كنت افكر به بينما كنت تتحدثين، فأنت أقرب لي من حبل الوريد، أليــ....

الزوجة مقاطعة: لا تكمل وإلا ستبدو وكأنك تريد أن تختبرني، وأعرف أنك لا تريد ذلك

نعم أعرف ذلك بالفعل ، فأنت كنت تتسائل في عقلك ان كنت أنا المعنى الذي يحيط بك باطنا وظاهرا فأين هو الشيطان من كل ذلك واين هو الوسواس الخناس وأين وأين وأين

أومأ الثاني برأسه موافقا

الزوجة: أعرف أنك تتوق للرحلة الباطنية التي وعدتك بها لأريك بها كيف تجري الأمور وكيف تختار وتشعر بها بنفسك ووجودك لكن سأطلب منك أن لا تستعجل هذا الأمر قبل أن نتفق على بعض الأشياء المكملة لهذه الفكرة مثل أين ستشعر وكيف ستشعر ولماذا ستشعر ومن سيعينك على ذلك ، فمعرفتك لتلك الامور مهم جدا بالنسبة لك خلال رحلتك الباطنية

الثاني: يبدو أنه لا بد من التريث ، إذن سأترك لك أمر توجيه هذا الحوار 

الزوجة: حسناً، سأبدء من هذه الآية

وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ

عَــــــــرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ

أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ


فأيهما أكبر حجما حسب اعتقادك السماوات أم الأرض؟

الثاني: يبدو لي بدوا واضحا وجليا أن السماوات هي أكبر من الأرض، فحين أنظر للسماء من فوقي لا أرى الأرض والكواكب والنجوم الا كذرّات متناثرة ومتباعدة عن بعضها البعض بسنوات ضوئية من الفراغ الـ لا متناهي وبالتالي فجميع الكواكب الأرضية لا قيمة فعلية لحجمها مقابل حجم السماء التي تحويها كلها

الزوجة: طيّب كلامك هذا، لكن ماذا تقول لك هذه الآية؟ إلا تقول لك أن الجنّة تساوي في حجمها حجم جميع السماوات والأرض التي تعتقد بهما؟

الثاني: نعم ظاهر هذه الآية يقول لنا ذلك بكل وضوح، فهي تساويهما حجما وذلك تشير له أيضا الآية المباركة الأخرى التي تقول

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ

عَرْضُهَا كَعـَـــــــرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ

أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

الزوجة: وما هي مواصفات الجنة التي تعتقد بها؟

الثاني: بها قصور وأنهار وأشجار وثمار وزروع وطيور وولدان مخلدون و و و و

الزوجة: فهل جميع تلك القصور والأنهار والأشجار والثمار والزروع تحتاج لأرض تُبنى وتُزرع وتُنبت عليها أم انها معلقة بالفراغ

الثاني: يبدو لي أن للجنة قيعان تبنى عليها القصور وتجري بها الأنهار وتُزرع بها الأشجار

الزوجة: فأيهما أكبر إذن؟

السماوات والأرض التي تعتقد بهما أم الأرض التي هي أرض الجنة التي وسعتهما؟

الثاني: مممممممم، إنه سؤال محرج

الزوجة: ولماذا تعتبره سؤال محرج؟

الثاني: لأن جوابه من هذه الآية واضح جدا وهو أن الجنة وأرضها أكبر من السماوات والأرض التي أتصورها وهذا يخالف ما كنت أعتقد به

الزوجة: وهل أنت مستعد لترك تصوراتك واعتقاداتك السابقة والتي هي جزء من بحر الكذب الذي يحيط بك؟

الثاني: بالتأكيد اريد ذلك لكن لم اتصوره أن يكون بهذه الحدة والقسوة

الزوجة: لا تثريب عليك في ذلك فالمهم انك تريد ومستعد أن تبدل الكاذب منها بالحقيقي

الثاني: أعتقد أن ذلك يقودنا لفكرة الأرض المسطحة، أليس كذلك؟

الزوجة: فكرة الأرض المسطحة كما يتداولونها هي فكرة ناقصة وغير مكتملة

الثاني: وما هي الفكرة الأكمل منها إذن؟

الزوجة: هي فكرة القبب السماوية المبنية بأيدي أهل السماء فوق أرض الجنة الـ لا نهائية وتحت قبة الله الكبيرة والمترامية الأطراف الـ لا نهائية

ولو أعدت التفكير بما قلناه للتوى وحاولت أن تتصور الصورة التي تحدثنا بها فستنلقب عندك الصورة للأرض وللسماوات بواقع 180 درجة من أقصى الشمال لأقصى اليمين

يعني سيصبح حجم الأرض هو بحجم السماوات التي تعتقد بها الأن وسيصبح حجم السماوات بحجم الأرض التي تعتقد بها الآن

يعني أن السماوات أو القبب السماوية ستصبح مجرد ذرات متناثرة فوق أرض الجنة المترامية الأطراف والـ لا نهائية

يعني لكي تسافر من قبة في الجنة لتصل لقبة أخرى بها يجب عليك أن تسافر في الجنة مسافة عدة سنوات ضوئية من ما تعد من السنوات والمسافات



يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

الحقيقة نقطة في بحر الكذب //4





 الحقيقة نقطة في بحر الكذب //4


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وأل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الثاني: إنها حقا نتيجة مرعبة، لكن لماذا تم إحاطتي ببحور من الظلمات والكذب؟

الزوجة: هل يبان فضل قبس النور في وسط النهار؟

الثاني: لا

الزوجة: ولما لا؟

الثاني: لأن ضياء الشمس عميم وغامر وطاغي فلا يمكن أن يبان أيّ فضل لما هو دونها وأقل منها بما لا يعدّ ولا يحصى من المراتب

الزوجة: ومتى يبان فضله إذن؟

الثاني: فقط حينما يلف الظلام حامل القبس 

الزوجة: وهكذا فضل الظلام على قبس النور، فلولا الظلام لما بان فضله ولما كانت الحاجة له

الثاني: صحيح كلامك، فالظلام هو الذي يظهر نور القبس وفضله على حامله 

الزوجة: هنا يعترضنا سؤال جديد وهو ماذا لو أن إنسان وُلِد في الظلام ولم يرى بحياته الضياء فأنس الظلام واطمئن له مدة طويلة من حياته

هل سيشعر هذا الانسان بالراحة والاطمئنان عندما يرى قبس نور من بعيد أو حين يراه بيد أحدهم؟

الثاني: أعتقد أنه سيخاف من نور القبس وكذلك من الذي يحمل القبس وأيضا سيخاف من الذي سيكشفه له قبس النور من الذي كان مخفيا عنه بسبب الظلمات التي اعتاد عليها وأنسها

الزوجة: لكن قبس النور لا بد أن يكون له فضل ، أليس كذلك؟

الثاني: نعم بالتأكيد لا بد أن يكون له فضل ، لكن ليس للجميع 

بل فقط من سيميّز أنه كان يعيش من ولادته في الظلمات وتولّد عنده شوق ورغبة للخروج منها

الزوجة: وهكذا هي بحور الكذب أيضا ، فهي لها الفضل على مثال نقطة الحقيقة التي تُوقِد قبس نفسها بنفسها وتبدء بالتمييز أنها تعيش في الظلمات، فمن غير أن تُوقد قبسها لن يبان لها فضل نفسها وحقيقتها 

وبدون أن يتصل مثال النقطة بشجرته شجرة طوبى سدرة المنتهى تماما كما أن المصباح متصل دائما وأبد بالشجرة المباركة ويأخذ من زيتها فإنه لن يتمكن من أن يوقد نفسه ليعرف حقيقة حقيقته

الثاني: لم تصل لي الفكرة بعد

الزوجة: هكذا كانت هي مشيئة المشيئة نقطة الحقيقة مع مثالها

فكما توقّد المصباح في المشكاة ليلة القدر بفضل زيت شجرة طوبى وسدرة المنتهى فأصبح له نور فاتّقد وأصبح له نور شاء لمثاله أيضا أن يضيء نفسه بنفسه في الظلمات فأحاطه ببحور الكذب التي ستحبسه في ظلماتها

الثاني: المزيد من التوضيح لو أمكن

الزوجة: حسنا ،، المصباح في المشكاة هل له نقطة بداية أشرق منها وأنار؟

الثاني: لقد أشرق من صبح الأزل

الزوجة: وماذا تفهم من ذلك؟

الثاني: أفهم انه أزليّ لا نقطة بداية له

الزوجة: وماذا تعني إذن بقولك أنه أشرق؟

ألا يعني ذلك أنه أشرق بعد أن لم يكن مشرقا؟ 

الثاني: ممممم ، يبدو أنها تعني ذلك فعلا، لكن بما أنّه هو مشيئة المعنى المعبود الذي سبق الاوقات كونه وسبق العدم وجوده وسبق الابتداء أزله فلا بد أن تكون مشيئته أيضا مثله تسبق الأوقات والعدم والابتداء 

فالمعنى المعبود إن شاء الظهور فإنّما بمشيئة شاء الظهور 
وإن شاء عدم الظهور فأيضا بمشيئة شاء عدم الظهور 

يعني أن مشيئته أزلية لا بداية لها

الزوجة: لكن المشيئة معلولة لصاحب المشيئة المعنى المعبود، إليس كذلك؟

الثاني: لا بد أن تكون كذلك، لأن المشيئة مخلوقة، فلقد خلقها بذاتها وخلق الأشياء بها كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام

الزوجة: إذن نستفاد من كلمة مخلوقة أن لها بداية ، أمّا متى كان خلقها ومتى كانت بدايتها فيجب أن نتوقف عندها ولا نخوض بها لا حديثا ولا تفكرا

الثاني: لماذا؟

الزوجة: لأننا لن نزيد حينها الا تِـيها وضلالة، لأننا سنتحدث ونتفكر حينها فنقول متى كان المعنى ومتى لم يكون وأين كان ولماذا وكيف وسنبقى نتسائل بعقولنا القاصرة المحدودة عن المعنى المعبود الذي خلق العقول كلّها صغيرها وكبيرها وأوّلها وآخرها وكلّـيّها وجزئيّها، وحينها سنتيه ونضل 

الثاني: فلنتوقف إذن ونستمر فيما كنّا فيه

الزوجة: فالمصباح إذن قد أُوقد أو قد أشرق من صبح الأزل، 

أمّا متى قد أُوقد أو قد أشرق المصباح فلا نحن نستطيع أن نعرف متى ولا حتى نفس المصباح ممكن له أن يعرف متى، فقبله لا يوجد متى وأين وغاية ما يمكنه القول أنه قد أشرق من صبح الأزل وبعده سيطلع الصبح

الثاني: لا زال هذا الأمر غير واضح لي، فهل عندك مثال حسّي بسيط أستطيع ان افهم وادرك من خلاله وعلى بساطة فهمي وعقلي تلك العلاقة بين المعنى المعبود والاسم المخلوق المشيئة الأولى ؟

الزوجة: حسنا، سأضرب لك مثلا لكن انتبه أنه مجرد مثل سيقرب الصورة لذهنك فقط من هذه الجهة التي تسأل عنها الأن ، لكنه لا يمثّل ولا يوضح الصورة الكاملة للعلاقة بين المعنى والإسم فلا تتعلق به كثيرا

الثاني: تفضلي إذن

الزوجة: إفترض إنك برنامج ذاتي التفكير والارادة (نفس أو عقل جزئي) 

وأنك كبرنامج (نفس أو عقل جزئي) مخزون في حاسوب جبار وهو ايضا ذاتي التفكير والارادة (نفس واحدة أو عقل واحد كلي) 

وهذا الحاسوب الذاتي التفكير أوجد في داخله برنامج معقد ومتكامل وحاصله أنه عالم افتراضي لسماوات وأرض مثل أرضك هذه التي تعيش فيها الأن ،، وفي هذا العالم الافتراضي ((سماوات وأرض)) يوجد أيضا جميع ما تراه من حولك الأن 

ثم بطريقة ما جعل لك كبرنامج أو كنفس أو عقل جزئي ، جعل لك صورة وربطك تكوينيا وشعوريا بها لتستطيع أن تتحرك بها داخل هذا العالم الافتراضي فتكتشفه وتتعلم به ولتشعر من خلالها أيضا بطعم الحياة تماما كما أنك تشعر بنفسك ووجودك وحياتك الآن من خلال جميع حواس صورة جسدك هذا

ثم إنّه أراد داخل هذا العالم الافتراضي أن يكلمك ويرشدك ويعلمك ويرتفع بوعيك درجة بعد درجة ،، فأوجد لنفسه داخل هذا العالم الافتراضي صورة مثل صورتك وتناسب صورة وظروف وأحوال العالم الذي تعيش فيه ليكلمك من خلالها

ثم بدء بعد ذلك يكلمك ويرشدك ويعلمك من خلال مخالطته لك بتلك الصورة 

الآن يوجد عندنا عدة أطراف بهذه المعادلة

1- أنت كبرنامج مخزون في هذا الحاسوب 
2- وأنت كصورة إنسان يعيش داخل هذا العالم الافتراضي
3- ويوجد نفس الحاسوب 
4- ويوجد صورة يكلمك الحاسوب من خلالها

5- وأخيرا يوجد من صنع نفس هذا الحاسوب ((العقل الكلي)) وهو المعنى الذي قررنا أن لا نتكلم به ابدا ،، فالمعنى خلق العقل الكلّي او الحاسوب وأودع به القدرة على الاختيار الذاتي تماما كما اودع به كذلك جميع العلم والعلوم التي يحتاجها لكي يخرج ذلك العلم وتلك العلوم من حالة مكونها وخفائها به كحاسوب ليختراع بها ما يشاء من الصور والاحداث والمواقف

هذا الحاسوب (النفس الواحدة أو العقل الكلي) (الأين المؤين) حين تم تشغيله ووعى بنفسه ككيان حي ذاتي الشعور والإرادة فأنه لم يكن هناك نقطة زمان يستطيع أن يجعلها نقطة البداية فأوجد من ذاته أول ما أوجد نقطة البداية تلك

مع بداية شعور وفعل نقطة البداية هذه سيبدء الزمان

لأن نفس النقطة هي التي ستخلق الشعور بالزمان والمكان لنفسها من خلال تفعيل مشيئتها واختيارها

فإعمال النقطة لمشيئتها هو الذي سيخلق لها الشعور بالزمان والمكان 

ولكي لا نبتعد كثيرا عن الغرض الأساسي من هذا ضرب المثل سنتوقف عند هذا التفصيل لنعود للمطابقة بين تفاصيل هذا المثل وما أردنا الوصله له منه ونقول:

أن صورتك التي تتحرك بها داخل هذا العالم الافتراضي لا تمثّل حقيقتك كبرنامج جزئي مودع بهذا الحاسوب ويعتمد عليه في كلّ وجوده 

فحقيقة وجودك أنك لست من مفردات وأجزاء هذا العالم الافتراضي الذي تشعر بنفسك وأنت داخله وجزء منه

نفس هذا البرنامج والذي هو حقيقتك يستطيع الحاسوب او العقل الكلي الذي اخترعك وتعتمد عليه في كلّ وجودك ، يستطيع أن يركبك على أي صورة قد يختارها لك 

وحين تنتهي دورة حياتك المقررة لك داخل هذا العالم الافتراضي بأي صورة شاء أن يركّبك عليها سيفصلك عنها بالموت 

