الأربعاء، 18 مايو 2016

كلّ ما يوجد من حولنا في هذه الحياة يخدم هدف واحد وقضية واحدة وهي التنزل ((مِّن كُلِّ أَمْرٍ))




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ

 قلنا سابقا أن كلّ ما يوجد من حولنا في هذه الحياة من الموجودات التي نراها والتي لا نراها أيضا، كلّها تخدم هدف واحد وقضية واحدة وهي التنزل ((مِّن كُلِّ أَمْرٍ))

فالملائكة والروح
والبيت المعمور والسقف المرفوع
والحجر الاسود والكعبة

وخليفة رب العالمين في الأرض
وجنود السماوات وجنود الأرض

والجن والشياطين
وابواب السماوات
والسفن الفضائية

كل تلك العناوين الغيبية وغيرها الكثير هي مجرد وسائل وأدوات أوجدها الاسم المكنون المخلوق وانطوى بها ،، أو تجلى بها وانطوى بها لكي يُظهر بها ومن خلالها صور جميع الاحتمالات الممكنة

وفي الموضوع السابق ومن خلال رواية الامام الصادق تكلمنا قليلا عن السقف المرفوع وكيف أن الله سيظهره للمؤمنين في تلك الفترة التي سيخلّصهم بها من أعدائهم .

عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): ما معنى السلام على رسول الله؟

فقال: إن الله تبارك وتعالى لمّا خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة، وخلق شيعتهم.

أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا، وأن يتقوا الله.

ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة، والحرم الامن،

وأن ((ينزل لهم البيت المعمور))

((((ويظهر لهم السقف المرفوع))))

((((ويريحهم من عدوهم))))

والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم "لا شية فيها"

قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله (ص) على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك. ..............إنتهى

في ذلك الموضوع تكلمنا فقط عن السقف المرفوع وكيف أنّه يحيط بقبّة أدم من كلّ جهاتها ، ووصلنا لنتيجة أن من يعبدون الله تحته انّما هم يعبدونه بأجساد أروحها معلقة بالملاء الأعلى فوق نفس هذا السقف المرفوع

وكانت هذه اشارة لما جاء في حديث أمير المؤمنين سلام الله عليه مع كميل رضوان الله عليه:

(((((((هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصيرَةِ ،
وبَاشَرُوا رُوح َالْيَقِينِ ،
وَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ ،
وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ،
وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَقَةٌ بِالْمَحَلِ الْأَعْلَى))))))))

أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ ،
وَالدُّعَاةُ إِلىَ دِينِهِ

آه آه شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ !

انْصَرِفْ يَا كَمَيْلُ إّذَا شِئْتَ...........إنتهى

فالسقف المرفوع هو الذي يفصل ما بين الأرواح المعلقة بالمحلّ الأعلى وبين الأبدان العابدة في قبة آدم

وقلنا أن السقف المرفوع هو إداة من أدوات عملية التجلّي في العوالم الأرضيّة أو  عملية التنزّل بكلّ أمر

وأنّ زمن إظهار السقف المرفوع وانزال البيت المعمور هو زمن اظهار الحقائق للانسان وتبيان حقيقة وسبب وجوده في هذه الحياة وتحت السقف المرفوع،،

وأنه زمن تبيان الحقيقة التي ستبقى حتى حلول ذلك الزمان مجرّد تخمينات وتوقعات وتمنّيات وفرضيات يحاول الانسان من خلالها أن يصل لنوع من الطمئنينة يرتاح لها قلبه

تكلّمنا هناك عن السقف المرفوع

واليوم سنتكلم هنا عن البيت المعمور

فورودهما كلاهما في آية واحدة ورواية واحدة ومع بعضهما البعض يدل على ترابط وضيفي وثيق ومهم بينهما

