الأربعاء، 18 مايو 2016

اللهو واللعب لا يُطلب لــــــــذاتِه ولكن لـ لذّاتِه





بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ
وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ
لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

اللهو واللعب لا يُطلب لذاته ولكن للذّاته

يعني لو انك لعبت ولهوت بلعبة ما ولم تشعر خلال لعبك ولهوك بها بأي لذّة فإنك ستتوقف من فورك عن اللعب بها وستتركها لمن قد يستمتع بها  ولن تعود لها بعد ذلك ابدا

والقرآن الكريم يقول لنا أنّ الحياة الدنيا رغم جميع آلامها وعذاباتها ومصاعبها التي نواجهها انّما هي حياة لهو ولعب

ودليل ذلك نجده من أنفسنا حين نستسهل أمر الرجوع إليها بحياة جديدة ووعي جديد مهما كانت أو ستكون ظروف رجوعنا لها قاسية كجزاء لنا على اعمالنا وأفعالنا في هذه الحياة ،،

فنحن نفسيا لا نعتبر ذلك عقاب حقيقي يستحق أن نخاف منه لدرجة امتناعنا عن فعل بعض الأفعال المنهي عنها

ونحن ربما لا نشعر بالخوف او الرهبة من ذلك لأن كل تلك المصاعب التي مررنا ولا نزال نمر بها قد تحولت أخيرا لذكريات ذات عِبَر ولدروس مفيدة تعلمنا منها الكثير الكثير

ولذلك فحين تخوّف غنّيا اصبح غنيا بعد أن كان فقيرا بأنه اذا استمر يفعل اشياء معينة فانه سيولد بالحياة القادمة فقيرا ومعدما،، فإنه لن يشعر بالخوف الحقيقي،

وحين تخوّف انسان بالمرض كجزاء على اعماله فإنه يعلم انه سيشفى منه اخيرا

وحين تخوفه بالموت فانه يعلم انه سيعود للحياة من جديد

فنحن نعتقد من خلال تجاربنا ومعايشاتنا وملاحظاتنا انه لا يوجد بهذه الحياة التي نعيش بها أيّة تجارب او ظروف مهما كانت صعبة او مؤلمة ما يستحق ان نخاف منه لدرجة سلب ارادتنا بتحقيق ما نشعر انه يرضي شعورنا بالكمال وبلوغ الذات

فعن الرسول صلى الله عليه وآله انه قال:

اعملوا فكل ميسر لما خلق له

 اعملوا فكل ميسر لما يهدى له من القول

 كل امرئ مهيأ لما خلق

كلٌ ميسر لما خلق له

من خلقه الله لواحدة من المنزلتين وفقه

من يرد الله به خيرا يصب منه

ان الله تعالى إذا قضى على عبد قضاء لم يكن لقضائه مرد

فكل انسان مزروع به منذ ولادته مقادير مختلفة من الرغبات والشهوات والأخلاق والعادات ،، أو يمكننا أن نقول أن كل إنسان قد زُرِع به منذ ولادته بل من قبل ذلك أيضا مقادير مختلفة من جنود العقل والجهل التي ستعينه على تحقيق الغاية التي من أجلها قد تم خلقه وبعثه في هذه الدنيا

فجنسك وجنسيتك ودينك وطباعك وصورتك وحالتك الصحية وووو ،، كلها قد تم تقريرها لك لهذه الحياة التي ستعيشها منذ أن وقفت للحساب أمام ربك حين رجعت إليه بعد ان مت في حياتك السابقة

فكل حياتك الحالية بجميع ظروفها الثابتة هي جزاء لما ختمت به حياتك السابقة من اعمال واخلاق ،

أمّا ظروف حياتك الحالية المتحركة او المتبدِّلة فبعضها هو جزاء لحياتك السابقة

وبعضها الأخر هو جزاء لك على بعض أفعالك في هذه الحياة

فالحياة الدنيا هي دار حساب وثواب وعقاب

وحياة ما بعد الموت هي ايضا حساب وثواب وعقاب

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال:

ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء ، وإنما تنقلون من دارٍ إلى دارٍ " ، وأنها في الأرض غريبةٌ وفي الأبدان مسجونةٌ .

وعن نفسه عليه السلام انه قال: " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا"

فالنفس المطمئنة او النفس الناطقة القدسية كلما صحت من نومها بالممات حين تفارق الجسد المادي اولا ثم بعد ذلك تفارق النفس الحسية الحيوانية لتعود أخيرا إلى ربها ، فسيتم محاسبتها حينها وتجهيزها لحياتها القادمة بكل ظروفها

طبعا هذا ما لم تكن قد حققت الموازين المطلوبة فتكون ممن محضوا الايمان محضا لتدخل ضمن ثلة الأولين المستخلصون المبعّدون عن جهنم الأرض ،،

فلا يعودون لها بعد ذلك أبدا الا لمشيئتهم ورغبتهم نصرة امامهم

فالارض هي جهنم ،،

وشهواتها ورغباتها هي نيرانها التي غالبا ما نقضي كل حياتنا بهدف اطفائها وارضائها ،،

فبجنود شهواتها ورغباتها نحن نلعب ونلهوا ونتعذب بهذه الحياة الدنيا اصناف العذابات ،،

لكننا رغم ذلك وكأرواح قد استيقظت من نومها للتو لا نمانع من العودة اليها مرارا وتكرارا

لكن لماذا نقبل كنفوس مطمئنة أن نعود إليها مرة أخرى وأخرى وأخرى؟

الجواب هو لأننا نريد أن نتعلم، وأن نفهم الوجود ، وأن نفهم الله ،،

وأن نفهم كل ما يمكننا ان نفهمه ونعرفه عن كل شيء

لكن النفس الناطقة القدسيّة لا تستطيع لوحدها ان تفهم الوجود كما هو هو بجميع وجوهه

فاليد الواحدة لا تستطيع أن تصفّق ،، فلذلك فإنها تذهب طواعية وتلتحم مع اليد الاخرى

أي مع النفس الحسيّة الحيوانية التي جنودها هي جنود نار الله المحرقة

الجنود التي تطلع على الأفئدة

لكي تستطيع معها ومن خلالها ان تفهم أكثر وأن تترقى أكثر

فنحن بارادتنا وبرغبتنا وبطلبنا نذهب طواعية لنار الله المحرقة ليأخذنا معه ومع الجناح الاخر الذي عدد ريشه الإثنان والسبعون هي عدد جنوده ونيرانه ، ليأخذنا معه في رحلات ورحلات ورحلات مادية ،،

فبدونه نحن لن نستطيع ان نحلّق عاليا،،
ولن ننستطيع ان نرتفع
ولن نستطيع ان نرتقي
ولن نستطيع أن نتعلّم

ومن منطلق قول أمير المؤمنين عليه السلام أن الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا

أقول انه كما يرغب الواحد منا وبشدة انّه يستطيع ان يذهب كل يوم خلال نومه برحلات نجميّة يستطيع ان يتعلم بها ومن خلالها معنى الحقيقة والالوهية والربانية،

فاننا كذلك وكنفوس ناطقة قدسية ،،

او كجنة الله في السماء نذهب طواعية لنار الله المحرقة نستعطفه ونترجاه لكي يدخلنا برحلة نجميّة جديدة نعيشها كحلم او كحياة جديدة ،،

وهي هذه التجربة الماديّة الدنييوية بكل تفاصيلها لنتعلم منها وخلالها كلّ ما يمكننا تعلمه حتى ياتي اليوم الذي سيتم استخلاصنا وكتابة اسمنا من ضمن مجموعة "القليل" أو ضمن مجموعات الثلل الثلاث الأخرى المستخلصة

ونار الله المحرقة كريم جدا جدا ،، سيستجيب لنا وسياخذنا من رحلة نجمية الى رحلة نجمية اخرى ولغيرها وغيرها وغيرها وغيرها ،،،

وفي كل رحلة سنخوضها بمعيّة جنود نار الله المحرقة فإنه (نار الله المحرقة) سيمكننا من جميع الأدوات والاوضاع والظروف التي سنحتاجها للأستفادة من تلك التجربة المادية،،

لاننا  نتعلم معه ،

بل انه هو من يعلمنا ،

بل هو المسؤول عن تعليمنا والمشرف عليه خطوة بعد خطوة،،

وهو أيضا من يوفّر لنا جميع الادوات والوسائل التي سنحتاج لها في كل تجربة حياة جديدة سنكرّها على هذه الأرض او في غيرها من الأرضين التي تملأ أرجاء وأركان السماوات والأرض

وكل ذلك لكي نستطيع أن نتعلم ونترقّى معها ومن خلالها

والامر دائما بيدنا في ان نصحوا قبل ان نصحوا ،،

اي ان نموت قبل ان نموت

فلا يفيدنا للإنتقال للمرحلة التالية ان نصحو بعد ان نموت

فكلنا نصحوا بعد الموت

فيجب ان نصحو من نومنا في نومنا ،، نصحوا في نومنا ،،

أي يجب ان نكتشف اننا نائمون ونحن نائمون

وان نتصرف خلال ساعات وأيام وشهور وسنين نومنا ((حياتنا الدنيا)) على هذا الاساس ،، أي على اساس اننا قد صحونا فعلا

وأن نعرف أن الصحوة هي بمخالفة جنود الجهل وتنحيتها من افعالنا واخلاقنا لأن جنود الجهل هي ذلك الحجاب الذي يجعلنا نعيش حالة النوم ،،

فلذلك فانه من المستحيل أن الذي خلقنا ويسرنا لما خلقنا من أجله أن يحرقنا بنيران وجهنم تشبه نيران وجحيم دانتي كما يصورونها لنا

فنحن كأرواح تمّ خلقنا لكي نتعلم ونترقى ونتكامل بالمعرفة

درجة بعد درجة بعد درجة

في كرة بعد كرة بعد كرة

حتى نبلغ أخيرا لكمالنا الذي خُلقنا أساسا من أجل الوصول اليه،

ولن نبلغ له أبدا فالرحلة إليه ابدية

فكلما وصلنا لدرجة كنا نعتقد انها هي ذلك الكمال الذي كنا نعتقد به ونريده

سنستيقظ لنرى اننا لا زلنا في بداية الطريق لجمال وكمال هو أجمل وأكمل

فنجدد المسير والسعي له مرة أخرى

أنه نظام سهل ويسير وممتع وجميل

لكننا نجد وعلى عكس المتوقع أن أغلب المسلمين وغيرهم ممن يعتقدون بجحيم دانتي يستنكرون نظام الكرّات رغم سهولته وجماله وعدالته

ويتمسكون بصورة جحيم دانتي التي لا يوجد بها أي صورة من صور العدالة والحكمة الإلهية

فلماذا يا ترى يتمسكون بهذه الشدّة بهذا النظام القاسي والغير عادل واللا حكيم؟

هل هم يرفضونه لأنهم يعتقدون انهم هم من سيتعذبون بها؟

أو لانهم يحبون صور تلك العذابات المطبوعة في عقولهم؟

لا اعتقد ابدا انهم يرفضون نظام الكرات واعادة التجسد لانهم يحبون جحيم دانتي

بل لأنهم أحبّوا وعشقوا ما اقنعهم به حزب الشيطان حين حدّثوهم عن جهنم وأعمدة النار والتعذيب التي سيتعذب بها اعدائهم ومخالفيهم فقط ،،

فلذلك فانك اذا قلت لأحدهم أن جهنم هي هذه الحياة الدنيا ستجده يستسخف هذه الفكرة ويستسهلها جدا جدا مهما قلت له ان صورة حياتك القادمة ستكون بائسة وصعبة ،

فهو يفضّل جهنم أن تكون كلها نيران وحرق وشوي وتعذيب وتبديل جلود ومختلف صور جحيم دانتي وتماما كما وصفها له الشيطان وحزبه ورجله من رجال الدين ووعّاظ السلاطين ،،

لأنه يعتقد أنّها مخصصةلاعدائه ومخالفيه فقط،، فهم فقط من سيتعذبون بها،، أمّا هو فلا

فكل انسان عنده اعتقاد راسخ مهما كان دينه او مذهبه انّه من الفرقة الناجية

وأنّه لن يتعذب بجهنم

وان تعذب بها فسيتعذب بها لايام معدودات فقط  ،،

وحتى هذه الأيام فانه سيرِدهَا ورود الكرام فقط،،

يعني الملائكة ستأخذه معها بجولة سياحية في جهنم قبل ان يدخلوه للجنة الموعودة

وذلك ليستمتع أولا بمشاهدة اعدائه ومخالفيه ومن ليسوا على دينه ومذهبه وهم يحترقون ويتعذبون

فلذلك نجدهم يفضّلون أن تكون جهنم على صورة جحيم دانتي لأنهم يريدون لأعدائهم ومخالفيهم ومن ليسوا على دينهم ومذهبهم أن يحترقوا بها لأبد الآبدين

فهم لا يتخيلون أبدا أو حتى لا يحتملون ولو على سبيل الاحتمال انهم هم من سيتعذبون بها في يوم من الآيام ،، فهم كلهم من الفرقة الناجية ،، ونقطة وانتهى الأمر

فهم يحبونها أن تكون على تلك الصورة ليقينهم الكامل أن أعدائهم ومخالفيهم فقط هم من سيدخلونها ويخلدون بها لابد الآبدين

بينما هم تنتظرهم حور العين وخمور الجنة والفواكه ولحوم الطيور وغير ذلك من المتع

وهذا يدلنا على كم هو الحقد الكبير الذي نُكنّه بصدورنا على بعضنا البعض كأناس تختلف أديننا ومذاهبنا وطرقنا الفكرية

وكيف اننا بسبب ذلك الحقد الكبير في صدورنا ننتظر لجميع من هم على غير ما نقوله أن يدخلوا جهنم دانتي

ويمكننا القول اننا مع هذا الاعتقاد نخالط بعضنا البعض بسبب المصلحة والطمع فقط

وأننا نجامل بل نخدع بعضنا البعض طوال الوقت

أمّا في داخل قلوبنا فإنني أضحك منك وعليك لأنني أعتقد أنك من أهل النار

وأنت بدورك تضحك منّي وعليّ لأنك تعتقد أنني من أهل النار والجحيم

فنبيع ونشتري من بعضنا البعض بدافع الحاجة فقط،،

فلولا حاجتي لك وحاجتك لي
لما اقتربت منّي
ولما حادثتك

ولما بعت لي
ولما اشتريت منك

وذلك لأنني اعتقد جازما أنك من اهل النار وانت كذلك تبادلني نفس هذا الشعور

فكل ذلك الكره والحقد اتجاه بعضنا البعض وأكثر منه يعتمل ويسكن بقلوبنا

ونحن نستمتع بمشاعر الحقد والكره هذه

فهي جزء أصيل من اللعب واللهو في هذه الحياة الدنيا،،

ولولا استمتاعنا وتلذذنا بها لما قبلنا تصديق أن تكون جهنم على هذه الصورة ،، ولما تمسكنا بهذا الاعتقاد بها ابدا

لقد زرع إبليس ورجله الكره والحقد بيننا وفي أعمق أعماق وعينا وعقلنا الباطن حين عمّموا هذه العقيدة الجهنمية بيننا

فأصبحنا نتلذذ بها ولا نريدها أبدا ان تكون على غير هذه الصورة

لأننا نريد ونتمنى لجميع أعدائنا أن يُحْرَقوا ويُعذَّبُوا بها لأبد الآبدين

ولا بأس بكل ذلك عندي

فنحن في هذه الحياة الدنيا ميسرين بكل طريقة لنلهوا ونلعب سعيا منّا للحصول على المزيد من تلك الملذات

ومهمة إبليس ورجله على طول الخط هي أن يملؤوا لنا هذه الدنيا بمختلف تلك الالعاب والملهيات التي نرغب بها لكي نتعلم ونشعر باللذة من خلالها

فحين كان بعضنا يشعر باللذة والسعادة عندما كان يرى مثلا أن الدكتاتور ((ص)) كان يقتل المخالفين لدينه ومذهبه ويعتقد انه قد عجل لهم بالعذاب

كان بعضنا الأخر يتربص الفرصة ليشعر باللذة والشماتة بمن شمت والتذّ بعذابه على يد ذلك الدكتاتور ،،

وحصل بدوره على هذه الفرصة التي كان ينتظرها عندما عمّت الفوضى وانتشر القتل والدمار في بلدان نفس هؤلاء الذين كانوا يفرحون من قبل بقتلهم وتعذيبهم على يد دكتاتورهم

.
.

لننتقل الأن لفكرة أخرى من نفس هذه الآية الكريمة

 وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ

وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ
لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

.

كل لعبة يوجد لها شروط وقوانين وأهداف ونتائج، وسيوجد هناك فائزون وخاسرون بها،،

فما هي أهداف و شروط وقوانين وارشادات ونتائج اللعب واللهو في هذه الحياة الدنيا؟

طبعا لن نتكلم هنا عن جميع ذلك بالتفصيل ،، بل سنتكلم فقط عن نموذج او نموذجين من النماذج الأهم من كل فئة منها

أمّا الهدف الأتم من هذه الحياة الدنيا بالنسبة لعالم الأمر الذي اوجدها وجعلها على هذه الصورة فهو:

لكي يُظهروا من خلالها جميع ما يمكنهم اظهاره من صور العبادات الممكنة لله المعنى المعبود

كل صور العبادات الممكنة

أبتداءا من قولك في صباح كل يوم "اصطبحنا واصطبح الملك لله" مرورا بقولك صباح الخير ،، أو السلام عليكم

أو لذهابك للعمل او لزيارة صديق او او او ، ووصولا لجميع ما غير ذلك من افعالنا اليومية من زيارات وتجارات ومعاملات وجميع الأنشاطة اليومية المختلفة التي نقوم بها ونزاولها في كل يوم من أيام حياتنا من الاكل والشرب والنوم ،،

وقد فصّلنا في مواضيع سابقة في وصف هذا الامر بشكل أكبر

فالحياة كما نراها اليوم بكل تفاصيلها وأفعالها الصادرة من كل أفراد ومجاميع كل الشعوب بدءا من لحظة ولادة الجنين لحين موته ولما بعد موته أيضا

انما هي صور مختلفة من صور العبادات المختلفة التي تشكّل بمجملها كل صور هذه الحياة التي سيعيشها ذلك الجنين حين يولد ويلهوا ويلعب بها

فالذين خلقوا الحياة الدنيا لنا لنلعب ونلهوا بها لم يخلقوها لاعبين ،، بل لاظهار العبادة لله المعنى المعبود من خلالها ومن خلال لهونا ولعبنا نحن بها

فهم رغم انهم خلقوا كل شيء بها ونحن أيضا من ضمن تلك الأشياء التي خلقوها

فانهم لم يطلبوا منا ان نعبدهم هم لأنهم خلقونا،،

بل طلبوا منّا أن نعبد الله المعنى المعبود الذي خلقهم وخلق كل شيء ،، فهم أيضا من ضمن المخلوقين،، لكنهم رغم تفوقهم العلمي والقدروي علينا أبقوا أنفسهم مخفيين عنّا وغير ظاهرين لنا وذلك لكي لا ننفتن بهم وبعظمتهم حين نرى قوتهم وعظمتهم فنعبدهم حينها من دون الله

فالهدف الاسمى والاتم من خلق الحياة الدنيا لجميع موجودات عالم الأمر بِدءا من سادته ،، ومرورا بكل مراتب ومقامات موجوداته

هو لإظهار العبادة من خلالها،

وهم يحرصون على تحقيق و تحقق ذلك الهدف بكل المفاصل الزمنية للحياة الدنيا من بداياتها لهذا العالم او لغيره وحتى نهايته
.
.

هذا هو هدف من أوجدوا هذه الحياة الدنيا

أمّا من يعيشون بهذه الحياة الدنيا فهم من سيحددون أهدافهم بها لأنفسهم

وحزب الشيطان مهمته أن يملاء لنا هذه الدنيا بمختلف الأهداف الزائفة ويهيّج بنا حبّها ويسكنه عميقا في قلوبنا حتى لا نعود نشعر بذلك الحب لتلك الأهداف والأمانيّ الزائفة وهو يحركنا ويدفعنا من موضعه الخفي في اعمق اعماقنا الخفية نحو تحقيق تلك الأهداف والاماني الكثيرة
.
.
نأتي الآن للشروط

ما هي شروط اللعب واللهو في الحياة الدنيا؟

سأكتب هنا فقط أهم شرط من شروطها وهو:

أن لا نعلم أننا نلعب ونلهوا بها،،

وذلك الشرط يعتبر من أهم الشروط لنجاح العملية ولعدة أسباب أهمها هو:

لكي تكون العبادة لله المعنى المعبود حقيقية ونابعة من القلب والوجدان

وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

فعلّة الجهل وعدم العلم التي خلقونا فيها وجعلونا معها هي لكي نعيش حالة الشكر الحقيقي ،،

والشكر هو العبادة

فهم لا يريدون ممثلين يمثلون حالة الشكر أو العبادة تمثيلا ،،

بل يريدون شاكرين أو عبّاد حقيقيون

انهم يريدون من يعبدون الله عبادة حقيقية صادقة

عبادة تتخللها الدموع والاشواق والآهات والتضحيات

عبادة تتخللها الحسرات والعبرات والتفكّرات وووو

فأهم شرط في لهونا ولعبنا في هذه الحياة الدنيا هو عدم علمنا بأننا نلعب ونلهوا

وذلك لكي ننخرط فيها بكل مشاعرنا وأحاسيسنا ،،

فيكون أدائنا حينها أداء صادق وحقيقي ونابع من القلب

وبالنتيجة ستكون مشاعرنا الصاعدة منّا لأرواحنا المعلقة بالملأ الأعلى أيضا صادقة وحقيقة ونابعة من القلب
.
سأكتفي هنا بهذا الشرط فقط
.
.

تكلمنا حتى الآن

عن الهدف من هذه الحياة الدنيا وهو اظهار العبادة

وعن الشرط لها وهو عدم المعرفة
.
.

أمّا القوانين

فلا توجد قوانين، فحتى الضرب تحت الحزام وبالظهر مسموح به جدا جدا

طبعا نتحدث هنا عن قوانين اللعب واللهو بين المتنافسين في الحياة الدنيا وليس عن قوانين نفس الحياة الدنيا

فالذين خلقوا الحياة الدنيا جعلوا لها قوانين قصدية لا عشوائية بها على الاطلاق لتسيّرها وتوجّهها بها بشكل منظم وثابت نحو مسارات واتجاهات واحداث مرسومة ومحددة سابقا بدقة تامة،، 

وهذه لا يوجد بها لا معنى ولا مكان للصدفة أبدا

أما نفس الفِرق المتنافسة في هذه الحياة الدنيا وهما فريقين او حزبين فقط ،، فالامر مفتوح بينهما الى اقصى الحدود ، لكن كل حزب منهما له ادبياته واخلاقه الخاصة به والتي يتحرك في صراعه مع الحزب الآخر من خلالها فقط

ومن أجل ذلك فإن الذين خلقوا هذه الحياة الدنيا وما بها جعلوا لها

فريقين من المسيرين من عالم الامر في عالم الأمر

وفريقين آخرين من عالم الامر لكنهم في عالم الخلق ،،

فهم وزراء لحكّام عالم الأمر لكن وزارتهم هي في عالم الخلق ،،

المسيّرين من عالم الأمر في عالم الأمر لا يوجد أيّ خلاف أو أي صراع بينهم حتى ولو على مستوى الارادات ،،

فهم يقومون سوية بترتيب وهندسة كل الأحداث التي سيتم التنزل بها من عالم الأمر في عالم الخلق بهدف اظهار العبادات المختلفة وبهدف رفع وعي الانسان درجة بعد درجة من خلالها

وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ...........  وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ

فالمسيرين في السماوات وفي الأرض هم جنود السماوات والأرض

أمّا المسيّرين في الأرض فهم حزبين

حزب الله
وحزب الشيطان

أمّا نفس أتباع هذين الحزبين في عالم الخلق فيوجد بينهما صراع مرير ومشاعره متنوعة

والصراع بينهما غالبا ما يكون صراع خفي

لكنه أحيانا أخرى يكون صراع شبه علني،،

أمّا الاقطاب الحقيقية للحزبين على الأرض ،، أي قياداتهما فكما قلنا انه لا يوجد بينهم صراع دامي حقيقي حتى وان كان ظاهره يوحي بذلك ،،

فهم وزراء لعالم الأمر في عالم الخلق ،،

كما انه توجد بينهما ومنذ البداية هدنة مفروضة فلا يتعرضون بسببها لبعضهم البعض

وكل الخطط التي سيقررها المسيّرين من عالم الأمر فأنهم سيتنزلون بها على قيادات الحزبين في عالم الخلق

وهؤلاء هم من سيوزعون الأدوار والمهام على اعضاء حزبيهما في عالم الخلق والذين لا يعرف كل واحد منهم الّا دوره الجزئيّ الموكل له في كل زمان فقط ،، أو لا يعرف الا مهمته الجزئية الموكلة له في هذا المقطع الزماني من الصراع

أمّا الهدف الرئيسي والغاية الحقيقية المنشودة من خلال تنفيذ كل واحد منهم لمهته،، فليسوا كلهم يعرفونها بشكل دقيق وأكيد ،، لكنهم ينفذون كل ما يطلب منهم من المهام على كل حال

البقية تتبع في موضوع آخر ان شاء الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأبرار
.
..
...
....

.....

هناك تعليق واحد:

  1. احسنتم مولانا الغالي شكر الله سعيك ووفقك الله لمايحب ويرضاه واخلص نيتك وعملك للتي هي أزكى
    اخوك في ولاية مولى النور مصطفى الساعدي

    ردحذف