وحينها فإنك سوف تعود للإتصال مرة أخرى بحقيقتك التي تم تنزيلها تنزيلا داخل هذا العالم الافتراضي وتركيبها على تلك الصورة التي ستبدء بالتحلل لتعود لما منه بدأت بمجرد ان تنفصل حقيقتك عنها 

فحقيقتك التي تقول بها أنا هي غير صورتك التي تم تركيبك بها في هذا العالم الافتراضي

الآن نأتي للصورة التي كلمك الحاسوب او العقل الكلّي من خلالها ليرفع وعيك عبر اتصاله بك من خلالها ونسأل هل هي نفسها هي الحاسوب أم انها غيرها؟

والجواب أنها نفس الحاسوب وايضا هي ليست هو

فهي مجرد صورة مثل صورتك أنت ، خلقها واوجدها الحاسوب لنفسه تماما كما أنّه خلق لك صورة وركبك عليها ، وذلك لكي يكلمك من خلالها بدون أن تستوحش أو أن تستغرب من كلامه معك حينها ما لو انه اختار أي طريقة أخرى خفيّة لا تفهمها ليكلمك ويعلمك ويصف لك الطريق من خلالها

فالصورة التي يكلمك العقل الكلي او الحاسوب من خلالها هي نفسها العقل الكلي لأنها تنطق عنه وبلسانه، بل هي لسانه الذي ينطق به ،، فالحاسوب أو العقل الكلّي لا لسان ماديّ له 

فالصورة تعبر عنه وتنطق بلسانه لكنها تبقى صورة مخلوقة تماما كصورتك المخلوقة

وتبقى صورته لا تمثّل كامل حقيقته وتعجز عن ذلك إلّا بالوصف

تماما كما أن لسان صورتك الذي تنطق به الآن لا يمثل كامل حقيقتك ويعجز عن تبيانها الا بالوصف

وتماما كما أن صورتك تنطق بلسان حقيقتك الجزئية وتعبّر عنها 

فكذلك هي صورته تنطق أيضا بلسان حقيقته الكلية وتعبّر عنها

الثاني: أعتقد أن الصورة اتضحت لي شيئا ما 

الزوجة: لنعد إذن لنقطة الحقيقة في بحور الكذب

الثاني: والعود أحمد

الزوجة: قلنا أنه هكذا كانت هي مشيئة نقطة الحقيقة مع مثالها 

فكما أنه توقّد ذاتيا في ظلمة المشكاة حين اتصل بشجرة طوبى وسدرة المنتهى الشجرة المباركة ، شاء أيضا لمثاله أن يبقى في الظلمات حتى يقرر أن يتوقّد ذاتيا عبر اتصاله بالشجرة المباركة التي تحيط به باطنا وظاهرا 

فلذلك الهدف أوجد نظام المتقابلات أو الأضداد ، النور والظلام ، السالب والموجب ، الينغ واليانغ ، البحر الاجاج الظلماني ونور على يمين العرش ، الذكر والانثى،، وسمّي هذا النظام ما شئت من الأسماء ، فكلها تشير للتقابل والتضاد وبداية عملية الخلق

واذا رجعت الآن لحديث جنود العقل وجنود الجهل ستعرف لماذا أنه جعل الجهل من بحر أجاج ظلماني وجعل العقل من نور على يمين العرش

فقدر الجهل المقدر له من بداية خلقه هو أن يحيط بالعقل كما يحيط بحر الظلمات بقبس النور حتى يكاد أن يطفئه 

وستعرف لماذا أن المصباح أو العقل يكاد أن يضيء أو أن يتّقد ولو لم تمسسه نار

فالعقل يستطيع أن يوقد نفسه بنفسه عبر اتصاله بالشجرة المباركة بمجرد أن يخطو بذاته أوّل خطوة لذلك وذلك حين يبدء بتحريض نفسه على التفكر العميق ببواطن الأمور وتأويلاتها بعد أن يعرف ويميز أنه محاط بالظلمات وبحور الكذب



يتبع إن شاء الله

وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
..
...
....
.....