وعندما تبحث عن البيت المعمور في الروايات لتعرف ماهيته ووضيفته فغالبا ما انك ستجد دائما روايات ذات مضمون واحد يتكرر باستمرار وان اختلف الرواة والاسانيد ،،

ومضمونها ان البيت المعمور هو بيت في السماء يقال له الضراح وأنه بحيال الكعبة من فوقها،

حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون اليه الى يوم القيامة

لو توقفت عند هذه الرواية فقط ستعتقد أن البيت المعمور هو مجرد مسجد سماوي شريف كشرف الكعبة في الأرض تأتي الملائكة إليه أفواجا كل يوم لتصلي به ،، ثم تذهب ولا تعود

لكن حسب منهجنا واعتقادنا من أن كل شيء إنما خُلق لهدف يخدم عملية التجلي والتنزل من كل أمر فيجب أن نقول أن الملائكة السبعون ألف الذين يدخلون يوميا للبيت المعمور انما يدخلونه ليس للصلاة به فقط،

إنما لاتمام جزء من العملية التي يتنزلون بها باذن ربهم من كل أمر

فعملية التنزل من كل أمر يجب أن تكون عملية نظامية قصديّة لا تتم بشكل عشوائي أو اعتباطي ،،

ولذلك فلا بد لها من مراحل تنظيمية متتابعة ومتوالية فلا تسبق مرحلة متأخرة بها مرحلة سابقة لها

فالبيت المعمور هو ظرف مكاني شريف وكريم ومقدس وهذا الأمر لا خلاف عليه وواضح جدا

لكن من يديره؟

وماذا يوجد به؟

ولماذا تدخله الملائكة إن لم تكن الصلاة به هو هدفها الوحيد الذي من أجله تعنّت بالقدوم له؟

الرواية التالية ستلقي لنا بعض الضوء على اجابات بعض هذه الأسئلة:
.
.

نقلا من كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام لعبدالعزيز الجلودي، قال:

ان ابن الكواء سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن البيت المعمور والسقف المرفوع؟

قال (عليه السلام) ويلك ، ذلك الضراح بيت في السماء الرابعة حيال الكعبة،

من لؤلؤة واحدة

يدخله كل يوم سبعون ألف ملك
لا يعودون اليه إلى يوم القيامة،

فيه كتّاب أهل الجنة، عن يمين الباب يكتبون أعمال أهل الجنة،

((((وفيه كتّاب أهل النار عن يسار الباب يكتبون أعمال أهل النار بأقلام سود،))))

فإذا كان وقت العشاء ارتفع الملكان فيسمعون منهما ما عمل الرجل، فذلك قوله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ  بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}..........إنتهى

هذا الحديث الشريف يؤكّد ما كنّا نردده دائما من أننا الآن نعيش في جهنم ونكتوي الآن بنيرانها ،، والتي هي مشاعر النقص والخوف والمعاناة والاضطراب والحروب والجوع والتهجير والتشريد والحبس والجوع والفقر والحرمان وانقطاع النسل والموت والشرّ والحرّ والبرد و و و

لكننا وبسبب اننا وُلِدنا فيها واعتدنا على الشعور بجميع تلك العذابات من يوم ولادتنا حسبناها أنّها هي الحقيقة ،، فاستعذبناها وتقبّلناها وكأنّها هي أصل السعادة وكلّ الحقيقة

فهل يوجد أعمال صالحة او طالحة لأهل النار التي حشوا بها رؤوسنا فيعملونها لكي يسجّلها لهم كتّاب أهل النار عن يسار باب البيت المعمور؟

فتلك النار التي حشوا بها رؤوسنا لا يوجد بها نهائيا أيّة أعمال كما يقولون ،، فقط تعذيب وتحريق وتحقير

فحسب كلامهم ففقط من يعيشون في هذه الحياة الدنيا تحت السقف المرفوع هم من يوجد لهم أعمال يتم تسجيلها عليهم في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها

وهذا يتماشى مع ما نقوله من أن جهنم هي نفسها هو العالم الواقع ما تحت السقف المرفوع ،، وأننا نحن الذين نعيش فيها ونكتوي بمشاعرها المختلفة ،،

فنحن هم حطبها ،، يعني نحن حطب جهنم

وبنفس الطريقة نسأل أي أعمال لأهل الجنة هي التي سيسجلها كتّاب أهل الجنة عن يمين باب المعمور على أهل تلك الجنة التي يصورونها لنا أنّها كلها جنس وسكر مع حور عين تقول الروايات عنهن انهن صفراوات كالزعفران وخضراوات كالمزروعات وشفافات حتى أن عظامهن واضحة من تحت جلودهن

كأنهن قناني ميرندة ولِميته وسبرايت صفرة وخضرة وشفافة وفيها شلمونات بالنص

والصراحة لو كانت الحور العين حقيقة أنهن نسوان واشكالها وألوانها صفرة وخضرة وشفافة فلازم الواحد حقيقة يسكر وينسطل على الأخير لكي يستطيع ان يقترب منهن

لكن حقيقة الحور العين هي أنها شيء آخر ، فحقيقتها يفوق تصورها كل خيال ،، لأنها هي الدار التي يتحقق ويظهر بها عيانا كل الخيال

نعود للرواية التي تقول أن لأهل الجنة أعمالا يتم تسجيلها لهم،،

الرواية لم تقل أن الملكان يهبطان من الجنة للبيت المعمور فيسمعون منهما ويسجلون كما قالت بالنسبة لأهل الأرض أنّ الملكان يرتفعان من الأرض فيسمعون ويكتبون ماا  يسمعونه منهما باقلام سود

فالسبعين ألف ملك الذين سيدخلون البيت المعمور كلّ يوم سيكتب لهم أسياد البيت المعمور ما سيتنزلون به من الأمر منذ ذلك اليوم

يعني سيوزعون عليهم الأدوار والمهام والشخصيات التي سيتنزلون بها أيضا

فالملائكة هم أهل السماء ، يعني هم أهل الجنّة

ونحن أهل جهنّم

ونحن جزء بسيط من تنزّلاتهم من كلّ أمر على هذه الأرض

طبعا هؤلاء الملائكة الذين لن يعودوا أبدا حتى يوم القيامة ليسوا من الملائكة المسموح لهم بالنزول تحت السقف المرفوع ،،

فهم ليسوا من الملائكة المدبرات أو السابقات أو السابحات أو السابقات أو الناشطات أو النازعات

فالملائكة المدبرات والسابقات ووو، هم من الملائكة المقيمين تحت السقف المرفوع بشكل دائم ومعتمدة في امور التدبير فقط وليس في امور التنزل

فهم من الملائكة الذين يدير بهم ويراقب أسياد البيت المعمور بهم جميع ما يجري من الامر في عالم التنزلات تحت السقف المرفوع

أمّا هؤلاء الـ70000 فهم من الذين يأتون مرة واحدة ثم لا يعودون بعدها الى يوم القيامة ،، وهم من الذين يقومون بدورهم بعمليات التنزّل من خارج السقف المرفوع

فالبيت المعمور وأسياد البيت المعمور يقومون إذن بتنظيم العلاقة ما بين أهل السماء وبين أهل الأرض

أو ما بين أهل الجنّة وبين أهل النّار

أو ما بين المتنزّلين من عالم الأمر من الملائكة ،، والمتنزّل بهم في عالم الخلق من النفوس الناطقة القدسيّة،، والتي كما تقول الروايات عنها انها هي أشبه الأشياء بالملائكة

فصاحب البيت المعمور وسيده هو خازن جهنم،

فلا يخرج منها خارج الّا بأمره ورضاه

ولا يدخل بها داخل إلّا بأمره ورضاه،، وربما أيضا إلّا بأمره وسخطه


وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأبرار
.
..
...
....
.....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق